الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[171] باب هل زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمقبرة ليلاً خاص به
؟
سؤال: هل زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المقبرة ليلاً خاص به عليه الصلاة والسلام؟
الشيخ: لا ليس خاصاً به.
"الهدى والنور"(2/ 56: 10: 00)
[172] باب الرد على القول بتحريم زيارة النساء للقبور
سؤال: حديث: «لعن الله زائرات القبور» هو هذا الحديث شيخنا له طريقان: طريق عن أبي هريرة وعن ابن عباس فيهما ضعف، بعض أهل العلم نزع منزعاً في مبنى الكلام، مبنى الحديث إلى تصحيحه، بحديث:«لعن الله زوارات القبور» .
الشيخ: كيف ذلك؟
مداخلة: أقرأ لك ما قال؟
الشيخ: تفضل.
مداخلة: يقول: مع أن رواية: «لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوارات القبور» هي بمعنى زائرات؛ لأن زوارات بضم الزاي المعجمة زُوارات كما قاله الجلال المحلي في شرح المنهاج والسيوطي، وأقره السندي والمناوي وصاحب «تنقيح الرواة شرح المشكاة» ، قال هؤلاء: المشهور على الألسنة ضم الزاي من زُوارات، جمع زوار، جمع زائرة سماعاً، وزائر قياساً، وقيل: زُوارات للمبالغة، فلا يقتضي وقوع اللعن على وقوع الزيارة إلا نادراً.
ونوزع بأنه إنما قابل المقابلة بجميع القبور، ومن ثم جاء في رواية أبي داود زائرات بلا مبالغة، فعلى هذا الضبط فهي بمعنى: زائرات، لا للمبالغة كما ظنه كثير
من طلبة العلم، فصيغة المبالغة بفتح الزاي لا بضمها، كما أن الصيغة الدالة على النسب بالفتح كقوله عز وجل:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (فصلت: 46)، وذلك معلوم عند أهل التصريف، قال ابن مالك في ألفيته:
فعال فعال أو مفعال أو فعول بكسرة عن فاعل بديل
وقال في النسب:
ومع فاعل وفعال فعل في نسب أغنى عن الياء فقبل.
فيقول معنى زوارات القبور ذوات زيارة القبور على أن الصيغة للنسب، فاتفقت الروايتان على منع النساء من زيارة القبور مطلقاً .. إلى آخره.
الشيخ: الجواب الذي يبدو لي من ناحيتين:
الأولى: قوله المشهور على الألسنة ليس يعني المشهور والصحيح في الرواية، ولذلك فالذي ينبغي هنا هو التثبت من رواية الحديث عن أهل الحديث، هل هو (زَوارات) أم هو (زُوارات) كونه المشهور على الألسنة (زُوارات) هذا ليس حجة، وفي ظني لو كانت الرواية (زُوارات) لما قال مشهورة على الألسنة، وكلمة المشهور على الألسنة مقتبسة من مثل كتاب «المقاصد الحسنة في بيان ما اشتهر على الألسنة» ، هذا الاشتهار على الألسنة ليس له قيمة علمية يبنى عليها حكم شرعي. هذا الجواب رقم (واحد) فيما بدا لي.
الثانية: هب أنه ثبت أن كل من الروايتين (زائرات) و (زُوارات) و (زَوارات) بمعنى واحد، بمعنى الرواية المشهورة تماماً، ونحن نعني ما نقول.
الرواية المشهورة (زَائرات) لكنها ضعيفة السند، هب أن الروايات كلها تلتقي
بعد التمحيص والتحقيق على أنها بمعنى زائرات القبور، حينئذ نقول: هذا النص بلا شك يكون نصاً محرماً لزيارة النساء للقبور، والقاعدة التي نحن نركن إليها في كثير من مثل هذا التعارض ودفعه، هو أنه إذا تعارض حاظر ومبيح، قدم الحاضر على المبيح، لكن هنا يوجد ما يمنع من تطبيق هذا القاعدة ويحملنا على قلبها رأساً على عقب، لنقول أن هذا النهي أو هذا التحريم على النساء لزيارة القبور هو أخو التحريم العام الذي كان في أول الإسلام، نهاهم عن زيارة القبور، ثم رخص لهم بها، فقال:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها» .
وسمعتم ولا شك منا مراراً أننا نقول للذين يحتجون بهذا الحديث لتحريم زيارة القبور للنساء، نحن نقول: قوله عليه السلام: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور» لا شك ولا ريب أن الخطاب موجه في هذا الحديث للجنسين الذكر والأنثى، لا يستطيع أحد أبداً أن يقول: كنت نهيتكم معشر الرجال عن زيارة القبور، هذا أمر بائن ظاهر خطؤه.
إذا الأمر كذلك وهو من المسلمات التي لا تقبل الجدل أبداً، ننتقل إلى الخطوة الثانية:«ألا فزوروها» المخاطب هو عين المخاطب هناك في النهي.
كنت نهيتكم معشر الرجال والنساء عن زيارة القبور، ألا فزوروها معشر الرجال والنساء.
إذاً: لعن الله زائرات القبور مقترن مع النهي العام، فهذا جزء من أجزاء
النهي العام.
هذا الجواب رقم واحد.
والجواب رقم اثنين: الحديث الذي نستشهد به على خلاف ما يذهبون إليه
من قصة السيدة عائشة في نوبة الرسول عليه السلام في البيات عندها، وأن الرسول عليه السلام كان نائماً بجانبها، فانسل من فراشها انسلالاً، وفتح الباب برفق، وخرج، فهي كامرأة غيرة وبشر، حدثتها نفسها أين سيذهب في هذا الليل، فهو يمشي عليه السلام وهي تمشي خلفه، حتى وصل إلى البقيع، وهناك وقف الرسول عليه السلام يدعو لأهل البقيع، ثم أدبر، قالت: فأدبرت، وأسرع فأسرعت، حتى دخلت الحجرة وامتدت على فراشها، وسرعان ما دخل خلفها الرسول عليه السلام كأنه رأى خيالاً أمامه في الطريق، فوجدها تتنهد، الإنسان لما يركض ركضة غير طبيعية لا بد ما يحتاج يعوض الهواء
…
هنا اهتبلتها فرصة، فقالت: يا رسول الله! إذا أنا زرت القبور، ماذا أقول؟ قال: «قولي: السلام عليكم دار قوم مؤمنين
…
» إلى آخر الدعاء المعروف.
فأنا ألاحظ أن هذه الحادثة كانت حتماً في المدينة المنورة، والنهي عن زيارة القبور لا يعقل أن يتأخر إلى وقت المدينة المنورة، وإنما هذا يكون في أول الإسلام من باب سد الذريعة، نهاهم عن زيارة القبور، كما تعلمون؛ لأن القبور وزيارتها كانت سبباً لوقوع قوم نوح وأمثالهم في عبادة غير الله عز وجل من المقبورين.
ففي هذا النظر السليم نقول أن قوله عليه السلام: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور» كان في العهد المكي، فقد يستمر هذا النهي ما شاء الله من سنين، لكن ليس معقولاً أن يستمر إلى ما بعد إذن الرسول للسيدة عائشة أن تزور القبور.