المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.   (وَيَجِبُ) فِي - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٢

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[ذِكْرُ الْمَوْتِ]

- ‌[تَمَنِّي الْمَوْت]

- ‌[يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ الشَّهَادَةَ]

- ‌(فَرْعٌ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْمَيِّت]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌[زَكَاة الْبَقَر]

- ‌[زَكَاة الْغَنَم]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌(فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُ الِاعْتِكَاف]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى

- ‌(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْإِحْصَارِ)

الفصل: وَإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.   (وَيَجِبُ) فِي

وَإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَيَجِبُ) فِي اعْتِكَافِ مَنْذُورٍ مُتَتَابِعٍ (قَضَاءُ زَمَنِ خُرُوجٍ) مِنْ الْمَسْجِدِ (لِعُذْرٍ) لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَزَمَنِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ بِشَرْطِهَا السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهِ (إلَّا زَمَنَ نَحْوِ تَبَرُّزٍ) مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الْمَصْرُوفَ إلَى مَا شُرِطَ مِنْ عَارِضٍ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ " وَنَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي.

(كِتَابُ الْحَجِّ)

ــ

[حاشية الجمل]

بِاخْتِيَارِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوْتُهُ لِصَوْمِ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يُلْزِمُهُ الْقَضَاءَ انْتَهَتْ وَمِثْلُهَا عِبَارَةُ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَإِكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ اهـ. شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَكَالْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَإِنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ، وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ لِحَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ خَرَجَ خَوْفَ غَرِيمٍ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَلَهُ بَيِّنَةٌ أَيْ وَثَمَّ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ لِتَقْصِيرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، وَلَا يَقْطَعُهُ خُرُوجُ امْرَأَةٍ لِأَجْلِ قَضَاءِ عِدَّةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْعِدَّةِ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لَهَا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ لِاخْتِيَارِهَا الْخُرُوجَ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي الِاعْتِكَافِ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِيهِ فَقُطِعَ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا لَهَا زَوْجُهَا إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَكَذَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِ اعْتِكَافِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَوْ لِنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَاعْتَمَدَ مُقْتَضَاهَا الْعَلَامَةُ م ر وَمِمَّا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ الْخُرُوجُ لِمُبَاشَرَةِ وَظِيفَةٍ أَوْ صَلَاةِ جُمُعَةٍ وَإِنْ وَجَبَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ كَرَاهَةِ إفْرَادِ نَحْوِ جُمُعَةٍ بِهِ وَاخْتِصَاصِ لَيْلَتِهَا بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهَا السَّابِقِ) وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ بِالطُّهْرِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَغُسْلِ جَنَابَةٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَجَنَابَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا إذْ ذَاكَ فِي زَمَنِ الْجَنَابَةِ قَبْلَ اشْتِغَالِهِ بِالْغُسْلِ وَهَذَا فِي زَمَنِ الِاشْتِغَالِ بِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ) أَيْ حُكْمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضُرُّ فِيهِ مَا يَضُرُّ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْ يُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ وَإِلَّا فَهُوَ لَا ثَوَابَ لَهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الْمَصْرُوفَ. إلَخْ) مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا يُضَمُّ إلَى الْمُسْتَثْنَى فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.

[كِتَابُ الْحَجِّ]

(كِتَابُ الْحَجِّ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَكَذَا الْحِجَّةُ لَكِنَّ الْمَسْمُوعَ فِيهَا الْكَسْرُ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ وَهُمَا مَصْدَرَانِ وَقِيلَ: الْأَوَّلُ مَصْدَرٌ وَالثَّانِي اسْمٌ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي كَوْنِهِ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَصْدَرٍ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَحِكْمَةُ تَرَكُّبِهِ مِنْ الْحَاءِ وَالْجِيمِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحَاءَ مِنْ الْحِلْمِ، وَالْجِيمَ مِنْ الْجُرْمِ فَكَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ يَا رَبِّ جِئْتُك بِجُرْمِي أَيْ ذَنْبِي لِتَغْفِرَهُ بِحِلْمِك وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ إلَّا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَلْ وَرَدَ أَنَّ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَحَجَّ الْبَيْتَ» حَتَّى عِيسَى فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كُنْت أَطُوفُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ رَأَيْته صَافَحَ شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ فَقُلْت لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك صَافَحْت شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ فَقَالَ ذَاكَ أَخِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ انْتَظَرْته حَتَّى فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ» وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ هُودًا وَصَالِحًا لِاشْتِغَالِهِمَا بِأَمْرِ قَوْمِهِمَا وَرُدَّ بِمَا جَاءَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ أَنَّ «جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالرُّسُلِ حَجُّوا الْبَيْتَ» .

وَرَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ قَبْرَ نُوحٍ وَهُودٍ وَشُعَيْبٍ وَصَالِحٍ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ قُبِرَ فِيهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ إسْمَاعِيلُ لَكِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَاكَ كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ مَقْبَرَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَتَعَبَّدُونَ فَإِنْ قُلْت الْكَرَاهَةُ أَوْ الْحُرْمَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ ثَمَّ يَسْتَعْمِلُ قَبْرَ نَبِيٍّ قُلْت شَرْطُ الْحُرْمَةِ أَوْ الْكَرَاهَةِ تَحَقُّقُ ذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ هُنَا

ص: 370

هُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَالْعُمْرَةِ) هِيَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ.

ــ

[حاشية الجمل]

وَرُوِيَ أَنَّ آدَمَ عليه الصلاة والسلام حَجَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ الْهِنْدِ مَاشِيًا وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهَذَا الْبَيْتِ قَبْلَك سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَلَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام مِنْ بِنَائِهِ الْبَيْتَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَقَالَ يَا رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي فَقَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَنَادَى إبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَسَمِعَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى مَنْ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ فَمَنْ أَجَابَ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ حَجَّ مَرَّتَيْنِ وَمَنْ أَجَابَ ثَلَاثًا حَجَّ ثَلَاثًا وَمَنْ أَجَابَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَجَّ بِعَدَدِهِ وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى الرَّاجِحِ.

وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَالطَّلَبَ إنَّمَا تَوَجَّهَ فِي السَّادِسَةِ وَقِيلَ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَقِيلَ التَّاسِعَةِ وَقِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ «وَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ وَتَأَخَّرَ مَعَهُ مَيَاسِيرُ الصَّحَابَةِ كَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ غَيْرِ شُغْلٍ بِحَرْبٍ وَلَا عَدُوٍّ حَتَّى حَجُّوا مَعَهُ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ عَشْرٍ وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ» «وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا وَعُمَرًا لَا يُعْرَفُ عَدَدُهَا» لَكِنْ صَحَّ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حَجَّتَيْنِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ، وَالْبَدَنِ إلَّا الصَّلَاةَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَجَّ الصَّحِيحَ أَيْ الْمَبْرُورَ وَاَلَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ ذَنْبٌ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ إلَى تَحَلُّلِهِ يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ اتِّفَاقًا وَالْكَبَائِرَ عَلَى الرَّاجِحِ حَتَّى التَّبِعَاتِ لَكِنْ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا وَيُكَفِّرُ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ أَمَّا إذَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَأَدَاءُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ «وَحَجَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا» وَتَسْمِيَتُهُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الْحَجِّ الشَّرْعِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ النَّسِيءِ وَغَيْرِهِ بَلْ قِيلَ فِي حِجَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّاسِعَةِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَجٍّ شَرْعِيٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّامِنَةِ الَّتِي أَمَّرَ فِيهَا عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ أَمِيرَ مَكَّةَ وَبَعْدَهَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَا غَيْرُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَحَجَّ صلى الله عليه وسلم. . . إلَخْ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ حَجَّهُ عليه الصلاة والسلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَجًّا شَرْعِيًّا وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا اهـ. أَقُولُ وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ فَرْضِهِ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ حَجّ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ. . . إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَأَمَّا فِعْلُهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِوَحْيٍ بَلْ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْمَعْنَى لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْعٍ إذْ ذَاكَ وَلَكِنَّهُ كَانَ مَصُونًا كَسَائِرِ أَفْعَالِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الْبَاطِلَةِ وَقَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ مَكَّةَ إنَّمَا فُتِحَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ فَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ فِي التَّاسِعَةِ وَحَجَّ عليه الصلاة والسلام فِي الْعَاشِرَةِ وَقَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ لَكِنْ فِي كَلَامِ ز ي مَا يُخَالِفُ هَذَا الْجَوَابَ حَيْثُ قَالَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ بِأَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَالطَّلَبَ إنَّمَا تَوَجَّهَ سَنَةَ سِتٍّ «وَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ» اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ كَلَامِ ز ي بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا يَأْتِي وَهِيَ لَمْ تَحْصُلْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَعَدَمُ فِعْلِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ لَا لِعَدَمِ الطَّلَبِ اِ هـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ) وَقِيلَ كَثْرَتُهُ إلَى مَا يُعَظَّمُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِك حَجَجْته إذَا آتَيْته مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَكِنَّ الْأَشْهَرَ الْأَوَّلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا هُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ) أَيْ وَالزِّيَارَةُ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً الزِّيَارَةُ أَيْ، وَالْقَصْدُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَالزِّيَارَةُ اهـ. ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَفِي الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْجِيمِ الْحَجُّ فِي الْأَصْلِ: الْقَصْدُ وَفِي الْعُرْفِ قَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ وَبَابُهُ رَدَّ فَهُوَ حَاجٌّ وَجَمْعُهُ حَجٌّ بِالضَّمِّ كَبَاذِلٍ وَبُذُلٍ، وَالْحِجُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ، وَالْحِجَّةُ أَيْضًا بِالْكَسْرِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهِيَ مِنْ الشَّوَاذِّ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ، وَالْحِجَّةُ أَيْضًا السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ، وَالْحِجَجُ بِوَزْنِ الْعِنَبِ وَذُو الْحِجَّةِ بِالْكَسْرِ شَهْرُ الْحَجُّ وَجَمْعُهُ ذَوَاتُ

ص: 371

وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ وَذِكْرُهَا فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي (يَجِبُ كُلٌّ) مِنْهُمَا: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وقَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] .

ــ

[حاشية الجمل]

الْحِجَّةِ وَلَمْ يَقُولُوا ذَوُو الْحِجَّةِ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَالْحَجِيجُ: الْحُجَّاجُ جَمْعُ حَاجٍّ مِثْلُ: غَازٍ وَغُزَاةٍ وَعَادٍ وَعُدَاةٍ مِنْ الْعَدْوِ بِالْقَدَمِ، وَامْرَأَةٌ حَاجَّةٌ وَنِسْوَةٌ حَوَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ بِالْإِضَافَةِ إنْ كُنَّ قَدْ حَجَجْنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنَّ حَجَجْنَ قُلْت: حَوَاجُّ بَيْتَ اللَّهِ بِنَصْبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّك تُرِيدُ التَّنْوِينَ فِي حَوَاجَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ كَمَا تَقُولُ: هَذَا ضَارِبُ زَيْدٍ أَمْسِ، وَضَارِبٌ زَيْدًا غَدًا فَيَدُلُّ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ مِنْ ضَارِبٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ وَبِإِثْبَاتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ، وَالْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ وَحَاجَّهُ فَحَجَّهُ مِنْ بَابِ رَدَّ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَفِي الْمَثَلِ: " لَجَّ فَحَجَّ " فَهُوَ رَجُلٌ مِحْجَاجٌ بِالْكَسْرِ أَيْ جَدِلٌ، وَالتَّحَاجُّ التَّخَاصُمُ، وَالْمَحَجَّةُ بِفَتْحَتَيْنِ جَادَّةُ الطَّرِيقِ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ الرَّاءِ وَاعْتَمَرَ زَارَ وَاعْتَمَرَ فِي الْحَجِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ) أَيْ مَعَ فِعْلِ أَعْمَالِ الْحَجِّ اهـ. ع ش فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجَّ الشَّرْعِيَّ قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْقَاصِدُ بِالنُّسُكِ أَيْ بِالْأَرْكَانِ فَإِذَا قَصَدَهَا أَيْ الْكَعْبَةَ لِلنُّسُكِ يُقَالُ لَهُ حَجَّ وَإِنْ كَانَ مَاكِثًا فِي بَيْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي شَرْحِ م ر وَهَذَا التَّعْرِيفُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ نَفْسُ الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْغَالِبِ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عَرَفَةُ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ لَا لِلْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ فَتَسْمِيَتُهَا أَرْكَانُ الْحَجِّ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ اهـ.

(فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ يَا حَاجُّ فُلَانُ تَعْظِيمًا لَهُ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ لَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَا حَاجُّ فُلَانُ يَا مَنْ أَتَى بِالنُّسُكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ فُلَانُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَقَصَدَ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا كَأَنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ يَا قَاصِدَ التَّوَجُّهِ إلَى كَذَا كَالْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حُرْمَةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ شَرْعًا عِبَارَةً عَنْ الْأَعْمَالِ الْمَخْصُوصَةِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ: إنَّهُ نَفْسُ الْأَعْمَالِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ الْقَصْدُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَجَابَ عَنْ قَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الْحَجِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَرْكَانُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ) قَيْدٌ مُخْرِجٌ لِلْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَتْي فِيهَا فَمَا وَعَدَ بِإِتْيَانِهِ فِي كُلِّ قَيْدٍ مُخْرِجٌ لِلْآخَرِ فَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمُرِ كُلِّهِ «وَاعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ عُمَرَ وَقِيلَ: أَرْبَعًا عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَعُمْرَةُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ حِينَ قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَعُمْرَةُ حَجَّتِهِ» وَمِيقَاتُ الْجَمِيعِ الْجِعْرَانَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَمِيقَاتُ الْجَمِيعِ الْجِعْرَانَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَذَلِكَ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا مِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا عُمْرَةُ الْحَجِّ فَيَتَوَقَّفُ بَيَانُ مِيقَاتِهَا عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا فَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَيَكُونُ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ الْحَجِّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَسْطُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمَوَاقِيتِ وَأَرْكَانِ الْحَجِّ نَعَمْ كَلَامُهُ مُسَلَّمٌ فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ وَكَانَتْ فِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ حِينَ رُجُوعِهِ مِنْ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَحُنَيْنٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً اهـ. وَنَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ تَكُونَ عُمَرُهُ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الزِّيَادَةُ) وَقِيلَ: الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرٍ اِ هـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ فَلَا يُغْنِي الْحَجُّ عَنْ الْعُمْرَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا أَغْنَى الْغُسْلُ عَنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ بَدَلٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ كَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَسَقَطَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ تَخْفِيفًا فَصَارَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَدَلًا عَنْهُ ثُمَّ جَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ ثُمَّ سَقَطَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَبَقِيَ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْأَصْلِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَى الْجِنِّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ النَّاسِ هَلْ هُوَ مِنْ التَّأَنُّسِ أَوْ مِنْ الْأُنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ

ص: 372

أَيْ ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ فِي الْعُمُرِ (مَرَّةً) وَاحِدَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُلَّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» .

وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سُرَاقَةَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» .

(بِتَرَاخٍ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ: أَيْ ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَتِمَّ بِهَا الِاسْتِدْلَال فَإِنَّ ظَاهِرَهَا وُجُوبُ الْإِتْمَامِ إذَا شَرَعَ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الشُّرُوعِ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ عَلَيْهِ إنْ شَرَعْتُمْ فَأَتِمُّوا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَرَّةً وَاحِدَةً) بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَقَدْ يَجِبُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِعَارِضٍ كَنَذْرٍ وَقَضَاءٍ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: خَطَبَنَا) أَيْ خَطَبَ لَنَا وَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَهُ مَعْنَى وَعَظَ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ رَجُلٌ) هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ كَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ فِي حَجِّهِ عليه السلام إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ) وَوَجَّهُوا سُكُوتَهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ أَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِأَمْرٍ أَهَمَّ لَكِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَحْسُنُ مَعَ قَوْلِهِ لَوْ قُلْت نَعَمْ. . . إلَخْ أَيْ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ الْفَرْضُ كُلَّ عَامٍ وَعَدَمُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ فِي ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ كَانَ ذَلِكَ التَّخْيِيرُ عِنْدَ السُّؤَالِ أَوْ قَبْلَهُ حَرِّرْ. اهـ. وَفِي ع ش وَفِي م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ أَيْ الْخَصْلَةُ أَوْ الْفَرِيضَةُ ثُمَّ قَوْلُهُ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مُعَلَّقًا عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ هُوَ صلى الله عليه وسلم مُشَرِّعٌ لَا مُوجِبٌ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَيْ مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ وَلَعَلَّ الْوُجُوبَ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ اهـ بِالْحَرْفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ مِنْ أَصْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ الْمَشَقَّةُ أَيْ وَلَشَقَّ عَلَيْكُمْ وَانْظُرْ وَجْهَ تَرَتُّبِ قَوْلِهِ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ عَلَى الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ لَوْ قُلْت نَعَمْ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ لِلْأَبَدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِهَا إذْ لَوْ كَانَتْ مَنْدُوبَةً لَمْ تَكُنْ لِلْأَبَدِ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ كُلَّ عَامٍّ مِنْ الْمُسْتَطِيعِينَ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ فِيهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْله بِتَرَاخٍ) إمَّا حَالٌ مِنْ كُلٌّ عَلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ أَيْ يَجِبُ بِتَرَاخٍ فِي مُتَعَلِّقِهِ أَيْ الْوُجُوبِ، وَالْمُتَعَلِّقُ هُوَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَلَا تَرَاخِيَ فِيهِ بَلْ هُوَ حَالِيٌّ تَأَمَّلْ وَإِنَّمَا كَانَ الْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ «وَلَمْ يَحُجَّ صلى الله عليه وسلم إلَّا سَنَةَ عَشْرٍ وَمَعَهُ مَيَاسِيرُ» لَا عُذْرَ لَهُمْ وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ ثُمَّ النُّسُكُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَحُجَّ بِشَرْطِهِ أَوْ كِفَايَةٍ لِلْأَحْيَاءِ أَوْ تَطَوُّعٍ وَيُتَصَوَّرُ فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ نَعَمْ لَوْ تَطَوَّعَ مِنْهُمْ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ بِفِعْلِهِمْ الْحَرَجُ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِتَرَاخٍ) فَلِمَنْ لَزِمَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُمَا بَعْدَ سَنَةِ الْإِمْكَانِ.

وَقَالَ الْمُزَنِيّ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ لِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه نَصَّ فِي الْمَسْأَلَة لَكِنْ اخْتَلَفَ صَاحِبَاهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ كَقَوْلِنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنَّهُمَا عَلَى الْفَوْرِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ)

إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَجَبَ عَلَى التَّرَاخِي فَلَهُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَخْشَ الْعَضَبَ فَإِنْ خَشِيَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا مَذْهَبُنَا.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْمُزَنِيُّ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ ثُمَّ عِنْدَنَا إذَا أَخَّرَ فَمَاتَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَاتَ عَاصِيًا عَلَى الْأَصَحِّ لِتَفْرِيطِهِ وَمِنْ فَوَائِدِ مَوْتِهِ عَاصِيًا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا كَمَا لَوْ بَانَ فِسْقُهُ وَيُحْكَمُ بِعِصْيَانِهِ مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ إنْ عُلِّقَ بِيَعْزِمُ أَوْ بَعْدَ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إنْ عُلِّقَ بِالْفِعْلِ. اهـ شَيْخُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ فَمَتَى اسْتَطَاعَ وَجَبَ عَلَيْهِ إمَّا الْمُبَاشَرَةُ بِالْفِعْلِ وَإِمَّا الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُؤَخِّرَ لِلصَّلَاةِ إذَا مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ لَا يَعْصِي وَأَنَّ الْمُؤَخِّرَ لِلْحَجِّ مَعَ ظَنِّهَا يَعْصِي؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمُرُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَذَرَ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ فَقَدْ ضَيَّقَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعْيِينِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي نَذْرِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ سَنَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ النَّذْرِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ. ع ش.

وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ (فَرْعٌ)

مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرُهَا قَبْلَهَا فَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَضَاءٌ أَوْ نَذْرٌ قُدِّمَتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْقَضَاءُ ثُمَّ النَّذْرُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهَا وَقَعَ عَنْهَا لَا عَنْ مَا نَوَى وَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ أَوْ نَذْرٌ لَا يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ

ص: 373