المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب التوحيد وما يضاده من الشرك

- ‌جماع أبواب الكلام على التوحيد: تعريفه، وأقسامه، وأهمية الدعوة إليه، وبيان لوازم ومقتضيات النطق بالشهادتين والكلام على الشرك: تعريفه، وأنواعه، وخطورة الوقوع فيه

- ‌[74] باب أهمية إعطاء الدعوة إلى التوحيدوالعقيدة الصحيحة الأولوية عند الدعاة

- ‌[75] باب منه

- ‌[76] باب نصيحة الشيخ لبعضالداعيات أن تجعل التوحيد أولى أولوياتها

- ‌[77] باب أصل دعوة الأنبياءوالرسل هو دعوة التوحيد وبيان أقسام التوحيد وما يضادة

- ‌[78] باب فضل التوحيد وأنه ينجي من الخلود في النار

- ‌[79] باب الموحد لا يخلد في النار

- ‌[80] باب الذنبوإن عظُم لم يكن موجباً للنار متى ما صحت العقيدة

- ‌[81] باب أهمية التوحيدوبيان أنه لا تنفع الأعمال الصالحة بدونه

- ‌[82] باب لا يُحدث العامة بأحاديثقد يساء فهمها في فضل التوحيد

- ‌[83] باب منه

- ‌[84] باب أقسام التوحيد والشرك

- ‌[85] باب بيان أقسام التوحيد والشرك

- ‌[86] باب أقسام التوحيد والشرك والكفر

- ‌[87] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[88] باب الدفاع عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وبيان التوحيد الذي دعى إليه، مع التنبيه على أقسام التوحيد وخطر الشرك

- ‌[89] باب كان الناس على التوحيد ثم طرأ عليهم الشرك

- ‌[90] باب الرد على من يقول أن الدعوة إلى التوحيد تفرق الصف

- ‌[91] باب إخلاص العبودية لله

- ‌[92] باب توحيد الاتباع

- ‌[93] باب منه

- ‌[94] باب معنى الشهادتين

- ‌[95] باب بيان مقتضيات الشهادتين

- ‌[96] باب معنى شهادة أن لا إله إلا الله وبيان مقتضياتها

- ‌[97] باب لوازم الشهادة لله بالوحدانية

- ‌[98] باب تلقين المحتضر شهادة التوحيد

- ‌[99] باب معنى شهادة أن محمدًا عبد الله ورسوله وبيان مقتضياتها

- ‌[100] باب لوازم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[101] باب هل هناك فرق بين تفسير لا إله إلا الله، بلا معبود إلا الله أو بلا معبود بحق "في الوجود" إلا الله

- ‌[102] باب هل قيد «في الوجود» في قولنا: لا معبود بحق في الوجود إلا الله؛ مهم

- ‌[103] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»

- ‌[104] باب هل نسخت الأحاديث الواردةفيمن قال لا إله إلا الله وأنه يدخل الجنة

- ‌[105] باب هل هناك ممن يقول: «لا إله الله» من يدخل النار أولا

- ‌[106] باب محمد عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد

- ‌[107] باب السلامة من الشرك أهم ما في العقيدة

- ‌[108] باب التحذير من الشرك وبيان أنه أكبر الكبائر

- ‌[109] باب بيان خطر الشرك

- ‌[110] باب عظم خطر الكفر والشرك

- ‌[111] باب بيان خطورة الشرك بالله، وأثر ذلك على العبادات كالحج

- ‌[112] باب الشرك هو الكفر

- ‌[113] باب كل كفر شرك

- ‌[114] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[115] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[116] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر أو الشرك

- ‌[117] باب أركان نفي الشرك بالله

- ‌[118] باب تعريف المشرك

- ‌[119] باب ضوابط التفرقة بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌[120] باب شرك الطاعة

- ‌[121] باب أول من عبد الأصنام وغيَّر دين إسماعيل عليه السلام

- ‌[122] باب ردّ شبهةٍ لمن جوَّز صناعة التماثيل

- ‌[123] باب الترهيب من الرياء

- ‌[124] باب الاستكبار عن عبادته تعالى ودعائه يوجب غضبه تعالى، والرد على من ادعى أن دعاء الله سوء أدب مع الله

- ‌[125] باب سؤال الله، والرد على من حرَّمه

- ‌[126] باب جواز إطلاق لفظ المشرك على أهل الكتاب

- ‌[127] باب هل الكتابيات مشركات

- ‌(توحيد الربوبية)

- ‌[128] باب الرد على من حصر العقيدة في توحيد الربوبية

- ‌[129] باب ذكر أخذ الميثاقمن ذرية بني آدم وهل كان على الحقيقة

- ‌[130] باب منه

- ‌[131] باب منه

- ‌[132] باب حُكْم من لم يوف بالميثاق [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[133] باب ضلالة عقيدة الأقطاب والأوتاد

- ‌[134] باب جواب من خلق الله

- ‌[135] باب ذكر بعض أهل الضلال ممن تلبس بشرك الربوبية

- ‌جامع أحكام القبور

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم اتخاذ القبور مساجد، وحكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وما يتصل بذلك من مسائل

- ‌[136] باب أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد

- ‌[138] باب حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌[139] باب حكمة تحريم بناء المساجد على القبور

- ‌[140] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[141] باب في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا المسجد النبوي

- ‌[142] باب بناء المساجد على القبور مفضاة للشرك

- ‌[143] باب حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور

- ‌[144] باب هل الصلاة في المساجد التي فيها قبور باطلة

- ‌[145] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور الأنبياء

- ‌[146] باب حكم الصلاة في المساجد المبنية على قبور

- ‌[147] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد، وهل يلزم من ذلك حرمة الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[148] باب حرمة اتخاذ القبور مساجد

- ‌[149] باب حكم اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها

- ‌[150] باب من هو قائل عبارة"يُحذِّر ما صنعوا" في حديث اتخاذ القبور مساجد

- ‌[151] باب هل عمَّى الصحابة موضِعَ قبر النبي دانيالحتى لا يُتَّخَذ على قبره مسجداً

- ‌[152] باب مدى صحة تخصيص حرمة الصلاة في المساجد التي فيها قبور فيما إذا كان المصلي يستقبل القبر، وحكم الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[153] باب هل تجوز صلاة الجنازة في مسجد فيه قبر

- ‌[154] باب منه

- ‌[155] باب حكم صلاة الجنازة داخل المقبرة في مكان مخصص للصلاة ليس فيه قبور

- ‌[156] باب هل تجوزالصلاة في مسجد فيه قبر لمن لم يجد مسجدًا غيره

- ‌[157] باب منه

- ‌[158] باب حكم الصلاة في مسجد نُبِشَ القبر الذي فيه

- ‌[159] باب إذا وجدالقبر في المسجد فهل يزال القبر أم المسجد

- ‌[160] باب حكم الصلاة في غرفة مضافة إلى المسجد فيها قبر

- ‌[161] باب حكم الصلاة في مسجد فيه قبر في ساحته الخارجية

- ‌[162] باب حكم الصلاة في المسجد المبني بجوار المقبرة

- ‌[163] باب حرمة الصلاة في المقبرة سدًا لذريعة الشركومناقشة من خالف ذلك

- ‌[164] باب شبهات وجوابها حول حكم اتخاذ القبور مساجد

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم زيارة القبوروما يشرع عند القبور وما لا يشرعوالمسائل التي تتصل بذلك

- ‌[165] باب أئمة دعوة التوحيديجيزون زيارة القبور زيارة شرعية

- ‌[166] باب ذكر جملة من أحكام زيارة القبوروتحقيق القول في حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[167] باب ما يحرم عند القبور

- ‌[168] باب بدع زيارة القبور

- ‌[169] باب حد الزيارة الشرعية للقبور، وكيفية السلام على الموتى

- ‌[170] باب هل يصح شيء في النهيعن زيارة القبور ليلاً للرجال

- ‌[171] باب هل زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمقبرة ليلاً خاص به

- ‌[172] باب الرد على القول بتحريم زيارة النساء للقبور

- ‌[173] باب حكم زيارة النساء للقبور

- ‌[174] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله زوارات القبور»

- ‌[175] باب هل يجوز زيارة النساء للقبور للاتعاظ

- ‌[176] حكم تخصيص زيارة الأحياء للأموات، أو للأحياء يوم العيد

- ‌[177] باب حكم زيارة القبور يوم العيد

- ‌[178] باب حكم تخصيص زيارة القبور في العيد

- ‌[179] باب هل هناك دليل نقلىعلى عدم جواز تخصيص العيد بزيارة القبور

- ‌[180] باب هل ما يقع فيه القبوريون يُعَد من الكفر العملي

- ‌[181] باب حرمة استقبال القبر بالصلاة

- ‌[182] باب التمسح بالقبور من الشرك

- ‌[183] باب هل في حديث: «الله الله تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا» دليل على جواز التمسح بالقبور

- ‌[184] باب حكم قراءة القرآن عند القبور

- ‌[185] باب حكم القراءة على القبر

- ‌[186] باب حكم زراعة أشجار على القبور

- ‌[187] باب لا حج إلا لبيت الله الحرامأما الحج إلى القبور فمن الشرك

- ‌[188] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[189] باب الطواف حول القبور وثنية لا يرضاها الإسلام

- ‌[190] باب لا تستقبل القبور حين الدعاء

- ‌[191] باب حكم قصد القبر للدعاء عنده تبركاً

- ‌[192] باب منه

- ‌[193] باب حكم استقبال القبور بالدعاء

- ‌[194] باب هل يشرع تقصد القبر بالسلام والدعاء

- ‌[195] باب وضع المال عند القبر غير مشروع

- ‌[196] باب هل يجوز تعليم القبر وزيارته بعينه

- ‌[197] باب حكم البناء على القبر للضرورة والكتابة عليه

- ‌[198] باب حكم إحياء قبور الصحابة والعناية بها

- ‌جماع أبواب الكلامحول حكم شد الرحال للقبور والمواطن الفاضلةوحكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين وتَقَصُّدَها

- ‌[199] باب بدعية تتبع آثار الأنبياء والصالحين

- ‌[200] باب حكم تتبع آثار الأنبياء

- ‌[201] باب تَقَصًد آثار الأنبياء للصلاة عندها وسيلة للشرك

- ‌[202] باب من وسائل الشرك: تتبع آثار الأنبياء والصاحين

- ‌[203] باب هل شد الرحال يحرم لغيرالمساجد الثلاثة من المساجد فقط أم أن ذلك عام

- ‌[204] باب حديث: «لا تشد الرِّحال» يشمل المواطن الفاضلة

- ‌[205] باب بدعية شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين

- ‌[206] باب ما هو الحكم الشرعي في شد الرحال إلى القبور

- ‌[207] باب حكم شد الرحال إلى القبوروإلى المواطن الفاضلة

- ‌[208] باب بدعية قصد المساجد التي بمكة غير المسجد الحرام

- ‌[209] باب بدعية قصد الجبال والبقاع التي حول مكة

- ‌[210] باب بدعية قصد الصلاة في مسجد عائشة

- ‌[211] باب بدعية قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة غير المسجد النبوي ومسجد قباء

- ‌[212] باب لا يجوز شد الرحل إلى مسجد قباء مع فضيلته

- ‌[213] باب بدعية الصلاة عند قبر إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌[214] باب فتوى الشيخ في النُصُب المزعوم للخضرالذي كان موجوداً في جزيرة فيلكا وعلى دعوى المبتدعةوعَبدَةِ القبور في حياة الخضر

- ‌جماع أبواب الكلامحول مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[215] باب تحرير القول في مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع سرد جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الباب

- ‌[216] باب جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمدون شد الرحل إليه بقصد الزيارة

- ‌[217] باب بدع زيارة القبر النبوي

- ‌[218] باب من صور الغلو في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[219] باب منه

- ‌[220] باب منه

- ‌[221] باب بيان بطلان ما ينسبإلى أسامة بن زيد من صلاته عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[222] باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلمحكمها حكم زيارة باقي القبور

- ‌[223] باب هل تشرع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[224] باب الانتصار لشيخ الإسلامفي قوله بحرمة شد الرحال بقصد زيارة قبر النبي

- ‌[225] باب رد بعض شبهاتالمجيزين لشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[226] باب هل تجوز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد كل صلاة

- ‌[227] باب الفرق بين السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلممن المدينة المنورة ومن خارجها

الفصل: ‌[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد

[137] باب معنى اتخاذ القبور مساجد

[قال الإمام]:

الذي يمكن أن يفهم من الاتخاذ إنما هو ثلاث معان:

الأول: الصلاة على القبور بمعنى السجود عليها.

الثاني: السجود إليها واستقبالها بالصلاة والدعاء.

الثالث: بناء المساجد عليها وقصد الصلاة فيها.

أقوال العلماء في معنى الاتخاذ المذكور:

وبكل واحد من هذه المعاني قال طائفة من العلماء، وجاءت بها نصوص صريحة عن سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم.

أما الأول، فقال ابن حجر الهيتمي في «الزواجر» (1/ 121):

«واتخاذ القبر مسجداً معناه الصلاة عليه أو إليه» .

فهذا نص منه على أنه يفهم الاتخاذ المذكور شاملا لمعنيين أحدهما الصلاة على القبر

وقال الصنعاني في «سبل السلام» (1/ 214): «واتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها أو بمعنى الصلاة عليها» .

قلت: يعني أنه يعم المعنيين كليهما ويحتمل انه أراد المعاني الثلاثة، وهو الذي فهمه الإمام الشافعيُّ رحمه الله، وسيأتي نص كلامه في ذلك ويشهد للمعنى الأول أحاديث:

ص: 209

الأول: عن أبي سعيد الخدري: «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها» (1).

الثاني: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تصلوا إلى قبر ولا تصلوا على قبر» (2).

الثالث: عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور (3).

الرابع: عن عمروا بن دينار-وسئل عن الصلاة وسط القبور-قال: ذكر لي

أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فعلنهم

الله تعالى» (4).

وأما المعنى الثاني: فقال المناوي في «فيض القدير» حيث شرح الحديث الثالث المتقدم:

«أي اتخذوها جهة قبلتهم مع اعتقادهم الباطل، وإن اتخاذها مساجد لازمٌ (5)

(1) رواه أبو يعلى في «مسنده» (ق 66/ 2) وإسناده صحيح وقال الهيثمي (3/ 61): «ورجاله ثقات» . [منه].

(2)

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (3/ 145/2) وعنه الضياء المقدسي في «المختارة» عن عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا وقال المقدسي: «وعبد الله بن كيسان قال فيه البخاري: منكر الحديث قال أبو حاتم الرازي ضعيف وقال النسائي: ليس بالقوي إلا أني لما رأيت ابن خزيمة والبستي أخرجا له أخرجناه»

قلت: لكن الحديث صحيح، فإن له عند الطبراني (3/ 150/1) طريقا آخر خيراً من هذه عن ابن عباس علقه البخاري في «التاريخ الصغير» (ص 163)، وشطره الأول له شاهد من حديث أبي مرثد، يأتي قريبا. [منه].

(3)

رواه ابن حبان (343). [منه].

(4)

رواه عبد الرزاق (1591) وهو مرسل صحيح الإسناد، وموضع الشاهد منه أن عمرا استشهد بالحديث على النهي عن الصلاة بين القبور، فد على أنه يعني المعنى المذكور. [منه].

(5)

يعني: يلزم من السجود إليها بناء المساجد عليها، كما يلزم من بناء المساجد عليها السجود إليها وهذا أمر واقع مشاهد. [منه].

ص: 210

لاتخاذ المساجد عليها كعكسه، وهذا بين به سبب لعنهم لما فيه من المغالاة في التعظيم. قال القاضي (يعني البيضاوي): لما كانت اليهود يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة، ويتوجهون في الصلاة نحوها، فاتخذوها أوثاناً لعنهم الله، ومنع المسلمين عن مثل ذلك ونهاهم عنه

».

قلت: وهذا معنى قد جاء النهي الصريح عنه فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» (1).

(1) رواه مسلم (3/ 62) وأبو داود (1/ 71) والنسائي (1/ 124) والترمذي (2/ 154) والطحاوي في «شرح المعاني» (1/ 296) والبيهقي (3/ 435) وأحمد (4/ 135) وابن عساكر (2/ 1512 و152/ 2) من حديث أبي مرثد الغنوي وقال احمد: «إسناده جيد» .

وقول الشيخ سليمان حفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله في حاشيته على «المقنع» (1/ 125): «متفق عليه» .وهم منه.

ثم عزاه (صلى الله عليه وسلم 281) لمسلم وحده فأصاب: وله [على علمه وفضله] من مثل هذا التخريج أوهام كثيرة جداً، يجعل الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به، وأنا أضرب على ذلك بعض الأمثلة الأخرى تنبيها لطلاب العلم ونصحاً لهم، وإنما الدين النصيحة.

1 -

قال «صلى الله عليه وسلم 20» : «روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتفعوا من الميتة بشيء، رواه الدارقطني بإسناد جيد» .

قلت: وهو حديث ضعيف وفي الصحيح ما يعارضه وعزوه للدراقطني وهم لم أجد من سبقه إليه.

2 -

قال «صلى الله عليه وسلم 28» لقوله ص: «من استنجى من ريح فليس منا» رواه الطبراني في «معجمه الصغير» .

قلت: وليس هذا في «المعجم» وأنا أخبر الناس به- والحمد لله- فإني خدمته، ورتبته على مسانيد الصحابة وخرجت أحاديثه ووضعت فهرساً جامعاً لأحاديثه.

ثم إن الحزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر، لأنه من رواية أبي الزبير عن جابر، كما أخرجه الجرجاني (272) وغيره وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.

3 -

قال «صلى الله عليه وسلم 29» : «قال النبي ص: لخلوف فم الصائم .... » رواه الترمذي

قلت: وهو في «صحيح البخاري» و «صحيح مسلم» !!. [منه].

ص: 211

قال الشيخ علي القاري في «المرقاة» (2/ 372) معللا النهي: «لما فيه من التعظيم البالغ كأنه من مرتبة المعبود، ولو كان هذا التعظيمُ حقيقة للقبر أو لصاحبه لكفر المعظم، فالتشبه به مكروه، وينبغي أن تكون كراهة تحريم. وفي معناه بل أولى منه الجنازة الموضوعة (يعني قبلة المصلين) وهو مما ابتلي به أهل مكة حيث يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها» .

قلت: يعني في صلاة الفريضة وهذا بلاءٌ عامٌ قد تعداه إلى بلاد الشام والأناضول وغيرها، وقد وقفنا منذ شهر على صورة شمسية قبيحة جداً تمثل صفاً من المصلين ساجدين تجاه نعوش مصفوفة أمامهم فيها جثث جماعة من الأتراك كانوا ماتوا غرقا في باخرة.

وبهذه المناسبة نلفت النظر إلى أن الغالب من هديه صلى الله عليه وآله وسلم هو الصلاة على الجنائز في «المصلى» خارج المسجد، ولعل من حكمة ذلك إبعادُ المصلين عن الوقوع في مثل هذه المخالفة التي نبه عليها العلامة القاري رحمه الله.

ونحو الحديث السابق ما روى ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال:

«كنت أصلي قريباً من قبر، فرآني عمر بن الخطاب فقال: القبر القبر. فرفعت بصري إلى السماء، وأنا أحسبه يقول: القمر!» (1).

وأما المعنى الثالث: فقد قال به الإمام البخاريُّ، فإنه ترجم للحديث الأول بقوله «باب ما يكره من اتخاذ القبور مسجدا على القبور» .

(1) رواه أبو الحسن الدينوري في «جزء فيه مجالس من أمالي أبي الحسن القزويني» (ق 3/ 1) بإسناد صحيح، وعلقه البخاري (1/ 437 _ فتح)، ووصله عبد الرزاق أيضا في «مصنفه» (1/ 404// 1581) وزاد:«إنما أقول القبر: لا تصل إليه» . [منه].

ص: 212

فقد أشار بذلك إلى أن النهي عن اتخاذ القبور مسجداً يلزمُ منه النهي عن بناء المساجد عليها، وهذا أمر واضح، وقد صرح به المناوي آنفا وقال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث:«قال الكرماني: مفاد الحديث منع اتخاذ القبر مسجداً، ومدلول الترجمة اتخاذ المسجد على القبر ومفهومها متغاير، ويجاب بأنهما متلازمان وإن تغاير المفهوم» .

وهذا المعنى هو الذي أشارت إليه السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها في آخر الحديث الأول:

«فلولا ذاك أُبرِزَ قبره، غير انه خُشِيَ أن يُتَّخَذَ مسجداً» .

إذ المعنى فلولا ذاك اللعن الذي استحقه اليهود والنصارى بسبب اتخاذهم القبور مساجد المستلزم البناء عليها، لجعل قبره صلى الله عليه وآله وسلم في أرضٍ بارزةٍ مكشوفةٍ، ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك خشية أن بُيْنَى عليه مسجد من بعض من يأتي بعدهم، فتشملهم اللعنة.

ويؤيد هذا ما روى ابن سعد (2/ 241) بسند صحيح عن الحسن- وهو: البصري- قال: ائتمروا (1) أن يدفنوه صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد، فقالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان واضعاً رأسه في حجري، إذ قال:«قاتل الله أقواماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ، واجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة.

قلت: هذه الرواية على إرسالها تدل على أمرين اثنين:

أحدهما: أن السيدة عائشة فهمت من الاتخاذ المذكور في الحديث انه يشمل

(1) أي تشاوروا. [منه].

ص: 213

المسجد الذي قد يدخل فيه القبر فبالأحرى أن يشمل المسجد الذي بني

على القبر.

الثاني: أن الصحابة أقروها على هذا الفهم ولذلك رجعوا إلى رأيها فدفنوه صلى الله عليه وآله وسلم في بيتها.

فهذا يدل على أنه لا فرق بين بناء المسجد على القبر، أو إدخال القبر في المسجد، فالكل حرام لأن المحذور واحد ولذلك قال الحافظ العراقي:«فلو بنى مسجدا يقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة، بل يحرم الدفن في المسجد وإن شرط أن يدفن فيه لم يصح الشرط؛ لمخالفة وقفه مسجداً» (1).

قلت: وفي هذا إشارة إلى أن المسجد والقبر لا يجتمعان في دين الإسلام، كما تقدم ويأتي ويشهد لهذا المعنى الحديث الخامس المتقدم بلفظ:

«أولئك قوم إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً

أولئك شرار الخلق

».

فهو نص صريح في تحريم بناء المسجد على قبور الأنبياء والصالحين؛ لأنه صرح أنه من أسباب كونهم من شرار الخلق عند الله تعالى.

ويؤيده حديث جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه» (2).

(1) نقله المناوي في «فيض القدير» (5/ 274) وأقره. [منه].

(2)

رواه مسلم (3/ 62) والسياق له وابن أبي شيبة (4/ 134) والترمذي (2/ 155) وصححه واحمد (3/ 339 و399).

واعلم أن حديث جابر هذا في النهي عن البناء على القبر حديث صحيح لا يرتاب في ذلك ذو علم بطرق التصحيح والتضعيف، فلا تغتر بإعلال الكوثري له في «مقالاته» (ص 159) بان «فيه عنعنة أبي الزبير» فإن أبا الزبير قد صرح بالتحديث عند مسلم وكذا أحمد وما أعتقد أن هذا يخفى على الكوثري، ولكن يفعل ذلك عمداً شأن أهل الأهواء قديماً وحديثاً يضعفون الأحاديث الصحيحة إذا كانت عليهم، ويصححون الأحاديث الضعيفة إذا كانت لهم! والكوثري هذا مشهور بذلك عند أهل العلم، وقد بينت شيئاً من هذا في «الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة» (الأحاديث 23 و24 و25) فليراجع من شاء التأكد مما نقول ويأتيك مثال آخر في هذا الكتاب. ويؤيد صحة الحديث أنا أبا الزبير لم يتفرد به، بل تبعه سليمان بن موسى عند أحمد وغيره، ولما صححه الترمذي قال:«وقد روي من غير وجه عن جابر» وتابعه أيضا أبو نضرة عند ابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (10/ 201/1)

وله شاهد عن أم سلمة عند أحمد، وآخر عند أبي سعيد كما في «الكواكب الدراري» (ق 8687 تفسير 548). [منه].

ص: 214

فإنه بعمومه يشمل بناء المسجد على القبر، كما يشمل بناء القبة عليه، بل الأول أولى بالنهي كما لا يخفى.

فثبت أن هذا المعنى صحيح أيضا يدل عليه لفظ (الاتخاذ) وتؤيده الأدلة الأخرى.

أما شمول الأحاديث للنهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور فدلالتها على ذلك أوضح وذلك لأن النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها، من باب أن النهي عن الوسيلة يستلزم النهي عن المقصود بها والتوسل بها إليه، مثاله إذا نهى الشارع عن بيع الخمر، فالنهي عن شربه داخل في ذلك كما لا يخفى بل النهي عنه من باب أولى.

ومن البين جداً أن النهي عن بناء المساجد على القبور ليس مقصوداً بالذات، كما أن الأمر ببناء المساجد في الدور والمحلات ليس مقصوداً بالذات، بل ذلك

ص: 215

كله من أجل الصلاة فيها، سلباً أو إيجاباً، يوضح ذلك المثال الآتي: لو أن رجلاً بنى مسجداً في مكان قفر غير مأهول، ولا يأتيه أحدٌ للصلاة فيه، فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد، بل هو عندي آثم؛ لإضاعة المال، ووضعه الشيء في غير محله!

فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمناً بالصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء، وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد على القبور فهو ينهى ضمناً عن الصلاة فيها، لأنها هي المقصودة بالبناء أيضاً، وهذا بين لا يخفى على العاقل إن شاء الله تعالى.

ترجيح شمول الحديث للمعاني كلها وقول الشافعي بذلك.

وجملة القول: أن الاتخاذ المذكور في الأحاديث المتقدمة يشمل كل هذه المعاني الثلاثة، فهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال بذلك الإمام الشافعيُّ رحمه الله، ففي كتابه «الأم» (1/ 246) ما نصه:

«وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى، أو يصلى عليه وهو غير مسوى (يعني أنه ظاهر معروف) أو يصلى إليه» ، قال:«وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء، أخبرنا مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» .» قال: «وأكره هذا للسنة والآثار، وأنه كره- والله تعالى أعلم- أن يُعظم أحدٌ من المسلمين، يعني يُتخذ قبره مسجداً، ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على ما يأتي بعده» .

فقد استدل بالحديث على المعاني الثلاثة التي ذكرها في سياق كلامه فهو دليل واضح على أنه يفهم الحديث على عمومه وكذلك صنع المحقق الشيخ على

ص: 216

القارئ نقلاً عن بعض أئمة الحنفية فقال في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (1/ 456):

«سبب لعنهم: إما لأنهم كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لهم، وذلك هو الشرك الجلي، وإما لأنهم كانوا يتخذون الصلاة لله تعالى في مدافن الأنبياء، والسجود على مقابرهم، والتوجه إلى قبورهم حالة الصلاة نظراً منهم بذلك إلى عبادة الله والمبالغة في تعظيم الأنبياء، وذلك هو الشرك الخفي؛ لتضمنه ما يرجع إلى تعظيم مخلوق فيما لم يؤذن له، فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته عن ذلك إما لمشابهة ذلك الفعل سنة اليهود، أو لتضمنه الشرك الخفي. كذا قاله بعض الشرَّاح من أئمتنا، ويؤيده ما جاء في رواية: يحذر ما صنعوا» .

قلت: والسبب الأول الذي ذكره وهو السجود لقبور الأنبياء تعظيماً لهم، وإن كان غير مستبعد حصوله من اليهود والنصارى، فإنه غير متبادر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ، فإن ظاهره أنهم اتخذوها مساجد لعبادة الله فيها على المعاني السابقة تبركا بمن دفن فيها من الأنبياء، وإن كان هذا أدى بهم- كما يؤدي بغيرهم- إلى وقوعهم في الشرك الجلي ذكره الشيخ القارئ.

"تحذير الساجد"(ص21 - 32)

ص: 217