الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)
ــ
[حاشية الجمل]
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَبِاَللَّهِ أَسْتَعِينُ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَمَيُّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ لِصِحَّتِهَا وَأُخَرَ لِلُزُومِهَا وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهَا وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَهِيَ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَخَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ عَتِيقٍ مِنْ النَّارِ مَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ وَلَمْ تُقَمْ بِهَا لِفَقْدِ الْعَدَدِ، أَوْ لِأَنَّ شِعَارَهَا الْإِظْهَارُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِيًا وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَهَا بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا بِقَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. ش م ر.
وَفِي ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّوا الْجُمُعَةَ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ وَالْأَحَدَ أَوَّلَ وَالِاثْنَيْنِ أَهْوَنَ وَالثُّلَاثَاءَ جُبَارًا وَالْأَرْبِعَاءَ دُبَارًا وَالْخَمِيسَ مُؤْنِسًا وَالسَّبْتَ شِيَارًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وَأَنَّ يَوْمِي
…
بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ
أَوْ التَّالِي جُبَارَا فَإِنْ أَفُتْهُ
…
فَمُؤْنِسٍ أَوْ عَرُوبَةٍ أَوْ شِيَارَا
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْأَهْوَنُ اسْمٌ لِرَجُلٍ وَاسْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا أَهَوْدُ كَأَحْمَدَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا أَوْهَدُ كَذَلِكَ وَجُبَارٌ كَغُرَابٍ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ وَيُكْسَرُ وَفِيهِ أَيْضًا دُبَارٌ كَغُرَابٍ وَكِتَابٍ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ لَيْلَتُهُ وَفِيهِ أَيْضًا شِيَارٌ كَكِتَابٍ يَوْمُ السَّبْتِ جَمْعُهُ أَشْيُرٌ وَشُيَرٌ وَشِيَرٌ بِالْكَسْرِ وَفِيهِ وَعَرُوبَةٌ وَبِاللَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اهـ. . وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
وَقَوْلُهُ بِقَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَاسْمُهَا نَقِيعُ الْخَضِمَات انْتَهَى بِالْحَرْفِ وَنَقِيعٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْخَضِمَات بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ قَرْيَةٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ بَطْنٌ مِنْ الْأَنْصَارِ اهـ. مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَغَيْرِهِ الْخَضِمَاتُ بِالْمُثَنَّاتِ الْفَوْقِيَّةِ آخَرَهُ اهـ شَيْخُنَا ح ف
بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا
(تَتَعَيَّنُ) وَالْأَصْلُ فِي تَعْيِينِهَا آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9]، وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ كَخَبَرِ «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَخَبَرِ: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ
ــ
[حاشية الجمل]
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ الْخَضِمَاتُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَمِيمٍ فَأَلِفٌ وَآخِرُهُ فَوْقِيَّةٌ اهـ وَهِيَ صَلَاةٌ أَصْلِيَّةٌ تَامَّةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَقْصُورَةِ وَقِيلَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرَاتِ أَوْ لِجَمْعِ خَلْقِ آدَمَ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِهَا أَوْ لِاجْتِمَاعِهِ بِحَوَّاءَ فِي عَرَفَةَ فِيهَا، أَوْ لِأَنَّهُ جَامَعَهَا فِيهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَانَ يُقَالُ لِيَوْمِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمُ الْعَرُوبَةِ أَيْ الْبَيِّنُ الْمُعَظَّمُ وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ يَوْمَهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى» ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ اهـ. ح ل وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتُهَا أَيْ الْجُمُعَةُ أَفْضَلُ لَيَالِيِ الْأُسْبُوعِ كَمَا أَنَّ يَوْمَهَا أَفْضَلُ أَيَّامِهِ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَتِهَا وَلَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِرُؤْيَتِهِ ذَاتَهِ تَعَالَى بِعَيْنِ بَصَرِهِ.
وَأَمَّا فِي حَقِّنَا فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا وَلَيْلَةُ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِلَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَلَيْلَةِ الْمَوْلِدِ اللَّيْلَتَانِ الْمُعَيَّنَتَانِ لَا نَظَائِرُهُمَا مِنْ كُلِّ سَنَةٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمِيمِ) وَهُوَ أَفْصَحُ وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَفَتْحُهَا لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَإِسْكَانُهَا لُغَةُ عَقِيلٍ وَقَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ وَالْجَمْعُ جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ مِثْلُ غُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ وَجَمَّعَ النَّاسُ بِالتَّشْدِيدِ شَهِدُوا الْجُمُعَةَ كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا شَهِدُوا الْعِيدَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهَذِهِ اللُّغَاتُ الْأَرْبَعُ إنَّمَا هِيَ إذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْأُسْبُوعِ فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ كَقَوْلِك صُمْت جُمُعَةً أَيْ أُسْبُوعًا تَعَيَّنَ سُكُونُ الْمِيمِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر وَأَمَّا الْجُمُعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فَاسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُهَا السَّبْتُ اهـ. مِصْبَاحٌ وَعَلَيْهِ فَالسُّكُونُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَتَعَيَّنُ) أَيْ تَجِبُ عَيْنًا (قَوْلُهُ: آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ فِيهَا الصَّلَاةُ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ إلَيْهَا وُجُوبُهَا وَسُمِّيَتْ الصَّلَاةُ ذِكْرًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ش م ر {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَهُوَ الصَّلَاةُ وَقِيلَ الْخُطْبَةُ فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ وَجَبَ مَا يُسْعَى إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ إلَّا لِفِعْلِ الْوَاجِبِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي قَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِهَا بِالْآيَةِ وَالْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْجُمُعَةِ إذْ وُجُوبُ السَّعْيِ فِي يَوْمِهَا شَامِلٌ لِنَحْوِ الْعَصْرِ وَأَيْضًا الذِّكْرُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ فِيهِ بِمَعْنَى الْمُتَأَكِّدِ فِعْلُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ، فَذِكْرُهُ تَخْصِيصٌ لِمَا قَبْلَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَرْبَعَةً) إنْ نَصَبَ فَذَاكَ وَإِنْ رَفَعَ فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَتْرُكُ الْجُمُعَةَ مُسْلِمٌ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةٌ اهـ سم. اهـ. ع ش.
وَقَوْلُهُ إنْ نَصَبَ فَذَاكَ أَيْ فَذَاكَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ نَصَبَ قَوْلَهُ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ فَهُوَ عَلَى الْبَدَلِ وَإِنْ رَفَعَ فَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَحَدُهَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ، أَوْ عَلَى أَنَّ إلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ وَأَرْبَعَةٌ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ بِمَحْذُوفٍ مَفْهُومٍ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ بَدَلٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِإِيضَاحٍ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَالْغَرَضُ مِنْ تَأْوِيلِ الرَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ رَفْعُ الْإِشْكَالَ وَصُورَتُهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ تَامٌّ مُوجَبٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ يَجِبُ فِيهِ نَصْبُ الْمُسْتَثْنَى فَمَا وَجْهُ تَصْحِيحِ الرَّفْعِ هُنَا هَذَا وَفِي ش م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّصْبَ بَعْدَ الْكَلَامِ التَّامِّ الْمُوجَبِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُصْفُورٍ فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَ إلَّا مُوجِبًا جَازَ فِي الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إلَّا وَجْهَانِ أَفْصَحُهُمَا النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَالْآخَرُ أَنْ تَجْعَلَهُ مَعَ إلَّا تَابِعًا لِلِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَقُولُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ} [البقرة: 249] بِالرَّفْعِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلَمَّا تَفَرَّقُوا كُلُّهُمْ أَحْرَمُوا إلَّا أَبُو قَتَادَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ اللُّمَعِ: وَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ إلَّا صِفَةً وَيَكُونُ الِاسْمُ الَّذِي بَعْدَ إلَّا مُعْرَبًا بِإِعْرَابِ مَا قَبْلَهَا تَقُولُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدٌ وَرَأَيْت الْقَوْمَ إلَّا زَيْدًا وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ
أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ»
وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ
(عَلَى مُسْلِمٍ) مُكَلَّفٍ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ (حُرٍّ ذَكَرٍ بِلَا عُذْرِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) .
(مُقِيمٍ بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ) تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ (أَوْ بِمُسْتَوٍ
ــ
[حاشية الجمل]
إلَّا زَيْدٍ فَتُعْرَبُ مَا بَعْدَ إلَّا بِإِعْرَابِ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَابُ عَلَى إلَّا وَلَكِنْ إلَّا حَرْفٌ لَا يُمْكِنُ إعْرَابُهُ فَنُقِلَ إعْرَابُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ لَمَّا كَانَتْ اسْمًا ظَهَرَ الْإِعْرَابُ فِيهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً تَقُولُ قَامَ الْقَوْمُ غَيْرُ زَيْدٍ وَرَأَيْت الْقَوْمَ غَيْرَ زَيْدٍ وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ غَيْرِ زَيْدٍ اِ هـ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوبَ بِهَيْئَةِ الْمَرْفُوعِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ إلَّا مَنْصُوبٌ بِهَا أَوْ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إلَّا أَرْبَعَةً كَذَا فِي النُّسَخِ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ عَطْفُ بَيَانٍ لِأَرْبَعَةٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُوجَبٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّهَا مَنْصُوبَةٌ لَا مَرْفُوعَةٌ وَكَانَتْ عَادَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَنْصُوبَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَيَكْتُبُوا عَلَيْهِ تَنْوِينَ الْمَنْصُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَوَاضِعَ تُشْبِهُ هَذَا قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَرَأَيْته أَنَا فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي خَطِّ الزُّهْرِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُسْتَدْرَكِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ مَرْفُوعَةً تُعْرَبُ خَبَرًا لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ لَا عَطْفُ بَيَانٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: «أَوْ امْرَأَةٌ» ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى الْأَرْبَعَةِ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مَوْجُودِينَ إذْ ذَاكَ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَأْتِي اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ) أَيْ فَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَعِلْمُهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ اهـ. ع ش وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَخْفِيفِ عَدَدِهَا مَا يَسْبِقُهَا مِنْ مَشَقَّةِ الِاجْتِمَاعِ الْمُشْتَرَطِ لِصِحَّتِهَا وَتَحَتُّمِ الْحُضُورِ وَسَمَاعِ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّهُمَا نَائِبَتَانِ مَنَابَ الرَّكْعَتَيْنِ الَأَخِيرَتَيْنِ اهـ. حَجّ وَالْجَدِيدُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ ظُهْرًا وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا وَقْتَهُ تُتَدَارَكُ بِهِ بَلْ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا وَلِقَوْلِ «عُمَرَ: رضي الله عنه الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ حَسَنٌ وَالْقَدِيمُ إنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورٌ اهـ. ش م ر وَهَذَا أَيْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ وَحُكْمُهُ عَلَى الْجُمُعَةِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ حُكْمٌ عَلَى مَجْهُولٍ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فَأَشَارَ إلَى جَوَابِ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِيهِ الْحُكْمُ عَلَى مَعْلُومٍ لَا عَلَى مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمَعْلُومَ لَا يَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى ذِكْرِهِ وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْآدَابِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى حُرٍّ ذَكَرٍ) شَمِلَ ذَلِكَ أَجِيرَ الْعَيْنِ حَيْثُ أَمِنَ فَسَادَ الْعَمَلِ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِخَبَرِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ» اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ شَمِلَ ذَلِكَ أَجِيرَ الْعَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ لِلصَّحِيحَةِ وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إحْضَارِ الْخُبْزِ لِمَنْ يَخْبِزُهُ وَيُعْطَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَيْسَ اشْتِغَالُهُ بِالْخُبْزِ عُذْرًا، بَلْ يَجِبُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ مَا لَمْ يُكْرِهْهُ صَاحِبُ الْخُبْزِ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ فَلَا يَعْصِي وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَوْ تَرَكَهُ وَذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ تَلِفَ، كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا وَإِنْ أَثِمَ بِأَصْلِ اشْتِغَالِهِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِهِ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْعَمَلَةِ كَالنَّجَّارِ وَالْبَنَّاءِ وَنَحْوِهِمَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَحَجِّ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَإِنْ زَادَ زَمَنُهُ عَلَى زَمَنِ صَلَاتِهِ بِمَحَلِّ عَمَلِهِ، وَلَوْ طَالَ.
وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِهَا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ زَمَنِهَا زَمَنُ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ الرَّاتِبَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمْكِينُهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، قَالَ وَلَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ بُعْدِهِ أَوْ كَوْنِ إمَامِهِ يُطِيلُ الصَّلَاةَ اهـ. بِحُرُوفِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَتَتَكَرَّرُ فَاشْتَرَطَ لِاغْتِفَارِهَا أَنْ لَا يَطُولَ زَمَنُهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَاكْتَفَى لِتَفْرِيغِ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فُرَادَى بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَلَمْ تَسْقُطْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهَا؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا يُفَوِّتُ الصَّلَاةَ بِلَا بَدَلٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرِ تَرْكِ الْجَمَاعَةَ) هَلْ الْأَعْذَارُ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ مُوجِبَاتٌ لِلتَّرْكِ خِلَافٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ اهـ. إيعَابٌ أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَعْذَارَ مُسْقِطَةٌ لِلْوُجُوبِ أَيْ مَانِعَةٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمَعْذُورِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُقِيمٍ بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ صَوْتُ الْمُنَادِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ وَالتَّقَيُّدُ فِيمَا بَعْدَهُ انْتَهَى سم.
(قَوْلُهُ: تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: مُقِيمٍ إلَخْ وَمَا قَبْلَهُ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُسْتَوٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ، وَقَوْلُهُ بَلَغَهُ أَيْ الْمُقِيمَ بِالْمُسْتَوِي، وَقَوْلُهُ فِيهِ
بَلَغَهُ فِيهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعْتَدِلَ سَمْعٍ صَوْتٌ عَالٍ عَادَةً فِي هُدُوٍّ) أَيْ سُكُونٍ لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ (مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ أَوْ مُسَافِرٍ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَوِي (مِنْ مَحَلِّهَا) أَوْ مُسَافِرٍ لِمَعْصِيَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» ، وَالْمُسَافِرُ لِمَعْصِيَةٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصِ.
فَلَا جُمُعَةَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأَلْحَقَ بِالْمَرْأَةِ فِيهِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ وَأَلْحَقَ بِالْمَرِيضِ فِيهِ نَحْوَهُ.
ــ
[حاشية الجمل]
مُتَعَلِّقٌ بِبَلَغَ وَفَاعِلُهُ صَوْتٌ وَمُعْتَدِلٌ حَالٌ مِنْ الْمُقِيمِ وَقَوْلُهُ فِي هُدُوٍّ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِبَلَغَ، وَقَوْلُهُ يَلِيهِ أَيْ يَلِي الْمُسْتَوِيَ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِقِسْمَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مُقِيمٍ بِصُورَتَيْهِ وَعَلَى الْمُسَافِرِ لِلْمُسْتَوِي مِنْ مَحَلِّهَا أَيْ خَرَجَ مِنْ مَحَلِّهَا إلَى ذَلِكَ الْمُسْتَوِي وَتَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْمُسَافِرِ لِمَعْصِيَةٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بَلَغَهُ فِيهِ صَوْتٌ) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهُ نِدَاءُ جُمُعَةٍ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ بِالْفِعْلِ لِمَانِعٍ أَوْ لِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ إلَيْهِ اهـ. مِنْ الْحَلَبِيِّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: عَالٍ أَيْ مُعْتَدِلٍ وَكَوْنُهُ بِالْأَذَانِ لَيْسَ قَيْدًا وَلَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ فَحُضُورُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا جَمَاعَةً أَوْلَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَوْلَى مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَبْعَدِ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ سُكُونً لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ) اُعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ بُلُوغِ الْأَذَانِ وَاعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَرْيَاحِ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تُعِينُ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَمْنَعُ مِنْهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ) لَعَلَّ ضَابِطَهُ مَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ إقَامَتِهِ فَمَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ لَهُ مِنْ مَحَلِّهَا) أَيْ وَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا إنْ سَمِعَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ فَلَوْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهَا لَكَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُسْتَوِي) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْحَصَادَيْنِ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ نِدَاءَ مَحَلِّهِمْ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ وَإِنْ سَمِعُوهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ هُنَا يَشْمَلُ الْقَصِيرَ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ سَمِعُوا لَكِنْ خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ مَالِهِمْ، وَكَذَا إنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ وَسَمِعُوا أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا إنْ خَافُوا عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَا قَصْرَ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الرُّخَصِ لِعَاصٍ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِالْمُسْتَوِي وَالْمُسَافِرِ لَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى الْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ وَعَلَى الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا بِالتَّأَسِّي.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى صَبِيٍّ) وَيَجِبُ أَمْرُهُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ كَمَا مَرَّ وَيُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْقِنِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِهَا وَيُسْتَحَبُّ لِعَجُوزٍ فِي بِذْلَتِهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَيْضًا فِي حُضُورِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْجَمَاعَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِمَرِيضٍ أَطَاقَ وَضَابِطُهُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِحُضُورِهَا مَشَقَّةٌ كَمَشَقَّةِ مَشْيِهِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: وَلِعَجُوزٍ فِي بِذْلَتِهَا أَيْ حَيْثُ أَذِنَ زَوْجُهَا أَوْ كَانَتْ خَلِيَّةً وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْحُضُورُ لِلشَّابَّةِ وَلَوْ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) نَعَمْ إنْ أَفَاقَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَزِمَهُ فِعْلُهَا وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا) إنْ قُلْت: الْقَضَاءُ فَرْعُ الْوُجُوبِ وَهُنَا لَا وُجُوبَ قُلْت: هُوَ فَرْعُهُ غَالِبًا اهـ. ح ل - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَةِ الرَّقِيقِ نَفْسِهِ اهـ ش م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ. اهـ. ح ل أَيْ الشَّدِيدَانِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُمَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمَا اسْتَشْكَلَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ الْجُوعَ وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ بِهِ وَبِأَنَّهُ كَيْفَ يُلْحَقُ فَرْضُ الْعَيْنِ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ مُسْتَنَدُهُمْ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْجُمُعَةُ كَالْجَمَاعَةِ رُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهُوَ مَنْعُ قِيَاسِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ بَلْ صَحَّ بِالنَّصِّ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ أَعْذَارِهَا فَأَلْحَقُوا بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا هُوَ كَمَشَقَّتِهِ أَوْ أَشَدُّ وَهُوَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَمَا قَالُوهُ ظَاهِرٌ وَبِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ مُقَرِّرٌ لِمَا سَلَكُوهُ لَا أَنَّهُ الدَّلِيلُ لِمَا ذَكَرُوهُ وَمِنْ الْأَعْذَارِ هَا هُنَا مَا لَوْ تَعَيَّنَ الْمَاءُ لِطُهْرِ مَحَلِّ نَحْوِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا بِحَضْرَةِ نَاسٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نَظَرُهُمْ لِعَوْرَتِهِ وَلَا يَغُضُّونَ بَصَرَهُمْ عَنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُهَا؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْكَشْفَ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَشَقَّةِ كَثِيرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا نَعَمْ هُوَ جَائِزٌ لَوْ أَرَادَ تَحْصِيلَهَا فَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَشْفُ وَعَلَى الْحَاضِرِينَ غَضُّ الْبَصَرِ إذْ الْجُمُعَةُ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْوَقْتِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَيْضًا اشْتِغَالُهُ بِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ اهـ ش م ر أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُجَهِّزُ مِمَّنْ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ بِالْمَيِّتِ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ بَلْ الْمُتَبَرِّعُ بِمُسَاعِدَةِ أَهْلِهِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
مَعْذُورٌ أَمَّا مَنْ يَحْضُرُ عِنْدَ الْمُجَهِّزِينَ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَنَةٍ بَلْ لِلْمُجَامَلَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ وَمِثْلُهُمْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْجَمَاعَاتِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَقَالَ حَجّ وَهَلْ مِنْ الْعُذْرِ هُنَا حَلِفُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَهَا لِخَشْيَتِهِ عَلَيْهِ مَحْذُورًا لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا لَكِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْشَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي تَحْنِيثِهِ حِينَئِذٍ مَشَقَّةً عَلَيْهِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِإِلْحَاقِهِ الضَّرَرَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِحَلِفِهِ فَإِبْرَارُهُ كَتَأْنِيسِ مَرِيضٍ بَلْ أَوْلَى وَأَيْضًا فَالضَّابِطُ السَّابِقُ شَمِلَ هَذَا إذْ مَشَقَّةُ تَحْنِيثِهِ أَشَدُّ مِنْ مَشَقَّةٍ نَحْوِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا؛ لِأَنَّ مُبَادَرَتَهُ بِالْحَلِفِ فِي هَذَا قَدْ يُنْسَبُ فِيهَا إلَى تَهَوُّرٍ أَيْ قِلَّةِ مُبَالَاةٍ فَلَا يُرَاعِي كُلَّ مُحْتَمَلٍ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إنْ عُذِرَ فِي ظَنِّهِ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ بِشَهَادَةِ قَرِينَةٍ بِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّاهَا حَنِثَ الْحَالِفُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالسَّبَبِ مِنْ خُرُوجِهِمْ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِمْ ضَرَرٌ كَفَسَادِ مَتَاعِهِمْ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي مِصْرِنَا كَثِيرًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَهَلْ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْجُمُعَةِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوَلِيَ زَيْدٌ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ شَرْعِيٌّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ لِنَزْعِهَا فِي الْغُسْلِ حَيْثُ يَجِبُ النَّزْعُ وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا احْتِمَالَانِ فِي النَّاشِرِيِّ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ شَيْخِنَا فِيهِ فَتَارَةً قَالَ بِالْأَوَّلِ وَتَارَةً قَالَ بِالثَّانِي اهـ. ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ إلَخْ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَهَا بَدَلٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ الظُّهْرُ وَفِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ لَهُ بَدَلٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَحُرِّرَ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُصَحِّحَةِ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْحَلِفُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَوْلِيَةَ الْإِمَامَةِ عُذْرٌ لِلْحَالِفِ فِي تَرْكِهِ الْجُمُعَةَ وَالِانْتِقَالَ إلَى بَدَلِهَا لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْزِعَ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَقَدْ عَلِمْت بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْفَرْقِ مَرْدُودٌ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت ع ش عَلَى م ر كَتَبَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوَلِيَ زَيْدٌ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ قَالَ م ر وَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي النَّاشِرِيِّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَوَّرَهُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ م ر لَكِنَّ السُّقُوطَ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ لِنَزْعِهَا فِي الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّزْعُ وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا قَالَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا. اهـ. أَقُولُ وَلِلْغُسْلِ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِلْجُمُعَةِ بَدَلٌ يَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَلْيُحَرَّرْ وَتَحَصَّلَ أَنَّ م ر رَجَعَ إلَى اعْتِمَادِ وُجُوبِهَا وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى نَزْعِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ.
ثُمَّ رَأَيْته قَرَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ سُقُوطَهَا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَالَ حَجّ إنَّ السُّقُوطَ هُوَ الْأَقْرَبُ ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْهُ اعْتِمَادَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا اهـ. بِحُرُوفِهِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَاسْتَوْجَهَ فِي الْإِيعَابِ أَنَّهُ يُعْذَرُ هُنَا وَإِنْ أَدَّى إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ سِنِينَ وَلَا يُكَلَّفُ الْعِتْقَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالٍ بِلَا مُقَابِلٍ وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَإِنْ كَانَ بِالثَّلَاثِ أَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدَةٌ فَوَاضِحٌ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ وَلَا يُكَلَّفُ فِي الْأَوَّلِ حَلِفًا خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ؛ لِأَنَّ فِيهِ وُقُوعَ الْوَرْطَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُرْفَعُ لِحَاكِمٍ يَرَاهُ وَتَكْلِيفُهُ الرَّفْعُ إلَى شَافِعِيٍّ يَحْكُمُ لَهُ بِمَنْعِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ وَإِنْ حَلَفَ بِوَاحِدَةٍ وَهُوَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْهَا لَزِمَتْهُ لِسُهُولَةِ الْمُرَاجَعَةِ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ مَعَ اخْتِصَارٍ. اهـ. مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ح ف وَالْحَبْسُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ عُذْرٌ إنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ وَلَهُ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِوُجُوبِ إطْلَاقِهِ لِفِعْلِهَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ عُذْرٌ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ وَلَوْ كَمُلَ فِي الْحَبْسِ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ كَغَالِبِ الْأَوْقَاتِ فِي حُبُوسِ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ.
فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ - لُزُومُ الْجُمُعَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَالتَّعَدُّدُ يَجُوزُ عِنْدَ عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ فَعِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يُقِيمُ لَهُمْ الْجُمُعَةَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي لَا يَعْسَرُ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا جُمُعَةٌ صَحِيحَةٌ لَهُمْ وَمَشْرُوعَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَوَّزْنَاهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ، الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ. ش م ر.
وَفِي ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) لَوْ اجْتَمَعَ فِي مَكَان أَرْبَعُونَ مَرِيضًا وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي الْحُضُورِ أَوْ لَا أَخْذًا
وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ غَيْرِ مَنْ مَرَّ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ وَلَا مُقِيمٍ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَلَا يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَعُلِمَ بِقَوْلِي بِمُسْتَوٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ لَيْسَتْ مَحَلَّ جُمُعَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فَسَمِعَ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِعُلُوِّهَا وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَمْ يَسْمَعُوهُ أَوْ كَانَتْ فِي مُنْخَفَضٍ فَلَمْ يَسْمَعُوهُ لِانْخِفَاضِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَسَمِعُوهُ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَبِقَوْلِي مُعْتَدِلَ سَمْعٍ
ــ
[حاشية الجمل]
بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ لَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِيهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِرَدِّ زَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ اهـ.
وَهَلْ مِثْلُ زَوْجَتِهِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِرَدِّ زَوْجَةِ غَيْرِهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْحَقَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى حُضُورِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِ خُصُوصِيَّةٌ كَزَوْجَةِ وَلَدِهِ وَلَوْ قِيلَ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ بِزَوْجَتِهِ فَيَكُونُ عُذْرًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ: بِرَدِّ زَوْجَتِهِ أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِأَنْ كَانَ مُتَهَيِّئًا لِلسَّفَرِ أَوْ كَانَتْ هِيَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا اهـ قَوْلُهُ: مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا كَالْمَرَضِ بِخِلَافِ مَا لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ بِلَيْلٍ اهـ. ح ل فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ نَهَارًا لَا يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِأَجْلِهَا وَقَدْ يُقَالُ أَلْحِقُوا مَا بَعْدَ الْفَجْرِ بِاللَّيْلِ فِي مَسَائِلَ لِوُجُودِ الظُّلْمَةِ فِيهِ فَتَكُونُ شِدَّةُ الرِّيحِ عُذْرًا فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَتَوَقَّفَ حُضُورُهُ الْجُمُعَةَ عَلَى السَّعْيِ مِنْ الْفَجْرِ اهـ شَيْخُنَا قَالَ ع ش وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ اهـ. وَانْظُرْ وَجْهَ حُسْنِهِ مَعَ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي لِمُعْتَدِلِ السَّمْعِ وَصَوْتِ الْمُنَادِي لَا يَصِلُ إلَى مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ مِنْ الْفَجْرِ كَاتِبُهُ إطْفِيحِيٌّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي فِي غَيْرِ الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا أَمَّا الْمُقِيمُ بِمَحَلِّهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ صَوْتِ الْمُنَادِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَتَقْيِيدُهُ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ كَلَامُ عِ ش فِي التَّصْوِيرِ مَفْرُوضًا فِي الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا فَإِذَا كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ) أَيْ وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ بِسَبَبِ سَفَرِهِ وَتَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى غَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحَصِّلَ الْجُمُعَةَ لِغَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَعْذُورِ السَّابِقِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ م ر وَخِلَافًا لِأَحَدِ كَلَامَيْنِ لِأَبِيهِ قَالَ وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّعْجِيزِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُرْمَةِ تَعْطِيلِ بَلَدِهِمْ عَنْهَا لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُعَطَّلُونَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْ مَرَّ) الَّذِي مَرَّ هُوَ الْمُسَافِرُ لِلْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَوْ لِلْمَعْصِيَةِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا) فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ السَّفَرَ لِمَحَلٍّ يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ يُسَمَّى سَفَرًا شَرْعًا وَقَدْ قَالُوا فِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ فِي صَوْبِ مَقْصِدِهِ لَا بُدَّ أَنْ يُسَافِرَ لِمَحَلٍّ يُسَمَّى الذَّهَابُ إلَيْهِ سَفَرًا عُرْفًا بِأَنْ لَا يُسْمَعَ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمُعْتَبَرَ مُجَاوَزَتُهُ يُقَالُ لَهُ مُسَافِرٌ شَرْعًا ثُمَّ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ جَازَ لَهُ التَّنَفُّلُ وَإِنْ سَمِعَ فِيهِ النِّدَاءَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى نَحْوِ الْحَصَادَيْنِ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَانِ لَا يَسْمَعُونَ فِيهِ النِّدَاءَ أَيْ نِدَاءَ بَلْدَتِهِمْ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ بَلْدَتِهِمْ أَيْضًا لَكَانَ مَنْ خَرَجَ أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى قَرْيَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَةٌ وَبِقُرْبِهَا بَلْدَةٌ يَسْمَعُ نِدَاءَهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ اهـ. ح ل وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا وَهِيَ أَنَّ الشَّخْصَ يُسَافِرُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلًا إلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ بَلَدِهِ لَكِنْ لَا يَسْمَعُ فِيهَا النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِ وَيُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَهُوَ غَيْرُ عَازِمٍ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهَا بَلْ يَرْجُو مِنْهَا قَضَاءَ حَاجَتِهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَمْ يَسْمَعُوهُ) بِأَنْ فَرَضَ زَوَالَ هَذَا الْعُلُوِّ وَكَانَتْ بِمَحَلِّهِ عَلَى مُسْتَوٍ مُسَامِتٍ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَسَمِعُوهُ بِأَنْ فَرَضَ جَعْلَهَا عَلَى وَجْهٍ الْأَرْضِ مِنْ الْمُسْتَوَى الْمُسَامِتِ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ الْمُرَادُ لَوْ فُرِضَتْ مَسَافَةُ انْخِفَاضِهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا لَسُمِعَتْ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ وَقِسْ عَلَيْهِ نَظِيرَهُ فِي الْأُولَى أَيْ فَتُفْرَضُ مَسَافَةُ عُلُوِّهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَتْ بِمُنْخَفَضٍ لَا يُسْمَعُ النِّدَاءُ وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تَبْسُطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ تَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ، الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ انْتَهَتْ اهـ. ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَعْنَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنْ يُفْرَضَ زَوَالُ الْجَبَلِ وَارْتِفَاعُ الْمُنْخَفَضِ وَتُجْعَلَ الْقَرْيَةُ عَلَى الِاسْتِوَاءِ فِي مُحَاذَاةِ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ
أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ وَبِقَوْلِي عَادَةً فِي هُدُوٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّوْتُ الْعَالِي عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُ الْمُنَادِي بِمَحَلٍّ عَالٍ كَمَنَارَةٍ
وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهَا وَقَوْلِي مُعْتَدِلَ سَمْعٍ وَعَادَةً مَعَ أَوْ مُسَافِرٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمُسْتَوٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَرْيَةٍ.
(وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) مُتَبَرِّعًا
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ يُفْرَضُ الصُّعُودُ أَوْ الْهُبُوطُ مُمْتَدًّا إلَى غَيْرِ جِهَةِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَالْقَرْيَةُ عَلَى طَرَفِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ تِلْكَ الْمَسَافَةَ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ لَسَمِعَ وَقَوْلُهُ: أَوْ جَاوَزَ إلَخْ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ لَمْ يَسْمَعْ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ فَتَجِبُ عَلَى الْأَصَمِّ وَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ وَلَا الثَّانِي فِي تَحْصِيلِهِ اهـ. شَيْخُنَا، فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ حَدِيدَ الْبَصَرِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وُجُوبَ الْحُضُورِ هُنَا قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْهِلَالِ وَقَدْ حَصَلَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَوْ عُوِّلَ عَلَى حَدِيدِ السَّمْعِ لَرُبَّمَا حَصَلَ لَهَا مَشَقَّةٌ تَامَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّ حَدِيدَ السَّمْعِ قَدْ يَسْمَعُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ كَنِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ) أَيْ لِلرِّيَاحِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَيَّنْ أَيْ حَيْثُ سَمِعُوا مَعَ وُجُودِ الْأَصْوَاتِ أَوْ الرِّيَاحِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ فِي الرِّيَاحِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا حَمَلَتْ الصَّوْتَ وَأَمَّا الْأَصْوَاتُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ الصَّوْتَ مَعَ عَدَمِ الْأَصْوَاتِ فَمَعَ وُجُودِهَا أَوْلَى فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْيَقِينِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا اُعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرِّيَاحُ. اهـ. حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَنَارَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَلَدُ الْكَثِيرَةُ الْأَشْجَارِ وَالنَّخْلِ كَطَبَرِسْتَانَ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّا نُقَدِّرُ الْبُلُوغَ بِتَقْدِيرِ زَوَالِ الْمَانِعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّمَاعُ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا سَمِعَهُ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ م ر أَنَّ ضَابِطَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مَا يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ فَشَمِلَ الْمَسْجِدَ الْخَارِجَ عَنْ الْبَلَدِ بِأَنْ خَرِبَ مَا بَيْنَ الْبَلَدِ وَبَيْنَهُ لَكِنْ لَمْ يَهْجُرُوهُ بَلْ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْمَسْجِدُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ بِجَانِبِ الْبَلَدِ مُنْفَصِلًا عَنْهَا قَلِيلًا مَعَ تَرَدُّدِهِمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ: بِمُسْتَوٍ أَيْ فَتَلْزَمُ الْمُقِيمَ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ فَمَتَى تَوَجَّهُوا إلَيْهِ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْعَوْدُ لِلْجُمُعَةِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ أَوْ لَا اهـ. ع ش فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كَأَنْ صَلَّوْا الْعِيدَ بِمَكَانِهِمْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ لِسُقُوطِهَا عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا وَأَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُهَا لَوْ عَادُوا فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ السَّعْيِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَرْبَعِينَ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوهَا بِمَحَلِّهِمْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَى مَحَلِّ النِّدَاءِ لِتَعْطِيلِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي مَحَلِّهِمْ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَخْ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ قَصْدُهُمْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمِصْرِ عُذْرًا فِي تَرْكِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي بَلْدَتِهِمْ إلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ احْتَاجُوا إلَى مَا يَصْرِفُونَهُ فِي نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَا يُكَلَّفُونَ الِاقْتِرَاضَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ اهـ. ح ل وع ش.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا الْعِيدَ ثُمَّ تَشَاغَلُوا بِأَسْبَابٍ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ حِينَئِذٍ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) أَيْ غَيْرَ أَعْمَى أَوْ أَعْمَى أَقْوَى مِنْهُ إدْرَاكًا وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ عَلَى الْقَائِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَائِدِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ مَحَلُّ الْجُمُعَةِ قَرِيبًا فَإِنَّ الْأَعْمَى الْمَذْكُورَ يَكُونُ كَالْعَصَا فَيَجِبُ السَّعْيُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلضَّرَرِ قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْجُمُعَةِ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ فَتَاوَى الْوَالِدِ انْتَهَى ح ل.
(قَوْلُهُ: وَجَدَ قَائِدًا) أَيْ تَلِيقُ بِهِ مُرَافَقَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا نَحْوَ فَاسِقٍ وَمَشْهُورٍ بِهَجْوٍ وَخَلَاعَةٍ أَخْذًا
أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ مِلْكًا لَهُ (وَ) شَيْخًا (هِمًّا وَزَمِنًا وَجَدَا مَرْكَبًا) مِلْكًا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ إعَارَةً (لَا يَشُقُّ رُكُوبُهُ) عَلَيْهِمَا.
(وَمَنْ صَحَّ ظُهْرُهُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ صَحَّتْ) جُمُعَتُهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى وَتُغْنِي عَنْ ظُهْرِهِ
(وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ) مِنْ الْمُصَلَّى (قَبْلَ إحْرَامِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَلِيِّ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ وَعَنْ دَيْنِهِ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَشَيْخًا هِمًّا) قَالَ حَجّ هُوَ أَقْصَى الْكِبْرِ وَالزَّمَانَةِ الِابْتِلَاءُ وَالْعَاهَةُ انْتَهَى.
وَفِي الْمِصْبَاحِ هَرِمَ هَرَمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ هَرِمٌ كَبِرَ وَضَعُفَ انْتَهَى وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِالْهِمِّ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ أَوْ مُتَّحِدَانِ فَفِي الْمِصْبَاحِ الْهِمُّ بِالْكَسْرِ الشَّيْخُ الْفَانِي وَالْأُنْثَى هِمَّةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ عَلَى الشَّارِحِ عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ زَمِنَ الشَّخْصُ زَمَانَةً وَزَمَنًا فَهُوَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا اهـ. بِحُرُوفِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَجَدَا مَرْكَبًا) أَيْ وَلَوْ آدَمِيًّا لَا يُزْرَى بِهِ رُكُوبُهُ أَيْ لَا يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ عَادَةً وَقَوْلُهُ: لَا يَشْقُقُ رُكُوبُهُ أَيُّ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ اهـ. ح ل وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَكَّبُ بِكَسْرِ الْكَافِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ إعَارَةً) أَيْ إعَارَةً لَا مِنَّةَ فِيهَا بِأَنْ تَفِهَتْ الْمَنْفَعَةُ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ الْمَرْكُوبِ اهـ. أَقُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ إعَارَةً أَيْ لَا مِنَّةَ فِيهَا وَهَلْ يَجِبُ السُّؤَالُ فِي الْإِعَارَةِ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي طَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ) وَهُوَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْمُسَافِرُ وَالْأَعْمَى الَّذِي لَا يَجِدُ قَائِدًا وَالشَّيْخُ الْهِمُّ وَالزَّمِنُ اللَّذَانِ لَمْ يَجِدَا مَرْكَبًا أَوْ يَشُقُّ رُكُوبُهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) أَيْ إجْمَاعًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَلَوْ بِقَلْبِهَا نَفْلًا مَثَلًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْإِجْزَاءِ فَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إذَا أَجْزَأْت الْكَامِلِينَ أَيْ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ فَلَأَنْ تُجْزِئَ أَصْحَابَ الْعُذْرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَيْ التَّعْبِيرَ بِالْإِجْزَاءِ وَاضِحٌ دُونَ التَّعْبِيرِ بِالصِّحَّةِ اهـ. حَلَبِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ قِيلَ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ أَيْ الْمِنْهَاجِ بِإِجْزَائِهِ أَصْوَبُ لِإِشْعَارِهِ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الصِّحَّةِ اهـ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ اهـ. كَلَامُ التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ: بَلْ هُمَا سَوَاءٌ أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَ الْقَضَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ إلَخْ) يَعْنِي إذَا صَحَّتْ مِنْ الْكَامِلِ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ مَعَ أَنَّهَا أَنْقَصُ فِي الصُّورَةِ مِنْ الظُّهْرِ فَصِحَّتُهَا وَإِجْزَاؤُهَا فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْعُذْرِ أَوْلَى هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْعُذْرِ إذَا حَضَرُوا انْعَقَدَتْ لَهُمْ وَأَجْزَأَتْهُمْ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ أَنْقَصُ فِي الصُّورَةِ وَإِذَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْكَامِلِينَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ فَلَأَنْ تُجْزِئَ أَصْحَابَ الْعُذْرِ بِالْأَوْلَى اهـ.
أَقُولُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ أَكْمَلُ وَأَشْرَفُ وَالْأَكْمَلُ الْأَشْرَفُ يُطْلَبُ مِنْهُ فَوْقَ مَا يُطْلَبُ مِمَّنْ دُونَهُ فَإِذَا صَحَّتْ لِلْأَكْمَلِ الْأَشْرَفِ مَعَ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ فَوْقَ مَا يَطْلُبُ مِمَّنْ دُونَهُ فَلَأَنْ تَصِحَّ لِمَنْ دُونَهُ أَوْلَى اهـ. سم.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ) أَيْ خُوطِبَ بِهَا ابْتِدَاءً فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَيْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا كَذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا صَارَ مُخَاطَبًا بِهَا وَصَارَتْ لَازِمَةً لَهُ فَهُوَ لَمْ يُؤَدِّ إلَّا مَا لَزِمَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّيْخِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْفِدْيَةِ لَهُ مَا لَمْ يَصُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ) أَوْلَى يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ الْأَوْلَوِيَّةِ إنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِنْ الْكَامِلِينَ فَمِنْ غَيْرِهِمْ أَوْلَى أَوْ أَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِنْ الْمَتْبُوعِينَ فَمِنْ التَّابِعِينَ أَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهَا مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ وَمَعْنَاهَا اسْتِيفَاءُ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ فَلَا تَظْهَرُ الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْكَامِلِ كَهُوَ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ تَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ.
(قَوْلُهُ: وَتُغْنِي عَنْ ظُهْرِهِ) هَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ مَنْطُوقُ الْمَتْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْوَقْتُ أَوْ لَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَزْمُ عَلَى الْعَوْدِ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ إذَا حَضَرَ مَكَانَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَانْصَرَفَ قَبْلَ فِعْلِهَا لِغَرَضٍ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى الْعَوْدِ لِفِعْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَإِنْ عَادَ وَفَعَلَهَا انْتَهَى مِنْ سم عَلَى حَجّ.
وَفِيهِ عَلَى الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) لَوْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ النِّدَاءَ فِي بَلَدِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي
بِهَا (إلَّا نَحْوُ مَرِيضٍ) كَأَعْمَى لَا يَجِدُ قَائِدًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ (إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَلَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ) فَعَلَهَا (أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ وَكَانَ ثَمَّ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ كَمَنْ بِهِ إسْهَالٌ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فَأَحَسَّ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ سَبَقَهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ الِانْصِرَافَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّ الْمَانِعَ فِي نَحْوِ الْمَرِيضِ مِنْ وُجُوبِهَا مَشَقَّةُ الْحُضُورِ وَقَدْ حَضَرَ مُتَحَمِّلًا لَهَا وَالْمَانِعُ فِي غَيْرِهِ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِهِ لَا تَزُولُ بِالْحُضُورِ وَالتَّقْيِيدِ بِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ وَبِقَبْلِ الْإِحْرَامِ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَبِفَجْرٍ حَرُمَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ) شَمِلَ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي حَجّ خِلَافُهُ قَالَ وَتَضَرُّرُ الْحَاضِرِينَ بِهِ يُحْتَمَلُ أَوْ يَسْهُلُ زَوَالُهُ بِتَوَقِّي رِيحِهِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ هَذَا يَشْمَلُ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ لَا فَرْقَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ أَكَلَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ أَكَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَثِمَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ كَالْجَمَاعَةِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ السُّقُوطِ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَضَرُّرُ الْحَاضِرِينَ إلَخْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَكْلُ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهِ عُذْرًا مُطْلَقًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهَا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ مَرِيضٍ) وَضَابِطُهُ أَيْ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِحُضُورِهَا مَشَقَّةٌ كَمَشَقَّةِ مَشْيِهِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ اهـ. ش م ر. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ) إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا فَلَوْ انْصَرَفَ أَثِمَ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ الْوَجْهُ لَا اهـ. سم. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا) أَمَّا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَيَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ زَادَ ضَرَرُهُ بِالِانْتِظَارِ أَوْ لَا وَاسْتَشْكَلَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعَدَمِهِ مَعَ زَوَالِ الْمَشَقَّةِ بِالْحُضُورِ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى الْمَعْذُورِ الصَّبْرُ أَنْ يَحْرُمَ انْصِرَافُهُ، وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ بَعْدَهُ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَعِيدَ الدَّارِ لَمْ يَقُمْ بِهِ عُذْرٌ مَانِعٌ وَهَذَا قَامَ بِهِ عُذْرٌ مَانِعٌ فَلَا جَامِعَ وَيُجَابُ أَيْضًا بِجَوَابٍ يَرْجِعُ إلَى هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ عُهِدَ أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْخِطَابِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ إلْزَامِيًّا بِمَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ لِكَوْنِهِ إعْلَامِيًّا وَأَمَّا بَعِيدُ الدَّارِ فَهُوَ إلْزَامِيٌّ فِيهِمَا فَاسْتَوَيَا فِي حَقِّهِ اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ عُهِدَ إلَخْ هَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى مُخَاطَبَةِ الْمَعْذُورِينَ بَعْدَ الْوَقْتِ إلْزَامًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَوْ خُوطِبُوا إلْزَامًا بَعْدَ الْوَقْتِ لَزِمَهُمْ الْحُضُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إذَا تَبَرَّعُوا بِالْحُضُورِ بَعْدَ الْوَقْتِ خُوطِبُوا حِينَئِذٍ إلْزَامًا بِشَرْطِهِ وَعَلَى هَذَا فَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا خِطَابَ فِي حَقِّهِمْ إلْزَامِيًّا قَبْلَ الْحُضُورِ لَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ فَإِذَا خُوطِبُوا إلْزَامًا بَعْدَ الْحُضُورِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَلْيُخَاطِبُوا كَذَلِكَ بَعْدَ الْحُضُورِ قَبْلَهُ وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَرَضَهُ قَبْلَ الْحُضُورِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَا خِطَابَ قَبْلَهُ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ فَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ هِيَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ فَكَيْفَ يَسُوغُ التَّمَسُّكُ بِهَا تَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا كَتَبَهُ ع ش هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يُصِبْ فِي تَقْرِيرِ الْإِيرَادِ وَلَا فِي تَقْرِيرِ الْجَوَابِ وَلَعَلَّ الْخَطَأَ مِمَّنْ جَرَّدَ الْهَوَامِشَ وَوَضَعَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ أَوْ زَادَ ضَرَرُهُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمَعْذُورَ لَوْ تَضَرَّرَ بِطُولِ صَلَاةِ الْإِمَامِ كَأَنْ قَرَأَ بِالْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ أَيْضًا أَيْ بَعْدَ التَّحَرُّمِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: ظَنَّ انْقِطَاعَهُ) اُنْظُرْ هَلْ لَهُ مَفْهُومٌ وَمَا حُكْمُهُ مَعَ بَقِيَّةِ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ سَأَلْت شَيْخَنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الظَّنُّ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ) وَصُورَةُ انْصِرَافِهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِأَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ وَيُكْمِلَ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهُ ضَرَرٌ بِالتَّكْمِيلِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَطْعُهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى) وَهُوَ نَحْوُ الْمَرِيضِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ الِانْصِرَافُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَجُوزُ لِلثَّانِي اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ حَضَرَ مُتَحَمِّلًا لَهَا) أَيْ فَزَالَ الْمَانِعُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبِفَجْرٍ حَرُمَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ عَاصٍ بِهَذَا السَّفَرِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ وَصَلَ إلَى مَحَلٍّ لَا يَسْمَعُ فِيهِ نِدَاءً أَصْلًا وَهَذِهِ الْمَعْصِيَةُ تَنْقَطِعُ بِفَوْتِ جُمُعَةِ هَذَا الْيَوْمِ فَيَتَرَخَّصُ بَعْدَ فَوْتِهَا حَتَّى لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْجُمُعَةَ الْأُخْرَى إنْ دَامَ سَفَرُهُ إلَيْهَا اهـ. شَيْخُنَا وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَجِبْ فَوْرًا فَإِنْ وَجَبَ كَذَلِكَ كَإِنْقَاذِ نَاحِيَةٍ وَطِئَهَا الْكُفَّارُ أَوْ أَسْرَى اخْتَطَفُوهُمْ وَظَنَّ أَوْ جَوَّزَ إدْرَاكَهُمْ وَحَجٍّ تَضَيَّقَ وَخَافَ فَوْتَهُ، فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وُجُوبُ السَّفَرِ فَضْلًا عَنْ جَوَازِهِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ، فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَنْهُ كَمَا إذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَوْ الْجُنُونُ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ
بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا (سَفَرٌ تَفُوتُ بِهِ) كَأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ
وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ طَاعَةً وَقَبْلَ الزَّوَالِ (لَا إنْ خَشِيَ) مِنْ عَدَمِ سَفَرِهِ (ضَرَرًا) كَانْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا حَرُمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْهُ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْدَامِ فِي ظَنِّهِ وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ السُّقُوطِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالتَّبَيُّنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْإِثْمِ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِسُقُوطِ الْإِثْمِ انْقِطَاعَهُ لِارْتِفَاعِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي سُقُوطُ إثْمِ تَضْيِيعِ الْجُمُعَةِ لَا إثْمِ قَصْدِ تَضْيِيعِهَا اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ أَهْلِ لُزُومِهَا لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا فَسَقَطَ مَا يُقَالُ كَيْفَ تَلْزَمُهُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَيْ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فِيهِ خَاشِي الضَّرَرِ وَنَحْوُهُ وَحِينَئِذٍ احْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ لَا إنْ خَشِيَ ضَرَرًا إلَخْ فَلَا يَرِدُ إنْ خَشِيَ الضَّرَرَ لَا تَلْزَمُهُ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِهَا أَهْلَ لُزُومِهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْخَشْيَةُ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ اللُّزُومِ
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْتِ الْيَمَنِيُّ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَارْتَضَاهُ الْبُرُلُّسِيُّ اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السَّفَرُ الَّذِي تَفُوتُ بِهِ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: دَعَا عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ قَالَا لَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا أَعَانَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ قَالَهُ الرَّمْلِيُّ الْكَبِيرُ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي سَفَرِ اللَّيْلِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ فَيَكُونُ فِي سَفَرِ النَّهَارِ الَّذِي فِيهِ الْإِثْمُ أَوْلَى. اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: سَفَرٌ تَفُوتُ بِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَفُتْ بِهِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُهَا فِي مَقْصِدِهِ أَوْ طَرِيقِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ فَلَوْ تَبَيَّنَ بِخِلَافِ ظَنِّهِ بَعْدَ السَّفَرِ فَلَا إثْمَ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ وَإِدْرَاكُهَا فَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ طَاعَةً) أَيْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا كَحَجٍّ وَزِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ الَّذِي يَخُصُّ حُرْمَةَ السَّفَرِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِالْمُبَاحِ وَيُجْعَلُ سَفَرُ الطَّاعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ جَائِزًا هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ أَصْلِهِ م ع ش م ر وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَ الزَّوَالِ تَأَمَّلْ هَذِهِ الْغَايَةَ مَعَ كَلَامِ الْمَتْنِ انْتَهَى شَيْخُنَا تَأَمَّلْت فَرَأَيْتهَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَدْرَكَةً مَعَ الْمَتْنِ لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَيْهَا لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ م ع ش م ر وَقَبْلَ الزَّوَالِ وَأَوَّلُ الْفَجْرِ كَبَعْدِهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الزَّوَالُ وَكَبَيْعِ النِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ انْتَهَتْ، تَأَمَّلْ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِتَفْوِيتِهَا بِهِ إلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ أَوْ يَتَضَرَّرُ، وَبِتَخَلُّفِهِ لَهَا عَنْ الرُّفْقَةِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ كَبَعْدِهِ فِي الْحُرْمَةِ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ لَا لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَعُورِضَ بِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ انْتَهَتْ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَانْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ) أَيْ انْقِطَاعًا يَخْشَى فِيهِ ضَرَرًا هَذَا مُقْتَضَى التَّمْثِيلِ لِلْمَتْنِ أَمَّا مُجَرَّدُ انْقِطَاعٍ لَا يَخْشَى فِيهِ ضَرَرًا فَلَيْسَ عُذْرًا هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ عُذْرًا فِي التَّيَمُّمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الظُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ اهـ. مِنْ ش م ر وَلَيْسَ مِنْ التَّضَرُّرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ السَّفَرَ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِأَمْرٍ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمِنْهُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ زِيَارَةَ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ فَيُرِيدُونَ السَّفَرَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي رَكْبٍ وَالسَّفَرُ فِيهِ يُفَوِّتُ جُمُعَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَكِنْ يُوجَدُ غَيْرُهُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِيمَا يَلِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ مَعَهُ التَّمَكُّنُ مِنْ السَّفَرِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ وَلَوْ نَقَصَ بِسَفَرِهِ عَدَدُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ أَدَّى إلَى تَعْطِيلِ جُمُعَتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يُكَلَّفُ بِتَصْحِيحِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّعْجِيزِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُرْمَةِ تَعْطِيلِ بَلَدِهِمْ عَنْهَا لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُعَطِّلُونَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ جَوَازِ سَفَرِهِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ لَكِنْ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا فَرْقَ حَتَّى لَوْ سَافَرَ الْجَمِيعُ لِحَاجَةٍ وَجَازَ كَأَنْ أَمْكَنَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِمْ كَانَ جَائِزًا وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ فِي بَلَدِهِمْ وَيَخُصُّ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَجْوِيزِ تَعْطِيلِهِمْ ثَمَّ بِمَحَلِّهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ. سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ لِعُذْرٍ مُرَخِّصًا فِي تَرْكِهَا فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ
لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ
(وَسُنَّ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بِمَحَلِّهَا (جَمَاعَةٌ فِي ظُهْرِهِ) فِي وَقْتِهَا لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنْ ظَهَرَ لَمْ يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْإِخْفَاءِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ وَمَرِيضٍ يَرْجُو الْخِفَّةَ (تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا وَيَحْصُلُ الْفَوْتُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ فَوْتِهَا الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَ وَقْتِهِ إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا
(وَ) سُنَّ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ كَامْرَأَةٍ وَزَمِنٍ (تَعْجِيلُهَا) أَيْ الظُّهْرِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هَذَا اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ
ــ
[حاشية الجمل]
بَيْنَ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ) أَيْ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] اهـ. شَيْخُنَا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّوْمُ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الِاسْتِيقَاظِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَمَنَعَهُ م ر وَأَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ لَهُ جَوَازُ انْصِرَافِ الْمَعْذُورِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِمْ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالنَّوْمُ هُنَا عُذْرٌ قَائِمٌ بِهِ كَالْمَرَضِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ بَعْدَ حُضُورِهِ الْمَسْجِدَ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْمُكْثِ لَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْرٌ فِي الِانْصِرَافِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَهْجُمُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ) أَيْ مِنْ الْفَجْرِ وَلَا يَجِبُ قَبْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسَعْ قَبْلَهُ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَحَلِّهَا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ ش م وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِالْبَلَدِ تُسَنُّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ شِعَارُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِخْفَاؤُهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ش م ر وَفِيهِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا إخْفَاءُ أَذَانِ الظُّهْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَنَّ إخْفَاؤُهَا) بَلْ يُسَنُّ الْإِظْهَارُ وَأَمَّا عَكْسُهُ الْمُتَقَدِّمُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ كَانَ فِي أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) أَيْ رَجَاءً قَرِيبًا اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) وَمَحَلُّ صَبْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ الْفَوْتُ) أَيْ هُنَا فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي حَقِّ أَهْلِ الْوُجُوبِ لَا يَفُوتُ إلَّا بِالسَّلَامِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْ إدْرَاكِهَا بِأَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِهَا هُنَا انْتَهَتْ
(تَنْبِيهٌ) : أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ بِبَلَدٍ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَهَلْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْجُمُعَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةُ الْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْيَأْسِ يَقِينًا وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ الَّتِي هِيَ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُتَوَقَّعٍ لَمْ يُعَارِضْ مُتَيَقِّنًا وَهَذَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْهَا ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ لَمْ يَصِحَّ ظُهْرُهُمْ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ وَاجِبِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ ش م ر (قَوْلُهُ: بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِكَوْنِهِ بِمَحَلٍّ لَا يَصِلَ مِنْهُ لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ إلَّا، وَقَدْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ) وَكَذَا لَوْ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْأَعْذَارَ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ لَا مُرَخِّصَاتٌ فِي التَّرْكِ وَبِهِ فَارَقَ وُجُودَ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ لِلرُّخْصَةِ، وَقَدْ زَالَتْ. اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَقَبْلَ أَنْ تَفُوتَ الْجُمُعَةُ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ حِينَئِذٍ وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُ قَضَاءُ ظُهْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ ظُهْرٍ فَعَلَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَفُتْ وَالظُّهْرُ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَعَ قَضَاءً عَنْ هَذَا الظُّهْرِ، وَهَكَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ مَكَثَ مُدَّةً يُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَثَلًا قَبْلَ وَقْتِهَا يَلْزَمُهُ مَغْرِبٌ وَاحِدٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَعْدَ الْعِتْقِ هُوَ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ اهـ. سم هـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا) أَيْ لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ تَعْجِيلُهَا) وَلَوْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْمَعْذُورِ وَأَيِسَ مِنْهَا لَزِمَهُ فِعْلُ الظُّهْرِ فَوْرًا؛ لِأَنَّ الْعِصْيَانَ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا شَبِيهٌ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِذَا فَعَلَهَا فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً خِلَافًا لِكَثِيرِينَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ صَارَ لَهَا اهـ. حَجّ وَأَفْتَى الشَّارِحُ فِيمَنْ لَزِمَتْهُ فَفَاتَتْهُ فِي بَلَدِهِ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا فِيهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهَا فِيهِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ بِأَنَّهَا تَلْزَمُهُ وَلَمْ يُجْزِهِ الظُّهْرُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَيْهَا اهـ. وَمَا قَالَهُ فِي بَلَدِهِ وَاضِحٌ وَفِي غَيْرِهَا
وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ كَوْنُهَا الْمُقَدَّمَةَ قَالَ وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ
(وَلِصِحَّتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا شُرُوطٌ) سِتَّةٌ أَحَدُهَا (أَنْ تَقَعَ وَقْتَ ظُهْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (فَلَوْ ضَاقَ) الْوَقْتُ عَنْهَا وَعَنْ خُطْبَتَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ شَكَّ) فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَجَبَ ظُهْرٌ) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً بَلْ ظُهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ خَرَجَ) الْوَقْتُ (وَهُمْ فِيهَا وَجَبَ) أَيْ الظُّهْرُ (بِنَاءً)
ــ
[حاشية الجمل]
إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَعْدَ يَأْسِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ بِبَلَدِهِ كَمَنْ لَا جُمُعَةَ بِبَلَدِهِ وَهُوَ إنَّمَا تَلْزَمُهُ بِغَيْرِهَا إذَا سَمِعَ نِدَاءَهَا بِشُرُوطِهِ اهـ حَجّ اهـ. سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ أَيْ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالِاخْتِيَارُ إلَخْ وَهَذَا الِاخْتِيَارُ ضَعِيفٌ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُوَ الْأَصَحُّ) هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فَحِينَئِذٍ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاخْتِيَارِ مِنْ جِهَةِ ظُهُورِ الدَّلِيلِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: قَدْ يَنْشَطُ) بِفَتْحِ الشِّينِ فِي الْمُضَارِعِ وَبِكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْقَامُوسِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الشِّينِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ لُغَتَانِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَلِصِحَّتِهَا إلَخْ) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ لُزُومِهَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ صِحَّتِهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ أَيْ مَعَ كُلِّ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ غَيْرِهَا اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا» إلَخْ) دُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّ الِاتِّبَاعَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ فِعْلِهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّتهَا فِي غَيْرِهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ وَهُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى ظَنُّ ضِيقِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ فِي الْبَقَاءِ فَتَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِيهِ مَنْطُوقًا، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ فَلَا يَصِحُّ لِشُمُولِهِ حِينَئِذٍ مَسْأَلَةَ سَعَةِ الْوَقْتِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ بَانَ فِي حَالِ الشَّكِّ اتِّسَاعُ الْوَقْتِ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بَقَاءُ وَقْتِهَا وَبَقَاءُ لُزُومِهَا وَأَنْ تَبْطُلُ الظُّهْرُ أَوْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّشَاغُلُ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِهِ مُفَوِّتًا لِلْجُمُعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ الِاسْتِوَاءُ أَوْ مَعَ رُجْحَانِ الْخُرُوجِ فَإِنْ ظَنَّ الْبَقَاءَ فَتَبْقَى الْجُمُعَةُ.
(فَرْعٌ) قَالَ أُصَلِّي الْجُمُعَةَ إنْ أَدْرَكْت الْوَقْتَ وَإِلَّا فَظُهْرًا صَحَّ كَمَا فِي نِيَّتِهِ صَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَضُرَّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ يَعْلَمُ بَقَاءُ مَا يَسَعُهَا مِنْ الْوَقْتِ أَوْ يَظُنُّ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَجَبَ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ اهـ. سم.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: وَجَبَ ظُهْرٌ وَلَوْ نَوَى فِي صُورَةِ الشَّكِّ الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ لَمْ يَضُرَّ هَذَا التَّعْلِيقُ حَيْثُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ الْوَقْتِ أَوْ ظَنِّهِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ بَلْ الْوَاجِبُ الْجَزْمُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ تَقَعَ وَقْتَ ظُهْرٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ كَالرَّافِعِيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ ضَاقَ أَوْ شَكَّ وَجَبَ ظُهْرٌ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَغَرَضُ الشَّارِحِ بِهَذَا الِاعْتِذَارُ عَنْ سُكُوتِهِ فِي الْمَتْنِ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ مَعَ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ بِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا تُقْضَى جُمُعَةً) هَلْ سُنَّتُهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَتَرَكَ سُنَّتَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ تُقْضَ أَوْ لَا بَلْ يَقْضِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَرْضُهَا الْقَضَاءَ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. سم عَلَى حَجّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ بَقِيَ مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا إحْدَاهُمَا تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقْضَى أَيْ سُنَّةَ جُمُعَةٍ اهـ وَنُقِلَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِثْلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَدَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ، وَقَوْلُهُ: وَجَبَ أَيْ الظُّهْرُ بِنَاءً أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الظُّهْرِ وَيَحْرُمُ الِاسْتِئْنَافُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْوَقْتِ عَنْ الْوَقْتِ اهـ. ح ل. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ الْآنَ أَوْ غَدًا الْأَرْجَحُ الثَّانِي اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وَجَبَ الْعَائِدُ عَلَى الظُّهْرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الظُّهْرِ بِنَاءً أَيْ مَبْنِيًّا عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ لَا مُسْتَأْنَفًا فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى نِيَّةِ الظُّهْرِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِنَاءً) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَهَذَا عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ الظُّهْرُ اسْتِئْنَافًا أَيْ يَجِبُ أَنْ يَسْتَأْنِفُوهُ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَلَوْ سَلَّمُوا مِنْهَا أَوْ الْمَسْبُوقُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى خَارِجَ الْوَقْتِ مَعَ
إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (كَمَسْبُوقٍ) أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ
(وَ) ثَانِيهَا أَنْ تَقَعَ (بِأَبْنِيَةٍ مُجْتَمِعَةٍ) وَلَوْ بِفَضَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَبْنِيَةُ مِنْ حَجَرٍ أَمْ طِينٍ أَمْ خَشَبٍ أَمْ غَيْرِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
عِلْمِهِمْ بِخُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَالسَّلَامِ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ عَمْدًا فَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا لِعُذْرِهِمْ، وَلَوْ سَلَّمَ الْأُولَى الْإِمَامُ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيهِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ، وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسَلِّمِينَ مَعَهُ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ وَحْدَهُ فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُمْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَتَمَّتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ فَأَخَّرُوا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلْحَاقًا لِلْمُنْفَرِدِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَاحْتَمَلَ أَنْ نَلْتَزِمَ فِيهَا صِحَّةَ جُمُعَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ أَوْجَهُ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَيْ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ حَيْثُ نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعِينَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ كَالْحَجِّ يَتَحَلَّلُ فِيهِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ شَرْطٍ اخْتَصَّ بِالْجُمُعَةِ فِي افْتِتَاحِهَا يَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ إلَى تَمَامِهَا اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ أَيْ مَعَ اسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ وَلَوْ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى أَقْوَى الِاحْتِمَالَيْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَسْبُوقٍ) وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَبَيْنَ الْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ فِي حَقِّهِ نَظَرٌ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحُطَّ عَنْهُ الْوَقْتَ فِيمَا يَتَدَارَكُهُ كَمَا حَطَّ عَنْهُ الْقُدْوَةَ وَالْعَدَدَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ بِدَلِيلِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا وَحُرْمَةِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ اهـ مِنْ شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَمِّ ر.
(قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ إذَا لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ إلَّا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إمَامَ الْمُوَافِقِينَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَوْ طَوَّلَ التَّشَهُّدَ وَخَشَوْا خُرُوجَ الْوَقْتِ لَزِمَتْهُمْ مُفَارَقَتُهُ وَالسَّلَامُ تَحْصِيلًا لِلْجُمُعَةِ حُرِّرَ اهـ. اط ف.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً) هَذَا عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي قَوْلٍ يُتِمُّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ اهـ. ش م ر فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ الرَّدُّ عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَقَعَ بِأَبْنِيَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ انْهَدَمَتْ إلَخْ وَقَوْلِهِ: وَلَوْ بِفَضَاءٍ أَيْ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَنْ تَقَعَ بِأَبْنِيَةٍ) وَمِنْهَا الْأَسْرَابُ وَهِيَ بُيُوتٌ فِي الْأَرْضِ. اهـ. ش م ر وَمِنْهَا الْغِيرَانُ جَمْعُ غَارٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مُجْتَمَعَةٍ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ تَفَرَّقَتْ لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا إلَّا إنْ بَلَغَ أَهْلُ دَارٍ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ فَتَلْزَمُهُمْ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ كَبَلَدِ الْجُمُعَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مُجْتَمِعَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إقَامَتُهَا بِبِنَاءٍ وَاحِدٍ مُتَّسَعٍ اسْتَوْطَنَهُ جَمَاعَةٌ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا.
فَفِي م ر مَا نَصُّهُ التَّعْبِيرُ بِهَا أَيْ بِالْأَبْنِيَةِ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ إذَا كَثُرَ فِيهِ عَدَدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ أَعْنِي م ر إذَا أَقَامَ الْجُمُعَةَ أَرْبَعُونَ فِي خُطَّةِ الْأَبْنِيَةِ وَخَرَجَتْ الصُّفُوفُ إلَى خَارِجِ الْأَبْنِيَةِ مِمَّا هُوَ حَرِيمُهَا بِحَيْثُ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ أَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ هُنَاكَ تَبَعًا لِلْأَرْبَعَيْنِ فِي الْأَبْنِيَةِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ تَبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى الْجَمِيعُ فِي ذَلِكَ الْفَضَاءِ الْخَارِجِ أَوْ كَانَ مَنْ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الصَّفُّ وَبَلَغَ فَضَاءً تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَارِجِينَ فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْكَبِ الرَّاسِيَةِ بِسَاحِلِ بُولَاقَ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْمَدْرَسَةِ النَّاشِئَةِ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّ الْمَرَاكِبَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَيْرِهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْقَصْرِ، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرِيمَ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْجُمُعَةُ إلَّا تَبَعًا لِأَرْبَعَيْنِ فِي الْخُطَّةِ، وَغَيْرُ الْحَرِيمِ لَا تَجُوزُ فِيهِ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ تَبَعًا وَاسْتِقْلَالًا فِي كُلِّ مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَافَقَ عَلَى هَذَا الَّذِي قُلْنَا أَنَّهُ الْوَجْهُ ثُمَّ قَرَّرَهُ مِرَارًا اهـ. سم اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفَضَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ تَقَعَ كَذَا ضَبَّبَ عَلَيْهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفَضَاءٍ) أَيْ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَلْ بِمُجَاوَزَتِهِ بِأَنْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ الْقَرْيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَا تَصِحُّ إقَامَتُهَا بِهِ وَلَوْ بَنَى فِيهِ الْمَسْجِدَ.
وَعِبَارَةُ
فَلَوْ انْهَدَمَتْ فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ (فَلَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ) بِمَحَلِّهِمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ فَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ مَحَلِّهَا لَزِمَتْهُمْ فِيهِ تَبَعًا لِأَهْلِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ لَا يَسْبِقَهَا بِتَحَرُّمٍ وَلَا يُقَارِنَهَا فِيهِ جُمُعَةٌ بِمَحَلِّهَا) لِامْتِنَاعِ تَعَدُّدِهَا بِمَحَلِّهَا إذْ لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ مَحَلِّهَا؛ وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّحَرُّمُ أَيْ انْتِهَاؤُهُ مِنْ إمَامِهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ الِانْعِقَادُ أَمَّا السَّبْقُ وَالْمُقَارَنَةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَلَا يُؤَثِّرَانِ وَتَعْبِيرِي بِمَحَلِّهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلْدَتِهَا (إلَّا إنْ كَثُرَ أَهْلُهُ) أَيْ أَهْلُ مَحَلِّهَا
ــ
[حاشية الجمل]
شَيْخِنَا وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ بَنَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ مَسْجِدَهُمْ خَارِجَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبُنْيَانِ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِصَالٍ لَا يُعَدُّ بِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوَالَيْ الْمَسْجِدِ مِنْ الْبَلَدِ وَانْفَصَلَ عَنْ الْعُمْرَانِ بِحَيْثُ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ بِأَنْ حَوَّطَ عَلَى الْعَامِرِ أَوْ اتَّخَذَ الْخَرَابَ مَزَارِعَ لَمْ تَصِحَّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ أَفْتَى بِالصِّحَّةِ قَالَ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْعُمْرَانِ فَرْسَخٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَهْجُرْ الْخَرَابَ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ أَوْ اتِّخَاذِهِ مَزَارِعَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ انْهَدَمَتْ قَرْيَةٌ إلَخْ) وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قَرْيَةً حَيْثُ لَا تَصِحُّ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ أَيْ الْأَصْلُ وُجُودُ الْأَبْنِيَةِ هُنَا وَعَدَمُهَا ثَمَّ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ) أَيْ عَلَى نِيَّتِهَا أَوْ أَطْلَقُوا اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.
قَوْلُهُ: عَلَى الْعِمَارَةِ أَيْ عَلَى عَدَمِ التَّحَوُّلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الْعِمَارَةَ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ غَيْرُ أَهْلِهَا لِعِمَارَتِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَتُهَا إذْ لَا اسْتِصْحَابَ فِي حَقِّهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ نِيَّتُهُمْ فَبَعْضُهُمْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَبَعْضُهُمْ عَدَمَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِيَّةِ مَنْ نَوَى الْبِنَاءَ وَكَانَ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ جَمَاعَةٌ أَغْرَابٌ دَخَلُوا بَلْدَةً لِغَيْرِهِمْ فَتَصِحُّ مِنْهُمْ تَبَعًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهَا) لَمْ يُعَبِّرْ بِالصِّحَّةِ الْمُنَاسِبَةِ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا تَصِحُّ بِخِيَامٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَلَوْ فِي أَبْنِيَةٍ لَكِنَّ التَّوَهُّمَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ أَيْ فِي خِيَامِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِمَحَلِّهِمْ إلَخْ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ تَصِحُّ مِنْهُمْ فِي الْخِيَامِ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ كَالْبُنْيَانِ هَكَذَا حَكَاهُ أَصْلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَسْبِقَهَا بِتَحَرُّمٍ) فِيهِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ أَيْ هِيَ لِأَنَّ إعْمَالَ الثَّانِي أَوْلَى. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهَا) أَيْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسْجِدَانِ وَكَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ إذَا صَلَّوْا فِيهِمَا وَسِعَاهُمْ مَعَ التَّعَدُّدِ وَكَانَ هُنَاكَ مَحَلٌّ مُتَّسِعٌ كَزَرِيبَةٍ مَثَلًا إذَا صَلَّوْا فِيهَا لَا يَحْصُلُ التَّعَدُّدُ فِيهَا هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِعْلُهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي حِرْصًا عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ) أَيْ شِعَارٍ هُوَ الِاجْتِمَاعُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ) وَلَمْ يُنْظَرْ لِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ وَجَبَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ وَإِنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان وَاحِدٍ لَعَلَّهُ لِتَكَرُّرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَطَلَبَ التَّعَدُّدَ لِتَسْهُلَ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِيهَا فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ سِيَّمَا عِنْدَ اتِّسَاعِ أَطْرَافِ الْبُلْدَانِ وَأَيْضًا الْمُرَادُ بِالشِّعَارِ هُنَا غَيْرُهُ ثُمَّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: إنَّ اجْتِمَاعَهُمْ بِمَحَلٍّ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ، وَقَوْلُهُمْ ثُمَّ إنَّ ضَابِطَ الشِّعَارِ أَنْ تَسْهُلَ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِيهَا فِي كُلِّ جِهَةٍ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّحَرُّمُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ سَبْقُ الْهَمْزَةِ وَقِيلَ سَبْقُ التَّحَلُّلِ أَيْ بِتَمَامِ السَّلَامِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ اهـ مِنْ أَصْلِهِ مَعَ ش م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَثُرَ أَهْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجُمَعِ الْوَاقِعَةِ فِي مِصْرَ الْآنَ بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَوَقَعَتْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ عُسْرُ الِاجْتِمَاعِ بِأَمْكِنَةِ تِلْكَ الْجُمَعِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ مُصَلِّيهَا صَلَاةُ ظُهْرِ يَوْمِهَا لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ تَعَدُّدَ الْجُمُعَةِ بِالْبَلَدِ وَإِنْ عَسِرَ الِاجْتِمَاعُ فِي مَكَان فِيهِ، ثُمَّ الْجُمَعُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَى التَّعَدُّدِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيَجِبُ عَلَى مُصَلِّيهَا ظُهْرُ يَوْمِهَا وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ جُمُعَتُهُ إلَخْ، وَهَذَا مَوْجُودٌ الْآنَ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَا يَعْلَمُ هَلْ جُمُعَتُهُ سَابِقَةٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِهَا وَلَا يُقَالُ إنَّا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ صَلَاتَيْنِ الْجُمُعَةَ وَالظُّهْرَ، بَلْ الْوَاجِبُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ إلَّا أَنَّا إذَا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ أَوْجَبْنَا كِلَيْهِمَا لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ، وَهَذَا كَمَا لَوْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَتَلْزَمُهُ بِالْخَمْسِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ (فَائِدَةٌ) سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله عَنْ رَجُلٍ قَالَ أَنْتُمْ يَا شَافِعِيَّةُ خَالَفْتُمْ اللَّهَ
وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَرَسُولَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ سِتًّا بِإِعَادَتِكُمْ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَاذِبٌ فَاجِرٌ جَاهِلٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ فِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ سِتَّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَفَرَ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالَةِ الرَّادِعِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ ارْتِكَابِ مِثْلِ قَبِيحِ أَحْوَالِهِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِوُجُوبِ سِتِّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ إذْ لَمْ نَعْلَمْ تَقَدُّمَ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ إذْ الشَّرْطُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ إلَّا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ هُنَاكَ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَحِينَئِذٍ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَ جُمُعَتِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ جُمُعَةً وَمَا انْتَقَدَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا مَقَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - اهـ. وَقَالَ حَجّ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ مَعَ هَذَا الشَّكِّ يُحْرِمُ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي الْبُطْلَانِ قُلْت لَا نَظَرَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ أَنَّهَا مِنْ السَّابِقَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِنَّ فَصَحَّتْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الْمُبْطِلِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ لَمْ تَلْزَمْ الْإِعَادَةُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ خُطْبَتَانِ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا ثُمَّ أَرَادَ شَخْصٌ إحْدَاثَ خُطْبَةٍ ثَالِثَةٍ فَهَلْ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إنْشَائِهَا وُقُوعُ خَلَلٍ فِيهَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكْثُرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَيَحْتَاجُونَ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ خَلَلٍ فِيهَا لِسَبْقِهَا لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي الْقَدِيمَتَيْنِ إنْ وَقَعَتَا مَعًا بَعْدَ الْحَادِثَةِ أَوْ بُطْلَانِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ تَرَتَّبَتَا وَاحْتِمَالِ كَثْرَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَا يُتْرَكُ الْأَمْرُ الْحَاصِلُ لِلْمُتَوَهِّمِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) هَذَا ضَابِطٌ لِلْكَثْرَةِ أَيْ كَثُرُوا بِحَيْثُ يَعْسَرُ اجْتِمَاعُهُمْ أَيْ اجْتِمَاعُ مَنْ يَحْضُرُ أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَهَلْ الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) أَيْ مَحَلٍّ مِنْ الْبَلَدِ وَلَوْ فَضَاءً وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَمَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ يَسَعُهُمْ امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَعْسَرُ اجْتِمَاعُهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ كَانَ الْغَالِبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ اعْتَبَرْنَا كُلَّ زَمَنٍ بِحَسَبِهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِتَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ غَالِبَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ كُلُّ بَلَدٍ لَا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ مَحَلٍّ يَسَعُ النَّاسَ وَلَوْ نَحْوَ خَرِبَةٍ وَحَرِيمِ الْبَلَدِ. وَالثَّانِي أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي نَحْوِ طَنْدَتَا فِي زَمَنِ الْمَوْلِدِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ كُلِّهِ فَلَا تَجِبُ الظُّهْرُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهَا فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ الْعِبْرَةُ بِمَنْ حَضَرَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ مُوَافَقَةُ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ وَفِي شَرْحِهِ هُنَا مُوَافَقَةُ الْعَلَّامَةِ م ر وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيُقَدَّمُ عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ مَنْ إمَامُهَا أَفْضَلُ ثُمَّ مَنْ مَسْجِدُهَا أَقْدَمُ ثُمَّ مَنْ مَحَلُّهَا أَقْرَبُ ثُمَّ مَنْ جَمْعُهَا أَكْثَرُ، وَمِنْ صُوَرِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بَعْدُ طَرَفَيْ الْبَلَدِ بِحَيْثُ تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ السَّعْيَ عَنْ بَعِيدِ الدَّارِ وَمِنْ جَوَازِهِ أَيْضًا وُقُوعُ خِصَامٍ بَيْنَ أَهْلِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشَقَّةٌ وَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ عَدَدُ جَانِبٍ أَوْ كُلُّ جَانِبٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَلَا فِي الْآخَرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ: فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَحَلٍّ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهِ كَزَرِيبَةٍ وَفَضَاءٍ فِي الْبَلَدِ يَسَعُهُمْ كُلُّهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْ التَّعَدُّدِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ فِعْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِهِ التَّعَدُّدُ بَلْ يَفْعَلُونَهَا فِي مَوَاطِنِ الْعَادَةِ كَالْمَسَاجِدِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّعَدُّدُ حَيْثُ لَمْ يَسَعْ الْجَمِيعَ مَوْضِعٌ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا سَبَقَ عَنْ ع ش وَعَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَزَرِيبَةٍ وَفَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُوِّلَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَنَا تَعَدُّدٌ جَائِزٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ بَلَدٍ إلَّا وَفِيهَا مَكَانٌ يَسَعُ أَهْلَهَا كَالْفَضَاءِ الَّذِي لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَالْجُرْنِ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ:
فَيَجُوزُ تَعَدُّدُهَا لِلْحَاجَةِ بِحَسَبِهَا؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ بِهَا جُمُعَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْمُزَنِيّ بِمِصْرَ.
وَظَاهِرُ النَّصِّ مَنْعُ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمُتَابِعُوهُ (فَلَوْ وَقَعَتَا) فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا فِيهِ (مَعًا أَوْ شَكَّ) فِي الْمَعِيَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) جُمُعَةٌ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَدَافُعِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ فَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ قَالَ الْإِمَامُ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً ثُمَّ ظُهْرًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ (أَوْ الْتَبَسَتْ) إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى إمَّا أَوَّلًا كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَ الْمَكَانِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ فَأَخْبَرَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفَا الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْهُمَا أَوْ ثَانِيًا بِأَنْ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ نُسِيَتْ (صَلَّوْا ظُهْرًا)
ــ
[حاشية الجمل]
فَيَجُوزُ تَعَدُّدُهَا لِلْحَاجَةِ) وَمَعَ ذَلِكَ يُسَنُّ فِعْلُ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ النَّصِّ الْمَانِعِ لِلتَّعَدُّدِ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ) فِيهِ أَنَّ السَّاكِتَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ قَوْلٌ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ اهـ. شَيْخُنَا شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ النَّصِّ إلَخْ) أَيْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ وَهُوَ وَلَا يُجْمَعُ بِمِصْرَ وَإِنْ عَظُمَ وَكَثُرَتْ مَسَاجِدُهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ خَمْسَةٌ كَنَظَائِرِهِ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ فِي صُورَتَيْنِ وَيَجِبُ الظُّهْرُ فَقَطْ فِي صُورَتَيْنِ وَتَصِحُّ السَّابِقَةُ دُونَ اللَّاحِقَةِ فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا الظُّهْرُ فِي صُورَةٍ اهـ. شَيْخُنَا، قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَحَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تَعَدُّدٌ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدُّدٌ فَالْجُمُعَةُ صَحِيحَةٌ وَتَحْرُمُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَا تَنْعَقِدُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَعَدُّدٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهَا فَتَصِحُّ مِنْ كُلٍّ أَيْضًا وَإِنْ عُلِمَ سَبْقٌ وَتُسَنُّ صَلَاةُ الظُّهْرِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَإِمَّا أَنْ تَقَعَا مَعًا أَوْ يَشُكُّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ فَحِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاجْتِمَاعُ بِمَكَانٍ وَيُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَيُسَنُّ فِي صُورَةِ الشَّكِّ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَيْ بَعْدَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ ثَانِيًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا سَابِقَةً فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ ثَانِيًا وَإِمَّا أَنْ تُعْلَمَ السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ فَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَالْمَسْبُوقَةُ بَاطِلَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ قِلَّتِهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا خَلْفَ السَّابِقَةِ إنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ وَعَمِلُوا بِذَلِكَ قَبْلَ سَلَامِهِمْ بَنَوْا عَلَى مَا مَضَى ظُهْرًا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ بَنَوْا مَعَ أَنَّ إحْرَامَهُمْ بَاطِلٌ لِسَبْقِ غَيْرِهِمْ لَهُمْ أُجِيبُ بِأَنَّ الْبَاطِلَ إنَّمَا هُوَ خُصُوصُ الْإِحْرَامِ بِالْجُمُعَةِ لَا عُمُومُ الْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ أَوْ عُلِمَتْ وَنُسِيَتْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ) أَيْ هَلْ وَقَعَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا أَوْ شَكَّ هَلْ تَعَدَّدَتْ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا أَوْ هَلْ جُمُعَتُهُ وَقَعَتْ فِي الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ أَوْ لَا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ هُنَاكَ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ يَقِينًا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: اُسْتُؤْنِفَتْ جُمُعَةٌ) أَيْ لَزِمَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ أُخْرَى.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ فِي الْأَمَاكِنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَوْ لَا، وَقَدْ قُلْت فِيهَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الِاحْتِمَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَخَفُّ مِنْ الِاحْتِمَالِ فِي الْمَعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَعِيَّةِ شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ مِنْ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ) أَيْ فِي صُورَةِ الشَّكِّ. (قَوْلُهُ: فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً) أَيْ فَتُجْزِئُهُمْ عَلَى احْتِمَالِ عَدَمِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ ظُهْرًا أَيْ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي احْتِمَالَ وُقُوعِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا نَظَرَ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ) أَيْ الْمُعْتَادَةُ كَافِيَةٌ وَقَوْلُهُ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ أَيْ مِنْ الْجُمُعَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ) أَيْ أَوْ صَحِيحَانِ مُقِيمَانِ وَأَدْرَكَا الْإِمَامَ فِي رَكْعَةٍ وَإِلَّا فَهُمَا فَاسِقَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفَ لِقُرْبِ مَحَلِّهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَزِيَادَتِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِتَصِحَّ الْخُطْبَةُ فِي غَيْبَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرَانِ) أَيْ ثِقَتَانِ اهـ. إيعَابٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ كَافٍ فِي ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَمِّ ر.
(قَوْلُهُ: صَلَّوْا ظُهْرًا) أَيْ اسْتِئْنَافًا إنْ طَالَ الْفَصْلُ وَبِنَاءً إنْ قَصُرَ وَهَذَا وَجْهُ مُغَايَرَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِالِاسْتِئْنَافِ هَكَذَا يَظْهَرُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرُوا أَنَّ جُمُعَتَهُمْ مَسْبُوقَةٌ كَانَ لَهُمْ الِاسْتِئْنَافُ وَالْإِتْمَامُ ظُهْرًا تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَصَلَّوْا ظُهْرًا أَيْ اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا لَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ هُنَاكَ جُمُعَةً صَحِيحَةً يَقِينًا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ بَعْدَهَا وَكَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا حَصَلَ الِالْتِبَاسُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَوْ حَصَلَ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُتِمُّوهَا كُلُّهُمْ ظُهْرًا وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ وَفِي كَوْنِهِمْ يُتِمُّونَهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ظُهْرًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مِنْ إحْرَامِهِ بَاطِلٌ فَكَيْفَ يُتِمُّهَا ظُهْرًا مَعَ أَنَّ إحْرَامَهُ بَاطِلٌ حُرِّرَ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهِمْ إلَخْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَا فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ لِفَسَادِ تَحَرُّمِهِمْ بِسَبْقِ غَيْرِهِمْ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ لِصِحَّةِ إحْرَامِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ السَّبْقَ لَيْسَ مُنَافِيًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَإِنَّمَا هُوَ مُنَافٍ لِخُصُوصِ
لِالْتِبَاسِ الصَّحِيحَةِ بِالْفَاسِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَبِسْ فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ وَخِيفَتْ الْفِتْنَةُ.
(وَ) رَابِعُهَا (أَنْ تَقَعَ جَمَاعَةً) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا كَذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ لِتَصِحَّ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ إذَا كَانَ إمَامًا فِيهَا مَعَ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
كَوْنِهَا جُمُعَةً فَبَطَلَ هَذَا الْخُصُوصُ وَبَقِيَ هَذَا الْعُمُومُ، وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ تَنَاسُبٌ؛ لِأَنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ وَاحِدٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(فَرْعٌ) حَيْثُ لَمْ تَبْرَأْ الذِّمَّةُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَوَجَبَ الظُّهْرُ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِالْتِبَاسِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) عِبَارَةٌ ش م ر لِتَيَقُّنِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُمْتَنَعُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ الْجُمُعَةُ لَهُمْ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ) أَيْ وَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَةَ الظُّهْرُ إنْ عَلِمُوا بَعْدَ سَلَامِ الْجُمُعَتَيْنِ فَإِنْ عَلِمُوا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ السَّابِقَةَ لَزِمَهُمْ الْإِحْرَامُ مَعَهُ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ كَانَ بَاطِلًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِئْنَافُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ إلَخْ) الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ وَمِثْلُ السُّلْطَانِ عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ الْخَطِيبُ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَتِهِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ ش م ر وَفِي قَوْلِ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ إمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ أَيْ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ بِمُبَادَرَةِ شِرْذِمَةٍ إلَى ذَلِكَ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ حُكْمَ الْخَطِيبِ الْمَنْصُوبَ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ جِهَةِ نَائِبِهِ كَحُكْمِ السُّلْطَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُقَيَّدٌ فِي الْأُمِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلُ الْإِمَامِ مَعَ السَّابِقَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَالْجُمُعَةُ هِيَ السَّابِقَةُ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ فَالْجُمُعَةُ هِيَ السَّابِقَةُ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْإِمَامِ مَعَ الثَّانِيَةِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ لَمَّا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِ كَأَنَّهُ رَفَعَ وِلَايَةَ نَفْسِهِ عَنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَا دَامَ الْوَكِيلُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) أَيْ بِتَمَامِهَا بِأَنْ تَسْتَمِرَّ إلَى السُّجُودِ الثَّانِي فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً بِالْأَرْبَعِينَ ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَتَمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَفَارَقُوهُ فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمُّوا مُنْفَرِدِينَ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْعَدَدِ إلَى سَلَامِ الْجَمِيعِ فَمَتَى أَحْدَثَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْبَاقِينَ اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) بِأَنْ يُدْرِكَ الْأَرْبَعُونَ الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَدْرَكُوا مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا وَكَمَّلُوهَا وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ لَمْ يُدْرِكُوا مِنْ الْقِيَامِ شَيْئًا بَلْ أَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ وَطُولِهِ حَتَّى قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَأَدْرَكُوهُ مَعَهُ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ وَتَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ أَحْرَمُوا فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ أَيْ عَنْ انْتِهَائِهِ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرُوا عَنْ رُكُوعِهِ فَإِنْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ تَمَّتْ قِرَاءَتُهَا قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَسَبْقُهُ لَهُمْ فِيمَا لَوْ أَدْرَكُوهُ رَاكِعًا وَقَرَءُوا الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكُهُمْ الرَّكْعَةَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ كَذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَصْلُ بَيْنَ إحْرَامِهِ وَإِحْرَامِهِمْ قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إدْرَاكَهُمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَحَلُّ وِفَاقٍ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ تَمَّتْ قِرَاءَتُهَا أَيْ وَرَكَعُوا وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ رَفْعٍ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ حَجّ وَالْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّمَأْنِينَةِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ بَلْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّكُوعِ مَعَهُ إنْ أَتَمُّوا الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُمْ الْقِرَاءَةَ وَحَيْثُ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ طُمَأْنِينَةٍ مَعَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ إلَخْ) كَوْنُ هَذَا دَلِيلًا لِلْمَتْنِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا كَوْنُهُ دَلِيلًا لِمَا زَادَهُ مِنْ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كَافِيَةً فَغَيْرُ ظَاهِرٍ فَالدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى وَجَوَابُ الشَّوْبَرِيِّ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ. شَيْخُنَا وَعِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ إلَخْ) ثَبَتَ بِهِ كَوْنُ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا فِيهَا وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ الْمُدَّعَى وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعَارِضُ بِهِ دَعْوَى الِانْفِرَادِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ قَضِيَّةٌ أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ الْمُدَّعَى وَإِنْ لَزِمَتْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا تَقَدُّمُ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ عَلَى إحْرَامِ التَّابِعِينَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ بَلْ صَوَّبَهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ
لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَعَلَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَيْ وَمَنْ تَبِعَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ تَقَدُّمُ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ قُلْت لَا ضَرُورَةَ إلَى إمَامَتِهِ فِيهَا وَأَيْضًا تَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ عَلَى مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ فِي تَكْلِيفِهِ بِمَعْرِفَةِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ عَلَى إحْرَامِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِهَذَا مَعَ وُجُودِ إمَامٍ كَامِلٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا وَقَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَدْ يُقَالُ يَكْفِي أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ وَتَقَدُّمَ إحْرَامِهِ فَلَا نَظَرَ لِلْأَفْرَادِ الْخَاصَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَبِأَرْبَعِينَ) أَيْ فِي جَمِيعِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْعَدَدِ إلَى السَّلَامِ حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ مَنْ عَدَاهُ مِنْهُمْ بَطَلَتْ جُمُعَةُ الْكُلِّ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ مُحْدِثِينَ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَالْمُتَطَهِّرِ مِنْهُمْ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَتَبَيَّنْ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ فَوُجِدَتْ صُورَةُ الْعَدَدِ إلَى السَّلَامِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَبَيُّنُ الْحَدَثِ الرَّافِعِ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ خُرُوجَ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ سَلَامِ الْكُلِّ أَبْطَلَ وُجُودَ صُورَةِ الْعَدَدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَاسْتَحَالَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ هُنَا اهـ. سُلْطَانٌ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ قُلْت لَا يُنَاقِضُهُ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا فِيمَا إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِالْحَالِ فِي حَالِ الِاقْتِدَاءِ، وَصُورَةُ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ انْتَهَتْ وَلَا تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ تَقْصِيرُهُ لَا ارْتِبَاطُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صَيَّرَتْ بَيْنَهُمَا ارْتِبَاطًا كَالِارْتِبَاطِ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ شَرْطَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَسْمَعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَحَنَفِيٍّ صَحَّ حُسْبَانُهُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَإِنْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَمَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لَنَا مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَوَقِّيهِ الْخِلَافَ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا فَلَا يُحْسَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا وَفِي الْخَادِمِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَهُوَ دَالٌّ لِمَا تَقَرَّرَ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِينَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَمَّا فِيهَا فَيُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِيُحْرِمَ الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ وَيَقِفَ الزَّائِدُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ بَلْ يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأَوَّلِينَ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ أَخْرَسَ فَهَلْ تَنْعَقِدُ جُمُعَتُهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِفَقْدِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ صَمَمٌ يَمْنَعُ السَّمَاعَ انْعَقَدَتْ بِهِمْ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ نَاطِقًا؛ لِأَنَّهُمْ يَتَّعِظُونَ وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ أَوْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْإِنْسِ قَالَهُ الْقَمُولِيُّ أَيْ إنْ عُلِمَ وُجُودُ الشُّرُوطِ فِيهِمْ وَقَيَّدَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ بِمَا إذَا كَانُوا تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ بَنِي آدَمَ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ تَعْزِيرِ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُمْ عَلَى مَا خُلِقُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ وَكَلَامُنَا فِيمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ. اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ أَيْ إنْ عُلِمَ وُجُودُ الشُّرُوطِ فِيهِمْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مِنْهُمْ كَوْنُهُمْ فِي أَرْضِنَا مَثَلًا أَوْ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فَتَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُمْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَنْ وَقَفَ أَرْضًا سَرَتْ وَقْفِيَّتُهَا إلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِيهَا هُوَ مِنْ أَهْلِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مَسَافَةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا تَصِحُّ لِلْبُعْدِ كَالْإِنْسِ إذَا بَعُدُوا عَنْ الْإِمَامِ اهـ. ع ش وَتَرَدَّدَ الشَّيْخُ فِيمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي وُجُودِ الْعَدَدِ هَلْ يَضُرُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ حَيْثُ امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ فِي سَبْقِهَا غَيْرَهَا بَطَلَتْ مَعَ أَنَّ سَبْقَهَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا
(وَ) خَامِسُهَا أَنْ تَقَعَ (بِأَرْبَعِينَ) وَلَوْ مَرْضَى أَوْ مِنْهُمْ الْإِمَامُ (مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ.
وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِيهَا كَغَيْرِهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي السَّبْقِ يَرْجِعُ إلَى الشَّكِّ فِي الِانْعِقَادِ إذْ لَا يُوجَدُ انْعِقَادٌ مَعَ السَّبْقِ مِنْ أَحَدٍ بِخِلَافِ التَّعَدُّدِ فَيُوجَدُ الِانْعِقَادُ مِنْ الْبَعْضِ ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَهُمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَكَانَ ذَلِكَ أَضْيَقَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعَدَدُ أَيْضًا شَرْطٌ فِي انْعِقَادِهَا وَعَنْ بَعْضِهِمْ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي السَّبْقِ فِيهِ فَقْدُ الشَّرْطِ مِنْ أَصْلِهِ إذْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَشُكَّ فِي السَّبْقِ فَمَتَى وُجِدَ كَانَ فَاقِدًا لِلشَّرْطِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ. اهـ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَبِأَرْبَعِينَ) وَجَوَّزَهَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَحُكِيَ عَنْ الْقَدِيمِ عِنْدَنَا وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ بِثَلَاثَةٍ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَمُحَمَّدٌ بِأَرْبَعَةٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه وَرَبِيعَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْخَطِيبُ مِنْ الْمُسْتَوْطِنِينَ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ عِنْدَنَا عَلَى الْجَدِيدِ بِالْأَرْبَعِينَ دُونَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِمُبَاهَاةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ الْعَدَدِ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْمُو إلَى الْأَرْبَعِينَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَدْرُ زَمَنِ بَعْثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْرُ مِيقَاتِ مُوسَى وَالْجُمُعَةُ مِيقَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْرُ الْعَدَدِ الَّذِي كَمَا قِيلَ لَمْ يَجْتَمِعْ إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيُّ اللَّهِ تَعَالَى وَشَرْطُ الْأَرْبَعِينَ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِيمَا سَبَقَ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَتَقَدَّمَ لَهُ رَدُّهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْضَى) وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُمْ لَوْ كَانُوا فَعَلُوهَا نَفْلًا مُطْلَقًا كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّهُ حَذَرًا مِنْ إعَادَةِ الظُّهْرِ جُمُعَةً، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْعِقَادِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللُّزُومِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَحْسُوبَ لَهُمْ ظُهْرُهُمْ الَّتِي صَلَّوْهَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّهَا وَأَنَّ هَذِهِ الْجُمُعَةَ هِيَ الَّتِي كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَلَيْسَتْ مُعَادَةً وَلَا مَانِعَةً مِنْ الِانْعِقَادِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ عَدَمِ لُزُومِهَا لَهُمْ فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ مَرْضَى) وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ م ر فِيمَا سَبَقَ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَتَقَدَّمَ لَهُ رَدُّهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْضَى) أَيْ لِكَمَالِهِمْ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِمْ وَمِثْلُهُمْ الْأُجَرَاءُ وَالْمَحْبُوسُونَ وَالْخُرْسُ حَيْثُ خَطَبَ لَهُمْ نَاطِقٌ وَصَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ طَارِئُ الْخَرَسِ وَلَا أَصَمَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِمْ أَصَمُّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ مَرْضَى أَوْ مِنْهُمْ الْإِمَامُ) الْغَايَتَانِ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ م ع ش م ر وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ حَيْثُ كَانَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ الْقَدِيمِ يُشْتَرَطُ إذْ الْغَالِبُ عَلَى الْجُمُعَةِ التَّعَبُّدُ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ الظُّهْرِ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْهُمْ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ صَلَّاهَا بَعْضُهُمْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَيَكْمُلُ بِهِ الْعَدَدُ اهـ. ش م ر أَيْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا تَقَعُ لَهُ نَافِلَةً، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ نَافِلَةً نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَنْقُصُ عَدَدُهُمْ عَنْ الْأَرْبَعِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ نَفْلًا مَحْضًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقِيَامِ فِيهَا نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ خَلْفَ عَبْدٍ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ فَإِنَّ عُمُومَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَعَادَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا يَأْتِي عَلَى النَّفْلِ الْمَحْضِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ خَطَبَ شَخْصٌ وَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ شَخْصًا غَيْرَهُ لِيُصَلِّيَ بِالْقَوْمِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ وَأَنْ يَنْوِيَ الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا إذْ تَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ مَنْ فَصْلِ الرَّكْعَةِ الْمُلَفَّقَةِ ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَنْ تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ مَنْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ سُكْرٌ وَإِنْ لَزِمَ الْأَخِيرَ الْقَضَاءُ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَتَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ خَارِجَ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ وَالصَّبِيُّ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِهَا غَيْرُ السَّفَرِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَتَصِحُّ مِنْهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ الْمُقِيمُ غَيْرُ الْمُتَوَطِّنِ وَالْمُتَوَطِّنُ خَارِجَ بَلَدِهَا إذَا سَمِعَ نِدَاءَهَا اهـ. ش الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ.
(قَوْلُهُ: حُرًّا) أَيْ كُلَّهُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: مُتَوَطِّنًا بِمَحَلِّهَا) فَلَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا نِدَاءَهَا لِفَقْدِ إقَامَتِهِمْ بِمَحَلِّهَا اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ
(مُتَوَطِّنًا) بِمَحَلِّهَا أَيْ لَا يَظْعَنُ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَمِّعْ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِيهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «وَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ تَقْدِيمًا» كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ بِبَلَدٍ بِأَهْلِهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي بَلَدِهِ كَمَوْتِ خَطِيبِهَا أَوْ إمَامِهَا مَثَلًا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ، وَقَوْلُهُ لَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَعَلَيْهِ فَالسَّاكِنُ خَارِجَ السُّورِ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ دَاخِلَهُ وَلَا عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ خَارِجَ السُّورِ وَدَاخِلَهُ كَقَرْيَتَيْنِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَلَوْ أَكْرَهَ الْإِمَامُ أَهْلَ قَرْيَةٍ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَتَعْطِيلِهَا وَالْبِنَاءِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَكَنُوا فِيهِ وَهُمْ مُكْرَهُونَ وَقَصْدُهُمْ الْعَوْدُ إذَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ بَلْ لَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لَوْ فَعَلُوهَا لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إلَخْ لَكِنْ لَوْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ قَرْيَةٍ أُخْرَى وَجَبَ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ عَلَيْهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: مُتَوَطِّنًا بِمَحَلِّهَا) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِمَحَلِّهَا مَا لَوْ تَقَارَبَتْ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ أَرْبَعِينَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ سَمِعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نِدَاءَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُسْتَوْطِنِينَ فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي بَلْدَةٍ يُقِيمُ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا مَثَلًا انْعَقَدَتْ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي مَالُهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ اُعْتُبِرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ حَالَةَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ سَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فِي مِصْرَ مَثَلًا وَفِي الْأُخْرَى فِي الْخَانْقَاهْ مَثَلًا وَلَهُ زِرَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَيُقِيمُ فِي الزِّرَاعَةِ غَالِبَ نَهَارِهِ وَيَبِيتُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ فَتَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِمَكَانٍ تَفُوتُ بِهِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَظْعَنُ عَنْهُ) فِي الْمُخْتَارِ ظَعَنَ سَارَ وَبَابُهُ قَطَعَ وَظَعْنًا أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} [النحل: 80] وَالظَّعِينَةُ الْهَوْدَجُ كَانَتْ فِيهِ امْرَأَةٌ أَوْ لَا وَالظَّعِينَةُ أَيْضًا الْمَرْأَةُ مَا دَامَتْ فِي الْهَوْدَجِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلَيْسَتْ بِظَعِينَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُجَمِّعْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مُشَدَّدًا يُقَالُ جَمَّعَ النَّاسُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ شَهِدُوا الْجُمُعَةَ كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا إذَا شَهِدُوا الْعِيدَ اهـ. ع ش عَلَى م ر فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا إلَخْ) هَذَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ وَهُوَ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا بِالْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ إلَيْهَا» وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ بِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَبِعَرَفَاتٍ وَبِمِنًى وَبِالْمُحَصَّبِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ إقَامَتُهُ أَرْبَعًا وَلَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ» وَأَيْضًا فَعَرَفَاتُ لَمْ يَكُنْ بِهَا خُطَّةُ أَبْنِيَةٍ تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ كَشَفَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي ش الْمُهَذَّبِ مِنْ بَابِ الْجُمُعَةِ فَوَجَدَ فِيهَا صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ فَاعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ وَمَنَعَ مِنْ صِحَّةِ الدَّلِيلِ لِمَا قُلْنَا فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ رحمه الله فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا بِالْمُقِيمِ اهـ. عَمِيرَةٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ بِحُرُوفِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ الْمُخْبِرُ بِذَلِكَ هُوَ الشَّيْخُ ابْنُ قَاسِمٍ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا ز ي كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خَضِرٍ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا اعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الْحَقَّ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَقْرِيرِ الدَّلِيلِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلتَّجَمُّعِ اقْتَضَى أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي ذَاتِهَا فَلَا اعْتِرَاضَ بِمَا قِيلَ إنَّهُ لَمْ يُجَمِّعْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «مِنْ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ يَقْصُرُ وَيَجْمَعُ مُدَّةَ إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ» وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَلَا بِمَا قِيلَ إنَّ عَدَمَ تَجَمُّعِهِ بِعَرَفَةَ لِعَدَمِ الْأَبْنِيَةِ وَلَا بِمَا قِيلَ إنَّ عَزْمَهُ وَهُوَ بِعَرَفَةَ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ لَا يَجْعَلُهُ مُقِيمًا بِعَرَفَةَ وَلَا بِمَا قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ، وَحَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكْمُلُ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ أَوَقَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ عَنْ الْقُدْوَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ وَلَحِقَ تَمَامُ الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَ اللُّحُوقُ قَبْلَ الِانْفِضَاضِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَسَوَاءٌ سَمِعَ اللَّاحِقُونَ الْخُطْبَةَ
قَوْلُهُ بَيْنَ الْخَطِيبِ هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَلَعَلَّ فِيهِ نَقْصًا اهـ. .
(وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا (أَوْ فِي خُطْبَةٍ لَمْ يُحْسَبْ رُكْنٌ) مِنْهَا (فُعِلَ حَالَ نَقْصِهِمْ) لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِنَقْصِهِمْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ رُكُوعِ الْأُولَى وَسَمِعُوا الْخُطْبَةَ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَصُوا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا وَشَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَصُوا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَشَامِلٌ لِمَا إذَا عَادُوا فَوْرًا وَشَامِلٌ لِمَا إذَا عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُمْ إذَا عَادُوا فَوْرًا وَكَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَعَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَحِينَئِذٍ يَبْنُوا عَلَى مَا مَضَى، وَأَمَّا إذَا نَقَصُوا بَعْدَ رُكُوعِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُمْكِنُهُمْ الْفَاتِحَةُ وَإِنْ عَادُوا فَوْرًا فِيهِمَا فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ أَوْ فِي خُطْبَةٍ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ النَّقْصَ إمَّا فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ، وَقَدْ عَادُوا عَنْ قُرْبٍ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفَّ مُمْكِنٍ مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ كَمَا سَبَقَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَنَى الْخَطِيبُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ مَعَ لُزُومِ إعَادَةِ رُكْنٍ فُعِلَ حَالَ نَقْصِهِمْ وَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ أَوْ جَاءَ غَيْرُ الْمُنْفَضِّينَ أَوْ بَعْضُهُمْ وَهُوَ دُونَ الْأَرْبَعِينَ مَعَ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِهِمْ مُكَمِّلٌ لِلْعَدَدِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَلَاءِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَإِحْرَامِ الْإِمَامِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَإِنْ قَصُرَ بِأَنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ عَقِبَ الْخُطْبَةِ كَفَى فِي حُصُولِ الْوَلَاءِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، ثُمَّ إنْ عَادُوا وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ بِتَبَاطُئِهِمْ وَأَحْرَمُوا بِالْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَانْتَظَرَهُمْ فِي الْقِيَامِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ حَتَّى قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَرَكَعُوا قَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنُّوا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَّ قَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ حَصَلَ النَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ أَوْ بِنِيَّةِ مُفَارَقَةٍ، وَقَدْ عَادُوا وَأَحْرَمُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عَلَى مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ وَالْبِرْمَاوِيِّ أَوْ، وَلَوْ مَعَ طُولِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ح ل بَنَوْا عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْخُطْبَةِ وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ.
وَإِنْ عَادُوا بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُمْكِنُهُمْ الْفَاتِحَةُ أَوْ أَمْكَنَتْهُمْ وَلَمْ يَرْكَعُوا قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّهِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ هَذَا فِي الْمُنْفَضِّينَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُهُمْ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ حَصَلَ النَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضِهِمْ بَطَلَتْ جُمُعَتُهُمْ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ إلَى فَرَاغِهَا فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَأَمَّا إذَا نَوَى بَعْضُهُمْ الْمُفَارَقَةَ بَلْ أَوْ كُلُّهُمْ فَالْجُمُعَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ أَوْ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى تَتِمُّ الْجُمُعَةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ، وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِهِمْ أَيْ مِنْ غَيْرِ طُولِ فَصْلٍ اسْتَمَرَّتْ الْجُمُعَةُ لَهُمْ بِشَرْطِ سَمَاعِهِمْ الْخُطْبَةَ سَوَاءٌ فِي الْحَالَتَيْنِ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الِانْفِضَاضَيْنِ وَالْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَدْ أَحْرَمُوا بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ فِي الْمُتَبَاطِئِينَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي اعْتِدَالِ الْأُولَى فَمَا بَعْدَهُ بَطَلَتْ لِخُلُوِّ الصَّلَاةِ عَنْ شَرْطِ دَوَامِ الْعَدَدِ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي قَوْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ مَعَ الْإِمَامِ اثْنَا عَشَرَ وَفِي قَوْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ اكْتِفَاءً بِدَوَامِ مُسَمَّى الْجَمْعِ اهـ. مِنْ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بَطَلَتْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ النَّقْصُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَمَّا لَوْ كَانُوا قَبْلَهُ فَإِنْ عَادُوا وَاقْتَدُوا بِالْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ فِيهِ وَقَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَاطْمَأَنُّوا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ اسْتَمَرَّتْ جُمُعَتُهُمْ كَمَا لَوْ تَبَاطَأَ الْقَوْمُ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ اقْتَدَوْا بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ فَاتَ) أَيْ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَطَلَتْ وَمَحَلُّهُ إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْنَافُ فَإِنْ تَيَسَّرَ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا جُمُعَةً، فَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ بَطَلَ كَوْنُهَا جُمُعَةً إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْنَافُ وَمِنْ أَصْلِهَا إنْ تَيَسَّرَ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ، قَوْلُهُ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا أَيْ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُهَا جُمُعَةً وَإِلَّا فُعِلَتْ جُمُعَةٌ أُخْرَى كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ كَالشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي خُطْبَةٍ إلَخْ) ذَكَرَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الِانْفِضَاضَ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حُوِّلَتْ إلَى قَبْلِ الصَّلَاةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ) أَيْ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةِ كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَسْمَعَ الْأَرْبَعُونَ جَمِيعَ أَرْكَانِهَا اهـ. ش م ر. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ
بِانْفِضَاضِهِمْ (فَإِنْ عَادُوا قَرِيبًا) عُرْفًا (جَازَ بِنَاءً) عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ (وَجَبَ اسْتِئْنَافٌ) لَهَا لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهَا (كَنَقْصِهِمْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُمْ إنْ عَادُوا قَرِيبًا جَازَ الْبِنَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِذَلِكَ وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ قَالَ فِي الْوَسِيطِ تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَمُسَافِرٍ وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ كَغَيْرِهَا هَذَا (إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتِمَّ إلَّا بِهِمْ
ــ
[حاشية الجمل]
بِانْفِضَاضِهِمْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ النَّقْصَ بِغَيْرِ انْفِضَاضٍ؛ لِأَنَّ الِانْفِضَاضَ هُوَ الذَّهَابُ مِنْ مَكَانِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ إلَخْ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ مَعَ الْبَقَاءِ فِي مَحَلِّهَا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ إنْ عَادُوا قَرِيبًا) أَيْ عُرْفًا وَشَبَّهَهُ الرَّافِعِيُّ بِالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ الضَّبْطِ بِالْعُرْفِ هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ ضَبَطَهُ جَمْعٌ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ إذْ هُوَ بَعِيدٌ جِدًّا اهـ ش م ر، وَقَوْلُهُ بِالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ أَيْ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَبْلُغَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفَّ مَا يُمْكِنُهُ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنَّهُمْ إنْ عَادُوا قَرِيبًا) أَيْ قَبْلَ إحْرَامِ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ جَازَ الْبِنَاءُ أَيْ مِنْ الْإِمَامِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ) أَيْ أَوْ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ إلَخْ) فَإِحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَيَّرَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مَعَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ انْفِضَاضٌ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى وَأَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ صَحَّ كَالْمُتَبَاطِئِينَ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ لِخُلُوِّ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَنْ الْعَدَدِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) قَرَّرَ حَجّ اشْتِرَاطَ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ كَمَا لَوْ حَضَرُوا مَعَهُ أَوَّلًا وَتَبَاطَئُوا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَقَالَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَابِعُونَ لِمَنْ أَدْرَكَهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ اُشْتُرِطَ إدْرَاكُ هَؤُلَاءِ لَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ إذَا انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ سَمِعُوا بَعْضَهَا وَحَضَرَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ لَا يَكْفِي سَمَاعُهُمْ لِبَاقِيهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الِارْتِبَاطَ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ. سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا) أَيْ حَضَرُوا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا وَالْمُرَادُ خُطْبَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَقِيلَ يَكْفِي سَمَاعُ خُطْبَةٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَوْ مِنْ خُطَبَاءَ مُتَعَدِّدِينَ سَمِعُوا مِنْ كُلٍّ بَعْضَهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ خَلْفَ عَبْدٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْأَرْبَعَةِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ خَلْفَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي نَفْلًا وَكَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَصِحُّ خَلْفَ عَبْدٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الشَّرْطِ السَّابِقِ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ بِالصِّفَاتِ السَّابِقَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: خَلْفَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَمُسَافِرٍ) أَيْ وَإِنْ نَوَوْا غَيْرَ الْجُمُعَةِ كَالظُّهْرِ مَثَلًا وَفِي الِانْتِظَارِ وَعَدَمِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحِلِّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا وَمِثْلُ الْحَدَثِ النَّجَاسَةُ الْخَفِيَّةُ وَكُلُّ مَا لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ مَعَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا خَلْفَ الْمُحْدِثِ فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي الْقِيَامِ أَمَّا مَنْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُ خَلْفَهُ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ أَيْ الَّذِي بَانَ حَدَثُهُ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَيْرِ وَالْمُحْدِثُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَالثَّانِي تُحْسَبُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ كُلَّ الرَّكْعَةِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ عِنْدَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا لَمْ يَأْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ الْمُحْدِثُ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ بِنَفْسِهِ وَأَدْرَكَ الرَّكْعَةَ كَامِلَةً مَعَ الْإِمَامِ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا كَمُصَلِّي صَلَاةٍ كَامِلَةٍ خَلْفَ مُحْدِثٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ إمَامُهُ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ بِحَالٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) مِثْلُهُ مَنْ بَانَ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ فَانْظُرْ هَلْ الْخُطْبَةُ كَذَلِكَ حَتَّى إذَا بَانَ أَنَّ الْخَطِيبَ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ تَصِحُّ الْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ لَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ وَلِهَذَا لَوْ بَانَ الْخَطِيبُ قَاعِدًا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَرَّرَهُ م ر مَعَ أَنَّ الْقِيَامَ شَرْطٌ فِي الْخُطْبَةِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم.
(فَرْعٌ) لَوْ بَانَ حَدَثُ الْأَرْبَعِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِمْ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَلَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ بَانَ كَذَلِكَ وَتَصِحُّ جُمُعَةُ الْإِمَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَمُولِيُّ وَنَقَلَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ فِي الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانُوا نِسَاءً أَوْ عَبِيدًا لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ أَمَّا
(وَ) سَادِسُهَا (أَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ خُطْبَتَيْهِ مُؤَخَّرَتَانِ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ.
(وَأَرْكَانُهُمَا) خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَ) ثَانِيهَا (صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (بِلَفْظِهِمَا) أَيْ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُتَطَهِّرُ مِنْهُمْ فِيمَا إذَا بَانَ حَدَثُ بَعْضِهِمْ فَتَصِحُّ جُمُعَتُهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْقَمُولِيُّ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا بِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِمَا لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ صِحَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ وَلِهَذَا شَرَطْنَاهُ فِيمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ فَكَيْفَ تَصِحُّ لِلْإِمَامِ مَعَ فَوَاتِ الشَّرْطِ رُدَّ بِعَدَمِ فَوَاتِهِ بَلْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْمُتَطَهِّرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا لَهُ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ) قَالَ أَئِمَّتُنَا وَالْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرٌ مِنْهَا سِتٌّ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَرْبَعٌ فِي الْحَجِّ إحْدَاهَا يَوْمُ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بِمَكَّةَ وَالثَّانِيَةُ يَوْمُ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ وَالثَّالِثَةُ يَوْمُ النَّحْرِ وَالرَّابِعَةُ يَوْمُ النَّفَرِ الْأَوَّلِ بِمِنًى وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وُجُوبًا فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَجَوَازًا فِيهِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ وَكُلُّهَا ثِنْتَانِ إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ الْبَاقِيَةُ أَيْ غَيْرُ خُطْبَةِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَيْ فَإِنَّهَا فُرَادَى.
(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ آخِرًا؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا} [الجمعة: 11] . الْآيَةَ. فَقَدَّمَهُمَا عليه السلام» ؛ لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْإِضَافَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا الْحُكْمُ عَلَى مَجْمُوعِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ أَنَّ جُمْلَةَ الْخَمْسَةِ وَاجِبَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ فَكَذَا الْمَلْزُومُ وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ كِفَايَةُ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الْأَرْكَانِ فِي الْأُولَى وَلَوْ وَاحِدًا وَالْإِتْيَانُ بِالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَيُخَلِّيَ عَنْهَا الثَّانِيَةَ وَبِالْعَكْسِ إذْ يَصْدُقُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْإِتْيَانُ بِالْأَرْكَانِ فِي جَمِيعِ الْخُطْبَتَيْنِ وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ، وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَنْ يُقَالَ نَخْتَارُ الثَّانِيَ وَنَحْمِلُهُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ إلَيْهِ إضَافَةُ الْمَجْمُوعِ بِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ بِهَا خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ شَرْعًا اهـ ش م ر أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.
(فَرْعٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِأَيِّ صِيغَةٍ اتَّفَقَتْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَهُ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنْهُ وَأَجْزَأَتْ وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ غَيْرَ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا صَرْفٌ عَنْ الْخُطْبَةِ وَذَاكَ عَنْ النَّبِيِّ وَنَظِيرُهُ الصَّرْفُ عَنْ اللَّهِ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْأَيْمَانِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ فَإِنَّهُ إنْ قَصَدَ ثَمَّ الِانْصِرَافَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْصَرِفُ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ انْصَرَفَ أَقُولُ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي لَا يُقْبَلُ الصَّرْفُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى هُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ خَاصَّةً، وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَتَقْبَلُ الصَّرْفَ وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي يُوصَفُ بِهَا نَبِيُّنَا عليه السلام كُلُّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ لِلِاشْتِرَاكِ فِيهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لَمَّا اُشْتُهِرَتْ فِيهِ اشْتِهَارًا تَامًّا نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي لَا اشْتَرَاكَ فِيهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا صَنَعَ فِيمَا قَبْلَهُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْقَمُولِيِّ أَنَّ خُطَبَهُ صلى الله عليه وسلم الْمَرْوِيَّةَ عَنْهُ لَيْسَ فِيهَا صَلَاةٌ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ ذِكْرِهِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ أَعَمُّ، تَأَمَّلْ أَيْ فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُفِيدُ الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ خُصُوصُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ) أَيْ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ الذَّبْحُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِيهِ بِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ الذَّبْحُ إلَخْ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الذَّبْحَ لَا تُسَنُّ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِسُنِّيَّتِهَا، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ لَا يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّه وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَأَنَّهُ حَرَامٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ مَعَ كَوْنِ الْمَذْبُوحِ حَلَالًا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَوَاشِي هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِمَا) أَيْ مَادَّتِهِمَا مَعَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فِي الْأَوَّلِ وَاسْمٍ ظَاهِرٍ مِنْ أَسْمَاءِ
كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ أَوْ أَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ نَحْمَدُ اللَّهَ وَاَللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا رُوِيَ فَخَرَجَ الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ وَنَحْوُهُمَا وَرَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوِهَا
(وَ) ثَالِثُهَا (وَصِيَّةٌ بِتَقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا؛ لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَيَكْفِي أَطِيعُوا اللَّهَ وَالثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ (فِي كُلٍّ) مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.
(وَ) رَابِعُهَا (قِرَاءَةُ آيَةٍ مُفْهِمَةٍ) لَا كَ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
النَّبِيِّ أَيِّ اسْمٍ كَانَ فِي الثَّانِي اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ) وَسُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ نَعَمْ اهـ ش م ر، وَقَوْلُهُ يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِيِّ لِلْحَافِظِ الْعَسْقَلَانِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلِلْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» نَعَمْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «لَمَّا خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ وَبِالضَّمِيرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَالْحَمْدِ لِلَّهِ) أَيْ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ اللَّهُ أَحْمَدُ أَوْ أَنَا حَامِدُ اللَّهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحَمْدِ أَتَى بِبَدَلِهِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فَإِنْ عَجَزَ قَامَ بِقَدْرِهِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ) أَيْ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ حَجّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا تَكْفِي حَيْثُ نَوَى بِهَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُحْتَاطُ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ عَيَّنُوا فِيهَا مَا وَرَدَ وَالْخُطْبَةُ لَمَّا تَوَسَّعُوا فِيهَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهَا مَا وَرَدَ فِيهَا بِخُصُوصِهِ بَلْ اكْتَفُوا بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مِمَّا رُوِيَ) كَالرَّسُولِ وَالْمَاحِي وَالْحَاشِرِ وَالْبَشِيرِ وَالنَّذِيرِ وَانْظُرْ هَلْ مِنْ النَّحْوِ الْكُنَى قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي الظَّاهِرُ نَعَمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ فَلَا يَكْفِي الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ أَوْ لِلرَّحِيمِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِنَّمَا الْمُتَعَيِّنُ صِيغَةُ صَلَاةٍ كَأُصَلِّي أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الرَّسُولِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ انْتَهَتْ، وَسَأَلَ سَائِلٌ لِمَ تُعَيَّنُ لَفْظَةُ الْجَلَالَةِ فِي صِيغَةِ الْحَمْدِ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ اسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِيغَةِ الصَّلَاةِ بَلْ يُكْتَفَى نَحْوُ الْمَاحِي وَالْحَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةٌ تَامَّةٌ فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى وَيُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) كَالْحَمْدِ لِلرَّحِيمِ وَالثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ وَالْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَرَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا وَكَذَا الْبَرَكَةُ أَيْضًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ. ش م ر وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا) أَيْ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَهَذَا عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى. اهـ. مِنْ أَصْلِهِ مَعَ ش م ر فَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ) قَدْ يُقَالُ وَالْغَرَضُ مِنْ الْحَمْدِ الثَّنَاءُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهِ فَمَا الْفَرْقُ اهـ. سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ تُعُبِّدَ بِلَفْظِهِمَا فَتَعَيَّنَ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي أَطِيعُوا اللَّهَ) وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ فِيهَا عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الطَّاعَةِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ اهـ ش م ر وَقَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ إلَخْ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الطَّاعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَكْفِ وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا لِلُزُومِ الْآخَرِ لَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تَجِبُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسَنُّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى فَالْأَقْوَالُ الضَّعِيفَةُ ثَلَاثَةٌ اهـ مِنْ أَصْلِهِ وش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) وَكَذَا بَعْضُ آيَةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَنْسُوخِ الْحُكْمِ وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ، وَقَوْلُهُ مُفْهِمَةٍ أَيْ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا أَوْ قِصَّةً أَوْ حُكْمًا شَرْعِيًّا اهـ. مِنْ ش م ر فَعُلِمَ مِنْ حَصْرِهِ الْإِفْهَامَ فِي الْأُمُورِ
وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (وَ) لَكِنَّهَا (فِي الْأُولَى أَوْلَى) كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلِي مُفْهِمَةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) خَامِسُهَا (دُعَاءٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِأُخْرَوِيٍّ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَحِمَكُمْ اللَّهُ (فِي) خُطْبَةٍ (ثَانِيَةٍ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَفِي التَّنْزِيلِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنَّهُ لَا يَرِدُ مَا يُقَالُ إنَّ " {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] " مُفْهِمٌ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِسْنَادِ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُرُودِ أَنَّ هَذَا الْإِفْهَامَ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش، قَوْلُهُ مُفْهِمَةٍ أَيْ لِمُعَيَّنٍ يُقْصَدُ بِهِ الْوَعْظُ فَلَا يُقَالُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] مُفْهِمَةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا - وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا} [المدثر: 11 - 12] . الْآيَةَ. انْتَهَتْ وَهَلْ تُجْزِئُ الْآيَةُ مَعَ لَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عَاجِزٍ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُصَلِّي الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْحَمْدَ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ وَقَفَ بِقَدْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بَلْ يَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ بِلَا بَدَلٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَكُلِّهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ آخَرُ يُحْسِنُهَا كُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْآيَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَتَى بِهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ جَعْلُهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسَنُّ قِرَاءَةُ " قِ " بِتَمَامِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَكْفِي فِي أَصْلِ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَتَضْمِينُ الْآيَاتِ لِنَحْوِ الْخُطَبِ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوَاعِظِ وَهُوَ أَوْجَهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ بَلْ قَالَ حَجّ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِي أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] لِمُسْتَأْذِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مُجُونٍ حَرُمَ بَلْ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى كُفْرٍ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِالْقُرْآنِ فِيمَا ذَكَرَ الْأَحَادِيثَ وَالْأَذْكَارَ وَالْأَدْعِيَةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَلَوْ أَتَى بِرُكْنٍ ضِمْنَ آيَةً أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ أَيْ إنْ قَصَدَ الرُّكْنَ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَهُمَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: بِأُخْرَوِيٍّ) أَيْ لَا دُنْيَوِيٍّ فَلَا يَكْفِي، وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ اهـ. مَدَابِغِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ إنَّ الدُّنْيَوِيَّ يَكْفِي حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ مَا هُنَا أَوْلَى حُرِّرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَحِمَكُمْ اللَّهُ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَخْصِيصُ الْحَاضِرِينَ بِالدُّعَاءِ.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَلَوْ خَصَّ بِهِ الْحَاضِرِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْغَائِبِينَ وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمَالِي وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَيْ لِجَمِيعِهِمْ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ وَلِجَوَازِ قَصْدٍ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِعِلَّتِهِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ، وَخُرُوجُهُمْ مِنْ النَّارِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْمِيمِ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ اهـ. حَجّ فِي الْإِيعَابِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ بِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ جَمِيعُ ذَنْبِهِ إذْ لَوْ غُفِرَ الْجَمِيعُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَلَا دَخَلَهَا وَاَلَّذِي مَنَعَهُ الْغَزَالِيُّ إنَّمَا هُوَ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِحَيْثُ لَا تَمَسُّ النَّارُ وَاحِدًا مِنْهُمْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي ثَانِيَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَفْعُولَةُ ثَانِيًا وَلَوْ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْمَعْهُودِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ أَيْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ إذَا أَتَى بِالْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَةُ الْجِنْسِ اهـ. شَيْخُنَا وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ وَإِلَّا لَوْ خَصَّ الذُّكُورَ كَفَى بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّ النِّسَاءَ لَمْ يَكْفِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ الِاكْتِفَاءَ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَفِي التَّنْزِيلِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِصِيغَةِ الذُّكُورِ مَا يَشْمَلُ الْإِنَاثَ
{وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] أَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُسَنُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا، قَالَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ فِي وَصْفِهِ.
(وَشُرِطَ كَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ) وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ بِغَيْرِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اِ هـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: {مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] لَمْ يَقُلْ مِنْ الْقَانِتَاتِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ عِبَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ عِبَادَةِ الذُّكُورِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ) وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءِ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِفِعْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تُسَنُّ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ وَاجِبٌ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ غَالِبًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ فِي قِيَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ) أَيْ مُبَالَغَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ كَأَنْ يَقُولُ أَخْفِ أَهْلِ الشِّرْكِ مَثَلًا اهـ. شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ كَوْنَهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ) وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْخَطِيبِ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ رُدَّ بِأَنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ كَمَنْ يَؤُمَّ بِالْقَوْمِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْخَطِيبِ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ أَيْ مَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ إلَخْ فَلَا يُنَافِي مَا نُقِلَ عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي فِي اعْتِبَارِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا هُنَا مَا مَرَّ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ وَلَوْ لَحَنَ فِيهِمَا لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى هَلْ يَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ، وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ قَبْلَهُ أَثَّرَ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَأَمَّا الْقَوْمُ لَوْ شَكُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ فِي تَرْكِ الْخَطِيبِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ مُطْلَقًا اهـ. ح ل وَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى أَوْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْأُولَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ مِنْ الضَّرَرِ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكُ رُكْنٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ مِنْ الْأُولَى أَمْ مِنْ الثَّانِيَةِ هَلْ تَجِبُ إعَادَتُهُمَا أَمْ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجْلِسُ ثُمَّ يَأْتِي بِالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْأُولَى فَيَكُونُ جُلُوسُهَا لَغْوًا فَيَكْمُلُ بِالثَّانِيَةِ وَيُجْعَلُ مَجْمُوعُهُمَا خُطْبَةً وَاحِدَةً فَيَجْلِسُ بَعْدَهَا وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَالْجُلُوسُ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ جُلُوسٌ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَهُ تَكْرِيرٌ لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتِدْرَاكٌ لِمَا تَرَكَهُ مِنْهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا وَشُرِطَ كَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ) أَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ الْخُطْبَةِ وَنِيَّةِ فَرْضِيَّتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَازٌ بِصُورَتِهِ مُنْصَرِفٌ إلَى اللَّهِ بِحَقِيقَتِهِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ صَرْفِهِ إلَيْهِ وَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الِاشْتِرَاطِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ش م ر وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَطِيبِ ذَكَرًا وَكَوْنُهُ تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِلْقَوْمِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَكَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا بِخِلَافِ الْقَوْمِ وَشَرْطُ الذُّكُورِيَّةِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْخُطَبِ كَالِاسْتِمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَكَوْنِ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَضُرَّ وَيَجِبُ وِفَاقًا ل م ر أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ وَإِلَّا ضَرَّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ كَالسُّكُوتِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ إذَا طَالَ بِجَامِعِ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَغْوٌ لَا يُحْسَبُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَا يُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيِّ فَهُوَ لَغْوٌ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّرُورَةِ مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكُوتِ بِأَنَّ فِي السُّكُوتِ إعْرَاضًا عَنْ الْخُطْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ فِيهِ وَعْظًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ.
(فَرْعٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ تَمْيِيزُ فُرُوضِهَا مِنْ سُنَنِهَا فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُقَرَّرِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: خَطَبَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِلُغَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا الْقَوْمُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْسَنَ مَا يَفْهَمُونَهُ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ خَطَبَ بِغَيْرِهَا هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْآيَةَ مِنْ الْأَرْكَانِ أَمَّا هِيَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُتَرْجَمُ عَنْهُ فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ حِينَئِذٍ اهـ. سم وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، رَاجِعْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَأْتِي بَدَلَهَا بِذِكْرٍ ثُمَّ بِدُعَاءٍ ثُمَّ وَقْفَةِ قَدْرِهَا اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ش م ر خَطَبَ بِغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَوْمُ ذَلِكَ الْغَيْرَ انْتَهَتْ
أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالٍ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ.
(وَ) كَوْنُهُمَا (فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(وَوَلَاءٌ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ
(وَطُهْرٌ) عَنْ حَدَثٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَوْمُ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْسَنَ لُغَتَيْنِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ كَرُومِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ مَثَلًا وَبَاقِي الْقَوْمُ يُحْسِنُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْطُبَ بِاللُّغَةِ الَّتِي لَا يُحْسِنُونَهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالٍ إلَخْ وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِاللُّغَةِ الَّتِي يُحْسِنُهَا الْقَوْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ بَلْ وُجُوبُهَا بِهَا حَيْثُ أَحْسَنُهَا دُونَهُمْ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَوَجَبَ مُرَاعَاتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ فَحَيْثُ وُجِدَ لِبَعْضِهَا مُرَجِّحٌ كَفَهْمِ الْقَوْمِ لَهَا قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا) أَيْ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ وَإِنْ زَادُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي بَلَدٍ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ بِسَمَاعِهِمْ فَرَاجِعْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَعِظُهُمْ وَلَا يَعْلَمُونَ الْمَوْعُوظَ بِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْوَقْتِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الشَّرْطِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشَّرْطِ الِاحْتِرَازُ عَنْ إيقَاعِهِمَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ بَعْدَ الزَّوَالِ إذْ لَوْ جَازَ تَقْدِيمُهَا لَقَدَّمَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَخْفِيفًا عَلَى الْمُبَكِّرِينَ وَإِيقَاعًا لِلصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ انْتَهَتْ وَلَوْ هَجَمَ وَخَطَبَ فَبَانَ فِي الْوَقْتِ صَحَّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وع ش عَلَى م ر وَقَالَ سم بِعَدَمِ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَوَلَاءٌ بَيْنَهُمَا) وَحَدُّ الْمُوَالَاةِ مَا حُدَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ اهـ. ش م ر أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفَّ مُمْكِنٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا) وَلَا يَقْطَعُهَا نَفْسُ الْوَعْظِ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْخُطْبَةِ فَالْخُطْبَةُ الطَّوِيلَةُ صَحِيحَةٌ اهـ. شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا م ر فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ بِسَرْدِ الْأَرْكَانِ مُخْتَصَرَةً ثُمَّ أَعَادَهَا مَبْسُوطَةً كَمَا اُعْتِيدَ الْآنَ كَأَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ بِأَنَّهُ إنْ قَصَّرَ مَا أَعَادَهُ بِحَيْثُ لَمْ يُعَدَّ فَصْلًا مُضِرًّا حُسِبَ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مِنْ سَرْدِ الْأَرْكَانِ وَإِلَّا حُسِبَ مَا أَعَادَهُ وَأُلْغِيَ مَا سَرَدَهُ أَوَّلًا وَأَقُولُ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مُطْلَقًا أَيْ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ ثَانِيًا بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِ الرُّكْنِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ تَقْيِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ، وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْرُدْ الْخَطِيبُ الْأَرْكَانَ أَوَّلًا وَإِلَّا أَجْزَأَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهَا لِغَيْرِ الْخُطْبَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ لَحَنَ فِي الْأَرْكَانِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى أَوْ أَتَى بِمَحَلٍّ آخَرَ كَإِظْهَارِ لَامِ الصَّلَاةِ هَلْ يَضُرُّ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ وَنَحْوِهِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي الثَّانِيَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِمَا لَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ بِأَنَّ التَّشَهُّدَ وَرَدَ فِيهِ أَلْفَاظٌ بِخُصُوصِهَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِهَا كَمَا لَوْ أَبْدَلَ النَّبِيَّ بِالرَّسُولِ فَقَوِيٌّ شَبَهُهُ بِالْفَاتِحَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ لِلصَّلَاةِ فِيهَا صِيغَةً بِعَيْنِهَا وَأَمَّا الْأُولَى فَالْأَقْرَبُ فِيهَا الضَّرَرُ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ حَيْثُ غَيَّرَ الْمَعْنَى خَرَجَتْ الصِّيغَةُ عَنْ كَوْنِهَا حَمْدًا مَثَلًا وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلًا لَهَا سَوَاءٌ أَكَانَ اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَطُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ) فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتَأْنَفَهَا وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَقَرُبَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ أَيْ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ بَنَى عَلَى مَا مَضَى وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ تَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبِنَاءُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ أَنَّ فِي بِنَاءِ الْخَطِيبِ تَكْمِيلًا عَلَى مَا فَسَدَ بِحَدَثِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لِمَا مَضَى مِنْ الْخُطْبَةِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ مَا يُبْطِلُهُ فَجَازَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ اهـ. حَجّ.
(فَائِدَةٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ رَأَى
أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ وَعَنْ نَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ (وَسَتْرُ) الْعَوْرَةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ.
(وَقِيَامُ قَادِرٍ) عَلَيْهِ فِيهِمَا (وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِطُمَأْنِينَةٍ) فِي جُلُوسِهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
حَنَفِيًّا مَسَّ فَرْجَهُ مَثَلًا ثُمَّ خَطَبَ فَهَلْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ وَيُوَجَّهُ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّا نَحْكُمُ بِصِحَّةِ عِبَادَةِ الْمُخَالِفِينَ حَيْثُ قَلَّدُوا تَقْلِيدًا صَحِيحًا وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ بِهِمْ لِلرَّبْطِ الْحَاصِلِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الْمُقْتَضِي لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اعْتِقَادِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَلَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ السَّامِعِينَ وَالْخَطِيبِ فَحَيْثُ حَكَمَ بِصِحَّةِ عِبَادَتِهِ اكْتَفَى بِخُطْبَتِهِ لَكِنْ لَا يُصَلِّي خَلْفَهُ فَإِنْ أَمَّ غَيْرُهُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا رَابِطَةٌ لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ لِاعْتِقَادِهِ حِينَ النِّيَّةِ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةً لَمْ تُسْبَقْ بِخُطْبَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَطُهْرٌ وَسِتْرٌ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَوْمِ حَالَ الْخُطْبَةِ الطُّهْرُ وَلَا السِّتْرُ وَلَا كَوْنُهُمَا فِي مَحَلِّ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الْخَطِيبِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ الْخُطْبَةِ دَاخِلَ السُّورِ حَتَّى لَوْ خَطَبَ دَاخِلَهُ وَالْقَوْمُ خَارِجَهُ يَسْمَعُونَهُ كَفَى اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَطُهْرٌ وَسِتْرٌ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ عَوْرَتُهُ فِي غَيْرِ الْأَرْكَانِ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَأَتَى مَعَ حَدَثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِ الْخُطْبَةِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَضُرُّ فِي خُطْبَتِهِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ مَعَ الْحَدَثِ فَجَمِيعُ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْأَرْكَانِ خَاصَّةً.
(فَرْعٌ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْدَثَ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ وَالْبِنَاءُ عَلَى خُطْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا أَهْلِيَّةَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ إذَا بَانَ مُحْدِثًا وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ لِلْقَوْمِ اسْتِخْلَافُ مَنْ يَبْنِي عَلَى خُطْبَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا جَازَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْقَوْمِ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فَجَازَ الِاسْتِخْلَافُ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْخَطِيبِ وَحْدَهُ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَخْلِفُ لِئَلَّا تَصِيرَ نَفْسُ الْخُطْبَةِ مُلَفَّقَةً مِنْ شَخْصَيْنِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُ سم وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ إلَخْ أَيْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُفَرَّقُ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ لَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَا مِنْ الْقَوْمِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْخُطْبَتَيْنِ) بِخِلَافِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السِّتْرُ وَلَا الطُّهْرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقِيَامُ قَادِرٍ) فَإِنْ عَجَزَ خَطَبَ قَاعِدًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لِعُذْرٍ فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَالْأَوْلَى لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي الْمَفْرُوضَةَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاضْطِجَاعِ خَطَبَ مُسْتَلْقِيًا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ لَكِنْ فِي كَلَامِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ مَنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْقَوْمِ وَسَمَاعِهِمْ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ نَفْسِهِ اقْتَضَى عَدَمَ اعْتِبَارِ سَمَاعِهِ وَصَلَاتِهِ لِعِلْمِهِ بِفَقْدِ شَرْطِهِمَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَعُدَّ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ هُنَا شَرْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِجُزْأَيْنِ مِنْ الْخُطْبَةِ إذْ هِيَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ؛ لِأَنَّهَا جُمْلَةُ أَعْمَالٍ وَهِيَ كَمَا تَكُونُ أَذْكَارًا تَكُونُ غَيْرَ أَذْكَارٍ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَقِيَامُ قَادِرٍ) وَلَوْ خَطَبَ مِنْ جُلُوسٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا صَحَّتْ خُطْبَتُهُ وَلَمْ يَجِبْ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُهُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ بَلْ أَوْلَى قَالَهُ الشَّيْخُ تَخْرِيجًا عَلَى إمَامِ الصَّلَاةِ وَأَيَّدَهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ قَالَ وَمِثْلُ حَدَثِهِ نَجَاسَتُهُ الْخَفِيَّةُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَتَشْبِيهُهُ بِالْجُنُبِ أَنْ لَا يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَالْجُنُبِ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رضي الله عنهم فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) لَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تَصِحَّ خُطْبَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الشَّرْطُ يَضُرُّ الْإِخْلَالُ بِهَا وَلَوْ مَعَ السَّهْوِ اهـ. م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْهُ الِاضْطِجَاعُ وَنَحْوُهُ وَيُؤَيِّدُهُ الِاتِّبَاعُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) وَهَلْ يَسْكُتُ فِي الْجُلُوسِ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ سَكَتُوا عَنْهُ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ» أَفَادَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. ش م ر وَقَالَ حَجّ وَيُسَنُّ كَوْنُ مَا يَقْرَؤُهُ الْإِخْلَاصَ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْقَيْدِ وَهِيَ
وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا
(وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ) الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ (أَرْكَانَهُمَا) لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونِ الْأَرْبَعِينَ وَلَا حُضُورُهُمْ بِلَا سَمَاعٍ لِصُمٍّ أَوْ بُعْدٍ أَوْ نَحْوِهِ
(وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) أَيْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَتَقْيِيدُ الْإِسْمَاعِ بِالْأَرْكَانِ مَعَ ذِكْرِ سَنِّ التَّرْتِيبِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) سُنَّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا (إنْصَاتٌ فِيهِمَا) أَيْ سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَأَمَّا أَصْلُ الشَّرْطِ فَذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ كَعَادَتِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي بِطُمَأْنِينَةٍ لَكَانَ أَوْضَحَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَنْ خَطَبَ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وَلَا يَكْفِي الْأَوَّلَ الْفَصْلُ بِالِاضْطِجَاعِ اهـ. مِنْ ش م ر وَقَوْلُهُ الْفَصْلُ بِالِاضْطِجَاعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْقِيَامِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ سَقَطَ وَبَقِيَ الْخِطَابُ بِالْجُلُوسِ فَفِي الِاضْطِجَاعِ تَرْكٌ لِلْوَاجِبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي سم مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاضْطِجَاعِ مِنْ غَيْرِ سَكْتَةٍ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ أَرْكَانَهُمَا) بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يَسْمَعَهَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سِوَاهُ اهـ ش م ر وَالْمُرَادُ إسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ فِي آنٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى لَوْ سَمِعَ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَحَضَرَ غَيْرُهُ وَأَعَادَهَا لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْمَاعَيْنِ بِدُونِ الْأَرْبَعِينَ فَيَقَعُ لَغْوًا وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ)
يُعْتَبَرُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ إسْمَاعُ ثَمَانِينَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ كَمَا يَأْتِي اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: أَرْكَانَهُمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِسْرَارُ بِغَيْرِ الْأَرْكَانِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ وَإِلَّا ضَرَّ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ كَالسُّكُوتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالسَّمَاعِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ أَسْمَعْتُهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا فَعَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ) أَيْ بِالْقُوَّةِ بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا لَسَمِعُوا فَلَا يَضُرُّ اللَّغَطُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَنْ عَبَّرَ فِي الْإِسْمَاعِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ أَرَادَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ كَوْنَهُمْ بِحَيْثُ إلَخْ فَفِي التَّحْقِيقِ لَا بُدَّ فِي الْإِسْمَاعِ مِنْ كَوْنِهِ بِالْفِعْلِ وَفِي السَّمَاعِ يَكْفِي، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) كَالنَّوْمِ وَاللَّغَطِ الْكَثِيرِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ السَّمَاعِ بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا قَالَ شَيْخُنَا وَالشَّرْطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ أَيْ بِأَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا لَسَمِعُوا مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ اعْتِبَارَ السَّمَاعِ بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّا فِيهَا نَعْتَبِرُ زَوَالَ الْمَانِعِ مِنْ صَمَمٍ وَبُعْدٍ وَلَغَطٍ وَنَوْمٍ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ سَامِعُونَ بِالْقُوَّةِ أَيْ حَاضِرُونَ، قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعِيدٌ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَا مَعْنَى لِأَمْرِهِ بِالْإِنْصَاتِ لِنَفْسِهِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا ذُكِرَ لِيُفِيدَ صُورَةَ التَّرْتِيبِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَمِعَهُمَا) أَيْ لِمَنْ كَانَ يَسْمَعُ لَوْ أَنْصَتَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِمَنْ سَمِعَهُمَا) أَيْ وَلَوْ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْصَاتٌ فِيهِمَا) قَالَ الرَّاغِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّمْتِ وَالسُّكُوتِ وَالْإِنْصَاتِ وَالْإِصَاخَةِ أَنَّ الصَّمْتَ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا قُوَّةَ فِيهِ لِلنُّطْقِ وَلِهَذَا قِيلَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نُطْقٌ صَامِتٌ وَالسُّكُوتُ لِمَا لَهُ نُطْقٌ فَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ وَالْإِنْصَاتُ سُكُوتٌ مَعَ اسْتِمَاعٍ وَمَتَى انْفَكَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَقُلْ لَهُ إنْصَاتٌ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، فَقَوْلُهُ {وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] بَعْدَ الِاسْتِمَاعِ ذِكْرُ خَاصٍّ بَعْدَ عَامٍّ وَالْإِصَاخَةُ الِاسْتِمَاعُ إلَى مَا يَصْعُبُ اسْتِمَاعُهُ وَإِدْرَاكُهُ كَالسَّبِّ وَالصَّوْتِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ اهـ. مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ عليه السلام «الصَّمْتُ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسِتْرٌ لِلْجَاهِلِ» اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا الْإِصْغَاءُ هُوَ الِاسْتِمَاعُ قِيلَ بَيْنَ الْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْصَاتَ السُّكُوتُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ اسْتِمَاعٍ أَوْ لَا وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ السُّكُوتُ أَوْ لَا انْتَهَتْ.
وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِالْإِجْمَاعِ تَحْرِيمًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ عِبَادَةٍ وَمِنْ ثَمَّ فَارَقَتْ الصَّلَاةُ الْكَلَامَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ لَا يُعَدُّ إعْرَاضًا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَيْضًا فَقَطْعُ الْكَلَامِ هَيِّنٌ مَتَى ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بَلْ لَوْ أَمِنَ فَوَاتَ ذَلِكَ كَانَ مُمْتَنِعًا أَيْضًا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ هُنَا وَيُمْنَعُ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَشَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ صَلَاةً وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ
وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ
ــ
[حاشية الجمل]
صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ فَالْإِطَالَةُ كَالْإِنْشَاءِ وَمَتَى حُرِّمَتْ الصَّلَاةُ فَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ عَدَمُ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ بَلْ أَوْلَى بَلْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهَا أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ هُنَا فَرْضًا لَا يَأْتِي بِهِ وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ مُضَيَّقًا وَأَنَّهُ إنْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا وَتَخْفِيفُهَا وُجُوبًا هَذَا إنْ كَانَ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا صَلَّاهَا مُخَفَّفَةً وَحَصَلَتْ بِهَا التَّحِيَّةُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ تَحِيَّةٌ كَأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا أَمَّا الدَّاخِلُ آخِرَ الْخُطْبَةِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّاهَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ بَلْ يَقِفُ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ وَلَا يَقْعُدُ لِئَلَّا يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُسْتُحِبَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَزِيدَ فِي كَلَامِ الْخُطْبَةِ بِقَدْرِ مَا يُكَمِّلُهَا قَالَ الشَّيْخُ وَمَا قَالَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذَكَرَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ لَا الْإِسْرَاعُ قَالَ وَيَدُلُّ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ تَرْكُ التَّطْوِيلِ عُرْفًا اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ وَكُرِهَ تَحْرِيمًا إلَخْ أَيْ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَتَوَابِعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم أَنَّ الشَّرْحَ ذَهَبَ إلَيْهِ وَفِي كَلَامِ حَجّ هُنَا مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا صَلَاةُ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، وَلَوْ فِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ اهـ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ أَمَّا بَعْدَ الصُّعُودِ وَقَبْلَ الْجُلُوسِ فَلَا يَحْرُمُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ قَضَاءً قَبْلَ الْجُلُوسِ ثُمَّ جَلَسَ، وَقَدْ بَقِيَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ هَلْ تَسْتَمِرُّ صِحَّتُهَا وَيَجِبُ التَّخْفِيفُ أَوْ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ بَعْدَ الْجُلُوسِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ التَّطْوِيلِ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْجُلُوسِ إنْشَاءُ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
أَقُولُ الظَّاهِرُ الِاسْتِمْرَارُ سِيَّمَا إذَا أَحْرَمَ عَلَى ظَنِّ سَعَةِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ جَالِسًا بِالْمَسْجِدِ وَعَلِمَ بِقُرْبِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنْ كَانَ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْمَرْقَى الْآيَةَ فَأَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ وَيُكْمِلُهُمَا بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ وَيُخَفِّفُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ شُرُوعِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَهَيِّئًا لِشَيْءٍ يَسْمَعُهُ فَيُعَدَّ مُعْرِضًا عَنْهُ بِاشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ تَحِيَّةٌ شَمِلَ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ الصُّبْحِ مَثَلًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِمَا التَّحِيَّةَ لِمَا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِمَا التَّحِيَّةَ كَانَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ التَّحِيَّةِ لَكِنْ قَالَ حَجّ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ رَاتِبَةُ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا وَحِينَئِذٍ الْأَوْلَى نِيَّةُ التَّحِيَّةِ مَعَهَا فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ فَالْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ نِيَّةُ التَّحِيَّةِ، فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ نِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ نِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الصُّبْحِ مَثَلًا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي حُصُولِ التَّحِيَّةِ بِهَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي بَابِهَا.
قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ نِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ لَيْسَ فِيهِ صَرْفٌ عَنْ التَّحِيَّةِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ نِيَّةِ سَبَبٍ آخَرَ فَأُبِيحَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِمَا عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ وَبَيَّنْت مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ. وَقَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ شَمِلَ مَا لَوْ تَطَهَّرَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَرَادَ فِعْلَ الرَّكْعَتَيْنِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَلَا تَنْعَقِدُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَتَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ تُسَنَّ لَهُ التَّحِيَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِعْ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحَلِّهَا، وَقَدْ نَوَاهَا مَعَهُمْ بِمَحَلِّهِ وَإِنْ حَالَ مَانِعُ الِاقْتِدَاءِ الْآنَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ تَرَكَ التَّطْوِيلَ عُرْفًا أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ) أَيْ مَعَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ مَكْرُوهٌ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ حَيْثُ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ وَكَذَا يُسْتَثْنَى السَّلَامُ حَالَ التَّلْبِيَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَلَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مَكْرُوهًا لِمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ عَلَى نَحْوِ قَاضِي الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْهُ وَمَعَهُ يُعَدُّ سَفَهًا وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ فَلَا يُلَائِمُهُ إيجَابُ الرَّدِّ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُلَائِمُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلَا إشْكَالَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ) أَيْ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْحَاضِرِينَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَدَّ نِسْيَانُ الْخَطِيبِ لِمَا هُوَ فِيهِ عُذْرًا فِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ غَلِطَ اهـ. ع ش عَلَى
وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ إبَاحَةَ الرَّفْعِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّالِثَةِ مَا أَعْدَدْت لَهَا فَقَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
م ر (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَمِعِ وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَطْعًا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ التَّشْمِيتُ كَسَائِرِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ، وَمَحَلُّ سُنَّ التَّشْمِيتِ إذَا حَمِدَ اللَّهَ الْعَاطِسُ اهـ. مِنْ شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: الْعَاطِسِ) مِنْ عَطَسَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَطَسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالْمَعْطِسُ وِزَانُ مَجْلِسٍ الْأَنْفُ.
(وَقَوْلُهُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ قَالَ م ر وَالرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ اهـ. اط ف وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْآتِي وَهُوَ الْإِبَاحَةُ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي سم فِي فَصْلِ الِاغْتِسَالِ الْآتِي مَا نَصُّهُ أَطَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَيَانِ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِلَا مُبَالَغَةٍ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ كَأَنْ قَرَأَ الْخَطِيبُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] ، الْآيَةَ سُنَّةٌ وَأَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُؤَذِّنُونَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ عِنْدَ تَصْلِيَتِهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِجَامِعِ طَلَبِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ذِكْرِهِ ثُمَّ أَيَّدَ ذَلِكَ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَرَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ كَرَاهَةَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُؤَذِّنُونَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إذَا ذُكِرَ اسْمُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَطْعًا بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ إنْ أَغْنَتْ. اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رضي الله عنهم وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَدْ أَرْسَلَ جَمَاعَةً لِيَقْتُلُوا يَهُودِيًّا يُقَالُ لَهُ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَجَاءُوا وَهُوَ يَخْطُبُ فَسَأَلَهُمْ كَيْفَ قَتَلُوهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْت» وَمَعْنَاهُ تَرَكْت الْأَدَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَرْبَعِينَ بَلْ سَائِرُ الْحَاضِرِينَ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا كَلَامُ الدَّاخِلِ إلَّا إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَكَانًا وَاسْتَقَرَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَلَامِ غَالِبًا وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا اهـ. ش م ر
(فَائِدَةٌ) : لَوْ كَلَّمَ شَافِعِيٌّ مَالِكِيًّا وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَعِبَ الشَّافِعِيُّ مَعَ الْحَنَفِيِّ الشِّطْرَنْجَ لِإِعَانَتِهِ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ لَمَّا لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا مِنْهُمَا كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالْمُلْجِئِ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أَجَابَهُ الْمَالِكِيُّ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لَا يُجِيبَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إذَا لَمْ يُجِبْهُ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ ضَرَرٌ كَكَوْنِ الشَّافِعِيِّ الْمُتَكَلِّمِ أَمِيرًا أَوْ ذَا سَطْوَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ بَلْ مِنْ جِهَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) أَيْ وَعَلَى الْقَدِيمِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ فَقَبْلَهَا لَا يَحْرُمُ وَإِنْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُدْرِكُ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِمَا اسْتَثْنَاهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ عَدَمِ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ. قَالَ وَإِذَا انْتَهَتْ الْخُطْبَتَانِ انْتَهَى تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ انْتِهَاءُ أَرْكَانِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِغَيْرِ أَرْكَانِهِمَا كَالتَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الصَّلَاةُ حَالَ اشْتِغَالِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَحْرُمُ. نَعَمْ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِقُرْبِ الْإِقَامَةِ اهـ. لَكِنْ أَظُنُّ شَيْخَنَا حَجّ أَلْحَقَ تَوَابِعَ الْخُطْبَةِ بِهَا فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ أَيْ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَنَّ رَجُلًا إلَخْ) هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ خَصَائِصِ الْجُمُعَةِ لِلسُّيُوطِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ) أَيْ عَازِمٌ عَلَى الْخُطْبَةِ وَإِلَّا فَجَوَابُهُ لَوْ فُرِضَ فِي الْخُطْبَةِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ قَلِيلٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا) عَدَلَ
حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا فَيَسْكُتُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ.
(وَ) سُنَّ (كَوْنُهُمَا عَلَى مِنْبَرٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرًا فَعَلَى (مُرْتَفِعٍ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمِنْبَرِ فِي بُلُوغِ صَوْتِ الْخَطِيبِ النَّاسَ وَسُنَّ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَوْ
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ جَوَابِ سُؤَالِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَيْبِ أَوْ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ التَّعَلُّقُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَنْفَعُ فِيهَا فَهُوَ مِنْ تَلَقِّي السَّائِلِ بِغَيْرِ مَا يَتَطَلَّبُ تَنْزِيلًا لِسُؤَالِهِ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215]، الْآيَةَ. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] ، الْآيَةَ. وَأَجَابَهُ السَّائِلُ بِقَوْلِهِ حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى عَمَلِهِ الظَّاهِرِ بَلْ طَرَحَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَبُولِهِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) هُوَ بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ أَعْدَدْت وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْدَدْته لَهَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يُقَدَّرُ مَعَهُ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا إلَخْ) أَيْ مِنْ مَكَان بِحَيْثُ لَا يَسْمَعْهُمَا لَوْ صَغَى انْتَهَى مِنْ الْحَلَبِيِّ (قَوْلُهُ: فَيَسْكُتُ أَوْ يَشْتَغِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر نَعَمْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ السَّامِعِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ أَوْ الذِّكْرِ انْتَهَتْ، فَالِاشْتِغَالُ بِالتِّلَاوَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْكَلَامُ فَلَوْ قَالَ وَيُسَنُّ لِمَنْ لَا يَسْمَعُهُمَا الِاشْتِغَالُ بِالذِّكْرِ أَوْ التِّلَاوَةِ لَوَافَقَ عِبَارَتَهُ وَهِيَ إنْ قُلْنَا لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ سُنَّ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ يَسْمَعُ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَذْكُرُ وَإِنْ جَازَ لَهُ الْكَلَامُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُقَدِّمًا لَهَا عَلَى التِّلَاوَةِ لِغَيْرِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْيَوْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى مِنْبَرٍ) أَيْ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ بِهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ النَّبْرِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ وَأَوَّلُ مَنْ أَمَرَ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ تَمِيمٌ الدَّارِيِّ وَاَلَّذِي نَجَرَهُ بَاقُومُ الرُّومِيُّ وَكَانَ ثَلَاثَ دَرَجٍ غَيْرِ الدَّرَجَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ وَكَانَ مِنْ خَشَبِ الْأَثْلِ بِالْمُثَلَّثَةِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَقْوَالٍ عَشْرَةٍ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقِفُ عَلَى الثَّالِثَةِ فَلَمَّا خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ نَزَلَ دَرَجَةً ثُمَّ عُمَرُ دَرَجَةً ثُمَّ عَلِيٌّ دَرَجَةً، وَأَمَّا عُثْمَانُ فَإِنَّهُ ارْتَفَعَ لِمَا كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِذَلِكَ انْتَقَمَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَلَمَّا تَوَلَّى مُعَاوِيَةُ لَمْ يَجِدْ دَرَجَةً لِيَنْزِلَ إلَيْهَا فَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجٍ مِنْ أَسْفَلَ فَصَارَ تِسْعَ دَرَجٍ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَقِفُونَ عَلَى السَّابِعَةِ وَهِيَ الْأُولَى مِنْ الْأَوَّلِ وَقِيلَ إنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ هُوَ الَّذِي زَادَهَا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ الْمِنْبَرَ إلَيْهِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُلِعَ فَأَظْلَمَتْ الْمَدِينَةُ وَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ حَتَّى رُئِيَتْ النُّجُومُ فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ فَقَالَ إنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ فَدَعَا نَجَّارًا فَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجٍ وَقَالَ إنَّمَا زِدْت فِيهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ احْتَرَقَ الْمَسْجِدُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتَّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ وَكَانَ ذَلِكَ كَالْإِشَارَةِ إلَى زَوَالِ دَوْلَةِ آلِ الْبَيْتِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ فَإِنَّهَا انْقَرَضَتْ عَقِبَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ فِي فِتْنَةِ التَّتَارِ ثُمَّ جَدَّدَ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ الْيَمَنِ مِنْبَرًا سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ ثُمَّ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ مِنْبَرًا فَأُزِيلَ الْمُظَفَّرِيُّ وَوُضِعَ مَكَانَهُ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ مِنْبَرًا فَلَمَّا احْتَرَقَ أَبْدَلَهُ السُّلْطَانُ قَايِتْبَايْ بِالْمِنْبَرِ الرُّخَامِ الْمَوْجُودِ الْآنَ عَلَى صِفَةِ مِنْبَرِ مُعَاوِيَةَ تَقْرِيبًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَمُرْتَفِعٍ) وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْمَنَابِرِ الْمُعْتَادَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَمُرْتَفِعٍ) فَإِنْ تَعَذَّرَ خَطَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إلَى خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَسْتَنِدُ قَبْلَ فِعْلِ الْمِنْبَرِ إلَى الْجِذْعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ سَوَارِي مَسْجِدِهِ وَيُقَالُ لَهُ الْعَذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ اسْمٌ لِلنَّخْلَةِ وَبِكَسْرِهَا اسْمٌ لِلْغُصْنِ فَلَمَّا عُمِلَ الْمِنْبَرُ فَارَقَهُ فَحَنَّ حُنَيْنَ الْعِشَارِ وَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي تَحِنُّ إلَى أَوْلَادِهَا فَنَزَلَ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ وَالْتَزَمَهُ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَغْرِسَهُ فَيَعُودَ خَضِرًا أَوْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ فَاخْتَارَ الْجَنَّةَ فَوَعَدَهُ بِهَا فَسَكَنَ ثُمَّ دُفِنَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ» فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَهُ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ فَاسْتَمَرَّ عِنْدَهُ حَتَّى أَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَقِيلَ إنَّهُ بَقِيَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ احْتَرَقَ الْمَسْجِدُ فَاحْتَرَقَ مَعَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ) أَيْ لِأَنَّ مِنْبَرَهُ صلى الله عليه وسلم وُضِعَ هَكَذَا وَكَانَ يَخْطُبُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَعَنْ يَسَارِهِ جِذْعُ نَخْلَةٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ الْخُطْبَةِ
(وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ) إذَا انْتَهَى إلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ (وَ) أَنْ (يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) الْمِنْبَرَ أَوْ نَحْوَهُ وَانْتَهَى إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّاةُ بِالْمُسْتَرَاحِ (وَ) أَنْ (يُسَلِّمَ) عَلَيْهِمْ (ثُمَّ يَجْلِسُ)
(فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ، رَوَاهُ فِي الْأَخِيرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَقِيَّةِ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْجُلُوسِ مَعَ قَوْلِي وَاحِدٌ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) أَنْ (تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً)
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى مِنْبَرٍ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الْخَطَابَةُ بِمَكَّةَ عَلَى مِنْبَرٍ بِدْعَةٌ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى الْبَابِ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَيُكْرَهُ مِنْبَرٌ كَبِيرٌ يُضَيِّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِي الْمِنْبَرِ الْوَاسِعِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ إلَخْ لَعَلَّ حِكْمَتَهُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى لَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ وَعَلَيْهِ فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهُ جِدًّا خِلَافُ الْأَوْلَى لَكِنَّهُ أَدْعَى لِلْمُبَادَرَةِ إلَى الْمِحْرَابِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ أَيْ لِلْخَطِيبِ وَهُوَ الْقُرْبُ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ) أَيْ عَلَى يَمِينِ الْوَاقِفِ فِي الْمِحْرَابِ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَقْبَلْتَهُ فَيَمِينُك يَسَارُهُ وَيَسَارُك يَمِينُهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَمَا ذَكَرَ مِنْ الْمِنْبَرِ وَالْمُرْتَفِعِ اهـ. ح ل وَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَرَدِّ السَّلَامِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ) أَيْ بِاشْتِغَالِهِ بِصُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ الْقَوْمَ لِشُغْلٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ سُنَّ لَهُ السَّلَامُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مَعَ جَمْعٍ وَفَارَقَهُمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ جَالِسًا عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَنَحْوِهِ فَيُسَلِّمُ لِمُفَارَقَتِهِ مَنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُمْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَأَمَّا لَوْ جَاءَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ هَذَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ طُلُوعِهِ لِلْمِنْبَرِ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ بَيْنَ الْبَابِ وَالْمِنْبَرِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا عَلَى الصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ وَالصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ سَنُّ السَّلَامِ عَلَى كُلِّ صَفٍّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا آكَدُ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يُسَنُّ لَهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ) وَهَلْ الْتِفَاتُهُ عِنْدَ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ يَكُونُ إلَى جِهَتِهِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ وَأَيَّدَهُ بِجَوَابٍ عَنْ الْحَضْرَمِيِّ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: إذَا صَعِدَ) فِي الْمُخْتَارِ صَعِدَ فِي السُّلَّمِ بِالْكَسْرِ صُعُودًا وَصَعَّدَ فِي الْجَبَلِ وَعَلَى الْجَبَلِ تَصْعِيدًا قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوا فِيهِ صَعِدَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ أَيْ مَضَى وَسَارَ وَأَصْعَدَ فِي الْوَادِي وَصَعَّدَ فِيهِ أَيْضًا تَصْعِيدًا أَيْ انْحَدَرَ وَعَذَابٌ صَعَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ شَدِيدٌ وَالصَّعُودُ بِالْفَتْحِ ضِدُّ الْهُبُوطِ فَالصَّعُودُ وَالْهُبُوطُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ضِدُّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ وَقَعْنَا فِي صَعُودٍ وَهُبُوطٍ أَيْ فِي أَمَاكِنَ مُرْتَفِعَةٍ وَمُنْخَفِضَةٍ وَالصَّعِيدُ التُّرَابُ وَقَالَ ثَعْلَبٌ وَجْهُ الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] صَعِيدُ مِصْرَ مَوْضِعٌ بِهَا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَصَعِدَ فِي السُّلَّمِ وَالدَّرَجَةِ يَصْعَدُ مِنْ بَابِ تَعِبَ صُعُودًا وَصَعِدَ فِي الْجَبَلِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعِبَ الصُّعُودُ اهـ. ش م ر فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ حَتَّى جَلَسَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) أَيْ فِي حَالِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ أَيْ يُسَنُّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَاحِدًا لَا جَمَاعَةً اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُؤَذِّنُ) وَاحِدٌ وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الْمَنَارَةِ فَأَحْدَثَهُ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاتِّبَاعِ أَفْضَلَ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ تَوَقَّفَ حُضُورُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ اهـ. سُلْطَانٌ وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُرْقٍ يَخْرُجُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] . الْآيَةَ، ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ «بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ جَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ» لَا بِأَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ إذْ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -
أَيْ فَصَيْحَةً جَزْلَةً لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً فَإِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ (مَفْهُومَةً) أَيْ قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ (مُتَوَسِّطَةً) لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمِلُّ.
وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» أَيْ مُتَوَسِّطَةً وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ قَصِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» بِضَمِّ الصَّادِ وَتَعْبِيرِي بِمُتَوَسِّطَةٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ.
(وَ) أَنْ (لَا يَلْتَفِتَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ
(وَ) أَنْ (يَشْغَلَ يُسْرَاهُ
ــ
[حاشية الجمل]
فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبُ فِيهِ إكْثَارُهَا وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ تَيَقُّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ إلَخْ لَمْ يَقُلْ فِي افْتِتَاحِ خُطَبِهِ فَأَشْعَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ كَيْفَ اتَّفَقَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِمَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَلَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُطْبَةِ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل وَاِتِّخَاذُ الْمَرْقَى بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ لَمْ تُفْعَلْ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ كَذَا فِي عِبَارَةِ شَيْخِنَا.
وَعِبَارَةِ غَيْرِهِ حَدَثَ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ قَالَ حَجّ وَأَقُولُ يُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ أَيْ لِلسُّنَّةِ بِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ يَسْتَنْصِتُ لَهُ النَّاسَ عِنْدَ إرَادَتِهِ خُطْبَةَ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» وَهَذَا شَأْنُ الْمَرْقَى فَلَا يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْبِدْعَةِ أَصْلًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَصِيحَةً جَزْلَةً) كِلَاهُمَا تَفْسِيرٌ وَيُقَابِلُ الثَّلَاثَةَ كُلٌّ مِنْ الْمُبْتَذَلَةِ وَالرَّكِيكَةِ فَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَلَالِ اهـ. حَلَبِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا مُبْتَذَلَةً إلَخْ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ اهـ. لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ وَاللَّفْظُ الْجَزْلُ ضِدُّ الرَّكِيكِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا مُبْتَذَلَةً) أَيْ مَعْهُودَةً رَكِيكَةً أَيْ كَالْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَأْلُوفَةِ عِنْدَ الْعَوَامّ وَنَحْوِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَيُؤْخَذُ مِنْ نَدْبِ الْبَلَاغَةِ فِي الْخُطْبَةِ حُسْنُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَضْمِينِهَا آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ مُنَاسِبَةً لِمَا هُوَ فِيهِ إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ، وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفَةِ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَتُكْرَهُ الْكَلِمَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ مَعَانٍ عَلَى السَّوَاءِ وَالْبَعِيدَةُ عَنْ الْأَفْهَامِ وَمَا يُنْكِرُهُ عُقُولُ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ، وَقَدْ يَحْرُمُ الْأَخِيرُ إنْ أَوْقَعَ فِي مَحْظُورٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطَةً) أَيْ بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ اهـ. ش م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي ذَلِكَ سَنُّ قِرَاءَةِ " ق " فِي الْأُولَى كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَسَنٌ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْإِسْهَابَ كَالْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ إذَا طَرَقَ الْعَدُوُّ أَيْ وَالْحَثُّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعَاصِي إذَا حَصَلَ الْجَذْبُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً فِي نَفْسِهَا هـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ) وَحِكْمَةُ ذَلِكَ لُحُوقُ الْمُتَأَخِّرِ وَوَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ ثُمَّ يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَالْآخِرَةُ وَعْدٌ صَادِقٌ يَحْكُمُ فِيهَا مَالِكٌ قَادِرٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الصَّادِ) أَيْ لِأَنَّهُ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَكَسْرُهَا جَائِزٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَقْصَرَ وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً قَلِيلَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ. ع ش
وَفِي الْمِصْبَاحِ: قَصَرْت الصَّلَاةَ قَصْرًا مِنْ بَابِ طَلَبَ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ، قَالَ تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] وَفِي لُغَةٍ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَقْصَرْتهَا وَقَصَّرْتهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ) أَيْ إلَى جِهَتِهِمْ فَلَا يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ اهـ. ح ل وَلَوْ اسْتَقْبَلَ هُوَ الْقِبْلَةَ أَوْ اسْتَدْبَرَهَا الْحَاضِرُونَ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُكْرَهُ لَهُ وَلَهُمْ الشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ فَإِنْ حَصَلَ فَلَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ مَا ابْتَدَعَتْهُ جَهَلَةُ الْخُطَبَاءِ مِنْ الْإِشَارَةِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَدَقِّ الدَّرَجِ فِي صُعُودِهِ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ رِجْلِهِ وَالدُّعَاءِ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُسْتَرَاحِ قَبْلَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ يَقِفُ فِي كُلِّ مَرْقَاةٍ وَقْفَةً خَفِيفَةً يَسْأَلُ اللَّهَ الْمَعُونَةَ وَالتَّسْدِيدَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ وَمُبَالَغَتُهُ فِي الْإِسْرَاعِ فِي الثَّانِيَةِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ فِيهَا وَالِاحْتِبَاءِ حَالَ الْخُطْبَةِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِجَلْبِهِ النَّوْمَ وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرُوا لَهُ وَهَلْ يُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ حُرْمَةَ أَذَانِ الْمَرْأَةِ بِسَنِّ النَّظَرِ
بِنَحْوِ سَيْفٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ قَامَ بِالسِّلَاحِ (وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي يُسْرَاهُ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا، وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا
(وَ) أَنْ (يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ (قَدْرَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) تَقْرِيبًا لِذَلِكَ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَيَقْرَأُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ
(وَ) أَنْ (يُقِيمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْخُطْبَةِ (مُؤَذِّنٌ وَيُبَادِرُ هُوَ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْإِقَامَةِ فَيَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْقِيقِ الْوَلَاءِ الَّذِي مَرَّ وُجُوبُهُ
(وَ) أَنْ (يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (الْجُمُعَةَ وَ) فِي (الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ جَهْرًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ فَهُمَا سُنَّتَانِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى
ــ
[حاشية الجمل]
لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ غَيْرِهِ وَبَقِيَ الْخَطِيبُ هَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَيْهِمْ فَيُكْرَهُ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جِهَتِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَيْهِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ بَيْنَ الصُّفُوفِ) لِلسُّؤَالِ وَدَوْرَانِ الْإِبْرِيقِ وَالْقِرَبِ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَتَفْرِقَةِ الْأَوْرَاقِ وَالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي النَّاسَ عَنْ الذِّكْرِ وَاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَجُّهِهِمْ لِلْقِبْلَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ لِنَحْوِ ظَهْرِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ وَلِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الِاسْتِدَارَةِ الْمَنْدُوبَةِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إذَا أَبَرَّ الْكُلَّ بِالْجُلُوسِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ ثُمَّ بِالِاسْتِدَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَيْفٍ) كَعَصَا وَنَحْوِهَا مِنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَرْقَى بِالْيَمِينِ كَمَا يَدْفَعُهُ لَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ بِهِ لِشَرَفِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَخْ) وَلِهَذَا قَبَضَهُ بِالْيُسْرَى عَلَى عَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا تَنَاوُلًا حَتَّى يَكُونَ بِالْيَمِينِ بَلْ هُوَ اسْتِعْمَالٌ وَامْتِهَانٌ بِالِاتِّكَاءِ فَكَانَتْ الْيَسَارُ بِهِ أَلْيَقَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْإِشَارَةِ إلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فِي بَلْدَتِنَا أَنْ يُمْسِكَ الْخَطِيبُ حَالَ خُطْبَتِهِ حَرْفَ الْمِنْبَرِ وَيَكُونُ فِي جَانِبِ ذَلِكَ الْحَرْفِ عَاجٌ غَيْرُ مُلَاقٍ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ خُطْبَتِهِ كَمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ قَوَائِمُهُ فِي نَجَسٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ مَفْرُوشٌ عَلَى نَجَسٍ أَوْ بِيَدِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَهِيَ كَبِيرَةٌ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ؛ لِأَنَّهَا كَالدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً اهـ.
وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَابِضِ طَرَفَ شَيْءٍ عَلَى نَجَسٍ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَسٍ وَلَا يَتَخَيَّلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ حَامِلٌ لِلْمِنْبَرِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) أَيْ تَحْتَ صَدْرِهِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ شَغْلُ الْيَمِينِ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ وَإِرْسَالُ الْيُسْرَى فَلَا بَأْسَ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) كَانَ الْمُخَالِفُ مِنْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِنَا أَوْ مِنْ أَئِمَّةِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْجُلُوسِ مِنْ أَصْلِهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّلَاثَةُ لَا يَقُولُونَ بِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ فِيهِ شَيْئًا إلَخْ) وَالْأَفْضَلُ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ اهـ. ش م ر وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَضَرَّرُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لِحَصْرِ بَوْلٍ مَثَلًا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ لَهُ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ إلَخْ) قَالَ حَجّ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَيْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَسُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فَقَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا أَيْ الْأُولَى احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَأَنْ يُقَالَ يَقْرَأُ الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّهِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ خَلَتْ صَلَاتُهُ مِنْ سُورَةِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ الْجُمُعَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ اشْتَمَلَتْ عَلَى السُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ وسَمِعَ قِرَاءَتَهُ قَالَ سم عَلَى حَجّ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لِلْمَأْمُومِ فَكَأَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا اهـ. وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لِلْمُنَافِقِينَ الَّتِي يَسْمَعُهَا الْمَأْمُومُ لَيْسَتْ قِرَاءَةً حَقِيقِيَّةً لِلْمَأْمُومِ بَلْ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَيَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ قَرَأَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فِي الْأُولَى أَصَالَةً وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {سَبِّحِ} [الأعلى: 1] وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] ؛ لِأَنَّهُمَا طُلِبَتَا فِي الْجُمُعَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] أَيْ وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سَبِّحْ لِوُرُودِهِ مَعَ حِكْمَةِ لُحُوقِ الْمُتَأَخِّرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَهُمَا سُنَّتَانِ) أَيْ وَقِرَاءَةُ الْأُولَتَيْنِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَقِرَاءَةُ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ