الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ لَزمَهُ أَمْرٌ فَدَخَلَ عَلَيه أَمْرٌ آخَرُ
.
[1770]
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ انْصَرَفَ عن الأَحْزَابِ: ((أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ))، فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ. قَالَ: فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.
[خ: 946]
قوله: ((فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ)): وذلك لأنهم مجتهدون.
وهذا الحديث فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ))، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما:((لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ))
(1)
، وجُمِعَ بينهما: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد أن صلى الظهر، وصلى معه ناس الظهر، ولم يُصَلِّ آخرون، فقال للذين لم يصلوا الظهر:((لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ))، وقال للذين صلوا الظهر:((لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ))، وقيل: إنه قال للفريقين.
وفيه: أنهم أدركتهم الصلاة في الطريق فاجتهدوا؛ فمنهم من صلى في الطريق، وقالوا: لا نؤخر الوقت، وعندنا الأدلة الأخرى التي فيها تحديد الأوقات، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ أن نؤخر الوقت، وإنما أراد الحثَّ على الإسراع، وتمسك أحدهم بالنص، وقالوا: لا نصلي حتى نصل بني قريظة، فأخروا الصلاة، فلم يصلوا العصر إلا بعد غروب الشمس، فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا من الفريقين؛ لأنهم مجتهدون.
(1)
أخرجه البخاري (946).
قال ابن القيم رحمه الله: ((وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام ولم يعنفهم، كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلوا العصر في بني قريظة، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق، وقال: لم يرد منا التأخير، وإنما أراد سرعة النهوض، فنظروا إلى المعنى، واجتهد آخرون وأخروها إلى بني قريظة فصلوها ليلًا، نظروا إلى اللفظ، وهؤلاء سلف أهل الظاهر، وهؤلاء سلف أصحاب المعاني والقياس))
(1)
، حتى إن ابن حزم رحمه الله يقول:((وعلم الله تعالى أننا لو كنا هناك ما صلينا العصر في ذلك اليوم إلا في بني قريظة ولو بعد أيام))
(2)
.
(1)
إعلام الموقعين، لابن القيم (1/ 155 - 156).
(2)
جوامع السيرة، لابن حزم (ص 192).