الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبب قولهِم هذا أنَّهم قالوا: لأنك لو أَثبَتَّ أنَّ للسبَب أثَرًا ذاتِيًّا لأَشْرَكْت بالله العظيم، لأنَّه لا شيءَ يُؤثِّر بنَفْسه إلَّا الله عز وجل فإن أَثبَتَّ أنَّ الحَصاة تَكسِر الزُّجاجة، هي نَفْسُها تكسِر الزجاجة فهذا شِركٌ بالله تعالى، مَعناه: أنك جعَلْت هذه تُؤثِّر، ولو أن رجُلًا أُتِيَ بلَخم فجعَل يُجزُّ بالسِّكِّين وَيقطَع يَقول: فقَطْعه بالسِّكين عند السِّكين لا بها. انظُروا كيف أن العُقولَ تَصِل إلى هذا الحدِّ؟ ! ولو أن الزُّجاجة فرع عِندها الحصاةُ، بل ضعها فَوقَها فلا تَنكَسِر، ولو أَقبَل الحجَر على الزُّجاج إقبالًا ولم يَمَسَّها لكنه حَفَّ من حولِه عِندَه ما يَنكَسِر، وكيف يَنقَطِع عنها فنَقول: إنَّ الأسبابَ مُؤثِّرة بنَفْسها، لكن مَن خَلَقَ فيها التأثيرَ؟ !
الجوابُ: الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، لو أنك قُلْتَ لصبِيٍّ: أَدخِل الورَقةَ في النار. واحتَرَقَت، إنَّ النار ما أَخرَقَتْها، ولا تَسبَّبت في إِخراقها، وإنما عند النارِ، لا بالنار. ما هذا الكلامُ، هذا كلامُ سخَف.
فنَقول: إثبات الأَسباب دلَّ عليه السَّمْع والعَقْل، ولكنَّها تُؤثِّر، لأنَّ الله تعالى خَلَق فيها التأثير، والدَّليلُ على ذلك أنَّ النار مُحرِقة، فقال الله عز وجل لها حين أُلقِيَ فيها إبراهيمُ عليه السلام:{قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} [الأنبياء: 69]، فكانت بَردًا وسلامًا.
إِذَنْ: هذا السبَبُ المُؤثِّر زال تَأثيرُه بأمْر الله تعالى: {كُونِي بَرْدًا} فكانَتْ بَردًا وسلامًا، فالماء جَوهَر سَيَّال، فكان بإِذْن الله تعالى كالجِبال حين ضرَبَ مُوسَى عليه السلام بعَصاه البَحر فانفَلَق، فكان كلُّ فِرْقٍ كالطَّوْد العظيم.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:
إثبات سمع الله سبحانه وتعالى وقُرْبِه، لقوله تعالى:{إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} .
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:
إثبات هذَيْن الاسْمَيْن أيضًا: السميع والقريب.