الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ نَهْيِ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ، أَوْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا
[1977]
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ، وَبَشَرِهِ شَيْئًا)).
قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَرْفَعُهُ، قَالَ: لَكِنِّي أَرْفَعُهُ.
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ- تَرْفَعُهُ- قَالَ:((إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَعِنْدَهُ أُضْحِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا، وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا)).
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ، وَأَظْفَارِهِ)).
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ- أَوْ: عَمْرِو- بْنِ مُسْلِمٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ)).
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الْأَضْحَى، فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَمَّامِ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَكْرَهُ هَذَا- أَوْ: يَنْهَى عَنْهُ- فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ- يَا ابْنَ أَخِي-: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِكَ. حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ- زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ الْجُنْدَعِيِّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ، وَذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.
قوله: ((فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ))، يعني: أزالوا شعر العانة بالنّورة؛ لأن ابن المسيب يكره إزالة شعر العانة في العشر الأول من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، وليس المراد: أن سعيدًا يكره إزالة الشعر مطلقًا.
وفي هذه الأحاديث: دليل على عدم وجوب الأضحية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ)): حيث جعل الإرادة إلى الإنسان، فدل على أنها ليست واجبة، ومفهومه: أنه إذا لم يُرِدْ أن يضحي فلا حرج عليه.
وفيها: النهي لمن أراد أن يضحي بعد دخول العشر أن يأخذ من شعره، أو بشرته، أو ظفره شيئًا.
واختلف العلماء في هذا النهي، فذهب الإمام أحمد- في رواية أبي داود وإسحاق- إلى أن النهي للتحريم
(1)
؛ لأن الأصل في النهي التحريم.
(1)
مسائل الإمام أحمد، لأحمد بن حنبل (1/ 450)، الإقناع، لأبي النجا (1/ 408)، المغني، لابن قدامة (9/ 436).
وذهب الإمام الشافعي رحمه الله إلى أن النهي للتنزيه، فلو أخذ من شعره فلا إثم عليه
(1)
.
وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يحرم ولا يكره، وهذا ضعيف؛ لأنه مخالف للحديث
(2)
.
والصواب: القول الأول، أي: أن النهي للتحريم، إلا إذا وُجد صارف لهذا النهي، ولا صارف هنا.
وبعض العامة الذين ابتلوا بحلق لحاهم يشق عليهم أن يبقوا عشرة أيام لا يحلق فيها لحيته- نسأل الله العافية- فتجد بعضهم يسأل عن أخذ الشعر هل يجوز أخذ الشعر في العشر، وإذا أخذتُ هل تصح الأضحية، أو لا تصح؟ وحلق اللحية خلال العام أعظم معصية من الأخذ من الشعر أو الأظفار أيام العشر، وبلغ الأمر ببعضهم أنه قد لا يضحي لهذا السبب، وعلى كل حال لو أخذ من شعره، أو أظفاره فهذا لا يمنع من الأضحية، والأضحية صحيحة.
مسألة: إذا دخل العشر من ذي الحجة وأراد أن يضحي، ثم اعتمر في العشر فهل له أن يقص من شعره إذا طاف وسعى؟
والجواب: نعم له أن يقص من شعره؛ لأن هذا واجبٌ، ونسكٌ لا تتم العمرة إلا به، فإذا طاف وسعى قص من شعره، ثم يمسك بعد ذلك، لكن إذا قصر من شعره وتحلل فلا يأخذ من أظفاره ولا من شعره حتى يضحي.
واختلف العلماء في الحكمة في هذا النهي، فقيل: الحكمة من النهي حتى يبقى المسلم سالم الأجزاء للعتق من النار، فتكون أجزاؤه كلها باقية.
وقيل: هو من باب التشبه بالمُحْرِم.
والأول أرجح؛ لأن الأضحية من موجبات المغفرة والعتق من النار.
(1)
المجموع شرح المهذب، للنووي (8/ 391).
(2)
التجريد، للقدوري (12/ 6344).
وقولُ الحنابلة: ((ومن أراد التضحية فدخل العشر حرم عليه وعلى من يضحِّي عنه أخذُ شيء من شعره وظفره وبشرته إلى الذبح))
(1)
هو اجتهادٌ منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: عليه وعلى من يضحِّي عنه.
بل الصواب: أن الذي يُخاطَب بترك شعره وأظفاره هو المضحِّي فقط، أما سائر أهل بيته فلا يمتنعون من ذلك على الصحيح.
(1)
الإقناع، للحجاوي (1/ 408).