المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى - إمتاع الأسماع - جـ ٨

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن]

- ‌[تتمة الفصل في طب رسول اللَّه]

- ‌ليس فيما حرّم شفاء

- ‌السُّعوط [ (2) ]

- ‌ذات الجنب [ (4) ]

- ‌الكحل

- ‌الحبة السوداء

- ‌السنا

- ‌التّلبينة [ (1) ] والحساء

- ‌اغتسال المريض

- ‌اجتناب المجذوم

- ‌وأما عرق النَّسا

- ‌وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم

- ‌الحِنَّاء

- ‌الذريرة

- ‌وأمّا أنّه [صلى الله عليه وسلم] سحر

- ‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم سمّ

- ‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى

- ‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم

- ‌وأما الكيّ والسّعوط

- ‌وأمّا الحنّاء

- ‌وأمّا السّفرجل

- ‌فصل في ذكر حركات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسكونه

- ‌وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته

- ‌[وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم]

- ‌وأمّا ما يقوله إذا خرج من بيته [صلى الله عليه وسلم]

- ‌وأمّا مشيه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما ما يقوله [صلى الله عليه وسلم] إذا استيقظ

- ‌وأما أنّ قلبه [صلى الله عليه وسلم] لا ينام

- ‌وأما مناماته عليه السلام

- ‌فصل في ذكر صديق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل النّبوّة

- ‌ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء

- ‌ذكر شريك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل البعث

- ‌فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم

- ‌أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا

- ‌وأمّا ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شيء

- ‌وأمّا الدعاء لمن ودّعه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا كيف سيره صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا

- ‌وأمّا ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السّحر

- ‌ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية

- ‌ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة

- ‌وأمّا ما يقول إذا رجع من سفره

- ‌وأمّا ما يصنع إذا قدم من سفر

- ‌وأما كونه صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا

- ‌فصل في الأماكن التي حلها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي الرحلة النبويّة

- ‌وأمّا سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه

- ‌وأمّا سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى اللَّه تعالى عنها

- ‌وأمّا الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته آيات ربه الكبرى

- ‌فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج

- ‌فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للَّه عز وجل ليلة الإسراء

- ‌فصل في سفر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌فصل في خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنّة، وذي المجاز

- ‌فصل في ذكر هجرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

- ‌فصل في ذكر غزوات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة الأبواء

- ‌[غزوة بواط]

- ‌غزوة بدر الأولى

- ‌غزوة ذي العشيرة

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌غزوة بنى قينقاع

- ‌غزوة السويق

- ‌غزوة قرارة الكدر

- ‌غزوة ذي أمر [وهي غزوة غطفان]

- ‌غزوة بحران

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌غزوة بنى النضير

- ‌غزوة بدر الموعد

- ‌غزوة ذات الرقاع

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌غزوة المريسيع

- ‌[غزوة الخندق]

- ‌[غزوة بنى قريظة]

- ‌[غزوة بنى لحيان]

- ‌[غزوة الغابة]

- ‌[غزوة خيبر]

- ‌[غزوة الفتح]

- ‌[غزوة حنين]

- ‌[غزوة تبوك]

الفصل: ‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى

‌وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى

فخرّج مسلم من حديث ابن وهب قال: أخبرنى يونس عن ابن شهاب [قال] : أخبرنى نافع بن جبير بن مطعم، عن عثمان بن أبى العاص الثقفي، أنه شكا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الّذي تألم من جسدك وقل: باسم اللَّه ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ باللَّه وقدرته، من شر ما أجد وأحاذر [ (1) ] .

وخرّجه الترمذي من حديث مالك، عن يزيد بن [خصيفة] ، عن عمر ابن عبد اللَّه بن كعب السلمي، أن نافع بن جبير بن معطم، أخبره عن عثمان بن أبى العاص أنه قال: أتانى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبى وجع قد كاد يهلكني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: امسح بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة اللَّه وقدرته من شرّ ما أجد، قال: ففعلت، فأذهب اللَّه ما كان بى، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح [ (2) ] .

وخرّجه أبو داود بهذا الإسناد، أنه أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال عثمان: وبى وجع قد كان يهلكني.. الحديث [ (3) ] .

وخرّجه الحاكم من حديث المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) 14/ 439- 440، كتاب السلام، باب (24) استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، حديث رقم (67) .

[ (2) ](سنن الترمذي) : 4/ 355- 356، كتاب الطب، باب (29) بدون ترجمة، حديث رقم (2080) .

[ (3) ](سنن أبى داود) : 4/ 217- 218، كتاب الطب، باب (19) كيف الرقى؟ حديث رقم (3891) .

ص: 48

ابن عباس [رضى اللَّه عنهما] قال: كان النبي [عليه السلام] إذا عاد المريض، جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات: أسأل اللَّه العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه ذلك. قال:

هذا حديث صحيح [ (1) ] ، وذكر له عدة طرق.

وخرّجه البخاري أيضا في الأدب المفرد به مثله.

ولأبى داود من حديث الليث، عن زياد بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبى الدرداء قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من اشتكى منكم شيئا أو [اشتكاه] أخ له فليقل: ربّنا الّذي في السماء، تقدّس اسمك، أمرك في السماء والأرض، [كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض] ، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت ربّ الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك، على هذا الوجع، فيبرأ [ (2) ] .

[ (1) ]

(المستدرك) : 4/ 461- 462، كتاب الرقى والتمائم، حديث رقم (8282)، ولفظه:«من عاد مريضا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل اللَّه العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك، إلا عافاه اللَّه من ذلك المرض»

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، بعد أن اتفقا على حديث المنهال بن عمرو بإسناده، كان يعوذ الحسن والحسين.

وأخرج ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1163، كتاب الطب، باب (36) ما عوّذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوّذ به، حديث رقم (3522)، ولفظه:«قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبى وجع كاد يبطلني، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اجعل يدك اليمنى عليه وقل: بسم اللَّه، أعوذ بعزة اللَّه وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات» فقلت ذلك، فشفاني اللَّه.

[ (2) ](سنن أبى داود) : 4/ 218، كتاب الطب، باب (19) كيف الرقى، حديث رقم (3892)، الحوب: الإثم، ومنه قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [النساء: 3](معالم السنن) ] .

وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 7/ 34- 35، حديث رقم (23437) من مسند فضالة بن عبيد الأنصاري، ولفظه، قال: «علمني النبي صلى الله عليه وسلم رقية أن أرقى بها من بدا لي، قال لي: قل ربنا اللَّه الّذي في السموات، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، اللَّهمّ كما أمرك في السماء فاجعل

ص: 49

وللبخاريّ ومسلم وأبى داود، من حديث سفيان، حدثني عبد ربه بن سعيد بن عمرة، عن عائشة رضى اللَّه عنها [قالت] إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض: بسم اللَّه تربة أرضنا، وريقه بعضنا، يشفى سقيمنا. اللفظ للبخاريّ وفي لفظ له: قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الرقية: تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا. ذكرهما في باب: رقية النبي صلى الله عليه وسلم [ (1) ] .

ولفظ مسلم: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كان به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا، ووضع سفيان سبّابته بالأرض ثم رفعها، بسم اللَّه تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا [ (2) ] . وفي لفظ: ليشفى [ (3) ] .

ولفظ أبى داود: قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للإنسان إذا اشتكى: يقول بريقه، ثم قال: به في التراب تربة أرضنا، بريقة بعضنا، ليشفى سقيمنا، بإذن ربنا [ (4) ] .

[ () ] رحمتك علينا في الأرض، اللَّهمّ رب الطيبين اغفر لنا حوبنا وذنوبنا وخطايانا، ونزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على ما بفلان من شكوى، فيبرأ، قال: وقل ذلك ثلاثا ثم تعوذ بالمعوذتين ثلاث مرات» .

[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 253، كتاب الطب، باب (38) رقية النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (5745) ، (5746) .

[ (2) ]، (3) (مسلم بشرح النووي) : 14/ 434، كتاب السلام، باب (21) ، استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، حديث رقم (54) .

[ (4) ]

(سنن أبى داود) : 4/ 219- 220، كتاب الطب، باب (كيف الرقى) ، حديث رقم (3895)، وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1163، كتاب الطب، باب (36) ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به، حديث رقم (3521)، ولفظه: عن عائشة رضى اللَّه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مما يقول للمريض ببزاقه إصبعه: «بسم اللَّه، تربة أرضنا، بريقه بعضنا، ليشفى سقيمنا بإذن ربنا» .

أي كان يأخذ من ريقه على إصبعه شيئا ثم يضعها على التراب فيعلق به منه شيء، فيمسح بها على الموضع الجريح، «تربة أرضنا» أي هذه تربة أرضنا «بريقة بعضنا» يدل على أنه كان يتفل عند الرقية.

ص: 50

وللبخاريّ من حديث سفيان، حدثني سليمان، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة رضى اللَّه عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ بعض أهله، يمسح بيده ويقول: اللَّهمّ ربّ الناس، اذهب الباس، واشفه أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما. ذكره في باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم [ (1) ] .

وخرّجه الإمام أحمد بهذا السند، ولفظه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله، يمسحه بيمينه فيقول: أذهب الباس ربّ الناس، واشف إنك أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما.

وخرّجه مسلم عن الأعمش، عن أبى الضحى، عن مسروق، عن عائشة [رضى اللَّه عنها] قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى [منا][ (2) ] إنسان مسحه بيمينه، ثم قال: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، فلما مرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [وثقل][ (3) ] أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان يصنع، فانتزع يده من يدي، ثم قال: اللَّهمّ اغفر لي، واجعلني مع الرفيق [الأعلى] ،

[قالت:] فذهبت

[ () ] قال النووي: معنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم وضعها على التراب، فعلق به شيء منه، ثم يمسح الموضع العليل أو الجرح، قائلا الكلام المذكور في حالة المسح.

«ليشفى» على بناء المفعول.. متعلق بمحذوف أي قلنا هذا القول، أو صنعنا هذا الصنيع، ليشفى سقيمنا. «بإذن ربنا» متعلق بقوله:«ليشفى» .

[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 253، كتاب الطب، باب (38) رقية النبي، حديث رقم (5743)، وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1163، كتاب الطب، باب (36) ما عوّذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوّذ به، حديث رقم (3520) .

[ (2) ]

(مسند أحمد) : 7/ 68- 69، حديث رقم (23662) ، من حديث السيدة عائشة رضى اللَّه عنها، ثم قالت: «فلما ثقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي مات فيه، أخذت بيده فجعلت أمسحه بها وأقولها، قالت: فنزع يده منى ثم قال: رب اغفر لي وألحقنى بالرفيق الأعلى- قال أبو معاوية- قالت:

فكان هذا آخر ما سمعت من كلامه- قال ابن جعفر- إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا مسحه بيده وقال: اذهب البأس رب الناس» .

[ (3) ] زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .

ص: 51

انظر، فإذا هو قد قضى، صلى الله عليه وسلم [ (1) ]

وللبخاريّ ومسلم من حديث النضر، عن هشام بن عروة [قال:] أخبرنى أبى عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرقى يقول: امسح الباس ربّ الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت [ (2) ] .

وخرّجه الإمام أحمد من حديث يحى، عن هشام قال: حدثني أبى عن عائشة، رضى اللَّه عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرقى: امسح الباس رب الناس، بيدك الشفاء، لا يكشف الكرب إلا أنت [ (3) ] .

ولمسلم من حديث عباد بن عباد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الّذي مات فيه، جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي [ (4) ] .

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 14/ 430، كتاب السلام، باب (19) استحباب رقية المريض، حديث رقم (46) .

[ (2) ](فتح الباري) : 10/ 253، كتاب الطب، باب (38) رقية النبي، حديث رقم (5744)، (مسلم بشرح النووي) : 14/ 432، كتاب السلام، باب (19) استحباب رقية المريض، حديث رقم (49) .

[ (3) ](مسند أحمد) : 7/ 76، حديث رقم (23714) من حديث السيدة عائشة رضى اللَّه عنها.

[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 14/ 432، كتاب السلام، باب (20) رقية المريض بالمعوذات والنفث، حديث رقم (50) .

قوله: «نفث عليه بالمعوذات» هي بكسر الواو، والنفث: نفخ لطيف بلا ريق، فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

قال القاضي عياض: وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقى، وأجازوا فيها النفخ بلا ريق، وهذا المذهب والفرق إنما يجيء على قول ضعيف، قيل: إن النفث معه ريق، قال: وقد اختلف العلماء في النفث والتفل، فقيل: هما بمعنى، ولا يكونان إلا بريق.

ص: 52

وخرّجه البخاري وأبو داود، من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة [رضى اللَّه عنها] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. ذكره البخاري في كتاب فضائل القرآن [ (1) ] ، وذكره في آخر كتاب المغازي من حديث يونس، عن ابن شهاب [ (2) ] .

وفي كتاب الطب بهذا السند، ولفظه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو اللَّه أحد وبالمعوذتين جميعا، ثم يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة رضى اللَّه عنها: فلما اشتكى كان

[ () ] قال أبو عبيد: يشترط في التفل ريق يسير، ولا يكون في النفث، وقيل: عكسه.

وسئلت عائشة عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية فقالت: كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه.

قال: ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة، ولا يقصد ذلك، وقد جاء في حديث الّذي رقى بفاتحة الكتاب فجعل يجمع بزاقه ويتفل.

قال القاضي: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشرة للرقية والذكر الحسن، لكن قال: كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى، وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه، وكان يكره الرقية بالحديدة: والملح، والّذي يعقد، والّذي يكتب خاتم سليمان، والعقد عنده أشد كراهة، لما فيه من مشابهة السحر.

وفي هذا الحديث: استحباب الرقية بالقرآن، والأذكار، وإنما رقى بالمعوذات لأنهن جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلا، ففيها الاستفادة من شر ما خلق، فيدخل فيه كل شيء، ومن شر النفاثات في العقد، ومن السواحر، ومن شر الحاسدين، ومن شر الوسواس الخناس، واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : 14/ 431- 433.

[ (1) ](فتح الباري) : 9/ 76، كتاب فضائل القرآن، باب (14) فضل المعوذات، حديث رقم (5016) .

وأخرج من حديث ابن شهاب، عن عروة، عائشة رضى اللَّه عنها، حديث رقم (5017) ولفظه:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات» .

[ (2) ](فتح الباري) : 8/ 166، كتاب المغازي، باب (84) مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، حديث رقم (4439) .

ص: 53

يأمرني أن أفعل ذلك به [ (1) ] .

وذكره في باب المرأة ترقى الرّجل، من حديث معمر عن الزهري. ولفظه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في مرضه الّذي قبض فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهن، فأمسح بيده لبركتها [ (2) ] . وذكره في باب: الرقى بالقرآن، عن معمر نحوه [ (3) ] .

وخرّج الحاكم، من حديث سفيان، عن عاصم، عن زياد بن ثويب، عن أبى هريرة [رضى اللَّه عنه] قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فقال: ألا أرقيك برقية رقاني بها جبريل؟ فقلت: بلى، بأبي وأمى، قال: بسم اللَّه أرقيك، واللَّه يشفيك، من كل داء فيك، من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، فرقى بها ثلاث مرات [ (4) ] .

[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 257، كتاب الطب، باب (39) النفث في الرقية، حديث رقم (5748)، قال يونس: كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أتى فراشه.

[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (5751)، وفي آخره: فسألت ابن شهاب: كيف كان ينفث؟ قال:

ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه.

[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (5743) .

وأخرجه أبو داود في (السنن) : 4/ 224، كتاب الطب، باب (19) كيف الرقى، حديث رقم (3902) .

وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1166، كتاب الطب، باب (38) النفث في الرقية، حديث رقم (3529) .

قال في (النهاية) : النفث بالفم، وهو شبيه النفخ، وهو أقل من التفل، لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق.

[ (4) ](المستدرك) : 3/ 590، كتاب التفسير، تفسير سورة الفلق، حديث رقم (3990) ، وسكت عنه الذهبي في (التلخيص) ، وعزاه السيوطي في (الجامع الصغير) لابن ماجة، والحاكم عن أبى هريرة وصححه، ولم يعلق عليه المناوى.

وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 3564، قال في (الزوائد) : في إسناده عاصم بن عبيد-

ص: 54

_________

[ () ] اللَّه بن عاصم بن عمر العمرى، وهو ضعيف.

قال العلامة ابن القيم: وفي تأثير الرقى بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سرّ بديع، فإن ذوات أثّرت بكيفيات نفوسها الخبيثة

وسلاحها حماتها اللتي تلدغ بها، وهي لا تلدغ حتى تغضب، فإذا غضبت، ثار فيها السم، فتقذفه بآلتها، وقد جعل اللَّه سبحانه لكل داء دواء، ولكل شيء ضدا، ونفس الراقي تفعل في نفس المرقى، فيقع في نفسيهما فعل وانفعال، كما يقع بين الداء والدواء، فتقوى نفس الراقي وقوته بالرقية على ذلك الداء، فيدفعه بإذن اللَّه.

ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال، وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين، يقع بين الداء والدواء الروحانيين، والروحانيّ، والطبيعي، وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء، والنفس المباشر للرقية، والذكر والدعاء، فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق، والهواء والنفس، كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا، ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة، شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.

وبالجملة: فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه وتستعين بالرقية وبالنفث على إزالة ذلك الأثر، وكلما كانت كيفية نفس الراقي أقوى، كانت الرقية أتمّ، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها.

وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا يفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان، قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ، وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة، وترسل أنفاسها سهاما لها، وتمدها بالنفث والتفل الّذي معه شيء من الريق، مصاحب لكيفية مؤثرة.

والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة، وإن لم تتصل بجسم المسحور، بل تنفث على العقدة وتعقدها، وتتكلم بالسحر، فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة، فتقابلها الروح الزكية الطيبة، بكيفية الدفع والتكلم بالرقية، وتستعين بالنفث، فأيهما قوى كان الحكم له، ومقابلة الأرواح بعضها لبعض، ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام، ومحاربتها وآلتها سواء، بل الأصل في المحاربة، والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها.

ولكن من غلب عليه الحسّ لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحسّ عليه، وبعده عن عالم الأرواح، وأحكامها، وأفعالها.

والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل، قابلت ذلك الأثر الّذي حصل من النفوس الخبيثة، فأزالته، واللَّه تعالى أعلم. (زاد المعاد) : 4/ 178- 180.

ص: 55