الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرّج مسلم من حديث شعبة عن محارب [أنه] سمع جابر بن عبد اللَّه [رضى اللَّه عنهما] يقول: اشترى منى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين، قال: فلما قدم صرارا أمر ببقرة فذبحت، فأكلوا منها، فلما قدم المدينة، أمرنى أن آتى المسجد فأصلى ركعتين، ووزن ثمن البعير فأرجح لي [ (1) ] . وفي لفظ له: وقال أمر ببقرة فنحرت، ثم قسم لحمها [ (2) ] .
وأما كونه صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا
فخرج البخاري من حديث همام عن إسحاق بن أبى عبد اللَّه بن أبى طلحة، عن أنس رضى اللَّه عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا، كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية. وخرجه مسلم بهذا السند، ولفظه: كان لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية [ (3) ] .
[ () ] قال ابن بطال: فيه إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر، وهو مستحب عند السلف، ويسمى النقيعة بنون وقاف، وزن عظيمة، ونقل عن المهلب أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر أطعم من يأتيه، ويفطر معهم، ويترك قضاء رمضان، لأنه كان لا يصوم السفر، فإذا انتهى الطعام ابتدأ قضاء رمضان.
قال: وقد جاء هذا مفصلا في (كتاب الأحكام) لإسماعيل القاضي وتعقبه ابن بطال بأن الأثر الّذي أخرجه إسماعيل ليس فيه ما ادعاه المهلب، يعنى من التقييد برمضان، وإن كان يتناوله بعمومه.
مختصرا من (فتح الباري) .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 11/ 38، كتاب المساقاة، باب (21) بيع البعير واستثناء ركوبه، حديث رقم (115) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (116) .
[ (3) ]
أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي من حديث جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرقن أهله ليلا» .
قال الحافظ في (الفتح) : التقييد فيه بطول الغيبة، يشير إلى أن علة النهى إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فلما كان الّذي يخرج لحاجة مثلا نهارا، ويرجع ليلا، لا يتأتى
_________
[ () ] له ما يحذر، مثل الّذي يطيل الغيبة، كأن طول الغيبة مظنة الأمن من الهجوم، فيقع للذي يهجم بعد طول الغيبة غالبا ما يكره، إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما.
قال: وإما أن يجدها على حالة غير مرضية، والشرع محرض على التستر، وقد أشار إلى ذلك بقوله:«أن يتخونهم ويتطلب عثراتهم» ، فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله، وأنه يقدم في وقت كذا مثلا، لا يناوله النهى.
قال الحافظ: وفي الحديث الحث على التواد والتحاب، خصوصا بين الزوجين، لأن الشارع راعى ذلك بين الزوجين، مع اطلاع كل منهما على ما جرت العادة بستره، حتى إن كل واحد منهما لا يخفى عنه من عيوب الآخر شيء في الغالب، ومع ذلك فقد نهى عن الطروق لئلا يطلع على ما تنفر نفسه عنه.
قال: ويؤخذ منه أن الاستحداد ونحوه مما تتزين به المرأة ليس داخلا في النهى عن تغيير الخلقة، وفيه التحريض على ترك التعرض لما يوجب سوء الظن بالمسلم. (فتح الباري) .
وفي رواية أخرى: «نهى أن يطرق أهله ليلا» وزاد في رواية: «لئلا يتخونهم أو يطلب عثراتهم» .
وفي رواية: قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إذا جئت من سفر فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة، وعليك بالكيس» هذه روايات البخاري ومسلم.
وفي رواية أبى داود قال: «كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما ذهبنا لندخل، قال: أمهلوا حتى لا ندخل ليلا، لكي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة» .
وفي رواية له: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر: أول الليل» .
وفي أخرى له، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتى الرجل أهله طروقا» .
وفي رواية الترمذي: «أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهاهم أن يطرقوا النساء ليلا» .
وفي أخرى له أنه قال: «لا تلجوا على المغيبات، فإن الشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدم، قلنا: ومنك؟ قال: ومنى، ولكن اللَّه أعاننى عليه فأسلم» .
قال سفيان بن عيينة: معنى «أسلم» أي فأسلم أنا منه فإن الشيطان لا يسلم. قال: و «المغيبات» جمع مغيبة، وهي التي زوجها غائب.
يراجع في ذلك: البخاري في النكاح، باب لا يطرق أهله ليلا إذا أطال الغيبة، مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم، وفي الحج باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة.
ومسلم في الإمارة، باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا. وأبو داود في الجهاد، باب في الطروق
_________
[ () ] والترمذي في الرضاع والاستئذان، باب ما جاء في كراهية طروق الرجل أهله ليلا.
وفي رواية ذكرها رزين قال: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزاة أو سفر فوصل عشية، لم يدخل حتى يصبح، فإن وصل قبل أن يصبح، لم يدخل إلا وقت الغداة، ويقول، أمهلوا، كي تمتشط التفلة الشعثة، وتستحد المغيبة» .
شرح الغريب:
«يطرقوا» الطروق: أن يأتى الرجل المكان الّذي يريده ليلا.
«يتخونهم» التخون: طلب الخيانة والتهمة.
«تستحد» الاستحداد: حلق العانة، وهو استفعال من الحديد، كأنه استعمل الحديد، على طريق الكناية أو التورية.
«المغيبة» : التي غاب عنها زوجها.
«الشعثة» : البعيدة العهد بالغسل، وتسريح الشعر، والنظافة.
«الكيس» : الجماع، والكيس: العقل، فيكون قد جعل طلب الولد من الجماع عقلا.
«التفلة» ، امرأة تفلة: إذا كانت غير متطيبة، (جامع الأصول) : 5/ 28- 31.