الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر صديق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل النّبوّة
قال الحافظ أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم: كان عمرو بن عبسة [بن منقذ بن خالد بن حذيفة][ (1) ] السلمي [كان][ (1) ]، صديق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجاهلية [ (2) ] . وقال أبو عمر يوسف بن عبد اللَّه بن عبد البر: عمرو بن عبسة بن عامر بن خالد السلمي، يكنى أبا نجيح، ويقال أبا شعيب، وينسبونه عمرو بن عبسة بن عامر بن خالد بن غاضرة بن عتاب ابن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، أسلم قديما في أول الإسلام، وذكر حديث إسلامه، وهو يقضى أنه قدم مكة، وأسلم بعد أبى بكر وبلال، رضى اللَّه عنهما، ثم رجع إلى قومه، ومقتضاه أنه لم يكن يعرف النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه، وأنه فارقه فلم يره بعد ذلك، حتى قدم عليه المدينة، فتعرف له، فعرفه صلى الله عليه وسلم [ (3) ] .
[وقال ابن الكلبي: عياض بن حماد بن محمد بن سفيان، كان حرمىّ [ (4) ] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم، ومعه نجيبة
[ (1) ] زيادة للنسب والسياق من (جمهرة أنساب العرب لابن حزم) .
[ (2) ](المرجع السابق) : 264.
[ (3) ] عمرو بن عبسة، له ترجمة في (الاستيعاب) : 3/ 1192- 1194، ترجمة رقم (1937)، (جمهرة أنساب العرب) : 186، 264، (طبقات خليفة) : 49، 302، (المعارف) : 290، (الجرح والتعديل) : 6/ 241، (المستدرك) : 3/ 714، ذكر عمرو بن عبسة السلمي رضى اللَّه عنه، (جامع الأصول) : 9/ 116، (تهذيب التهذيب) : 8/ 61، ترجمة رقم (107)، (الإصابة) : 4/ 658- 661، ترجمة رقم (5907)، (سير أعلام النبلاء) : 2/ 456- 460، ترجمة رقم (88)، (أسماء الصحابة الرواة) : 96، ترجمة رقم (84)، (تاريخ الصحابة) : 175، ترجمة رقم (890) .
[ (4) ] الحرمىّ: قال في (اللسان) : الحريم: ثوب المحرم، وكانت العرب تطوف عراة وثيابهم مطروحة بين أيديهم في الطواف.
وفي الحديث: أن عياض بن حمار المجاشعي كان حرمىّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حج طاف في ثيابه، كان أشراف العرب يتحمسون على دينهم، أي يتشدّدون إذا حجّ أحدهم لم يأكل إلا طعام رجل من الحرم، ولم يطف إلا في ثيابه، فكان لكل رجل من أشرافهم رجل من قريش، فيكون كل واحد منهما حرمىّ صاحبه، كما يقال: كريّ للمكرى والمكترى. (لسان العرب) : 12/ 120.
يهديها له، فقال: أسلمت؟ قال: لا، قالك إن اللَّه نهاني أن أقبل [زبدا][ (1) ] من المشركين، فأسلم، فقبلها منه، فقال: يا رسول اللَّه! الرجل من قومي أسفل منى يشتمني، أفأنتصر منه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: المستبّان شيطانان يتكاذبان [ (2) ] ، ويتهاتران] [ (3) ] .
[وقال ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة، عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير، عن عياض بن حمار المجاشعي، وكان يقال: العياض حرمي النبي صلى الله عليه وسلم، كان ينزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مك، إذا قدمها في الجاهلية][ (3) ] .
وقال محمد بن حزم: وكان عياض بن حمار بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، حرمي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجاهلية [ (4) ] .
[ (1) ] الزبد: الهدية.
[ (2) ](جمهرة النسب) : 203- 204.
[ (3) ] قوله: «يتهاتران» زيادة للسياق من (مسند أحمد) : 5/ 166- 167، حديث رقم (17033)، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (خ) وليس في (ج) . وعياض بن حمار له ترجمة في:
(الإصابة) : 4/ 752، ترجمة رقم (6132)، (تهذيب التهذيب) : 8/ 179، ترجمة رقم (367)، (الاستيعاب) : 3/ 1232- 1233، ترجمة رقم (2011) .
[ (4) ](جمهرة أنساب العرب) : 231.
ومعنى ذلك أن قريشا كانت [في] الحمس، وكانت [بنو] مجاشع من الحلة، وهما دينان من أديان العرب في الجاهلية، فكان الحلي لا يطوف بالبيت إلا عريان، إلا أنه يعيره رجل من الحمس ثيابا يطوف فيها، وكان عياض يطوف في ثياب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبد البر [رحمه الله] : عياض بن حمار بن أبى حمار بن ناجية ابن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع المجاشعي التميمي، كان من الحلة الذين لا يطوفون إلا في ثياب الحمس [ (1) ] .
وقال في (التمهيد) : روينا عن طاووس ومجاهد، وأبى صالح، ومحمد ابن كعب القرظي، ومحمد بن شهاب الزهري، يعنى ما نورده بدخول [كلام] بعضهم في بعض، وأكثره على لفظ ابن شهاب قال [جامعه:
كانت] العرب تطوف بالبيت عراة، إلا الحمى: قريش وأحلافهم، فمن جاء من [غيرهم] ، وضع ثيابه فطاف في ثوبي أحمس يستعيرها منه، فإن لم يجد من يعيره، استأجر من ثيابهم، فإن لم يجد [من يستأجر منه ثوبه من الحمس، ولا من يعيره ذلك]، كان بين أحد أمرين: إما أن يلقى [عليه] ثيابه ويطوف عريانا، وإما أن يطوف في ثيابه، فإذا طاف في ثيابه ألقاها عن نفسه إذا قضى طوافه، وحرمها عليه [فلا] يقربها غيره، فكان ذلك الثوب يسمى اللقى [ (2) ]، وفي ذلك قول بعضهم:
[ (1) ](الاستيعاب) : 3/ 1232- 1233.
[ (2) ] قال ابن الأثير: قيل: أصل اللقى أنهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم وقالوا: لا نطوف في ثياب عصينا اللَّه فيها، فيلقونها عنهم، ويسمون ذلك الثوب لقي، فإذا قضوا نسكهم لم يأخذوها، وتركوها بحالها ملقاة.
وقال أبو الهيثم: اللقى ثوب المحرم يلقبه إذا طاف بالبيت في الجاهلية، وجمعه ألقاء. (لسان العرب) : 15/ 255- 256.
كفى حزنا حزني عليه كأنه
…
لقي بين أيدي الطائفين حريم [ (1) ]
والمرأة في ذلك والرجل سواء، إلا أن النساء كن يطفن بالليل، والرجال [بالنهار] ، فقدمت امرأة لها هيئة وجمال، فطافت عريانة، وقال بعضهم:
بل كان عليها من ثيابهم ما ينكشف عنها، فجعلت تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
…
فما بدا منه فلا أحله
[وكانوا] على ذلك، حتى بعث اللَّه [تعالى] نبيه صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللَّه [تعالى] عليه: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى [ذلِكَ خَيْرٌ][ (2) ][لأنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة]، ونزلت: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [ (3) ]، وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى: ألا لا يطوفون بالبيت عريان [ (4) ] .
[ (1) ] هذا البيت في كافة المراجع هكذا:
كفى حزنا كرى عليه كأنه
…
لقي بين أيدي الطائفين حريم
[ (2) ] الأعراف: 26.
[ (3) ] الأعراف: 31.
[ (4) ] كان هذا النداء بمكة سنة تسع (البحر المحيط) : 5/ 40. والحديث في ذلك رقم (1347) من (صحيح مسلم) . ويذكر أن المرأة القائلة:
اليوم يبدو بعضه أو كله
…
وما بدا منه فلا أحله
هي ضباعة بنت عامر بن صعصعة، ثم من بنى سلمة بن قشير.
وذكر محمد بن حبيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطبها، فذكرت له صلى الله عليه وسلم عنها كبرة، فتركها فقيل إنها ماتت كمدا وحزنا على ذلك.
قال ابن حبيب: إن كان صح هذا، فما أخرها عن أن تكون أما للمؤمنين، وزوجا لرسول رب العالمين إلا قولها: اليوم يبدو بعضه أو كله، تكرمة من اللَّه لنبيه، وعلما منه بغيرته، واللَّه تعالى أغير منه (سيرة ابن هشام) : 2/ 25.