الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عَنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ، وَتَحْذِيرِ الدُّعَاةِ إِلَى الْكُفْرِ
[1847]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ:((نَعَمْ))، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، وفيه: دَخَنٌ))، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: ((قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ))، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: ((نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ:((نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ:((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَامَهُمْ))، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ:((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)).
[خ: 3606]
حديث حذيفة حديث عظيم قد ساقه شارح الطحاوية، واستدل به على عموم الجماعة
(1)
.
وقوله: ((دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ)) وهذا قد وقع منذ أزمان، فوجد دعاة إلى مذهب الخوارج، ومذهب المعتزلة، وإلى الفرق الضالة، ودعاة إلى
(1)
شرح الطحاوية، لابن أبي العز (2/ 541).
القاديانية، ودعاة إلى الاشتراكية والشيوعية، والقومية، والماسونية، والإباحية، وإلى الصوفية القبورية، وإلى مذهب وحدة الوجود، فكل هؤلاء دعاة على أبواب جهنم.
وقوله: ((قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا))، يعني: هم من العرب فصحاء، ألسنتهم حداد، كما هو الواقع الآن في الإذاعات وفي الصحف والمجلات يدعون إلى الشر وإلى التحرر وإلى الإباحية، وكذلك يدعون إلى العولمة، ويعنون بعولمة العالم: أن يكون الناس شيئًا واحدًا في الثقافة والعادات، فيكون العالم كله كأنه قرية صغيرة، فتذوب فيه العقائد والأخلاق! .
وقوله: ((فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ ))، يعني: إن أدركني هذا الزمن ورأيت هذه الشرور، فماذا أعمل؟
وقوله: ((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ))، أي: إذا وجدت جماعة للمسلمين ولهم إمام فالزمهم وكن معهم، والجماعة المذكورة هي: أهل السنة والجماعة، الذين يدعون إلى الأمر بتوحيد الله وإفراده بالعبادة، وصار هذا ديدنهم وشعارهم، فكن معهم.
وقوله: ((فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ ))، يعني: قلت: يا رسول الله، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، فماذا أعمل؟ قال: اعتزل تلك الفرق التي على الباطل، واهرب بدينك واترك هذه الفرق الضالة، واعبد ربك حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك، كما ورد الحديث الآخر:((يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ))
(1)
- نسأل الله السلامة والعافية، وأن يعيذنا ويعيذكم من الفتن!
(1)
أخرجه البخاري (19).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحيَى- وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَّامٍ- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ:((نَعَمْ))، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: ((يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ))، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ((تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)).
قوله: ((يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ))، يعني: أمراء يأتم الناس بهم، وفي الحديث الآخر:((إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ))
(1)
فالأئمة يكونون في الخير أو في الشر، قال الله تعالى- في أئمة الخير-:{وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} ، وقال- في أئمة الشر-:{وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون} ، وهم آل فرعون، ويدخل في أئمة الخير: أئمة أهل السنة والجماعة.
وقوله: ((قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ))، يعني: أجسامهم أجسام إنس وقلوبهم قلوب شياطين؛ لما فيها من الشر والفساد والدعوة إليه.
وقوله: ((تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)) فيه: تحريم الخروج على ولي الأمر، ولو ظلم، ولو فسق، ولو ضرب
(1)
أخرجه أحمد (22393)، وأبو داود (4252)، والترمذي (2229).
ظهرك، أو سجنك، أو أخذ مالك بغير حق، فيحرم الخروج على ولاة الأمور بسبب ظلمهم وجورهم وفسادهم.
[1848]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ- يَعْنِي: ابْنَ حَازِمٍ- حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ)).
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَقَالَ:((لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا)).
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي)).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَمَّا ابْنُ الْمُثَنَّى فَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا ابْنُ بَشَّارٍ، فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
هذا الحديث فيه: الوعيد الشديد على من خرج من طاعة ولي الأمر،
وأنه بخروجه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ومتوعَّد بأن يموت ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية لا يلتزمون بطاعة إمام، وليس لهم ولاية في الغالب، بل يأكل القوي منهم الضعيف، فمن خرج من طاعة ولي الأمر فعليه الوعيد الشديد لمشابهته أهل الجاهلية في ذلك.
وفيه: التحذير من العصبيات.
وفيه: التحذير من القتل والتساهل فيه.
وفيه: التحذير من عدم الوفاء؛ فإن هذا من كبائر الذنوب.
وقوله: ((رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ)) هي الراية غير المعروفة التي لا يعرف وجهها، ولا يعرف وجه القتال فيها، ولا شرعيته، فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ))
(1)
.
فالواجب حينئذٍ: اعتزال الفرق المتقاتلة إذا لم يعرف وجه الصواب في ذلك، أما إذا عرف وجه الحق والصواب فإنه يكون مع الحق، فإذا كان هناك جماعة ولهم إمام، ثم خرج عليهم بعض الناس، فالواجب أن يقاتَلوا، كما مر.
(1)
أخرجه مسلم (2908).
[1849]
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ)).
[خ: 7053]
وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْجَعْدُ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
[1850]
حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ)).
[1851]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ- وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ- عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ- حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ-، فَقَالَ: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ عَن ابْنِ عُمَرَ.
قوله: ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))، أي: من خلع يدًا من طاعة ولي الأمر لقي الله ولا حجة له.
هذا الحديث فيه: الوعيد الشديد على الخروج على ولاة الأمور، وأنه من كبائر الذنوب.
وعبد الله بن مطيع هذا كان أمير المدينة في زمن ولاية يزيد بن معاوية، وكان أهل المدينة قد خلعوا يزيدًا، وأنكر عليهم عبد الله بن عمر، ثم حصل بعد ذلك أن أرسل يزيد بن معاوية جيشًا لإخضاع أهل المدينة وتأديبهم وعقوبتهم، فأخضعه الجيش، ثم أمره أن يستبيح المدينة ثلاثة أيام، فاستباحها، وحصل من جراء ذلك شر وفساد عظيم، ومقتلة كبيرة بسبب شؤم الخروج على ولي الأمر.
أما الحال في رؤساء الجمهوريات الحاليين: فإن كانوا مسلمين فلهم البيعة، ولهم السمع والطاعة، وأما إن كانوا كفارًا فهذا فيه تفصيل، وهو: إن كانت هناك قدرة على خلعهم وإبدالهم برئيس مسلم وجب الخروج، وإلا فلا خروج، ووجب على الرعية الصبر والسمع والطاعة في طاعة الله، قال الله تعالى:{لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} .