الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَلَوْ سَبَقَ حَوْلُ) زَكَاةِ (التِّجَارَةِ) حَوْلَ زَكَاةِ الْعَيْنِ كَأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابًا سَائِمَةً أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ ذَلِكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (زَكَّاهَا) أَيْ التِّجَارَةَ أَيْ مَالَهَا لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا (وَافْتَتَحَ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْوَالِ.
(وَزَكَاةُ مَالِ قِرَاضٍ عَلَى مَالِكِهِ) ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إذْ الْعَامِلُ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْجَعَالَةِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْعَمَلِ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ غَيْرِهِ فَذَاكَ أَوْ (مِنْهُ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ) كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَغَيْرِهِمَا
(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)
ــ
[حاشية الجمل]
زَكَاةُ الْعَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سَمِّ.
وَقَوْلُهُ لَمْ يُكْمِلْهُ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ أَيْ فَلَا تُضَمُّ الْجُذُوعُ لِلثَّمَرَةِ فِي التَّقْوِيمِ بَلْ تُقَوَّمُ وَحْدَهَا وَهَذَا فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَعْوَامِ فَتُضَمُّ الْجُذُوعُ وَالتِّبْنُ وَغَيْرُهَا لِلثَّمَرِ وَالْحَبِّ فِي التَّقْوِيمِ، فَإِنْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ سَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نِصَابُهُمَا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَيْ مَا لَمْ يَسْبِقْ حَوْلُ التِّجَارَةِ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّظَرِ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا) عِبَارَةُ م ر كَهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا إثْبَاتُ الْوَاوِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا لِلْعِلَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ هِيَ بِمَعْنَى عِنْدَ فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ مِنْ النُّسَّاخِ اهـ. (قَوْلُهُ وَافْتَتَحَ حَوْلًا إلَخْ) أَيْ وَمَا مَضَى مِنْ السَّوْمِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ اهـ. حَجّ أَيْ فَحَوْلُ السَّوْمِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِ التِّجَارَةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) أَيْ هُوَ الْمُطَالَبُ بِهَا وَحْدَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ بَعْدُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ مَالِ الْقِرَاضِ وَأَنَّهَا لَا تُحْسَبُ عَلَيْهِمَا إذَا أَخْرَجَهَا مِنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إذْ الْعَامِلُ إنَّمَا يَمْلِكُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِذَا قُلْنَا الْعَامِلُ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَعَلَى الْمَالِكِ زَكَاةُ الْجَمِيعِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالٍ آخَرَ فَذَاكَ ظَاهِرٌ أَوْ مِنْ عَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ حَسَبْت مِنْ الرِّبْحِ ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةَ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمَا وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَيْهَا بِالْقِسْمَةِ مَتَى شَاءَ وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاءُ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْإِخْرَاجِ عَنْهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَذَاكَ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَامِلِ اهـ. عِ ش (قَوْلُهُ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَسِرَاتِ (قَوْلُهُ كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُجْعَلُ إخْرَاجُهَا كَاسْتِرْدَادِ الْمَالِكِ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤَنِ إلَخْ انْتَهَتْ (خَاتِمَةٌ)
لَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ قُنْيَةٍ صَحَّ إذْ مُتَعَلِّقُ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ، وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ أَوْ وَهَبَهُ فَكَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلَّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلَّقَ الْعَيْنِ وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ مَالًا، فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ)
قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ اسْتِعْمَالِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ كَرُكُوبِ حَيَوَانِهَا وَسُكْنَى عَقَارِهَا وَلَا مِنْ الْأَكْلِ مِنْ حَيَوَانِهَا أَوْ ثِمَارِهَا أَوْ لَبَنِهَا وَلَا مِنْ اللُّبْسِ مِنْ نَحْوِ صُوفِهَا وَلَا مِنْ وَطْءِ إمَائِهَا وَلَا مِنْ هِبَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ التَّصَدُّقِ بِهِ وَلَا مِنْ إعَارَتِهِ وَلَا إجَارَتِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَحْوِ الصَّدَقَةِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ بِنَحْوِ الْأَكْلِ بَطَلَتْ فِيهِ التِّجَارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَنِيَّةِ الْقُنْيَةِ أَوْ أَقْوَى وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ أُجْرَةَ مَا أَجَرَ بِهِ تَكُونُ لَهُ لَا مَالَ تِجَارَةٍ وَأَنَّ كَسْبَ رَقِيقِ التِّجَارَةِ وَمَهْرَ إمَائِهَا لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ لِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ الْأَمَةُ خَرَجَتْ كَوَلَدِهَا عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِمَا وَأَنَّ مَا تَلِفَ مِنْ أَمْوَالِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ خَرَجَ عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ إلَّا إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَامِنٌ فَبَدَلُهُ مَالُ تِجَارَةٍ كَمَا مَرَّ هَذَا مَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَالِّهِ وَيَعْمَلُ بِمَا وَافَقَ الْمَنْقُولَ مِنْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ لَفْظٌ إسْلَامِيٌّ وَنُسِبَتْ لِأَحَدِ سَبَبِهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ لَا بِإِدْرَاكِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا يَأْتِي وَيُقَالُ لَهَا: زَكَاةُ الْفِطْرَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْضًا: وَالْفِطْرَةُ اسْمٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ بَلْ اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَتُقَالُ لِلْخِلْقَةِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] أَيْ خَلَقَهُمْ وَهِيَ قَبُولُهُمْ لِلْحَقِّ وَتَمَكُّنُهُمْ مِنْ إدْرَاكِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى
الْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» . وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْفِطْرَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ إلَّا أَنَّ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً عَجْمَاءَ هَلْ تَحْسَبُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ، وَقِيلَ الْفِطْرَةُ: الْإِسْلَامُ، وَقِيلَ: الْبُدَاءَةُ الَّتِي ابْتَدَاهُمْ لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ، وَالْمَوْتِ، وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، وَقِيلَ: الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ، وَقِيلَ: الْعَهْدُ الْمَأْخُوذُ عَلَى آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْخَلْقِ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ أَيْ تَطْهِيرًا لَهَا وَتَنْمِيَةً لِعَمَلِهَا وَتُقَالُ لِلْمُخْرَجِ أَيْضًا، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّهَا بِضَمِّ الْفَاءِ اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ مَرْدُودٌ.
وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا فُرِضَتْ كَرَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ قَالَ وَكِيعٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِرَمَضَانَ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ شَاهِينَ فِي تَرْغِيبِهِ، وَالضِّيَاءُ عَنْ جَرِيرٍ شَهْرُ رَمَضَانَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ لَا يُرْفَعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَرَتُّبِ فَائِدَةٍ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تُخْرَجْ زَكَاةُ الْفِطْرِ لَكِنْ بِمَعْنَى تَوَقُّفِ تَرَتُّبِ ثَوَابِهِ الْعَظِيمِ عَلَى إخْرَاجِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا الْمُخَاطَبِ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ لَهُ جَمِيعُ مَا رُتِّبَ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ الثَّوَابِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي تَوَقُّفِ الثَّوَابِ عَلَى إخْرَاجِهِ زَكَاةَ مُمَوَّنِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّوَقُّفُ عَلَى إخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ فَلَا يَتِمُّ تَطْهِيرُهُ وَتَأَهُّلُهُ لِذَلِكَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا، وَوُجُوبُهَا عَلَى الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ فِيهِ تَطْهِيرًا لَهُ أَيْضًا بَقِيَ أَنَّ صَوْمَ الْمُمَوَّنِ هَلْ يُعَلَّقُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ تُؤَدَّ عَنْهُ الْفِطْرَةُ أَمْ لَا؟ الثَّانِي أَوْجَهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ صِفَةَ الْمُؤَدِّي بِكَسْرِ الدَّالِ، ثُمَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ ثُمَّ صِفَةَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ قَدْرَ الْمُؤَدَّى ثُمَّ جِنْسَهُ اهـ.
بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: اسْمٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ بِمَعْنَى أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ مُوَلَّدٌ مِنْ حَمَلَةِ الشَّرْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً وَإِلَّا فَالْمُوَلَّدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي وَلَّدَهُ النَّاسُ بِمَعْنَى اخْتَرَعُوهُ وَلَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ، وَالْأَنْسَبُ فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا أُخِذَتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ أَمَّا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَاسْتَعْمَلُوهُ فَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ بَلْ يُسَمَّى حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ:" قَوْلُهُ: حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فَإِنْ قُلْتَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً؛ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّةَ مَا كَانَتْ بِوَضْعِ الشَّارِعِ قُلْت هَذِهِ التَّسْمِيَةُ لُغَوِيَّةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَالْمُرَادُ حَقِيقَةً مَنْسُوبَةً لِجِهَةِ الشَّرْعِ وَهُمْ الْفُقَهَاءُ، وَالنِّسْبَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ النِّسْبَةِ فِي " شَرْعِيَّةً " بِاعْتِبَارِ الِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّ هِيَ مَا كَانَ بِوَضْعِ الشَّرْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ".
وَقَوْلُهُ: وَيُقَالُ لِلْخِلْقَةِ. إلَخْ ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْفِطْرَةِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْخِلْقَةَ أَوْ الْقَدْرَ الْمُخْرَجَ مُوَلَّدٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَاتِ الْفُقَهَاءِ حَادِثَةٌ، وَإِطْلَاقُ الْفِطْرَةِ عَلَى الْخِلْقَةِ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحَاتِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّهَا مُوَلَّدَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا. . . إلَخْ) قَدَّمَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمُدَّعَى إشَارَةً إلَى أَنَّ وُجُوبَهَا مَعْلُومٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا تَجِبُ بِهِ فَغَيْرُ مَعْلُومٍ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ. . . إلَخْ اهـ. ع ش وَلَا يُنَافِي حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّانِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا لِغَيْرِ ابْنِ اللَّبَّانِ.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ فَلَا يَنْخَرِقُ بِهِ الْإِجْمَاعُ أَوْ يُرَادُ بِالْإِجْمَاعِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْن حَجّ لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ أَظْهَرَ فَرْضِيَّتَهَا أَوْ قَدْرَهَا أَوْ أَوْجَبَهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ عَلَى النَّاسِ أَيْ وَلَوْ كُفَّارًا إذْ هَذَا فِي الْمُخْرِجِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بَدَلٌ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَوْ حَالٌ، وَقَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ عَلَى هُنَا بِمَعْنَى عَنْ إذْ هَذَا فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْ مَا قَبْلَهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ بَدَلًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُصُورِ إذْ لَا يُفِيدُ وُجُوبَهَا عَلَى الْكَافِرِ.
وَقَوْلُهُ: وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ. إلَخْ أَتَى بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْفَرْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْأَنْوَاعِ، وَقَوْلُهُ:«مِنْ طَعَامٍ» أَيْ بُرٍّ. وَقَوْلُهُ: مَا عِشْت ظَرْفٌ لِأُخْرِجهُ الْأَوَّلِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ) عَلَى هُنَا بِمَعْنَى عَنْ كَقَوْلِ الشَّاعِر
إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ
أَيْ عَنِّي
صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ مَا عِشْت» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ.
(تَجِبُ) زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ وَآخِرِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ (عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ بِقِسْطِهِ) مِنْ الْحُرِّيَّةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَتْ.
ــ
[حاشية الجمل]
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ» فَأَثْبَتَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى سَيِّدِهِ اهـ. وَعَدَمُ تَأْوِيلِ عَلَى أَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّهَا تَجِبُ أَوَّلًا عَلَى الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَإِنْ تَحَمَّلَهَا عَنْهُ غَيْرُهُ اهـ. م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ «عَلَى كُلِّ حُرٍّ» فَهُوَ بِمَعْنَى عَنْ كُلِّ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُطَالَبُ بِأَدَائِهَا وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى النَّاسِ كَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَعَلَى فِي الْحَدِيثِ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَنْ أَوَّلَهَا بِعَنْ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِي الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَوَّلًا حَتَّى الْقِنُّ كَمَا يَأْتِي انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا اللَّذَانِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ إذْ ذَاكَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إذْ كَانَ فِينَا) أَيْ وَقْتَ كَانَ فِينَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مِنْ طَعَامٍ) أَيْ بُرٍّ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ هُوَ الْبُرُّ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْحِجَازِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْرَجَ الْأَنْوَاعَ الْخَمْسَةَ الْمَذْكُورَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهَا كَمَا سَيَأْتِي تَجِبُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ مُوَزَّعًا عَلَى كُلِّ قَوْمٍ بِحَسَبِ غَالِبِ قُوتِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَالَةَ كَوْنِهَا فِي ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْمُخْرَجِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: «أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَقِطَ مَوْزُونٌ لَا مَكِيلٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَمَدَ الْأَقِطُ وَصَارَ قِطَعًا صِغَارًا كَالْحِمَّصِ مَثَلًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مَكِيلٌ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ. . . إلَخْ) أَيْ يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ: عَلَى حُرٍّ. . . إلَخْ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ كَافِرًا لَكِنْ لَا يُخْرَجُ إلَّا عَنْ مُسْلِمٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَالْكَافِرُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا لَكِنْ لَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ كَانَتْ النِّيَّةُ فِي الزَّكَاةِ لِلتَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ أَهْلَهَا فَأَشْبَهَتْ الْعِبَادَةَ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ. . . إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِيدِ فَلَا تَتَقَدَّمُ وَقْتَهَا كَالْأُضْحِيَّةِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَمَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ لَا الْفَجْرُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَآخِرِ مَا قَبْلَهُ) هَذَا بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّبَبُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ رَمَضَانُ الصَّادِقُ بِكُلِّهِ وَبِبَعْضِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي) فِي كَوْنِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ نَظَرٌ إذْ يُعْلَمُ مِنْ الْأَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ يُخْرِجُ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَالتَّصْرِيحُ مِنْ زِيَادَتِي اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ) فَتُخْرَجُ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤَدَّى عَنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَا يُخْرَجُ عَنْهُ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا حُكْمُهُ كَالصَّحِيحِ حَتَّى يُقْتَلَ قَاتِلُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ. . . إلَخْ) دَلِيلٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَتِهِ وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ إدْرَاكُ الْجُزْءِ الثَّانِي إلَّا بِإِدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ فَلَا يُقَالُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْوُجُوبِ عَلَى إدْرَاكِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ) هَذَا بَيَانٌ لِلْمُخْرِجِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: بِقِسْطِهِ فِيهِ قُصُورٌ إذْ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا فِطْرَةُ مُمَوَّنِهِ فَتَجِبُ بِكَمَالِهَا وَقَوْلُهُ: لَا مُهَايَأَةً أَيْ مُنَاوَبَةً اهـ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: وَمُبَعَّضٍ بِقِسْطِهِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُبَعَّضِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ أَوْ بِقِسْطِهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقِسْطُ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ فِطْرَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. زِيَادِيٌّ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: بِقِسْطِهِ أَيْ إذَا أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ مُمَوَّنِهِ فَيُخْرِجُ فِطْرَةً كَامِلَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ مَشَايِخِنَا، وَإِنْ أَخَذَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ بِالْقِسْطِ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِقَرِيبِهِ نَفَقَةٌ كَامِلَةٌ انْتَهَتْ هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ بِقِسْطِهِ إلَى قَوْلِهِ عَنْ مُسْلِمٍ. . . إلَخْ إذْ كَلَامُهُ هُنَا فِي الْمُخْرِجِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَكَوْنُهَا بِالْقِسْطِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُخْرَجِ عَنْهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ
مُهَايَأَةٌ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَ زَمَنَ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ، وَالْمُبَعَّضِ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ.
(عَنْ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ) مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
مُهَايَأَةً. . . إلَخْ) فَلَوْ وَقَعَتْ النَّوْبَتَانِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ بِأَنْ كَانَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ آخِرَ نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا، وَأَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ أَوَّلَ نَوْبَةِ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي تَقْسِيطُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: بِمَنْ وَقَعَ الْوُجُوبُ فِي نَوْبَتِهِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجُزْءٌ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ يَوْمًا وَيَوْمًا أَوْ شَهْرًا وَشَهْرًا فَكَعَدِمِهَا فَتَجِبُ بِالْقِسْطِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ) قَالَ شَيْخُنَا ع ش بَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ الْمُبَعَّضُ أَوْ مَاتَا مَعًا وَشَكَكْنَا فِي الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ الْقِسْطُ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا الْوُجُوبَ وَشَكَكْنَا فِي مُسْقِطِهِ وَهُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ سَيِّدِهِ إلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ عُلِمَ قَدْرُ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ الْمُنَاصَفَةُ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَقَوْلُهُ: وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فِطْرَتَهُ وَلَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَإِنْ مَضَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَمَّا فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِطْرَتُهُ فِيهَا جَزْمًا وَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْمُسْتَقِلِّ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ حِينَئِذٍ) وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لَمْ تَسْقُطْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمَالِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، وَالْفِطْرَةَ بِالذِّمَّةِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْقِنَّ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ فِطْرَتُهُ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْحَوْلِ بَيْعَ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ أَوْ وَقْفَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا لَا يَنْقُلُ الزَّكَاةَ لِغَيْرِهِ بَلْ يُسْقِطُهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى غَيْرِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَالْفِطْرَةُ بِالذِّمَّةِ هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ الزَّكَوِيِّ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوسِرَ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَوْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ التَّمْكِينِ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ كَزَكَاةِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُؤَدِّيَ لَمَّا كَانَ الْمَالُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ إنَّمَا يُخْرِجُ مِمَّا يَمْلِكُهُ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ لِلزَّكَاةِ، وَالْمُؤَدَّى عَنْهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ بَلْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يُنْظَرْ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِلتَّمَكُّنِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا لِعَدَمِهِ لَكِنْ هَذَا لَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا عَنْهُ غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ حُرًّا مُوسِرًا وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا عَنْ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ حِينَئِذٍ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ، وَعِبَارَتُهُ: " وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ أَيْ فِطْرَةُ نَفْسِهِ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ انْتَهَتْ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ مَا لَوْ أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تُخْدَمُ عَادَةً أَمَتَهَا لَا أَجْنَبِيَّةً وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَيْ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا مُقَدَّرٌ مِنْ النَّفَقَةِ لَا تَتَعَدَّاهُ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ تَأْكُلُ كِفَايَتَهَا كَالْإِمَاءِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا أَيْ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً وَمِثْلُ هَذَا مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ مَثَلًا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا فِطْرَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّرًا إجَارَةً إمَّا صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ كَخَادِمِ الزَّوْجَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا. . . إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ: تَجِبُ فِطْرَتُهَا. . . إلَخْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَمُونُهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّ، وَالْمُبَعَّضِ، وَالْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَالصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ الْإِبْرَازُ بِأَنْ يَقُولَ يَمُونَانِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِهِ) لَمْ يَقُلْ وَغَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ مِنْ زَوْجَةٍ. . . إلَخْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهَلْ يُثَابُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ.
كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّ ثَوَابَ الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُضَحِّي وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَلَوْ أَخْرَجَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَجْزَأَ وَسَقَطَ الْوُجُوبُ عَنْ الْمُؤَدِّي وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهَا الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا دُونَ فِطْرَتِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ دُونَ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ
وَقَرِيبٍ وَرَقِيقٍ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُوبِهَا وَإِنْ طَرَأَ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ أَوْ غَيْبَةٌ أَوْ غَصْبٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُخْرِجُ عَنْ غَيْرِهِ مُسْلِمًا.
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الْعَاجِزِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا. . . إلَخْ.
قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ وَبَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَوَالَةً فَالْمُحِيلُ لَا يُطَالَبُ وَإِنْ كَانَتْ ضَمَانًا فَالْمَضْمُونُ عَنْهُ لَا يُطَالَبُ اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنْ أُرِيدَ مَنْعُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُبَادَرَةِ أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهَا فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أُرِيدَ الْمُطَالَبَةُ بِأَصْلِ الدَّفْعِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكِرٍ اهـ. أَقُولُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا هَذَا وَلَوْ قَبْلَ بِأَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ حَتَّى تُخْرِجَ الزَّكَاةَ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(فَرْعٌ)
نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ شَافِعِيَّةً، وَالزَّوْجُ حَنَفِيًّا لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حَنَفِيَّةً تَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَالزَّوْجُ شَافِعِيًّا يَعْتَقِدُ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَوُجُوبُهَا عَلَى الزَّوْجَةِ ابْتِدَاءً وَوُجُوبُهَا عَلَى الزَّوْجِ مِنْ بَابِ التَّحَمُّلِ عَنْهَا لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَتْ الزَّوْجَةُ ابْتِدَاءً سَقَطَتْ عَنْ الزَّوْجِ إذْ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَوْ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُؤَدِّي أَقَرَّهُ شَيْخُنَا سُلْطَانٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ زَوْجَةٍ) أَيْ غَيْرِ نَاشِزَةٍ فَإِنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ الْفِطْرَةَ كَمَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا مَرَّ وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ نَفَقَتِهَا انْتَهَتْ قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا تَسْقُطُ فِطْرَتُهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ الْجُزْأَيْنِ فِي عِصْمَتِهِ وَيَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ التَّحَمُّلِ عَنْهَا اهـ. م ر وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُقَارِنًا لِلْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ جُزْأَيْ الْوُجُوبِ وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ زَوْجَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَقَرِيبٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا، وَالْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ اهـ. شَيْخُنَا ف.
(فَرْعٌ)
الْوَلَدُ الْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَلَوْ صَغِيرًا لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ فِطْرَتُهُ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا تَجِبُ فِطْرَةُ وَلَدٍ مَلَكَ قُوتَ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى كَسْبِهِ وَلَوْ صَغِيرًا لِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ بِذَلِكَ وَتَسْقُطُ عَنْ الْوَلَدِ أَيْضًا لِإِعْسَارِهِ اهـ. انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) فَلَوْ بِيعَ مَعَ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ وَقَعَ الْجُزْءَانِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِمَا فَعَلَى مَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ فِي خِيَارِ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ) رَاجِعٌ لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَةٌ رَاجِعٌ لِلْقَرِيبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَصْبٌ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ح ل أَوْ غَيْبَةٌ لِلْمَالِ اهـ. وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرِجُ عَنْ غَيْرَهُ. . . إلَخْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ إذْ هَذَا تَعْمِيمٌ فِي الْمُخْرِجِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ طَرَأَ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ) كَنُشُوزِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا أَوْ كَمَوْتِ الْقَرِيبِ وَاسْتِغْنَائِهِ وَكَعِتْقِ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَةٌ أَيْ لِلْقَرِيبِ أَوْ الْمَالِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَصْبٌ أَيْ لِلرَّقِيقِ أَوْ الْمَالِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا إذَا طَرَأَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ لَا تُسْقِطُ الْفِطْرَةِ بَلْ يَجِبُ إخْرَاجُهَا. اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ " وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ أَيْ الرَّقِيقِ الْغَائِبِ فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ وَلَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ أَيْ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا وَقِيلَ إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا إذَا عَادَ كَزَكَاةِ مَالِهِ الْغَائِبِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جُوِّزَ هُنَاكَ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ أَصْلًا عَمَلًا بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَمَحَلُّ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ فَلَوْ بَانَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَادَ لِسَيِّدِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى يَدِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّالِّ أَمَّا لَوْ انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَمْ تَجِبْ الْفِطْرَةُ جَزْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ هَذَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِي جِنْسِ الْفِطْرَةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَبْدِ وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَوْضِعُهُ فَكَيْفَ يُخْرِجُ مِنْ جِنْسِ بَلَدِهِ رُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ يُخْرِجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ بَلْدَةٍ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا أَوْ يَدْفَعُ فِطْرَتَهُ لِلْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ لِيُخْرِجَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَقْوَاتِ نَعَمْ إنْ دَفَعَ لِلْقَاضِي الْبُرَّ خَرَجَ عَنْ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى
أَمْ كَافِرًا وَوُجُوبُ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي وَصُورَتُهُ: أَنْ تُسْلِمَ تَحْتَهُ وَيَدْخُلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَا تَجِبُ لِمَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَوَلَدٍ وَرَقِيقٍ لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا نَعَمْ وُجُوبُ فِطْرَةِ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَقْوَاتِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. . . إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَقَالَ ز ي وَهَلْ يُحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ يَكْفِي مُضِيُّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرَائِضِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ حَجّ أَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ كَافٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَفِي تَصْوِيرِ الْحُكْمِ نَظَرٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى، وَالْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِفِطْرَةِ عَبْدٍ فَادَّعَى مَوْتَهُ وَأَنْكَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ السَّيِّدِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالرُّفْقَةُ: الْجَمَاعَةُ تُرَافِقُهُمْ فِي سَفَرِك فَإِذَا تَفَرَّقْتُمْ زَالَ اسْمُ الرُّفْقَةِ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالْجَمْعُ: رِفَاقٌ مِثْلُ بُرْمَةٍ وَبِرَامٍ وَبِكَسْرِهَا فِي لُغَةِ قَيْسٍ، وَالْجَمْعُ رِفَقٌ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمْ كَافِرًا) أَيْ فَيُخْرِجُ وَيَنْوِي هُوَ لَا الْمُخْرَجُ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزَّكَاةِ لِلتَّمْيِيزِ، وَالنِّيَّةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى كُفْرِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَتَتَبَيَّنُ فُرْقَتُهَا مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فَلَا زَوْجِيَّةَ وَلَا وُجُوبَ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْفِطْرَةَ عَلَيْهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَفِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ عَنْهُ أَيْ الْغَيْرِ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً) اسْتَثْنَى فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْقَاصِرَ قَالَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُؤَدِّي ابْتِدَاءً قَطْعًا اهـ. قَالَ م ر وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا أَطْلَقُوهُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ خِطَابُ الْقَاصِرِ إذَا كَانَ الْخِطَابُ مُسْتَقِرًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَنْتَقِلُ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: شَرْطُ أَصْلِ الْخِطَابِ الْفَهْمُ وَغَيْرُ الْمُمَيَّزِ لِجُنُونٍ أَوْ صِغَرٍ لَا فَهْمَ لَهُ فَلَا يَعْقِلُ خِطَابَهُ مُطْلَقًا، وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقَاصِرَ يُخَاطَبُ بِهَا خِطَابَ إلْزَامٍ لَزِمَتْهُ لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي التَّحَمُّلِ قَوْلَانِ قِيلَ تَحَمُّلُ ضَمَانٍ وَقِيلَ: تَحَمُّلُ حَوَالَةٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَعْسَرَ وَزَوْجَتُهُ مُوسِرَةٌ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي) وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْكَافِرِ وَهِيَ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ، وَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ كَوْنُهَا لِلتَّقَرُّبِ وَعَلَى التَّحَمُّلِ فَهُوَ كَالْحَوَالَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْحُرَّةِ الْمُوسِرَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِخْرَاجُ كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا أَجْزَأَ إخْرَاجُ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ نَظَرًا لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ فَلَا تَأْيِيدَ فِي هَذَا لِلضَّمَانِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَأَمَّا الْجَوَابُ بِكَوْنِهِ نَوَى فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ نِيَّتِهِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ اهـ. م ر قَالَ سم وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْبَعْدِيَّةِ الْمَعِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ) أَيْ إخْرَاجُهَا أَيْ لَا يُطَالَبُ بِهَا وَلَا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُهَا لِمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا هَلْ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ صِحَّةِ إخْرَاجِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَهَا عَمَّا مَضَى لَهُ فِي الْكُفْرِ فَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ قَضَائِهِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ عَدَمُ صِحَّةِ أَدَائِهِ هُنَا فَلَا يَقَعُ مَا أَدَّاهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَقَدْ يُقَالُ يَقَعُ تَطَوُّعًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا فَرْضِهَا وَلَا نَفْلِهَا فَلَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَمَّا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فِي زَمَنِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ يُعْتَدُّ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ مِنْهُ فَإِذَا أَدَّى الزَّكَاةَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لُغِيَ مَا يَخْتَصُّ بِهَا وَهُوَ وُقُوعُهَا فَرْضًا وَوَقَعَتْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ وُجُوبُ فِطْرَةِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُرْتَدٍّ مَوْقُوفٌ أَيْ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ لَا الْوُجُوبُ فَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْإِخْرَاجِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُطَالَبُ بِالْإِخْرَاجِ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ. . . إلَخْ) أَيْ وَقْفَ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفَ وُجُوبٍ اهـ.
(لَا عَنْ حَلِيلَةِ أَبِيهِ) فَلَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِلُزُومِ الْإِعْفَافِ الْآتِي فِي بَابِهِ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ (وَلَا) عَنْ (رَقِيقِ بَيْتِ مَالٍ وَمَسْجِدٍ وَرَقِيقٍ مَوْقُوفٍ) وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَسُنَّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاةِ عِيدٍ) بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ الصَّادِقِ بِإِخْرَاجِهَا مَعَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالصَّلَاةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ فِعْلِهَا أَوَّلَ النَّهَارِ فَإِنْ أُخِّرَتْ سُنَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمَّا تَعْجِيلُهَا قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهَا فَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي.
(وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ يَوْمِ الْعِيدِ بِلَا عُذْرٍ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فِيهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ) وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ تَكُونُ فِطْرَتُهُ مَوْقُوفَةً؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَافِرًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ مُوسِرٌ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَإِنَّ مَالَهُ مَوْقُوفٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَإِسْلَامِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَفِيهِ بَحْثٌ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَوْ أَخْرَجَهَا حَالَ رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهَا وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا عَنْ حَلِيلَةِ أَبِيهِ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ طَرْدِ قَاعِدَةٍ فُهِمَتْ مِمَّا مَرَّ وَهِيَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَكْسِهِ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِطْرَتُهُ دُونَ نَفَقَتِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا الِابْنَ. . . إلَخْ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْمُسْتَوْلَدَةَ وَشُمُولِ الْفَرْعِ لِلْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ صَلَاةِ عِيدٍ) لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ وَصَلَاةُ الْعِيدِ فِي جَمَاعَةٍ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الْفُقَرَاءِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ) أَحْوَجَهُ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إيهَامُ الْمَتْنِ أَنَّهُ يُسَنُّ إخْرَاجُهَا مَعَ الْغُرُوبِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ سَنَّ إخْرَاجِهَا مِنْ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ سَنُّ الْمُبَادَرَةِ بِهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا إلَّا أَنَّ هَذِهِ خَالَفَتْ نَظَائِرَهَا نَظَرًا لِحِكْمَتِهَا وَهُوَ الِاسْتِغْنَاءُ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ اهـ. شَيْخُنَا بَابِلِيٌّ اهـ. إطْفِيحِيٌّ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ " وَفِي النَّاشِرِيِّ
(تَنْبِيهٌ)
اعْلَمْ أَنَّ فِي الْعِبَادَاتِ مَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ فِعْلِهِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ وُجُوبِهِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ ذَلِكَ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَالَ حَجّ وَأَلْحَقَ الْخُوَارِزْمِيَّ كَشَيْخِهِ الْبَغَوِيّ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِيَوْمِهِ وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يُهَيِّئُونَهَا لِغَدَائِهِمْ فَلَا يَتَأَخَّرُ أَكْلُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي يَوْمِهِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إخْرَاجِهَا لَيْلًا لَكِنْ لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَةِ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْعِيدَ تُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً فَهَلْ يُقَالُ بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ الْفِطْرَةِ أَوْ الْمُبَادَرَةُ أَوْلَى الظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأُولَى وَبَعْدَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ اهـ. ح ل وَبِالْكَرَاهَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ صَرَّحَ م ر وَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ بَعْدَهَا لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ أَوْ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّأْخِيرِ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ يَوْمِهِ فَعُلِمَ أَنَّ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ خَمْسَةَ أَوْقَاتٍ: وَقْتَ وُجُوبٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَتِهِ. . إلَخْ. وَوَقْتَ جَوَازٍ، وَهُوَ جَمِيعُ رَمَضَانَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي بَابِ تَعْجِيلِهَا، وَوَقْتَ فَضِيلَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُسَنُّ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاةِ عِيدٍ، وَوَقْتَ كَرَاهَةٍ وَهُوَ مَا فُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَوَقْتَ حُرْمَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ عَنْ يَوْمِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْإِخْرَاجِ عَنْ يَوْمِهِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ إنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ نَاسِيًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَغَيْبَةِ مَالِهِ) أَيْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فِي مَحَلٍّ يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِمَرْحَلَتَيْنِ أَوْ دُونَهُمَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ.
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَنَّ غَيْبَتَهُ مُطْلَقًا لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ كَإِفْتَاءِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مُطْلَقًا أَخْذًا مِمَّا إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إذْ ادِّعَاءُ أَنَّ الْغَيْبَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَجْزِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَجْتَمِعُ بِهِ أَطْرَافُ كَلَامِهِمْ وَهُوَ أَنَّ الْغَيْبَةَ إنْ كَانَتْ لِدُونِ مَرْحَلَتَيْنِ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْحَاضِرِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِرَاضُ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى حُضُورِ الْمَالِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ لِمَرْحَلَتَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ يُمْنَعُ أَخْذَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ كَانَ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ فَيَأْخُذُهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِطْرَةُ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَقِيرٌ مُعْدِمٌ وَلَا نَظَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لِمَشَقَّتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ.
وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى كَوْنِ الْغَيْبَةِ عُذْرًا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ لَهُ التَّأْخِيرُ لِعُذْرِهِ بِالْغَيْبَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُمْ. . . إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ يَوْمَ سُرُورٍ فَمَنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَثِمَ وَقَضَى وُجُوبًا فَوْرًا إنْ أَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ وَخِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَالْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ اعْتَمَدَا وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى
(وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ) وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ (وَهُوَ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَ) عَنْ (مَا يَلِيقُ بِهِمَا مِنْ مَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ
ــ
[حاشية الجمل]
تَعَلُّقِ الْآدَمِيِّ بِهَا وَفَارَقَتْ زَكَاةَ الْمَالِ فَإِنَّهَا وَإِنْ أُخِّرَتْ عَنْ وَقْتِ التَّمَكُّنِ تَكُونُ أَدَاءً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ كَالصَّلَاةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ) لَوْ تَكَلَّفَ بِاقْتِرَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَخْرَجَهَا هَلْ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ وَتَقَعُ زَكَاةً كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَحَجَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَنْ فَرْضِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ " وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَجِدَ مَا يُخْرِجُهُ عَمَّا فَصَلُوهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَوُجُودُهَا بَعْدُ لَا يُوجِبُهَا لَكِنْ يُنْدَبُ إخْرَاجُهَا اهـ. ".
فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الْإِخْرَاجِ وَبِنَدْبِهِ لَكِنْ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ نَدْبَ الْإِقْدَامِ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ وَاجِبًا كَمَا يَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِيهِ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ " قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِنْهُ مَنْ اسْتَحَقَّ مَعْلُومَ وَظِيفَةٍ لَكِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِمُمَاطَلَةِ النَّاظِرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ قَادِرٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ حَيْثُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مُعْسِرٍ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَمَنْ غُصِبَ أَوْ سُرِقَ مَالُهُ أَوْ ضَلَّ عَنْهُ وَيُفَارِقُ زَكَاةَ الْمَالِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهُ فِي الْحَالِّ وَفِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ وَنَحْوِهِمَا وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِّ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالذِّمَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ) أَيْ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ فَوَاتِ يَوْمِ الْعِيدِ الْإِخْرَاجُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمُخْتَارِ: وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ بَابِ نَصَرَ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ مِنْ بَابِ: فَهِمَ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا: فَضِلَ بِالْكَسْرِ يَفْضُلُ بِالضَّمِّ وَهُوَ شَاذٌّ لَا نَظِيرَ لَهُ اهـ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ مِنْ الْإِعْسَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُؤَدَّى فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَيْعَتِهِ وَلَوْ تَمَكَّنَ بِدُونِهِمَا وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابُهُمْ الِاكْتِسَابَ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ لِإِحْيَائِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِحْيَاءِ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ عَلَى مَا يَأْتِي اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَنْ قُوتِهِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِنْ الطَّعَامِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقُوتِ مُمَوَّنِهِ) أَيْ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ آخَرَ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ) ظَرْفٌ لِقُوتِهِ وَقُوتِ مُمَوَّنِهِ وَقَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا صِفَةٌ لِلْمَلْبَسِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: ابْتِدَاءً مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ أَيْ لَمْ يَفْضُلْ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَسْكَنِ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْمَعْنَى انْتَفَى الْفَضْلُ فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْقُوتِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالِابْتِدَاءِ بَلْ يَبْقَى لَهُ قُوتُ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَاد بِالِابْتِدَاءِ أَوَّلُ الْوُجُوبِ فَيَخْرُجُ بِهِ دَوَامُ الْوُجُوبِ اهـ شَيْخُنَا وَلَيْسَ مِنْ الْفَاضِلِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَهْيِئَةِ مَا اُعْتِيدَ لِلْعِيدِ مِنْ الْكَعْكِ، وَالنُّقْلِ وَنَحْوِهِمَا فَوُجُودُ مَا زَادَ مِنْهُ عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْتِ الْغُرُوبِ غَيْرُ وَاجِدٍ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِمَا قِيلَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَهْيِئَةُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَالْقُوتِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ نَحْوِ: سَمَكٍ وَكَعْكٍ وَنُقْلٍ وَغَيْرِهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَلِيقُ بِهِمَا. . . إلَخْ) أُورِدَ هُنَا إشْكَالٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ حَاصِلُهُ أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَسْكَنِ، وَالْخَادِمِ فَيَجِبُ أَنْ تُقَدَّمَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ أَيْ وَقَدْ قُلْتُمْ إنَّهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَيْهَا هَذَا خُلْفٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ لَهُ مَعْنَيَانِ: الْأَوَّلُ بِمَعْنَى تَأَخُّرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَنْ الْآخَرِ مَعَ بَقَائِهِ، وَالثَّانِي: بِمَعْنَى تَرْكِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا اعْتِبَارُ الْآخَرِ. اهـ. سم اهـ. ع ش أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ مُقَيَّدَةٌ بِاتِّحَادِ الِاعْتِبَارِ تَأَمَّلْ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُرَدُّ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ بَيْعَهُمَا فِي الدَّيْنِ لِتَفْرِيغِ ذِمَّةٍ مَشْغُولَةٍ إذْ الدَّيْنُ ثَابِتٌ قَبْلُ، وَفِي بَيْعِهِمَا هُنَا شَغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَهُوَ كَإِلْزَامِهِ بِالْكَسْبِ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ قَوْلَهُ، وَمَسْكَنٌ أَيْ وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا لَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِعَيْنِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَهُوَ
وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهَا ابْتِدَاءً وَعَنْ دَيْنِهِ) .
وَلَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالتَّأْخِيرِ (مَا يُخْرِجُهُ) فِي الْفِطْرَةِ بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِاللَّائِقِ بِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ غَيْرُهُ فَلَوْ كَانَ نَفِيسًا يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِلَائِقٍ بِهِمَا وَيُخْرِجُ التَّفَاوُتَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَبِالِابْتِدَاءِ مَا لَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ لَا مَلْبَسُهُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ وَقَوْلِي مَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ، وَالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ مَا قُلْنَا وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْخَادِمِ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ مُمَوِّنِهِ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (لَزِمَ سَيِّدَ) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ فِطْرَتُهَا لَا الْحُرَّةِ) فَلَا تَلْزَمُهَا وَلَا زَوْجَهَا لِانْتِفَاءِ يَسَارِهِ، وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا، وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُوسِرَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَتْهَا ثُمَّ أَيْسَرَ الزَّوْجُ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجَةٍ عَلَى زَوْجِهَا مُؤْنَتُهَا فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً.
ــ
[حاشية الجمل]
مُعْسِرٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَالْمَنْفَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَا يُكَلَّفُ نَقْلَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ لِاحْتِيَاجِهِ لَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمَسْكَنُ بِكَسْرِ الْكَافِ الْمَنْزِلُ، وَالْبَيْتُ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَفْتَحُونَ الْكَافَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَادِمٍ) وَتَجِبُ فِطْرَتُهُ إذَا كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ بِالْمُؤْنَةِ فَقَطْ أَوْ بِالْمُؤْنَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ بِدَرَاهِمَ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى الْمَخْدُومِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفْسِهِ إنْ أَيْسَرَ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا) أَيْ مُطْلَقًا لَا فِي خُصُوصِ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ كَالْقُوتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ فِي الْقُوتِ وَأَطْلَقَ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ. ح ل وَهُوَ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا يَحْتَاجُهَا) هَلَّا قَالَ يَحْتَاجَانِهَا وَقَدْ يُقَالُ رَاعَى الِاخْتِصَارَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالتَّأْخِيرِ) هَذِهِ غَايَةٌ ثَانِيَةٌ فِي أَصْلِ الْمُدَّعَى، وَهِيَ تُنَاسِبُ الدَّيْنَ الْحَالَّ أَيْ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَالِّ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِلَوْ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِأَنْ يُوهِمَ أَنَّهَا غَايَةٌ فِي الْغَايَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَا يُخْرِجُهُ) فَاعِلُ يَفْضُلُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مِنْ فَضَلَ عَنْهُ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. . . إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا مَلْبَسُهُ) أَيْ الَّذِي يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ وَهُوَ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ اهـ. ع ش أَيْ فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً تَفْصِيلٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ لَا عَنْ دَيْنٍ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ هَلَّ شَوَّالٌ فَالْفِطْرَةُ فِي مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ، وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ دَيْنُ الْآدَمِيِّ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُجَابُ عَمَّا ذُكِرَ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَى وُجُوبِ الْفِطْرَةِ وَبِأَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ وَالنَّفَقَةُ ضَرُورِيَّةٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا وَسَيَأْتِي عَنْ الْبَحْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ وَإِنَّمَا بِيعَ الْمَسْكَنُ، وَالْخَادِمُ فِيهِ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهُمَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ مُشْكِلٌ لِتَقْدِيمِ الْمَسْكَنِ، وَالْخَادِمِ عَلَيْهَا، وَالْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْخَادِمِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ اهـ. شَرْحُ. م ر أَيْ فَيُقَالُ هِيَ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِسَكَنِهِ أَوْ سَكَنِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا لِحَبْسِ دَوَابِّهِ أَوْ لِخَزْنِ تِبْنٍ مَثَلًا لَهَا فِيهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْمَسْكَنِ أَنْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَوْ بِنَحْوِ رِبَاطٍ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُلْفَةِ هُنَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ) أَيْ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ ضَعْفِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَا الْحُرَّةُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا لَكِنْ يُسَنُّ لَهَا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً إخْرَاجُ فِطْرَتِهَا عَنْ نَفْسِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَلِتَطْهِيرِهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلزَّوْجِ فِي مَذْهَبِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ فِي ذَلِكَ رَاعَتْ مَذْهَبَهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا) أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ وَكَذَا فِطْرَتُهَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ الْمِلْكُ، وَالزَّوْجِيَّةُ وَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ حَيْثُ تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ عَنْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّحَمُّلَ تَحَمُّلُ ضَمَانٍ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ تَحَمُّلُ حَوَالَةٍ فَلَا تَجِبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ شَيْخُنَا.
(تَنْبِيهٌ)
لَوْ أَخْرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ وَكَذَا كُلّ مُؤَدًّى
لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا.
(وَمَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ لَزِمَهُ) إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَتُخَالِفُ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا.
(أَوْ) أَيْسَرَ بِبَعْضِ (صِيعَانٍ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» (فَزَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (فَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ (فَأَبَاهُ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (فَأُمَّهُ) كَذَلِكَ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ، وَالشَّرَفِ، وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْهُ بَلْ لَوْ قَالَ الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ: أَدِّ عَنِّي فِطْرَتِي جَازَ كَوَفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ عَمِيرَةُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا) وَتَجِبُ فِطْرَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لَهَا دُونَ الْمُؤَجِّرِ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ أَوْ خِدْمَةِ زَرْعِهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا فِطْرَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّرًا إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ بِالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَأَمَّا الَّتِي صَحِبَتْهَا فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا مُقَدَّرَةً وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْوُجُوبَ أَيْ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ.
وَلَوْ كَانَتْ الْخَادِمَةُ مُتَزَوِّجَةً بِزَوْجٍ غَنِيٍّ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ عَلَى زَوْجِ الْخَادِمَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فَإِنْ أَعْسَرَ وَجَبَ عَلَى زَوْجِ الْمَخْدُومَةِ كَذَا بَحَثَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْأُولَى قَدْ يُقَالُ إنَّهَا مِنْ التَّعْلِيلِ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ يَرْجِعُ إلَى أَنْ يُقَالَ تَبَعَّضَتْ الْفِطْرَةُ وَلَمْ تَتَبَعَّضْ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ اهـ. ع ش، وَالْمُرَادُ بِالْكَفَّارَةِ فِي كَلَامِهِ الْكَفَّارَةُ الْمُخَيَّرَةُ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا أَيْ وَهُوَ الصَّوْمُ وَيُجَابُ عَمَّا قَالَهُ ع ش بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْفِطْرَةَ عُهِدَ تَبْعِيضُهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَفِطْرَةِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْمُهَايِئِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ سَيِّدَيْهِ بَعْضُ فِطْرَةٍ وَكَمَا فِي فِطْرَةِ الْمُبَعَّضِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا) أَيْ عَنْهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَزَوْجَتَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَأَخْرَجَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا رُجُوعَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ)
خَادِمُ الزَّوْجَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا يَكُونُ فِي أَيِّ مَرْتَبَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوْجَةِ وَقِيلَ سَائِرُ مَنْ عَدَاهَا حَتَّى وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى سَائِرِ مَنْ عَدَاهَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لمر اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(تَنْبِيهٌ)
يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْإِخْرَاجُ عَنْ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ، وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ اهـ. م ر عَلَى الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ دُونَ الْحَائِلِ أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لَهَا دُونَهَا إذْ وُجُودُ الْحَمْلِ اقْتَضَى وُجُوبَ النَّفَقَةِ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ الْفِطْرَةِ أَيْضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي نُمُوِّ الْحَمْلِ وَزِيَادَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ لَوْ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ فِطْرَةِ الْحَامِلِ عَلَى الْغَيْرِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهَا وَقَدْ تُخْرِجُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَ الْفِطْرَةِ وَلَا تَجِدُ مَا تَقْتَاتُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَحْصُلُ لَهَا وَهَنٌ فِي بَدَنِهَا فَيَتَعَدَّى لِحَمْلِهَا فَأَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ عَلَى الْغَيْرِ خُلُوصًا مِنْ ذَلِكَ اهـ. ع ش وَلَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ عَمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَنْهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ تَجِبُ عَنْهُ حَرُمَ وَلَمْ تُجْزِهِ كَمَا إذَا وَجَدَ صَاعًا وَاحِدًا وَدَفَعَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَتَرَكَ نَفْسَهُ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ صَاعَيْنِ فَقَدَّمَ زَوْجَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ فَلَوْ تَلِفَ هَلْ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْقَبْضِ أَوْ يَسْتَمِرُّ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. ح ل.
وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ " وَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ مَعَ الْإِثْمِ وَيُتَّجَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَلَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَ كُلَّ الصِّيعَانِ هَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ أَيْ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ عَنْ الشَّرْحِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى حَجّ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ) أَيْ حَيْثُ تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ. . . إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِتَقْدِيمِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي الْبَابَيْنِ.
قَالَ حَجّ (وَيُجَابُ) بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ اهـ. س ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ هُنَا وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ وَنَفْسُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَدَأَ بِفِطْرَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ زَوْجَتِهِ ثُمَّ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ عَكْسُ مَا فِي النَّفَقَاتِ
(فَ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) ثُمَّ الرَّقِيقَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنْ اسْتَوَى جَمَاعَةٌ فِي دَرَجَةٍ تَخَيَّرَ.
(وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ وهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) لِمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ثُمَّ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمِدَادً وَأَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ بِالدَّرَاهِمِ فِي النَّفَقَاتِ فَالصَّاعُ بِالْوَزْنِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قَدَحَانِ وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ وَأَنَّهُ تَحْدِيدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ ضَبْطُ الصَّاعِ بِالْأَرْطَالِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ دُونَ الْوَزْنِ فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ انْتَهَى.
(وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعِ (قُوتٌ سَلِيمٌ) لَا مَعِيبٌ (مُعَشَّرٌ) أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (وَأَقِطٌ) .
ــ
[حاشية الجمل]
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ، وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ، وَالشَّرَفِ، وَالْأَبُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، قَالَ وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ أَصْلُ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتُهُ، وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَوَلَدَهُ الْكَبِيرُ) أَيْ الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَلَمْ تَجِبْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّقِيقَ) أَيْ ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُمْ بِأُمِّ الْوَلَدِ ثُمَّ بِالْمُدَبَّرِ ثُمَّ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى جَمَاعَةٌ فِي دَرَجَةٍ تَخَيَّرَ) وَهَلَّا أَقْرَعَ هُنَا كَالنَّفَقَاتِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَيَقْوَى فِيهَا النِّزَاعُ فَكَانَتْ الْقُرْعَةُ لِقَطْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَابْنَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ تَخَيَّرَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ بِفَضَائِلَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّطْهِيرُ وَهُمْ مُسْتَوُونَ فِيهِ بَلْ النَّاقِصُ أَحْوَجُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا لِنَقْصِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ بِالْجِيمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الْقَفَّالُ: حِكْمَةُ الصَّاعِ هُنَا أَنَّ الْفَقِيرَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ لِلْكَسْبِ غَالِبًا، وَالصَّاعُ مَعَ مَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ يَحْصُلُ مِنْهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَذَلِكَ كِفَايَتُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِكُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ. اهـ. قَالَ سم اُنْظُرْ هَذِهِ الْحِكْمَةَ كَيْفَ تَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الْفِطْرَةِ لِسَبْعَةِ أَصْنَافٍ وَلَا تَأْتِي فِي صَاعِ الْأَقِطِ، وَالْجُبْنِ، وَاللَّبَنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ جَمْعِ الزَّكَوَاتِ وَتَفْرِقَتِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَإِنْ جَمَعَهَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ فَقِيرٍ صَاعًا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْحَبُّ اهـ.
مِنْ حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَإِنْ جَمَعَهَا. . . إلَخْ أَقُولُ هُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُنْقِصُهُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَتُهُ لَا تَنْقُصُ عَمَّا ذُكِرَ فَذَلِكَ هُوَ أَقَلُّ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ رِطْلٌ دِمَشْقِيٌّ وَسُبْعٌ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ فَالصَّاعُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ) وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْكَيْلُ أَمَّا مَا لَا يُكَالُ أَصْلًا كَالْأَقِطِ، وَالْجُبْنِ إذَا كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الرِّبَا قِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّبَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَيْلُ لَهُ دَخْلٌ فِيهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرِّبَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ تَقْرِيبٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ حِكَايَةَ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ) أَيْ الْمُدِّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا هُنَا وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قَدَحَانِ) وَيُزَادَانِ إنْ نَدَبَا شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِهِمَا عَلَى تِبْنٍ أَوْ طِينٍ اهـ. شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ وَالْقَدَحُ بِالدَّرَاهِمِ الْمِصْرِيَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَيَكْفِي عَنْ الْكَيْلِ بِالْقَدَحِ أَرْبَعُ حِفَانٍ بِكَفَّيْنِ مُنْضَمَّتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ كَذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمَتْنِ حَيْثُ قَدَّرَهَا بِالصَّاعِ الَّذِي هُوَ كَيْلٌ وَبِالْوَزْنِ لَكِنْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَةُ مِنْ الشَّارِحِ لَيْسَتْ عَادَتَهُ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ لَا يُنَاقِشَ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ وَقَدْ شَرَحَهُ فِيمَا سَبَقَ وَبَيَّنَ أَنَّ تَقْدِيرَهَا بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا وَهَذَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ الْمُصْلَحَةِ وَفِي نُسَخٍ هَكَذَا وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ أَنَّهُ تَحْدِيدٌ اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ) أَيْ الَّذِي أُخْرِجَ بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ إخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: سَلِيمٌ) أَيْ مِنْ عَيْبٍ يُنَافِي صَلَاحِيَّةَ الِاقْتِيَاتِ، وَالِادِّخَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوَاعِدِ الْبَابِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْعَيْبَ فِي كُلِّ بَابٍ مُعْتَبَرٌ بِمَا يُنَافِي
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ.
لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ الْأَقِطِ مِنْ لَبَنٍ وَجُبْنٍ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يُجْزِئُ لَحْمٌ وَمَخِيضٌ وَمَصْلٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا عَادَةً وَلَا مُمَلَّحٍ مِنْ أَقِطٍ عَابَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلْحِ فَيُجْزِئُ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا.
(وَيَجِبُ) الصَّاعُ (مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلِتَشَوُّفِ النُّفُوسِ إلَيْهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي فَأَوْ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَوْ كَانَ الْمُؤَدِّي بِمَحَلٍّ آخَرَ اُعْتُبِرَ بِقُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ أَوَّلًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ كَعَبْدٍ آبِقٍ فَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ أَوْ يُخْرِجُ فِطْرَتَهُ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ عُهِدَ وُصُولُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ فِيهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
مَقْصُودَ ذَلِكَ الْبَابِ فَلَا يُجْزِئُ مَعِيبٌ، وَمِنْهُ مُسَوِّسٌ وَمَبْلُولٌ إلَّا إنْ جَفَّ وَعَادَ لِصَلَاحِيَّةِ الِادِّخَارِ، وَالِاقْتِيَاتِ وَقَدِيمٌ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ قُوتَ الْبَلَدِ اهـ. شَرْحُ حَجّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُوتُهُمْ إلَّا الْحَبَّ الْمُسَوِّسَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُ لُبِّهِ صَاعًا وَيُجْزِئُ أَيْضًا قَدِيمٌ قَلِيلُ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ وَمُقَابِلُهُ أَقْطٌ إقْطٌ أَقْطٌ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَجُوزُ سُكُونُ الْقَافِ مَعَ تَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ انْتَهَتْ، فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ (قَوْلُهُ: مِنْ لَبَنٍ) وَلَا يُجْزِئُ مِنْ اللَّبَنِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الْأَقِطِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَصْلِهِ قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إجْزَاءَ الْأَقِطِ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَالُ فَكَانَ كَالْحَبِّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ، وَالضَّبُعِ، وَالْآدَمِيَّةِ إذَا جَوَّزْنَا شُرْبَهُ لَا يُجْزِئُ قَطْعًا وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ أَوْ لَا، وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ ثُمَّ مَحَلُّ إجْزَاءِ مَا ذُكِرَ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْبَادِيَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِعْيَارُ الْجُبْنِ كَالْأَقِطِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ لَبَنٍ وَجُبْنٍ) وَهَلْ يُجْزِئُ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ كَانَ يَقْتَاتُهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) فَلَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْتَاتُونَ فِيهَا مَا يُجْزِئُ أُخْرِجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ مِمَّا يُجْزِئُ فِيهَا فَإِنْ اسْتَوَى بَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ مِنْ أَقْوَاتِهِمَا تَخَيَّرَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) أَيْ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ. إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِهِ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) أَيْ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ لَا كُلَّ السَّنَةِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ غَرِيبٌ، وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ أَيْ كُلَّ السَّنَةِ لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَثَمَنِ الْمَبِيعِ) أَيْ فَإِنَّهُ اُعْتُبِرَ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَنَّ كُلًّا مَالٌ وَاجِبٌ فِي مُقَابِلِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ، وَالزَّكَاةَ فِي مُقَابَلَةِ تَطْهِيرِ الْبَدَنِ أَوْ الْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مَالٌ وَاجِبٌ مِنْ الْغَالِبِ. اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهُ قَاسَ اعْتِبَارَ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عَلَى اعْتِبَارِ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا جَامِعٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَالْجَامِعُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْقُوتِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ بِقُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ) أَيْ وَيُدْفَعُ لِفُقَرَاءِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ بَعُدَ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَى الْوَكِيلِ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا وَتَوَقَّفَ تَسْلِيمُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ. . . إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَقَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ أَيْ فَيَجِبُ مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدِّي بِكَسْرِ الدَّالِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ إنَّهَا تُدْفَعُ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَلَمْ يُعْرَفْ فَلَيْسَ صُورَةً ثَالِثَةً كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ اهـ.
شَيْخُنَا هَذَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ز ي أَنَّهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ تَجِبُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَقْوَاتِ اهـ. شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ: كَعَبْدٍ آبِقٍ) أَيْ لَا يَدْرِي مَحَلَّهُ وَيَلْزَمُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْهُ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِ مَحَلِّهِ.
وَالثَّانِي: إعْطَاؤُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ مَحَلِّهِ اهـ. ح ل وَالشَّارِحُ أَجَابَ عَنْ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ بِجُعْلٍ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاو وَفِي الْمُخْتَارِ أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ وَيَأْبَقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ هَرَبَ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: أَبَقَ الْعَبْدُ أَبَقًا: مِنْ بَابَيْ تَعِبَ وَقَتَلَ فِي لُغَةٍ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا هَرَبَ مِنْ سَيِّدِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عَمَلٍ، هَكَذَا قَيَّدَهُ فِي الْعَيْنِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْأَبْقُ: هَرَبُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَالْإِبَاقُ: بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ فَهُوَ آبِقٌ، وَالْجَمْعُ أُبَّاقٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكُفَّارٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يُخْرِجُ فِطْرَتَهُ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ. . إلَخْ) مِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ عَلَى رُجُوعِهِ إذَا كَانَ آبِقًا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ شُرِعَ فِي الْمَالِ لِلنَّمَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا هَذَا وَصَرِيحُ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُخْرِجِ مِنْ قُوتِ أَيِّ
أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْمَحَلِّ مُجْزِئًا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْمَحَالِّ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مَحَلَّانِ مُتَسَاوِيَانِ قُرْبًا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَتَعْبِيرِي بِالْمَحَلِّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ (فَإِنْ كَانَ بِهِ) أَيْ بِالْمَحَلِّ (أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا خُيِّرَ) بَيْنَهَا (وَالْأَفْضَلُ أَعْلَاهَا) اقْتِيَاتًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَالِبٌ تَعَيَّنَ، وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ لَا وَقْتِ الْوُجُوبِ.
(وَيُجْزِئُ) قُوتٌ (أَعْلَى عَنْ) قُوتٍ (أَدْنَى) ؛ لِأَنَّهُ زِيدَ فِيهِ خَيْرٌ لَا عَكْسُهُ لِنَقْصِهِ عَنْ الْحَقِّ (وَالْعِبْرَةُ) فِي الْأَعْلَى، وَالْأَدْنَى (بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) لَا بِالْقِيمَةِ (فَالْبُرُّ) لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ اقْتِيَاتًا (خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ، وَالْأُرْزِ) وَالزَّبِيبِ (وَالشَّعِيرِ) وَذِكْرُهُ مِنْ زِيَادَتِي (وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ، وَالتَّمْرُ) خَيْرٌ (مِنْ الزَّبِيبِ) لِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ الْأُرْزِ وَأَنَّ الْأُرْزَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ.
(وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ آخَرَ) مِنْ قُوتٍ (أَعْلَى مِنْهُ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ لِأَحَدِ جُبْرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَلِلْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.
(وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (مِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى كَمَا لَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَجُوزُ تَبْعِيضُهُ مِنْ نَوْعَيْنِ وَمِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ مَلَكَ وَاحِدٌ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ وَنِصْفًا عَنْ الثَّانِي مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْهُ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَحَالِّ فَالْأَوَّلُ يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ اعْتِبَارِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَهَذَا الثَّانِي يَعْتَبِرُ قُوتَ آخِرِ مَحَلٍّ عُهِدَ وُصُولُهُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الثَّالِثُ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُؤْثِرُ الدَّفْعَ إلَيْهِ جَوَازَ النَّقْلِ لَا عَدَمُ اعْتِبَارِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَاكِمِ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْبُرُّ أَوْ يَدْفَعُ إلَيْهِ قُوتَ آخِرِ مَحَلٍّ عُهِدَ وُصُولُهُ إلَيْهِ ثُمَّ أَنَّهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُنْظَرُ كَيْفَ إخْرَاجُهَا مَعَ امْتِنَاعِ النَّقْلِ إلَّا إنْ أُرِيدَ دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ وَعَلَى الثَّانِي يَحْتَاجُ لِدَفْعِهَا لِلْحَاكِمِ أَيْضًا، وَالتَّقْدِيرُ لَا يَخْلُو عَنْ خَلَلٍ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ذَكَرَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا ثُمَّ قَالَ: كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْضًا وَإِنْ قُيِّدَتْ بِبَلَدٍ وَأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَنْقُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا أَخَذَهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ.
وَالْكَلَامُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَالَ إنَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ. . . إلَخْ) أَيْ مَعَ إخْرَاجِهِ مِنْ أَشْرَفِ الْأَقْوَاتِ أَوْ مَعَ إخْرَاجِهِ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ عُهِدَ وُصُولُهُ إلَيْهِ إذْ لَا يُجْزِئُ النَّقْلُ إلَّا إذَا أَخْرَجَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خِلَافَ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ أَعْلَى) رَسْمُهُ بِالْيَاءِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُمَالُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفَارَقَ عَدَمُ إجْزَاءِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ بِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ ثَمَّ بِالْعَيْنِ فَتَعَيَّنَتْ الْمُوَاسَاةُ مِنْهَا، وَالْفِطْرَةُ طُهْرَةٌ لِلْبَدَنِ فَنُظِرَ لِمَا بِهِ غِذَاؤُهُ وَقِوَامُهُ، وَالْأَقْوَاتُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي هَذَا الْغَرَضِ وَتَعْيِينُ بَعْضِهَا إنَّمَا هُوَ رِفْقٌ فَإِذَا عَدَلَ إلَى الْأَعْلَى كَانَ أَوْلَى فِي غَرَضِ هَذِهِ الزَّكَاةِ اهـ. شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ زِيدَ فِيهِ خَيْرٌ) أَيْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) أَيْ بِزِيَادَةِ نَفْعِ الِاقْتِيَاتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ. . . إلَخْ.
(تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَعْلَى الْبُرُّ ثُمَّ الشَّعِيرُ ثُمَّ الْأُرْزُ ثُمَّ التَّمْرُ ثُمَّ الزَّبِيبُ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي بَقِيَّةِ الْحُبُوبِ كَالذُّرَةِ، وَالدُّخْنِ، وَالْفُولِ، وَالْحِمَّصِ، وَالْعَدَسِ وَالْمَاشِّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الذُّرَةَ بِقِسْمَيْهَا فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحُبُوبِ الْحِمَّصُ فَالْمَاشُّ فَالْعَدَسُ فَالْفُولُ فَالْبَقِيَّةُ بَعْدَ الْأُرْزِ وَأَنَّ الْأَقِطَ فَاللَّبَنَ فَالْجُبْنَ بَعْدَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا اهـ. شَرْحُ حَجّ وَمُرَادُهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الذُّرَةِ الدُّخْنُ كَمَا فِي سم قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَتَرْتِيبُهَا فِي الْأَعْلَى كَتَرْتِيبِهَا الْوَاقِعِ فِي الْبَيْتِ الْمَشْهُورِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ سم قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الذُّرَةَ بِقِسْمَيْهَا فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ. . . إلَخْ الْوَجْهُ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الذُّرَةِ، وَالدُّخْنِ وَتَقْدِيمُ الْأُرْزِ عَلَى التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَتَقْدِيمُ الذُّرَةِ، وَالدُّخْنِ عَلَى الْأُرْزِ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ الدُّخْنِ قِسْمًا مِنْ الذُّرَةِ أَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُقَدَّمُ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْبُرِّ مَثَلًا عَلَى بَعْضٍ نَعَمْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَنْفَعُ مِنْهُ فِي الِاقْتِيَاتِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا، وَالْقِيَاسُ الْتِزَامُ ذَلِكَ فِي أَنْوَاعِ نَحْوِ الْبُرِّ إذَا تَفَاوَتَتْ فِي الِاقْتِيَاتِ لَكِنْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ خِلَافُهُ اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالتَّمْرُ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) وَيَلِيهِ الْأَقِطُ فَاللَّبَنُ فَجُمْلَةُ مَرَاتِبِ الْأَقْوَاتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَرْتَبَةً مَرْمُوزٌ إلَيْهَا بِحُرُوفِ أَوَائِلِ كَلِمَاتِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ نَظْمًا لِضَبْطِهَا
بِاَللَّهِ سَلْ شَيْخَ ذِي رَمْزٍ حَكَى مَثَلًا
…
عَنْ فَوْرِ تَرْكِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَوْ جَهِلَا
حُرُوفٌ أَوَّلُهَا جَاءَتْ مُرَتَّبَةً
…
أَسْمَاءُ قُوتِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ عَقَلَا
فَالْبَاءُ لِلْبُرِّ وَالسِّينُ لِلسُّلْتِ، وَالشِّينُ لِلشَّعِيرِ، وَالذَّالُ لِلذُّرَةِ، وَمِنْهَا الدَّخْنُ وَالرَّاءُ لِلْأُرْزِ، وَالْحَاءُ: لِلْحِمَّصِ، وَالْمِيمُ لِلْمَاشِّ، وَالْعَيْنُ: لِلْعَدَسِ وَالْفَاءُ: لِلْفُولِ، وَالتَّاءُ: لِلتَّمْرِ، وَالزَّايُ: لِلزَّبِيبِ، وَالْأَلِفُ: لِلْأَقِطِ وَاللَّامُ: لِلَّبَنِ، وَالْجِيمُ: لِلْجُبْنِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ وَحْشِيَّةَ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ مِنْ جِنْسَيْنِ. إلَخْ) فَلَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الْبُرَّ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَيُخْرِجُ صَاعًا مِنْ الْبُرِّ أَوْ مِنْ الشَّعِيرِ وَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا أَخْرَجَ الْأَغْلَبَ وَلَا يُخْرِجُ الْمُخْتَلِطَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَبْعِيضَ الصَّاعِ مِنْ جِنْسَيْنِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ صَاعٍ. . . إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ الثَّانِي إخْرَاجُ نِصْفٍ مِنْ جِنْسِ مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ بِأَنْ كَانَ الرَّقِيقُ بِمَحَلٍّ لَهُ قُوتٌ يَصْلُحُ لِلْإِخْرَاجِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّهِ قُوتٌ فَأَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ يُخْرِجُ مِنْ قُوتِهِ فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ وَتَفَاوَتَ قُوتُ بَلَدِهِمَا هَلْ يُجَابُ مِنْ قُوتِهِ أَعْلَى فَيُخْرِجُ الْجَمِيعَ مِنْهُ أَوْ يُخْرِجُ الْجَمِيعَ مِمَّنْ قُوتُهُ دُونَهُ يَظْهَرُ الثَّانِي