الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ، وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي
[1681]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ)).
[خ: 5758]
في هذا الحديث: أن الجنين إذا قُتل وهو في بطن أمه، ثم سقط ميتًا فإن فيه الغرة، والغرة: عبدٌ، أو أمةٌ، وهي عُشر دية أمه، أي: خمس من الإبل؛ لأن دية الرجل مائة من الإبل، ودية المرأة على النصف منها، فهي خمسون، وعُشر دية الخمسين خمس.
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:((قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا)).
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. ح، وَحَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بَنِ عَبَدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: ((اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ، أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا، وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا
شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ؛ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ)).
قوله: ((فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ))، أي: يُهدر.
والعاقلة هم: العُصبة إلا الأبناء والآباء، وقال بعض العلماء: إن الأبناء والآباء يدخلون في العصبة، وهو الصواب
(1)
، فالعصبة: الآباء، والأبناء، والأجداد، والأخوة الأشقاء، والأخوة لأب، والأعمام الأشقاء، والأعمام لأب، وأبناء العم الأشقاء، أما الأخوة من الأم، وكذلك العم من الأم، والأخ من الأم، والأخوال والخالات، وأبناء الأخوال والخالات فلا يدخلون في العصبة.
وفي هذ الحديث: أن هاتين المرأتين اقتتلتا، وهما ضرتان، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بالدية، ولم يحكم بالقصاص؛ لأن هذا قتل شبه عمد، وهو: أن يُقصد الفعل، ولا يُقصد القتل، كأن يريد أن يرميه مثلًا، أو يضربه بعصا، لكن لا يريد أن يقتله.
فقضى النبي صلى الله عليه وسلم للجنين بالغرة، وقضى بدية المقتولة على عاقلتها، وجعل ميراثها لما ماتت لبنيها وزوجها.
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (4/ 38)، الشرح الكبير، للدردير (2/ 523)، أسنى المطالب، لزكريا الانصاري (3/ 10)، روضة الطالبين، للنووي (9/ 350)، المغني، لابن قدامة (3/ 448).
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:((اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ))، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ:((وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا، وَمَنْ مَعَهُمْ))، وَقَالَ:((فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ نَعْقِلُ؟ )) وَلَمْ يُسَمِّ حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ.
[1682]
حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:((ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ، وَهِيَ حُبْلَى، فَقَتَلَتْهَا- قَالَ: وَإِحْدَاهُمَا لِحْيَانِيَّةٌ- قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ، وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ: أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟ ! قَالَ: وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:((أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ، فَأُتِيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى عَلَى عَاقِلَتِهَا بِالدِّيَةِ، وَكَانَتْ حَامِلًا، فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، فَقَالَ بَعْضُ عَصَبَتِهَا: أَنَدِي مَنْ لَا طَعِمَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ؟ ! وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ، قَالَ: فَقَالَ: سَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ)).
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَمُفَضَّلٍ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِمُ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِ:((فَأَسْقَطَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ، وَجَعَلَهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ))، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ: دِيَةَ الْمَرْأَةِ.
في هذه الرواية: أنها قتلتها بعمود الخيمة، وفي الروايات السابقة: أنها قتلتها بحجر، فيحتمل أنهما قصتان، أو أنها رمتها بالحجر، ثم ضربتها بالعمود.
[1683]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ- قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخران: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: ((اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ، فَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلمَةَ)).
[خ: 6905]
قوله: ((اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ))، يعني: في إسقاط جنينها إذا جُني عليها، وفي رواية أخرى للبخاري عن المغيرة قال: سأل عمر بن الخطاب في إملاص المرأة، وهي التي تضرب بطنها فتلقي جنينها فقال: أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا؟
(1)
.
قوله: ((فَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ))، فسر الغرة بـ ((عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ))، وهي خمس من الإبل، عشر دية أمه؛ لأن دية المرأة خمسون من الإبل على نصف دية الرجل، والأصل في الغرة البياض في وجه الفرس.
قوله: ((فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلمَةَ))، هذا من باب التثبت، وإلا فإن عمر يقبل شهادة الواحد كما ثبت عنه في المسائل، ((فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلمَةَ)).
(1)
أخرجه البخاري (7317).