الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الْإِمَارَةِ، وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا
[1625]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ أُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا)).
وَحَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ، وَمَنْصُورٍ، وَحُمَيْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ كُلُّهُمْ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
هذا الحديث فيه: النهي الصريح عن طلب الولايات من قضاء وإمارة وغيرها، وأن من طلب الولاية لا يعطاها؛ لأنه إذا طلبها فهذا دليل على أنه متساهل، وأنه قد يقصر في بعض ما تتطلبه الولاية، وسيأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ))
(1)
، وأما من أُلزم بها من غير طلب فإنه يعان عليها؛ ولهذا قال هنا:((وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا)).
ويستثنى من هذا:
1 -
الإمامة في الصلاة، فلا بأس بطلبها لمن هو لها أهل لها وكان قادرًا عليها؛ لحديث عثمان بن أبي العاص: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلني إمام قومي، قال:((أَنْتَ إِمَامُهُمْ))
(2)
؛ ولأنها ولاية خاصة بمن يؤمهم.
(1)
أخرجه البخاري (7149)، ومسلم (1733).
(2)
أخرجه أحمد (16270)، وأبو داود (531)، والنسائي (672).
2 -
طلب الولاية إذا كان يرى أنه أحسن من غيره فيها، وأن غيره لا يقوم مقامه فيها، كما حكى تعالى طلب يوسف لها من العزيز، فَقَالَ:{اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} .
[1733]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللهُ عز وجل، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ:((إِنَّا- وَاللهِ- لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ)).
[خ: 6923]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَاتِمٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي رَجُلَانِ من الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا: عَنْ يَمِينِي، وَالْآخَرُ: عَنْ يَسَارِي، فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ، فَقَالَ:((مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى- أَوْ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ؟ -))، قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ، وَقَدْ قَلَصَتْ، فَقَالَ:((لَنْ- أَوْ: لَا- نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى- أَوْ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ-))، فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: انْزِلْ، وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ- دِينَ السَّوْءِ- فَتَهَوَّدَ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ: اجْلِسْ نَعَمْ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَأَمَرَ بِهِ
فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا مُعَاذٌ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. [خ: 6923]
هذا الحديث فيه من الفوائد:
1 -
دليل على قوة معاذ رضي الله عنه في الحق.
2 -
وجوب قتل المرتد.
3 -
المبادرة إلى تنفيذ الحكم الشرعي؛ لأن التأخير قد يؤدي إلى تعطيل الحكم.
4 -
المبادرة إلى إنكار المنكر وإقامة الحدود على من وجب عليه.
5 -
التذاكر في أمور العبادة، قال ابن حجر:((في رواية سعيد بن أبي بردة، فَقَالَ كيف تقرأ القرآن أي في صلاة الليل قوله، فَقَالَ أحدهما هو معاذ ووقع في رواية سعيد بن أبي بردة، فَقَالَ أبو موسى أقرؤه قائما وقاعدا وعلى راحلتي وأتفوقه بفاء وقاف بينهما واو ثقيلة أي ألازم قراءته في جميع الأحوال))
(1)
، فكان الحديث بينهما في أمور العبادة للحث والترغيب والتنشيط والتأسي، وهكذا مجالس سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله ليس فيها شيء من حديث الدنيا.
6 -
دليل على فضل الصحابة، فهم لم يتذاكرا في أمور الدنيا ولا خاضوا في البيع ولا في الشراء.
7 -
دليل على أن الإنسان يؤجر على نومه إذا نوى به التقوي على طاعة الله، والقيام بمصالح العباد.
8 -
تزاور الإخوان والأمراء والعلماء؛ فكان أبو موسى رضي الله عنه على مخلاف
(1)
فتح الباري، لابن حجر (12/ 275).
ومعاذ رضي الله عنه على مخلاف، وكانا يتزاوران ويتذاكران.
9 -
إكرام الضيف.
10 -
أن المباحات يؤجر عليها بالنية إذا صارت وسائل للمقاصد الواجبة أو المندوبة أو تكميلًا لشيء منهما.