الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَطْعِ السَّارِقِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ
[1688]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ! ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)).
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ رُمْحٍ: ((إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)).
[خ: 3475]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى- وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ- قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ! ))، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَإِنِّي- وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي
سَرَقَتْ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا)).
قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا، فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَيُونُسَ.
[1689]
وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))، فَقُطِعَتْ.
في هذه الأحاديث: أن امرأة مخزومية قرشية شريفة سرقت، فأهمَّ الناسَ شأنُها، فقالوا:((مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ))، أي: من يشفع لها عند النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ((وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ))، أي: لا يجترئ على ذلك إلا أسامة بن زيد رضي الله عنه؛ فهو ((حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)، فشفع أسامة رضي الله عنه لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم عليه من ذلك، وقال:((أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ))، وفي اللفظ الآخر: أنه جعل يكرر ذلك، حتى قال أسامة رضي الله عنه:((اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ))
(1)
.
وفيها: تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت الحاكمَ الشرعيَّ، أما قبل أن تبلغ الحاكمَ فلا بأس بالشفاعة، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:((تَعَافَوُا الْحُدُودَ قَبْلَ أَنْ تَأْتُونِي بِهِ، فَمَا أَتَانِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ))
(2)
، يعني: إذا اتفق أهل الحي على تأديب السارق- مثلًا- أو تعزيره، بأن يضربوه ويوبخوه، ويأخذوا عليه
(1)
أخرجه البخاري (4304).
(2)
أخرجه أبو داود (4376)، والنسائي (4885).
تعهدًا بألَّا يعود إلى فعله مرة أخرى جاز لهم ذلك، بشرط ألَّا يكون من أصحاب السوابق.
وأما ما كان دون الحدود فلا بأس أن يُشفع فيه عند الحاكم.
وفيها: أن الغضب يكون لله عز وجل إذا انتُهكت محارمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم غضب من أجل ذلك وتلوَّن وجهه.
وفيها: أن هلاك بني إسرائيل إنما كان بسبب إقامة الحدود على الضعيف، وعدم إقامتها على الشريف، وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تفعل مثل فعلهم، فتهلك كما هلكوا.
وفيها: مشروعية الخطبة عند حصول أمر مهم.
وفيها: مشروعية قول الخطيب: أما بعد.
وفيها: أن في إقامة الحدود صلاحًا وخيرًا للأمة، ومن ذلك: أن هذه المرأة حسنت توبتها لما أقيم عليها الحد، ثم تزوجت، فكانت تأتي بعد ذلك إلى عائشة رضي الله عنها، فترفع حاجتها للنبي صلى الله عليه وسلم، فيقضي حاجتها.