المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة الحج والعمرة] - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٢

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[ذِكْرُ الْمَوْتِ]

- ‌[تَمَنِّي الْمَوْت]

- ‌[يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ الشَّهَادَةَ]

- ‌(فَرْعٌ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْمَيِّت]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌[زَكَاة الْبَقَر]

- ‌[زَكَاة الْغَنَم]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌(فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُ الِاعْتِكَاف]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى

- ‌(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْإِحْصَارِ)

الفصل: ‌[شروط صحة الحج والعمرة]

أَوْ خَوْفِ عَضَبٍ أَوْ قَضَاءِ نُسُكٍ وَقَوْلِي " مَرَّةً إلَى آخِرِهِ " مِنْ زِيَادَتِي.

(وَشُرِطَ إسْلَامٌ) فَقَطْ (لِصِحَّةٍ) مُطْلَقَةٍ أَيْ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ.

وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ (فَلِوَلِيِّ مَالٍ) وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ نُسُكَهُ أَوْ أُحْرِمَ بِهِ (إحْرَامٌ

ــ

[حاشية الجمل]

وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ عَمَّا عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَلِمَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْتَمِرْ أَنْ يُقَدِّمَ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلِمَنْ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحُجَّ أَنْ يُقَدِّمَ عُمْرَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحَجِّ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفُ عَضَبٍ) أَيْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ نَقْلًا عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الرَّاكِبِ أَوْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ حَيْثُ يَكْفِي عَدْلٌ وَاحِدٌ بِعِظَمِ أَمْرِ الْحَجِّ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءُ نُسُكٍ) كَأَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَفْسَدَهَا اهـ. ح ل وَلَوْ أَفْسَدَ الْحَجَّ فِي الصِّغَرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَإِذَا بَلَغَ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَانَ فَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَوْرِيٌّ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إسْلَامٌ فَقَطْ لِصِحَّةٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا الْوَقْتُ، وَالنِّيَّةُ وَالْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ حَتَّى لَوْ جَرَتْ أَفْعَالُ النُّسُكِ مِنْهُ اتِّفَاقًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لَكِنْ يَرِدُ ذِكْرُ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ وَيَرِدُ ذِكْرُ الْوَقْتِ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَوَاقِيتِ وَذِكْرُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ تَعَاطِي الْأَفْعَالِ كَفَى فَلَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ يَكْفِي لِانْعِقَادِهِ تَصَوُّرُهُ بِوَجْهٍ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشُرِطَ إسْلَامٌ) أَيْ فِيمَنْ يَقَعُ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُبَاشِرُ لَهُ غَيْرُهُ فَلَا يَقَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحًا لِشَخْصٍ إلَّا إذَا كَانَ مُسْلِمًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِصِحَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا صِحَّةً مُبَاشِرَةً وَبِالْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ) أَيْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ فَإِنْ اعْتَقَدَ صَبِيٌّ الْكُفْرَ فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادُهُ الْإِحْرَامَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْكُفْرِ يُنَافِي النِّيَّةَ وَإِنْ طَرَأَ اعْتِقَادُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ الْكُفْرَ لَا يُوجِبُ كُفْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى عَنْهُ وَلِيُّهُ مَعَ اعْتِقَادِ الصَّبِيِّ الْكُفْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَّرَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ اكْتَسَبَ التَّذْكِيرَ بِإِضَافَتِهِ إلَى كُلٍّ اهـ. ز ي بِالْمَعْنَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِلْمُسْلِمِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ لِكُلٍّ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لِي مَالٍ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ لِلصَّبِيِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنْ الثِّيَابِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ إجْمَاعًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ أَيْ أَوْ عَمِلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَوَلِيُّ الْمَالِ هُوَ الْأَبُ فَالْجَدُّ فَالْوَصِيُّ فَالْحَاكِمُ أَوْ قَيِّمُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْحَجْرِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ وَلِيِّ النِّكَاحِ إذْ ذَاكَ يَشْمَلُ الْحَوَاشِي وَفِي شَرْحِ م ر وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ إحْرَامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَالْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا مَا أَوْهَمَهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ جَوَازِ إحْرَامِ الْأُمِّ عَنْهُ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً أَوْ أَنَّ الْأَجْرَ الْحَاصِلَ لَهَا بِاعْتِبَارِ أَجْرِ الْحَمْلِ وَالنَّفَقَةِ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ فِي الْخَبَرِ بِأَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ أَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ أَذِنَ لَهَا فِي الْإِحْرَامِ عَنْ الصَّبِيِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

وَصُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا صَارَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ مُحْرِمًا غَرِمَ وَلِيُّهُ دُونَهُ زِيَادَةَ نَفَقَةٍ احْتَاجَ إلَيْهَا بِسَبَبِ النُّسُكِ فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ إذْ هُوَ الْمُوقِعُ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَغْرَمُ مَا يَجِبُ بِسَبَبِهِ كَدَمِ قِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ فَوَاتٍ وَكَفِدْيَةِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ كَفِدْيَةِ جِمَاعِهِ وَحَلْقِهِ وَقَلْمِهِ وَلُبْسِهِ وَتَطَيُّبِهِ سَوَاءٌ أَفْعَلهُ بِنَفْسِهِ أَمْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ وَلَوْ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ لِمَا مَرَّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبِلَ لَهُ نِكَاحًا حَيْثُ كَانَتْ مُؤْنَتُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ دُونَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ قَدْ تَفُوتُ، وَالنُّسُكُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْبُلُوغِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَرَّحَا بِهِ كَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ، وَالْقَلْمِ عَلَى الْمُمَيِّزِ لَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُمْ وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلَهُمْ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ مُحْرِمٍ بِأَنْ أَتْلَفَهُ فِي الْحَرَمِ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَلِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ مَحْظُورًا وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ مُمَيِّزٍ بِأَنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمَعْذُورُ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا وَلَوْ سَهْوًا فَالْفِدْيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ وَفَارَقَ الْوُجُوبَ هُنَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْلِيمِ

ص: 374

عَنْ صَغِيرٍ) وَلَوْ مُمَيِّزًا وَإِنْ قَيَّدَ الْأَصْلَ بِغَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَفَزِعَتْ امْرَأَةٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» (وَ) عَنْ (مَجْنُونٍ) قِيَاسًا عَلَى الصَّغِيرِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " مَالُ غَيْرِ وَلِيِّ الْمَالِ " كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَلَا يُحْرِمُ عَمَّنْ ذُكِرَ.

وَصِفَةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الجمل]

كَالضَّرُورِيَّةِ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْوَلِيُّ فِي الصِّغَرِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلَوْ فَعَلَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ لِحَاجَةٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالْوَلِيِّ وَيَفْسُدُ حَجُّ الصَّبِيِّ بِجِمَاعِهِ الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ حَجُّ الْكَبِيرِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: وَإِذَا صَارَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ مُحْرِمًا غَرِمَ وَلِيُّهُ. . . إلَخْ هَذَا يُجْزِئُ فِي الْمُمَيِّزِ الَّذِي أَحْرَمَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَيُوَافِقُهُ التَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ إذْ لَوْلَا إذْنُهُ مَا صَحَّ إحْرَامُهُ اِ هـ سم عَلَى حَجّ.

وَفِيهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَفِي الرَّوْضَةِ فَرْعٌ لَوْ جَامَعَ الصَّبِيُّ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ فَفِي فَسَادِ حَجِّهِ قَوْلَانِ كَالْبَالِغِ إذَا جَامَعَ نَاسِيًا أَظْهَرُهُمَا لَا يُفْسِدُ وَإِنْ قُلْنَا عَمْدٌ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِذَا فَسَدَ فَهَلْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ صَحِيحٌ فَوَجَبَ بِإِفْسَادِهِ الْقَضَاءُ كَحَجِّ التَّطَوُّعِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يَجْزِيهِ الْقَضَاءُ فِي حَالِ الصِّبَا؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا نَعَمْ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِذَا جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ فِي حَالِ الصِّبَا فَشَرَعَ فِيهِ وَبَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اهـ. وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ فَسَدَ وَقَضَى وَلَوْ فِي الصِّبَا فَإِنْ بَلَغَ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ قَضَاؤُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا أَيْضًا وَبَقِيَ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ نَعَمْ لَوْ أَفْسَدَهُ فِي حَالِ كَمَالِهِ وَقَعَتْ الْحَجَّةُ الْوَاحِدَةُ عَنْ فَرْضِهِ وَقَضَائِهِ وَنَذْرِهِ إنْ كَانَ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا أَيْضًا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَعُدْ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ وَقَفَ هُنَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ اهـ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: عَنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ يَأْذَنُ لِقِنِّهِ أَيْ الصَّبِيِّ أَوْ يُحْرِمُ عَنْهُ حَيْثُ جَازَ إحْجَاجُهُ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ. . . إلَخْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ الْفِعْلِ بِلَا إذْنٍ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ يَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَن لَهُ سَيِّدُهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْمُبَعَّضِ الصَّغِيرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَسَيِّدُهُ مَعًا لَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الِاكْتِسَابِ وَمَا يَتْبَعُهُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لِإِنَاطَتِهَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا عَنْهُ وَلِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ الْمُحْرِمُ الْوَلِيَّ تَحْلِيلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ اهـ. حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قَدْ يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَأَتَّى إحْرَامُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ جَعْلُ جُمْلَتِهِ مُحْرِمًا إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ وِلَايَتُهُ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ لَا عَلَى كُلِّهَا وَلَا جَعْلُ بَعْضِهِ مُحْرِمًا إذْ إحْرَامُ بَعْضِ الشَّخْصِ دُونَ بَعْضِهِ الْآخَرِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُ لِيَكُونَ إحْرَامُهُ عَنْهُ بِوِلَايَتِهِ وَوِلَايَةِ مُوَكِّلِهِ اهـ أَقُولُ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَتَقَارَنَا فِي الصِّيغَةِ بِأَنْ يُوقِعَاهَا مَعًا اهـ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ جَازَ إحْجَاجُهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُفَوِّتْ مَصْلَحَةً عَلَى الصَّبِيِّ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ غُرْمُ زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُمَيِّزًا) أَقُولُ يُرَاجَعُ وَجْهُ ذَلِكَ إذْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ وَلَوْ الْوَلِيُّ أَنَّهُ هُنَا لَا يَنْوِي عَنْهُ إذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَيَّدَ الْأَصْلُ بِغَيْرِهِ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِغَيْرِهِ دَفْعًا لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ لِمُنَافَاةِ حَالِهِ الْعِبَادَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَخَرَجَ بِاَلَّذِي لَا يُمَيِّزُ الْمُمَيِّزُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَالْجُمْهُورِ وَاعْتَمَدَهُ لَكِنَّ الْمُصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ فَإِنْ شَاءَ أَحْرَمَ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِالرَّوْحَاءِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمَدِّ اسْمُ وَادٍ مَشْهُورٍ عَلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ «وَمَرَّ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ هَذَا مِنْ أَوْدِيَةِ الْجَنَّةِ وَصَلَّى فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا وَمَرَّ بِهِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا» اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: فَفَزِعْت) بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَسْرَعْت وَقَوْلُهُ: امْرَأَةٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ: بِعَضُدِ صَبِيٍّ أَيْ ذَكَرٍ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ إذْ مِثْلُهُ الصَّبِيَّةُ وَقَوْلُهُ: مِنْ مِحَفَّتِهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقْتَبُ كَمَا تُقْتَبُ الْهَوَادِجُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَك أَجْرٌ) أَيْ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُ

ص: 375

أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا فَيَصِيرُ مَنْ أُحْرِمَ عَنْهُ مُحْرِمًا بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَمُوَاجَهَتُهُ وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَيَسْعَى بِهِ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِفَ وَلَا يَكْفِي حُضُورُهُ بِدُونِهِ وَيُنَاوِلُهُ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

لِكَوْنِهَا وَصِيَّةً أَوْ مَأْذُونَةً مِنْ الْوَلِيِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْإِحْرَامَ عَنْ الصَّغِيرِ وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَلَكِ أَجْرٌ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ الشَّرْحِ إذْ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْإِحْرَامَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا) بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الْإِحْرَامَ عَنْ هَذَا أَوْ فُلَانٍ أَوْ جَعَلْته مُحْرِمًا بِكَذَا أَوْ أَحْرَمْت عَنْهُ كَذَلِكَ وَلَا يَصِيرُ الْوَلِيُّ مُحْرِمًا بِذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْ أُحْرِمَ عَنْهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ فَمَنْ عِبَارَةٌ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَعَنْهُ نَائِبُ فَاعِلٍ عَلَى هَذَا الْإِعْرَابِ وَإِنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ يَكُونُ فِي أَحْرَمَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ لِلْوَلِيِّ لَكِنْ عَلَى هَذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِبْرَازُ لِجَرَيَانِهَا عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَخَرَجَ بِمَنْ أُحْرِمَ عَنْهُ نَفْسُ الْوَلِيِّ فَلَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ مَا لَمْ يَنْوِ إحْرَامًا لِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجَرُّدُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَرِّدَ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مُحْرِمًا بِذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ نِيَّةِ الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ) أَيْ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَلِيِّهِ إحْضَارُهُ لِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَكِنْ يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُمَا فِي غَيْبَتِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْتَكِبَا شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا وَتَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ مَنْعِهِمَا اهـ. سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُوَاجَهَتُهُ) أَيْ مُوَاجَهَتُهُ الْوَلِيَّ لِلصَّبِيِّ حَالَ النِّيَّةِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ) أَيْ بِشَرْطِ طَهَارَتِهِمَا أَيْ الْوَلِيِّ وَالصَّبِيِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا شُرُوطُ الطَّوَافِ كَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الصَّبِيِّ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ اهـ. حَلَبِيٌّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الطَّوَافِ نِيَّةُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ حَتَّى يُقَالَ نِيَّةُ النُّسُكِ شَمِلَتْ الطَّوَافَ فَلَا حَاجَةَ لِلنِّيَّةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ شَمِلَ مَا يَفْعَلُهُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي طَوَافِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ فِي النُّسُكِ وَلَوْ بِإِحْرَامِ الْوَلِيِّ شَمِلَ أَعْمَالَهُ كَالطَّوَافِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ ثُمَّ طَافَ أَوْ أَعَادَ الطَّوَافَ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ لِنِيَّةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ طَهَارَتُهُ مِنْ الْخَبَثِ وَسَتْرُ عَوْرَتِهِ أَيْضًا وَكَذَا وُضُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُغْتَفَرُ صِحَّةُ وُضُوئِهِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ صِحَّةُ طُهْرِ مَجْنُونَةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْوَلِيَّ يَنْوِي عَنْهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةِ الْوَلِيِّ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ أَيْضًا اهـ. وَقَوْلُهُ: وَكَذَا وُضُوءُهُ. . . إلَخْ وَإِذَا وَضَّأَهُ الْوَلِيُّ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ بَلَغَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَهُوَ بِطَهَارَةِ الْوَلِيِّ أَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ هَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُصَلِّيَا بِهَا؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُعْتَدٌّ بِهَا أَوْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَا بِهَا تَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ.

ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ اهـ أَقُولُ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَزَّلَ فِعْلَ وَلِيِّهِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ فَاعْتَدَّ بِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةِ الْوَلِيِّ. . . إلَخْ اُنْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِهَا مِنْ الْوَلِيِّ مَعَ أَنَّهُ آلَةٌ لِلطَّوَافِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ كَالدَّابَّةِ وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا اُشْتُرِطَتْ مُصَاحَبَتُهُ لَهُ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْمُبَاشَرَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ) أَيْ يَطُوفُ بِهِ بِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ لِيَطُوفَ بِهِ وَيُبَاشِرَ بَقِيَّةَ الْأَعْمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) أَيْ، وَالْإِحْرَامِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْعَى بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ سَعَى عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا الطَّوَافُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُمَا بِهِ بَعْدَ فِعْلِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الرَّمْيِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِفَ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ اهـ. ح ل وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي حُضُورُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ بِدُونِهِ أَيْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيُنَاوِلُهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي مُنَاوَلَةِ الْوَلِيِّ الْأَحْجَارَ أَنْ يَكُونَ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ وَبَحَثَ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مُنَاوَلَةَ الْأَحْجَارِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الرَّمْيِ فَتُعْطَى حُكْمَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاوَلَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ الْأَحْجَارَ مِنْ الْأَرْضِ اهـ. ح ل وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف وَاعْتَمَدَ أَيْضًا مَا بَحَثَهُ حَجّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَرْمِيَهَا إنْ قَدَرَ) أَيْ وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ التَّمْيِيزُ اهـ. اط ف (قَوْلُهُ: مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلِيٌّ أَوْ مَأْذُونٌ لَهُ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ

ص: 376

وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ وَيُصَلِّي وَيَسْعَى وَيَحْضُرُ الْمَوَاقِفَ وَيَرْمِي الْأَحْجَارَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يُحْرِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَائِلِ الْعَقْلِ وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ عَلَى الْقُرْبِ.

(وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ (مَعَ تَمْيِيزٍ) وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ (لِمُبَاشَرَةٍ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ (فَلِمُمَيِّزٍ إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) مِنْ أَبٍ ثُمَّ جَدٍّ ثُمَّ وَصِيٍّ ثُمَّ حَاكِمٍ أَوْ قَيِّمِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَلَا مُمَيِّزٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ (مَعَ بُلُوغٍ وَحُرِّيَّةٍ لِوُقُوعٍ عَنْ فَرْضِ إسْلَامٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ وَتَعْبِيرِي بِفَرْضِ إسْلَامٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ.

(فَيُجْزِئُ) ذَلِكَ (مِنْ فَقِيرٍ) لِكَمَالِ حَالِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَرِيضٌ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ الْجُمُعَةَ (لَا) مِنْ (صَغِيرٍ وَرَقِيقٍ) إنْ كَمُلَا بَعْدَهُ لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَلِنَقْصِ حَالِهِمَا فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَكَانَ عَلَيْهِ التَّقْيِيدُ فِيهِمَا كَمَا فَعَلَ حَجّ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وُجُوبًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الطَّوَافِ لَا فِي الْوَلِيِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالْمُمَيِّزُ) أَيْ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ رَاجِعٌ لِلْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ كَالْمَجْنُونِ فَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ، وَالْأَصَحُّ إحْرَامُهُ عَنْهُ كَالْمَجْنُونِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ فَإِنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِقْلَالُ بِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ يُبَاشِرَانِ لَكِنْ مَعَ الْوَلِيِّ لَا اسْتِقْلَالًا حَتَّى فِي صُورَةِ الرَّمْيِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُنَاوَلَتِهِ لَهُمَا الْأَحْجَارَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) لَمْ يَقُلْ وَمَعَ إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ شَرْطٌ فِي الْإِحْرَامِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلِمُمَيِّزٍ إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) شَمِلَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْغَيْرِ بِتَطَوُّعٍ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي عَمَلِ شَيْءٍ لَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ الْوَلِيِّ بِتَطَوُّعٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ جَازَ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَسَادُ إذْنِهِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْغِبْطَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّفَرِ أَوْ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إذْنِهِ فِي هَذَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْمَالِ فَلَيْسَ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً مَحْضَةً بَلْ فِيهَا شَائِبَةُ مَالٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ لِكَوْنِهَا بَدَنِيَّةً مَحْضَةً. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) إضَافَتُهُ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ وَلِيُّ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ مَعَ بُلُوغٍ وَحُرِّيَّةٍ. . إلَخْ) أَيْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْمُبَاشِرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ مَعْضُوبٍ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ لِوُقُوعِ مَا بَاشَرَهُ عَنْ فَرْضِهِ أَوْ عَنْ فَرْضِ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ لَا يُنِيبُ فِيهِ إلَّا مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وحج.

(قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ مِنْ فَقِيرٍ) وَلَوْ تَكَلَّفَ الْفَقِيرُ الْحَجَّ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَفَاهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا فَلَوْ أَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ يَقَعُ قَضَاؤُهُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ وَأَدْرَكَا زَمَنًا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ أَجْزَأَهُمَا لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْحَجِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ وَيُعِيدُ مَنْ ذُكِرَ السَّعْيَ إنْ كَانَ قَدْ سَعَى بَعْدَ الْقُدُومِ لِوُقُوعِهِ فِي حَالَةِ النُّقْصَانِ وَيُخَالِفُ الْإِحْرَامَ فَإِنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إجْزَاؤُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ عَلَى الْكَمَالِ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَوْ لَمْ يُعِدْ اسْتَقَرَّتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَفْوِيتِهِ لَهَا مَعَ إمْكَانِ الْفِعْلِ وَلَوْ كَمُلَ مَنْ ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ أَيْ فِي الْعُمْرَةِ فَكَمَا لَوْ كَمُلَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ وَيُعِيدُ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِ بَلْ لَوْ كَمُلَ بَعْدَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُقُوفَ بَعْدَ الْكَمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ اهـ.

وَوُقُوعُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعُمْرَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ وَالطَّوَافُ فِيهَا كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ فِي حَالِ النَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيَّ الْمِيقَاتِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ وَفَارَقَ الْكَافِرَ الْآتِي إذَا لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ بِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَةِ نَقْصِهِ حِينَ مَرَّ بِهِ وَحَيْثُ أَجْزَأَهُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوَّعَا وَانْقَلَبَ عَقِبَ الْكَمَالِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ الدَّارِمِيِّ لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ تَجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ حَجَّتَانِ حَجَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَأُخْرَى لِلْفَوَاتِ وَيَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ قَبْلَ الْوُقُوفِ حَجَّهُ ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ وَاحِدَةٌ عَنْ

ص: 377

أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَجْزَأَهُمَا وَأَعَادَا السَّعْيَ.

(وَ) شُرِطَتْ الْمَذْكُورَاتُ (مَعَ اسْتِطَاعَةٍ لِوُجُوبٍ) فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ: الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَالْوُجُوبُ.

(وَهِيَ) أَيْ الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ وَشُرُوطُهَا) سَبْعَةٌ: أَحَدُهَا

ــ

[حاشية الجمل]

حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلْإِفْسَادِ وَأُخْرَى لِلْفَوَاتِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ دَمٍ عَلَى الرَّقِيقِ قَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَنْ وَاجِبِ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَفْسَدَهُ وَإِلَّا وَجَبَ قَالَ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ بِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقَةِ هِيَ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا لِلْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ بَحْثَهُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الثَّانِي أَيْضًا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ نَعَمْ يُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِفُحْشِ الْكُفْرِ وَمُنَافَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِذَاتِهِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ بِهِ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ أَيْ تَفْصِيلِهِ السَّابِقِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ خَرَجَ بِهِ وَلِيُّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِلْوُقُوعِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إنْ كَانَتْ مُدَّةُ إقَامَةِ مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْحَجِّ وَوُجِدَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ الْبَاقِيَةُ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا هَذَا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ، وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ، وَالسَّعْيِ، وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ إحْرَامًا بَاطِلًا أَوْ جَاوَزَهُ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ لَزِمَهُ دَمٌ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَيْ إذَا جَاوَزَا مَعَ الْإِرَادَةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنِهِ انْتَهَتْ مَعَ بَعْضِ تَقْيِيدَاتٍ مِنْ حَوَاشِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ مَا مَضَى مِنْ الطَّوَافِ وَأَمَّا الْوُقُوفُ فَيَكْفِي فِيهِ لَحْظَةٌ وَقَوْلُهُ: وَأَعَادَا السَّعْيَ أَيْ إنْ كَانَ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَاجِّ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ رَاجِعَةٌ لِلْحَاجِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا) أَيْ وَيُعِيدَانِ مَا مَضَى قَبْلَ الْكَمَالِ اهـ. م ر وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ) فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهُ إذَا أَسْلَمَ وَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْضَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ. . . إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْمُبَعَّضِ إذَا كَانَتْ نَوْبَتُهُ تَسَعُ الْحَجَّ اهـ. ح ل وَأَقُولُ يَأْتِي فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ وَيَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُهَايَأَةِ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَنَوْبَةُ الْمُبَعَّضِ فِيهَا تَسَعُ الْحَجَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا ح ل أَقُولُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَلْزَمُ بَلْ لِأَحَدِ الْمُتَهَايِئَيْنِ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ وَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّةَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمُهَايَأَةِ لَا يُفَوِّتُ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَجُوزُ رُجُوعُ السَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهِ وَيُمْنَعُ الْمُبَعَّضُ مِنْ اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ فِي حِصَّتِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ) زَادَ فِي الرَّوْضَةِ مَرْتَبَةً خَامِسَةً وَهِيَ صِحَّةُ النَّذْرِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ فَيَلْزَمُ ذِمَّةَ الرَّقِيقِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ) أَيْ اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِنَفْسِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَشُرُوطُهَا) أَيْ الْأُمُورُ الَّتِي تَتَحَقَّقُ الِاسْتِطَاعَةُ بِهَا فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ إذْ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تُتَعَقَّلُ بَلْ تُوجَدُ خَارِجًا بِدُونِ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ يُتَعَقَّلُ وَيَتَحَقَّقُ بِدُونِ الشُّرُوطِ، وَالِاسْتِطَاعَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ تَأَمَّلْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُقَدِّرَ كَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَا سَأَذْكُرُهُ أَوَاخِرَ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْإِمْكَانِ الْعَادِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ اهـ حَجّ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ أَرْبَابِ الْخُطْوَةِ فَاخْتَارَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَيْهِ اهـ.، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَامِنٌ صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِيجَابِ فِي الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَوْ

ص: 378

(وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا) كَزَادٍ وَأَوْعِيَتِهِ وَأُجْرَةِ خِفَارَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ (إلَّا إنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ النُّسُكُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ سَفَرُهُ أَوْ قَصُرَ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي الْيَوْمِ مَا لَا يَفِي بِأَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فِيهِمَا عَنْ كَسْبِهِ لِعَارِضٍ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ فِي الْأَوَّلِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَقَدَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَيَّامَ الْحَجِّ بِمَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَزَوَالِ ثَالِثَ عَشَرَةَ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ.

ــ

[حاشية الجمل]

اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ افْتَقَرَ قَبْلَ شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لِمَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الذَّهَابُ، وَالْإِيَابُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ افْتَقَرَ قَبْلَ شَوَّالٍ أَيْ فِيمَنْ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِمْ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى أَفْلَسَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ إلَى الْحَجِّ وَإِنْ عَجَزَ لِلْإِفْلَاسِ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ قَدْرَ الزَّادِ فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَيَحُجَّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَاتَ مَاتَ عَاصِيًا اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النُّسُكَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ إذْ لَا يَتَضَيَّقُ إلَّا بِوُجُودِ مُسَوِّغِ ذَلِكَ فَمُرَادُهُمْ بِمَا ذُكِرَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ فِي الدَّيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ سُؤَالِ الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ مَا لَمْ يَتَضَيَّقْ أَيْ بِخَوْفِ الْعَضَبِ أَوْ الْمَوْتِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وُجُودُ مُؤْنَتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَوْعِيَتِهِ) وَمِنْهُ السُّفْرَةُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ خِفَارَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَفَرْت الرَّجُلَ حَمَيْته، وَأَجَرْته مِنْ طَالِبِهِ فَأَنَا خَفِيرٌ وَالِاسْمُ الْخُفَارَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْخِفَارَةُ مُثَلَّثَةُ الْخَاءِ جُعْلُ الْخَفِيرِ اهـ. بِحُرُوفِهِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: ذَهَابًا وَإِيَابًا) أَيْ وَإِقَامَةً وَلَوْ بِمَكَّةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ كَزَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَعَشِيرَةٍ أَيْ أَقَارِبَ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي حَقِّهِ نَفَقَةُ الْإِيَابِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الزَّادِ وَغَيْرِهِ إذْ الْمُحَالُ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ أَيْضًا فِي الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ انْتَهَتْ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ مُؤْنَةِ الْإِيَابِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُقِيتُهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ قَطْعًا لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا اهـ. مِنْ شَرْحِ حَجّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَعَارِفِ وَالْأَصْدِقَاءِ لِتَيَسُّرِ اسْتِبْدَالِهِمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصُرَ سَفَرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَكْسِبُ) أَيْ بِحَسَبِ عَادَتِهِ أَوَ ظَنِّهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ) الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلُ أَيَّامِ الْحَجِّ أَيْ يَوْمَ السَّابِعِ أَيْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ عَلَى كَسْبٍ تَفِي أُجْرَتُهُ بِمُؤْنَةِ أَيَّامِ الْحَجِّ كُلِّهَا وَلَا بُدَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِالْفِعْلِ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي بَعْضِ أَيَّامِ الْحَضَرِ أَيْ الْأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى كَسْبٍ تَفِي أُجْرَتُهُ بِمُؤْنَةِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْكَسْبُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ لَا يَجِبُ فَلَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ فِي الْحَضَرِ مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ السَّفَرِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مُسْتَطِيعًا فِي السَّفَرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ تَحْصِيلِ الْكَسْبِ وَهَذَا لَا يُعَدُّ مُسْتَطِيعًا لَهُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْكَسْبِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فِي السَّفَرِ بَلْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ فَقَطْ كَمَا عَلِمْت اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ، وَالْمُرَادُ الْكَسْبُ اللَّائِقُ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ غَيْرَ اللَّائِقِ بِهِ عَارًا أَوْ ذُلًّا شَدِيدًا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ بِغَيْرِ لَائِقٍ بِهِ كَانَ لِزَوْجَتِهِ الْفَسْخُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ سَفَرُهُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ سَمِّ لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ يُصَيِّرُهُ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ الْوُجُوبُ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ: لَا يَجِبُ لِأَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَرَ فِي الْمَجْمُوعِ. . . إلَخْ) وَجْهُ اعْتِبَارِ مَا بَعْدَ زَوَالِ السَّابِعِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ تَوَجُّهِهِ مِنْ الْغَدِ إلَى مِنًى، وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْأَفْضَلَ وَهُوَ إقَامَتُهُ بِمِنًى وَيُعْتَبَرُ فِي الْعُمْرَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةِ مَا يَسَعُهَا غَالِبًا وَهُوَ ثُلُثَا يَوْمٍ وَقِيلَ نِصْفُهُ مَعَ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَثَالِثَ عَشَرَةَ) أَيْ فَتَكُونُ سِتَّةً كَامِلَةً وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا سَبْعَةٌ مَعَ تَحْدِيدِهِ لَهَا بِمَا ذُكِرَ فِيهِ اعْتِبَارُ الطَّرَفَيْنِ أَيْ اعْتِبَارُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يَوْمًا بِتَمَامِهِ أَيْ اعْتِبَارُ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ. . إلَخْ أَيْ يَنْتَقِلْ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فَالنَّفْرُ هُوَ الِانْتِقَالُ أَمَّا مَنْ نَفَرَ فَهِيَ فِي حَقِّهِ خَمْسَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ سِتَّةٌ بِاعْتِبَارِ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ فِي الطَّرَفَيْنِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.

ص: 379

(وَ) ثَانِيهَا (وُجُودُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ أَوْ) دُونَهُمَا (وَضَعُفَ عَنْ مَشْيٍ) بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ أَوْ يَنَالَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ (رَاحِلَةٌ مَعَ شَقِّ مَحْمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ فِي حَقِّ رَجُلٍ اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ وَفِي حَقِّ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَحْوَطُ (لَا فِي) حَقِّ (رَجُلٍ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الشِّقِّ وَإِطْلَاقِي اشْتِرَاطُهُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْمَشَقَّةِ (وَ) مَعَ (عَدِيلٍ يَجْلِسُ) فِي الشِّقِّ الْآخَرِ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِ شِقٍّ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ قَالَ جَمَاعَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ فِي مِثْلِهِ بِالْمُعَادَلَةِ بِالْأَثْفَالِ وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ لُزُومُهُ وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمَلِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ وَهُوَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ مِنْ جَوَانِبِ الْمَحْمَلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ.

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ: وَوُجُودُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ. . . إلَخْ) بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلٍ لَا بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَدَرَ عَلَيْهَا أَوْ رُكُوبِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إنْ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَصَحَّحْنَاهُ أَوْ مُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَى الْحَمْلِ إلَى مَكَّةَ، وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَهْلِ وَظَائِفِ الرَّكْبِ مِنْ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إنْ قَبِلَهُ وَهَلْ يَجِبُ الْقَبُولُ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ أَوْ لَا لِمَا فِي قَبُولِ الْوَقْفِ مِنْ الْمِنَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ وَمَاتَ الْمُوصِي هَلْ يَجِبُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ فِيهِمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ لِمَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْتَقِلُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَاخْتِلَالِ شَرْطٍ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ فَتَضْعُفُ الْمِنَّةُ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ وَقَوْلُهُ: الْوُجُوبُ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا حَمَلَهُ الْإِمَامُ يَنْبَغِي وُجُوبُ السُّؤَالِ إذَا ظَنَّ الْإِجَابَةَ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ) أَيْ نَفْسِهَا لَا الْحَرَمُ وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ مِنْهُ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ فِيهِمَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ) فِي الْمُخْتَارِ الْعَجْزُ الضَّعْفُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَمُعْجِزًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَعَجَزَتْ الْمَرْأَةُ: صَارَتْ عَجُوزًا وَبَابُهُ دَخَلَ وَكَذَا عَجِزْت تَعْجِيزًا، وَعَجِزْت مِنْ بَابِ طَرِبَ وَعُجْزًا بِوَزْنِ قُفْلٍ عَظُمَتْ عَجِيزَتُهَا، وَامْرَأَةٌ عَجْزَاءُ بِوَزْنِ حَمْرَاءَ: عَظِيمَةُ الْعَجُزِ أَوْ عَجَزَهُ الشَّيْءُ فَاتَهُ وَعَجَّزَهُ تَعْجِيزًا ثَبَّطَهُ أَوْ نَسَبَهُ إلَى الْعَجْزِ، وَالْمُعْجِزَةُ وَاحِدَةُ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْعَجُوزُ الْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ وَلَا تَقُلْ عَجُوزَةٌ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ، وَالْجَمْعُ: عَجَائِزُ وَعُجْزٌ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ عَجْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَجِزَ عَجْزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ لِبَعْضِ قَيْسِ غَيْلَانَ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهَذِهِ اللُّغَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً عِنْدَ الْعَلَّامَةِ حَجّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ م ر تُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: رَاحِلَةٌ) هِيَ فِي الْأَصْلِ النَّاقَةُ، وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْمَرْكُوبِ فَحِينَئِذٍ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لِلْمَرْكُوبِ فِي الْمَعْنَى فَالْعُمُومُ الَّذِي ادَّعَاهُ فِيمَا يَأْتِي مَمْنُوعٌ هَذَا، وَالرَّاحِلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْنَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِبَارَتِهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَهَا لِأَجْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيهَا الَّذِي لَا يَجْرِي فِي بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَصْلُ الرَّاحِلَةِ النَّاقَةُ الصَّالِحَةُ لِلْحَمْلِ وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُرْكَبُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُرَادُهُمْ هُنَا وَأَلْحَقَ الطَّبَرِيُّ بِهَا كُلَّ دَابَّةٍ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهِ اهـ. ز ي أَقُولُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَجُّ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُعَادِلِ الْآتِي حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ اللِّيَاقَةُ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ بِمُجَالَسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ شِقِّ مَحْمَلٍ) الشِّقُّ بِالْكَسْرِ نِصْفُ الشَّيْءِ اهـ. مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ رَجُلٍ اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ) بِأَنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ) أَيْ بِرُكُوبِهَا مِنْ غَيْرِ مَحْمَلٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ لَا فِي رَجُلٍ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرَا بِهَا) كَنِسَاءِ الْأَعْرَابِ، وَالْأَكْرَادِ، وَالتُّرْكُمَانِ عِنْدَ شَيْخِنَا كحج اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَمَعَ عَدِيلٍ يَجْلِسُ. . . إلَخْ) حَتَّى إذَا لَمْ يَرْضَ إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَاعْتُبِرَتْ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا. اهـ شَيْخُنَا وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَدِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا وَلَا مَشْهُورًا بِنَحْوِ مُجُونٍ أَوْ خَلَاعَةٍ وَلَا شَدِيدَ الْعَدَاوَةِ لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ هُنَا أَعْظَمُ بِطُولِ مُصَاحَبَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ أَوْ جُذَامٍ وَأَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى الرُّكُوبِ بَيْنَ الْمُحَمِّلِينَ إذَا نَزَلَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا وُجُوبَ وَإِنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمَلِ بِتَمَامِهِ إذْ قَدْرُ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يُمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ) هُوَ خَشَبٌ وَنَحْوُهُ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ اهـ. شَرْحُ م ر كَالْمِسْطَحِ، وَالشُّقْدُفِ (قَوْلُهُ: الْكَنِيسَةُ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَنْسِ وَهُوَ السِّتْرُ فَإِنْ عَجَزَ فَالْمِحَفَّةُ فَإِنْ عَجَزَ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ: الْكَانِسُ الظَّبْيُ يَدْخُلُ فِي كِنَاسِهِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ مِنْ الشَّجَرِ يَكْنِسُ فِيهِ وَيَسْتَتِرُ وَقَدْ كَنَسَ الظَّبْيُ مِنْ بَابِ جَلَسَ وَتَكَنَّسَ مِثْلُهُ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا، وَالْمِحَفَّةُ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقْتَبُ كَمَا تُقْتَبُ الْهَوَادِجُ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَيْهَا سِتْرٌ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُسْتَرُ بِهِ

ص: 380

أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ.

(وَشُرِطَ كَوْنُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا (فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) ذَهَابَهَ وَإِيَابَهُ (وَغَيْرِهَا مِمَّا) ذُكِرَ (فِي الْفِطْرَةِ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَتُسَمَّى الْآنَ بِالْمَحَارَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَتُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالْجِعْفَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ. . . إلَخْ) .

قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ أَكْثَرُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ يَسِيرَةٌ إذْ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ سَهْلٌ مَشَقَّتُهُ مُحْتَمَلَةٌ وَلَا يُخْشَى مِنْ الِانْقِطَاعِ فِيهِ مَا يُخْشَى مِنْ الِانْقِطَاعِ فِي غَيْرِهِ غَالِبًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ) أَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِالْمَشْيِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَبْوُ وَلَا الزَّحْفُ وَإِنْ أَطَاقَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ الشِّقِّ وَالْعَدِيلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَشْيِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ أَيْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ أَيْ الْمَشْيُ وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالرُّكُوبُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ لِلِاتِّبَاعِ، وَالْأَفْضَلُ أَيْضًا لِمَنْ قَدَرَ أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْقَتَبِ، وَالرَّحْلِ فِعْلُ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَصِّلَ مَرْكُوبًا قَوِيًّا وَطَيًّا، وَالرُّكُوبُ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّ رَاكِبًا وَكَانَتْ رَاحِلَتُهُ زَامِلَةً» وَيُسْتَحَبُّ الْحَجُّ عَلَى الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ دُونَ الْمَحَامِلِ وَالْهَوَادِجِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَلَا يَلِيقُ بِالْحَاجِّ غَيْرُ التَّوَاضُعِ فِي جَمِيعِ هَيْئَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ فِي جَمِيعِ سَفَرِهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا الْمَرْكُوبُ وَاَلَّذِي يَسْتَتِرُ بِهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ وَيَنْبَغِي إذَا اكْتَرَى أَنْ يُظْهِرَ لِلْجَمَّالِ جَمِيعَ مَا يُرِيدُ حَمْلَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَيَسْتَرْضِيَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ لِرِئَاسَتِهِ أَوْ ارْتِفَاعِ مَنْزِلَتِهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ ثَرْوَتِهِ أَوْ مُرُوءَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ أَهْلِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي تَرْكِهِ السُّنَّةَ فِي اخْتِيَارِ الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْجَاهِلِ مِقْدَارَ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ وَمَعَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَفْضُولًا لَوْ نَذَرَهُ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَسْرًا لِلنَّفْسِ وَهُوَ مَطْلُوبٌ وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إذَا لَمْ يَنْذِرْهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِنْهَا وَانْتِهَاؤُهُ بِانْتِهَاءِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي وَتَمَامِ الْعُمْرَةِ، وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي خِلَالِ النُّسُكِ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ الْمَشْيُ فِي قَضَائِهِ لَا فِي مُضِيِّهِ فِي الْفَاسِدِ وَلَا فِي تَحَلُّلِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِذَا خَالَفَ مُقْتَضَى النَّذْرِ وَرَكِبَ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يَأْثَمْ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَثِمَ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَالدَّمُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ الْآتِي بَيَانُهُ وَكَمَا أَنَّ الْمَشْيَ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَذَلِكَ الرُّكُوبُ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ فَانْعِقَادُ نَذْرِهِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَإِذَا أَخْلَفَ نَذْرَهُ فَمَشَى فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي إخْلَافِ نَذْرِ الْمَشْيِ اهـ. مِنْ شَرْحِ ابْنِ الْجَمَالِ الْمَكِّيِّ عَلَى نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي لِدِمَاءِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُؤْنَةِ وَهُوَ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) عَبَّرَ بِمُؤْنَةٍ دُونَ نَفَقَةٍ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا غَيْرُهُ لِيَشْمَلَ أَيْضًا إعْفَافَ الْأَبِ وَأُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرِيبِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ إذَا تَعَيَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) أَيْ وَكِسْوَتِهِمْ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْمُؤْنَةُ الْكُلْفَةُ تَقُولُ: مَأَنْتُهُ أَمْأَنُهُ كَسَأَلْتُهُ أَسْأَلُهُ، وَمُنْت أَمُونُ كَقُلْتُ أَقُولُ، وَيَدْخُلُ فِيهَا إعْفَافُ الْأَبِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَضِيعُوا فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» وَيَحْرُمُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْفَاضِلَ عَنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عِنْدَ فَقْدِ مُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِجَعْلِهِمَا ذَلِكَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُضَيِّعًا لَهُمْ كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ. . . إلَخْ هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجِهَادِ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ لَهُمْ نَفَقَةَ يَوْمِ الْخُرُوجِ جَازَ سَفَرُهُ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ: " وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ إلَى إذْنِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ مَنْ يَمُونُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلُهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ كَمَا مَرَّ ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَفِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ

ص: 381

مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهَا لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَاجِزٌ، وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي وَعَنْ كُتُبِ الْفَقِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ تَصْنِيفٍ وَاحِدٍ نُسْخَتَانِ فَيَبِيعُ إحْدَاهُمَا، وَعَنْ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا وَهَذَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْفِطْرَةِ وَمَا زِدْته ثَمَّ غَيْرُ الدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي هُنَا (لَا عَنْ مَالِ تِجَارَتِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

عَدَمَ الْجَوَازِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَلَا يُكَلَّفُ بِدَفْعِهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ أَوْ فَصْلًا بِفَصْلٍ وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بَاطِنًا وَمَا فِي السِّيَرِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ ظَاهِرًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ أَمْهَلَ بِهِ رَبَّهُ سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ أَمْ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ فَكَالْحَاصِلِ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَكَالْمَعْدُومِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَجَّلًا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ مَا مَعَهُ فِي الْحَجِّ فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ وَقَدْ تَخْتَرِمُهُ الْمَنِيَّةُ فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً اهـ. أَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ. . . إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ يَرْجُو الْوَفَاءَ مِنْهَا عِنْدَ حُلُولِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ أَيْ جَمِيعِ مَا مَرَّ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنَةِ اللَّائِقِ بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ لِحَاجَتِهِ وَعَنْ عَبْدٍ يَلِيقُ بِهِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ لِمَنْصِبٍ أَوْ عَجْزٍ كَمَا يَبْقَيَانِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يُبَاعَانِ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَأْتِي هُنَا مَا إذَا تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِخَوْفِ عَضَبٍ أَوْ قَضَاءٍ عَلَى الْفَوْرِ هَلْ يَبْقَيَانِ كَالْحَجِّ الْمُتَرَاخِي أَوْ لَا كَالدَّيْنِ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُسْتَغْرِقَةً لِحَاجَتِهِ وَكَانَتْ سَكَنَ مِثْلِهِ، وَالْعَبْدُ يَلِيقُ بِهِ فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِهِ لَزِمَهُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ إنْ وَفَى الزَّائِدُ بِمُؤْنَةِ نُسُكِهِ وَمِثْلُهُمَا الثَّوْبُ النَّفِيسُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمَأْلُوفِينَ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ لَهَا بَدَلًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلَوْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهَا يَكْفِيهِ وَلَوْ غَيْرَ نَفِيسَةٍ وَوَفَّى ثَمَنُهُ بِمُؤْنَةِ نُسُكِهِ لَزِمَهُ أَيْضًا وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثًا الْأَمَةُ النَّفِيسَةُ الَّتِي لِلْخِدْمَةِ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْخِدْمَةِ بِأَنْ كَانَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ فَكَالْعَبْدِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْعُلْقَةَ فِيهَا كَالْعُلْقَةِ فِيهِ وَأَيَّدَهُ الشَّيْخُ بِمَا يَأْتِي فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ مَلْبَسٍ) إلَى قَوْلِهِ وَسِلَاحِهِ، وَالِاحْتِيَاجِ إلَى ثَمَنِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ كَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةَ وَقَوْلُهُ: لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ رَاجِعَانِ لِلْخَادِمِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِيهَا إجْمَالٌ رُبَّمَا أَخَلَّ بِالْفَهْمِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا يَحْتَاجُهَا) أَيْ فِي الْحَالِ خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فِي الْحَالِ كَامْرَأَةٍ لَهَا مَسْكَنٌ أَوْ خَادِمٌ وَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ وَكَالسَّاكِنِ بِالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ يَمْلِكُهُ فَيُكَلَّفُ بَيْعَ الْمَسْكَنِ، وَالْخَادِمِ لِلنُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يُعْتَبَرُ الْحُكْمُ لَوْ تَضَيَّقَ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ يُحْتَمَلُ تَغَيُّرُهُ كَاجْتِمَاعِ الدَّيْنِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ فِي التَّرِكَةِ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّرِكَةَ صَارَتْ مَرْهُونَةَ الْعَيْنِ بِالْمَوْتِ فَقُدِّمَ مِنْهَا الْأَقْوَى تَعَلُّقًا وَهَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا) وَآلَةِ الْحِرْفَةِ لِلْمُحْتَرِفِ وَبَهَائِمِ الزَّرَّاعِ وَمِحْرَاثِهِ كَذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي مَالِ التِّجَارَةِ بِأَنَّ الْمُحْتَرِفَ يَحْتَاجُ إلَى الْآلَةِ حَالًا وَمَالُ التِّجَارَةِ لَيْسَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِي الْحَالِ. اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَمَا زِدْته ثُمَّ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِبَارَتِهِ هُنَاكَ وَنَصُّهَا: وَقَوْلِي مَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ وَالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي انْتَهَتْ.

فَأَنْتَ تَرَاهَا قَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى خَمْسَةِ أُمُورٍ مَزِيدَةٍ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الدَّيْنُ لَكِنَّ الْأَصْلَ ذَكَرَهُ هُنَا فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَزِيدًا فِي بَابِ الْفِطْرَةِ لَيْسَ مَزِيدًا هُنَا فَلِذَلِكَ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ الدَّيْنِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الَّذِي زِدْتُهُ ثَمَّ غَيْرَ الدَّيْنِ، وَالْغَيْرُ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ كَمَا عَلِمْت فَهِيَ مَزِيدَةٌ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا كَمَا أَنَّهَا مَزِيدَةٌ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْفِطْرَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْحَالُ فِي الدَّيْنِ فَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي بَابِ الْفِطْرَةِ أَيْضًا لَا هُنَا تَأَمَّلْ وَاشْتِرَاطُ الْفَضْلِ عَنْهُ هُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي الْفِطْرَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ الْفَضْلُ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا اعْتِبَارَ الْفَضْلِ هُنَا وَلَمْ يَحْكُوا فِيهِ خِلَافًا مَعَ حِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ هُنَاكَ، وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ بِحَقَارَةِ الْفِطْرَةِ غَالِبًا بِالنِّسْبَةِ لِلدَّيْنِ فَسُومِحَ بِوُجُوبِهَا مَعَ الدَّيْنِ عَلَى أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ بِخِلَافِ مُؤَنِ الْحَجِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ) تَنْبِيهٌ قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ

ص: 382

بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَةِ نُسُكِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ) صَرْفُهُ فِي دَيْنِهِ وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ؛ لِأَنَّهُمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلنِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لِخَائِفِ الْعَنَتِ تَقْدِيمُ النِّكَاحِ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمُ النُّسُكِ.

(وَ) ثَالِثُهَا (أَمْنُ طَرِيقٍ) وَلَوْ ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (نَفْسًا وَبَضْعًا) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَالًا) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رصديا وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ أَيْ يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ وَلَا طَرِيقَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ وَيُقَاتِلُوهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ (وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْمَدِينِ النُّزُولُ عَنْ وَظَائِفِهِ بِعِوَضٍ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ وَظَائِفُ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَا يَكْفِيهِ لِلْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ وَفِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ وَظَائِفُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَالٍ لِلْحَجِّ الْجَوَابُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ بَيْعِ الضَّيْعَةِ الْمُعَدَّةِ لِلنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ، وَالنُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ إنْ صَحَّحْنَاهُ مِثْلُ التَّبَرُّعَاتِ اهـ. سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ م ر وَمِثْلُ الْوَظَائِفِ الْجَوَامِكُ، وَالْمَحِلَّاتُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ إذَا انْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِ وَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ فَيُكَلَّفُ إيجَارَهُ مُدَّةً تَفِي بِمُؤَنِ الْحَجِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَظَاهِرُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الشَّعَائِرُ بِنُزُولِهِ عَنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ. . . إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ بَعْدُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً) الذَّخِيرَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ وَفِعْلُهُ ذَخَرَ يَذْخَرُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ذُخْرًا بِالضَّمِّ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةَ الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ، وَالْحَجُّ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ لَهَا فَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِحَالٍ لَا سِيَّمَا، وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي اهـ. شَرْحُ حَجّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النِّكَاحِ) فَلَوْ قَدَّمَهُ وَلَمْ يَحُجَّ وَمَاتَ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لحج اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النُّسُكِ وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ كَانَ عَاصِيًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ. اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَمَعَ أَمْنٍ لَائِقٍ بِالسَّفَرِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَالًا وَلَوْ يَسِيرًا) نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلنَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ فَلَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَلَدِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ خَافَ عَلَى بُضْعِ حَلِيلَتِهِ فِي الْبَلَدِ لَوْ سَافَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ بِخِلَافِ الْمَالِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهَا تَسْتَغِيثُ فَتُسْتَنْقَذُ بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَافَ. . . إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَوْفِ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ. . . إلَخْ) فِي الْمُخْتَارِ الرَّاصِدُ لِلشَّيْءِ الرَّاقِبُ لَهُ وَبَابُهُ نَصَرَ وَرَصَدَ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ، وَالتَّرَصُّدُ التَّرَقُّبُ، وَالرَّصَدُ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ الْقَوْمُ يَرْصُدُونَ كَالْحِرْصِ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمُؤَنَّثُ وَرُبَّمَا قَالُوا إرْصَادٌ، وَالْمَرْصَدُ بِوَزْنِ الْمَذْهَبِ مَوْضِعُ الرَّصَدِ وَأَرْصُدُهُ لِكَذَا أُعِدُّهُ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرَهُ) أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ) حَتَّى لَوْ انْدَفَعَ الرَّصَدِيُّ بِمَالِ طَلَبِهِ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ الَّذِي يَطْلُبُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاعْتَمَدَهُ م ر لِضَعْفِ الْمِنَّةِ بِبَذْلِهِ عَنْ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ مُنْتَفٍ نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ عَنْ هَذَا الشَّخْصِ بِخُصُوصِهِ لَمْ يَجِبْ قَالَهُ م ر هَذَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَدَمَ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ الْبَاذِلُ أَحَدَ الرَّعِيَّةِ مُطْلَقًا اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ إذْ لَا حَاجَةَ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ التَّحَلُّلِ فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ هُنَا لَا يُنَافِي تَخْصِيصَهُمَا لَهُمَا بِالْكَافِرِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا قَبْلَهُ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ. . . إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْبُرُوا بِلَادَنَا أَمَّا إذَا عَبَرُوهَا فَتَجِبُ مُقَاتَلَتُهُمْ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ لَا جَرَمَ عَلَّلَ حَجّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحُجَّاجِ عَدَمُ اجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَضَعْفُ جَانِبِهِمْ فَلَوْ كُلِّفُوا الْوُقُوفَ لَهُمْ كَانُوا طُعْمَةً لَهُمْ وَذَلِكَ يَبْعُدُ وُجُوبُهُ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْفَرْضَ تَامٌّ بِغَيْرِهِمْ أَوْ السُّنَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ) بِسُكُونِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ يَلْزَمُ الرَّجُلَ وَلَوْ جَبَانًا، وَالْمَرْأَةَ إنْ وَجَدَتْ لَهَا مَحِلًّا تَنْعَزِلُ فِيهِ عَنْ الرِّجَالِ وَخَرَجَ بِالْبَحْرِ أَيْ الْمِلْحِ إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ، وَالدِّجْلَةِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَخَطَرُهَا لَا يَعْظُمُ وَلَا فَرْقَ

ص: 383

تَعَيَّنَ) طَرِيقًا (وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَقَوْلِي " تَعَيَّنَ " مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) رَابِعُهَا (وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ بِمَحَالٍّ يُعْتَادُ حَمْلُهُمَا مِنْهَا بِثَمَنِ مِثْلٍ) وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ (زَمَانًا وَمَكَانًا) فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ بِهَا أَوْ يُوجَدَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ (وَ) وُجُودُ (عَلَفِ دَابَّةً كُلَّ مَرْحَلَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمِيَاهِ.

(وَ) خَامِسُهَا (خُرُوجُ

ــ

[حاشية الجمل]

بَيْنَ قَطْعِهَا طُولًا أَوْ عَرْضًا وَلِأَنَّ جَانِبَهَا قَرِيبٌ يُمْكِنُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ سَرِيعًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَحْرِ نَعَمْ يَظْهَرُ إلْحَاقُهُمَا بِالْبَحْرِ فِي زَمَنِ زِيَادَتِهَا وَشِدَّةِ هَيَجَانِهَا وَغَلَبَةِ الْهَلَاكِ فِيهَا إذَا رَكِبَهَا طُولًا اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ طَرِيقًا) أَيْ وَلَوْ لِنَحْوِ جَدْبِ الْبَرِّ وَعَطَشِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ يَنْتَظِرُ زَوَالَ عَارِضِ الْبَرِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ سم وَهَلْ مِنْ التَّعَيُّنِ مَا لَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ الَّتِي مَعَهُ تُوفِي بِسَفَرِ الْبَحْرِ دُونَ الْبَرِّ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ أَوْ لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْ اسْتَوَيَا حَرُمَ الرُّكُوبُ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَزْوِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ بِشَرْطِ عَدَمِ عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ بِحَيْثُ تَنْدُرُ النَّجَاةُ وَإِلَّا حَرُمَ حَتَّى لِلْغَزْوِ فَإِنْ رَكِبَ لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ اسْتَوَيَا وَوَجَدَ بَعْدَ الْحَجِّ طَرِيقًا آخَرَ فِي الْبَرِّ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَيْهِ لَزِمَهُ التَّمَادِي لِقُرْبِهِ مِنْ مَقْصِدِهِ فِي الْأَوَّلِ وَاسْتِوَاءِ الْجِهَتَيْنِ فِي حَقِّهِ فِي الثَّانِي.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَثْرَةِ وَالتَّسَاوِي الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَى الْمَسَافَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْخَوْفِ فِي جَمِيعِ الْمَسَافَةِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَمَامَهُ أَقَلُّ مَسَافَةً لَكِنَّهُ أَخْوَفُ أَوْ هُوَ الْمَخُوفُ لَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً وَلَكِنَّهُ سَلِيمٌ وَخَلَّفَ الْمَخُوفُ وَرَاءَهُ لِمَعْصِيَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُقَالُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَهُوَ قَصْدُ النُّسُكِ مَعَ تَضْيِيقِهِ كَمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ دَوَامَ الْمَعْصِيَةِ إذْ هِيَ فِي ابْتِدَاءِ الرُّكُوبِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي الْأَوَّلِ لَهُ الرُّجُوعُ وَفَارَقَ مَا هُنَا جَوَازَ تَحَلُّلِ مُحْصَرٍ أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ مُطْلَقًا بِأَنَّ الْمُحْصَرَ مَحْبُوسٌ وَعَلَيْهِ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَلَوْ مُحْرِمًا فَلَا يَكُونُ كَالْمُحْصَرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا كَانَ كَالْمُحْصَرِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِيمَنْ خَشِيَ الْعَضَبَ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَضَاقَ وَقْتُهُ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِمَا ذُكِرَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ نَعَمْ لَوْ نَدَرَتْ السَّلَامَةَ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ فِي حَالَةِ جَوَازِهِ فِي غَيْرِهَا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَوُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ. . . إلَخْ) وَيَجِبُ حَمْلُ الْمَاءِ وَالزَّادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ لِحَمْلِ الزَّادِ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ وَحَمْلُ الْمَاءِ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَانَ هَذَا عَادَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَإِلَّا فَعَادَةُ الشَّامِ حَمْلُهُ غَالِبًا بِمَفَازَةِ تَبُوكَ وَهِيَ ضِعْفُ ذَلِكَ اهـ، وَالضَّابِطُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعُرْفُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا فَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِحَمْلِهِ إلَى الْعَقَبَةِ وَبَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ فِي الْعَلَفِ أَيْضًا كَالْمَاءِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ عَدِمَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ جَهِلَ مَانِعَ الْوُجُوبِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِ عَدُوٍّ أَوْ عَدَمِ زَادٍ اسْتَصْحَبَ الْأَصْلَ وَعَمِلَ بِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوجُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ وَيَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْخُرُوجِ بِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْمَانِعِ فَلَوْ ظَنَّهُ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ مِنْ أَجْلِهِ ثُمَّ بَانَ عَدَمُهُ لَزِمَهُ النُّسُكُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْوُجُوبِ وَلَمْ يَرِدْ عَنْ الشَّارِعِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقُدْرَةِ فَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ كَالْحَوْزِ، وَالْقَبْضِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَاءِ وَالزَّادِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ. . . إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا اهـ. ح ل أَيْ مَعَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ يُغْنِي عَنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ يُوهِمُ أَنَّهُ مَتَى وَجَدَ الْمُؤْنَةَ لَزِمَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا فَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ حَرِّرْهُ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا.

وَعِبَارَةُ م ر هُنَا نَعَمْ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ. . . إلَخْ وَقُدِّمَ فِي الرَّاحِلَةِ عَدَمَ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قَلَّتْ قُلْتُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَاءَ وَالزَّادَ لِكَوْنِهِمَا لَا تَقُومُ الْبِنْيَةُ بِدُونِهِمَا وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا لَمْ تُعَدُّ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ خُسْرَانًا بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ) عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ مَعَهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ حَمَلَهُ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَعَلَفُ دَابَّةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَاللَّامِ وَقَوْلُهُ: كُلَّ مَرْحَلَةٍ مَرْجُوحٌ، وَقَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْعَادَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَحْمِلَ مِنْ أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَفَى وُجُودُهُ فِيهَا لَا فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ أَفَاقِيًّا حَجٌّ أَصْلًا اهـ.

ص: 384

نَحْوِ زَوْجِ امْرَأَةٍ) كَمَحْرَمِهَا وَعَبْدِهَا وَمَمْسُوحٍ (أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ) ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ (مَعَهَا) لِتَأْمِينٍ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمٌ» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِمَا «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَفَرُهَا وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ " وَنَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ (بِأُجْرَةٍ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ النُّسُكِ لَهَا قُدْرَتُهَا عَلَى أُجْرَتِهِ فَيَلْزَمُهَا أُجْرَتُهُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ سَفَرِهَا وَتَعْبِيرِي " بِمَا ذُكِرَ " أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ.

ــ

[حاشية الجمل]

بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَحْوِ زَوْجِ امْرَأَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ فِسْقِهِ يَغَارُ عَلَيْهَا مِنْ مَوَاقِعِ الرَّيْبِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ اهـ. شَرْحُ حَجّ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى أَيْ الْمَرْأَةُ وَالْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ كَالْمَرْأَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يُجْبَرْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ بِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَمَحْرَمِهَا) أَيْ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَقَوْلُهُ: وَعَبْدِهَا أَيْ الثِّقَةِ إنْ كَانَتْ ثِقَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا حِينَئِذٍ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَمْسُوحُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَمَحْرَمِهَا) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَصِيرًا إذْ الْأَعْمَى كَالْمَعْدُومِ قَالَ الْعَلَّامَةُ م ر: إلَّا إذَا كَانَ فَطِنًا حَاذِقًا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ لَكِنَّ اشْتِرَاطَهُمْ مُصَاحَبَةَ نَحْوِ الْمَحْرَمِ بِهَا لِيَمْنَعَ عَنْهَا أَعْيُنَ النَّاظِرِينَ إلَيْهَا يُنَافِي ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ثِقَةً كَالزَّوْجِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرَاهِقًا أَوْ أَعْمَى لَهُ وَجَاهَةٌ وَفَطِنَةٌ بِحَيْثُ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ وَاشْتِرَاطُ الْعَبَّادِيِّ الْبَصَرَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا فِطْنَةَ مَعَهُ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ الْعُمْيَانِ أَعْرَفُ بِالْأُمُورِ وَأَدْفَعُ لِلتُّهَمِ وَالرَّيْبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْبُصَرَاءِ انْتَهَتْ.

وَلَوْ مَاتَ الْمَحْرَمُ أَوْ نَحْوُهُ بَعْدَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الْإِتْمَامُ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ أَوْ قَبْلَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الرُّجُوعُ إنْ أَمِنَتْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ نُسْوَةٌ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذْ الْجَمْعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ مَدْلُولُهُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثِقَاتٍ) أَيْ وَلَوْ إمَاءً أَوْ غَيْرَ بَالِغَاتٍ حَيْثُ كَانَ لَهُنَّ حِذْقٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا ثِقَاتٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ أَمَّا فِيهِنَّ فَلَا يُشْتَرَطُ قِيَاسًا عَلَى الذُّكُورِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَى مَا هُنَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِنَّ الثِّقَةُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ لِإِحْدَاهُنَّ لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُنَّ أَمْرٌ فَيَسْتَعِنَّ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مَعَهَا) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعِيَّةِ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ أَمْنُهَا عَلَى نَفْسِهَا بِسَبَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لَهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ مُصَاحَبَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا لَهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ تَطَلُّعَ الْفَجَرَةِ إلَيْهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْهَا قَلِيلًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا. . . إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْأُولَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى لَيْسَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا وَأَخَّرَهَا لِقِلَّتِهَا وَعَدَمِ شُمُولِهَا لِلزَّوْجِ اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: إنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْأُولَى. . . إلَخْ يُتَأَمَّلُ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) أَيْ مَحْرَمِيَّةٍ أَيْ قَرَابَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا. . . إلَخْ) أَمَّا لِنَفْلِهَا فَلَا يَكْفِي امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ مَعَهَا وَخَرَجَ بِالْجَوَازِ الْوُجُوبُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي ثِنْتَانِ أَمَّا بِدُونِ خُرُوجِهِ مَعَهَا فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَوْ فِي نِسْوَةٍ كَثُرْنَ. اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل أَمَّا لِغَيْرِ فَرْضِهَا فَلَا يَجُوزُ مَعَ مَحْضِ النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ نُسُكِهَا أَيْ فَالْكَلَامُ فِي النُّسُكِ الْوَاجِبِ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَمَّا النَّفَلُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لَهُ مَعَ النِّسْوَةِ وَإِنْ كَثُرْنَ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمَكِّيَّةِ التَّطَوُّعُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ مَعَ النِّسَاءِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ خُرُوجِهَا فَلَهَا ذَلِكَ مَعَ وَاحِدَةٍ لِفَرْضِ الْحَجِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ وَعَلَيْهِ حُمِلَ مَا دَلَّ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى جَوَازِ سَفَرِهَا وَحْدَهَا أَمَّا سَفَرُهَا وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ فَرْضٍ فَحَرَامٌ مَعَ النِّسْوَةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ السَّابِقَ وَفَارَقَ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ تَحْصِيلِهِ اقْتَضَتْ الِاكْتِفَاءَ بِأَدْنَى مَرَاتِبِ مَظِنَّةِ الْأَمْنِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَاحْتِيطَ مَعَهُ فِي تَحْصِيلِ الْأَمْنِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إذَا أَمِنَتْ) الْمُرَادُ بِالْأَمْنِ هُنَا أَمْنُهَا مِنْ الْخَدِيعَةِ، وَالِاسْتِمَالَةِ إلَى الْفَوَاحِشِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَشَرْطُ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْفِطْرَةِ اهـ. ع ش وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ تَعْجِيلُ دَفْعِ الْأُجْرَةِ فِي الْحَيَاةِ إنْ تَضَيَّقَ بِنَذْرٍ أَوْ خَوْفٍ عَضَبٍ أَوْ الِاسْتِقْرَارُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا حَتَّى يُحَجَّ عَنْهَا

ص: 385

(كَقَائِدِ أَعْمَى) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مَعَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ.

(وَ) سَادِسُهَا (ثُبُوتٌ عَلَى مَرْكُوبٍ) وَلَوْ فِي مَحْمَلٍ (بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ) فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ يَثْبُتُ بِضَرَرٍ شَدِيدٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ نُسُكٌ بِنَفْسِهِ وَتَعْبِيرِي " بِمَرْكُوبٍ " أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاحِلَةِ.

(وَ) سَابِعُهَا: وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (زَمَنٌ يَسَعُ سَيْرًا مَعْهُودًا النُّسُكَ) كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِقْرَارِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ تَرِكَتِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَقَائِدٍ أَعْمَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَعْمَى مَكِّيًّا وأَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعِصِيِّ وَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ غَالِبًا اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِضَرَرٍ شَدِيدٍ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ نُسُكٌ بِنَفْسِهِ) نَعَمْ يُغْتَفَرُ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاحِلَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا خُصُوصُ النَّاقَةِ بَلْ كُلُّ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِطَرِيقِهِ الَّذِي يَسْلُكُهُ وَلَوْ نَحْوَ بَغْلٍ وَحِمَارٍ وَبَقَرٍ بِنَاءً عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ حِلِّ رُكُوبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ رُكُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ وَبِهِ فَارَقَ الْجُمُعَةَ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ م ر لَا بُدَّ أَنْ يَلِيقَ بِهِ رُكُوبُهُ وَيُؤَيِّدُهُ بَلْ يَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ اشْتِرَاطُهُمْ فِي الْعَدِيلِ الَّذِي يَجْلِسُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَزَمَنٌ يَسَعُ سَيْرًا مَعْهُودًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ النُّسُكِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ تَمَكُّنُهُ مِنْ السَّيْرِ إلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ بِأَنْ يَبْقَى مِنْ الزَّمَنِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ مِقْدَارٌ يَفِي بِذَلِكَ فَلَوْ احْتَاجَ إلَى قَطْعِ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فَلَوْ مَاتَ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَذَهَبَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَا لِوُجُوبِهِ بَلْ مَتَى وُجِدَتْ اسْتِطَاعَتُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ رُفْقَةٍ تَخْرُجُ مَعَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ الْمُعْتَادَ فَإِنْ تَقَدَّمُوا بِحَيْثُ زَادَتْ أَيَّامُ السَّفَرِ أَوْ تَأَخَّرُوا بِحَيْثُ احْتَاجَ أَنْ يَقْطَعَ مَعَهُمْ فِي يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فَلَا وُجُوبَ لِزِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ فِي الْأَوَّلِ وَتَضَرُّرِهِ فِي الثَّانِي وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الرُّفْقَةِ عِنْدَ خَوْفِ الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَتْ آمِنَةً بِحَيْثُ لَا يَخَافُ فِيهَا الْوَاحِدُ لَزِمَهُ وَإِنْ اسْتَوْحَشَ وَتُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ الْمَارَّةُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ افْتَقَرَ فِي شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لِمَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْإِيَابُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. . . إلَخْ) فَعَلَيْهِ بِوَصْفِ الْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَطْعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ اهـ. ح ل.

يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ السَّيْرَ لِلنُّسُكِ بَعْدَ وُجُودِ الِاسْتِطَاعَةِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْحُجَّاجِ مِنْ بَلَدِهِ فَابْنُ الصَّلَاحِ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ أَيْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْإِيجَارِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ قَطْعًا وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. . . إلَخْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُوصَفُ عَلَى الثَّانِي بِالْوُجُوبِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي فَإِنَّهُ يَجْرِي فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَمَّنْ مَاتَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَجَّ وَلَا وَجَبَ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ فَفِي جَوَازِ الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ. وَقَوْلُهُ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّ فِي اسْتِنَابَةِ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ) زَادَ السُّبْكِيُّ، وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي مُنَازَعَتِهِ فِي ذَلِكَ وَفَرْقُ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهَا تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهَكَذَا الْحَجُّ إذَا اسْتَطَاعَ وَالْوَقْتُ مُتَّسَعٌ حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ كَالزَّكَاةِ الَّتِي تَجِبُ بِتَمَامِ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنُ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ فَإِذَا أَتْلَفَ الْمَالَ سَقَطَ الْوُجُوبُ قَالَ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ إيرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا اسْتَطَاعَ قَبْلَ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَهْرٌ فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَلَا يُظَنُّ بِابْنِ الصَّلَاحِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إذَا بَقِيَتْ مُدَّةٌ تَسَعُ وَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا أَنْ يَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنْ كُنَّا حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا اهـ.

(تَنْبِيهٌ)

نُقِلَ عَنْ

ص: 386

لَا لِوُجُوبِهِ فَقَدْ صَوَّبَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ

(وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَصْحَبُهُ وَلِيٌّ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ.

(وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (اسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ فَتَجِبُ إنَابَةٌ عَنْ مَيِّتٍ) غَيْرِ مُرْتَدٍّ (عَلَيْهِ نُسُكٌ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ

ــ

[حاشية الجمل]

أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَطَاعَ وَالْوَقْتُ ضَيِّقٌ ثُمَّ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَخَالَفَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي النُّكَتِ مَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ أَبِي عَلِيٍّ وَلَكِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ شَرْحٌ لِكَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ فَلْيُحْذَرْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِوُجُوبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا لِوُجُوبِهِ بَلْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلِاسْتِطَاعَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ بِسَفَهٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ قَبْلَ الْحَجَرِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ تَكُونُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ لِئَلَّا يُضَيِّعَهُ بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُنَصِّبُ شَخْصًا لَهُ ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَتَّفِقَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهَا وَلَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيُضِيعُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إِلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَيَكْفِي حَجُّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ كَعَكْسِهِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ إنَابَةٌ) أَيْ فَوْرًا أَيْ تَجِبُ عَلَى الْمُوصِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْوَارِثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلٌّ مِنْهُمْ فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ اهـ. حَجّ وَسَيَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ مَفْرُوضًا فِيمَنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَهَا كَغَالِبِ النَّاسِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ الْحَجُّ وَالْإِحْجَاجُ عَنْهُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَلِكُلٍّ الْحَجُّ وَالْإِحْجَاجُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَسْتَطِعْ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا إلَى وُقُوعِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِهَا فِي حَيَاتِهِ انْتَهَتْ.

وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ النُّسُكِ سِنِينَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عَضِبَ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضَبِهِ فِسْقُهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يُفْعَلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْقَضُ مَا يَشْهَدُ بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذُكِرَ كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فَوْرًا لِلتَّقْصِيرِ نَعَمْ لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا جَازَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَنْ مَيِّتٍ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَإِنْ دَخَلَ الْحَاجُّ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَيَأْثَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالتَّأْخِيرِ إلَى هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ شَابًّا وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِأَنْ أَخَّرَ فَمَاتَ أَوْ جُنَّ قَبْلَ تَمَامِ حَجِّ النَّاسِ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ تَسَعُ بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ حَجِّ بَلَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ فِيهِ تَقْدِيمُهُ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَوْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ عَضِبَ قَبْلَ إيَابِهِمْ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرْتَدٍّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَصِحُّ الْإِنَابَةُ عَنْهُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ نُسُكٌ) أَيْ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضَ الْإِسْلَامِ أَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَمَعْنَى كَوْنِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَزِمَ ذِمَّتَهُ وَاسْتَقَرَّ فِي الْحَيَاةِ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ نُسُكُ النَّفْلِ كَأَنْ مَاتَ بَعْدَ فِعْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ إلَّا إنْ أَوْصَى بِهِ. اهـ. بِرَمَّاوَيْ وَحَجّ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ أَيْضًا فِي تَطَوُّعٍ عَنْ حَيٍّ غَيْرِ مَعْضُوبٍ وَلَا عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ بِهِ إلَّا عَنْ مَيِّتٍ أَوْصَى بِهِ وَإِلَّا مِنْ مَعْضُوبٍ أَنَابَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَتَحَصَّلَ جَوَازُ إنَابَةِ الْمَعْضُوبِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بَلْ يَجِبُ فِي الْفَرْضِ وَجَوَازُ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَفِي النَّفْلِ إنْ أَوْصَى بِهِ وَيَمْتَنِعُ إنَابَةُ الْقَادِرِ

ص: 387

سُنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ فَلَوْ فَعَلَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا تُقْضَى دُيُونُهُ بِلَا إذْنٍ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَ) عَنْ (مَعْضُوبٍ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَاجِزٍ عَنْ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) فَأَكْثَرُ أَمَّا (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ

ــ

[حاشية الجمل]

مُطْلَقًا. اهـ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: سُنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ كَالْوَارِثِ اهـ. ح ل

(فَرْعٌ)

لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا فَقَالَ الْأَجِيرُ: حَجَجْت قُبِلَ قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُمْكِنُ فَرُجِعَ إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا تَزَوَّجْت بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْت مِنْهُ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ) أَيْ وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَخَرَجَ بِتَرِكَتِهِ مَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا الْحَجُّ وَلَا الْإِحْجَاجُ عَنْهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ لِلْوَارِثِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَوَقُّفِ الصَّوْمِ عَلَى إذْنِ الْقَرِيبِ بِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالدُّيُونِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ مَعْضُوبٍ) أَيْ وَتَجِبُ إنَابَةٌ عَنْ مَعْضُوبٍ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنِيبَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ نُسُكٌ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ السَّابِقَ عَلَيْهِ نُسُكٌ إلَى هُنَا لِكُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْمَعْضُوبِ لَكَانَ أَوْلَى.

وَعِبَارَةُ حَجّ، وَالْمَعْضُوبُ يَلْزَمُهُ الْإِحْجَاجُ عَنْ نَفْسِهِ فَوْرًا إنْ عَضِبَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالتَّمَكُّنِ وَعَلَى التَّرَاخِي إنْ عَضِبَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ إذْ الِاسْتِطَاعَةُ بِالْمَالِ كَهِيَ بِالنَّفْسِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: فَوْرًا إنْ عَضِبَ بَعْدَ الْوُجُوبِ. . . إلَخْ بِهَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْفَوْرِيَّةِ مَعَ إطْلَاقِهَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ الْإِذْنُ فَوْرًا. . . إلَخْ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِئْجَارِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْفَوْرِيَّةِ وَأَنَّهَا تَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْإِنَابَةِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ. سم عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لِلْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتَجُوزُ لِلْمَعْضُوبِ النِّيَابَةُ فِي نُسُكِ التَّطَوُّعِ كَمَا فِي النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَلَوْ كَانَ النَّائِبُ فِيهِ أَيْ فِي نُسُكِ التَّطَوُّعِ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّطَوُّعِ بِالنُّسُكِ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَلَا يَنُوبَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ لِأَنْفُسِهِمَا انْتَهَتْ فَلَوْ شُفِيَ الْمَعْضُوبُ بَعْدَ فِعْلِ الْأَجِيرِ لِلنُّسُكِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِلْمَعْضُوبِ بَلْ يَقَعُ لِلْأَجِيرِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُشْفَ الْمَعْضُوبُ بَلْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَفَعَلَ النُّسُكَ مُقَارِنًا لِفِعْلِ الْأَجِيرِ فَإِنَّ نُسُكَ الْأَجِيرِ يَقَعُ لَهُ أَيْ الْأَجِيرِ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي هَذِهِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وحج، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الْمَعْضُوبَ فِي الْأُولَى لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ إذْ الشِّفَاءُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ مُقَصِّرٌ بِحُضُورِهِ وَمُبَاشَرَتُهُ لِلنُّسُكِ بَعْدَ أَنْ وَرَّطَ الْأَجِيرَ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ) مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَيُقَالُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَصَبُهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ عَاجِزٌ عَنْ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ) أَيْ حَالًا وَمَآلًا اهـ شَرْحُ م ر وَهَذَا فِي الْكِبَرِ ظَاهِرٌ وَفِي الْمَرَضِ بِأَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ وَهَلْ يَكْفِي فِي الْعَجْزِ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِهِ الثَّانِي وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِخْبَارِ الطَّبِيبِ ثَمَّ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْوُجُوبِ أَوْ خُوطِبَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ شُرُوطِهِ وَقَدْ وُجِدَتْ، وَالتَّضْيِيقُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ بَلْ وَلَا مَطْلُوبٍ وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ مَا طُلِبَ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَقَلُّ مِنْهُمَا لَمْ تُجْزِهِ الْإِنَابَةُ مُطْلَقًا بَلْ تَكَلَّفَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَجَزَ حُجَّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ عَجْزَ الْقَرِيبِ بِكُلِّ وَجْهٍ نَادِرٌ جِدًّا فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَإِنْ اعْتَبَرَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فَجَوَّزُوا لَهُ الْإِنَابَةَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِخِفَّةِ الْمَشَقَّةِ وَتَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ حَجّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ فَإِنْ انْتَهَى حَالُهُ لِشِدَّةِ الضِّنَاءِ أَيْ حَالُهُ لَا يُحْتَمَلُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ بِحَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي مَفْهُومِ تَقْيِيدِ الْمَتْنِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِنَابَةٍ مِنْ حَيْثُ رُجُوعُهَا لِكُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْمَعْضُوبِ لَكِنَّ قَوْلَهُ فَضَلَتْ عَمَّا مَرَّ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْضُوبِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِأُجْرَةِ مِثْلٍ) أَيْ مِثْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يُبَاشِرُ فَمَا دُونَهَا حَتَّى لَوْ وَجَدَ الْمَعْضُوبُ دُونَ الْأُجْرَةِ وَرَضِيَ الْأَجِيرُ بِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِطَاعَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَالْمِنَّةُ هُنَا مِنْ الْأَجِيرِ دُونَ الْمِنَّةِ فِي التَّطَوُّعِ بِالْمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر بِالْمَعْنَى وَلَا يُكَلَّفُ

ص: 388

فَضَلَتْ عَمَّا مَرَّ) فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ (غَيْرَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ سَفَرًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَارِقْهُمْ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ مُؤْنَتِهِمْ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنَابَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنِيبُ وَلَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَخَرَجَ بِسَفَرٍ مُؤْنَةُ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ وَقَوْلِي: بِأُجْرَةِ مِثْلٍ أَيْ وَلَوْ أُجْرَةَ مَاشٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ الْأَجِيرِ بِخِلَافِ مَشْيِ نَفْسِهِ (أَوْ) بِوُجُودِ (مُطِيعٍ بِنُسُكٍ) بَعْضًا كَانَ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ أَجْنَبِيًّا

ــ

[حاشية الجمل]

الزِّيَادَةَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنْ قَلَّتْ قِيَاسًا عَلَى أُجْرَةِ الرَّاحِلَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ الْآتِي مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ اهـ. قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِهَذَا رَدَّ طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ حَكَاهَا بَعْدُ وَهِيَ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَا الْمِيقَاتِ أَوْ طَرِيقٌ تُفْضِي إلَى مِيقَاتَيْنِ كَالْعَقِيقِ وَذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَالْجُحْفَةِ، وَالْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الشَّامِ فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا وَتَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا اُشْتُرِطَ بَيَانُهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.، وَالرَّاجِحُ لَا يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ اهـ. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي حَالِ الِاسْتِوَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَأَنْ يُعْتَبَرَ مَا سَلَكَهُ بِالْفِعْلِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ أَجِيرِ أَهْلِ الرُّومِ الَّذِينَ يَمُرُّونَ تَارَةً عَلَى مِصْرَ وَتَارَةً عَلَى الشَّامِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَضَلَتْ عَمَّا مَرَّ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ عَنْ الْحَاجَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَنْ يَحُجُّ بِنَفْسِهِ كَالْمَسْكَنِ وَالْمَلْبَسِ وَالْخَادِمِ وَخَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ وَكُتُبِ الْفَقِيهِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا فَضْلُ الْأُجْرَةِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا اُشْتُرِطَ فِيمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ سَفَرًا أَيْ وَغَيْرَ مُؤْنَتِهِ هُوَ أَيْضًا سَفَرًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَضْلُ عَنْهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِسَفَرٍ مُؤْنَةُ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ أَيْ مُؤْنَةُ عِيَالِهِ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ وَكَذَا مُؤْنَتُهُ هُوَ أَيْضًا يَوْمَهُ فَيُعْتَبَرُ فَضْلُ الْأُجْرَةِ عَنْهَا أَيْضًا هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَنِيعِ م ر وحج.

(قَوْلُهُ: يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ مُؤْنَتِهِمْ) أَيْ بِاقْتِرَاضٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَانْدَفَعَ قَوْلُ السُّبْكِيّ فِي إلْزَامِ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ وَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ إذَا أَخْرَجَ مَا فِي يَدِهِ بَعْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا نَظَرَ هُنَا لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ كَمَا مَرَّ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنَابَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُطِيعٍ بِنُسُكٍ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِئْجَارُ أَيْ الْمَذْكُورُ هُنَا بِقَوْلِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ. . . إلَخْ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ بِمُطِيعٍ بِنُسُكٍ كَمَا يُشِيرُ لَهُ صَنِيعُ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ يُقَالُ أَجْبَرَهُ عَلَى الْأَمْرِ أَكْرَهَهُ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا) أَيْ مُؤْنَةُ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ وَحَقُّهَا هَكَذَا فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْهَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ أُجْرَةَ مَاشٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَعْضُوبُ سِوَى أُجْرَةِ مَاشٍ وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُطِيعِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُطِيعُ بِنُسُكٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ هُنَا بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ تَجِبُ الْإِنَابَةُ لِلْمُطِيعِ بِالنُّسُكِ أَيْ الْمُتَطَوِّعِ بِهِ وَتَجِبُ إنَابَتُهُ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَجِبُ الْإِذْنُ هُنَا فَوْرًا وَإِنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ لِئَلَّا يَرْجِعَ الْبَاذِلُ إذْ لَا وَازِعَ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالرُّجُوعُ جَائِزٌ لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ قَبْلَ إمْكَانِ الْحَجِّ عَنْهُ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُطِيعِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَجْمُوعُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَالرُّجُوعُ جَائِزٌ لَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُ بِأَنْ نَذَرَ إطَاعَتَهُ نَذْرًا مُنْعَقِدًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَوْرُ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَبِمَا ذُكِرَ فَارَقَ هَذَا عَدَمُ وُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فَوْرًا؛ لِأَنَّ لَهُ وَازِعًا يَحْمِلُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ مُطِيعٌ بِنُسُكٍ) وَمَنْ أَجَابَهُ الْمَعْضُوبُ وَأَذِنَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا الْمُطِيعُ إنْ أَحْرَمَ، وَلَوْ مَاتَ الْمُطِيعُ أَوْ الْمُطَاعُ أَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّةِ الْمُطَاعِ وَإِلَّا فَلَا وَوُجُوبُ قَبُولِ الْمُطِيعِ خَاصٌّ بِالْمَعْضُوبِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي فَلَوْ تَطَوُّعَ آخَرُ عَنْ مَيِّتٍ بِفِعْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ قَبُولُهُ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ مَنْ يُطِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ وَالطَّاعَةِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ إمَّا الِاسْتِطَاعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْجَهْلِ وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ حَتَّى لَوْ رَجَعَ وَتَرَتَّبَ عَلَى رُجُوعِهِ امْتِنَاعُ الْمُطِيعِ مِنْ الْفِعْلِ تَبَيَّنَ

ص: 389

بَدَأَ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا تَوَسَّمَ فِيهِ الطَّاعَةَ (بِشَرْطِهِ) مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْضُوبٍ مَوْثُوقًا بِهِ أَدَّى فَرْضَهُ وَكَوْنِ بَعْضِهِ غَيْرَ مَاشٍ وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ إلَّا أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَسَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ (لَا) بِوُجُودِ (مُطِيعٍ بِمَالٍ) لِلْأُجْرَةِ فَلَا تَجِبُ الْإِنَابَةُ بِهِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ بِخِلَافِ الْمِنَّةِ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ بِنُسُكٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِبَدَنِهِ فِي الْأَشْغَالِ وَقَوْلِي: " بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ " مَعَ قَوْلِي: " بِشَرْطِهِ " مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي " بِمَا ذُكِرَ " أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ " بِمَا ذَكَرَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

عِصْيَانُهُ وَاسْتِقْرَارُ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَدَأَهُ بِذَلِكَ) أَيْ بَدَأَ الْمُتَطَوِّعُ الْمَعْضُوبُ بِذَلِكَ أَيْ بِأَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ النُّسُكَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ الْمَسْئُولُ الْوَلَدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ طَاعَتُهُ بِخِلَافِ إعْفَافِهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَالِدِ هُنَا بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ عَنْهُ إذْ هُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُكَلَّفْ بِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَحِقَ الْوَالِدَ وَضَرَرُهُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إذَا تَوَسَّمَ) أَيْ ظَنَّ أَوْ تَوَهَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الْحَجُّ لِلْمُلُوكِ تَنَزُّهًا وَلِلْأَغْنِيَاءِ مَتْجَرًا وَلِلْفُقَرَاءِ مَسْأَلَةً» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُطِيعِ فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ أَحْكَامَ الْبَابِ عَلِمَ أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُنْدَرِجَةَ تَحْتَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُطِيعِ وَلَمْ أَرَ مِنْ الْحَوَاشِي مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقًا بِهِ) بِأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الِاسْتِنَابَةُ وَلَوْ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا مَوْثُوقًا بِهِ) أَيْ عَدْلًا وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ حَجَّ بِالِاسْتِنَابَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَدْلٌ تَبَيَّنَتْ الصِّحَّةُ الظَّاهِرُ نَعَمْ لَكِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ فَلَوْ اسْتَنَابَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ لَا يَصِحُّ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِظَاهِرٍ وَانْظُرْ عَكْسَهُ أَيْضًا بِأَنْ اسْتَنَابَ مَسْتُورًا فَبَانَ فَاسِقًا. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَدَّى فَرْضَهُ) أَيْ وَلَوْ نَذْرًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ بَعْضِهِ غَيْرَ مَاشٍ) يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِي الْمُطِيعِ إذَا كَانَ امْرَأَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ لِفَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ مَاشٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ هَذَانِ الشَّرْطَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا خِلَافًا لِصَنِيعِ الشَّارِحِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ لِقَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ مُعَوِّلٍ عَلَى كَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ انْتَهَتْ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ خَصَّهُ بِالْبَعْضِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّارِحُ إنَّ الْمُتَّجَهَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ كَذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ مَاشٍ) وَكَذَا مُوَلِّيَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَعْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْقَادِرَةَ عَلَى الْمَشْيِ لَوْ أَرَادَتْ الْحَجَّ مَاشِيَةً كَانَ لِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ الْمَشْيِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْبَعْضَ إذَا كَانَ مَاشِيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ أَوْ كَانَ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ وَالسُّؤَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَكِنْ الشَّيْخَانِ إنَّمَا ذَكَرَاهُ فِي انْضِمَامِ الْمَشْيِ إلَيْهِ وَهُوَ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا مُوَلِّيَتُهُ عِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْإِذْنُ لِأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ امْرَأَةِ مَاشٍ إلَى أَنْ قَالَ مَعَ أَنَّ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ مَنْعُهَا مِنْ الْمَشْيِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِطَاعَتِهَا انْتَهَتْ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ الْحَجَّ عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ مَاشِيًا فَلِأَبِيهِ مَنْعُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ وَابْنِ الْمُقْرِي لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَجِيرًا، وَلِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْحَجِّ مَاشِيَةً وَإِنْ قَدَرَتْ كَمَا مَرَّ فَلَا يَجِبُ الْقَبُولُ بِبَذْلِهَا الطَّاعَةَ وَلَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ زَوْجِهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِشَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَهُ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مُوَلِّيَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَعْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْقَادِرَةَ عَلَى الْمَشْيِ لَوْ أَرَادَتْ الْحَجَّ مَاشِيَةً كَانَ لِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا اهـ. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا أَوْ الْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ مَاشِيًا أَوْ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ وَلَوْ رَاكِبًا أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَرْكَبَ مَفَازَةً لَا كَسْبَ بِهَا وَلَا سُؤَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولٌ فِي ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ مَشْيِ مَنْ ذَكَرَ بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْكَسْبُ وَقَدْ يَنْقَطِعُ وَالسَّائِلُ قَدْ يُمْنَعُ، وَالتَّغْرِيرُ بِنَفْسِهِ حَرَامٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْسِبَ فِي يَوْمٍ. . إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ فَكَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ بِجَنْبِهِ كَمَا صَنَعَ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا بِوُجُودِ مُطِيعٍ بِمَالٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَلَوْ بَذَلَ وَلَدُهُ أَيْ فَرْعُهُ وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ، وَالِدُهُ وَإِنْ عَلَا كَذَلِكَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لَهُ لِلْأُجْرَةِ لِمَنْ يَحُجَّ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا فِي قَبُولِهِ الْمَالَ مِنْ الْمِنَّةِ.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ الْأَصْلُ أَوْ الْفَرْعُ الْعَاجِزُ أَوْ الْقَادِرُ اسْتِئْجَارَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَوْ قَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا اسْتَأْجِرْ وَأَنَا أَدْفَعُ عَنْك لَزِمَهُ الْإِذْنُ لَهُ فِي الْأُولَى، وَالِاسْتِئْجَارُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الْبَذْلِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ كَبِيرُ مِنَّةٍ فِيهِ بِخِلَافِ

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

بَذْلِهِ لَهُ لِيَسْتَأْجِرَ هُوَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ الِاسْتِعَانَةَ بِمَالِ الْغَيْرِ وَإِنْ قَلَّ دُونَ بَدَنِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَجِيرَهُ كَبَدَنِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ الْأَصْلُ. . . إلَخْ خَرَجَ مَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَوْ قَالَ لَهُ اسْتَأْجِرْ وَأَنَا أَدْفَعُ عَنْك فَلَا تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِهِ تَقْلِيدَهُ مِنَّةَ الْمَالِ. اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ نَكِفْتُ مِنْ الشَّيْءِ نَكَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَمِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةً وَاسْتَنْكَفْت ذَا امْتَنَعْت أَنَفَةً وَاسْتِكْبَارًا.

1 -

خَاتِمَةٌ) فِيهَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ تَنْفَعُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: " فَصْلٌ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ قَدْرُ الْكِفَايَةِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ، وَالْجَعَالَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيَك النَّفَقَةَ أَوْ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك وَاغْتُفِرَ فِيهَا جَهَالَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً وَلَا جَعَالَةً وَإِنَّمَا هُوَ إرْزَاقٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرْبِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ذَاكَ بِالْعَمَلِ وَهَذَا بِالرِّزْقِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَالْجَعَالَةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَالِاسْتِئْجَارُ فِيمَا ذُكِرَ ضَرْبَانِ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ وَاسْتِئْجَارُ ذِمَّةٍ فَالْأَوَّلُ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ وَلَوْ قَالَ لِتَحُجَّ بِنَفْسِك كَانَ تَأْكِيدًا فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْقَابِلِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالسَّنَةِ الْأُولَى صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِلتَّعْيِينِ وَالْحَمْلِ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأُولَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِذَلِكَ.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ أَيْضًا اتِّسَاعُ الْمُدَّةِ لِلْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ إدْرَاكَ الْحَجِّ لِذَلِكَ، وَلَوْ انْتَظَرُوا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ الَّتِي يَخْرُجُونَ مَعَهَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ حَالَ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ لَمْ يَضُرَّ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ مَعَهَا، وَالْمَكِّيُّ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ فِي سَنَةٍ إذَا أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِهِ يَسْتَأْجِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَوْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى شَرْطِ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ حَجَّةٍ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْأَعْوَامِ كَسَائِرِ إجَارَاتِ الذِّمَّةِ فَلَوْ عَجَّلَهُ عَنْ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ زَادَ خَيْرًا بِتَعْجِيلِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ الِاسْتِئْجَارَ حُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا تُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ فَلَا يَقْدَحُ عَجْزُهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك لِتَحُجَّ بِنَفْسِك فَفِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الدِّينِيَّةَ مَعَ الرَّبْطِ بِعَيْنٍ يَتَنَاقَضَانِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِي عَيْنِ مَنْ يُحَصِّلُهَا مُتَفَاوِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَأْجِرُ فَاسِقًا وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ شَرْعًا، وَالسَّلَمُ إذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْجَيِّدِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ.

1 -

(فَرْعٌ)

تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدِينَ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَلَوْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَأَعْمَالُهُ أَرْكَانُهُ وَوَاجِبَاتُهُ وَسُنَنُهُ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُطَّ التَّفَاوُتَ مِنْ الْمُسَمَّى لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجِبُ فِي الْعَقْدِ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ فَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ عَلَى حَجٍّ شَرْعِيٍّ، وَالْحَجُّ الشَّرْعِيُّ لَهُ مِيقَاتٌ مَعْهُودٌ شَرْعًا وَعُرْفًا فَانْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مِيقَاتَانِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى غَيْرِهِ جَازَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَطْوَلَ مِنْهُ وَلْيُبَيِّنْ وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ لِلنُّسُكِ أَنَّهُ إفْرَادٌ أَوْ تَمَتُّعٌ أَوْ قِرَانٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا.

(فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ الْمَنُوبُ مَنْ حَجَّ عَنِّي أَوْ أَوَّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَالْجَعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أَوْلَى فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ مُرَتَّبًا اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ الْمِائَةَ فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَقَعَ حَجُّهُمَا عَنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَى الْقَائِلِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ عُلِمَ سَبْقُ

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

أَحَدِهِمَا ثُمَّ نَسِيَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُحْتَمَلُ الْوَقْفُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَاللَّتَيْنِ قَبْلَهَا انْتَهَتْ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دَرَاهِمُ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.

1 -

(فَرْعٌ)

يُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ تُوجَدَ حَالَ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِعَمَلِ الْحَجِّ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالِاشْتِغَالُ بِشِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْخُرُوجِ فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فَلَوْ حَجَّ عَنْهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَالَ الْقَاضِي مَرَّةً لَا يَقَعُ عَنْهُ وَقَالَ أُخْرَى يَقَعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَقَدْ حَجَّ عَنْهُ أَيْ وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ وَذَكَرَ نَحْوَ الثَّانِي الشَّيْخُ أَبُو حَامِدِ وَالدَّارِمِيُّ وَمَتَى أَخَّرَ أَجِيرٌ ذِمَّةٍ الشُّرُوعَ فِي الْحَجِّ عَنْ الْعَامِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ أَثِمَ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا وَثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِلْمَعْضُوبِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ الْمَيِّتِ لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَا الْإِجَارَةَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَا لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا مَنْ اُسْتُؤْجِرَ بِمَالِ الْمَيِّتِ فَأَخَّرَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ عَنْ الْعَامِ فَيَعْمَلُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ بِالْمَصْلَحَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْفَسْخِ لِخَوْفِ إفْلَاسِ الْأَجِيرِ أَوْ هَرَبِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَمَاتَ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ وَاسْتُؤْجِرَ عَنْهُ الرَّجُلُ فِي الذِّمَّةِ فَأَخَّرَ الْأَجِيرُ فِيهِمَا الْحَجَّ عَنْ عَامِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذْ لَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِي الْأُجْرَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ فَارَقَ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحَقَّةَ الصَّرْفِ إلَى الْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ أَجِيرُ الذِّمَّةِ يَأْثَمُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ.

1 -

(فَرْعٌ)

إذَا انْتَهَى الْأَجِيرُ لِلْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ الْمُعَيَّنِ وَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَتَمَّهَا ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ صَحَّ حَجُّهُ عَنْهُ لِلْإِذْنِ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِإِسَاءَتِهِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَا يَنْجَبِرُ الْحَطُّ لِمَا فَوَّتَهُ بِالدَّمِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ حَجَّتَيْنِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ أَحْرَمَ بِإِحْدَاهُمَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْأُخْرَى مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الدَّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْحَطُّ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدِ الْمَأْكُولِ فَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْحَجَّةِ الْأُولَى مِائَةٌ، وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ يَحُطُّ عُشْرَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بِالْعُشْرِ وَمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إشْكَالٌ سَأَذْكُرُهُ مَعَ جَوَابِهِ بِمَا فِيهِ فِي.

(فَرْعٌ)

وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ وَمَتَى عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَأَحْرَمَ مِنْهُ لَمْ يُحَطَّ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ إذْ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَأَدَائِهِ الْمَنَاسِكَ بَعْدَهُ.

1 -

فَرْعٌ)

لَوْ جَاوَزَ الْأَجِيرُ الْمِيقَاتَ الْمُتَعَيِّنَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَيَحُطُّ التَّفَاوُتَ كَمَا سَبَقَ فِي الْفَرْعَ قَبْلَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ وَلَمْ يُحَطْ شَيْءٌ كَمَا سَبَقَ أَيْضًا ثَمَّ وَيُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ التَّفَاوُتِ مَعَ الْفَرَاسِخِ وَأَعْمَالِ النُّسُكِ الْمَعْلُومَيْنِ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ تَفَاوُتُ الْفَرَاسِخِ فِي الْحُزُونَةِ أَيْ الْخُشُونَةِ، وَالسُّهُولَةِ لِتَفَاوُتِ السَّيْرِ بِهِمَا فَالْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ وَلَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْفَرَاسِخِ صَرْفُ الْعَمَلِ فِيهِمَا لِفَرْضِهِ كَأَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِعُمْرَةٍ لَهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَحْصِيلَ نُسُكِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِحَجٍّ عُمْرَةً فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى جَازَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَلَا يُحَطُّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالشَّامِلِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمُ لُزُومِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مَقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرِيِّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْأَفَاقِيَّ مَنْسُوبٌ إلَى الْآفَاقِ وَهِيَ النَّوَاحِي وَيُقَالُ لَهُ الْأُفُقِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ مِنْ مَسْكَنِهِ فَوْقَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَوْ فِيهِ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مَكَان أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ النُّسُكِ لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَخْصِيصُهُ الْأَجِيرَ بِالْآفَاقِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْمَكِّيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ آفَاقِيٌّ مَكِّيًّا لِلتَّمَتُّعِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْآتِي بِهِ مَكِّيًّا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ أَوْ مَاشِيًا فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأُولَى أَوْ فِي ذِي الْحِجَّةِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَحْرَمَ رَاكِبًا فِي الثَّالِثَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَ عَنْهُ بِنُسُكٍ فَأَتَى بِهِ لَكِنْ تَرَكَ مَأْمُورًا

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

يُوجِبُ دَمًا كَتَرْكِ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ لَزِمَهُ دَمٌ وَحَطَّ التَّفَاوُتَ لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشْيِ صُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ تَرَكَ مَأْمُورًا لَا يُوجِبُ دَمًا كَتَرْكِ طَوَافِ الْقُدُومِ حَطَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَلَا يَحُطُّ الْأَجِيرُ تَفَاوُتًا إنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا كَلُبْسٍ وَقَلْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَلَوْ قَالَ لَهُ: حُجَّ عَنِّي وَتَطَيَّبْ، وَالْبَسْ فَفَعَلَ فَالدَّمُ عَلَى الْأَجِيرِ وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِيهَا فَسَدَتْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.

1 -

(فَرْعٌ)

لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ فَامْتَثَلَ فَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَطَ الْقِرَانَ فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةٍ وَبَيْعِ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْقِرَانِ مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الدَّمِ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ وَاَلَّذِي فِي الْحَجِّ مِنْهُمَا هُوَ الْأَجِيرُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي التَّتِمَّةِ هُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ وَالْهَدْيِ فَيَبْقَى الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ فَإِنْ خَالَفَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ فَأَفْرَدَ وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعِمَارَةِ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْعَمَلَ فِيهَا عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّ الْعُمْرَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهِيَ إجَارَةُ ذِمَّةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ فِي شَيْءٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلَا عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرِنْ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ وَإِنْ تَمَتَّعَ بَدَلَ الْقِرَانِ وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْحَجِّ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَوْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَعُدْ لِلْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَأَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِتَضَمُّنِ أَمْرِهِ بِالْقِرَانِ لِلدَّمِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ ثُمَّ قَالَ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ اهـ. وَيُجَابُ عَنْ الِاسْتِبْعَادِ بِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الدَّمِ الثَّانِي غَيْرُ سَبَبِ وُجُوبِ الدَّمِ الْأَوَّلِ كَمَا عُرِفَ أَمَّا إذَا عَادَ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مِنْ انْفِسَاخِهَا فِي الْحَجِّ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إشَارَةِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسَ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا أَفْرَدَ انْقَضَى وَقْتُ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَتَّعَ فَإِنَّ وَقْتَ الْحَجِّ بَاقٍ وَإِنْ مَضَى بَعْضُهُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الْعَمَلَيْنِ لَكِنْ عَلَيْهِ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَمُ التَّمَتُّعِ بَدَلُ دَمِ الْقِرَانِ كَمَا لَوْ قَرَنَ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ.

(فَرْع)

لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلتَّمَتُّعِ فَامْتَثَلَ فَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِالتَّمَتُّعِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا مَرَّ فِي اسْتِئْجَارِهِ لِلْقِرَانِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ وَإِنْ أَفْرَدَ بَدَلَ التَّمَتُّعِ وَالْإِجَارَةُ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ أَوْ وَهِيَ إجَارَةُ ذِمَّةٍ فَكَمَا سَبَقَ أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ وَإِنْ قَرَنَ وَعَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَكَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ حَطَّ التَّفَاوُتَ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِنُقْصَانِ الْأَفْعَالِ وَقِيلَ لَا حَطَّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَدُّدِ الْأَفْعَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْ الْقَارِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مَرْدُودٌ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ بِعَوْدِ الْقَارِنِ خِلَافًا، وَالْمَذْهَبُ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَمَا هُنَا لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهِ عَنْ الْأَجِيرِ فَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ دَمٌ؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَهُ يَقْتَضِيهِ.

1 -

(فَرْعٌ)

وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ وَقَعَا أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لِلْأَجِيرِ وَانْفَسَخَتْ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَحَلُّ وُقُوعِهِمَا لِلْأَجِيرِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا إذْنِ وَارِثٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ وَلَوْ كَانَتْ، الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَيَقَعَانِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ، وَالدَّمِ، وَالْحَطِّ كَمَا سَبَقَ فَيَجِبَانِ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يُعَدِّدَ الْأَفْعَالَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَتَّعَ بَدَلَ الْإِفْرَادِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَقَدْ أُمِرَ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْعُمْرَةِ لِوُقُوعِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا

ص: 393

".

ــ

[حاشية الجمل]

فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ نَعَمْ إنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا وَعَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ مِنْ كَوْنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ حَيًّا. . . إلَخْ.

وَإِنْ أُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ، وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَتَسَمَّحُوا فِي قَوْلِهِمْ وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِهَا لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلْيُؤَوَّلْ أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِهَا تَقْدِيمُهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَكُونَ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ وَتَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيُتَصَوَّرَ لُزُومُ الدَّمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا مَرَّ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ النُّسُكُ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَلِلْفِعْلِ الْمُخْرِجِ كَيْفِيَّاتٌ مَخْصُوصَةٌ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَلْيُرَاعَ غَرَضُهُ فِيهِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا لِغَيْرِ الْمُبَاشِرِ وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحَصُّلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ امْتِثَالُ أَمْرِ الشَّارِعِ عَاجِلًا بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الِانْتِفَاعَاتِ قِسْمَةً لِلِانْتِفَاعَاتِ الْعَاجِلَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: 27] وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْكُوفَةَ لِإِحْرَامِ الْأَجِيرِ فَجَاوَزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ دَمٌ إلْحَاقًا لِلْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ الشَّرْعِيِّ.

1 -

(فَرْعٌ)

جِمَاعُ الْأَجِيرِ قَبْلَ التَّحْلِيلِ الْأَوَّلِ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يَنْقَلِبُ الْحَجُّ فِيهَا لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْء بِصِفَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهَا يَقَعُ لِلْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَكَذَا قَضَاؤُهُ أَيْ الْحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ لَهُ كَحَجِّهِ الْفَاسِدِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرِهِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ عَنْ حَجِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مُتَطَوِّعٍ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ مَيِّتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجَرٍ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ مَالِهِ رُوعِيَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ.

(فَرْعٌ)

إذَا صَرَفَ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَجَّ إلَى نَفْسِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ انْصَرَفَ إلَيْهِ لَمْ يَنْصَرِفْ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا انْعَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَإِذَا مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَحَلَّلَ لِإِحْصَارٍ فِي أَثْنَاءِ الْأَرْكَانِ فِيهِمَا لَمْ يَبْطُلْ ثَوَابُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ لَكِنْ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ كَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ بَلْ يَجِبُ الْإِحْجَاجُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ أَجِيرَ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ أَجِيرَ ذِمَّةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بَلْ لِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ الْمَيِّتِ وَلِلْأَجِيرِ الْمَحْصُورِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا مَنْ يَسْتَأْنِفُ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِمْ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ إنْ أَمْكَنَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ وَمَتَى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ أَوْ إحْصَارِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ مِنْ الْمُسَمَّى مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَعَ تَحْصِيلِهِ بَعْضُ الْمَقْصُودِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا مِنْ الْمَقْصُودِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَرَّبَ الْأَجِيرُ عَلَى الْبِنَاءِ الْآلَاتِ مِنْ مَوْضِعِ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَوَقَعَ مَا أَتَى بِهِ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَةُ بَلْ يَحُطُّ الْأَجِيرُ قِسْطَ بَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ كَمَا لَوْ أَحُصِرَ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ وَتُجْبَرُ الْبَقِيَّةُ بِدَمٍ عَلَى الْأَجِيرِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ وَدَمُ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْصَارِ الْوَاقِعِ

ص: 394