الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[غزوة الفتح]
ثم كانت غزاة الفتح، خرج إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المدينة، يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان سنة ثمان من الهجرة، ونزل الحجون يوم الجمعة، لعشر بقين منه، وقيل: لثلاث عشرة مضت منه، وكان يأتى المسجد من الحجون لكل صلاة، وقد فتح اللَّه عليه مكة عنوة، وقيل:
صلحا، وقيل: بعضها عنوة، وبعضها صلحا، [واستخلف ابن أم مكتوم][ (1) ] .
[خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتائب الإسلام وجنود الرحمن لنقض قريش العهد الّذي وقع بالحديبية، فإنه كان قد وقع الشرط: أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فعل. فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم، ودخلت خزاعة في عقد رسول اللَّه وعهده][ (2) ] .
[ثم خرج عليه السلام فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدا. قالت:
فدخل عليها أبو بكر فقال: يا بنية، ما هذا الجهاز؟ فقال: واللَّه ما أدرى، فقال: واللَّه ما هذا زمان غزو بنى الأصفر، فأين يريد رسول اللَّه؟ قالت: واللَّه لا علم لي] [ (2) ] .
[وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد في المدة، فأبى عليه فانصرف إلى مكة، فتجهز رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] زيادة للسياق من كتب السيرة.
[ (2) ](المواهب اللدنية) : 1/ 560- 580 مختصرا.
من غير إعلام أحد بذلك. فكتب حاطب كتابا وأرسله إلى مكة يخبر بذلك، فأطلع اللَّه نبيه على ذلك، فقال عمر رضى اللَّه عنه: دعني يا رسول اللَّه أضرب عنق هذا المنافق مع تصديق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به، لما كان من عند عمر من القوة في الدين، وبغض المنافقين، فظن أن من خالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم استحق القتل، لكنه لم يجزم بذلك، فلذلك استأذن في قتله، وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خلاف ما أظهر، وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه] [ (1) ] .
[وبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى من حوله من العرب فجلبهم: أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع، وسليم، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من لحقه بالطريق، فكان المسلمون في غزوة الفتح ما بين العشرة آلاف والاثني عشر ألفا على خلاف بين أهل السير][ (1) ] .
[وخرج يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من رمضان، بعد العصر، سنة ثمان، قال الواقدي: وعند أحمد بإسناد صحيح عن أبى سعيد قال:
خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح لليلتين خلتا من شهر رمضان، ثم سار صلى الله عليه وسلم فلما كان بقديد عقد الألوية والرايات، ودفعها إلى القبائل. ثم نزل مرّ الظهران عشاء، فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، ولم يبلغ قريشا مسيره، وهم مغتمون لما يخافون من غزوهم إياهم، فبعثوا أبا سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء حتى أتوا مر الظهران، فلما رأوا العسكر أفزعهم] [ (1) ] .
[فرآهم ناس من حرس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأدركوهم، فأخذوهم، فأتوا بهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبس أبا
[ (1) ](المواهب اللدنية) : 1/ 560- 180 باختصار.
سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين، فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم كتيبة كتيبة على أبى سفيان] [ (1) ] .
[قال الخطّابى: تمنى أبو سفيان أن تكون له يد فيحمى قومه ويدفع عنهم، وقيل هذا يوم الغضب للحريم والأهل، والانتصار لهم لمن قدر عليه، وقيل: هذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتى من أن ينالني مكروه][ (1) ] .
[وقال ابن إسحاق: زعم بعض أهل العلم أن سعدا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، فسمعها رجل من المهاجرين فقال: يا رسول اللَّه! ما آمن أن يكون لسعد في قريش صولة، فقال لعلىّ: أدركه فخذ الراية منه فكن أنت تدخل بها][ (1) ] .
[وقد روى أن أبا سفيان قال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم لما حاذاه: أمرت بقتل قومك؟
قال: لا، فذكر له ما قال سعد بن عبادة، ثم ناشده اللَّه والرحم، فقال: يا أبا سفيان: اليوم يوم المرحمة، اليوم يعز اللَّه قريشا، وأرسل إلى سعد فأخذ الراية منه، فدفعها إلى ابنه قيس] [ (1) ] .
[وفي يوم فتح مكة اغتسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيت أم هانئ ثم صلّى الضحى ثماني ركعات، قالت: لم أره صلّى صلاة أخفّ منها، غير أنه يتم الركوع والسجود][ (1) ] .
[ولما كان الغد من يوم الفتح، قام صلى الله عليه وسلم خطيبا في الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه، ومجده بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إن اللَّه حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة اللَّه إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرة، فإن أحد
[ (1) ](المواهب اللدنية) : 1/ 560- 580 باختصار.
ترخص فيها لقتال رسوله صلى الله عليه وسلم فقولوا: إن اللَّه أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أحلت ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب] [ (1) ] .
[ثم قال: يا معشر قريش، ما ترون أنى فاعل فيكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء][ (1) ] .
[ (1) ](المواهب اللدنية) : 1/ 560- 580 باختصار.