الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ إِثْمِ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ
[1677]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ)).
[خ: 3335]
وَحَدَّثَنَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ:((لِأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ))، لَمْ يَذْكُرَا:((أَوَّلَ)).
في هذا الحديث: أن أول من سن القتل هو قابيل؛ لأنه قتل أخاه هابيل، قال تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فهو أول من سن القتل؛ وذلك أن قابيل وهابيل قربا قربانًا، وكان في زمانهم يشرع تقريب القربان، فإذا تقبله الله أتت نار من السماء فأكلته، فجاءت النار وأكلت قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل؛ فحسده فقتله بنص القرآن، ولما قال قابيل لأخيه:{لَأَقْتُلَنَّكَ} قال هابيل لأخيه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} ، إذا أردت
أن تبسط يدك لقتلي ما أنا بباسط يدي.
ولهذا جاء في حديث النبي (عن الفتنة: «كن كخير ابني آدم»
(1)
، وفي لفظ عن رسول الله (أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي، قال:«فإن أدركت ذاك فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل»
(2)
، وفي لفظ أن النبي (قال:«اكسروا قسيّكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة»
(3)
، فهذه النصوص جاءت في القعود في الفتنة، وقد حملت هذه النصوص بعض الصحابة على ألا يشارك في القتال بين علي ومعاوية؛ خوفًا من هذه الفتن، وكذلك عثمان رضي الله عنه لما دخل عليه الثوار لم يدافع عن نفسه، ومنع من المدافعة عنه؛ أخذًا بهذه الأحاديث.
فلا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ((ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ)) وهو قابيل ((كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا))، أي: نصيب من الوزر؛ ((لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ))، كما في الحديث الآخر:((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))
(4)
.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 416)، وأبو داود (4259)، والترمذي (2204)، وابن ماجه (3961).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 110)، والطبراني في الكبير (4/ 59).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 416)، وأبو داود (4259)، والترمذي (2204)، وابن ماجه (3961).
(4)
أخرجه مسلم (1020).