المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (50) * * *   * قالَ الله عز وجل: {قُلْ إِنْ - تفسير العثيمين: سبأ

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (2)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (3)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (4)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الآية (5)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (6)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (7)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (8)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (9)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (10، 11)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (12)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (13)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (14)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (15)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (16)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (17)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (18)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (19)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (20)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (21)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (22)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الآية (23)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرةَ:

- ‌الآيات (24 - 26)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (27)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (28)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الآية (29)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (30)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآية (36)

- ‌الآية (37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (51)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (52)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (53)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (54)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

الفصل: ‌ ‌الآية (50) * * *   * قالَ الله عز وجل: {قُلْ إِنْ

‌الآية (50)

* * *

* قالَ الله عز وجل: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: 50].

* * *

قول المُفَسِّر رحمه الله: [{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} عَنِ الْحَقِّ {فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} أَيْ: إِثْمُ ضَلَالِهِ عَلَيْهَا {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} مِنَ الْقُرْآنِ وَالحكْمَةِ {إِنَّهُ سَمِيعٌ} لِلدُّعَاءِ {قَرِيبٌ}].

وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} هذا من باب التَّنزُّل مع الخَصْم، وإلَّا فمِن المعلوم أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان أَهدَى الناس.

وهذا كقول الرجُل المُؤمِن من آل فِرعونَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: 28] مع أن المُؤمِن هذا يُؤمِن بأنه صادِق، لكن هذا من باب التَّنزُّل مع الخَصْم؛ لإلزامه بقول الحَقِّ.

يَقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} ، ومَعلومٌ أن الإنسان لا يُريد أن يَتَمادَى في إضلال نَفْسه، ومِثلُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام إذا ضَلَّ لا يَكون ضلالُه عليه وحدَهُ، بل عَليه وعلى مَنِ اتَّبَعه؛ ولهذا كان ضَلال العالِم أو زَلَّة العالِم من أَعظَم ما يُفسِد الناس، فزَلَّة العالِم ليسَتْ بهَيِّنةٍ؛ لأنه قُدوة وتَتْبَعه أُمَّة.

ص: 297

وقوله تعالى: {إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} وليس عليكم بذلك من شيء {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} لم يَقُل: فإن ذلك من نَفْسي، بل وكَلَه أو أَضافه إلى ما جاء به الوحيُ النازِلُ من عند الله تعالى؛ ولهذا قال تعالى:{فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} والباء للسَّبَبية و {مَا} إِمَّا أن تكون مَصدَرية، وإمَّا أن تَكون مَوْصولةً إن كانت مَوْصولة فإن عائِدها مَحذوف، تَقديرُه: فبما يُوحيه إليَّ ربِّي، وإن كانت مَصدَريَّة فلا تَحتاج إلى عائِدٍ.

وقوله تعالى: {يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} الوَحيُ في اللُّغة: هو الإعلام بخَفاءٍ وسُرعة، سواءٌ كان ذلك إعلامًا بالهَمْس أو الإِشارة بالعَيْن أو الإشارة باليَدِ، ومنه قوله تعالى:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] وما يَتكلَّم؛ لأن الله تعالى قال: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41]، إِذَنْ أَوْحَى إليه بمَعْنى: أَشار إليه.

أمَّا في الشَّرْع: فهو إعلام الله سبحانه وتعالى أَحَدًا من خَلْقه بشَرْعٍ يُؤمَر بتَبليغه أو لا يُؤمَر، فإن أُمِر بتَبليغه فهو رَسول، وإن لم يُؤمَر فهو نبيٌّ.

وقوله تعالى: {فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} فالإضافة هنا إضافةٌ خاصَّة {رَبِّي} ؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى رُّبه وربُّ غيرِه، لكنَّ الإضافة هنا إضافةٌ خاصَّة، تُفيد العِناية واللُّطف، لأنَّ من أَكبَر نِعَم الله على العَبْد أن يُوحَى إليه بالرِّسالة حتى يَنال المَرتَبة العُليا من بني آدَمَ.

كذلك من نِعْمة الله سبحانه وتعالى على العبد أن يُلهِمه هذه الرِّسالةَ للتَّعلُّم؛ ولهذا كان العُلَماء هُمْ ورَثةَ الأنبياء عليهم السلام، فهي من أَفضَل النِّعَم؛ ولهذا قال:{فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} فأَضاف الرُّبوبية إلى نَفْسه؛ لأنَّ هذه الربوبيةَ خاصَّة،

ص: 298

تَقتَضي العِناية والتَّأييد والرحمة واللُّطف.

وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ سَمِيعٌ} قال المُفَسِّر رحمه الله: [لِلدُّعَاءِ]، والصواب: أنَّ الآية هنا عامَّة، فهو سميعٌ لكُلِّ شيء، وليس للدُّعاء فقَطْ، بل سميع لما أَقول لكم، وسَميع لما تَقولون لي، وسَميع لدُعائي أيضًا بمَعنى: مجُيب.

وقد سَبَق لنا أنَّ السَّمْع المُضاف إلى الله سبحانه وتعالى يَنقَسِم إلى قِسْمين: سَمْعٌ بمَعنَى: إدراك المَسموع، وسَمْعٌ بمَعنَى: إجابةٍ المَسموع، أو إجابة السائِل.

والسَّمْع الذي بمَعنَى: إجابة المَسموع تارةً يُراد به التهديدُ، وتارةً يُراد به التأييدُ، وتارةً يُراد به بيانُ الإِحاطة، أي: إحاطة الله سبحانه وتعالى لكلِّ مَسموع، فهذه ثلاثة أَشياءَ:

تارة يُراد به التهديدُ؛ مثاله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181].

وتارةً يُراد به التَّأيِيدُ؛ مِثاله: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46].

وتارةً يُراد به بَيان الإحاطة؛ مِثال: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1].

وأمَّا السَّمْع الذي بمَعنَى الإِجابة فكقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39]، وقول المُصلِّي: سَمِعَ الله لمَنْ حَمِدَهُ.

وقوله سبحانه وتعالى: {قَرِيبٍ} اسْمُ فاعِل أو صِفةٌ مُشبَّهة، والضميرُ المُستَتِر فيها يَعود على الله عز وجل، وكلُّ فِعْلٍ أو وَصْف يَكون عائِدًا إلى الله تعالى فالمُراد به

ص: 299

ذات الله تعالى، هذه القاعِدة ذكَرَها ابنُ القيِّم رحمه الله -في مخُتَصَر (الصواعِق) - يَقول: كلُّ فِعْل أو وَصْفٍ تَحمَّل ضَميرًا يَعود إلى الله عز وجل فالمُراد به ذاتُ الله تعالى

(1)

. لكن يَجِب أن يَكون في ذِهْنك تَنزُّه الله عز وجل عمَّا لا يَليق به، فيَكون القُرْب هنا قُرْبَ رحمته، أو قُرْب عِلْمه، أو قُرْب سَمْعه أو بَصَره، أو قُرْب ذاته.

قوله تعالى: {قَرِيبٍ} هو أي: ذاتُه؛ ولهذا صرَّح ابن القَيِّم

(2)

رحمه الله بأنه قريب بذاته، لكن يَجِب أن تَعلَم أنه مع قُرْبه بذاته فهو مُستَوٍ على عَرْشه، حتى قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام:"إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ"

(3)

، يَقوله وهُمْ راكِبون على رَواحِلهم، ولكن مع هذا يَجِب أن نُنَزِّهَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمَّا لا يَليق به، بحيث نَتَوهَّم أنه معَنا في المكان، هذا لا يُمكِن، بل هو قريبٌ بذاته مع عُلوِّه.

وقد ذكر هذا شَيخُ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ رحمه الله في (العَقيدة الواسِطية)

(4)

قال: "هو عَليٌ في دُنُوِّه، قريب في عُلُوِّه"، ولا تَظُنَّ أن الجمْع بين القُرْب والعُلُوِّ فوقَ السمَوات مُتَناقِض:

أوَّلًا: لأنَّ الله تعالى جمَع بينهما لنفسه، ودَلَّ عليهما كِتاب الله تعالى، وكتاب الله عز وجل لا يُمكِن أن يَدُلَّ على المُتَناقِض، قال تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

(1)

مختصر الصواعق (ص: 445).

(2)

مختصر الصواعق (ص: 482).

(3)

أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم (2704/ 46)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

(4)

العقيدة الواسطية (ص: 85)، ومجموع الفتاوى (3/ 143).

ص: 300

ثانيًا: أن الله سبحانه وتعالى ليس كمِثْله شيءٌ، يَعنِي: لو فُرِض أن بَيْن القُرْب والعُلُوِّ تَناقُضًا في حقِّ المَخلوق فإن ذلك لا يَلزَم في حَقِّ الخالِق؛ لأنَّ الله عز وجل ليس كمِثْله شيء.

ولهذا نَقول: إنَّ الله تعالى يَنزِل إلى السماء الدُّنيا كلَّ ليلة، وهو مع ذلك مُستَوٍ على عَرْشه، لا تَقل: هذا محُال، تَقول: هذا محُال بالنِّسبة للمَخلوق. أمَّا بالنِّسبة للخالِق فيَجِب أن نُؤمِن بما أُخبِرنا به عن صِفاته وهو الاستِواء على العَرْش ونُزوله إلى السماء الدُّنيا، ونَقول: إنَّ هذا مُمكِن في حقِّ الخالِق.

ثالثًا: ممَّا نَجمَع فيه بين القُرْب والعُلُوِّ أنه قد يَكون الشيءُ عاليًا وهو قريب -حتى من المَخلوقات- مِثل القَمَر، فهو عالٍ لكنه قريب كأنه معَك، كأنه في المكان الذي أَنت فيه وَضوؤُه واصِلٌ إلى الأرض وهو في السماء، قال الشاعِر

(1)

:

دَانٍ عَلَى أَيْدِي الْعُفَاةِ وَشَاسِعٍ

عَنْ كُلِّ نِدٍّ فِي النَّدَى وَضَرِيبِ

كَالْبَدْرِ أَفْرَطَ فِي الْعُلُوِّ وَضْوْؤُهُ

لِلْعُصْبَةِ السَّارِينَ جِدُّ قَرْيبِ

المهمُّ: أن إذا أَضاف الشيء إلى نَفْسه سَواءٌ كان فِعْلًا أو وَصْفًا فإنه لا يَجوز لنا العُدول عن تَحويل هذا الشيءِ المُضاف إلى الله إلى شيءٍ آخَرَ؛ لأننا إذا سلَكْنا ذلك احتَجَّ علينا أهلُ التأويل من المُعتَزِلة والأشاعِرة وقالوا: كيف تُؤوِّلون هذه الآيةَ وتُنكِرون علينا التَّأويل في آياتٍ أُخرى أو في نُصوصٍ أُخرى؟ ! فإذا قُلتَ لهم: إنَّ هذا يَمنَعه العَقْل. قالوا: ونحن نرَى أن ظواهِر الآيات أو الأحاديث يَمنَعها العَقْلُ! .

(1)

البيتان للبحتري، ديوانه (2/ 248 - 249).

ص: 301

لكن إذا أُبقِيَتِ النُّصوص على ما هي عليه على ظاهِر دَلالتها مع تَنزيه الله تعالى عمَّا لا يَليق به سَلِمتَ في دِينك، وسلِمتَ أمام الله عز وجل حين يَسألك يوم القيامة: كيف تَصَرَّفت في كلامي؟ وكيف أَخرَجْته عن ظاهِره؟ وسلَمْت أيضًا من مُعارَضة أهل التَّأويل.

وقد سبَق لنا في (تلخيص الحمَويَّة)

(1)

أنَّ الفَلاسِفة الذين يُنكِرون المَعاد، بل ويُنكِرون كلَّ شيءٍ، احتَجُّوا على المُعتَزِلة وأهل التَّعطيل، وقالوا: كيف تُجوِّزون التأويل في آيات الصِّفات وأَحاديثها ولا تُجوّزون التَّأويلَ في نُصوص المعاد، إذا أَوَّلْتُم في هذا فأَوِّلوا في هذا، وإلَّا فقد ظهر تَناقُضُكم؛ وسبَق لنا إجابةُ المُعتَزِلة للفلاسِفة، ماذا قالوا لهم؟ قالوا: إننا قد علِمنا بالاضْطِرار أنَّ الرُّسُل جاءَت لإثبات المَعاد، وعلِمْنا أن الشُّبْهة المانِعة منه فاسِدة، ووجَب القول بثُبوته.

وهذه من أهم المَسائِل لطالِب العِلْم في عِلْم التوحيد.

وذكَرْنا أن هذه الحُجَّةَ التي دافَع بها المُعتَزِلة اعتراضَ الفلاسِفة احتَجَّ بها أهلُ السُّنَّة على المُعتَزِلة، وقالوا: قد علِمْنا بالضرورة أن الرسول جاء بإثبات الصِّفات لله تعالى، وعلِمنا فَساد الشُّبْهة المانِعة منه فوجَبَ القول بثُبوته، وأنَّ طرْد القاعِدة في هذا وهذا هو الذي فيه السَّلامة، أمَّا أن نَتَناقَض ونُؤَوِّل في شيء ونُبقِي النُّصوص على ظاهِرها في شيء فإنَّ هذا وهمٌ وضَعْفٌ في الطريقة.

فالمُهِمُّ: أنَّ (القريب) هنا لا نَقول: قَريب في عِلْمه، أو قَريب في رَحْمته، أو قريب في سَمْعه، أو ما أَشبَه ذلك، فنَخُصُّصها بشيءٍ، لأنك إذا قُلْت: قريب في رَحْمته أو سَمْعه أو بصَره أو عِلْمه أو ما أَشبَة ذلك خصّصْته، فإذا قلتَ: قريب بذاته. شمِل

(1)

انظر: فتح رب البرية بتلخيص الحموية لفضيلة الشيخ رحمه الله (ص: 84 وما بعدها).

ص: 302