المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدا لذريعة الشركومناقشة من خالف ذلك - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب التوحيد وما يضاده من الشرك

- ‌جماع أبواب الكلام على التوحيد: تعريفه، وأقسامه، وأهمية الدعوة إليه، وبيان لوازم ومقتضيات النطق بالشهادتين والكلام على الشرك: تعريفه، وأنواعه، وخطورة الوقوع فيه

- ‌[74] باب أهمية إعطاء الدعوة إلى التوحيدوالعقيدة الصحيحة الأولوية عند الدعاة

- ‌[75] باب منه

- ‌[76] باب نصيحة الشيخ لبعضالداعيات أن تجعل التوحيد أولى أولوياتها

- ‌[77] باب أصل دعوة الأنبياءوالرسل هو دعوة التوحيد وبيان أقسام التوحيد وما يضادة

- ‌[78] باب فضل التوحيد وأنه ينجي من الخلود في النار

- ‌[79] باب الموحد لا يخلد في النار

- ‌[80] باب الذنبوإن عظُم لم يكن موجباً للنار متى ما صحت العقيدة

- ‌[81] باب أهمية التوحيدوبيان أنه لا تنفع الأعمال الصالحة بدونه

- ‌[82] باب لا يُحدث العامة بأحاديثقد يساء فهمها في فضل التوحيد

- ‌[83] باب منه

- ‌[84] باب أقسام التوحيد والشرك

- ‌[85] باب بيان أقسام التوحيد والشرك

- ‌[86] باب أقسام التوحيد والشرك والكفر

- ‌[87] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[88] باب الدفاع عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وبيان التوحيد الذي دعى إليه، مع التنبيه على أقسام التوحيد وخطر الشرك

- ‌[89] باب كان الناس على التوحيد ثم طرأ عليهم الشرك

- ‌[90] باب الرد على من يقول أن الدعوة إلى التوحيد تفرق الصف

- ‌[91] باب إخلاص العبودية لله

- ‌[92] باب توحيد الاتباع

- ‌[93] باب منه

- ‌[94] باب معنى الشهادتين

- ‌[95] باب بيان مقتضيات الشهادتين

- ‌[96] باب معنى شهادة أن لا إله إلا الله وبيان مقتضياتها

- ‌[97] باب لوازم الشهادة لله بالوحدانية

- ‌[98] باب تلقين المحتضر شهادة التوحيد

- ‌[99] باب معنى شهادة أن محمدًا عبد الله ورسوله وبيان مقتضياتها

- ‌[100] باب لوازم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[101] باب هل هناك فرق بين تفسير لا إله إلا الله، بلا معبود إلا الله أو بلا معبود بحق "في الوجود" إلا الله

- ‌[102] باب هل قيد «في الوجود» في قولنا: لا معبود بحق في الوجود إلا الله؛ مهم

- ‌[103] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»

- ‌[104] باب هل نسخت الأحاديث الواردةفيمن قال لا إله إلا الله وأنه يدخل الجنة

- ‌[105] باب هل هناك ممن يقول: «لا إله الله» من يدخل النار أولا

- ‌[106] باب محمد عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد

- ‌[107] باب السلامة من الشرك أهم ما في العقيدة

- ‌[108] باب التحذير من الشرك وبيان أنه أكبر الكبائر

- ‌[109] باب بيان خطر الشرك

- ‌[110] باب عظم خطر الكفر والشرك

- ‌[111] باب بيان خطورة الشرك بالله، وأثر ذلك على العبادات كالحج

- ‌[112] باب الشرك هو الكفر

- ‌[113] باب كل كفر شرك

- ‌[114] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[115] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[116] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر أو الشرك

- ‌[117] باب أركان نفي الشرك بالله

- ‌[118] باب تعريف المشرك

- ‌[119] باب ضوابط التفرقة بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌[120] باب شرك الطاعة

- ‌[121] باب أول من عبد الأصنام وغيَّر دين إسماعيل عليه السلام

- ‌[122] باب ردّ شبهةٍ لمن جوَّز صناعة التماثيل

- ‌[123] باب الترهيب من الرياء

- ‌[124] باب الاستكبار عن عبادته تعالى ودعائه يوجب غضبه تعالى، والرد على من ادعى أن دعاء الله سوء أدب مع الله

- ‌[125] باب سؤال الله، والرد على من حرَّمه

- ‌[126] باب جواز إطلاق لفظ المشرك على أهل الكتاب

- ‌[127] باب هل الكتابيات مشركات

- ‌(توحيد الربوبية)

- ‌[128] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[129] باب ذكر أخذ الميثاقمن ذرية بني آدم وهل كان على الحقيقة

- ‌[130] باب منه

- ‌[131] باب منه

- ‌[132] باب حُكْم من لم يوف بالميثاق [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[133] باب ضلالة عقيدة الأقطاب والأوتاد

- ‌[134] باب جواب من خلق الله

- ‌[135] باب ذكر بعض أهل الضلال ممن تلبس بشرك الربوبية

- ‌جامع أحكام القبور

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم اتخاذ القبور مساجد، وحكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وما يتصل بذلك من مسائل

- ‌[136] باب أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌[138] باب حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌[139] باب حكمة تحريم بناء المساجد على القبور

- ‌[140] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي

- ‌[142] باب بناء المساجد على القبور مفضاة للشرك

- ‌[143] باب حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[144] باب هل الصلاة في المساجد التي فيها قبور باطلة

- ‌[145] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور الأنبياء

- ‌[146] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور

- ‌[147] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد، وهل يلزم من ذلك حرمة الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[148] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد

- ‌[149] باب حكم اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها

- ‌[150] باب من هو قائل عبارة"يُحذِّر ما صنعوا" في حديث اتخاذ القبور مساجد

- ‌[151] باب هل عمَّى الصحابة موضِعَ قبر النبي دانيالحتى لا يُتَّخَذ على قبره مسجداً

- ‌[152] باب مدى صحة تخصيص حرمة الصلاة في المساجد التي فيها قبور فيما إذا كان المصلي يستقبل القبر، وحكم الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[153] باب هل تجوز صلاة الجنازة في مسجد فيه قبر

- ‌[154] باب منه

- ‌[155] باب حكم صلاة الجنازة داخل المقبرة في مكان مخصص للصلاة ليس فيه قبور

- ‌[156] باب هل تجوزالصلاة في مسجد فيه قبر لمن لم يجد مسجدًا غيره

- ‌[157] باب منه

- ‌[158] باب حكم الصلاة في مسجد نُبِشَ القبر الذي فيه

- ‌[159] باب إذا وجدالقبر في المسجد فهل يزال القبر أم المسجد

- ‌[160] باب حكم الصلاة في غرفة مضافة إلى المسجد فيها قبر

- ‌[161] باب حكم الصلاة في مسجد فيه قبر في ساحته الخارجية

- ‌[162] باب حكم الصلاة في المسجد المبني بجوار المقبرة

- ‌[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدًا لذريعة الشركومناقشة من خالف ذلك

- ‌[164] باب شبهات وجوابها حول حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم زيارة القبوروما يشرع عند القبور وما لا يشرعوالمسائل التي تتصل بذلك

- ‌[165] باب أئمة دعوة التوحيديجيزون زيارة القبور زيارة شرعية

- ‌[166] باب ذكر جملة من أحكام زيارة القبوروتحقيق القول في حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[167] باب ما يحرم عند القبور

- ‌[168] باب بدع زيارة القبور

- ‌[169] باب حد الزيارة الشرعية للقبور، وكيفية السلام على الموتى

- ‌[170] باب هل يصح شيء في النهيعن زيارة القبور ليلاً للرجال

- ‌[171] باب هل زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمقبرة ليلاً خاص به

- ‌[172] باب الرد على القول بتحريم زيارة النساء للقبور

- ‌[173] باب حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[174] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله زوارات القبور»

- ‌[175] باب هل يجوز زيارة النساء للقبور للاتعاظ

- ‌[176] حكم تخصيص زيارة الأحياء للأموات، أو للأحياء يوم العيد

- ‌[177] باب حكم زيارة القبور يوم العيد

- ‌[178] باب حكم تخصيص زيارة القبور في العيد

- ‌[179] باب هل هناك دليل نقلىعلى عدم جواز تخصيص العيد بزيارة القبور

- ‌[180] باب هل ما يقع فيه القبوريون يُعَد من الكفر العملي

- ‌[181] باب حرمة استقبال القبر بالصلاة

- ‌[182] باب التمسح بالقبور من الشرك

- ‌[183] باب هل في حديث: «الله الله تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا» دليل على جواز التمسح بالقبور

- ‌[184] باب حكم قراءة القرآن عند القبور

- ‌[185] باب حكم القراءة على القبر

- ‌[186] باب حكم زراعة أشجار على القبور

- ‌[187] باب لا حج إلا لبيت الله الحرامأما الحج إلى القبور فمن الشرك

- ‌[188] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[189] باب الطواف حول القبور وثنية لا يرضاها الإسلام

- ‌[190] باب لا تستقبل القبور حين الدعاء

- ‌[191] باب حكم قصد القبر للدعاء عنده تبركاً

- ‌[192] باب منه

- ‌[193] باب حكم استقبال القبور بالدعاء

- ‌[194] باب هل يشرع تقصد القبر بالسلام والدعاء

- ‌[195] باب وضع المال عند القبر غير مشروع

- ‌[196] باب هل يجوز تعليم القبر وزيارته بعينه

- ‌[197] باب حكم البناء على القبر للضرورة والكتابة عليه

- ‌[198] باب حكم إحياء قبور الصحابة والعناية بها

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم شد الرحال للقبور والمواطن الفاضلةوحكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين وتَقَصُّدَها

- ‌[199] باب بدعية تتبع آثار الأنبياء والصالحين

- ‌[200] باب حكم تتبع آثار الأنبياء

- ‌[201] باب تَقَصًد آثار الأنبياء للصلاة عندها وسيلة للشرك

- ‌[202] باب من وسائل الشرك: تتبع آثار الأنبياء والصاحين

- ‌[203] باب هل شد الرحال يحرم لغيرالمساجد الثلاثة من المساجد فقط أم أن ذلك عام

- ‌[204] باب حديث: «لا تشد الرِّحال» يشمل المواطن الفاضلة

- ‌[205] باب بدعية شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين

- ‌[206] باب ما هو الحكم الشرعي في شد الرحال إلى القبور

- ‌[207] باب حكم شد الرحال إلى القبوروإلى المواطن الفاضلة

- ‌[208] باب بدعية قصد المساجد التي بمكة غير المسجد الحرام

- ‌[209] باب بدعية قصد الجبال والبقاع التي حول مكة

- ‌[210] باب بدعية قصد الصلاة في مسجد عائشة

- ‌[211] باب بدعية قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة غير المسجد النبوي ومسجد قباء

- ‌[212] باب لا يجوز شد الرحل إلى مسجد قباء مع فضيلته

- ‌[213] باب بدعية الصلاة عند قبر إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌[214] باب فتوى الشيخ في النُصُب المزعوم للخضرالذي كان موجوداً في جزيرة فيلكا وعلى دعوى المبتدعةوعَبدَةِ القبور في حياة الخضر

- ‌جماع أبواب الكلامحول مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[215] باب تحرير القول في مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع سرد جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الباب

- ‌[216] باب جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمدون شد الرحل إليه بقصد الزيارة

- ‌[217] باب بدع زيارة القبر النبوي

- ‌[218] باب من صور الغلو في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[219] باب منه

- ‌[220] باب منه

- ‌[221] باب بيان بطلان ما ينسبإلى أسامة بن زيد من صلاته عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[222] باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمحكمها حكم زيارة باقي القبور

- ‌[223] باب هل تشرع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[224] باب الانتصار لشيخ الإسلامفي قوله بحرمة شد الرحال بقصد زيارة قبر النبي

- ‌[225] باب رد بعض شبهاتالمجيزين لشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[226] باب هل تجوز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد كل صلاة

- ‌[227] باب الفرق بين السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلممن المدينة المنورة ومن خارجها

الفصل: ‌[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدا لذريعة الشركومناقشة من خالف ذلك

الشيخ: إلى أن يتمكنوا من بناء مسجد، هذا واجب عليهم.

السائل: نعم، لكن إن تعسر هذا الأمر من باب وجود الحرج عند البعض أو قلة الفهم الإسلامي؟

الشيخ: لا يتعسر عند الساكن من المسلمين، وليس المقصود أن يجتمع المسلمون جميعاً؛ لأن المسجد الذي لا إشكال فيه لا يجتمعون فيه جميعاً، ولا تكلَّف إلا نفسك.

السائل: لكن لو تعسر الاجتماع يصلي منفرداً ولا يصلي في المسجد.

الشيخ: نعم، لكن نحن لا نقنع، ما نصلي في المسجد، على أساس نصلي منفرداً، وإنما نعمل دعوة لمن يترجح عندنا أنه يتجاوب معنا ألا يصلي في هذا المسجد، ويصلي في دار أحد هؤلاء المسلمين الطيبين.

السائل: بارك الله فيك.

الشيخ: يعني ما ينبغي أن نقنع بتهريبه فقط من هذا المسجد، وإلا فهي [ذريعة] كل واحد (يصير) يصلي في البيت كسلاً، لأنه والله الصلاة في هذا المسجد لا تصح، وإنما على هؤلاء أن يسعوا وأن يَتَجَمَّعُوا في أي مكان، وبعد ذلك يصلح الله ما لا تعلمون.

" الهدى والنور"(9/ 25: 52: 00)

[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدًا لذريعة الشرك

ومناقشة من خالف ذلك

[قال الإمام]:

ولا تجوز الصلاة في

المقبرة، وهي الموضع الذي دفن فيه إنسان واحد

ص: 307

فأكثر لقوله عليه الصلاة والسلام:

» الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام»

وسواء في ذلك أكان القبر قبلته أو عن يمينه أو عن يساره أو خلفه، لكن استقباله بالصلاة أشد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

» لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقوله:

«إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد»

[ثم قال]:

ومن عجائب الفهم المصادم للقصد من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن لم نقل للنص منه- قول البيضاوي .. :

«وأما من اتخذ مسجداً بجوار صالح، أو صلى في مقبرة، وقصد به الاستظهار بروحه، أو وصول أثر من آثار عبادته إليه، لا التعظيم له، والتوجه نحوه، فلا حرج عليه» .

كذا قال ولا يخفى ما فيه من آثار الوثنية والضلال، والمعصوم من عصمه الله، ولذلك تعقبه العلماء؛ فقال المناوي بعد أن نقل كلامه هذا:

«لكن في خبر الشيخين كراهة بناء المسجد على القبور مطلقاً والمراد قبور المسلمين خشية أن يعبد فيها المقبور لقرينة خبر: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» .

وقد نص الإمام محمد تلميذ أبي حنيفة على كراهة اتخاذ المسجد عند القبر كما يأتي نصه في ذلك والتعبير بـ (عند) أعم من قوله: «فوق» أو «على» كما لا يخفى، فمن بنى مسجداً بجوار صالح فقد بنى عنده، وعليه فكلام محمد-رحمه

ص: 308

الله- رد على البيضاوي في رأيه هذا المبتدَع، ورد عليه الصنعاني أيضاً في «سبل السلام» فقال:

«قوله: لا التعظيم له. يقال: اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له، ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر، والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان الذين يعظمون الجمادات التي لا تنفع

ولا تضر، ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية» قال:

«ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر» .

والحديث الأول يفيد تحريم الصلاة في المقبرة على التفصيل المذكور لعموم الحديث، ولأن النهي أصله التحريم، وذهب بعضهم إلى بطلان الصلاة فيها وهو محتمل والله أعلم، وقد ذهب إلى هذا ابن حزم في «المحلى» ورواه عن أحمد أنه قال:

«من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبداً» ، ثم قال:

«وكره الصلاة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر: أبو حنيفة، والأوزاعي، وسفيان، ولم يرَ مالكٌ بذلك بأساً، واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء» قال ابن حزم:

«وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه، فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن ثم يستبيحون- بما ليس فيه منه أثر ولا إشارة- مخالفة السنن الثابتة» .قال:

«وكل هذه الآثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا إلا صلاة الجنازة، فإنها

ص: 309

تصلى في المقبرة، وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نحرم ما نهى عنه، ونَعُدُّ من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين».

وقال الشوكاني بعد أن حكى مذاهب العلماء في المسألة:

«وأحاديث النهي المتواترة كما قال ذلك الإمام «ابن حزم» لا تقصر عن الدلالة على التحريم الذي هو المعنى، الحقيقي له، وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون الحق التحريم والبطلان؛ لأن الفساد الذي يقتضيه النهي هو المرادف للبطلان من غير فرق بين الصلاة على القبر وبين المقابر، وكل ما صدق عليه لفظ المقبرة».

وقال شيخ الإسلام في «الاختيارات» :

«ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها، والنهي عن ذلك هو سد لذريعة الشرك، وذكر طائفة من أصحابنا أن المقبرة ثلاثة قبور فصاعداً، وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب، والمقبرة كل ما قبر فيه، لا أنه جمع قبر، وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه، فهذا يعين أن المنع يكون متناولاً لحرمة القبر المنفرد، وفنائه المضاف إليه، وذكر الآمدي وغيره أنه لا تجوز الصلاة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر، حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر، وذكر بعضهم هذا منصوص أحمد» .

وقد اختلفوا في علة النهي عن الصلاة في المقبرة فقيل: النجاسة، وقيل:

ص: 310

التشبه بأهل الكتاب وسداًّ لذريعة الشرك كما سبق في كلام شيخ الإسلام وغيره، وهو الظاهر من مجموع الأحاديث الواردة في هذا الباب، وقد مضى البعض، ويأتي بعضها، وعليه جرى علماؤنا المتأخرون من الحنفية فقال ابن عابدين في «حاشيته»:

«واختلف في علته (يعني: الكراهة) فقيل: لأن فيها عظام الموتى وصديدهم وهو نجس وفيه نظر، وقيل: لأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد وقيل: لأنه تشبه باليهود وعليه مشى في الحاشية»

وهذا القيل الأخير هو الذي اعتمده الطحطاوي في «حاشيته على مراقي الفلاح» ونص كلامه:

«قوله: وفي المقبرة بتثليث الباء؛ لأنه تشبه باليهود والنصارى قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم السلام، فلا تكره الصلاة فيها مطلقاً، منبوشة أو لا، بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة؛ لأنهم أحياء في قبورهم، ألا ترى أن مرقد إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب، وأن بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبياً، ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى للصلاة، بخلاف مقابر غيرهم. أفاده في «شرح المشكاة» .

هذا كله كلام الطحطاوي وهو كلام مدخول يناقض بعضه بعضاً؛ فإنه إذا

كان يصرح ويعلل الكراهة بالتشبه باليهود والنصارى- وهم كانوا يتخذون

قبور أنبيائهم مساجد- فكيف يستثني قبور الأنبياء، وإنما يتحقق التشبه بالكفار بالصلاة فيها؟

ص: 311

نعم ربما كان يصح هذا الاستثناء فيما لو كانت علة الكراهة هي النجاسة، وذلك لطهارة قبورهم عليهم السلام، ومع ذلك فلا يصح هذا الاستثناء مطلقا بعد لعنه عليه الصلاة والسلام من كان يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ونهيه أمته عن ذلك كما يأتي.

وأنا أخشى أن يكون الطحطاوي قد أُتي في هذا التناقض الصريح من جهة التقليد، الذي كثيراً ما لا يدع صاحبه يفكر فيما يكتب أو يقول، فهو فيما يظهر نقل التعليل الصحيح عن بعض العلماء الذين لا يتصور أن يقولوا بالاستثناء، ثم نُقل الاستثناء، عن بعض من يقول بالعلة الأخرى وهي النجاسة، وهو منقول عنهم، ويدل على هذا قوله:«منبوشة أو لا» فإن هذا إنما يصح أن يقال على أساس القول بهذه العلة المرجوحة وعليها يتفرع القول بالفرق بين المقبرة المنبوشة وغير المنبوشة في غير مقابر الأنبياء، فإن لم يكن هذا الذي ذهبنا إليه حقاًّ فما معنى هذا القول ههنا؟ وما معنى الاستثناء المصادم للنص؟

قد يقال: إن النص ليس معناه عند الطحطاوي على العموم، بل معناه الاستقبال، كما سبق ذكره عن البيضاوي، ويدل على ذلك قوله بعد الاستثناء:«بعد أن لا يكون القبر جهة القبلة» فهو بهذا القيد لم يصادم النص حسب فهمه.

فأقول: لكن يشكل عليه قوله: «وسواء كانت فوقه أو خلفه

» إلخ

قال ذلك عن الحديث بما يشعر أنه عنده على عمومه، ثم ما هو الفرق المعقول بين المنع من ذلك كله في قبور غير الأنبياء، وإباحته في قبورهم مع القيد المذكور، مع العلم بأن الخطر على العقيدة من الصلاة عندها مطلقاً، أعظم من الصلاة عند غيرها؟.

ص: 312

وبعد كتابة ما تقدم رجعت إلى «شرح المشكاة» المسمى: «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للشيخ علي القاري، فتبين لي أن الطحطاوي نقل جل كلامه، ولكنه أساء في النقل، وقدم وأخر بحيث أخل بالمعنى، ولزم منه ما أشرنا إليه من المحاذير، وتبين منه أيضاً وتحقق أن الاستثناء إنما نقله عن بعض من ذهب إلى التعليل بالنجاسة، وعليها جاء التفصيل الذي ذكره الطحطاوي في قوله: «وسواء

» إلخ وهو نقله من كلام ابن حجر- يعني الهيتمي- ونص كلامه

في ذلك:

«أشار الشارح إلى استشكال الصلاة عند قبر إسماعيل عليه السلام بأنها تكره في المقبرة، وأجاب بأن محلها مقبرة منبوشة لنجاستها، وكله غفلة عن قولهم: يستثنى مقابر الأنبياء فلا يكره الصلاة فيها مطلقاً؛ لأنهم أحياء في قبورهم، وعلى التنزل فجوابه غير صحيح؛ لتصريحهم بكراهة الصلاة في مقبرة غير الأنبياء وإن لم تنبش؛ لأنه محاذ للنجاسة، ومحاذاتها في الصلاة مكروهة، سواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه» اهـ. ما في «المرقاة» .

وأما ما احتج به الطحطاوي تبعا لشرح «المشكاة» من أفضلية الصلاة عند قبر إسماعيل عليه السلام، وقبر السبعين نبياًّ، فقد أجاب عنه القاري نفسه في الشرح المذكور بقوله:

«وفيه أن صورة قبر إسماعيل وغيره مندرسة، فلا يصلح للاستدلال به» .

ونحن نقول: هب أنها غير مندرسة فذلك لا يدل على أن فضيلة الصلاة إنما هو من أجلها، ألا ترى أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة فيه بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام كما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن المعلوم أنه قال ذلك قبل أن

ص: 313

يدفن عليه السلام في الحجرة الشريفة، وقبل أن تضم هذه إلى المسجد النبوي، فهل يلزم من وجود القبر الشريف الآن فيه أن يقال: إن فضيلة الصلاة فيه من أجل القبر الشريف؟ كلا لا يقول ذلك إلا الجهال من العوام، فكذلك لا يلزم من فضيلة الصلاة عند قبر إسماعيل وغيره، أن ذلك من أجل القبور، وكيف يكون وقد نهى عليه السلام عن اتخاذها مساجد، ولعن من فعل ذلك؟ وهذا كله يقال على تسليم ثبوت تلك القبور في ذلك المكان وليس بثابت عند المحدثين قال الشيخ علي القاري في «الموضوعات»:

«قال العلامة الشيخ محمد بن الجزري: لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم سيدنا إبراهيم عليه السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة. انتهى»

قلت: وقد حكى شيخ الإسلام في «الاقتضاء» نحوه عن غير واحد من أهل العلم ثم ذكر:

«إن المسلمين قد أجمعوا ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أن الصلاة عند القبر- أي قبر كان- لا فضل فيها لذلك، ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلاً بل مزية شر» .

وقال قبل ذلك بصفحة:

«واعلم أن من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة ليس إلا لكونها مظنة النجاسة، لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، وبنى على هذا الاعتقاد الفرق بين المقبرة الجديدة والعتيقة، وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل أو لا يكون، ونجاسة الأرض مانعة من الصلاة عليها، سواء كانت مقبرة أو لم

ص: 314

تكن، لكن المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور ليس هو هذا؛ فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً». ثم قال:«وروي عنه أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ثم ذكر حديث عائشة وغيره مما تقدم وحديث جندب الآتي: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» ثم قال:

«فهذا كله يبين لك أن السبب ليس هو مظنة النجاسة، وإنما هو مظنة اتخاذها أوثاناً كما قال الشافعي رضي الله عنه: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه، وعلى من بعده من الناس. وقد ذكر هذا المعنى أبو بكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه» وغيره من أصحاب أحمد وسائر العلماء فإن قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الرجل الصالح لم يكن ينبش، والقبر الواحد لا نجاسة عليه، وقد نبه هو صلى الله عليه وآله وسلم على العلة بقول:«اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» وبقوله: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فلا تتخذوها مساجد» وأولئك إنما كانوا يتخذون قبوراً لا نجاسة عندها، ولأنه قد روى مسلم في «صحيحه» عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» .ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» فجمع بين التماثيل والقبور.

وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك».

وقال فيما بعد وقد ذكر العلة الأولى:

«وهذه العلة في صحتها نزاع لاختلاف العلماء في نجاسة تراب القبور وهي

ص: 315

من مسائل الاستحالة، وأكثر العلماء المسلمين يقولون: إن النجاسة تطهر بالاستحالة، وهو مذهب أبي حنيفة، وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد، وقد ثبت في «الصحيح» أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حائطاً لبني النجار، وكان فيه قبور من قبور المشركين، ونخل، وخرب، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنخيل فقطعت، وبالخرب فسويت، وبالقبور فنبشت، وجعل النخل في صف القبلة، فلو كان تراب القبور نجساً، لكان تراب قبور المشركين نجسا ولأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنقل ذلك التراب، فإنه لا بد أن يختلط ذلك التراب بغيره».

ثم ذكر العلة الثانية ثم قال:

«وهذه العلة صحيحة باتفاقهم والمعللون بالأولى- كالشافعي وغيره- عللوا بهذه أيضاً، وكرهوا ذلك لما فيه من الفتنة، وكذلك الأئمة من أصحاب أحمد ومالك كأبي بكر الأثرم صاحب أحمد وغيره، علل بهذه الثانية أيضا وإن كان منهم من قد يعلل بالأولى وقد قال تعالى: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا} (نوح:23 - 24) ذكر ابن عباس وغيره من السلف أن هذه أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، وصوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، وقد ذكر هذا البخاري في «صحيحه» وأهل التفسير كابن جرير وغيره».

"الثمر المستطاب"(1/ 357 - 373).

ص: 316