المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب التوحيد وما يضاده من الشرك

- ‌جماع أبواب الكلام على التوحيد: تعريفه، وأقسامه، وأهمية الدعوة إليه، وبيان لوازم ومقتضيات النطق بالشهادتين والكلام على الشرك: تعريفه، وأنواعه، وخطورة الوقوع فيه

- ‌[74] باب أهمية إعطاء الدعوة إلى التوحيدوالعقيدة الصحيحة الأولوية عند الدعاة

- ‌[75] باب منه

- ‌[76] باب نصيحة الشيخ لبعضالداعيات أن تجعل التوحيد أولى أولوياتها

- ‌[77] باب أصل دعوة الأنبياءوالرسل هو دعوة التوحيد وبيان أقسام التوحيد وما يضادة

- ‌[78] باب فضل التوحيد وأنه ينجي من الخلود في النار

- ‌[79] باب الموحد لا يخلد في النار

- ‌[80] باب الذنبوإن عظُم لم يكن موجباً للنار متى ما صحت العقيدة

- ‌[81] باب أهمية التوحيدوبيان أنه لا تنفع الأعمال الصالحة بدونه

- ‌[82] باب لا يُحدث العامة بأحاديثقد يساء فهمها في فضل التوحيد

- ‌[83] باب منه

- ‌[84] باب أقسام التوحيد والشرك

- ‌[85] باب بيان أقسام التوحيد والشرك

- ‌[86] باب أقسام التوحيد والشرك والكفر

- ‌[87] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[88] باب الدفاع عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وبيان التوحيد الذي دعى إليه، مع التنبيه على أقسام التوحيد وخطر الشرك

- ‌[89] باب كان الناس على التوحيد ثم طرأ عليهم الشرك

- ‌[90] باب الرد على من يقول أن الدعوة إلى التوحيد تفرق الصف

- ‌[91] باب إخلاص العبودية لله

- ‌[92] باب توحيد الاتباع

- ‌[93] باب منه

- ‌[94] باب معنى الشهادتين

- ‌[95] باب بيان مقتضيات الشهادتين

- ‌[96] باب معنى شهادة أن لا إله إلا الله وبيان مقتضياتها

- ‌[97] باب لوازم الشهادة لله بالوحدانية

- ‌[98] باب تلقين المحتضر شهادة التوحيد

- ‌[99] باب معنى شهادة أن محمدًا عبد الله ورسوله وبيان مقتضياتها

- ‌[100] باب لوازم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[101] باب هل هناك فرق بين تفسير لا إله إلا الله، بلا معبود إلا الله أو بلا معبود بحق "في الوجود" إلا الله

- ‌[102] باب هل قيد «في الوجود» في قولنا: لا معبود بحق في الوجود إلا الله؛ مهم

- ‌[103] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»

- ‌[104] باب هل نسخت الأحاديث الواردةفيمن قال لا إله إلا الله وأنه يدخل الجنة

- ‌[105] باب هل هناك ممن يقول: «لا إله الله» من يدخل النار أولا

- ‌[106] باب محمد عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد

- ‌[107] باب السلامة من الشرك أهم ما في العقيدة

- ‌[108] باب التحذير من الشرك وبيان أنه أكبر الكبائر

- ‌[109] باب بيان خطر الشرك

- ‌[110] باب عظم خطر الكفر والشرك

- ‌[111] باب بيان خطورة الشرك بالله، وأثر ذلك على العبادات كالحج

- ‌[112] باب الشرك هو الكفر

- ‌[113] باب كل كفر شرك

- ‌[114] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[115] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[116] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر أو الشرك

- ‌[117] باب أركان نفي الشرك بالله

- ‌[118] باب تعريف المشرك

- ‌[119] باب ضوابط التفرقة بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌[120] باب شرك الطاعة

- ‌[121] باب أول من عبد الأصنام وغيَّر دين إسماعيل عليه السلام

- ‌[122] باب ردّ شبهةٍ لمن جوَّز صناعة التماثيل

- ‌[123] باب الترهيب من الرياء

- ‌[124] باب الاستكبار عن عبادته تعالى ودعائه يوجب غضبه تعالى، والرد على من ادعى أن دعاء الله سوء أدب مع الله

- ‌[125] باب سؤال الله، والرد على من حرَّمه

- ‌[126] باب جواز إطلاق لفظ المشرك على أهل الكتاب

- ‌[127] باب هل الكتابيات مشركات

- ‌(توحيد الربوبية)

- ‌[128] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[129] باب ذكر أخذ الميثاقمن ذرية بني آدم وهل كان على الحقيقة

- ‌[130] باب منه

- ‌[131] باب منه

- ‌[132] باب حُكْم من لم يوف بالميثاق [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[133] باب ضلالة عقيدة الأقطاب والأوتاد

- ‌[134] باب جواب من خلق الله

- ‌[135] باب ذكر بعض أهل الضلال ممن تلبس بشرك الربوبية

- ‌جامع أحكام القبور

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم اتخاذ القبور مساجد، وحكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وما يتصل بذلك من مسائل

- ‌[136] باب أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌[138] باب حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌[139] باب حكمة تحريم بناء المساجد على القبور

- ‌[140] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي

- ‌[142] باب بناء المساجد على القبور مفضاة للشرك

- ‌[143] باب حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[144] باب هل الصلاة في المساجد التي فيها قبور باطلة

- ‌[145] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور الأنبياء

- ‌[146] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور

- ‌[147] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد، وهل يلزم من ذلك حرمة الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[148] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد

- ‌[149] باب حكم اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها

- ‌[150] باب من هو قائل عبارة"يُحذِّر ما صنعوا" في حديث اتخاذ القبور مساجد

- ‌[151] باب هل عمَّى الصحابة موضِعَ قبر النبي دانيالحتى لا يُتَّخَذ على قبره مسجداً

- ‌[152] باب مدى صحة تخصيص حرمة الصلاة في المساجد التي فيها قبور فيما إذا كان المصلي يستقبل القبر، وحكم الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[153] باب هل تجوز صلاة الجنازة في مسجد فيه قبر

- ‌[154] باب منه

- ‌[155] باب حكم صلاة الجنازة داخل المقبرة في مكان مخصص للصلاة ليس فيه قبور

- ‌[156] باب هل تجوزالصلاة في مسجد فيه قبر لمن لم يجد مسجدًا غيره

- ‌[157] باب منه

- ‌[158] باب حكم الصلاة في مسجد نُبِشَ القبر الذي فيه

- ‌[159] باب إذا وجدالقبر في المسجد فهل يزال القبر أم المسجد

- ‌[160] باب حكم الصلاة في غرفة مضافة إلى المسجد فيها قبر

- ‌[161] باب حكم الصلاة في مسجد فيه قبر في ساحته الخارجية

- ‌[162] باب حكم الصلاة في المسجد المبني بجوار المقبرة

- ‌[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدًا لذريعة الشركومناقشة من خالف ذلك

- ‌[164] باب شبهات وجوابها حول حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم زيارة القبوروما يشرع عند القبور وما لا يشرعوالمسائل التي تتصل بذلك

- ‌[165] باب أئمة دعوة التوحيديجيزون زيارة القبور زيارة شرعية

- ‌[166] باب ذكر جملة من أحكام زيارة القبوروتحقيق القول في حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[167] باب ما يحرم عند القبور

- ‌[168] باب بدع زيارة القبور

- ‌[169] باب حد الزيارة الشرعية للقبور، وكيفية السلام على الموتى

- ‌[170] باب هل يصح شيء في النهيعن زيارة القبور ليلاً للرجال

- ‌[171] باب هل زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمقبرة ليلاً خاص به

- ‌[172] باب الرد على القول بتحريم زيارة النساء للقبور

- ‌[173] باب حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[174] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله زوارات القبور»

- ‌[175] باب هل يجوز زيارة النساء للقبور للاتعاظ

- ‌[176] حكم تخصيص زيارة الأحياء للأموات، أو للأحياء يوم العيد

- ‌[177] باب حكم زيارة القبور يوم العيد

- ‌[178] باب حكم تخصيص زيارة القبور في العيد

- ‌[179] باب هل هناك دليل نقلىعلى عدم جواز تخصيص العيد بزيارة القبور

- ‌[180] باب هل ما يقع فيه القبوريون يُعَد من الكفر العملي

- ‌[181] باب حرمة استقبال القبر بالصلاة

- ‌[182] باب التمسح بالقبور من الشرك

- ‌[183] باب هل في حديث: «الله الله تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا» دليل على جواز التمسح بالقبور

- ‌[184] باب حكم قراءة القرآن عند القبور

- ‌[185] باب حكم القراءة على القبر

- ‌[186] باب حكم زراعة أشجار على القبور

- ‌[187] باب لا حج إلا لبيت الله الحرامأما الحج إلى القبور فمن الشرك

- ‌[188] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[189] باب الطواف حول القبور وثنية لا يرضاها الإسلام

- ‌[190] باب لا تستقبل القبور حين الدعاء

- ‌[191] باب حكم قصد القبر للدعاء عنده تبركاً

- ‌[192] باب منه

- ‌[193] باب حكم استقبال القبور بالدعاء

- ‌[194] باب هل يشرع تقصد القبر بالسلام والدعاء

- ‌[195] باب وضع المال عند القبر غير مشروع

- ‌[196] باب هل يجوز تعليم القبر وزيارته بعينه

- ‌[197] باب حكم البناء على القبر للضرورة والكتابة عليه

- ‌[198] باب حكم إحياء قبور الصحابة والعناية بها

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم شد الرحال للقبور والمواطن الفاضلةوحكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين وتَقَصُّدَها

- ‌[199] باب بدعية تتبع آثار الأنبياء والصالحين

- ‌[200] باب حكم تتبع آثار الأنبياء

- ‌[201] باب تَقَصًد آثار الأنبياء للصلاة عندها وسيلة للشرك

- ‌[202] باب من وسائل الشرك: تتبع آثار الأنبياء والصاحين

- ‌[203] باب هل شد الرحال يحرم لغيرالمساجد الثلاثة من المساجد فقط أم أن ذلك عام

- ‌[204] باب حديث: «لا تشد الرِّحال» يشمل المواطن الفاضلة

- ‌[205] باب بدعية شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين

- ‌[206] باب ما هو الحكم الشرعي في شد الرحال إلى القبور

- ‌[207] باب حكم شد الرحال إلى القبوروإلى المواطن الفاضلة

- ‌[208] باب بدعية قصد المساجد التي بمكة غير المسجد الحرام

- ‌[209] باب بدعية قصد الجبال والبقاع التي حول مكة

- ‌[210] باب بدعية قصد الصلاة في مسجد عائشة

- ‌[211] باب بدعية قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة غير المسجد النبوي ومسجد قباء

- ‌[212] باب لا يجوز شد الرحل إلى مسجد قباء مع فضيلته

- ‌[213] باب بدعية الصلاة عند قبر إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌[214] باب فتوى الشيخ في النُصُب المزعوم للخضرالذي كان موجوداً في جزيرة فيلكا وعلى دعوى المبتدعةوعَبدَةِ القبور في حياة الخضر

- ‌جماع أبواب الكلامحول مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[215] باب تحرير القول في مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع سرد جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الباب

- ‌[216] باب جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمدون شد الرحل إليه بقصد الزيارة

- ‌[217] باب بدع زيارة القبر النبوي

- ‌[218] باب من صور الغلو في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[219] باب منه

- ‌[220] باب منه

- ‌[221] باب بيان بطلان ما ينسبإلى أسامة بن زيد من صلاته عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[222] باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمحكمها حكم زيارة باقي القبور

- ‌[223] باب هل تشرع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[224] باب الانتصار لشيخ الإسلامفي قوله بحرمة شد الرحال بقصد زيارة قبر النبي

- ‌[225] باب رد بعض شبهاتالمجيزين لشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[226] باب هل تجوز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد كل صلاة

- ‌[227] باب الفرق بين السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلممن المدينة المنورة ومن خارجها

الفصل: ‌[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي

اللائق بباب سد الذرائع لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

«

فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه

) الحديث (1).

"تحذير الساجد"(ص121 - 132)

[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي

[قال الإمام]:

ثم اعلم أن الحكم السابق يشمل كل المساجد كبيرها وصغيرها قديمها وحديثها لعموم الأدلة (2)،

فلا يستثنى من ذلك مسجد فيه قبر إلا المسجد النبوي

(1) متفق عليه من حديث النعمان بن بشير وهو مخرج في «تخريج الحلال» (20). [منه].

(2)

قال الشوكاني في «شرح الصدور في تحريم رفع القبور» بعد أن ذكر حديث جابر المتقدم بلفظ: «نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه» (ص 70) من «المجموعة المنيرية» :

«وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وهو يصدق على من بنى على جوانب حفرة القبر كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتى ذراعاً فما فوقه، لأنه لا يمكن أن يجعل نفس القبر مسجداً، فذلك مما دل على أن المراد بعض ما يقربه مما يتصل به. ويصدق على من بنى قريباً من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة على وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها، فإن هذا بناء على القبر كما لا يخفى ذلك على من له أدنى فهم كما يقال: بنى السلطان على مدينة كذا أو قرية كذا سوراً، وكما يُقال بنى فلان في المكان الفلاني مسجداً، مع أن سمك البناء لم يباشر إلا جوانب المدنية أو القرية أو المكان ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة من الوسط كما في المدينة والقرية الكبيرة والمكان الواسع، ومن زعم أن في لغة العرب ما يمنع من هذا الإطلاق فهو لا يعرف لغة العرب، ولا يفهم لسانها، ولا يدري بما استعمل في كلامها» . [منه].

ص: 252

الشريف لأن له فضيلة خاصة لا توجد في شيءٍ من المساجد على القبور (1)، وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

«صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد

(1) وبهذه المناسبة أقول: إن من أعجب ما رأينا من الأخبار الواهية، والأوهام المضلة، ما نقله العلامة ابن عابدين في الحاشية (1/ 41) عن كتاب «أخبار الدول» بالسند إلى سفيان الثوري «أن الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة»

قلت: هو باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا عن سفيان الثوري، فقد أخرجه أبو الحسن الربعي في «فضائل الشام ودمشق» (ص 35 - 37) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/ 12) عن أحمد بن أنس بن مالك أنبأ حبيب المؤذن أنبأ أبو زياد الشعباني وأبو أمية الشعباني قالا:

«كنا بمكة فإذا رجل في ظل الكعبة، وإذا هو سفيان الثوري فقال رجل: يا أبا عبد الله ما تقول في الصلاة في هذا البلد؟ قال: بمائة ألف صلاة قال: ففي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بخمسين ألف صلاة قال ففي بيت المقدس؟ قال بأربعين ألف صلاة قال ففي مسجد دمشق؟ قال: بثلاثين ألف.»

قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول أبو زياد الشبعاني الظاهر أنه خيار بن سلمة أبو زياد الشامي وقرينه أبو أمية الشعباني فهو يحمد بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم وهما مقبولان كما في «التقريب» لكن الراوي عنهما حبيب المؤذن مجهول أورده ابن عساكر في «تاريخه» ولم يزد في ترجمته على قوله فيه «كان يؤذن في مسجد سوق الأحد» والراوي عنه أحمد بن أنس لم أجد له ترجمة.

ومما يبطل هذا الأثر عن سفيان أنه أحد رواة حديث أبي هريرة الآتي أن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، فيبعد أن يقول بخلاف ما صح عنده عنه صلى الله عليه وسلم ومما يبطله أيضاً أن أكثر ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في فضل الصلاة في بيت المقدس أنها بألف صلاة رواه ابن ماجة (1/ 429 430) وأحمد (6/ 463) بسند جيد وهذا الأثر يقول: أنها بأربعين ألف صلاة!

ثم بدا لي أنه غير جيد السند فيه علة تقدح في صحته وإن كان لي سلف في تصحيحه وقد بينتها في «ضعيف أبي داود» (باب السرج في المساجد).

نعم قد صح أن الصلاة في بيت المقدس على الربع من الصلاة في المسجد النبوي رواه البيهقي فيه يبطل أثر الثوري من باب أولى كما لا يخفى. [منه].

ص: 253

الحرام [فإنه أفضل]» (1) ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا: «ما بين بيتي (2) ومنبري روضة من رياض الجنة» (3).

ولغير ذلك من الفضائل، فلو قيل بكراهة الصلاة فيه كان معنى ذلك تسويته مع غيره من المساجد، ورفع هذه الفضائل عنه، وهذا لا يجوز كما هو ظاهر وهذا المعنى استفدناه من كلام ابن تيمية السابق (ص 127 - 128) في بيان سبب إباحة صلاة ذوات الأسباب في الأوقات المنهي عنها، فكما أن الصلاة أبيحت في هذه الأوقات لأن في المنع منها تضييعاً لها بحيث لا يمكن استدراك فضلها لفوات وقتها، فكذلك يقال في الصلاة في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم.ثم وجدت ابن تيمية صرح بهذا فقال في كتابه «الجواب الباهر في زوار المقابر» (4) (ص 22/ 1 - 2):

(1) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة ومسلم وأحمد والزيادة له من حديث ابن عمر وله عنده طرق كثيرة وشواهد متعددة عن جماعة من الصحابة وقد ذكرت طرقه في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» . [منه].

(2)

هذا هو اللفظ الصحيح «بيتي» وأما اللفظ المشهور على الألسنة «قبري» فهو خطأ من بعض الرواة كما جزم به القرطبي وابن تيمية والعسقلاني وغيرهم ولذلك لم يخرج في شيءٍ من الصحاح، ووروده في بعض الروايات لا يصيره صحيحاً لأنه رواية بالمعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «القاعدة الجليلة» (ص 74) بعد أن ذكر الحديث:«هذا هو الثابت الصحيح، ولكن بعضهم رواه بالمعنى فقال «قبري» وهو صلى الله عليه وسلم حين قال هذا القول لم يكن قد قبر صلى الله عليه وسلم، ولهذا لم يحتج بهذا أحد من الصحابة، حينما تنازعوا في موضع دفنه ولو كان هذا عندهم لكان نصا في محل النزاع ولكن دفن في حجرة عائشة في الموضع الذي مات فيه. بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه».

(تنبيه): ومن أوهام العلماء أن النووي في «المجموع» عزا الحديث للشيخين بلفظ «قبري» ولا أصل له عندهما فاقتضى التنبيه. [منه].

(3)

رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن زيد المازني وهو حديث متواتر كما قال السيوطي، وقد ذكرت له في المصدر السابق سبعة طرق عنه صلى الله عليه وسلم. [منه].

(4)

مخطوط المكتبة الظاهرية، وهو كتاب نفيس جامع في بابه وفق الله له من يطبعه، ثم حقق الله الأمنية فطبع عن النسخة الظاهرية في المطبعة السلفية في القاهرة، عني بنشره العالمان الجليلان: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالحجاز بارك الله في عمره والشيخ محمد نصيف رحمه الله وجزاه عن السنة خيراً. [منه].

ص: 254

«والصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها مطلقاً بخلاف مسجده صلى الله عليه وآله وسلم فإن الصلاة فيه بألف صلاة، فإنه أسس على التقوى وكانت حرمته في حياته صلى الله عليه وآله وسلم، وحياة خلفائه الراشدين قبل دخول الحجرة فيه، وإنما أدخلت بعد انقراض عصر الصحابة» .ثم قال (67/ 169/2):

«وكان المسجد قبل دخول الحجرة فيه فاضلا وكان فضيلة المسجد بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بناه لنفسه، وللمؤمنين يصلي لله هو والمؤمنون إلى يوم القيامة، ففضل بنيانه له، فكيف وقد قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (1). وقال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» (2).

وهذه الفضيلة ثابتة له قبل أن يدخل فيه الحجرة، فلا يجوز أن يظن أنه صار بدخول الحجرة فيه أفضل مما كان، وهم لم يقصدوا دخول الحجرة فيه، وإنما قصدوا توسيعه بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت الحجرة فيه ضرورة مع كراهة من كره ذلك من السلف» (3).

ثم قال (55/ 1 - 2):

(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة خرجته في «الإرواء» (971). [منه].

(2)

متفق عليه من حديث أبي هريرة أيضا وهو مخرج في كتابي «أحكم الجنائز وبدعها» (ص 224 - 225). [منه].

(3)

انظر ما تقدم (في بداية الكتاب من الأمثلة على كراهة السلف لذلك). [منه].

ص: 255