الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات، فكيف يكون تاركها مجافياً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعرضاً عنه؟!
"الضعيفة"(1/ 119).
[219] باب منه
[روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم]:
«من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي» .
(موضوع).
[قال الإمام]:
واعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم وقد ساقها كلها السبكي في " الشفاء " وكلها واهية وبعضها أو هى من بعض، وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره، وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفاً [كتاب " الصارم المنكي"] بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره فليرجع إليه من شاء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة "(ص 57): "وأحاديث زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم كلها ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يروأهل الصحاح والسنن شيئا منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف كالدارقطني والبزار وغيرهما.
ثم ذكر هذا الحديث ثم قال: فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته وكان مؤمنا به كان من أصحابه، لاسيما إن كان من المهاجرين إليه المجاهدين معه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا تسبوا أصحابي
فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» خرجاه في الصحيحين، والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج والجهاد والصلوات الخمس، والصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين (يعني زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم) بل ولا شرع السفر إليه، بل هو منهي عنه، وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهو مستحب ".
(تنبيه): يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى، وعليهم، وكل من له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد» والمستثنى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا أو غير ذلك، بدليل ما رواه أبوهريرة قال (في حديث له): فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال: لوأدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد» الحديث أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في " أحكام الجنائز "(ص 226).
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما، فَهُم سلف ابن تيمية في هذه المسألة، فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم، ورحم الله من قال:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف.
"الضعيفة"(1/ 120، 123 - 125).