الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ
[1888]
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: ((رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ)).
[خ: 2786]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ)).
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فَقَالَ:((وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ))، وَلَمْ يَقُلْ:((ثُمَّ رَجُلٌ)).
هذا الحديث فيه: أن أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه، وهذه هي التجارة الرابحة، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} وهو في أعلى المنازل، ثم ((مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ))، قال العلماء: إنما يكون هذا في أوقات الفتن والحروب، وانتزاع الخير من المدن والقرى، إذا لم يكن فيها جمعة ولا جماعات، ولا وعظ فيها ولا إرشاد، فمن خاف على نفسه أن يفتن
في دينه فإن له أن ينتقل من المدن والقرى إلى البرية، يعبد الله في شعب من الشعاب، ويتخذ غنمًا، وهذا مثل الحديث الآخر الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:((يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ))
(1)
.
ثم إن من يخالط الناس، ويصبر على آذاهم، أفضل ممن لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم، كما ورد في الحديث
(2)
، وهذا هو طريق الأنبياء، يخالطون الناس، ويصبرون على آذاهم، ويدعون إلى الله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويعظون الناس ويرشدونهم.
(1)
أخرجه البخاري (19).
(2)
أخرجه أحمد (5022)، والترمذي (2507)، وابن ماجه (4032).
[1889]
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَعْجَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ: رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً، أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ، يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ، فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ)).
وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَيَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ- كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ، وَقَالَ:((فِي شِعْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ)) خِلَافَ رِوَايَةِ يَحْيَى.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ بَعْجَةَ، وَقَالَ:((فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ)).
قوله: ((مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ))، يعني: عيشهم وحياتهم.
وقوله: ((يَطِيرُ))، أي: يسارع.
وقوله: ((عَلَى مَتْنِهِ))، أي: على ظهره.
وقوله: ((هَيْعَةً))، أي: صوت حضور العدو.
وقوله: ((أَوْ فَزْعَةً)) الفزعة: النهوض إلى العدو.
وقوله ((يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ))، أي: يطلب الموت في مواطنه التي يرجى فيها؛ لشدة رغبته في الشهادة.
قوله: ((فِي غُنَيْمَةٍ)) بضم الغين مصغرًا، تصغير غنم، أي: قطعة فيها.
وقوله: ((فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ)) الشعفة- بفتح الشين والعين-: أعلى الجبل.
هذا الحديث فيه: أن هذا الرجل الذي يمسك عنان فرسه، كلما سمع صوت الداعي للجهاد طار على ظهر فرسه، وسارع إلى الجهاد؛ يبتغي بذلك الشهادة.
ومن المسارعة للجهاد في سبيل الله: إعداد العدة، وهذا يختلف باختلاف الأزمنة، ففي أوقات يكون بالخيل، وفي أوقات أخرى يكون بالسلاح، مثل الأسلحة المتطورة الحديثة، ويكون عنده استعداد وإلمام وتمرين، حتى إذا ما دعا داعي الجهاد سارع.
وأما الرجل الثاني فهو رجل في قطعة غنم في شعف الجبال يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه، ويدع الناس من شره، وهذا في أوقات الفتن كما سبق.
وفيه: فضيلة الجهاد والرباط والحرص على الشهادة.