الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ سَوَاءٌ أَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْعَاشِرِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ إذْ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ مَا لَوْ وَقَفُوا الْحَادِيَ عَشَرَ أَوْ الثَّامِنَ غَلَطًا فَلَا يُجْزِيهِمْ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي.
(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ
وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (يَجِبُ) بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (مَبِيتٌ) أَيْ مُكْثٌ (لَحْظَةٍ) وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ (بِمُزْدَلِفَةَ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَبِالِاكْتِفَاءِ بِلَحْظَةٍ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا لَحْظَةً (مِنْ نِصْفٍ ثَانٍ) مِنْ اللَّيْلِ
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. م ر، ثُمَّ قَالَ أَعْنِي سم وَهَلْ يَثْبُتُ كَوْنُ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَجِيجِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي غَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنْ الْغَلَطِ وَثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ فِي حَقِّهِ كَأَنْ كَانَ هُوَ الرَّائِيَ أَوْ لَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ بَلْ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَمِمَّا يُعَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْحَجِيجِ لَوْ انْفَرَدَ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ مُوَافَقَةُ الْغَالِطِينَ وَإِنْ كَثُرُوا وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَعْضِ الْحَجِيجِ فَفِي غَيْرِهِمْ أَوْلَى.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ وَقَفَ فِي التَّاسِعِ عِنْدَهُ وَإِنْ وَقَفَ النَّاسُ بَعْدَهُ اهـ. وَمَنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْغَلَطِ بِأَنْ لَمْ يَرَهُ هُوَ وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِرُؤْيَتِهِ فَيُحْتَمَلُ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لِلْحَجِيجِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْحَجَّ وَوَقَفُوا فِي هَذَا الْغَلَطِ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الْعِبْرَةُ فِي حَقِّهِمْ بِمَا تَبَيَّنَ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي الْمَطْلَعِ أَمَّا مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِمْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ) وَيَكُونُ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا، بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «وَعَرَفَةُ يَوْمَ يَعْرِفُ النَّاسُ» ، وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ يَقِفُ قَبْلَهُمْ لَا مَعَهُمْ وَيُجْزِيهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي دُخُولِ وَقْتِ عَرَفَةَ وَخُرُوجِهِ بِاعْتِقَادِهِ، وَهَذَا كَمَنْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ الْمَخْصُوصِ فِي غَيْرِ الْغَلَطِ الْمَارِّ وَإِلَّا فَهُوَ يَقْضِي بِالْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ هُنَا مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَمَلِ بِالْحِسَابِ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَا فَرْقَ فِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ غَلَطًا فِي الْعَاشِرِ بَيْنَ وُقُوفِهِمْ فِيهِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ وَاحِدًا وَاحِدًا مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ خِلَافَهُ اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ) أَيْ فَلَا يُجْزِيهِمْ وَوَجْهُهُ نِسْبَتُهُمْ إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِسَابِ اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِنْ وَقَفُوا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ غَلَطًا بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ ثُمَّ بَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ وَعَلِمُوا قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ تَدَارُكًا لَهُ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِهَذِهِ الْحِجَّةِ فِي عَامٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ وَفَارَقَ الْعَاشِرُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ خَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِمْ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا غَلِطُوا بِالتَّأْخِيرِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ وَلَوْ غَلِطُوا بِيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ فِي الْمَكَانِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِيهِمْ) وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهما بِإِجْزَائِهِ لَهُمْ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ]
وَيَنْقَضِي بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ إلَى أَسْفَارٍ، وَقَوْلُهُ وَالدَّفْعُ مِنْهَا هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ يَسِيرُوا فَيَدْخُلُوا مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ قَوْلُهُ فَيَرْمِي كُلٌّ إلَخْ الْفَصْلُ.
(قَوْلُهُ: يَجِبُ مَبِيتُ لَحْظَةٍ إلَخْ) وَقِيلَ الْمَبِيتُ سُنَّةٌ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقِيلَ رُكْنٌ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَعَلَى كُلٍّ يَكْفِي فِيهِ لَحْظَةٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُكْثُ لَحْظَةٍ) عِبَارَةُ حَجّ وَيَحْصُلُ بِلَحْظَةٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَلَوْ بِالْمُرُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ أَخْذًا مِنْ الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ بِمُكْثِ لَحْظَةٍ انْتَهَتْ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ يُجْزِئُ الْمُرُورُ كَمَا فِي عَرَفَاتٍ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَمَا فِي عَرَفَاتٍ أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ بِالصَّرْفِ وَأَنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ قَصَدَ آبِقًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُزْدَلِفَةُ
لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَرِدْ هُنَا، بَلْ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَهَا حَتَّى يَمْضِيَ نَحْوُ رُبُعِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِهِ وَبَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا (فَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِيهِ) أَيْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي بِأَنْ لَمْ يَبِتْ بِهَا (أَوْ) بَاتَ لَكِنْ (نَفَرَ قَبْلَهُ) أَيْ النِّصْفِ (وَلَمْ يَعُدْ) إلَيْهَا (فِيهِ لَزِمَهُ دَمٌ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ عَدَمَ لُزُومِهِ نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ خَافَ أَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ عَنْ الْمَبِيتِ أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلرُّكْنِ فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
ــ
[حاشية الجمل]
وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَ ذَلِكَ فِي مِنًى فَيَحْصُلُ الْمَبِيتُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مِنًى وَقَصَدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ اهـ. م ر وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُغْمًى عَلَيْهِ جَمِيعَ النِّصْفِ الثَّانِي كَمَا فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَقِيَ مُغْمًى عَلَيْهِ جَمِيعَ النِّصْفِ الثَّانِي هَلْ يَسْقُطُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ عُذْرٌ وَالْمَبِيتَ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ بِخِلَافِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْنُونًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَقِيَ مَجْنُونًا فِي جَمِيعِ النِّصْفِ الثَّانِي فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّمُ وَيُجْعَلُ الْجُنُونُ عُذْرًا وَالْمَبِيتُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ عُذْرًا لِعَدَمِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ أَحْرَمَ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ الدَّمُ هـ. سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ إلَخْ يَخْرُجُ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَبَيْنَ هَذِهِ بِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ عَرَّضَهُ لِمُوجِبِ الدَّمِ فَيَلْزَمُهُ إنْ قَصَّرَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النِّصْفِ الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ فِي حَجِّهِ وَلَيْسَ هُوَ كَعَرَفَةَ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا) عِبَارَةُ حَجّ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَهَا إلَّا قَرِيبًا مِنْ رُبُعِ اللَّيْلِ مَعَ جَوَازِ الدَّفْعِ مِنْهَا عَقِبَ نِصْفِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَارَقَ هَذَا مَا يَأْتِي فِي مَبِيتِ مِنًى بِأَنَّهُ وَرَدَ ثَمَّ لَفْظُ الْمَبِيتِ وَهُوَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْمُعْظَمِ وَلَمْ يَرِدْ هُنَا مَعَ أَنَّ تَعْجِيلَهُ صلى الله عليه وسلم لِلضَّعَفَةِ بَعْدَ النِّصْفِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمُعْظَمِ عَلَى أَنَّهُمْ ثَمَّ مُسْتَقِرُّونَ وَهُنَا عَلَيْهِمْ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ فَخُفِّفَ عَلَيْهِمْ لِأَجْلِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ) أَيْ بِلَفْظِهِ لَمْ يَرِدْ هُنَا حَتَّى يُعْتَبَرَ مُسَمَّاهُ وَهُوَ مُكْثُ غَالِبِ اللَّيْلِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ) أَيْ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ هَكَذَا زَادَ م ر هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي التَّعْلِيلِ فِيمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَسْقُطُ الْمَبِيتُ بِهَا فَلَا إثْمَ بِتَرْكِهِ وَلَا دَمَ لِعُذْرٍ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى قِيَاسًا عَلَيْهِ وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا الِاشْتِغَالُ بِالْوُقُوفِ إلَخْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي لِلدِّمَاءِ نَصُّهَا: وَإِنَّمَا يَجِبُ هَذَا الدَّمُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْحُصُولَ بِمُزْدَلِفَةَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ أَعْذَارِ الْمَبِيتِ بِمِنَى وَيُرِيدُ هَذَا بِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَمَّنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْوُقُوفِ وَعَمَّنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ لِيَطُوفَ لِلرُّكْنِ انْتَهَتْ وَقَالَ فِي بَحْثِ الْمَبِيتِ بِمِنَى، أَمَّا أَصْحَابُ الْأَعْذَارِ فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ كَرِعَاءِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ غَيْرَ دَوَابِّ الْحَاجِّ أَوْ أُجَرَاءَ أَوْ مُتَبَرِّعِينَ وَكَأَهْلِ السِّقَايَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّقَايَةُ قَدِيمَةً كَسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ أَوْ مُحْدَثَةً بِمَكَّةَ أَوْ بِطَرِيقِهَا وَلَوْ لِلْبَيْعِ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الرِّعَاءُ أُجَرَاءَ وَكَمَنْ خَافَ عَلَى نَحْوِ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ مِمَّا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي مَتْنِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ كَخَوْفِ حَبْسِ غَرِيمٍ وَعُقُوبَةِ مَنْ يَرْجُو بِغَيْبَتِهِ الْعَفْوَ إلَخْ اهـ. بِتَصَرُّفٍ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ الْعِبَارَةِ بِتَمَامِهَا فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى فَتَلَخَّصَ أَنَّ أَعْذَارَ الْمَبِيتِ بِمِنًى كُلُّهَا تَأْتِي هُنَا وَيَزِيدُ مَا هُنَا بِعُذْرَيْنِ آخَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ إلَخْ تَأَمَّلْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا الِاشْتِغَالُ بِالْوُقُوفِ بِأَنْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ بِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَهَمِّ، وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا وَالْأَوْجَبُ جَمْعًا بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَفَاتَ الْمَبِيتُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ كَاشْتِغَالِهِ بِالْوُقُوفِ وَنَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا اقْتَضَتْ مُسَامَحَتَهُ بِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُرَّ بِطَرِيقِهِ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ لَا أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ وَإِلَّا فَمُرُورُهُ بِهَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ الْمَبِيتُ، وَبَحَثَ أَنَّ الْأَعْذَارَ هُنَا تُحَصِّلُ ثَوَابَ الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَاَلَّذِي مَرَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الْحُصُولِ، وَالْمُخْتَارُ الْحُصُولُ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَوْ السُّنَّةَ يُسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُسَامَحُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ فَلَا قِيَاسَ، وَمِنْ ثَمَّ كَثُرَتْ الْأَعْذَارُ ثَمَّ لَا هُنَا انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ إلَخْ أَيْ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ لِمُزْدَلِفَةَ بَعْدَ الطَّوَافِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا اشْتِغَالُهُ بِالْوُقُوفِ أَوْ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ بِأَنْ وَقَفَ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَيْهِ قَبْلَ النِّصْفِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَمُرَّ بِمُزْدَلِفَةَ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ قَصْدَهُ تَحْصِيلَ الرُّكْنِ يَنْفِي تَقْصِيرَهُ
(وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا حَصَى رَمْيٍ) يَوْمَ (نَحْرٍ) قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ الْتَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» وَالتَّصْرِيحُ يُسَنُّ أَخْذُهَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لَا سَبْعُونَ (وَ) أَنْ (يُقَدَّمَ نِسَاءٌ وَضَعَفَةٌ بَعْدَ نِصْفٍ) مِنْ اللَّيْلِ (إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا قَبْلَ الزَّحْمَةِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» وَفِيهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ (وَ) أَنْ (يَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِغَلَسٍ) بِهَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَتَأَكَّدُ طَلَبُ التَّغْلِيسِ هُنَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ» .
(ثُمَّ يَقْصِدُوا مِنًى) وَشِعَارُهُمْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ التَّلْبِيَةُ قَالَ الْقَفَّالُ مَعَ التَّكْبِيرِ
ــ
[حاشية الجمل]
نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي تَعَمُّدِ الْمَأْمُومِ تَرْكَ الْجُلُوسِ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ نَعَمْ يَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ مِنْهُ وَأَمْكَنَهُ الْعَوْدُ لِمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الْعَجْزِ لَزِمَهُ ذَلِكَ انْتَهَتْ
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بِهَا جَبَلًا فِي أَحْجَارِهِ رَخَاوَةٌ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُعَرِّجَ عِنْدَ دُخُولِهِ مِنًى عَلَى غَيْرِ الرَّمْيِ فَأُمِرَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْهُ اهـ. م ر وَأَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ خِلَافُ السُّنَّةِ وَأَخْذُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَجْزَائِهِ مَكْرُوهٌ وَيُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ الْمَرْمَى وَالْحِلِّ اهـ. ح ل وَيُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ كَالْمِرْحَاضِ مَا لَمْ يَغْسِلْهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَزُلْ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ فِي إنَاءِ بَوْلٍ وَالرَّمْيِ بِحَجَرٍ خَشِنٍ غَسْلًا لِبَقَاءِ اسْتِقْذَارِهِمَا بَعْدَ غَسْلِهِمَا وَيُسَنُّ غَسْلُ الْحَصَى حَيْثُ قَرُبَ احْتِمَالُ تَنَجُّسِهِ اهـ. حَجّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ غُسِلَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَوْضِعِ النَّجِسِ قَالَهُ فِي شَرَحَ الْعُبَابِ نَعَمْ الْمُتَنَجِّسُ الَّذِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ تَزُولُ كَرَاهَتُهُ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِنَدْبِهِ فَائِدَةٌ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ زَالَتْ كَرَاهَتُهُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ، لَكِنَّهَا تَبْقَى مِنْ حَيْثُ الِاسْتِقْذَارُ كَمَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِي إنَاءِ الْبَوْلِ بَعْدَ غَسْلِهِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: حَصَى رَمْيِ نَحْرٍ) سَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ مَوْضِعِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَارِ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَقَالَ ابْنُ كَجٍّ تُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ وَارْتَضَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا يُؤْخَذُ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا مِنْ مِنًى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا) اعْتَمَدَهُ م ر وحج وَوَجَّهَاهُ بِأَنَّهُ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ حَتَّى النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ الَّذِينَ يَسِيرُونَ مِنْهَا لَيْلًا انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ وَظَائِفِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ) أَيْ لَا أَكْبَرُ مِنْهُ وَلَا أَصْغَرُ وَهُوَ دُونَ أُنْمُلَةٍ وَدُونَ حَبَّةِ الْبَاقِلَا، وَقِيلَ نَحْوُ النَّوَاةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ كَسْرُ الْحِجَارَةِ لَهُ إلَّا لِعُذْرٍ، بَلْ يَلْتَقِطُهُمَا صِغَارًا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ كَسْرِهَا هُنَا وَهُوَ أَيْضًا يُفْضِي إلَى الْأَذَى اهـ. إيضَاحٌ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ) وَالِاحْتِيَاطُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى السَّبْعِ فَرُبَّمَا سَقَطَ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقَدَّمَ نِسَاءٌ إِلَخْ) وَيُسَنُّ لَهُمْ التَّقَدُّمُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرُوا عَلَى الْأَرْجَحِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِيَرْمُوا قَبْلَ الزَّحْمَةِ) أَيْ إنْ أَرَادُوا تَعْجِيلَ الرَّمْيِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ لَهُمْ تَأْخِيرُهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهِمْ اهـ. حَجّ أَيْ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الرَّمْيِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ مَجِيءِ غَيْرِهِمْ وَازْدِحَامِهِمْ مَعَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنهن أَفَاضَتَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ بِإِذْنِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهُمَا وَلَا مَنْ كَانَ مَعَهُمَا بِدَمٍ» انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ إنَّ سَوْدَةَ) هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ أَسْلَمَتْ قَدِيمًا وَبَايَعَتْ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو فَلَمَّا مَاتَ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُتَوَفَّاةُ بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا) النَّفَرُ بِفَتْحَتَيْنِ عِدَّةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ اهـ مُخْتَارٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ سَوْدَةَ يَزِيدُونَ عَلَى هَذَا، فَإِطْلَاقُ النَّفَرِ عَلَيْهِمْ مَجَازٌ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِغَلَسٍ) قِيلَ وَتَتَأَكَّدُ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِمُزْدَلِفَةَ مَعَ الْإِمَامِ لِجَرَيَانِ قَوْلٍ بِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْحَجِّ عَلَى ذَلِكَ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِغَلَسٍ) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِشِدَّةِ الظَّلَامِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ بِهَا مُتَعَلِّقٌ بِيُصَلُّونَ أَيْ يُصَلُّونَ بِهَا أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِغَلَسٍ) بِأَنْ يُصَلُّوا عَقِبَ ظُهُورِ الْفَجْرِ فَوْرًا اهـ. ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: مَعَ التَّكْبِيرِ) أَيْ الَّذِي يَقُولُ الرَّامِي مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اهـ. م ر وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ ح ل نَقْلًا عَنْ ز ي أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ مَعَ التَّكْبِيرِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ التَّكْبِيرِ مِنْ الزَّوَالِ اشْتِبَاهٌ مِنْ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ هُوَ التَّكْبِيرُ الَّذِي خَلْفَ الصَّلَوَاتِ لَا هَذَا التَّكْبِيرُ. اهـ. ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ مَعَ التَّكْبِيرِ أَيْ تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ ز ي تَضْعِيفَهُ وَأَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ التَّكْبِيرِ مِنْ الزَّوَالِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَهَذَا
(فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ مُزْدَلِفَةَ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ (اسْتَقْبَلُوا) الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَوَقَفُوا) عِنْدَهُ (وَهُوَ) أَيْ وُقُوفُهُمْ بِهِ (أَفْضَلُ) مِنْ وُقُوفِهِمْ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُرُورِهِمْ بِهِ بِلَا وُقُوفٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَذَكَرُوا) اللَّهَ تَعَالَى (وَدَعَوْا إلَى أَسْفَارٍ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلِي وَذَكَرُوا مِنْ زِيَادَتِي كَأَنْ يَقُولُوا اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (ثُمَّ يَسِيرُوا) بِسَكِينَةٍ فَإِذَا وَجَدُوا فُرْجَةً أَسْرَعُوا وَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ أَسْرَعَ الْمَاشِي وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ وَذَلِكَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي (وَيَدْخُلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ
ــ
[حاشية الجمل]
اشْتِبَاهٌ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الزَّوَالِ هُوَ الَّذِي يُطْلَبُ عَقِبَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ هَذَا التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ مَعَ الرَّمْيِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَهُوَ شَاذٌّ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّعِيرَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ وَهِيَ مَعَالِمُ الدِّينِ، وَالْحَرَامُ هُوَ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ذَا الْحُرْمَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ جَبَلٌ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُفَسِّرِينَ فَهُوَ جَمِيعُ مُزْدَلِفَةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ مُزْدَلِفَةَ) وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْآنَ الْبِنَاءُ وَالْمَنَارَةُ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ بِوَزْنِ عُمَرَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعَدْلِ كَجُشَمٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَوَقَفُوا عِنْدَهُ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَأَذِّي وَلَا إيذَاءَ لِلزَّحْمَةِ وَإِلَّا فَتَحْته اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولُوا اللَّهُ أَكْبَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْثِرُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِمْ اللَّهُمَّ كَمَا أَوْقَفْتنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذِكْرِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ انْتَهَتْ، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه يَخْطُبُ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وَقَفُوا فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يَبْتَهِلُ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي إبِلًا اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي غَنَمًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ} [البقرة: 200 - 201] إلَى آخِرِ الْآيَةِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشْرِقِ بَلِّغْ رُوحَ رَسُولِك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَزْكَى تَحِيَّةٍ وَأَفْضَلَ سَلَامٍ وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِك يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيَّ دِينِي وَاجْعَلْ خَشْيَتَك نُصْبَ عَيْنِي وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا خَيْرَ مَقْصُودٍ يَا خَيْرَ مَرْجُوٍّ يَا خَيْرَ مَسْئُولٍ يَا خَيْرَ مُعْطٍ اللَّهُمَّ ذَلِّلْ نَفْسِي حَتَّى تَنْقَادَ لِطَاعَتِك وَيَسِّرْ عَلَيْهَا الْعَمَلَ بِمَا يُقَرِّبُهَا إلَى رِضَاك وَاجْعَلْهَا مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِك وَسُكَّانِ جَنَّتِك، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسِيرُوا) أَيْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَى طُلُوعِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَإِذَا بَلَغُوا بَطْنَ مُحَسِّرٍ وَهُوَ أَعْنِي مُحَسِّرًا مَا بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَبَطْنُهُ مَسِيلٌ فِيهِ أَسْرَعَ الْمَاشِي جَهْدَهُ وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ كَذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ حَتَّى يَقْطَعَ عَرْضَ ذَلِكَ الْمَسِيلِ وَهُوَ قَدْرُ رِمْيَةِ حَجَرٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَحِكْمَتُهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ أُهْلِكُوا ثَمَّ عَلَى قَوْلٍ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ وَإِنَّمَا أُهْلِكُوا قُرْبَ أَوَّلِهِ أَوْ أَنَّ رَجُلًا اصْطَادَ فَنَزَلَتْ نَارٌ حَرَقَتْهُ وَمِنْ ثَمَّ تُسَمِّيهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَادِي النَّارِ فَهُوَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ نُزُولِ الْعَذَابِ كَدِيَارِ ثَمُودَ الَّتِي صَحَّ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمَارِّينَ بِهَا أَنْ يُسْرِعُوا لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ أَهْلَهَا وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي الْإِسْرَاعُ فِيهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا أَوْ أَنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ ثَمَّ فَأُمِرْنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: رِمْيَةِ حَجَرٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ هَيْئَةِ رَمْيِهِ مِنْ انْتِهَاءِ بُعْدِهِ وَالْفَتْحُ لَا يُنَاسِبُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي) فَإِذَا قَطَعُوهُ سَارُوا بِسَكِينَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَيَدْخُلُوا مِنًى وَحْدَهَا طُولًا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهِيَ شِعْبٌ طُولُهُ نَحْوُ مِيلَيْنِ وَعَرْضُهُ يَسِيرٌ وَالْجِبَالُ الْمُحِيطَةُ بِهِ مَا أَقْبَلَ مِنْهَا عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مِنًى وَمَا أَدْبَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ مِنْ مِنًى وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ وَجَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فِي آخِرِ مِنًى مِمَّا يَلِي مَكَّةَ وَلَيْسَتْ الْعَقَبَةُ الَّتِي تُنْسَبُ إلَيْهَا الْجَمْرَةُ مِنْ مِنًى وَهِيَ الَّتِي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ عِنْدَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ اهـ. إيضَاحٌ، لَكِنَّ الْمُشَاهَدَ الْآنَ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ مَسْجِدَ الْعَقَبَةِ الَّذِي وُضِعَ فِي مَكَانِ الْمُبَايَعَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمْرَة الْعَقَبَةِ نَحْوُ نِصْفِ مِيلٍ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَارْتِفَاعِهَا كَرُمْحٍ وَهَذَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَى الزَّوَالِ وَيُنْدَبُ لِدَاخِلِهَا أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى قَدْ أَتَيْتهَا وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك أَسْأَلُك أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْت بِهِ عَلَى أَوْلِيَائِك اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْحِرْمَانِ وَالْمُصِيبَةِ فِي دِينِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اهـ.
فَيَرْمِي كُلٌّ) مِنْهُمْ حِينَئِذٍ (سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ نَحْوِ رَمْيٍ) مِمَّا لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَيُكَبِّرُ) بَدَلَ التَّلْبِيَةِ (مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الرَّمْيُ تَحْتَهُ مِنًى فَلَا يَبْدَأُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَيُبَادِرُ بِالرَّمْيِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ حَتَّى إنَّ السُّنَّةَ لِلرَّاكِبِ أَنْ لَا يَنْزِلَ لِلرَّمْيِ، وَالسُّنَّةُ لِلرَّامِي إلَى الْجَمْرَةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا (وَ) مَعَ (حَلْقٍ وَعَقِبَهُ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَيَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) تَقَرُّبًا
ــ
[حاشية الجمل]
بِرْمَاوِيٌّ وَمَنْ وَصَلَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ هَلْ يَغْلِبُ كَوْنُ الرَّمْيِ تَحْتَهُ فَيَرْمِي أَوْ يُرَاعِي الْوَقْتَ الْفَاضِلَ فَيُؤَخِّرُ إلَيْهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الضَّعَفَةِ الثَّانِي اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَيَرْمِي كُلٌّ إلَخْ) السُّنَّةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الْمَنْصُوبَاتِ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْفَوْرِيَّةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ الْفَاءِ وَإِلَّا فَالرَّمْيُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاجِبٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِي غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي أَعْلَى الْجَبَلِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ يَفْعَلُونَهُ فَيَرْجِعُونَ بِلَا رَمْيٍ مَا لَمْ يُقَلِّدُوا الْقَائِلَ بِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَجْعَلَ مَكَّةَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَيَسْتَقْبِلَهَا حَالَةَ الرَّمْيِ لِلِاتِّبَاعِ وَيَخْتَصُّ هَذَا بِيَوْمِ النَّحْرِ لِتَمَيُّزِهَا فِيهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّ السُّنَّةَ اسْتِقْبَالُهُ لِلْقِبْلَةِ فِي رَمْيِ الْكُلِّ (تَنْبِيهٌ)
هَذِهِ الْجَمْرَةُ لَيْسَتْ مِنْ مِنًى بَلْ وَلَا عَقَبَتُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ خِلَافًا لِجَمْعٍ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَقِفُ الرَّامِي لِلدُّعَاءِ عِنْدَ هَذِهِ الْجَمْرَةِ، ثُمَّ بَعْدَ الرَّمْيِ يَنْصَرِفُونَ فَيَنْزِلُونَ مَوْضِعًا بِمِنًى وَالْأَفْضَلُ مِنْهَا مَنْزِلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا قَارَبَهُ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ وَمَنْزِلُهُ عليه الصلاة والسلام بِمِنًى عَنْ يَسَارِ مُصَلَّى الْإِمَامِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) وَتُسَمَّى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى أَيْضًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ) أَيْ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِإِجَابَةِ الدَّاعِي إلَى أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ وَقَدْ شَرَعَ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِمَّا لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ يَحْصُلُ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا اهـ. ع ش فَإِذَا قَدَّمَ الطَّوَافَ أَوْ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ) أَيْ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَكْرِيرِ التَّكْبِيرِ ثَلَاثًا تَبِعَ فِيهِ م ر فِي شَرْحِهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَضِيَّةُ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامُهُمْ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ رَادًّا بِهِ نَقْلَ الْمَاوَرْدِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَكْرِيرَةَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مَعَ تَوَالِي كَلِمَاتٍ بَيْنَهَا انْتَهَتْ.
1 -
(قَوْلُهُ: مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ) وَيَرْمِي بِالْيَمِينِ وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فَلَا يَرْفَعَانِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ حَلْقٍ وَعَقِبَهُ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ أَخْطَأْت فِي حَلْقِ رَأْسِي فِي خَمْسَةِ أَحْكَامٍ عَلَّمَنِيهَا حَجَّامٌ وَذَلِكَ أَنِّي أَتَيْت إلَى حَجَّامٍ بِمِنًى فَقُلْت لَهُ بِكَمْ تَحْلِقُ رَأْسِي؟ فَقَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت نَعَمْ، قَالَ النُّسُكُ لَا يُشَارَطُ عَلَيْهِ قَالَ فَجَلَسْت مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي حَوِّلْ وَجْهَك إلَى الْقِبْلَةِ فَحَوَّلْته، وَأَدَرْتُهُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَقَالَ فَأَدِرْ الْيَمِينَ فَأَدَرْته فَجَعَلَ يَحْلِقُ وَأَنَا سَاكِتٌ فَقَالَ كَبِّرْ فَكَبَّرْت فَلَمَّا فَرَغْت قُمْت لِأَذْهَبَ فَقَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ امْضِ فَقُلْت لَهُ مِنْ أَيْنَ مَا أَمَرْتنِي بِهِ قَالَ رَأَيْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَفْعَلُهُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) أَيْ نَذْرًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا اهـ. حَجّ وم ر وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي الْأُولَى وَتَشْدِيدِهَا فِي الثَّانِيَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى لِمَكَّةَ وَحَرَمِهَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، لَكِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِائَةَ بَدَنَةٍ ذَبَحَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَاقِيَهَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ عُمُرِهِ الشَّرِيفِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ وَسَوْقُ الْهَدْيِ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَعْرَضَ أَكْثَرُ النَّاسِ أَوْ كُلُّهُمْ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ هَدْيُهُ مَعَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ مُشْعِرًا مُقَلِّدًا وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالنَّذْرِ وَإِذَا سَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا أَوْ مَنْذُورًا فَإِنْ كَانَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً اُسْتُحِبَّ أَنْ يُقَلِّدَهَا نَعْلَيْنِ وَلْيَكُنْ لَهُمَا قِيمَةٌ لِيَتَصَدَّقَ بِهِمَا وَأَنْ يُشْعِرَهَا أَيْضًا وَالْإِشْعَارُ الْإِعْلَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنْ يَضْرِبَ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْيُمْنَى بِحَدِيدَةٍ فِيهَا دَمٌ وَيُلَطِّخَهَا بِالدَّمِ لِيَعْلَمَ مَنْ رَآهَا أَنَّهَا هَدْيٌ فَلَا يَتَعَرَّضَ لَهَا وَإِنْ سَاقَ غَنَمًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُقَلِّدَهَا عُرَى الْقُرَبِ وَآذَانِهَا وَلَا يُقَلِّدُهَا وَلَا
(وَيَحْلِقُ) لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (أَوْ يُقَصِّرُ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَلْقِ (وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ) (
ــ
[حاشية الجمل]
يُشْعِرُهَا؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ وَيَكُونُ تَقْلِيدُ الْجَمِيعِ وَالْإِشْعَارُ وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةُ الْقِبْلَةِ وَالْبَدَنَةُ بَارِكَةٌ وَهَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ الْإِشْعَارَ عَلَى التَّقْلِيدِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُقَدِّمُ الْإِشْعَارَ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالثَّانِي وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يُقَدِّمُ التَّقْلِيدَ وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا قَرِيبٌ وَإِذَا قَلَّدَ النَّعَمَ وَأَشْعَرَهَا لَمْ تَصِرْ هَدْيًا وَاجِبًا عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ كَمَا لَوْ كَتَبَ الْوَقْفَ عَلَى بَابِ دَارِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ طَرِيقِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى وَصِفَاتُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ كَصِفَاتِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ.
(فَرْعٌ)
وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَ هَدْيِهِ وَأُضْحِيَّتِهِ بِنَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَنِيبَ رَجُلًا لِيَذْبَحَ عَنْهَا وَيَنْوِيَ عِنْدَ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ الْهَدْيِ الْمَنْذُورَيْنِ أَنَّهَا ذَبِيحَةٌ عَنْ هَدْيِهِ الْمَنْذُورِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ الْمَنْذُورَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا نَوَى التَّقَرُّبَ بِهَا وَلَوْ اسْتَنَابَ فِي ذَبْحِ هَدْيِهِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ جَازَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهَا صَاحِبُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ مُسْلِمًا ذَكَرًا فَإِنْ اسْتَنَابَ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ امْرَأَةً صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَوْلَى مِنْ الْكَافِرِ وَيَنْوِي صَاحِبُ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ عِنْدَ ذَبْحِهِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَى الْوَكِيلِ النِّيَّةَ أَيْضًا جَازَ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، بَلْ يَنْوِي صَاحِبُهَا عِنْدَ دَفْعِهَا إلَيْهِ أَوْ عِنْدَ ذَبْحِهِ.
(فَرْعٌ)
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا وَشَحْمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَائِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهَا وَالِادِّخَارُ مِنْ شَحْمِهَا وَبَعْضِ لَحْمِهَا لِلْأَكْلِ وَالْهَدِيَّةِ.
(فَرْعٌ)
فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِمَا وَالْمَنْذُورَيْنِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إذَا مَضَى قَدْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَمْ لَمْ يُصَلِّ وَسَوَاءٌ أَصَلَّى الْمُضَحِّي أَمْ لَمْ يُصَلِّ وَيَبْقَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَجُوزُ فِي اللَّيْلِ، لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ عَقِيبَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ أَوْ الْهَدْيُ مَنْذُورَيْنِ لَزِمَهُ ذَبْحُهُمَا وَإِنْ كَانَا تَطَوُّعًا فَقَدْ فَاتَ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَمَّا الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَجِّ بِسَبَبِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَوْ اللُّبْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَحْظُورٍ أَوْ تَرْكِ مَأْمُورٍ فَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ وُجُوبِهَا بِوُجُودِ سَبَبِهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَلَا غَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِيمَا يَجِبُ مِنْهَا فِي الْحَجِّ أَنْ يَذْبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ.
(فَرْعٌ)
لَوْ عَطِبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَأَكْلٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ وَإِذَا ذَبَحَهُ غَمَسَ النَّعْلَ الَّتِي قَلَّدَهُ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهَا سَنَامَهُ وَتَرَكَهُ لِيَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَا تَتَوَقَّفُ إبَاحَةُ الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ أَبَحْته عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُهْدِي وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ رُفْقَتِهِ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا الْفُقَرَاءِ الْأَكْلُ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ) وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ صَبَرَ إلَى إمْكَانِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا تَكْفِيهِ الْفِدْيَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ) وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ وَيَكْفِيهِ عَنْ النَّذْرِ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَأَكْثَرَ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْتِيعَابِ رَأْسِهِ فَيَلْزَمُهُ اسْتِيعَابُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ النَّذْرِ مَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَإِحْرَاقٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دَمٌ كَنَذْرِ الْمَشْيِ، وَقَوْلُهُ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُمَا لَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ التَّقْصِيرَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلْمُقَصِّرَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَهُوَ كَنَذْرِ الْمَشْيِ اهـ. حَجّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ انْضَمَّ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا كَوْنُهُ شِعَارَ النِّسَاءِ عُرْفًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَشْيِ اهـ حَجّ. قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ أَيْ وَلَمْ يَجُزْ الْقَصُّ أَيْ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَلْقًا، قَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا هَلْ يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ الْمُسْتَخْلَفِ تَدَارُكًا الْتَزَمَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ أَنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لَكِنْ لَزِمَهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ دَمٌ إلَخْ اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ نَحْوَ الْإِحْرَاقِ أَوْ النَّتْفِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ وَيُجْزِيهِ نَحْوُ الْحَلْقِ وَمَا لَوْ نَذَرَ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ يُقَالُ كَرَاهَتُهُ
وَالتَّقْصِيرُ) أَفْضَلُ (لِغَيْرِهِ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى، قَالَ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] إذْ الْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَفْضَلِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَذِكْرُ حُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ إزَالَةُ الشَّعْرِ فِي وَقْتِهِ وَهِيَ نُسُكٌ لَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ هُنَا وَمِنْ عَدِّهِ رُكْنًا فِيمَا يَأْتِي وَيَدُلُّ لَهُ الدُّعَاءُ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ)
يُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ (ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
لِخَارِجٍ فَلَا تَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. سم عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّقْصِيرُ لِغَيْرِهِ) فَسَّرَهُ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ كَفُّ الشَّعْرِ وَالْقَصُّ الْأَخْذُ مِنْ الشَّعْرِ بِالْمِقَصِّ أَيْ الْمِقْرَاضِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ تَأْكِيدًا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّقْصِيرَ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي كَلَامِهِمْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الشَّعْرِ بِمِقَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى كَوْنُ التَّقْصِيرِ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أُنْثَى) أَيْ وَلَوْ صَغِيرَةً وَاسْتِثْنَاءُ الْإِسْنَوِيِّ لَهَا غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إذْ لَا يُشْرَعُ الْحَلْقُ لِأُنْثَى مُطْلَقًا إلَّا يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهَا لِلتَّصَدُّقِ بِوَزْنِهِ وَإِلَّا لِتَدَاوٍ أَوْ اسْتِخْفَاءٍ مِنْ فَاسِقٍ يُرِيدُ سُوءً بِهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحَلْقُ، بَلْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِحُرْمَتِهِ عَلَى زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَيُنْدَبُ لَهَا أَنْ تَعُمَّ الرَّأْسَ بِالتَّقْصِيرِ وَأَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا الذَّوَائِبَ؛ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِهَا يَشِينُهَا اهـ. حَجّ وَقَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءُ الْإِسْنَوِيِّ لَهَا غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ فَلَوْ مَنَعَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْحَلْقِ حَرُمَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْنَعْ وَلَمْ يَأْذَنْ كَمَا بَحَثَ أَيْضًا قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَزِمَ مِنْهُ فَوَاتُ تَمَتُّعٍ أَوْ نَقْصِ قِيمَةٍ وَإِلَّا فَالْإِذْنُ لَهَا فِي النُّسُكِ إذْنٌ فِي فِعْلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا وَيَرِدُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ يُنَزَّلُ عَلَى حَالَةِ نَفْيِ النَّهْيِ، وَالْحَلْقُ فِي حَقِّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُزَوَّجَةِ إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ وَكَانَ فِيهِ فَوَاتُ اسْتِمْتَاعٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يَنْبَغِي الْحُرْمَةُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَمْنَعْ وَكَانَ فِيهِ فَوَاتُ اسْتِمْتَاعٍ اهـ. ر وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِمَنْعِ الْوَالِدِ لَهَا وَفِيهِ وَقْفُهُ، بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَقْتَضِيَ نَهْيُهُ مَصْلَحَتَهَا اهـ. سم عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ إذْ الْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ) أَيْ وَالْقُرْآنُ نَزَلَ عَلَى لُغَتِهِمْ وَبُدِئَ فِيهِ بِالْحَلْقِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّقْصِيرُ أَفْضَلُ لِغَيْرِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: انَمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ) لَمْ يَقُلْ إنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِيرُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِضْمَارِ إذَا كَانَ الضَّمِيرُ وَمَرْجِعُهُ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الضَّمِيرَ وَمَرْجِعَهُ فِي جُمْلَتَيْنِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهِ) نَعْتٌ لِلشَّعْرِ، وَالضَّمِيرُ لِلْإِحْرَامِ أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ الْكَائِنِ فِي وَقْتِ الْإِحْرَامِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِأَنْ وُجِدَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ التَّحَلُّلِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ بِأَنْ وُجِدَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ التَّحَلُّلِ خَرَجَ مَا وُجِدَ بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِمَا نَبَتَ بَعْدُ، قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِهِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ مَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ انْتِظَارُ إنْبَاتِهِ، بَلْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَلْقُ مَا نَبَتَ إذْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِحْرَامُ اهـ.
وَقَوْلُهُ: بَلْ لَا يَجِبُ إلَخْ قَدْ يُفْهَمُ الِاسْتِحْبَابُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَمَّنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ نُسُكٌ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْحَلْقُ نُسُكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ إذْ هُوَ لِلذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ، وَالتَّفْضِيلُ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ الْمُبَاحَاتِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ رُكْنٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ وَاجِبٌ وَالثَّانِي هُوَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فِي الْإِحْرَامِ فَلَمْ يَكُنْ نُسُكًا كَلُبْسِ الْمَخِيطِ انْتَهَتْ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا نُسُكٌ كَانَ لَهَا دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَطَوَافُ الرُّكْنِ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ وَيَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَهُمَا الرَّمْيُ وَالطَّوَافُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ هُنَاكَ اهـ. وَعِبَارَتُهُ وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ هُنَا) أَيْ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ لَا فِي اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَيُثَابُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْإِزَالَةِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ نُسُكٌ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ غَالِبًا وَخَرَجَ بِغَالِبًا الْمُتَمَتِّعُ فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي الْإِمْلَاءِ إنْ لَمْ يَسْوَدَّ رَأْسَهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَعْرٌ يُزَالُ وَإِلَّا فَالْحَلْقُ وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ وَأَخَّرَ الْعُمْرَةَ فَإِنْ كَانَ لَا يَسْوَدُّ رَأْسَهُ عِنْدَهَا قَصَّرَ فِي الْحَجِّ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ رُكْنِ التَّقْصِيرِ فِيهِ وَالْحَلْقِ فِيهَا إذْ لَوْ عَكَسَ فَاتَهُ الرُّكْنُ فِيهَا مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْوَدُّ فِيهَا حَلَقَ فِيهِمَا وَلَمْ يَحْلِقْ بَعْضَ الرَّأْسِ الْوَاحِدِ فِي أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهِ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَزَعِ الْمَكْرُوهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ) أَيْ إنْ كَانَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثٌ فَأَكْثَرَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ شَعْرَةٌ أَوْ شَعْرَتَانِ فَقَطْ كَانَ الرُّكْنُ فِي حَقِّهِ إزَالَةَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ
أَيْ إزَالَتُهَا (مِنْ) شَعْرِ (رَأْسٍ) وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً عَنْهُ أَوْ مُتَفَرِّقَةً لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرَهَا، وَقَوْلِي مِنْ رَأْسٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ (وَيَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَطُوفُ لِلرُّكْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الرُّكْنِ يُسَمَّى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَخْذُ شَعْرَةٍ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) أَيْ أَوْ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ اهـ. ابْنُ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ إزَالَتُهَا) بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْإِضْمَارِ لِصِحَّةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِعْلٌ وَلَيْسَ هُوَ الثَّلَاثَ فَالْمُرَادُ الْإِزَالَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرِ رَأْسٍ) فَلَا يُجْزِئُ شَعْرُ غَيْرِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَيْضًا لِوُرُودِ لَفْظِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فِيهِ وَاخْتِصَاصُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَادَةً بِشَعْرِ الرَّأْسِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُسْتَرْسَلَ عَنْهُ وَمَا لَوْ أَخَذَهَا مُتَفَرِّقَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ نَعَمْ يَزُولُ بِالتَّفْرِيقِ الْفَضِيلَةُ وَالْأَحْوَطُ تَوَالِيهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِمُسَمَّى الْجَمْعِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَتَسْمِيَتُهُ جَمْعًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَإِلَّا فَهُوَ اصْطِلَاحًا اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا» ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ أَقَلِّ مُسَمَّى اسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الْمُقَدَّرِ فِي {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرَ رُءُوسِكُمْ إذْ هِيَ لَا تُحْلَقُ وَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ ثَلَاثًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ إلَخْ انْتَهَتْ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَدَّهُمْ أَرْكَانَ الْحَجِّ فِيمَا سَيَأْتِي سِتَّةً مَخْصُوصٌ بِمَنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ إمَّا غَيْرُهُ فَهِيَ فِي حَقِّهِ خَمْسَةٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) أَيْ أَوْ بِبَعْضِهِ بِأَنْ حَلَقَ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ قَدْ حَلَقَ وَاعْتَمَرَ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا مَثَّلَهُ الْعِمْرَانِيُّ. اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَعْضِ رَأْسِهِ شَعْرٌ سُنَّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي أَيْ سَوَاءٌ حَلَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ أَمْ قَصَّرَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِلتَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَيْ إذْ هُوَ كَمَا يَكُونُ فِي الْكُلِّ يَكُونُ فِي الْبَعْضِ وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ أَصْلٍ وَبَدَلٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِاخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِمْرَارَ لَيْسَ بَدَلًا وَإِلَّا لَوَجَبَ فِي الْبَعْضِ حَيْثُ لَا شَعْرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنَّهُ يُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ رَأْسِهِ انْتَهَتْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَوْ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِئَلَّا يَخْلُوَ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَيْضًا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقَصِّرِ مَا ذُكِرَ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَصَّ أَظْفَارَهُ» أَيْ فَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ أَيْضًا وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ فَقْدِ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِالرَّأْسِ وَهُنَا بِشَعْرِهِ وَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ الْبُدَاءَةُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبُهُ بِالْحَلْقِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمَحْلُوقُ الْقِبْلَةَ وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ لَا سِيَّمَا الْحَسَنَ لِئَلَّا يُؤْخَذَ لِلْوَصْلِ وَأَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ كَمَالِ الرَّمْيِ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرَ التَّكْبِيرِ وَالرَّمْيِ وَأَنْ يَبْلُغَ بِالْحَلْقِ إلَى الْعَظْمَيْنِ مِنْ الْأَصْدَاغِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْبَتُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ ظُفُرِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ اللَّهُمَّ آتِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً وَامْحُ عَنِّي بِهَا سَيِّئَةً وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً وَاغْفِرْ لِي وَلِلْمُحَلِّقَيْنِ وَالْمُقَصِّرِينَ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ أَيْ أَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ لِلْحَالِقِ أُجْرَةً مَعْلُومَةً.
وَعِبَارَةُ حَجّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ابْتِدَاءً مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا زَادَهُ لَا أَنَّهُ يَسْكُتُ إلَى فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ نِزَاعٌ إذَا لَمْ يَرْضَ الْحَلَّاقُ بِمَا يُعْطِيهِ لَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(فَائِدَةٌ)
صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ رَأْسَهُ الْمُقَدَّسَ وَقَسَمَ شَعْرَهُ فَأَعْطَى نِصْفَهُ النَّاسَ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ وَأَعْطَى نِصْفَهُ الْبَاقِيَ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ» وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَتَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ النَّبْلِ وَكَانَ يَتَطَاوَلُ بِصَدْرِهِ لِيَقِيَهُ وَيَقُولُ نَحْرِي دُونَ نَحْرِك وَنَفْسِي دُونَ نَفْسِك وَاَلَّذِي حَلَقَ رَأْسَهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيُّ وَاَلَّذِي حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ وَصَحَّ أَنَّهُ «دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً» اهـ.
مِنْ هَوَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ م ر وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ إمْرَارِ آلَةِ الْقَصِّ فِيمَنْ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ التَّقْصِيرُ تَشْبِيهًا بِالْمُقَصِّرِينَ، قَالَهُ الشَّيْخُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ) مُوسًى بِالتَّنْوِينِ
وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ وَطَوَافَ الْفَرْضِ وَطَوَافَ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ (فَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ (فَيَعُودُ إلَى مِنًى) لِيَبِيتَ بِهَا.
(وَسُنَّ تَرْتِيبُ أَعْمَالِ) يَوْمِ (نَحْرٍ) بِلَيْلَتِهِ مِنْ رَمْيٍ وَذَبْحٍ وَحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ وَطَوَافٍ (كَمَا ذَكَرَ) وَلَا يَجِبُ، رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمَئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا لَا الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ تَقَرُّبًا (بِنِصْفِ لَيْلَةِ نَحْرٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَهُ) رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَفَاضَتْ وَقِيسَ بِذَلِكَ الْبَاقِي مِنْهَا» (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ الِاخْتِيَارِيِّ)(إلَى آخِرِ يَوْمِهِ) أَيْ النَّحْرِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت قَالَ لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الِاخْتِيَارِيَّ وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ بِالرَّمْيِ يَوْمَ النَّحْرِ يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَيَكُونُ لِرَمْيِهِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ جَوَازٍ (وَلَا آخِرَ لِوَقْتِ الْحَلْقِ) أَوْ التَّقْصِيرِ (وَالطَّوَافُ) الْمَتْبُوعُ بِالسَّعْيِ
ــ
[حاشية الجمل]
كَفَتًى إذَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ بِخِلَافِ الْعَلَمِ فَإِنَّهُ بِالْأَلِفِ وَيُمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ أَوْسَى رَأْسَهُ حَلَقَهُ وَالْمُوسَى مَا يُحْلَقُ بِهِ قَالَ الْفَاءُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَالَ الْأُمَوِيُّ هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ وَقَالَ أَبُو عَبِيدٍ لَمْ يُسْمَعْ التَّذْكِيرُ فِيهِ إلَّا مِنْ الْأُمَوِيِّ وَمُوسَى اسْمٌ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَهُوَ مُفْعِلٌ بِدَلِيلِ انْصِرَافِهِ فِي النَّكِرَةِ وَفُعْلَى لَا يَنْصَرِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلِأَنَّ مُفْعِلًا أَكْثَرُ مِنْ فُعْلَى؛ لِأَنَّهُ يُبْنَى مِنْ كُلِّ أَفَعَلَتْ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُوَ فُعْلَى وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ مُوسَوِيُّ وَمُوسَى وَأَوْسَاهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِي أَأُسَاهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ مِنْ مِنًى لِزِيَارَةِ الْبَيْتِ وَيَرْجِعُونَ حَالًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَيَعُودُ إلَى مِنًى) أَيْ وُجُوبًا فَهُوَ بِالرَّفْعِ اهـ. شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ النَّصْبُ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ فِي ذَاتِهِ وَاجِبًا كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَتَكُونُ السُّنِّيَّةُ مِنْ حَيْثُ فَوْرِيَّةُ الْعَوْدِ إلَى مِنًى الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْفَاءِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى بِحَيْثُ يُدْرِكُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ حَيْثُ يُصَلِّيهَا بِهَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَهِيَ بِهَا أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنْ فَاتَتْهُ مُضَاعَفَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي فَضِيلَةِ الِاتِّبَاعِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ» مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ إشْكَالٌ بَيَّنْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّاهَا بِهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا، ثُمَّ ثَانِيًا بِمِنًى إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّتَيْنِ، وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ «أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَ طَوَافَ نِسَائِهِ وَذَهَبَ مَعَهُنَّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ) ذِكْرُهُ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِمَّا قَبْلَهُ تَوْطِئَةً لِلِاسْتِدْلَالِ الَّذِي سَاقَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْتِجُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لَا النَّدْبُ الَّذِي هُوَ مُدَّعَى الْمَتْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ بِالْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَخْ) وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَى بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بِنِصْفِ لَيْلَةِ نَحْرٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْغَلَطِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ وَقَفَ) أَيْ بِعَرَفَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَ يَتَأَخَّرُ عَنْ اللَّحْظَةِ الَّتِي لَهَا؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَوْ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ بَعْدُ وَلَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ فَاتَتْ وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ التَّرْتِيبُ هُنَا رُكْنًا كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الْوُقُوفَ، ثُمَّ الطَّوَافَ وَإِزَالَةَ الشَّعْرِ، ثُمَّ الطَّوَافَ عَلَى السَّعْيِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّقَ الرَّمْيَ بِمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَهُوَ صَالِحٌ لِجَمِيعِ اللَّيْلِ وَلَا ضَابِطَ لَهُ فَجَعَلَ النِّصْفَ ضَابِطًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَلِأَذَانِ الصُّبْحِ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ بِأَمْرٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَهُ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَيْثُ قَالَ م ر وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهَا إلَى بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَانْظُرْ مَا قَبْلَهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ هَلْ هُوَ مِنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ أَوْ لَا حَرِّرْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا آخِرَ لِوَقْتِ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ يَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ وَلَوْ آخِرَ عُمُرِهِ فَضْلًا عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْوُقُوفَ مُعْظَمُ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهُ تَبَعٌ لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ كُلَّ وَقْتٍ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ مُعْظَمَ حَجِّهِ فَاتَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّحَلُّلُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا آخِرَ لِوَقْتِ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ) وَحِينَئِذٍ يَبْقَى مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُحْرِمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، نَعَمْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَعَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَشَدُّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُقَالُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوَاتِ مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ إلَى قَابِلٍ إذْ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَائِهِ وَابْتِدَاؤُهُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُسْتَفِيدٍ فِي تِلْكَ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ شَيْئًا سِوَى مَحْضِ تَعْذِيبِ نَفْسِهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَحَرُمَ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَأُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ وَأَمَّا هُنَا فَوَقْتُ مَا أَخَّرَهُ بَاقٍ فَلَا يَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ مَدَّهَا