الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تربية أبنائك، في بيعك، في شرائك، بينما من الصعب جداً، أن تجبر أو تزيل ذلك الحاكم الذي يحكم في كثير من أحكامه بغير ما أنزل الله، فلماذا تترك الميسَّر إلى المعسَّر؟!.
هذا يدل على أحد شيئين: إما أن يكون هناك سوء تربية، وسوء توجيه. وإما أن يكون هناك سوء عقيدة تدفعهم وتصرفهم إلى الاهتمام بما لا يستطيعون تحقيقه عن الاهتمام بما هو داخل في استطاعتهم، فأما اليوم فلا أرى إلا الاشتغال كل الاشتغال بالتصفية والتربية ودعوة الناس إلى صحيح العقيدة والعبادة، كل في حدود استطاعته، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد عليه وآله وسلم.
رسالة "التوحيد أولاً".
[75] باب منه
سؤال: إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فقد من الله تبارك وتعالى عليّ بلقاء أحد علماء الإسلام السائرين على نهج خير الأنام وصحبه الكرام، الذين جمع الله لهم بين العلم والعمل، والفهم والعقل، وما أعظم الإنسان إذا اجتمعت فيه هذه الصفات فهو إمام بحق، من الذين قال الله فيهم:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: 24)، ألا وهو فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وذلك في تاريخ الثالث
عشر من الشهر العاشر لسنة 1413هـ، وذلك ضمن تسجيلات سلسلة الهدى والنور الذي يقوم بتسجيلها الأخ الكريم أبو ليلى محمد بن أحمد وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد.
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
لا شك أن فضيلة الشيخ ناصر الألباني حفظه الله وسلمه وبارك فيه يعلم أن واقع الأمة الديني واقع مرير من حيث الجهل في العقيدة والفساد العقدي، ومن حيث الافتراق في المناهج، ومن حيث إهمال ونسف الشريعة الإسلامية في أكثر بقاع الأرض، هذا الواقع الغيورون من المسلمين لهم رغبة عظيمة في تغييره وإصلاحه، إلا أنهم تختلف مآخذهم في تصحيح هذا الوضع، كما يعلم فضيلتكم من خلال الحركات الإسلامية والجماعات الإسلامية التي جاهدت في إصلاح واقع الأمة الإسلامية ومع ذلك لم تفلح، بل ربما للأمة بسبب تلك الحركات نكبات ومصائب عظيمة، الشباب المسلم في حيرة وفي حيرة عظيمة، كيف يقابلون وكيف يعالجون هذا الواقع، وقد يشعر الواحد منهم أنه حمل جبالاً عظيمة، فما هي نصيحتكم للشباب المسلم، وما هي الطرق النافعة الناجعة لمواجهة هذا الواقع، وكيف تبرأ ذمة المسلم عند الله عز وجل يوم القيامة؟
الشيخ: إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 7071) أما بعد: فإن خير الكلام
كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار:
بالإضافة إلى ما جاء في تضاعيف سؤال الأخ أبي عبد الرحمن عبد الله من سوء واقع المسلمين فكذلك نقول: إن هذا الواقع الأليم ليس شراً مما كان واقع العرب في جاهليتهم وحينما بعث إليهم رسولنا صلوات الله وسلامه عليه، فلا شك أن واقع أولئك العرب الجاهليين كان أسوأ بكثير مما عليه المسلمون اليوم، وبناءً على ذلك نقول: العلاج هو ذاك العلاج، والدواء هو ذاك الدواء، فبمثل ما عالج النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك الجاهلية الأولى فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم جميعهم أن يعالجوا واقعهم الأليم ومعنى هذا واضح جداً، متذكرين فيه قول الله عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} (الأحزاب:21)، فرسولنا صلوات الله وسلامه عليه هو أسوتنا في معالجة مشكلة المسلمين في زمننا، وذلك بأن نبدأ بما بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو إصلاح ما فسد من عقائد المسلمين أولاً، ومن عباداتهم ثانياً، ومن سلوكهم ثالثاً، ولست أعني بهذا الترتيب هو الفصل بين الأمر الأول الأهم ثم المهم ثم ما دونه، وإنما أريد أن يهتم المسلمون وأعني بهم بطبيعة الأمر الدعاة منهم، ولعل الأصح أن نقول: العلماء منهم، لأن الدعاة اليوم مع الأسف الشديد صار يشمل كل مسلم ولو كان على فقر مدقع من العلم، فصاروا يعدون أنفسهم دعاة إلى الإسلام، ونعلم جميعاً القاعدة المعروفة لدى-لا أقول العلماء، بل والعقلاء جميعاً-، تلك هي التي تقول: فاقد الشيء لا يعطيه، فنحن نعلم اليوم بأن هناك طائفة كبيرة جداً جداً، يعدون الملايين من المسلمين إذا ما أطلقت لفظة الدعاة انصرفت هذه اللفظة إليهم، وهم جماعة الدعوة أي جماعة التبليغ، ومع ذلك فأكثرهم كما قال الله عز وجل: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الأعراف: 187)، ومع ذلك فهم جماعة الدعوة حينما يطلق جماعة الدعوة ينصرف هذا الاسم إليهم، ومعلوم من طريقة دعوتهم أنهم قد أعرضوا بالكلية عن الاهتمام بالأصل الأول أو بالأمر الأهم من الأمور الثلاثة التي ذكرتها آنفاً، العقيدة والعبادة والسلوك، فتركوا وأعرضوا عن إصلاح ما بدأ به الرسول عليه السلام، بل ما بدأ به كل الأنبياء تبعاً للرسل من مثل قوله تبارك وتعالى:{أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36)، فهم لا يعنون بهذا الأصل الأصيل، وهو الركن الأول من أركان الإسلام، كما هو معلوم لديكم جميعاً، وهذا الأصل الذي قام يدعو إليه رسول من الرسل الكرام ألا وهو نوح عليه الصلاة والسلام قرابة ألف سنة، وهو يدعو إلى التوحيد، وأنتم تعلمون أن الشرائع السابقة لم يكن فيها من التفصيل لأحكام المعاملات والعبادات ما هو ما هو معروف في ديننا هذا؛ لأنه خاتمة الشرائع والأديان، ومع ذلك فقد لبث في قومه، قد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، فيما إذاً كان اهتمامه؛ أن يفهموا عنه التوحيد، ومع ذلك فكما تعلمون من القرآن الكريم، أعرضوا عن دعوته، وقالوا:{لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} (نوح: 23) إلى آخر الآية.
فهذا يدل دلالة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي للدعاة حقاً إلى الإسلام هو أن يهتموا بالدعوة إلى التوحيد، ذلك لأنه معنى قوله تبارك وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (محمد: 19)، هكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلاً وتعليماً، أما فعله فما يحتاج إلى بحث؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العهد المكي إنما كان جهده ودعوته محصورة في الغالب أن يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، أما تعليماً فتعلمون حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه الوارد في صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له: «ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا
إله إلا الله»، إلى آخر الحديث، «فإن استجابوا لك» أو «فإن أطاعوك فمرهم بالصلاة» تمام الحديث هو معروف إن شاء الله، فإذاً قد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن يبدأوا بما بدأ به، وهو أن يدعوهم إلى شهادة التوحيد، لا شك أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين أولئك العرب المشركين من حيث أنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم، وبين العرب المسلمين اليوم والذين ليسوا بحاجة إلى أن يدعوا إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله، فإنهم قائلون بها مهما اختلفت مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم، فكلهم يقول: لا إله إلا الله، ولذلك فالدعاة اليوم ليسوا بحاجة إلى أن يدعوا المسلمين إلى أن ينطقوا بهذه الكلمة لكن هم في الواقع بحاجة أكثر من العرب في الجاهلية إلى أن يفهموا معنى هذه الكلمة الطيبة، هذا الفرق فرق جوهري جداً بين العرب الأولين الذين إذا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقولوا لا إله إلا الله يستكبرون كما هو صريح القرآن الكريم، لماذا يستكبرون؟ لأنهم يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لا يتخذوا مع الله أنداداً، وأن لا يعبدوا مع الله غيره، وهم كانوا يعبدون غيره، فهم ينادون غير الله، ويستغيثون بغير الله، فضلاً عن التوسل بغير الله، فضلاً عن النذر لغير الله، والذبح لغير الله من هذه الوسائل الشركية الوثنية المعروفة، كانوا هم يفعلونها، ولكنهم كانوا يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة من حيث اللغة العربية أن يتبرأوا من كل هذه الأمور لمنافاتها لكلمة: لا إله إلا الله، أما المسلمون اليوم الذين يشهدون أن لا إله إلا الله، لكنهم لا يفقهون معناها، بل لعلهم يفقهون معناها فهماً معكوساً مقلوباً تماماً، فكما تعلمون جميعاً إن بعضهم ألف رسالةً في معنى لا إله إلا الله، ففسرها بالمعنى الذي كان عليه المشركون الذين كانوا يؤمنون به:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25]، فالمشركون كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً لا شريك له في ذلك، ولكنهم مع
ذلك كانوا يجعلون لله أنداداً وشركاء في عبادته، فهم يؤمنون بأن الرب واحد، لكن يعتقدون بأن المعبودات كثيرة، ولذلك قال تعالى في الآية المعروفة:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: 3)، فهم كانوا يعلمون أن قول لا إله إلا الله،
ينبغي أن يتبرأ قائلها من كل عبادة سوى عبادة الله عز وجل، أما المسلمون اليوم فقد فسروا الكلمة الطيبة بـ لا رب إلا الله، فإذا قال المسلم لا إله إلا الله، وهو يعني هذا المعنى لا رب إلا الله، فهو والمشركون سواء؛ عقيدةً، أما لفظاً فهو مسلم؛ لأنه يقول: لا إله إلا الله، بخلاف المشرك لأنه يأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فهو ليس مسلماً لا ظاهراً ولا باطناً، أما جماهير المسلمين اليوم فهم مسلمون، لأن الرسول عليه السلام يقول:«فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» .
ولذلك فأنا أقول كلمة ربما تكون نادرة الصدور مني وهي: أن واقع المسلمين اليوم شر مما كان عليه العرب من حيث سوء الفهم لهذه الكلمة الطيبة؛ لأن العرب كانوا يفهمون لكنهم لا يؤمنون، أما المسلمون اليوم فيقولون ما لا يعتقدون، يقولون: لا إله إلا الله وهم يكفرون بمعناها، ولذلك فأنا أعتقد أن أول واجب على الدعاة المسلمين حقاً هو أن يدندنوا حول هذه الكلمة وحول بيان معناها بالتلخيص، ثم تفصيل لوازم هذه الكلمة الطيبة من الإخلاص لله عز وجل في العبادات بكل أنواعها؛ لأن الله عز وجل لما حكى عن المشركين قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: 3)، فكل عبادة توجه إلى غير الله فهو كفر بالكلمة الطيبة لا إله إلا الله.
لهذا أنا أقول اليوم: لا فائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم على تركهم في ضلالهم في بعدهم عن فهم هذه الكلمة الطيبة فذلك لا يفيد في الدنيا
قبل الآخرة، نحن نعلم جميعاً أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه؛ حرم الله بدنه على النار» (1)، وفي أحاديث أخرى:«دخل الجنة» ، فلا يمكن ضمان دخول الجنة ولو بعد لَأْيٍ، ولو بعد عذاب يمس القائل والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهالكلمة فإن هذا قد يعاقب بناءً على ما ارتكب واجترح من المعاصي والآثام، ولكن سيكون مصيره دخول الجنة، وعلى العكس من ذلك من قال هذه الكلمة الطيبة بلسانه، ولما يدخل الإيمان إلى قلبه، فذلك لا يفيد شيئاً في الآخرة، قد يفيد في الدنيا النجاة من القتال ومن القتل، أما في الآخرة فلا يفيده شيئاً إلا إذا قالها فاهماً لمعناها أولاً، ومعتقداً لهذا المعنى؛ لأن الفهم والمعرفة وحدها لا يكفي إلا إذا اقترن مع الفهم الإيمان بهذا المفهوم، وهذه نقطة أظن أن كثيراً من الناس عنها غافلون، وهي: لا يلزم من الفهم الإيمان، لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون مؤمناً، ذلك لأنكم تعلمون إن شاء الله أن كثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة، ولكن مع ذلك، أي مع هذه المعرفة التي شهد لهم بها ربنا تبارك وتعالى حين قال:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (البقرة: 146)، ومع ذلك فهذه المعرفة ما أغنتهم شيئاً، لماذا؛ لأنهم لم يصدقوه فيما عرفوا منه من ادعاء النبوة والرسالة، ولذلك فالإيمان يسبقه المعرفة ولا تكفي وحدها، لا بد أن يقترن معها الإيمان، فإذاً إذا قال المسلم لا إله إلا الله بلسانه، فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة معنى هذا الكلمة بإيجاز ثم بالتفصيل، فإذا عرف وصدق وآمن، فهو الذي يصدق عليه تلك الأحاديث التي ذكرت بعضها
(1) الصحيحة (3/ 297).
آنفاً، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام مشيراً إلى شيء من التفصيل الذي ذكرته آنفاً ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره» ، أي كانت هذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها وهذا أكرره لكي يرسخ في الأذهان، بعد معرفة معناها والإيمان بهذا المعنى الصحيح، ولكنه قد لا يكون قام بمقتضياتها وبلوازمها من العمل الصالح والانتهاء عن المعاصي فقد يدخل النار كجزاء لما فعل وارتكب من معاصي، أو أخل ببعض الواجبات، ثم تنجيه هذه الكلمة الطيبة، هذا معنى قوله عليه السلام:«من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره» (1)، أما من قالها بلسانه ولم يفقه معناها، أو فقه معناها ولكنه لم يؤمن بهذا المعنى فهذا لا ينفعه قوله: لا إله إلا الله، إلا هنا في العاجلة وليس في الآجلة.
لذلك لا بد من تركيز الدعوة إلى التوحيد في كل مجتمع أو تكتل إسلامي يسعى حثيثاً وبحق إلى ما يدندن به كل الجماعات الإسلامية، أو لعل الأدق أن نقول: جل الجماعات الإسلامية، وهو تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله، هذه الجماعات أو هذه الطوائف لا يمكنها أن تحقق هذه الغاية التي أجمعوا على تحقيقها وعلى السعي حثيثاً إلى جعلها حقيقة واقعة إلا بالبدء بما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أعيد التنبيه إلى أنه لا أعني بهذا الكلام في بيان الأهم فالمهم وما دونه، هو أن يقتصر الدعاة فقط على الدعوة إلى هذه الكلمة الطيبة وفهم معناها؛ لأن الإسلام بعد أن أتم الله عز وجل علينا النعمة بإكماله لدينه، فلا بد لهؤلاء الدعاة أن يحملوه كلاً لا يتجزأ.
وأنا حين أقول هذا أقول بعد ذاك البيان الذي خلاصته أنه يجب على الدعاة
(1) صحيح الجامع (رقم6434).