الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما عرق النَّسا
[ (1) ]
فخرج الحاكم من حديث الوليد بن مسلم، حدثنا هشام بن حسان، [قال] : حدثني أنس بن سيرين [قال:] حدثني أنس بن مالك [رضى اللَّه عنه] قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شفاء عرق النّسا: ألية شاة عربية تذاب، ثم تجزّأ ثلاثة أجزاء، فتشرب في ثلاثة أيام. قال: هذا حديث صحيح [على شرط الشيخين ولم يخرجاه] وقد رواه المعتمر بن سليمان، عن هشام بن حسان، بزيادة في المتن [ (2) ] .
فذكره ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف من عرق النسا ألية شاة عربىّ، ليست بصغيرة، ولا كبيرة، تذاب، ثم تقسم على ثلاثة أجزاء، فيشرب كل يوم جزء على ريق النفس.
قال أنس: وقد وصفت ذلك لثلاثمائة، كلهم يعافيه اللَّه تعالى [ (3) ] .
وقد رواه حبيب بن الشهيد، عن أنس بن سيرين، فذكره [ (4) ]، ثم قال:
[ (1) ] عرق النّسا: وجع يبتدئ من مفصل الورك، وينزل من خلف على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدته، زاد نزوله، وتهزل معه الرجل والفخذ. (زاد المعاد) : 4/ 71- 72، فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج عرق النّسا.
[ (2) ](المستدرك) : 4/ 229، كتاب الطب، حديث رقم (7459)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (7460) .
[ (4) ](المرجع السابق) : حديث رقم (7461) .
وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1147، كتاب الطب، باب (14) دواء عرق النّساء، حديث رقم (3463)، وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، والألية: ما ركب العجز وتدلى من شحم ولحم.
وأخرجه الحاكم أيضا في (المستدرك) : 4/ 452، كتاب الطب، حديث رقم (8247) ،
_________
[ () ] من حديث هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف لهم في عرق النسا أن يأخذوا إليه كبش ليس بعظيم ولا صغير فيداف، ثم يجزأ على ثلاثة أجزاء، فيشرب كل يوم جزءا، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الحافظ الذهبي في (التخليص) : على شرط البخاري ومسلم.
قال العلامة ابن القيم: وهذا الحديث فيه معنى لغويّ، ومعنى طبىّ، فأما المعنى اللغويّ: فدليل على جواز تسمية هذا المرض بعرق النّسا خلافا لمن منع هذه التسمية، وقال: النّسا هو العرق نفسه فيكون من باب إضافة الشيء إلى نفسه، وهو ممتنع.
وجواب هذا القائل من وجهين، أحدهما: أن العرق أعم من النّسا، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص، نحو: كل الدراهم أو بعضها.
الثاني: أن النسا: هو المرض الحالّ بالعرق، والإضافة فيه من باب إضافة الشيء إلى محله وموضعه.
قيل: وسمّى بذلك لأن ألمه ينسى ما سواه من وهذا العرق ممتد من مفصل الورك، وينتهى إلى آخر القدم وراء الكعب من الجانب الوحشي، فيما بين عظم الساق والوتر.
وأما المعنى الطبي: فقد تقدم أن كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نوعان:
أحدهما: عام بحسب الأزمان، والأماكن، والأشخاص، والأحوال.
والثاني: خاص بحسب هذه الأمور أو بعضها، وهذا من هذا القسم، فإن هذا خطاب للعرب، وأهل الحجاز، ومن جاورهم، ولا سيما أعراب البوادي، فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم، فإن هذا المرض يحدث من يبس، وقد يحدث من مادة غليظة لزجة، فعلاجها بالإسهال، والألية فيها الخاصيتان: الإنضاج، والتليين، ففيها الإنضاج والإخراج.
وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين، وفي تعيين الشاة الأعرابية لقلة فضولها، وصغر مقدارها، ولطف جوهرها، وخاصية مرعاها، لأنها ترعى أعشاب البرّ الحارة، كالشيح، والقيصوم، ونحوهما، وهذه النباتات إذا تغذى بها الحيوان صار في لحمه من طبعها بعد أن يلطفها تغذية بها، ويكسبها مزاجا ألطف منها، ولا سيما الألية.
وظهور فعل هذه النباتات في اللبن أقوى منه في اللحم، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لا توجد في اللبن، وهذا كما تقدم أن أدوية غالب الأمم والبوادي هي الأدوية المفردة، وعليه أطباء الهند.
وأما الروم واليونان فيعتنون بالمركّبة، وهم متفقون كلهم على أن من مهارة الطبيب أن يداوي بالغذاء، فإن عجز فبالمفرد، فإن عجز، فبما كان أقلّ تركيبا.
وقد تقدم أنّ غالب عادات العرب وأهل البوادي الأمراض البسيطة، فالأدوية البسيطة تناسبها،
هذه الأسانيد كلها صحيحة، وقد أعضله حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين فقال: عن أخيه معبد، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، والقول عندنا [فيه] قول المعتمر بن سليمان، والوليد بن مسلم.
[ () ] وهذا لبساطة أغذيتهم في الغالب. وأما الأمراض المركبة فغالبا ما تحدث عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافها، فاختيرت لها الأدوية المركبة، واللَّه تعالى أعلم. (زاد المعاد) : 4/ 72- 73، فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج عرق النّسا.
وقد أثبت محقق (زاد المعاد) تعريف الدكتور عادل الأزهري لعرق النّسا، حيث قال: هو مرض يصيب النساء والرجال على السواء وآلامه مفرطة، تبتدئ غالبا في أسفل العمود الفقرى، ويمتد الألم إلى إحدى الأليتين، ثم إلى الجزء اخلفى من الفخذ، وأحيانا حتى الكعب، وينتج غالبا من انفصال غضروفى بأسفل العمود الفقرى، أو التهاب روماتزمى بالعصب الإنسى، وعلاجه الأساسي الراحة التامة على الظهر، لمدة خمسة عشر يوما على الأقل مع إعطاء مهدئات للألم مثل الأسبرين
…
والحجامات الجافة، والكيّ أحيانا، يساعدان على علاجه. (زاد المعاد) : 4/ 73 هامش.