الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا اعتداء على الشارع الحكيم ويخشى على من يفعل ذلك أن يدخل في إنكار ربنا تبارك وتعالى على المشركين بقوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى: 21) فإذاً: لا يجوز زيارة القبور يوم العيد خاصةً.
"الهدى والنور"(319/ 47: 17: 00)
[178] باب حكم تخصيص زيارة القبور في العيد
سؤال: سمعنا أن زيارة الناس بعضهم بعضاً يوم العيد بدعة، فالرجاء بيان الحكم فما سبق مما يتعلق بزيارة الإخوان وما يقوم به الناس في الأعياد؟
الشيخ: نحن قلنا مراراً وتكراراً ولسنا الآن بحاجة إلى تفصيل ما تكرر، فنقول بإيجاز: زيارة الأحياء للأموات يوم العيد من محدثات الأمور؛ لأنه يعني تقييد ما أطلقه الشارع، الشارع الحكيم قال في الحديث الصحيح:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة» فقوله: ألا فزوروها. أمر عام لا يجوز تقييده بزمن أو بمكان خاص؛ لأن تقييد النص أو إطلاقه ليس من وظيفة الناس، وإنما هو من وظيفة رب العالمين الذي كلف رسوله الكريم فقال له:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: 44). فما كان من نص مطلق وهو مقيد بينه، وما كان من نص عام وهو مخصص خصصه، وما لا فلا.
فحينما قال: «ألا فزوروها» .مطلقاً في كل أيام السنة، لا فرق بين يوم
ويوم، ولا فرق بين زمن في يوم واحد: صباحاً، أو مساءً، أو ظهراً، أو نهاراً،
أو ليلاً
…
إلخ.
كذلك نقول: كما أن زيارة الأحياء للأموات يوم العيد [بدعة]، كذلك زيارة الأحياء للأحياء يوم العيد
…
كزيارة الأحياء للأموات.
الزيارة المشروعة يوم العيد هو ما ألغي مع الأسف الشديد بسبب تهافت الناس على إقامة صلاة العيد في المساجد التي يتفرقون فيها، والواجب عليهم جميعاً أن يجتمعوا في المصلى، المصلى هو خارج البلد، يتسع لكل أهل البلد، فهناك يلتقون، ويصلون صلاة العيد، ويتعارفون بطبيعة الحال، عطلت هذه السنة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم طيلة حياته.
وهنا ملاحظة مهمة جداً يجب أن ننتبه لها، فإننا نعلم جميعاً قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام» .
فمع أن الصلاة في مسجده بألف صلاة ما كان يصلي صلاة عيد الفطر وعيد الأضحى إلا خارج هذا المسجد، وهو في المصلى، لماذا؟ لأنه يريد، يجمع المسلمين في المدينة من كل مكان، من القرى التي حولها في مكان واحد تسع لهم جميعاً.
هذا المصليات مع الزمن، ومع ابتعاد الناس عن أولا: التعرف على سنة الرسول عليه السلام وابتعادهم عما بقي عندهم من العلم بسنة الرسول عليه السلام ابتعادهم عن تطبيقها، وعن العمل بها، قنعوا بأن يقيموا صلاة العيد في المساجد، كما يفعلون بصلاة الجمعة، والصلوات الخمس.
أما السنة فاستمر الرسول عليه السلام طيلة حياته لا يصلي صلاة العيد في المسجد ولو مرةً واحدة، وإنما دائماً يصليها في المصلى.
الآن منذ بضع سنين بدأ بعض المسلمين في مثل هذه البلاد يفيؤون إلى هذه السنة، سنة صلاة العيد في المصلى.
فلا بد أنكم تسمعون الآن بأن هناك مصليات عديدة يصلى فيها الناس بدل ما
يصلوا صلاة العيد في المساجد، ولكن بقى عليهم شيء واحد، ولعل هذه الظاهرة، التي أشرت إليها: من خروج الناس من المساجد في صلاة العيد إلى المصليات لعل هذه الظاهرة بشارة إلى أنه سيأتي يوم يجتمع المسلمون في مكان واحد في البلد الواحد في مصلى واحد، كما يفعل المسلمون من جميع أقطار الدنيا، يجتمعون في بلدة واحدة وهي مكة وما حولها من منى ومزدلفة وعرفة ونحو ذلك، ليس لهم بديل عنها، مع أنهم يعدون الملايين، وفيها كثر الناس في البلدة الواحدة فلن يعجزوا أبدا أن يجتمعوا في أرض في مصلى واحد، لعل خروجهم الآن من المساجد إلى المصليات هو بصيص خير إلا أنهم فيما بعد إن شاء الله حينما يفهمون حقيقة معنى قوله عليه السلام:«يد الله على الجماعة» (1)، وأنها هي الجماعة التي جمعهم الرسول عليه السلام بوسائله المشروعة، ومن تلك الوسائل: المصلى الواحد وليس المساجد بل ولا المصليات العديدة في البلدة الواحدة.
فإذن، الزيارة هذه أو تلك هي مخالفة للسنة.
الزيارة تكون مشروعة يوم العيد هو أن يفد الناس بجماهيرهم المتكاثرة إلى صلاة العيد في المصلى، ولا شك أن الناس هناك سيتزاورون وسيتعارفون أكثر من هذه الزيارة التقليدية، لأنه حينما يزور بعضهم بعضاً في العيد، في الغالب يزور بعض من يعرفون، لكن ما أبيحت لهم الزيارة في أثناء السنة، فخصصوا هذه الزيارة في يوم العيد بذلك وقلنا: زيارة الأحياء للأموات ليس من السنة في شيء، بل هو من البدع، وكذلك زيارة الأحياء للأحياء.
(1) صحيح الجامع (رقم1848).