الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ خِلَافُ ظَنِّهِمْ كَإِبِلٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ ضِعْفِهِمْ (قَضَوْا) إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَقَوْلِي لِمَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِسَوَادٍ وَقَوْلِي أَوْ أَكْثَرَ مِنْ زِيَادَتِي
(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ
(حَرُمَ عَلَى رَجُلٍ وَخُنْثَى اسْتِعْمَالُ حَرِيرٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
خِلَافُ ظَنِّهِمْ فَشَمِلَ ذَلِكَ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَصَلَاةَ عُسْفَانَ وَالْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْ خِلَافُ ظَنِّهِمْ) أَيْ أَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا وَلَكِنْ بَانَ دُونَهُ حَائِلٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ أَنَّ بِقُرْبِهِمْ حِصْنًا يُمْكِنُهُمْ التَّحَصُّنُ بِهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ شَكُّوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِنَا أَوْ دَارِ الْحَرْبِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَوْ ضِعْفِهِمْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِقِسْمَيْهَا لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِنَا وَكَذَا صَلَاةُ عُسْفَانَ وَصَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ جَوَازِهِمَا فِي الْأَمْنِ فَلْيُحَرَّرْ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَاوِمَ كُلُّ صَفٍّ فِيهَا الْعَدُوَّ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْمُقَاوَمَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنَّ الْكَثْرَةَ بِمَعْنَى الْمُقَاوَمَةِ شَرْطٌ لِسُنِّيَّتِهَا لَا لِصِحَّتِهَا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِسَوَادٍ) وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ ظَنُّوا كَثْرَةَ الْعَدُوِّ فَبَانَ خِلَافُهُ اهـ. ع ش وَلَمَّا خَتَمَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه هَذَا الْبَابَ بِبَيَانِ مَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَحِلُّ اقْتَدَى بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْأَكْثَرِينَ فَقَالَ
[فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ]
(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ اهـ. شَرْحُ م ر وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَصْلِ يُشْعِرُ بِانْدِرَاجِهِ تَحْتَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ لُبْسُ الْحَرِيرِ فِي حَالِ الْقِتَالِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُغْنِي عَنْهُ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَأَمَّلْ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَذَكَرَهُ هُنَا الْأَكْثَرُونَ اقْتِدَاءً بِالشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَكَانَ وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ أَنَّ الْمُقَاتِلِينَ كَثِيرًا مَا يَحْتَاجُونَ لِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالنَّجَسِ لِلْبَرْدِ وَالْقِتَالِ وَذَكَرَهُ جَمْعٌ فِي الْعِيدِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ فِي اللِّبَاسِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَلَابِسُ وَالْمُخَالِطُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِفُرُشٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ اسْتِصْبَاحٌ بِدُهْنٍ نَجَسٍ. اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَى رَجُلٍ وَخُنْثَى إلَخْ) وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ مِنْ الْكَبَائِرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَوَجَّهَ الْإِمَامُ تَحْرِيمَهُ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءِ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأُمِّ مِنْ كَرَاهَةِ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرَّجُلِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ زِيَّهُنَّ وَحْدَهُ مُقْتَضِيًا لِلتَّحْرِيمِ بَلْ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ حُرْمَةُ التَّشْبِيهِ بِهِنَّ كَعَكْسِهِ وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يُحَرِّمُ التَّشْبِيهَ بِهِنَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ وَهَيْئَتِهِ أَوْ غَالِبًا فِي زِيِّهِنَّ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ لُبْسِ الْبُشُوتِ وَحَمْلِ السِّكِّينِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالرِّجَالِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اخْتَصَّتْ النِّسَاءُ أَوْ غَلَبَ فِيهِنَّ زِيٌّ مَخْصُوصٌ فِي إقْلِيمٍ وَغَلَبَ فِي غَيْرِهِ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِذَلِكَ الزِّيِّ كَمَا قِيلَ إنَّ نِسَاءَ قُرَى الشَّامِ يَتَزَيَّنَّ بِزِيِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْحَصَادَ وَالزِّرَاعَةَ وَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَهَلْ يَثْبُتُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِهِ أَوْ يَنْظُرُ لِأَكْثَرِ الْبِلَادِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَعِبَارَتُهُ وَمَا أَفَادَهُ أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِعُرْفِ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَسَنٌ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ بِمِصْرَ الْآنَ مِنْ لُبْسِ قِطْعَةِ شَاشٍ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مُخْتَصًّا بِالرِّجَالِ وَلَا غَالِبًا فِيهِمْ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ لِبَاسِهِنَّ لَيْلَةَ جَلَائِهِنَّ عِمَامَةَ رَجُلٍ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْحُرْمَةُ لِأَنَّ هَذَا الزِّيَّ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا حَرُمَ عَلَى رَجُلٍ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا فِيهِ فَكَمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَاعْتَمَدَ. م ر جَوَازُ جَعْلِ خَيْطِ السُّبْحَةِ مِنْ حَرِيرٍ وَكَذَا شِرَابَتُهَا تَبَعًا لِخَيْطِهَا وَقَالَ يَنْبَغِي جَوَازُ نَحْوِ خَيْطِ الْمِفْتَاحِ حَرِيرًا لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَمْسَكَ وَأَقْوَى مِنْ الْغَزْلِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا شِرَابَتُهَا أَيْ الَّتِي هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِطَرَفِ خَيْطِهَا أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا يَفْصِلُ بِهِ بَيْنَ حَبِّ السُّبْحَةِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطٍ نَحْوَ خَيْطِ الْمِفْتَاحِ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَيْطُ السِّكِّينِ مِنْ الْحَرِيرِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَاحَظَ الزِّينَةَ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ اسْتِعْمَالُ حَرِيرٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَائِلٍ أَمَّا بِهِ فَلَا يَحْرُمُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَالْحَائِلُ إنْ كَانَ عَلَى الْفُرُشِ كَفَى فِي دَفْعِ الْحُرْمَةِ وَلَوْ بِدُونِ خِيَاطَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الْغِطَاءِ فَلَا يَكْفِي فِي دَفْعِ الْحُرْمَةِ إلَّا إنْ خِيطَ عَلَيْهِ كَلِحَافِ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّغَطِّي بِهِ إلَّا إنْ غَطَّاهُ بِغِطَاءٍ وَخَاطَهُ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرُشِ بِأَنَّ الْحَائِلَ فِيهِ أَيْ الْفُرُشِ يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ عُرْفًا بِخِلَافِ هَذَا اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِاسْتِعْمَالِهِ اتِّخَاذُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّرْحِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنَاءِ مَعَ أَنَّ الِاتِّخَاذَ هُنَا يَجُرُّ لِلِاسْتِعْمَالِ ضِيقَ النَّقْدَيْنِ فِي اتِّخَاذِ الْإِنَاءِ دُونَ الْحَرِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ اط ف وَفَصَلَ الزِّيَادِيُّ فِي الِاتِّخَاذِ فَقَالَ إنْ كَانَ اتِّخَاذُهُ لِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ حُرِّمَ وَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ أَوْ إعَادَتِهِ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا يَحْرُمُ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا
(فَرْعٌ) مِثْلُ الْحَرِيرِ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَصْنُوعِ بِالزَّعْفَرَانِ إذَا كَثُرَ أَمَّا الْمُعَصْفَرُ فَمَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ وَهَلْ يُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ حَيْثُ قَلَّ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَمِثْلُ الْمُعَصْفَرِ فِي عَدَمِ حُرْمَتِهِ الْوَرْسُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ إلْحَاقَهُ بِالْمُزَعْفَرِ اهـ. وَفِي حَجّ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتِهِ» وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ ابْنَ عَوْفٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى ثِيَابِهِ صَبْغُ زَعْفَرَانٍ» قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَاسْتُشْكِلَ كُلُّ هَذَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَعْفَرِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ كَانَ يَسِيرًا فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلِقَ ثَوْبُهُ مِنْ ثَوْبِ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُهُ لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ اهـ. وَبِهَامِشِهِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى حَجّ الْهَيْتَمِيِّ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ «عَنْ جَعْفَرٍ رضي الله عنه قَالَ رَأَيْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِزَعْفَرَانٍ رِدَاءً وَعِمَامَةً» وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حَتَّى الْعِمَامَةِ» وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَصْفَرُ وَعِمَامَةٌ صَفْرَاءُ» وَالطَّبَرَانِيُّ «كَانَ أَحَبُّ الصَّبْغَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّفْرَةَ» اهـ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَاوِي الْفَتَاوَى لِلسُّيُوطِيِّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ حَرِيرٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوجًا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ الْحُرْمَةِ خَيْطَ السُّبْحَةِ وَلَيْقَةَ الدَّوَاةِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَرَقِ الْحَرِيرِ فِي الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْحَرِيرِ وَرَقًا يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لُبْسُ ثَوْبٍ خِيطَ بِهِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَيْقَةُ الدَّوَاةِ لِاسْتِتَارِهَا بِالْحِبْرِ كَإِنَاءِ نَقْدٍ غَشَّى بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ مِنْ التَّطْرِيفِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ الَّذِي يُنَظَّمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ الْكِيزَانِ مِنْ الْعَنْبَرِ وَالصَّنْدَلِ وَنَحْوِهِمَا وَالْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةَ بَلْ أَوْلَى بِالْحِلِّ وَجَوَّزَ الْفُورَانِيُّ لِلرَّجُلِ مِنْهُ كِيسَ الْمُصْحَفِ أَمَّا كِيسُ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ مِنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ أَنَّ الرَّاجِحَ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لُبْسُ خُلْعِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُلُوكِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ وَلَا لِبَاسَ عُمَرَ سُرَاقَةَ سِوَارَيْ كِسْرَى وَجَعَلَ التَّاجَ أَيْ تَاجَ كِسْرَى عَلَى رَأْسِهِ وَإِذَا جَاءَتْ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فَالْحَرِيرُ أَوْلَى.
ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ مَا فِي مُخَالَفَةِ ذَلِكَ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا كِتَابَةِ الصَّدَاقِ فِيهِ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَلَيْسَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَارْتَضَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَلَا اتِّخَاذُهُ بِلَا لُبْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ لَكِنَّ إثْمَهُ دُونَ إثْمِ اللُّبْسِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قِيَاسُ إنَاءِ النَّقْدِ لَكِنْ كَلَامُهُمْ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ فَلَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الْفِتْنَةِ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا لُبْسَ دِرْعٍ نُسِجَ بِقَلِيلِ
وَلَوْ قَزًّا بِفَرْشٍ
ــ
[حاشية الجمل]
ذَهَبٍ أَوْ زِرٍّ بِأَزْرَارِهِ أَوْ خِيطَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِإِثْمِ مَنْ يُفَصِّلُ لِلرِّجَالِ الْكِسْوِيَّاتِ الْحَرِيرَ وَالْأَقْمَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ وَيَبِيعُهُ لَهُمْ أَوْ يَخِيطُهُ أَوْ يَنْسِجُهُ لَهُمْ أَوْ يَصُوغُ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ اهـ. بِالْحَرْفِ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مَثَلًا هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُ ذَلِكَ فَهُوَ يَحْرُمُ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمِلَةٌ لَهُ فِيمَا لَيْسَ لُبْسًا لَهَا وَلَا افْتِرَاشًا لَهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إنَّمَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِخِدْمَةِ الرَّجُلِ لَا لِنَفْسِهَا.
وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ مَا فِي مُخَالَفَةِ ذَلِكَ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِلْبَاسُ مِنْ الْمُلُوكِ حَرَامًا وَلَا يُعَارِضُهُ فِعْلُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ لِغَرَضٍ كَتَحْقِيقِ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم لِسُرَاقَةَ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ لِلْمَرْأَةِ أَيْ لِأَجْلِهَا لِكَوْنِهَا هِيَ الطَّالِبَةُ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْحِ الْحُرْمَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْكَاتِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ كِتَابَةُ الرَّجُلِ لَا الْمَرْأَةِ قَطْعًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ الصَّدَاقَ فِيهِ وَلَوْ مَرْأَةً لِأَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ حَالَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْكَاتِبُ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي اهـ. وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كِتَابَةِ الرَّجُلِ فَتَحْرُمُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَبَيْنَ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ فَتَجُوزُ وَلَوْ لِرَجُلٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّرْحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا كِتَابَةَ الصَّدَاقِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْكَاتِبُ هُوَ الرَّجُلُ وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْقُهُ بَيْنَ الْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ اسْتِعْمَالٌ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ جَوَّزَ م ر بَحْثًا نَقْشَ الْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ وَالْكِتَابَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ لِلزِّينَةِ وَبَحَثَ أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهَا عَلَى ثَوْبِهَا الْحَرِيرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ جَازَ فِعْلُهَا لِرَجُلٍ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(فَرْعٌ) قَدْ يُسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرَّجُلِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي التَّعَلُّقِ بِهِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ فِي الْحَرِيرِ إذَا ظَنَّ بِأَخْبَارِ الثِّقَةِ أَوْ اشْتِهَارِ نَفْعِهِ لِدَفْعِ صُدَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَنَحْوِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُهُ تِكَّةَ اللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ ز ي الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ أَقُولُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى خَيَّاطِ الْمِفْتَاحِ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ مِنْ الْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا جَوَازُ خَيْطِ الْمِيزَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِاحْتِيَاجِهَا كَثِيرًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَزًّا) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُ كَمَدِّ اللَّوْنِ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ الزِّينَةِ وَهُوَ مَا قَطَعَتْهُ الدُّودَةُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً وَالْحَرِيرُ مَا يَحِلُّ عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ بِفُرُشٍ) أَيْ لِنَحْوِ جُلُوسِهِ أَوْ قِيَامِهِ لَا مَشْيِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ بِمُفَارَقَتِهِ لَهُ حَالًا لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا اهـ. حَجّ كَشَيْخُنَا وَانْظُرْ الْمُفَارَقَةَ هَلْ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا تَرَدُّدٌ أَوْ لَا كَمَا يَحْرُمُ تَرَدُّدُ الْجُنُبِ بِالْمَسْجِدِ فَقَدْ أُلْحِقَ ثَمَّ بِالْمُكْثِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَغْرِفُ بَيْنَهُمَا بِهَتْكِ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ حَالَ التَّرَدُّدِ مَعَ الْجِنَايَةِ وَلَا كَذَلِكَ التَّرَدُّدُ هُنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ تَأَمَّلْ اهـ. اط ف فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ أَوْ خُنْثَى عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَلَوْ خَفِيفًا مُهَلْهَلَ النَّسْجِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَجَلَسَ فَوْقَهُ جَازَ كَمَا يَجُوزُ جُلُوسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ بِحَيْثُ لَا يُلَاقِي شَيْئًا مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثِيَابِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ وَنَحْوِهَا أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ اهـ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حِلُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ مُجَوَّزَةِ بِطَانَتِهَا حَرِيرٍ وَظِهَارَتِهَا صُوفٍ وَخِيَاطَةُ الْمُجْمَعِ عَلَى الْبِطَانَةِ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ
(فَرْعٌ) لِحَافٌ ظِهَارَتُهُ دُونَ بِطَانَتِهِ حَرِيرٌ فَتَغَطَّى بِهِ وَجَعَلَ الظِّهَارَةَ إلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ وَسَتَرَ الظِّهَارَةَ بِمُلَاءَةٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ لِلْمُلَاءَةِ فِي الظِّهَارَةِ حُرِّمَا وِفَاقًا ل م ر لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ وَوَضْعُ الْمُلَاءَةِ فَوْقَ الظِّهَارَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَمَا لَوْ لَبِسَ جُبَّةً ظِهَارَتُهَا حَرِيرٌ وَلَبِسَ فَوْقَهَا قَمِيصًا مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَ حَرِيرٍ بَيْنَ ثَوْبَيْ كَتَّانٍ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِفُرُشٍ) أَيْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
بِلَا بِحَائِلٍ وَلَوْ مُهَلْهَلَ النَّسْجِ فَيَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُمَاسَّ الْحَرِيرَ مِنْ بَيْنِ الْفَرْجِ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا افْتَرَشَهُ وَلَوْ حَصِيرًا اتَّخَذَهَا مِنْ حَرِيرٍ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ اهـ. م ر وَاعْتَمَدَ كَوَالِدِهِ أَنَّ نَحْوَ النَّامُوسِيَّةِ الَّتِي تُنْصَبُ فِي نَحْوِ الْوَلَائِمِ مِنْ غَيْرِ فَتْحٍ لَهَا وَجُلُوسٍ دَاخِلَهَا لَا يَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَ هَوَائِهَا بِحَيْثُ لَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا بِالدُّخُولِ فِيهَا لَا بِمُجَرَّدِ الْجُلُوسِ تَحْتَ هَوَائِهَا مَنْصُوبَةً كَمَا ذُكِرَ قَالَ م ر فَإِنْ اسْتَنَدَ إلَيْهَا حُرِّمَ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ لَهَا لِأَنَّ الِاسْتِنَادَ إلَى الشَّيْءِ مِنْ جُمْلَةِ وُجُوهِ اسْتِعْمَالِهِ وَأَمَّا نَصْبُهَا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ تَزْيِينِ الْجُدْرَانِ وَسَتْرِهَا بِالْحَرِيرِ ثُمَّ إنَّ قَصْدَ نَصْبِهَا لِلنِّسَاءِ وَإِظْهَارَ تَجَمُّلِهِنَّ بِهَا لِلرِّجَالِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ قَصَدَ نَصْبَهَا لِلرِّجَالِ حُرِّمَ وَانْظُرْ وَجْهَ الْحُرْمَةِ مَعَ تَسْلِيمِ أَنَّ مُجَرَّدَ النَّصْبِ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا لِلرِّجَالِ وَلَا تَزْيِينًا لِلْجُدْرَانِ فَلْيُحَرَّرْ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّزْيِينَ فَفِيهِ سَتْرٌ لِلْجِدَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَسَتْرُ الْجِدَارِ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَجُوزُ الْجُلُوسُ تَحْتَ هَوَائِهَا إذَا لَمْ يَجْلِسْ تَحْتَهَا مَفْتُوحَةً وَتَوَقَّفَ فِيمَا لَوْ أَرْخَى نَحْوَ نَامُوسِيَّةً صَغِيرَةً عَلَى كِيزَانٍ هَلْ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ تَنَاوُلُ الْكُوزِ مِنْ تَحْتِهَا وَوَضْعُهُ تَحْتَهَا وَقَالَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعِدْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ لَا يَحْرُمَ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِ الْكُوزِ وَرَدِّهِ لِمَوْضِعِهِ وَلَوْ رُفِعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ حَرِيرٍ حُرِّمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا حَيْثُ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا أَوْ يُعَدُّ مُنْتَفِعًا بِهَا وَلَوْ جُعِلَ تَحْتَهَا مِمَّا يَلِي الْجَالِسَ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مَثَلًا مُتَّصِلَةٌ بِهَا بِأَنْ جُعِلَتْ بِطَانَةً لَهَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرُ اللِّحَافِ حَرِيرًا فَتَغَطَّى بِبَاطِنِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ كَتَّانٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ وَلَوْ رُفِعَتْ السَّحَابَةُ جِدًّا بِحَيْثُ صَارَتْ فِي الْعُلُوِّ كَالسُّقُوفِ لَمْ يَحْرُمْ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا كَمَا لَا يَحْرُمُ السَّقْفُ الْمُذْهَبُ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ مُطْلَقًا وَاسْتِدَامَتُهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّحَابَةِ فَصَارَ ظِلُّهَا غَيْرَ مُحَاذٍ لَهَا بَلْ فِي جَانِبٍ آخَرَ حَرُمَ الْجُلُوسُ فِيهِ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا كَمَا لَوْ تَبَخَّرَ بِمِبْخَرَةِ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَيْهَا كَذَا أَجَابَ م ر بِذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْمُبَاحَثَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(فَرْعٌ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ سَتْرَ تَوَابِيتِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَقُبُورِهِمْ بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ كَالتَّكْفِينِ بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ تَوَابِيتِ الصَّالِحِينَ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ الْمَيْلُ لِحُرْمَةِ سَتْرِ قُبُورِ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَوَافَقَ عَلَى جَوَازِ تَغْطِيَةِ مَحَارَةِ الْمَرْأَةِ بِالْحَرِيرِ
(فَرْعٌ) هَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ بَيْنَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَجِدَارِهَا لِنَحْوِ الدُّعَاءِ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ وَهَلْ يَجُوزُ الِالْتِصَاقُ لِسِتْرِهَا مِنْ خَارِجٍ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَم فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَرِيرٍ وَإِنْ جَوَّزْنَا جَعْلَ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا مُوَسَّعٌ فِيهَا بِخِلَافِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْفِضَّةِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ بِخِلَافِ غِطَاءِ الْفِضَّةِ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرِكِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ أَقُولُ قَدْ تُمْنَعُ الْحَاجَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُقَالُ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ خَاصًّا بِدُخُولِهِ تَحْتَ سِتْرِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ وَنَحْوَهُ مَطْلُوبٌ فِيهِ أَدْعِيَةٌ بِخُصُوصِهَا وَقَوْلُهُ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُتَّخَذُ عَلَى قَدْرِ فَمِ الْكُوزِ لِلتَّغْطِيَةِ بِخِلَافِ وَضْعِ نَحْوِ مِنْدِيلٍ مِنْ حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(فَرْعٌ) يَنْبَغِي وِفَاقًا لمر جَوَازُ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ بِخَيْطِ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ جَوَازِ جَعْلِ سِلْسِلَةِ الْفِضَّةِ لِلْكُوزِ وَمِنْ تَوَابِعِ جَوَازِ جَعْلِهَا لَهُ تَعْلِيقُهُ وَحَمْلُهُ بِهَا وَهُوَ أَخْذٌ مِنْهُ
(فَرْعٌ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ مَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ جَازَ لِلصَّبِيِّ فَيَجُوزُ إلْبَاسُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَعْلًا مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا إسْرَافَ عَادَةً
(فَرْعٌ) إذَا اتَّزَرَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَرْتَدِي بِهِ وَيَتَعَمَّمُ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الِارْتِدَاءِ وَالتَّعَمُّمِ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَانَ تَرْكُهُ يَزْرِي بِمَنْصِبِهِ فَإِنْ خَرَجَ مُتَّزِرًا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ نَظَرَ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ وَتَرْكَ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يَزْرِي بِالْمَنْصِبِ لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ مُرُوءَتُهُ بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْأَفْضَلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ انْخِلَاعًا وَتَهَاوُنًا بِالْمُرُوءَةِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ لُبْسَ الْفَقِيهِ الْقَادِرِ عَلَى التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهِ ثِيَابًا دُونَهَا فِي الصِّفَةِ وَالْهَيْئَةِ إنْ كَانَ لِهَضْمِ
وَغَيْرِهِ لِنَهْيِ الرَّجُلِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الْخُنْثَى وَذِكْرُهُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) اسْتِعْمَالُ (مَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ زِنَةٌ) تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ بِخِلَافِ مَا أَكْثَرُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُسْتَوِي مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى ثَوْبُ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَتَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِي الْأُولَى (لَا لِضَرُورَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُضِرَّيْنِ وَفَجْأَةِ حَرْبٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ بَغْتَتُهَا (وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ) وَتَعْبِيرِي بِمُضِرَّيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُهْلِكَيْنِ (أَوْ حَاجَةٍ كَجَرَبٍ) إنْ آذَاهُمَا لُبْسُ غَيْرِهِ (وَقَمْلٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ
ــ
[حاشية الجمل]
النَّفْسِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَلَّ بِهَا وَمِنْهُ مَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ مَعْرُوفٌ وَأَنَّهُ لَا يَزِيدُ مَقَامَهُ عِنْدَ النَّاسِ بِاللُّبْسِ وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُخِلًّا لِمُنَافَاتِهِ مَنْصِبَ الْفُقَهَاءِ فَكَأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِنَفْسِ الْفِقْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ وَمِنْهُ النَّامُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْجُلُوسُ فِيهَا وَالنَّوْمُ وَاسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ كَالْحَرِيرِ فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ إنْ حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأَوَانِي وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ وَأَمَّا الْفِعْلُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَيَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدْرَانِ وَنَحْوهَا بِالْحَرِيرِ كَسَتْرِ ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا الْكَعْبَةَ وَقُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدْرَانِ بِهِ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ وَالْفُرْجَةُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا وَمِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الْمَحْمَلَ الْمَشْهُورَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا تَحِلُّ الْفُرْجَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ كِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيم الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام وَكَذَا الذَّهَبُ الَّذِي عَلَى الْكِسْوَةِ وَالْبُرْقُعِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ مِنْ تَسَتُّرٍ وَتَدَثُّرٍ وَاِتِّخَاذِ سِتْرٍ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا مَشْيُهُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُ حَالًا لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا اهـ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالْمَشْيِ فَرْشُهُ لِلْمَشْيِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. رَشِيدِيٌّ
(فَرْعٌ) يُرَاجَعُ إلْبَاسُ الْحَرِيرِ لِلدَّوَابِّ وَهَلْ حُرْمَةُ سَتْرِ الْجُدْرَانِ تَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ إلْبَاسِهِ الدَّوَابَّ أَوْ يُفَرَّقُ وَالْمُتَّجَهُ الْآنَ وِفَاقًا لمر الْحُرْمَةُ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْ الْجُدْرَانِ لِأَنَّ إلْبَاسَهَا مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ الْغَرَضِ فِي لِبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ) أَيْ يَقِينًا فَلَا يَحْرُمُ الْمَشْكُوكُ فِي أَنَّهُ أَكْثَرُ أَوْ غَيْرُ أَكْثَرَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ وَصِغَرِهَا هَذَا عِنْدَ حَجّ وَخَالَفَهُ م ر فِي شَرْحِهِ فَقَالَ وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ اسْتِوَائِهِمَا حُرِّمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُضَبَّبِ إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ. اهـ. م ر وَقَوْلُهُ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْمُحَرَّمَةِ الْمُطَرَّزَةِ بِالْإِبْرَةِ حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ الْمُضَبَّبِ الْحِلَّ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي سم مَا نَصُّهُ وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّفْصِيلِ فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا فِي جَانِبٍ مِنْ الثَّوْبِ وَالْغَزْلِ خَالِصًا فِي جَانِبٍ مِنْهَا وَأَنْ يَكُونَا مَخْلُوطَيْنِ حَتَّى إذَا لَمْ يَزِدْ وَزْنُ الْحَرِيرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْرُمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَا لِضَرُورَةٍ) أَيْ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ بِلُبْسٍ وَغَيْرِهِ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ مُضِرَّيْنِ) أَيْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَفَجْأَةُ حَرْبٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْفَجْأَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا احْتَاجَ لِلْخُرُوجِ إلَى الْقِتَالِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ لُبْسُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَقِتَالٍ إلَخْ تَأَمَّلْ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُسْتَدْرَكٌ مَعَ قَوْلِهِ لَا لِضَرُورَةٍ. تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ حَاجَةٍ) قَالَ حَجّ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ قَالَ الشَّيْخُ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْحَاجَةِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَقْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ لُبْسِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْحُكْمِ بِتَحْرِيمِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ آذَاهُمَا لُبْسُ غَيْرِهِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ فَقْدِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَفْقُودٌ شَرْعًا تَأَمَّلْ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فَقْدُ مَا يُغْنِي عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر وَهَلَّا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْحَاجَةِ وَيُعْلَمُ مِنْهَا جَوَازُ لُبْسِهِ لِلضَّرُورَةِ بِالْأَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا وَيَدْخُلُ فِي الْحَاجَةِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَكَذَا فِي الْخَلْوَةِ كُلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ قَالَ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي كَشْفِهِ هَتْكًا لِلْمَرْأَةِ اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ كَجَرَبٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَمِمَّا جُرِّبَ لَهُ أَنْ يُطْلَى بِالْحِنَّاءِ وَالسَّمْنِ الْبَقَرِيِّ الْقَدِيمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَقَمْلٍ) أَيْ لِأَنَّ الْحَرِيرَ خَاصِّيَّتُهُ أَنْ لَا يَقْمَلَ اهـ. شَرْحُ م ر وَيَقْمَلُ مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَالْحَاجَةُ فِي الْقَمْلِ بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ أَذَاهُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ حَتَّى يَصِيرَ كَالدَّاءِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الدَّوَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ. حَجّ وَمِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِهِ أَنْ يُطْلَى خَيْطٌ مِنْ الصُّوفِ بِالزِّئْبَقِ وَيُجْعَلَ فِي عُنُقِهِ كَالسُّبْحَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(فَرْعٌ) نَقَلَ م ر أَنَّ وَالِدَهُ أَفْتَى بِحُرْمَةِ إلْقَاءِ الْقَمْلِ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ
لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمَا لَمَّا شَكَوْا إلَيْهِ الْقَمْلَ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ» وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ (وَكَقِتَالٍ وَلَمْ يَجِدَا مَا يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَرِيرِ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ قِيَاسًا عَلَى دَفْعِ الْقَمْلِ
(وَلِوَلِيٍّ إلْبَاسُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَرِيرِ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ (صَبِيًّا) إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الْحَرِيرِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمَجْنُونَ
(وَحَلَّ مَا طُرِّزَ) أَوْ رُقِعَ
ــ
[حاشية الجمل]
إلَى مَوْتِهِ وَبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ يُخْشَى إيذَاؤُهُ لَهُ أَوْ لَا وَبِكَرَاهَةِ إلْقَائِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا انْتَهَى وَأَظُنُّهُ قَالَ إنْ أَلْقَاهُ فِي مَحَلٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُؤْذِي مَنْ فِيهِ حُرِّمَ اهـ. سم
(قَوْلُهُ لِحِكَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْجَرَبُ الْيَابِسُ وَمِمَّا جُرِّبَ لَهُ أَنْ يُؤْخَذَ خَرْءُ الْكَلْبِ الْأَبْيَضِ وَيُذَابُ مَعَ الْكِبْرِيتِ وَيُطْلَى بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ السَّفَرُ وَالْحَضَرُ) نَبَّهَ عَلَى هَذَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فَقَدْ خَصَّ الْأَذْرَعِيُّ الرُّخْصَةَ بِحَالِ السَّفَرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ حَجّ وَخَصَّ السُّبْكِيُّ الرُّخْصَةَ بِحَالِ اجْتِمَاعِ الْحَكَّةِ وَالْقَمْلِ وَالسَّفَرِ مُحْتَجًّا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ التَّرْخِيصَ لِابْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ كَانَ فِي السَّفَرِ وَكَانَ بِهِمَا الْحِكَّةُ وَالْقَمْلُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ السُّبْكِيُّ الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ وَالسَّفَرُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا يَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ وَأُجِيبُ بَعْدَ تَسْلِيمِ ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عَهِدَ إنَاطَةَ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَقِتَالٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحَرْبَ وَالْقَمْلَ يَجُوزُ فِيهِمَا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَإِنْ وَجَدَا مَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ وَإِنْ ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجِدَا مَا يُغْنِي عَنْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِهِ وَكَقِتَالٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الشَّرْحِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْآخَرِ فَقَطْ وَيَكُونُ طَرِيقَةً لَهُ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ مَا يُغْنِي عَنْهُ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ) أَيْ كَدِيبَاجٍ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ أَصْلُهُ دِيبَاهٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَبَابِيجُ وَدَبَابِجُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَلِوَلِيٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُ الصَّبِيِّ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ إلْبَاسُهُ أَيْ وَلَوْ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِلْبَاسِ لِلْغَالِبِ بَلْ مِثْلُهُ سَائِرُ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ وَقَوْلُهُ صَبِيًّا أَيْ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ إلَى الْبُلُوغِ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَلَهُ أَيْضًا تَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ عِيدٍ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا اهـ. شَرْحُ م ر وَالْمُرَادُ بِالْحُلِيِّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ وَلَيْسَ مِنْهُ الْخَنْجَرُ الْمَعْرُوفُ وَالسِّكِّينُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ وَأَمَّا الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهَا النِّسَاءُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ لُبْسُهُ لِلنِّسَاءِ جَازَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ لِلصَّبِيِّ كَنَعْلٍ مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا سَرَفَ عَادَةً اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَتَرْكُ إلْبَاسِهِمَا أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَا ذُكِرَ أَيْ الْحَرِيرُ وَحُلِيُّ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الصَّبِيِّ وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعَلَّلَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ قَالَ وَلِئَلَّا يَعْتَادَهُ وَيَأْلَفَ اسْتِعْمَالَهُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. عُبَابٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي الْحَلَبِيِّ أَنَّ إلْبَاسَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ الْحَرِيرَ مَكْرُورُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ) أَيْ قُوَّةٌ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ شَهُمَ مِنْ بَابِ ظَرُفَ فَهُوَ شَهْمٌ أَيْ جَلْدٌ ذَكِيُّ الْفَوَائِدِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ خُنُوثَةُ الْحَرِيرِ أَيْ خُنُوثَةُ مَنْ يَلْبَسُهُ مِنْ النِّسَاءِ وَهِيَ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي فَفِي الْمُخْتَارِ قُلْت قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الِاخْتِنَاثُ أَصْلُهُ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمُخَنَّثُ لِتَكَسُّرِهِ وَتَثَنِّيه اهـ. انْتَهَى عِ ش.
وَفِي الْمِصْبَاحِ خَنَثَ خَنْثًا فَهُوَ خَنِثٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَيُعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ فَقَالَ خَنَثَهُ غَيْرُهُ إذَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ بِالْفَتْحِ وَفِيهِ الْخَنَاثُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَاوَةً فَالرَّجُلُ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ
(قَوْلُهُ وَحَلَّ مَا طُرِّزَ) الْمُرَادُ مَا نُسِجَ خَارِجًا عَنْ الثَّوْبِ ثُمَّ وُضِعَ عَلَيْهَا كَالشَّرِيطِ الَّذِي تَضَعُهُ السُّيَّاسُ عَلَى الدَّفَافِيِّ وَإِنَّمَا صَوَّرْنَا بِذَلِكَ لِأَجْلِ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ أَيْ عَرْضًا وَإِنْ زَادَ طُولُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ لَا يَزِيدَ وَزْنُهُ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالتَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَقَّعُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا مَا فِي الْمَتْنِ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُ الطِّرَازِ أَوْ الرُّقَعِ عَلَى مَجْمُوعِ الثَّوْبِ وَزْنًا
بِحَرِيرٍ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (أَوْ طَرَفٍ بِهِ) أَيْ بِحَرِيرٍ بِأَنْ جَعَلَ طَرَفَ ثَوْبِهِ مُسَجَّفًا بِهِ (قَدْرَ عَادَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الطِّرَازَ بِالتَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَالرُّقَعَ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا شَرْطَانِ وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي شَرْطٌ وَاحِدٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحَلَّ مَا طُرِّزَ أَوْ رُقِعَ بِحَرِيرٍ لَمْ يُجَاوِزْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُونَةٍ دُونَ مَا جَاوَزَهَا وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا وَكَثُرَتْ بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ عَلَى كُمٍّ وَاحِدٍ وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوخِ بِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حُرِّمَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُ الْحَرِيرِ قَالَ السُّبْكِيُّ.
وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا لِكَوْنِ الْحَرِيرِ فِيهِ وَيَحْرُمُ الْمُطَرَّفُ وَالْمُطَرَّزُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَحْرِيمِ لُبْسٍ مِنْ ذَكَرٍ عِرْقِيَّةً طُرِّزَتْ بِفِضَّةٍ أَخْذًا بِعُمُومِهِمْ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَيْهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ مِنْ الثَّوْبِ بَيْنَ ظِهَارَتِهِ وَبِطَانَتِهِ وَحَشْوِهِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّرْحِ حِلُّ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِأَنَّهَا كَالرُّقَعِ الْمُتَلَاصِقَةِ أَقُولُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُفَصَّلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا زِينَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَيْسَتْ كَالرُّقَعِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُتَّخَذَ لِإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَقَرَّرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ زِرَّ الطَّرْبُوشِ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا إذْ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ أَطْرَازٍ بِمَعْنَى قِطَعِ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ الَّتِي تُوضَعُ فَوْقَ الثِّيَابِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي الْجَوَازِ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْكُلِّ الزِّينَةُ
(قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ أَوْ مَا أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَيْ بِحَرِيرٍ
(قَوْلُهُ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) أَيْ عَرْضًا وَإِنْ زَادَ طُولُهُ اهـ ز ي وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى قَدْرِ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ طُولًا وَعَرْضًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ طُولُ الطِّرَازِ عَلَى طُولِ الْأَرْبَعِ، وَلَا عَرْضُهُ عَلَى عَرْضِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَادِمِ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهَا. اهـ. فَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُكِرَ لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ طُولِهَا عَلَى غَيْرِهَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ تَحْرُمُ زِيَادَتُهُ فِي الْعَرْضِ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ فِي الطُّولِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَوْ طَرَفٌ بِهِ قَدْرُ عَادَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ أَمْثَالِهِ فَلَوْ فَعَلَهُ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ قَطْعُهُ وَلَا يَسْقُطُ قَطْعُهُ بِبَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَادَتُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ كَافِرٌ دَارًا بَنَاهَا عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ وَلَوْ اشْتَرَى زَائِدًا عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ وَيَحْرُمُ الْمُطَرَّزُ وَالْمُطَرَّفُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا وَكَذَا بِالْفِضَّةِ لِشِدَّةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ لُبْسُ نَحْوِ شَاشٍ فِي طَرَفِهِ نَحْوَ قَصَبٍ لَمْ يَحْصُلْ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوجًا فِيهِ وَسَوَاءٌ فِي الْمَنْسُوجِ مَا لُحْمَتُهُ حَرِيرٌ أَوْ سَدَاه أَوْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر
(فَرْعٌ) حَسَنٌ اتَّخَذَ سِجَافًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَهُ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ دَوَامُهُ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ كَافِرٍ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا عَادَةَ أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَيَجُوزُ لَهُ إدَامَتُهُ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ طَرَفٌ بِهِ قَدْرُ عَادَةٍ) أَيْ قَدْرُ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَإِنْ جَاوَزَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّطْرِيفُ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّطْرِيفِ طَرَفَيْ عِمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ قَالَ الشَّيْخُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُتُبِّعَتْ الْعَادَةُ فِي الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ اهـ. وَقَدْ يَنْظُرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِالْوَزْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِزِيَادَةِ الْحَرِيرِ فَحَيْثُ زَادَ وَزْنُ الْحَرِيرِ الَّذِي فِي الْعِمَامَةِ حُرِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مِنْهَا أَجْزَاءٌ كُلُّهَا حَرِيرٌ كَأَنْ كَانَ السَّدَى
لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحِلُّ لَهَا مَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الجمل]
حَرِيرًا وَبَعْضُ اللُّحْمَةِ كَذَلِكَ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا قَالَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا.
وَلَوْ صُبِغَ بَعْضُ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيزِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ غَلَتْ أَثْمَانُهَا إذْ نَفَاسَتُهَا فِي صَنْعَتِهَا وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَيْ مَحَلُّ دَفْنِهِمْ بِالثِّيَابِ وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي إلْبَاسِهَا الْحَرِيرَ أَمَّا تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ بِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهَا تَعْظِيمًا لَهَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ سَوَاءٌ لَاقَى الْبَدَنَ أَمْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ.
وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذْبَةِ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا طُولًا فَاحِشًا وَهِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخَّرِ الْعِمَامَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مَحَلَّهَا وَيَحْرُمُ إنْزَالُ ثَوْبِهِ أَوْ إزَارِهِ عَلَى كَعْبَيْهِ لِلْخُيَلَاءِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ فَإِنْ انْتَفَتْ الْخُيَلَاءُ كُرِهَ وَيُسَنُّ فِي الْكُمِّ كَوْنُهُ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَلِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ إنْصَافُ السَّاقَيْنِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا وَلْيُطَاعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهِ لِيَلْحَقُوا بِهِمْ وَقَدْ كَثُرَ هَذَا فِي زَمَانِنَا وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ بَلْ يَخْلَعُهُمَا أَوْ يَلْبَسُهُمَا لِيَعْدِلَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ مَشْيُهُ وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ خَوْفَ انْقِلَابِهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُدَاسَاتِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ وَنَحْوَهَا لَا يُكْرَهُ فِيهَا ذَلِكَ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ انْقِلَابٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَبِيَسَارِهِ خَلْعًا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ النَّعْلِ مَثَلًا ثُمَّ يَخْرُجَ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسَ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسَ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ وَيُسَنُّ أَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا وَيُسَنُّ أَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ لِمَا قِيلَ أَنَّ طَيَّهَا أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ يَرُدُّ إلَيْهَا أَرْوَاحَهَا وَيَمْنَعُ لُبْسَ الشَّيْطَانِ لَهَا وَالْمُرَادُ بِطَيِّهَا لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ وَفِي الْمَجْمُوعِ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَفَرْجَيْهِ وَلَوْ مَحْلُولَ الْإِزَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَاءِ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقَّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا اهـ. شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَرَفِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ التَّرْقِيعُ فَإِنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُجْعَلُ لِلزِّينَةِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ فَيَحِلُّ لَهَا مَا ذُكِرَ) أَيْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ
مُطْلَقًا حَتَّى الْفِرَاشِ لِخَبَرِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» قَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
(وَ) حَلَّ (اسْتِصْبَاحٌ بِدُهْنٍ نَجَسٍ) كَالْمُتَنَجِّسِ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاسْتُثْنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِشَرَفِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ بِسَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْفَرْشِ وَاللُّبْسِ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءٍ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ لِتُغَطِّي بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتَعَتْهَا كَالْبُقْجَةِ فَهَذَا حَلَالٌ لَهَا اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَحِلُّ لَهَا مَا ذُكِرَ) أَيْ وَلَوْ مُزَرْكَشًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ فِي الْمَدَاسِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ مَعَهَا وَلَا عُلُوُّهَا عَلَيْهِ وَلَا مُعَانَقَتُهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهَا فِي الثَّوْبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لِلْحَاجَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَسَوَاءٌ زَادَ الطَّرْزُ عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ لَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُطَرَّفُ قَدْرَ الْعَادَةِ أَمْ لَا اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ حَتَّى الْفِرَاشِ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا إيَّاهُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ كَلُبْسِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ افْتِرَاشُهَا إيَّاهُ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُهَا لِلْحَلِيلِ كَمَا مَرَّ انْتَهَتْ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ وَخَرَجَ بِافْتِرَاشِهَا اسْتِعْمَالُهَا لَهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ وَالْفَرْشِ فَلَا يَحِلُّ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءٍ حَرِيرٍ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ لِتُغَطِّي بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلُّبْسِ كَالْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبُقْجَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَلَا افْتِرَاشٍ بَلْ هُوَ لِمُجَرَّدِ الْخُيَلَاءِ وَلَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا جَوَازُ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ لِلصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا وَلَا فَرْشًا وَدَوَامُ الصَّدَاقِ عِنْدَهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَدَوَامِ الْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ فِيهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ تَزَيُّنَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا فَيُؤَدِّي إلَى مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ كَثْرَةِ النَّسْلِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَحَلَّ اسْتِصْبَاحٌ إلَخْ) فِي الْمُخْتَارِ الْمِصْبَاحِ السِّرَاجُ وَقَدْ اسْتَصْبَحَ بِهِ إذَا أَسْرَجَهُ اهـ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَظُنُّهُ فِي بَابِ الْآنِيَةِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ الدُّهْنِ الطَّاهِرِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ كَالْمُتَّخَذَةِ مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِيهَا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ وَجَدَ طَاهِرَةً يَسْتَصْبِحُ فِيهَا وَهُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّ غَرَضَ الِاسْتِصْبَاحِ حَاجَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِذَلِكَ كَمَا جَازَ وَضْعُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ لَا لِغَرَضِ إطْفَاءِ نَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَنْجِيسُ الطَّاهِرِ إنَّمَا يَحْرُمُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
(فَرْعٌ) إذَا اسْتَصْبَحَ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ جَازَ إصْلَاحُ الْفَتِيلَةِ بِأُصْبُعِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ وَأَمْكَنَ إصْلَاحُهَا بِعُودٍ لِأَنَّ التَّنْجِيسَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ الضَّرُورَةُ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَحَلَّ اسْتِصْبَاحٌ بِدُهْنٍ نَجَسٍ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ وَكَذَلِكَ يَحِلُّ دُهْنُ الدَّوَابِّ وَتَوْقِيحُهَا بِهِ أَيْ تَصْلِيبُ حَوَافِرِهَا بِالشَّحْمِ الْمُذَابِ وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجَشَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ عَيْنِهَا وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذُ صَابُونٍ مِنْ الزَّيْتِ النَّجَسِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ثُمَّ يُطَهِّرُهُمَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ فِي الدَّبْغِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَيُبَاشِرُهَا الدَّابِغُ بِيَدِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَكَذَلِكَ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَكَذَلِكَ الثُّقْبَةُ الْمُنْفَتِحَةُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْإِيلَاجُ فِيهَا وَيَجُوزُ إطْعَامُ الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ أَمَّا دَبْغُ الْجُلُودِ بِرَوْثِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَا تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِهِ أَيْضًا اهـ. زِيَادِيٌّ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ دُبِغَ بِهِ طَهُرَ الْجِلْدُ وَيُغْسَلُ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ) هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَاوِيُّ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً إلَى طَحَا قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الصَّعِيدِ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ الْمُزَنِيّ وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ فَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْفَهْمُ يَوْمًا فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْعِلْمِ فَانْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَازِمٍ فَصَارَ إمَامًا بَارِعًا وَكَانَ يَقُولُ لَوْ كَانَ خَالِي بَاقِيًا لَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، الْمُتَوَفَّى فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَيْت الْمَسَاجِدَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَقَوْلُهُ إنْ لَوَّثَ أَيْ وَإِنْ قَلَّ ثُمَّ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَاجَةُ وَأَمْنُ التَّنْجِيسِ لِلْمَسْجِدِ بِنَفْسِهِ أَوْ دُخَانِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتَمَدَهُ م ر وَمَشَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الدُّهْنِ
إنْ لُوِّثَ وَكَذَا الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ (لَا دُهْنَ نَحْوِ كَلْبٍ) كَخِنْزِيرٍ فَلَا يَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا
(وَ) حَلَّ (لِبْسُ) شَيْءٍ (مُتَنَجِّسٍ) وَلَا رُطُوبَةَ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضَةٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ وَحَذَفْت مِنْ الْأَصْلِ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ ذَلِكَ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مُشْتَغِلًا بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ لَا لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمِلًا نَجَاسَةً كَمَا لَوْ صَلَّى مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِفِعْلِهِ الْفَاسِدِ لَا بِتَرْكِهِ الْوُضُوءَ وَتَعْبِيرِي بِمُتَنَجِّسٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالثَّوْبِ النَّجَسِ (لَا) لِبْسُ (نَجَسٍ) كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُنَجَّسِ غَيْرِ وَدَكِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ وَمِنْهَا قَصْدُ الْإِسْرَاجِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَنَجُّسٌ وَإِنْ قَلَّ وَمَشَى عَلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْوُقُودِ جَائِزَةٌ إنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الِانْتِفَاعِ وَفَعَلَهُ بَالِغٌ رَشِيدٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ فَعَلَهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ قَالَ يَجُوزُ إسْرَاجُ الدُّهْنِ النَّجَسِ فِي بَيْتٍ مُسْتَعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَوِّثَهُ بِنَحْوِ دُخَانِهِ نَعَمْ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِهِ الْمَالِكُ فِي الْعَادَةِ فَلَا بَأْسَ فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ لِنَحْوِ قَاصِرٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَالِكٌ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبْخُ بِنَحْوِ الْجِلَّةِ فِي الْبُيُوتِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ قَالَ م ر يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا تَسْوِيدُ الْجُدْرَانِ وَجَوَّزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذْ أُعِدَّ مَكَانٌ فِي تِلْكَ الْبُيُوتِ لِلطَّبْخِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالطَّبْخِ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ إنْ لَوَّثَ) فَإِنْ لَمْ يُلَوِّثْ جَازَ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَيَحْرُمُ بِدُونِهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ) أَيْ حَيْثُ لُوِّثَ انْتَهَى حَلَبِيٌّ
(قَوْلُهُ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ) أُخِذَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ جَوَازِ دَبْغِ الْجِلْدِ بِرَوْثٍ نَحْوِ الْكَلْبِ اهـ. حَلَبِيٌّ
(قَوْلُهُ وَحَلَّ لُبْسُ مُتَنَجِّسٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ فِي الثِّيَابِ أَيْ تَلْطِيخِهَا بِهِ وَلَا فِي الْبَدَنِ أَيْ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِحَيْثُ يَتَّصِلُ بِهِ كَالِامْتِشَاطِ بِالْمُشْطِ الْعَاجِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضَةٌ) أَيْ وَلِأَنَّ تَكْلِيفَ اسْتِدَامَةِ طَهَارَةِ الْمَلْبُوسِ مِمَّا يَشُقُّ خُصُوصًا عَلَى الْفَقِيرِ وَبِاللَّيْلِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى غُسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَمِثْلُ ثَوْبِهِ بَدَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ كَالزِّبْلَةِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ قُرِّرَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةً أَوْ غَيْرَ رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ أُجِيبَ بِعُذْرِهَا وَعَدَمِ اخْتِيَارِهَا فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ وَجَبَ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا كُلُّ ذِي نَجَاسَةٍ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَتَمُّ فَلْيُحَرَّرْ وَقَوْلُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْوَقْتِ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْضًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَالْخُطْبَةِ وَالطَّوَافِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ لَا لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمِلًا نَجَاسَةً) أَيْ فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ جَائِزٌ وَإِنْ حُرِّمَ مِنْ تِلْكَ فَلُبْسُ الْمُتَنَجِّسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لُبْسُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ جَائِزٌ مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ هَذَا مُرَادُهُ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ بِفِعْلِهِ الْفَاسِدِ لَا بِتَرْكِهِ الْوُضُوءَ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّهُ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْوُضُوءُ فَقَدْ تَرَكَ وَاجِبًا فَهَلَّا أَثِمَ لِتَرْكِ هَذَا الْوَاجِبِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ لَا لُبْسُ نَجَسٍ) أَيْ فِي بَدَنِ الْآدَمِيِّ أَوْ جُزْئِهِ أَوْ فَوْقَ ثِيَابِهِ شَرْحِ م ر
(فَرْعٌ) قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشَّبَّةُ لِأَنَّهَا مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا وَعَلَى هَذَا لَوْ تَنَدَّى الْكَتَّانُ فَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُعْفَى عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا حِينَئِذٍ مَعَ نَدَاوَتِهِ قَالَ م ر يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَخْفِيفُ الْكَتَّانِ وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَا لُبْسُ نَجَسٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ وَخَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ اهـ. ح ل أَيْ فَيَجُوزُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ) فَيَجُوزُ إلْبَاسُهُ لِدَابَّتِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُغَلَّظٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ يَجُوزُ إلْبَاسُهُ ذَلِكَ أَيْ وَكَذَا الْمُمَيِّزُ فِي غَيْرِ وَقْتِ إقَامَةِ الْعِبَادَةِ وَالْمُدَّعَى أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ النَّجَسِ مُطْلَقًا فَلَا يَنْتِجُ هَذَا الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ شَأْنِهِ التَّعْبِيدُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا اهـ. ح ل مَعَ زِيَادَةٍ فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ لَتَمَّ الدَّلِيلُ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ) هَذَا يَأْتِي فِي الْفَرْشِ وَقَدْ
(إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَحَرٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلِمْت أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ وَيَجُوزُ فَرْشُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِدَابَّتِهِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمُشْطِ مِنْ الْعَاجِ فِي اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ اهـ. حَلَبِيٌّ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْهُ لِشِدَّةِ خَفَائِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَشَعْرُهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الْمُشْطِ مِنْ الْعَاجِ الْمُشْطُ مِنْ عَظْمِ الْمَيْتَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَحَرٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ وَخَوْفٍ عَلَى نَحْوِ عُضْوٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَجُوزُ تَغْشِيَةُ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ بِذَلِكَ لِمُسَاوَاةِ مَا ذُكِرَ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِجِلْدِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ انْتَهَتْ
1 -
(فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ) لِأَنَّ أَكْثَرَهَا لَيْسَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا هِيَ مُلْتَقَطَةٌ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلِذَا كُنْت أَطَلْت الْكَلَامَ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهَا أَخْرَجَتْ الشَّرْحَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَأَفْرَدْتهَا بِتَأْلِيفٍ حَافِلٍ ثُمَّ لَخَّصْت مِنْهُ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِأَخْصَرِ عِبَارَةٍ وَأَيْسَرِ إشَارَةٍ اتِّكَالًا عَلَى مَا بُسِطَ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ - كَمَا قَالَ الْحُفَّاظُ - فِي طُولِ عِمَامَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَرْضِهَا شَيْءٌ وَمَا وَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ فِي طُولِهَا أَنَّهَا نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ نُقِلَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ بَيْضَاءَ وَفِي الْحَضَرِ سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ وَأَنَّ عَذَبَتَهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي الْحَضَرِ مِنْهَا» فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَرْوَحَا إلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ نَعَمْ وَقَعَ فِي الرِّدَاءِ خِلَافٌ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذَارِعَيْنِ وَشِبْرٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ وَلَيْسَ فِي الْأَنْوَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي وَيُسَنُّ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ يَتَأَكَّدُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّجَمُّلِ وَالنَّظَافَةِ وَالْمَلْبُوسِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ لَكِنَّ الْمُتَوَسِّطَ نَوْعًا مِنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْقَعِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا اُحْتُمِلَ تَسَاوِيهِمَا لِلتَّعَارُضِ وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ بِوَجْهٍ وَأَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَإِكْرَامِ ضَيْفٍ وَالتَّوْسِيعِ عَلَى الْعِيَالِ وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ عَلَى شَهْوَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ كَقَرْضٍ لِحُرْمَتِهِ عَلَى فَقِيرٍ جَهِلَ الْمُقْرِضُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَتَيَسَّرُ الْوَفَاءُ مِنْهَا إذَا طُولِبَ.
وَوَرَدَ امْشُوا حُفَاةً وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَشَى حَافِيًا» وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُ الْحَفَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ حَيْثُ أَمِنَ مُؤْذِيًا وَتَنَجُّسًا وَلَوْ احْتِمَالًا وَيُؤَيِّدُهُ نَدْبُهُ لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، وَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَنَحْوِ جُبَّةٍ أَيْ غَيْرِ خَارِمَةٍ لِمُرُوءَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا يَأْتِي فِي الطَّيْلَسَان وَلَوْ غَيْرَ مَزْرُورَةٍ أَيْ إنْ لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ اهـ. وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِلِبَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ نَحْوَ تَكَبُّرٍ كَانَ فَاسِقًا أَوْ تَشَبُّهًا بِنِسَاءٍ وَعَكْسَهُ فِي لِبَاسٍ اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ لِلَعْنِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَيَحْرُمُ عَلَى غَنِيٍّ لُبْسُ خَشِنٍ لِيُعْطَى لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ فِيهِ وَخَلَا عَنْهَا بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ. وَيَحْرُمُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَى جِلْدِ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ بِهِ شَعْرٌ وَإِنْ جُعِلَ إلَى الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَحَرُمَ جَمْعُ لُبْسِ فَرْوِ السِّنْجَابِ وَالصَّوَابُ حِلُّهَا كَجُوخٍ وَجُبْنٍ اشْتَهَرَ عَمَلُهُمَا بِشَحْمِ خِنْزِيرٍ بَلْ لَا يُفِيدُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَّا فِي فَرْوٍ مُعَيَّنٍ دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ، وَفَرْوُ الْوَاشِقِ شَعْرُهُ نَجِسٌ وَإِنْ دُبِغَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَيُسَنُّ نَفْضُ فَرْشٍ احْتَمَلَ حُدُوثُ مُؤْذٍ عَلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ الْحِبَرَةَ» وَهِيَ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ بَلْ صَحَّ أَنَّهَا أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَيْهِ «وَقَالَ فِي ثَوْبٍ خَيْطُهُ أَحْمَرُ خَلَعَهُ وَأَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ خَشِيت أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَتَفْتِنِّي عَنْ صَلَاتِي» وَبَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ مَعَ كَوْنِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا أَحْبِيَةٌ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَالْأَفْضَلُ فِي الْقَمِيصِ كَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ وَغَيْرِهَا وَيَلِيهِ الصُّوفُ لِحَدِيثٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَدِيثَيْنِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ ذَاكَ أَقْوَى مِنْ هَذَيْنِ وَكَوْنُهُ قَصِيرًا بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْكَعْبَ وَكَوْنُهُ إلَى نِصْفِ السَّاقِ أَفْضَلُ وَتَقْصِيرُ الْكُمَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَا إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ فَإِنْ زَادَا عَلَى ذَلِكَ كَكُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ حَرُمَ بَلْ فِسْقٌ وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا لِعُذْرٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
كَأَنْ تَمَيَّزَ الْعُلَمَاءُ بِشِعَارٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ فَيُسْأَلَ أَوْ لِيُمْتَثَلَ كَلَامُهُ بَلْ لَوْ تَوَقَّفَ إزَالَةُ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلِ وَاجِبٍ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ وَأَطْلَقُوا أَنَّ تَوْسِعَةَ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاحِشَةِ وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ حَضَرًا وَسَفَرًا لِلِاتِّبَاعِ وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْغَزْوِ وَمَمْنُوعٌ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فِيهِ سُنَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَبْعُدْ وَتُسَنُّ الْعِمَامَةُ لِلصَّلَاةِ وَلِقَصْدِ التَّجَمُّلِ لِلْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِيهَا وَاشْتِدَادُ ضَعْفِ كَثِيرٍ مِنْهَا يَجْبُرُهُ كَثْرَةُ طُرُقِهَا وَزَعْمِ وَضْعٍ كَثِيرٍ مِنْهَا تَسَاهُلٌ كَمَا هُوَ عَادَةُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ هَذَا وَالْحَاكِمُ فِي التَّصْحِيحِ. أَلَا تَرَى إلَى حَدِيثِ «اعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْمًا» حَيْثُ حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِوَضْعِهِ وَالْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ اسْتِرْوَاحًا مِنْهُمَا عَلَى عَادَتِهِمْ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكَوْنِهَا عَلَى الرَّأْسِ أَوْ نَحْوِ قَلَنْسُوَةٍ تَحْتَهَا وَفِي حَدِيثٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ كِبَرِهَا لَكِنَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ وَهُوَ وَحْدَهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَيَنْبَغِي ضَبْطُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا بِمَا لَا يَلِيقُ بِلَابِسِهَا عَادَةً فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَإِنْ زَادَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ كُرِهَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ كَرَاهَةَ كِبَرِهَا وَتَقْيِيدَ كَيْفِيَّتِهَا بِعَادَتِهِ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ انْخَرَمَتْ مُرُوءَةُ فَقِيهٍ يَلْبَسُ عِمَامَةَ سُوقِيٍّ لَا تَلِيقُ بِهِ وَعَكْسُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ خَرْمَهَا مَكْرُوهٌ بَلْ حَرَامٌ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ إبْطَالًا لِحَقِّ الْغَيْرِ وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ مَحَلٍّ بِتَرْكِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَمْ تَنْخَرِمْ لَهَا الْمُرُوءَةُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيَأْتِي فِي الطَّيْلَسَانِ خِلَافُ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ نَدْبَهَا فِي أَصْلِ وَضْعِهَا عَامٌّ فَلَمْ يُنْظَرْ لِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِهِ لِلرُّؤَسَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَفِي حَدِيثَيْنِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ نَدْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ لَا أَصْلَ لَهُمَا وَالْأَفْضَلُ فِي لَوْنِهَا الْبَيَاضُ وَصِحَّةُ لُبْسِهِ صلى الله عليه وسلم لِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَنُزُولُ أَكْثَرِ الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ بِعَمَائِمَ صُفْرٍ وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا تُنَافِي عُمُومَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْآمِرِ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ وَإِنَّهُ خَيْرُ الْأَلْوَانِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ.
وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ اللَّاطِئَةِ بِالرَّأْسِ وَالْمُرْتَفِعَةِ الْمُضْرِبَةِ وَغَيْرِهَا تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَبِلَا عِمَامَةٍ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَبِقَوْلِ الرَّاوِي وَبِلَا عِمَامَةٍ قَدْ يَتَأَيَّدُ بَعْضُ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّوَاحِي مِنْ تَرْكِ الْعِمَامَةِ مِنْ أَصْلِهَا وَتَمْيِيزِ عُلَمَائِهِمْ بِطَيْلَسَانٍ عَلَى قَلَنْسُوَةٍ بَيْضَاءَ لَاصِقَةٍ بِالرَّأْسِ لَكِنْ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْأَفْضَلُ مَا عَلَيْهِ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَبِسَ الْعِمَامَةَ لِعَذَبَتِهَا وَرِعَايَةَ قَدْرِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا السَّابِقَيْنِ وَلَا يُسَنُّ تَحْنِيكُ الْعِمَامَةِ عِنْدَنَا وَاخْتَارَ بَعْضُ حُفَّاظٍ هُنَا مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ وَهُوَ تَحْدِيقُ الرَّقَبَةِ وَمَا تَحْتَ الْحَنَكِ وَاللِّحْيَةِ بِبَعْضِ الْعِمَامَةِ وَقَدْ أَجَبْت فِي الْأَصْلِ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أُولَئِكَ وَأَطَالُوا فِيهِ وَجَاءَ فِي الْعَذَبَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا صَحِيحٌ وَمِنْهَا حَسَنٌ نَاصَّةٌ عَلَى فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا لِنَفْسِهِ وَلِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَلَى أَمْرِهِ بِهَا وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ تَعَمَّمَ فَلَهُ فِعْلُ الْعَذْبَةِ وَتَرْكُهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَادَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْ الْعَذَبَةِ شَيْءٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَهُ فِعْلُ الْعَذَبَةِ الْجَوَازُ الشَّامِلُ لِلنَّدْبِ وَتَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا أَوْ عَدَمِ تَأَكُّدِ نَدْبِهَا وَقَدْ اسْتَدَلُّوا بِكَوْنِهِ «صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ تَارَةً وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أُخْرَى» عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ.
وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ أَصْلَهَا سُنَّةٌ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي إرْسَالِهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ فَأَوْلَى أَنْ تُؤْخَذَ سُنِّيَّةُ أَصْلِهَا مِنْ فِعْلِهِ لَهَا وَأَمْرُهُ بِهَا مُتَكَرِّرٌ ثُمَّ إرْسَالُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى الْأَيْمَنِ لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَوَّلِ أَصَحُّ وَأَمَّا إرْسَالُ الصُّوفِيَّةِ لَهَا عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِكَوْنِهِ جَانِبَ الْقَلْبِ فَتَذَكَّرَ تَفْرِيغَهُ مِمَّا سِوَى رَبِّهِ فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَحْسَنُوهُ وَالظَّنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ فَكَانُوا مَعْذُورِينَ وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُمْ السُّنَّةُ فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي مُخَالَفَتِهَا وَكَانَ حِكْمَةُ نَدْبِهَا مَا فِيهَا مِنْ الْجَمَالِ وَتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ وَأَبْدَى بَعْضُ مُجَسَّمِي الْحَنَابِلَةِ لِجَعْلِهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ حِكْمَةً تَلِيقُ بِمُعْتَقَدِهِ الْبَاطِلِ فَاحْذَرْهُ وَوَقَعَ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ هُنَا مَا رَدُّوهُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا صلى الله عليه وسلم قَطُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهَا أَحْيَانًا وَكَقَوْلِهِ طَوِيلَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ فِيهَا طُولًا نِسْبِيًّا حَتَّى أُرْسِلَتْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ فَوَاضِحٌ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي طُولِهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ ذِرَاعٌ وَبَيْنَهُمَا شِبْرٌ اهـ. وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُرْمَةُ إفْحَاشِ طُولِهَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ كُرِهَ وَذِكْرُهُمْ الْإِفْحَاشَ بَلْ وَالطُّولَ بَلْ وَهِيَ مِنْ أَصْلِهَا تَمْثِيلٌ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ سَبَبَ الْإِثْمِ إنَّمَا هُوَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
قَصْدُ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ فَإِذَا وَجَدَ التَّصْمِيمَ عَلَى فِعْلِهَا لِهَذَا الْغَرَضِ أَثِمَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ صَمَّمَ عَلَى فِعْلِهَا.
وَفِي حَدِيثٍ حَسَنٍ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا ذَا شُهْرَةٍ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا» أَيْ مَنْ لَبِسَهُ بِقَصْدِ الشُّهْرَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِقَصْدِ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ لِخَبَرِ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يُبَاهِي بِهِ النَّاسَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ حَتَّى يَرْفَعَهُ» وَلَوْ خَشِيَ مِنْ إرْسَالِهَا نَحْوَ خُيَلَاءَ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ يَفْعَلُهَا وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ فِي إزَالَةِ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ مِنْهَا فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَضُرَّ حِينَئِذٍ خُطُورُ نَحْوِ رِيَاءٍ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ كَسَائِرِ الْوَسَاوِسِ الْقَهْرِيَّةِ غَايَةُ مَا يُكَلَّفُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرْسِلُ مَعَ نَفْسِهِ فِيهَا بَلْ يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهَا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا طَرَأَ قَهْرًا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَشْيَةُ إيهَامِهِ النَّاسَ صَلَاحًا أَوْ عِلْمًا خَلَا عَنْهُ بِإِرْسَالِهَا لَا يُوجِبُ تَرْكَهَا أَيْضًا بَلْ يَفْعَلُهَا وَيُؤْمَرُ بِمُعَالَجَةِ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ إنْ غَرَبَهُ غَيْرُهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ فَيُعْطِيَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ هَذَا التَّغْرِيرَ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْقَبُولِ فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهُ وَلَا تَمَلُّكُهُ إلَّا إنْ كَانَ بَاطِنًا كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً أَيْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ يُخَيَّلَ لَهَا أَوْ لَهُ صَلَاحُهَا وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الطَّيْلَسَانِ.
وَقَدْ لَخَّصْت الْمُهِمَّ مِنْهُ فِي الْمُؤَلَّفِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَأَرَدْت هُنَا أَنْ أُلَخِّصَ الْمُهِمَّ مِنْ هَذَا الْمُلَخَّصِ فَقُلْت هُوَ قِسْمَانِ مُحَنَّكٌ وَهُوَ ثَوْبٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ قَرِيبٌ مِنْ طُولِ وَعَرْضِ الرِّدَاءِ عَلَى مَا مَرَّ مُرَبَّعٌ يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ فَوْقَ نَحْوِ الْعِمَامَةِ وَيُغَطَّى بِهِ أَكْثَرُ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ فِيهِ وَيَحْذَرُ مِنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ يُدَارُ طَرَفُهُ وَالْأَوْلَى الْيَمِينُ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِيهِ مِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ إلَى أَنْ يُحِيطَ بِالرَّقَبَةِ جَمِيعَهَا ثُمَّ يُلْقَى طَرَفَاهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي تَفْرِيقِهِ لَا مَا قِيلَ فِيهِ مِمَّا بَعْضُهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَانِعٍ وَبَيَّنْت فِي الْأَصْلِ كَيْفِيَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ يُقَارِبَانِ هَذِهِ وَقَدْ يَلْحَقَانِ بِهَا فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَتُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الرِّدَاءِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةً مُخْتَصٌّ بِمَا يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَمِنْهُ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ طَيْلَسَانٍ لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ وَمُقَوَّرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْأَوَّلِ فَيَشْمَلُ الْمُدَوَّرَ وَالْمُثَلَّثَ الْآتِيَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَالْمُرَبَّعَ وَالْمَسْدُولَ وَهُوَ مَا يُرْخَى طَرَفَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَوْ بِيَدِهِ وَمِنْهُ الطَّرْحَةُ الَّتِي كَانَتْ مُعْتَادَةً لِقَاضِي الْقُضَاةِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُخْتَصِّ بِهَا وَفَعَلَهَا أَجِلَّاءُ مِنْ مُنْذُ مِئَاتٍ مِنْ السِّنِينَ وَهُوَ عَجِيبٌ جِدًّا لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مَكْرُوهَةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ وَلِأَنَّ فِيهَا السَّدْلَ الْمَكْرُوهَ بِكَيْفِيَّتَيْهَا الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْأَصْلِ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمُقَوَّرِ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ وَبَيَانُ مَا أُلْحِقَ بِهِ وَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ الْآنَ نَعَمْ يَقْرَبُ مِنْ شَكْلِهِ خِرْقَةُ الْمُتَصَوِّفَةِ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا تَحْتَ عَمَائِهِمْ وَأَحَدُ قِسْمَيْ الطَّرْحَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى هَيْئَةِ السَّدْلِ بِأَنْ يُلْقِيَ طَرَفَيْ نَحْوَ رِدَائِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَرُدَّهُمَا عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَلَا يَضُمَّهُمَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مَكْرُوهٌ وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ أُولَئِكَ فَلَعَلَّهُمْ كَانُوا مُكْرَهِينَ عَلَيْهَا كَلُبْسِ الْخَلْعِ الْحَرِيرِ الصِّرْفِ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَزْدَادُ التَّعَجُّبُ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْلَا أَخْشَى عَلَى شِعَارِ الْقُضَاةِ لَأَبْطَلْتهَا وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا عَدْلُهُ لِهَذِهِ السَّقْطَةِ فِي تَرْجَمَتِهِ ثُمَّ حُكْمُ الْقَسَمِ الْأَوَّلِ النَّدْبُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ تَأَكُّدُهُ لِلصَّلَاةِ وَحُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْمَسْجِدِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ قَالَا وَكُلُّ مَنْ صَرَّحَ أَوْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ كَرَاهَةَ الطَّيْلَسَانِ فَإِنَّمَا أَرَادَ قِسْمَهُ الثَّانِيَ بِأَنْوَاعِهِ الْمُتَّفَقِ عَلَى كَرَاهَةِ جَمِيعِهَا وَأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ إنْكَارَ أَنَسٍ عَلَى قَوْمٍ حَضَرُوا الْجُمُعَةَ مُتَطَيْلِسِينَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ طَيَالِسَتِهِمْ كَانَتْ مُقَوَّرَةً كَطَيَالِسَةِ الْيَهُودِ وَكَذَا طَيَالِسَةُ الْيَهُودِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ مَعَ الدَّجَّالِ فَهِيَ مُقَوَّرَةٌ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَجَاءَ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي وَهُوَ الْمُحَنَّكُ الْمَنْدُوبُ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ وَغَيْرُهَا وَآثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِفِعْلِهِ وَطَلَبِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةِ إلَى بَعْضِ فَوَائِدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ الرَّدُّ الشَّنِيعُ عَلَى مَنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ نَدْبِ الطَّيْلَسَانِ إنْ أَرَادَ الْمُحَنَّكَ الْمَذْكُورَ وَلِذَا أَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ مَا عَدَا الْأَوَّلِ.
نَعَمْ وَقَعَ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ عَنْ التَّطْلِيسِ بِالتَّقَنُّعِ وَعَنْ الطَّيْلَسَانِ بِالْقِنَاعِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي «مَجِيئِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَنِّعًا» قَوْلُهُ مُتَقَنِّعًا أَيْ مُتَطَيْلِسًا رَأْسَهُ وَهُوَ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الطَّيْلَسَانِ وَفِيهِ أَيْضًا التَّقَنُّعُ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَأَكْثَرِ الْوَجْهِ بِرِدَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ مَعَ التَّحْنِيكِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقِنَاعَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّقَنُّعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الرِّدَاءُ وَهُوَ يُسَمَّى طَيْلَسَانًا كَمَا أَنَّ الطَّيْلَسَانَ قَدْ يُسَمَّى رِدَاءً كَمَا مَرَّ وَمَنْ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الرِّدَاءُ يُسَمَّى الْآنَ الطَّيْلَسَانُ فَمَا عَلَى الرَّأْسِ مَعَ التَّحْنِيكِ الطَّيْلَسَانُ الْحَقِيقِيُّ وَيُسَمَّى رِدَاءً مَجَازًا وَمَا عَلَى الْأَكْتَافِ هُوَ الرِّدَاءُ الْحَقِيقِيُّ وَيُسَمَّى طَيْلَسَانًا مَجَازًا وَيُنْدَبُ جَمْعُهُمَا فِي الصَّلَاةِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ التَّقَنُّعُ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي حَدِيثِ إطْلَاقِ أَنَّ التَّقَنُّعَ رِيبَةٌ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالٍ يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَيْلًا حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَجَاءَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه خَرَجَ لَيْلًا مُتَقَنِّعًا وَفِي آخَرَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّطْلِيسَ لَا يُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ بِالْمَسْجِدِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ لِلْمُعْتَكِفِ آكَدُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْخَلْوَةُ عَنْ النَّاسِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الطَّيْلَسَانَ الْخَلْوَةُ الصُّغْرَى وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ التَّطْلِيسِ إذَا لَمْ تَنْخَرِمْ بِهِ مُرُوءَتُهُ وَإِلَّا كَلُبْسِ سُوقِيٍّ طَيْلَسَانَ فَقِيهٍ كُرِهَ لَهُ وَاخْتَلَتْ مُرُوءَتُهُ بِهِ.
وَلَا يُنَافِيهِ تَعْمِيمُهُمْ نَدْبَهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ لِأَنَّا لَا نُطْلِقُ مَنْعَهُ وَإِنَّمَا الَّذِي نَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُهُ بِكَيْفِيَّةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ طَيْلَسَانُ فَقِيهٍ فَإِذَا أَرَادَ السُّنَّةَ لَبِسَهُ بِكَيْفِيَّةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ بَلْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهُ مُطْلَقًا وَقَدْ تَخْتَلُّ الْمُرُوءَةُ بِتَرْكِ التَّطْلِيسِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَيَحْرُمُ التَّسَبُّبُ إلَى مَا يُبْطِلُهُ وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي كَوْنِ تَرْكِهِ يَخْرِمُهَا بَالَغُوا فِي رَدِّهِ وَفِي حَدِيثٍ لَا يَقْتَنِعُ إلَّا مَنْ اسْتَكْمَلَ الْحِكْمَةَ فِي قَوْلِهِ وَفَعَلَهُ وَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْعُلَمَاءِ شِعَارٌ مُخْتَصٌّ بِهِمْ لِيُعْرَفُوا فَيُسْأَلُوا وَلِيُمْتَثَلَ مَا أَمَرُوا بِهِ أَوْ نَهَوْا عَنْهُ كَمَا وَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَثِلُوا قَوْلَهُ حَتَّى تَحَلَّلَ وَلَبِسَ شِعَارَ الْعُلَمَاءِ فَلُبْسُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْوَارِدَ السَّابِقَ عَنْهُ لِهَذَا الْقَصْدِ سُنَّةٌ أَيْ سُنَّةٌ بَلْ وَاجِبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ إزَالَةُ مُنْكَرٍ وَلِلطَّيْلَسَانِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ جَلِيلَةٌ فِيهَا صَلَاحُ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ كَالِاسْتِحْيَاءِ مِنْ اللَّهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ إذْ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ شَأْنُ الْخَائِفِ الْآبِقِ الَّذِي لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُعِينَ وَجَمْعِهِ لِلْفِكْرِ لِكَوْنِهِ يُغَطِّيَ كَثِيرًا مِنْ الْوَجْهِ أَوْ أَكْثَرَهُ فَيَنْدَفِعُ عَنْ صَاحِبِهِ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ كَنَظَرِ مَعْصِيَةٍ وَمَا يُلْجِئُ إلَّا نَحْوِ غَيْبَةٍ وَيَجْتَمِعُ هَمُّهُ فَيَحْضُرُ قَلْبُهُ مَعَ رَبِّهِ وَيَمْتَلِئُ بِشُهُودِهِ وَذِكْرِهِ وَتُصَانُ جَوَارِحُهُ عَنْ الْمُخَالَفَاتِ وَنَفْسُهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُثَابِرُ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَالصُّوفِيَّةُ مَعًا.
وَلَقَدْ كَانَ مِنْ مَشَايِخِنَا الصُّوفِيَّةِ مَنْ يُلَازِمُهُ لِذَلِكَ فَيَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَلَالَةِ وَأَنْوَارِ الْمَهَابَةِ وَالِاسْتِغْرَاقِ وَالشُّهُودِ مَا يُبْهِرُ وَيَقْهَرُ وَلِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُ الصُّوفِيَّةِ الطَّيْلَسَانُ الْخَلْوَةُ الصُّغْرَى اهـ. شَرْحُ حَجّ وَسَأَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ شَخْصٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ يَلْبَسُ الْفَرُّوجَ وَالزُّنْطَ الْأَحْمَرَ وَعِمَامَةَ الْعَرَبِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَفَضَلَ وَخَالَطَ الْفُقَهَاءَ فَأَمَرَهُ آمِرٌ أَنْ يَلْبَسَ لِبَاسَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خَرْمًا لِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ أَوْ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى هَيْئَةِ عَشِيرَتِهِ وَمَا جِنْسُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ وَمَا مِقْدَارُ عِمَامَتِهِ وَهَلْ لَبِسَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي عَهْده صلى الله عليه وسلم الزُّنْطَ أَوْ الْفَرُّوجَ فَقَالَ فِي الْجَوَابِ لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ فِي لِبَاسِهِ ذَلِكَ وَلَا خَرْمَ لِمُرُوءَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسُ عَشِيرَتِهِ وَطَائِفَتِهِ وَلَوْ غَيَّرَهُ أَيْضًا إلَى لِبَاسِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَخْرِمْ مُرُوءَتَهُ فَكُلٌّ حَسَنٌ ذَاكَ لِمُنَاسَبَةِ جِنْسِهِ وَهَذَا لِمُنَاسَبَةِ أَهْلِ وَصْفِهِ ثُمَّ بَيَّنَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ بِغَيْرِ عَمَائِمَ وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ قَلَانِسَ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ ذَوَاتَ الْآذَانِ فِي الْحُرُوبِ وَأَنَّهُ كَثِيرًا مَا كَانَ يُقِيمُ بِالْعَمَائِمِ الْحَرْقَانِيَّةِ السُّودِ فِي أَسْفَارِهِ وَيَعْتَجِرُ اعْتِجَارًا» وَالِاعْتِجَارُ أَنْ يَضَعَ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ شَيْئًا وَأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ تَكُنْ الْعِمَامَةُ فَيَشُدُّ الْعِصَابَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَجَبْهَتِهِ وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى «عَنْ رُكَانَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ صلى الله عليه وسلم النَّبِيَّ كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ» وَبَيَّنَ أَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يَسْتُرُ بِهِ الرَّأْسَ.
ثُمَّ قَالَ دَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةُ تَحْتَ الْعِمَامَةِ هُوَ الْقَلَنْسُوَةُ وَدَلَّ قَوْلُهُ بَيْضَاءَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الزُّنُوطِ الْحُمْرِ وَأَشْبَهُ شَيْءٍ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ الْقُطْنِ أَوْ الصُّوفِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِبَابِ وَالْكِسَاءِ الَّذِي