الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[138] باب حكم اتخاذ القبور مساجد
[قال الإمام]:
إن كل من يتأمل في (أحاديث اتخاذ القبور مساجد) يظهر له بصورةٍ لا شك فيها أن الاتخاذ المذكور حرام، بل كبيرة من الكبائر، لأن اللعن الوارد فيها، ووصف المخالفين بأنهم من شرار الخلق عند الله تبارك وتعالى، لا يمكن أن يكون في حق من يرتكب ما ليس كبيرة كما لا يخفى.
مذاهب العلماء في ذلك
وقد اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم ذلك، ومنهم من صرح بأنه كبيرة، وإليك تفاصيل المذاهب في ذلك:
مذهب الشافعية أنه كبيرة
قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في «الزواجر عن اقتراف الكبائر» (1/ 120): «الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها» ثم ساق بعض الأحاديث المتقدمة وغيرها ثم قال (ص 111):
«(تنبيه): عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية، وكأنه أخذ ذلك مما ذكرته من الأحاديث، ووجه اتخاذ القبر مسجدا منها واضح؛ لأنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه، وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله تعالى يوم القيامة، ففيه تحذير لنا كما في رواية: «يحذر ما صنعوا» أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك، فيلعنوا كما لعنوا، ومن ثم قال
أصحابنا: تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركاً وإعظاماً، ومثلها الصلاة عليه للتبرك والإعظام، وكون هذا الفعل كبيرة ظاهرة من الأحاديث المذكورة لما علمت، فقال بعض الحنابلة:
هذا كله كلام الفقيه ابن حجر الهيتمي وأقره عليه المحقق الآلوسي في «روح المعاني» (5/ 31)، وهو كلام يدل على فهم وفقه في الدين، وقوله فيما نقله عن بعض الحنابلة:
«والقول بالكراهة محمول على غير ذلك» .
كأنه يشير إلى قول الشافعي «وأكره أن يبنى على القبر مسجد .. » الخ كلامه الذي نقلته بتمامه فيما سبق (ص. . . .).
وعلى هذا أتباعه من الشافعية كما في «التهذيب» وشرحه «المجموع» ، ومن الغريب أنهم يحتجون على ذلك ببعض الأحاديث المتقدمة، مع أنها صريحة في تحريم ذلك، ولعن فاعله، ولو أن الكراهة كانت عندهم للتحريم لقرب الأمر،
ولكنها لديهم للتنزيه، فكيف يتفق القول بـ (الكراهة) مع تلك الأحاديث التي يستدلون بها عليها؟!
أقول هذا وإن كنت لا أستبعد حمل الكراهة في عبارة الشافعي المتقدمة خاصة على الكراهة التحريمية؛ لأنه هو المعنى الشرعي المقصود في الاستعمال القرآني ولا شك أن الشافعي متأثر بأسلوب القرآن غاية التأثر، فإذا وقفنا في كلامه على لفظ له معنى خاص في القرآن الكريم وجب حمله عليه لا على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين، فقد قال تعالى {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (1) وهذه كلها محرمات، فهذا المعنى- والله اعلم- هو الذي أراده الشافعي رحمه الله بقوله المتقدم «وأكره» ، ويؤيده انه قال عقب ذلك:«وإن صلى إليه أجزأه، وقد أساء» فإن قوله «أساء» معناه ارتكب سيئة أي حراما فإنه هو المراد بالسيئة في أسلوب القرآن أيضا فقد قال تعالى في سورة (الإسراء) بعد أن نهى عن قتل الأولاد وقربان الزنا وقتل النفس وغير ذلك: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} (2) أي محرماً.
ويؤكد أن هذا المعنى هو المراد من الكراهة في كلام الشافعي في هذه المسألة أن مذهبه أن الأصل في النهي التحريم إلا ما دل الدليل على أنه لمعنى آخر، كما صرح بذلك في رسالته «جماع العلم» (ص 125) ونحوه في كتابه «الرسالة» (ص 343).
ومن المعلوم لدى كل من درس هذه المسألة بأدلتها أنه لا يوجد أي دليل
(1) سورة الحجرات، الآية 7. [منه].
(2)
سورة الإسراء، الآية 38. [منه].
يصرف النهي الوارد في بعض الأحاديث المتقدمة إلى غير التحريم كيف والأحاديث تؤكد أنه للتحريم كما سبق؟ ولذلك فإني أقطع بأن التحريم هو مذهب الشافعي، لا سيما وقد صرح بالكراهة بعد أن ذكر حديث «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» كما تقدم فلا غرابة إذن إذا صرح الحافظ العراقي- وهو شافعي المذهب- بتحريم بناء المسجد على القبر كما تقدم (ص170) والله أعلم.
ولهذا نقول: لقد اخطأ من نسب إلى الإمام الشافعي القول بإباحة تزوج الرجل بنته من الزنا بحجة أنه صرح بكراهة ذلك، والكراهة لا تنافي الجواز إذا كانت للتنزيه! قال ابن القيم في «إعلام الموقعين» (1/ 4748):
«نص الشافعي على كراهة تزوج الرجل بنته من ماء الزنا ولم يقل قط أنه مباح ولا جائز، والذي يليق بجلالته وإمامته ومنصبه الذي أحله الله به من الدين أن هذه الكراهة منه على وجه التحريم وأطلق لفظ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال تعالى عقب ذكر ما حرمه من المحرمات من عند قوله {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
…
} (1) إلى قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
…
} (2) إلى قوله {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
…
} (3) إلى آخر الآيات ثم قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} (4).
(1) سورة الإسراء الآية 23. [منه].
(2)
سورة الإنعام الآية 151 [[والحق أن ابن القيم رحمه الله إنما يقصد الآية 33 من سورة الإسراء كما يدل سياق كلامه وليس الآية 151 من سورة الأنعام.]]. [منه].
(3)
سورة الإسراء الآية 36. [منه].
(4)
سورة الإسراء الآية 38. [منه].
وفي الصحيح «إن الله عز وجل كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» .
فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله، ولكن المتأخرين اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فغلط في ذلك وأقبح غلطاً منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على المعنى الاصطلاحي الحادث!».
وبهذه المناسبة نقول:
إن من الواجب على أهل العلم أن ينتبهوا للمعاني الحديثة التي طرأت على الألفاظ العربية التي تحمل معاني خاصة معروفة عند العرب هي غير هذه المعاني الحديثة، لأن القرآن نزل بلغة العرب فيجب أن تفهم مفرداته وجمله في حدود ما كان يفهم العرب الذين أنزل عليهم القرآن ولا يجوز أن تفسر بهذه المعاني الاصطلاحية الطارئة التي اصطلح عليها المتأخرون، وإلا وقع المفسر بهذه المعاني في الخطأ والتقول على الله ورسوله من حيث لا يشعر وقد قدمت مثالاً على ذلك لفظ (الكراهة).
وإليك مثالا آخر لفظ (السنة):.فإنه في اللغة الطريقة وهذا يشمل كل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الهدى والنور فرضاً كان أو نفلاً وأما اصطلاحا فهو خاص بما ليس فرضاً من هديه صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز أن يفسر بهذا المعنى الاصطلاحي لفظ (السنة) الذي ورد في بعض الأحاديث الكريمة كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «
…
وعليكم بسنتي
…
» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم «
…
فمن رغب عن سنتي فليس مني».
ومثله الحديث الذي يورده بعض المشايخ المتأخرين في الحض على التمسك بالسنة بمعناها الاصطلاحي وهو: «من ترك سنتي لم تنله شفاعتي» فأخطأوا مرتين:
الأولى: نسبتهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أصل له فيما نعلم.
الثانية: تفسيرهم للسنة بالمعنى الاصطلاحي غفلة منهم عن معناها الشرعي، وما أكثر ما يخطئ الناس فيما نحن فيه بسبب مثل هذه الغفلة!
ولهذا أكثر ما نبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله على ذلك، وأمروا في تفسير الألفاظ الشرعية بالرجوع إلى اللغة لا العرف وهذا في الحقيقة أصل لما يسمونه اليوم بـ «الدراسة التاريخية للألفاظ»
ويحسن بنا أن نشير إلى أن من أهم أغراض مجمع اللغة العربية في الجمهورية العربية المتحدة في مصر «وضع معجم تاريخي للغة العربية، ونشر بحوث دقيقة في تاريخ بعض الكلمات وما طرأ على مدلولاتها من تغيير» كما جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون ذي الرقم (434)(1955) الخاص بشأن تنظيم مجمع اللغة العربية (انظر «مجلة المجتمع» ج8 ص5).فعسى أن يقوم المجمع بهذا العمل العظيم ويعهد به إلى أيد عربية مسلمة فإن أهل مكة أدرى بشعابها وصاحب الدار أدرى بما فيها وبذلك يسلم هذا المشروع من كيد المستشرقين ومكر المستعمرين!
مذهب الحنفية الكراهة التحريمية
والكراهة بهذا المعنى الشرعي قد قال بها هنا الحنفية فقال الإمام محمد تلميذ أبي حنيفة في كتابه «الآثار» (ص 45):
«لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر، ونكره أن يجصص أو يطين أو يجعل عنده مسجداً» .
والكراهة عند الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم، كما هو معروف لديهم، وقد صرح بالتحريم في هذه المسألة ابن الملك منهم كما يأتي (ص214).
مذهب المالكية التحريم
وقال القرطبي في تفسيره (10/ 38) بعد أن ذكر الحديث الخامس:
«قال علماؤنا: وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء
والعلماء مساجد».
مذهب الحنابلة التحريم
ومذهب الحنابلة التحريم أيضا كما في «شرح المنتهى» (1/ 353) وغيره، بل نص بعضهم على بطلان الصلاة في المساجد المبنية على القبور، ووجوب هدمها فقال ابن القيم في «زاد المعاد» (3/ 22) في صدد بيان ما تضمنته غزوة تبوك من الفقه والفوائد، وبعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يصلي فيه وكيف أنه صلى الله عليه وآله وسلم هدمه وحرقه قال:
«ومنها تحريق أمكنة المعصية التي يعصى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فيها، وهدمها، كما حرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجد الضرار، وأمر بهدمه وهو مسجد يصلى فيه ويذكر اسم الله فيه لما كان بناؤه ضرراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومأوى للمنافقين، وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام (1) تعطيله إما بهدم أو تحريق، وإما بتغيير
(1) قلت: مفهوم هذا أن ذلك لا يجب على غير الإمام ومثله من ينوب عنه وهذا هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، لأنه لو قام به غيره لترتب على ذلك مفاسد وفتن بين المسلمين قد تكون أكبر من المصلحة التي يراد جلبها. [منه].
صورته وإخراجه عما وضع له، وإذا كان هذا شأن مسجد الضرار فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها أنداداً من دون الله أحق بذلك، وأوجب، وكذلك محال المعاصي والفسوق، كالحانات وبيوت الخمارين وأرباب المنكرات، وقد حرق عمر بن الخطاب قرية بكاملها يباع فيها الخمر، وحرق حانوت رويشد الثقفي (1) وسماه فويسقاً، وحرق قصر (2) سعد لما احتجب فيه عن الرعية، وهمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتحريق بيوت تاركي حضور الجماعة والجمعة (3)، وإنما منعه من فيها من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم كما أخبر هو عن ذلك (4).ومنها أن الوقف لا يصح على غير برٍّ، ولا قربة، كما لم يصح وقف
هذا المسجد، وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا
دفن في المسجد نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين
الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق فلو وضعا معاً لم يجز ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبر مسجداً أو أوقد عليه
(1) روى الدولابي في «الكنى» (1/ 189) عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: «رأيت عمر أحرق بيت رويشد الثقفي حتى كأنه جمرة أو حممة وكان جارنا يبيع الخمر» .وسنده صحيح. ورواه عبد الرزاق عن صفية بنت أبي عبيد كما في «الجامع الكبيرة» (3/ 204/1) وأبو عبيد في «الأموال» (صلى الله عليه وسلم 103) عن ابن عمر وسنده صحيح أيضا. [منه].
(2)
يعني باب القصر والقصة رواها عبد الله بن المبارك في «الزهد» (179/ 1) من «الكواكب الدراري» تفسير (575 ورقم 513 - 528 ط) وأحمد (رقم 390) بسند رجاله ثقات. [منه].
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو مخرج في «صحيح أبي داود» (557 و558). (تنبيه): إن حديث الجمعة حديث آخر من رواية ابن مسعود مرفوعا أخرجه مسلم دون البخاري. [منه].
(4)
قلت: هذا وإن كان هو المعقول لكن السند بذلك لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم فإن فيه أبا معشر نجيح المدني وهو ضعيف لسوء حفظه بل حديثه هذا منكر كما بينته في «تخريج المشكاة» (1073) التحقيق الثاني. [منه].
سراجاً (1)
فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه وغربته بين الناس
كما ترى»
فتبين مما نقلناه عن العلماء أن المذاهب الأربعة متفقة على ما أفادته الأحاديث المتقدمة، من تحريم بناء المساجد على القبور. وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك اعلم الناس بأقوالهم ومواضع اتفاقهم واختلافهم ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد سئل رحمه الله بما نصه:
(1) يشير إلى حديث ابن عباس «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه أبو داود وغيره ولكنه ضعيف السند وإن لهج بذكره كثير من السلفيين فالحق أحق أن يقال وأن يتبع وممن ضعفه من المتقدمين الإمام مسلم فقال في «كتاب التفصيل» :
«هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ولا يثبت له سماع من ابن عباس» نفله ابن رجب في «الفتح» كما في «الكواكب» (65/ 82/1).
وقد بينت ضعف هذا الحديث في «الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة» رقم (225) وقد ذكرت هناك أن الحديث صحيح لغيره إلا اتخاذ السرج، فإنه منكر لم يأت إلا من هذا الطريق الضعيف.
وقد وقفت الآن على خطأ فاحش حول هذا الحديث فجاء في كتاب «القول المبين» لأحد أفاضل العلماء المعاصرين السلفيين ما نصه (ص 79):
قلت: والحديث مدراه عند الحاكم وغيره على أبي صالح عن ابن عباس وقد قال الحاكم عقبه (1/ 374):
«أبو صالح هو باذام ولم يحتجا به» .
قلت: وهو ضعيف عند جمهور الأئمة، ولم يوثقه إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في «التهذيب» والعجلي معروف بتساهله في التوثيق كابن حبان ولم نجد للحديث طريقاً آخر لنشد عضده به بعد مزيد البحث عنه.
ولعل المشار إليه، عني بكلامه بعض الشواهد التي ذكرتها هناك لكن هذه ليس فيها ذكر السراج أصلاً فهو وهم على وهم. [منه].
«هل تصح الصلاة على المسجد إذا كان فيه قبر والناس تجتمع فيه لصلاتي الجماعة والجمعة أم لا؟ وهل يمهد القبر أو يعمل عليه حاجز أو حائط؟ فأجاب:
الحمد لله، اتفق الأئمة أنه لا يُبنى مسجد على قبرٍ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» .وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّر إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديداً وإن كان المسجد بُنيَ بعد القبر فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة القبر فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه «كذا في الفتاوى له (1/ 107 و2/ 192).
وقد تبنت دار الإفتاء في الديار المصرية فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية هذه فنقلتها عنه في فتوى لها أصدرتها تنص على عدم جواز الدفن في المسجد فليراجعها من شاء في» مجلة الأزهر «(ج 11 ص 501 - 503)(1).
وقال ابن تيمية في «الاختيارات العلمية» (ص 52):
ونقله ابن عروة الحنبلي في «الكواكب الدراري» (2/ 244/1) وأقره وهكذا نرى أن العلماء كلهم اتفقوا على ما دلت عليه الأحاديث من تحريم اتخاذ المساجد على القبور، فنحذر المؤمنين من مخالفتهم، والخروج عن طريقتهم، خشية أن يشملهم وعيد قوله عز وجل {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ
(1) وفي المجلة نفسها مقال آخر في تحريم البناء على القبور مطلقا فانظر (مجلد سنة 1930 ص 359 و364). [منه].