الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ
[1976]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ يحيى: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ))، زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ فَيَذْبَحُونَهُ.
[خ: 5473]
في هذا الحديث: نفي الفرع والعتيرة.
والفرع: هو أول نتاج الناقة، أو الشاة، أو البقرة، وكانوا في الجاهلية يذبحونه لأصنامهم.
والعتيرة: هي الذبيحة في العشر الأُوَل من رجب، ويقال لها: الرَّجَبِيَّة، ونفيها يدل على عدم مشروعيتها، لكن جاء في أحاديث أُخَرَ ما يفيد استحبابها، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةً وَعَتِيرَةً، أَتَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّاسُ الرَّجَبِيَّةُ))
(1)
؛ ولهذا اختلف العلماء في الفرع والعتيرة هل هما مشروعان، أم لا؟
فذهب الشافعية إلى أن الفرع والعتيرة مستحبان، وأنه يستحب للإنسان أن يذبح أول نتاج ويتصدق به، وكذلك الذبيحة في رجب
(2)
.
وأجاب الشافعية عن حديث: ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): بأن النفي هنا هو نفي
(1)
أخرجه أحمد (17889)، وأبو داود (2788)، والترمذي (1518)، وابن ماجه (3125).
(2)
أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (1/ 550)، النجم الوهاج، لأبي البقاء (9/ 534).
الوجوب، أو أنه نفي استحباب كونه أفضلَ من الأضحية، واستدلوا بآثار وردت في الباب، وقالوا: هذا يدل على أن الفرع والعتيرة مستحبان، وأن النفي لما كانوا يذبحونه لآلهتهم وأصنامهم.
والقول الثاني لأهل العلم: أن الفرع والعتيرة غير مشروعين، وغير مستحبين، وأن قوله:((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): يفيد النهي، كما نقل القاضي عياض عن جمهور العلماء أن هذا الحكم منسوخ
(1)
، وهو الصواب.
وقد أجاب بهذا سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه، فقال:((قوله: (ولا تسن الفرعة، ولا العتيرة)، وفيما أفهم الآن أنه أقرب إلى التحريم. قوله:((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): نفي كونهما سنةً، أي: خلافًا لما يراه بعض الجاهلية من أن ذلك سنة، هذا معنى كلام بعضهم، لكن النفي يفيد البطلان، كـ ((لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ))،
(2)
أفلا يكون ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): إبطالًا لذلك؟ ! فالأصل سقوط ذلك، ولا حاجة إلى تأويل، بل هو ساقط بالإسقاط النبوي، سقط سنةً وفعلًا، هذا مع دلالة:((وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))،
(3)
مع دلالة أن الرسول منع من مشابهة الجاهلية، ثم هذا من باب العبادات، والعبادات توقيفية، فلو لم ينفها صلى الله عليه وسلم كانت منتفية؛ فإن أمور الجاهلية كلها منتفية لا يُحتاج إلى أن ينصص على كل واحد منها))
(4)
.
قلت: والأقرب أن هذا منسوخ، وإن كان هذا نفيًا فإنه يدل على النهي، والنفي أبلغ من النهي، أما استحباب الشافعية فهو مرجوح.
(1)
إكمال المعلم، للقاضي عياص (6/ 430).
(2)
أخرجه البخاري (5707)، ومسلم (2220).
(3)
أخرجه أحمد (5114)، وأبو داود (4031).
(4)
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (6/ 140).