الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مَا كَانَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَبَيَانِ نَسْخِهِ، وَإِبَاحَتِهِ إِلَى مَتَى شَاءَ
[1969]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ.
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ- مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ- أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فَصَلَّى لَنَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَلَا تَأْكُلُوا.
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ. ح، وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
[1970]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لَا يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)).
[خ: 5574]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ- يَعْنِي: ابْنَ عُثْمَانَ- كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ
عَبْدُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ.
قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: بَعْدَ ثَلَاثٍ.
في هذه الأحاديث: دليل على أن الصلاة قبل الخطبة يوم العيد، وأن الصلاة تقدَّم، بخلاف الجمعة فإن الخطبة فيها قبل الصلاة، من حديث طارق بن شهاب ((قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ))
(1)
، أي: فقد أدَّى ما عليه، يعني: أنكر المنكر.
وقوله: ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ))، أي: بعد أيام التشريق الثلاثة، وسبب النهي: وجود الفقراء الذين جاءُوا إلى المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا يدخروا من اللحوم شيئًا فوق ثلاثة أيام حتى يتصدقوا على الفقراء، وفي العام التالي قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا)).
(1)
أخرجه مسلم (49).
[1971]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((ادَّخِرُوا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ))، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَمَا ذَاكَ؟ )) قَالُوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ:((إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا)).
قوله: ((حَضْرَةَ الْأَضْحَى)) - بفتح الحاء وضمها وكسرها-، يعني: وقتَ الأضحى.
قوله: ((إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ)): قال النووي: ((قال أهل اللغة: الدافَّة- بتشديد الفاء-: قوم يسيرون جميعًا سيرًا خفيفًا، ودافة الأعراب: مَن يَرِدُ منهم المِصْرَ، والمراد هنا: مَن ورد من ضعفاء الأعراب))
(1)
.
(1)
شرح مسلم، للنووي (13/ 130).
[1972]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ:((كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا)).
[خ: 1719]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَأَرْخَصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا))، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَالَ جَابِرٌ: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ، قَالَ: نَعَمْ.
قوله: ((فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى))، يعني: أيام التشريق، الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، أي: أنهم استمروا يأكلون حتى جاءُوا المدينة، أي: قريبًا من عشرة أيام.
[1972]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا لَا نُمْسِكُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَزَوَّدَ مِنْهَا، وَنَأْكُلَ مِنْهَا- يَعْنِي: فَوْقَ ثَلَاثٍ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُهَا إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
في هذا الحديث: أن المشروع في تقسيم الأضحية: أن يتصدق بالثلث، ويأكل الثلث، ويهدي الثلث، وكذلك الهدي، والعقيقة وهذا هو الأفضل، وقيل: يأكل النصف، ويتصدق بالنصف.
والراجح: أن ينظر إلى ما هو الأرفق له، والأنفع للفقير.
قالوا: وأقل شيء يتصدق به قدر أوقية، وإن أكلها ضمنها، يعني: يشتري بقدر الأوقية لحمًا، ويتصدق بقدرها.
[1973]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنِ الجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ))، وقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى:((ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ))، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا، وَحَشَمًا، وَخَدَمًا، فَقَالَ:((كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَاحْبِسُوا- أَوِ: ادَّخِرُوا))، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: شَكَّ عَبْدُ الْأَعْلَى.
قوله: ((فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا، وَحَشَمًا، وَخَدَمًا)): الحشم هم: خدم الرجل ومن يغضب له، وعطف الخدم عليه من باب عطف الخاص على العام.
[1974]
حَدَّثَنَا إِسْحاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ شَيْئًا))، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ أَوَّلَ، فَقَالَ:((لَا، إِنَّ ذَاكَ عَامٌ كَانَ النَّاسُ فِيهِ بِجَهْدٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَفْشُوَ فِيهِمْ)).
[خ: 5569]
قوله: ((بِجَهْدٍ))، يعني: مشقة وفاقة.
وقوله: ((يَفْشُوَ))، يعني: ينتشر ويشيع.
وقوله: ((مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ)): كقوله: ((إِذَا دَخَلَ العَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ))، فجعل الإرادة للمضحي، وهذا يدل على أنها ليست واجبة، وفيها خلاف بين أهل العلم، وقد سبق تفصيله
(1)
.
[1975]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ:((يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ))، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ رَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَحَدَّثَنِي إِسْحاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْبَانَ- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ-: ((أَصْلِحْ هَذَا اللَّحْمَ))، قَالَ: فَأَصْلَحْتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى بَلَغَ الْمَدِينَةَ.
وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَقُلْ: فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[977]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَنْ أَبِي سِنَانٍ، وقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُحَارِبٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ
(1)
في شرح حديث رقم (1960).
ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)).
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ))، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سِنَانٍ.
قوله: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا)): هذا النهي عن زيارة القبور كان خوفًا من أن يتعلق الناس بالقبور؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بإسلام، ثم لما استقر الإسلام في نفوس الناس نُسخ هذا النهي.
قوله: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ)): هذا النهي كان لأجل الفقراء، ثم نُسخ.
قوله: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)): النبيذ هو: عصير العنب، أو التمر، ويسمى: المريس، أو عصير الشعير، أو عصير الذرة، وكانوا ينتبذونه ويشربونه، فإذا مضى عليه ثلاثة أيام ومع شدة الحر يقذف بالزبد فيتخمر، فربما يتخمر وهم لا يعلمون، والأسقية هي: الأوعية من جلد الغنم، أو غيره، مثل: القربة التي يُجعل فيها الماء حتى يبرد، والمعنى: أنهم كانوا يجعلون النبيذ في السقاء، وفي شدة الحر يتمزق، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ النبيذ إلا في السقاء، ثم رخَّص لهم أن ينتبذوا في كل وعاء.
والناسخ يُعرف- أحيانًا- بقول الشارع، نحو: قوله: ((نَهَيْتُكُم
…
فَزُورُوهَا))، و ((نَهَيْتُكُم
…
فَادَّخِرُوا))، و ((نَهَيْتُكُم
…
فَانْتَبِذُوا))، وأحيانًا يُعرف بقول الصحابي؛ كقول جابر رضي الله عنه:((كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَدَمُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ))
(1)
، وأحيانًا يُعرف بالتاريخ، فإذا تعارض
(1)
أخرجه أحمد (14262)، وأبو داود (192)، والنسائي (185).
الحديثان، ولم يمكن الجمع بينهما ينظر للتاريخ، فالمتأخر ينسخ المتقدم.
وفي هذه الأحاديث: بيان علة النهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وهي: الدَّافَّة، وهم: الفقراء الذين دَفُّوا على المدينة، ثم نُسخ النهي، وعاد الأمر كما كان، فيجوز للإنسان أن يدخر من لحوم الأضاحي ما بدا له، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء
(1)
.
وذهب بعض العلماء إلى أن النهي ليس منسوخًا، وإنما هو باقٍ، وهذا ما رُوي عن علي
(2)
وابن عمر رضي الله عنهما
(3)
، وقال بعضهم: النهي ليس للتحريم، وإنما هو للتنزيه.
وقال آخرون من أهل العلم: ليس هناك نسخ، وإنما نهى عنه لعلة وجود الدافة، ثم زالت فعاد الأمر كما كان.
وبعضهم يرى أنه لو وُجدت حالة مثل ما حصل في المدينة بأن جاء فقراء في بعض السنين فإنه يعود الأمر كما كان.
وفيها: ذكر ثلاثة أشياء جُمع فيها بين الناسخ والمنسوخ:
الأول: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا))، فالمنسوخ النهي عن زيارة القبور، والناسخ قوله:((فَزُورُوهَا)).
والثاني: قوله: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ)): فالناسخ قوله: ((فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ)): والمنسوخ: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ)).
والثالث: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا))، فالناسخ:((فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا))، والمنسوخ:((وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ)).
(1)
الاختيار لتعليل المختار، لأبي الفضل الحنفي (5/ 20)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (1/ 546)، المغني، لابن قدامة (9/ 449).
(2)
أخرجه البخاري (5573)، ومسلم (1969).
(3)
أخرجه البخاري (5574)، ومسلم (1970).