الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرعي، من حيث الاصطلاح اللغوي في فرق بلا شك، لكن الشرع فتح بصائرنا وأفكارنا وأفهمنا لماذا كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من الكفر يكون مشركاً؛ لأنه شرَّك عقله مع ربه عزوجل فجعله شريك فيما يصدر منه من قرار ومن حكم.
إذا عرفنا هذا نعود إلى وصية ذلك الرجل: «غفر الله له» ، لماذا؟
هنا كان بيت القصيد من الاستدلال بالحديث؛ لأن الكفر لم يعقد في قلبه، إنما عرض له لشبهة طرأت له من هول تصوره لعذاب ربه له فيما إذا تمكن منه، فليتخلص من هذا العذاب الذي هو يستحقه أوصى بتلك الوصية الجائرة، فإذا أصابت مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله يؤمن بكتاب الله وبحديث رسول الله فتأول نصاً من كتاب الله، إن كان تأوله وهو يعلم أنه مبطل فهو كافر، أما إن كان شُبِّه له فلا مؤاخذة عليه.
وهذا هو نهاية الجواب عن ذلك السؤال.
"الهدى والنور"(724/ 55: 00: 00)
[117] باب أركان نفي الشرك بالله
[قال الإمام]:
إن نفي الشريك عن الله تعالى لا يتم إلا بنفي ثلاثة أنواع من الشرك:
الأول: الشرك في الربوبية وذلك بأن يعتقد أن مع الله خالقا آخر- سبحانه وتعالى كما هو اعتقاد المجوس القائلين بأن للشر خالقا غير الله سبحانه، وهذا النوع في هذه الأمة قليل والحمد لله وإن كان قريبا منه قول المعتزلة: إن الشر إنما هو من خلق الإنسان، وإلى ذلك الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«القدرية مجوس هذه الأمة
…
» الحديث، وهو مخرج في مصادر عدة عندي أشرت إليها في «صحيح الجامع الصغير وزيادته» رقم (4318).
الثاني: الشرك في الألوهية أو العبودية، وهو أن يعبد مع الله غيره من الأنبياء والصالحين، كالاستغاثة بهم، وندائهم عند الشدائد، ونحو ذلك، وهذا مع الأسف في هذه الأمة كثير، ويحمل وزره الأكبر أولئك المشايخ الذين يؤيدون هذا النوع من الشرك باسم التوسل «يسمونها بغير اسمها» .
الثالث: الشرك في الصفات، وذلك بأن يصف بعض خلقه تعالى ببعض الصفات الخاصة به عز وجل، كعلم الغيب مثلاً، وهذا النوع منتشر في كثير من الصوفية ومن تأثر بهم مثل قول بعضهم في مدحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم ومن هنا جاء ضلال بعض الدجالين، يزعمون أنهم يرون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليوم يقظة، ويسألونه عما خفي عليهم من بواطن نفوس من يخالطونهم، ويريدون تأميرهم في بعض شؤونهم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان ليعلم مثل ذلك في حال حياته {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} (الأعراف:188) فكيف يعلم ذلك بعد وفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى؟
هذه الأنواع الثلاثة من الشرك؛ من نفاها عن الله في توحيده إياه، فوحده
في ذاته، وفي عبادته، وفي صفاته، فهو الموحد الذي تشمله كل الفضائل
الخاصة بالموحدين.
ومن أخل بشيء منه، فهو الذي يتوجه إليه مثل قوله تعالى:{لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} (الزمر: 65).