الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن خاف أن يظهر استحقاقٌ على وارثه بعد موته ضمن الدّرَك ورثةُ البائع، أو ورثة من يخاف استحقاقه إن أمكنه.
فإن كان على ثقةٍ أنه متى استحق عليه المبيع رجع بثمنه، ولكن يغرم قيمة
(1)
المنفعة، وهي أجرة المثل لمدة استيلائه على العين.
وهذا قولٌ ضعيف جدًّا؛ فإن المشتري إنما دخل على أن يستوفى المنفعة بلا عوض، والعِوضُ الذي بذله في مُقابلة العين لا للانتفاع، فإلزامه بالأجرة إلزام بما لم يلزمه، وكذلك نقول في المستعير: إذا استُحِقّت العين لم يلزمه عِوض المنفعة؛ لأنه إنما دخل على أن ينتفع مجانًا بلا عِوض، بخلاف المستأجر فإنه التزم الانتفاع بالعِوض، ولكن لا يلزمه إلا المسمّى الذي دخل عليه.
وكذلك
الأمَةُ المشتراة إذا وطئها، ثم استُحِقّت لم يلزمه المهر
؛ لأنه دخل على أن يطأها مَجّانًا، بخلاف الزوج، فإنه دخل على أن الوطء في مقابلة المهر، ولكن لا يلزمه إذا استُحقّت إلا المسمّى.
وعلى هذا فليس للمستحق أن يطالب المغرور؛ لأنه معذور غير ملتزم للضمان، وهو محسن غير ظالم، فما عليه من سبيل، وهذا هو الصواب، فإن طالبه على القول [88 ب] الآخر رجع على من غرّه بما لم يلتزم ضمانه خاصة، ولا يرجع عليه بما التزم غرامته.
فإذا غرم المودع أو المتّهِب قيمة العين والمنفعة رجع على الغارّ بهما، وإذا غرم المستأجر ذلك رجع بقيمة العين، دون قيمة المنفعة، إلا أنه يرجع
(1)
في الأصل: «فيه» .
بالزائد على المسمى، حيث لم يلتزم ضمانه، وإذا ضمن وهو مشترٍ أو مستعير قيمة العين والمنفعة رجع بقيمة المنفعة، دون قيمة العين، لكنه يرجع بما زاد على الثمن المسمى.
والمقصود: أن هذا المشتري متى خاف أن يُطالب بقيمة المنفعة إذا استُحِقّ عليه المبيع؛ فالحيلة في تخلُّصه من ذلك: أن يستأجر منه الدار أو الأرض سنين معلومة بأجرة مُسماة، ثم يشتريها منه بعد ذلك، ويُشهِد عليه أنه أقبضه الأجرة، فمتى استُحقّت العينُ، وطولب بعِوض المنفعة طالبَ هو المؤجِر بما قبضه من الأجرة، لمّا ظهرت الإجارة باطلة.
المثال الرابع عشر: إذا وكّله أن يتزوج له امرأةً معيّنة أو يشتري له جاريةً معينة، ثم خاف الموكِّل أن تعجب وكيله فيتزوجها، أو يشتريها لنفسه، فطريق التخلُّص من ذلك في الجارية أن يقول له: ومتى اشتريتها لنفسك فهي حُرَّة، ويصحّ هذا التعليق والعتق.
وأما الزوجة: فمن صحّح هذا التعليق فيها كمالكٍ وأبي حنيفة نفعه، وأما على قول الشافعي وأحمد فإنه لا ينفعه.
فطريق التخلُّص: أن يُشهد عليه أنها لا تَحِلّ له، وأن بينهما سببًا يقتضي تحريمها عليه، وأنه متى نكحها كان نكاحه باطلًا.
فإن أراد الوكيل أن يتزوجها أو يشتريها لنفسه، ولا يأثم فيما بينه وبين الله، فالحيلة: أن يَعزل نفسه عن الوكالة، ثم يعقد عليها لنفسه، ولو عقد عليها لنفسه كان ذلك عَزْلًا لنفسه عن الوكالة.
فإن خاف أن لا يتمَّ له ذلك، بأن يرفعه إلى حاكم حَنفيّ يرى أنه لا يَملِك الوكيل عزل نفسه في غيبة الموكل، فأراد التخلُّص من ذلك فالطريق