الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْإِمَارَةِ
بَابُ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ وَالْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ
[1818]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ- يَعْنِيَانِ: الْحِزَامِيَّ- ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وقَالَ عَمْرٌو رِوَايَةً:((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ؛ مُسْلِمُهُمْ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ لِكَافِرِهِمْ)).
[خ: 3495]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ؛ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ)).
[1819]
وَحَدَّثَنِي يَحيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ، وَالشَّرِّ)).
[1820]
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ)).
[خ: 3501]
قوله: ((روايةً))، يعني: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم))، يعني: أن الولاية والإمارة والشرف فيهم في الجاهلية، وفي الإسلام.
هذه الأحاديث فيها: أن الإمارة والزعامة والخلافة تكون في قريش، سواء في الجاهلية، أو في الإسلام، وأن الناس تبعٌ لقريش، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم، في الخلافة والإمارة والولاية، وأنه فيهم ما بقي منهم اثنان، وهذا دليل على أن الخلافة تكون في قريش عند الاختيار والانتخاب.
وهناك قيد في رواية البخاري، وهو:((مَا أَقَامُوا الدِّينَ))
(1)
، وهذا قيد لا بد منه، ومفهومه: أنهم إذا لم يقيموا الدين فإن الخلافة تنتقل إلى غيرهم، وأنه إذا وجد فيهم من يقيم الدين عند الاختيار والانتخاب فإنه يجب أن يكون الخليفة من قريش، فإذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين فإنه يجب عليهم أن يختاروا من قريش إذا وجد من يقيم الدين فتثبت الخلافة، كما اختار الصحابة، وانتخبوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع الأنصار في ثقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة وأمير فجاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ي، ولما أرادوا أن يختاروا خليفة من الأنصار بين لهم الصديق وعمر م أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، وبين لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم:((الأئمة من قريش))
(2)
، وأن الناس تبع لهم؛ فاختاروا أبا بكر رضي الله عنه وانتخبوه للخلافة، ثم ثبتت الخلافة لعمر رضي الله عنه بولاية العهد من أبي بكر رضي الله عنه، واتفق الناس عليه، ثم ثبتت الخلافة لعثمان رضي الله عنه أيضًا- بانتخاب أهل الحل والعقد وهو من قريش، ثم ثبتت الخلافة لعلي رضي الله عنه بمبايعة أكثر أهل الحل والعقد وهو من قريش؛ فإذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين فإنه يجب أن يكون الخليفة من قريش إذا وجد فيهم من يقيم الدين؛ فإن لم يوجد فيهم من يقيم الدين فتكون الولاية في غيرهم، كما حصل في الخلافة الراشدة
(1)
أخرجه البخاري (3500).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 129)، والنسائي في الكبرى (3/ 467).
والدولة الأموية، والدولة العباسية، ثم لما سقطت بغداد في أيدي التتار سنة 656 هـ انتقلت الخلافة من قريش.
فيه: منقبة لقريش؛ فالناس تبع لقريش في هذا الشأن- يعني: في الإمارة والولاية- لأن أصولهم شريفة، ومعادنهم طيبة، وأنسابهم عالية.
وهذه الأحاديث الخبر فيها بمعنى الأمر، والمعنى: اجعلوا هذا الأمر فيهم، ولو كان خبرًا حقيقيًّا لما تخلف، ولما سقطت الخلافة العباسية على أيدي التتار، وانتقلت الخلافة إلى الأعاجم، وإلى الدولة العثمانية.
والخلافة والولاية إنما تثبت بواحد من ثلاثة أمور:
الأول: الاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقل: كما ثبتت الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكذلك ثبتت الخلافة لعثمان رضي الله عنه، وكذلك لعلي رضي الله عنه.
الثاني: ولاية العهد من الخليفة السابق: كما ثبتت الخلافة لعمر رضي الله عنه بعهدٍ من الصديق، وأجمع عليه الصحابة.
الثالث: القوة والغلبة: فإذا غلب الناسَ بسيفه وسلطانه وخضعوا له، وجب له عليهم السمع والطاعة، وثبتت له الإمارة بذلك؛ وذلك لأن الشرع يتشوف إلى استتباب الأمن والاستقرار وعدم الفوضى والاضطراب، ويدل على ذلك الأحاديث التي فيها الأمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، مثل: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ))
(1)
، ومعروف أن العبد الحبشي ليس من قريش، والخلافة من بعد الخلفاء الراشدين إلى الآن لم تثبت بالاختيار والانتخاب، ووقعت كلها بالقوة والغلبة.
أما تولية الحكم عن طريق التصويت والانتخابات- كما يُفعل الآن في الدول الكافرة وأشباهها- فهذا باطل مخالف للشرع؛ لأنهم لا يعملون بالشريعة الإسلامية من الأساس، فهم إما كفار وإما أشباه كفار.
(1)
أخرجه البخاري (7142).
[1821]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ. ح وَحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانَ- عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً))، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: ((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
[خ: 7223]
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا))، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيَّ، فَسَأَلْتُ أَبِي مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ:((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ:((لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا)).
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً))، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: ((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً))، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: ((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي أَبِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً))، فَقَالَ كَلِمَةً صَمَّنِيهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: ((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
قوله: ((لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً)) المعنى: أن الإسلام لا يزال عزيزًا قويًّا وفي ازدياد في خلافة هؤلاء الاثني عشر خليفة، ثم بعد ذلك يكون الأمر فيه ضعف.
وهؤلاء الاثنا عشر خليفة هل هم متوالون، أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أنهم متوالون، وهم: الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك، وبينهم عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء الاثنا عشر خليفة لايزال أمر الإسلام ماضيًا وعزيزًا في زمانهم، ثم بعد ذلك حصل الضعف والنقص، كما هو معروف الآن.
فهم اثنا عشر خليفة يكون الإسلام في زمنهم عزيزًا منيعًا ولا يزال أمر الناس ماضيًا، أما عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فلم يجتمع الناس عليه، وأما علي رضي الله عنه ففي حكم المُجْتَمع عليه؛ فقد بايعه أكثر أهل الحل والعقد، وأما الحسن بن علي رضي الله عنهما فولايته تابعة لولاية أبيه.
القول الثاني: ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله أن الأظهر أنهم غير متوالين، وأن المهدي منهم في آخر الزمان.
والصواب: أنهم متوالون، والواقع يؤيد هذا، وأما قول: إن المهدي منهم فهذا بعيد؛ لأن المهدي لا يخرج إلا في آخر الزمان، وفي زمانه يخرج الدجال، ويحصل اختلاف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:((لا يزال أمر الناس ماضيًا))، وأين المضي وقد حصل اختلاف قبل المهدي في سنوات خدَّاعة؟ !
وفي الحديث: الرد على الرافضة الذي يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم نص على اثني عشر خليفة وأنهم معصومون، وأن الخليفة الأول هو عليٌّ رضي الله عنه هو الخليفة الأول، ثم الحسن رضي الله عنه الخليفة الثاني، ثم الحسين رضي الله عنه الخليفة الثالث، ثم الباقي كلهم من نسل الحسين: علي بن الحسين زين العابدين، ثم محمد بن علي الباقر، ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى الرضا، ثم محمد بن علي الجواد، ثم علي بن محمد الهادي، ثم الحسن بن علي العسكري، ثم المهدي المنتظر الذي دخل سرداب سامراء محمد بن الحسن سنة ستين ومائتين ولم يخرج إلى الآن، وشيخ الإسلام يقول:((دخل السرداب من أكثر من أربعمائة سنة، ولا يعرف له عين ولا أثر ولا يدرك له حس ولا خبر))
(1)
، ونحن نقول: مضى عليه ألف ومائتا سنة ولم يخرج، لأنه شخص موهوم لا حقيقة له؛ لأن أباه الحسن بن علي العسكري مات عقيمًا، ولكنهم اختلقوا له ولدًا وأدخلوه السرداب، وهم يقولون: إنه دخل السرداب بعد موت أبيه، وعمره إما سنتان، وإما ثلاث، وإما خمس، وإما نحو ذلك، ومثل هذا بنص القرآن يتيم يجب أن يحفظ له ماله حتى يؤنس منه الرشد، ويحضنه من يستحق حضانته من أقربائه، فإذا صار له سبع سنين أمر بالطهارة، والصلاة، فمن لا توضأ، ولا صلى، وهو تحت حجر وليه في نفسه، وماله بنص القرآن لو كان موجودا يشهده العيان لما جاز أن يكون هو إمام أهل الإيمان، فكيف إذا كان معدوما، أو مفقودا مع طول هذه الغيبة؟ !
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (11/ 439)، (28/ 480)، درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (6/ 269).
(2)
منهاج السنة النبوية، لابن تيمية (1/ 122).
[1822]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ- وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ- عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ: أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ يَقُولُ-: ((لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)). وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ، بَيْتَ كِسْرَى، أَوْ آلِ كِسْرَى))، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ))، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ))، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ سَمُرَةَ الْعَدَوِيِّ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ حَاتِمٍ.
قوله: ((الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ)): هو قصر كِسرَى - كما قال ((بَيْتَ كِسْرَى، أَوْ آلِ كِسْرَى))، وكَانَ مَبنيًّا بالجص
(1)
، وهذا من المعجزات الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فتحوه بحمد الله في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقوله: ((إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ)) والخير هنا: المال، فإذا أعطى الله أحدنا مالًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته، يعني: بمن تلزمه النفقتة عليهم وعولهم، وفي الحديث: ((ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ
(1)
كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (1/ 455).
شَيْءٌ، فَهَكَذَا وَهَكَذَا- يَقُولُ فَبَيْنَ يَدَيْكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ))
(1)
.
وقوله: ((أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ)) الفرط هو: السابق الذي يتقدم القوم ليهيئ لهم المكان، ويعد لهم الماء ليسقيهم، وهذا في الموقف يوم القيامة، فحوض نبينا صلى الله عليه وسلم في الموقف يوم القيامة: طوله مسافة شهر، وعرضه مسافة شهر، وهو أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا حتى يدخل الجنة، وهناك أقوام يذادون عنه - أي: يُطردون- كما تذاد الإبل العطاش؛ لأنهم غيروا وبدلوا، قال صلى الله عليه وسلم:((ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا لمن غير بعدي))، وفي نفس الحديث:((يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي)) - وفي لفظ: ((أصيحابي أصيحابي))
(2)
- ((فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى))
(3)
، يعني: بعدًا بعدًا.
وفي هذا الحديث: عَلَمٌ من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي: إخباره عن أمور وقعت بعد موته صلى الله عليه وسلم، فقد تم فتح بلاد الفرس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووُجد الكذابون.
(1)
أخرجه مسلم (997).
(2)
أخرجه مسلم (2304).
(3)
أخرجه البخاري (6585).