المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٢

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[ذِكْرُ الْمَوْتِ]

- ‌[تَمَنِّي الْمَوْت]

- ‌[يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ الشَّهَادَةَ]

- ‌(فَرْعٌ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْمَيِّت]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌[زَكَاة الْبَقَر]

- ‌[زَكَاة الْغَنَم]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌(فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُ الِاعْتِكَاف]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى

- ‌(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْإِحْصَارِ)

الفصل: ‌(فصل) في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها

قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ عَدَمِ الِالْتِفَاتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي

(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

وَيَنْوِي بِهَا الْمُغْتَسِلُ أَسْبَابَهَا إلَّا الْغُسْلَ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ

(سُنَّ غُسْلٌ

ــ

[حاشية الجمل]

أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُشْتَمِلًا عَلَى ثَنَاءٍ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَحُكْمُ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي ثَانِيَتِهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ حَجّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ لِسُقُوطِ مَتْبُوعِهَا وَهُوَ الْفَاتِحَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي قِيَامِهَا، وَقَدْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِيهَا الْمُنَافِقِينَ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْجُمُعَةَ اهـ. ح ل وَيُسَنُّ لِلْمَسْبُوقِ الْجَهْرُ فِي ثَانِيَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سُورَةً كَامِلَةً لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةِ كَامِلَةٍ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ فَلْيُرَاجَعْ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ أَفْضَلِيَّةِ السُّورَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِهَا بِمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ طَلَبُ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي قَرَأَ بَعْضَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَتُقَدَّمُ قِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَوْ بَعْضِهَا قَالُوا وَحِكْمَةُ قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ كَوْنُ الْأُولَى فِيهَا اسْمُ الْجُمُعَةِ الْمُوَافِقُ لِاسْمِ يَوْمِهَا وَالْمُنَافِقِينَ تَلِيهَا فِي الْمُصْحَفِ وَالتَّوَالِي مَطْلُوبٌ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ اشْتِمَالُهَا عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهَا مِنْ الْقَوَاعِدِ وَالْحَثِّ عَلَى التَّوَكُّلِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِرَاءَةُ الْمُنَافِقِينَ لِتَوْبِيخِ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ وَتَنْبِيهِهِمْ عَلَى التَّوْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِي مَجْلِسٍ أَكْثَرَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ فِيهَا وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَصِلَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْ سُنَّتَهَا بَلْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ تَحَوُّلٍ أَوْ كَلَامٍ وَرَوَى الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ أَنَّ «مَنْ قَرَأَ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُثْنِيَ رِجْلَهُ الْفَاتِحَةَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا سَبْعًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَأُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ حَفِظَ لَهُ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَهُ» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ يَا غَنِيُّ يَا حَمِيدُ يَا مُبْدِئُ يَا مُعِيدُ يَا رَحِيمُ يَا وَدُودُ اغْنَنِي بِحَلَالِك عَنْ حَرَامِك وَبِفَضْلِك عَمَّنْ سِوَاك فَإِنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ أَغْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ خَلْقِهِ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ)

فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ضَابِطُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَا شُرِعَ بِسَبَبٍ مَاضٍ كَانَ وَاجِبًا كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَوْتِ وَمَا شُرِعَ لِمَعْنًى فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ مُسْتَحَبًّا كَأَغْسَالِ الْحَجِّ وَاسْتَثْنَى الْحَلِيمِيُّ مِنْ الْأَوَّلِ الْغُسْلَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْإِسْلَامُ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمَسْنُونَةٍ وَهِيَ ظَرْفِيَّةٌ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَظْهَرُ الظَّرْفِيَّةُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا لَا مَعْنَى لِلسِّنِّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ سَابِقٌ فَالْأَوْلَى الْوَجْهُ الْآخَرُ الَّذِي أَجَازَهُ ع ش وَهِيَ كَوْنُهَا تَعْلِيلِيَّةً وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ فِي الْجُمُعَةِ هِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِفِي لِكَوْنِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ يُطْلَبُ فِي يَوْمِهَا بِخِلَافِ غُسْلِ غَيْرِهَا كَالْعِيدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَبِخِلَافِ غُسْلِ الْجُنُونِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ بَعْدَ زَوَالِ السَّبَبِ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَمَا يَذْكُرُ مَعَهَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ بُكُورٌ لِغَيْرِ إمَامٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْغُسْلُ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَتَصِحُّ الْعِبَادَةُ عِنْدَ تَرْكِهِ اهـ. شَيْخُنَا فَنِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ غُسْلِ الْإِفَاقَةِ مَثَلًا وَعَلَيْهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَنْوِيهِ غَيْرُ الْبَالِغِ مَعَ انْتِفَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ قَطَعَ بِانْتِفَائِهَا مِنْهُ لِكَوْنِ ابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ مَثَلًا وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لِاسْتِحَالَةِ إنْزَالِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَنْوِي الْغُسْلَ مِنْ الْإِفَاقَةِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَنْوِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ نَظَرًا لِحِكْمَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي ز ي مُتَعَقِّبًا لَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا مَا بَحَثَ.

وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى الْغَايَةِ أَنَّ الْبَالِغَ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ يَنْوِي السَّبَبَ انْتَهَى انْتَهَتْ فَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْغُسْلِ أَنَّهُ كَانَ أَنْزَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ الْغُسْلُ السَّابِقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ مَعَ أَنَّ غُسْلَهُ مَنْدُوبٌ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجُنُبِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ مَظِنَّةٌ

ص: 37

فَ) إنْ عَجَزَ سُنَّ (بَدَلُهُ) بِنِيَّةِ الْغُسْلِ (لِمُرِيدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ إحْرَازًا لِلْفَضِيلَةِ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ أَيْ أَرَادَ مَجِيئَهَا فَلْيَغْتَسِلْ» وَخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَصَرَفَ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ خَبَرُ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَوْلُهُ فَبِهَا أَيْ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ

ــ

[حاشية الجمل]

لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ اهـ. شَيْخُنَا وَلَا يَنْدَرِجُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ فِي هَذَا الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الِانْدِرَاجِ فِي الْجَنَابَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَهِيَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ) أَيْ وَيُغْتَفَرُ لَهُ عَدَمُ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ سُنَّ بَدَلُهُ) قَالَ حَجّ وَلَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا يَجِيءُ فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ اهـ. وَاَلَّذِي يَأْتِي لَهُ فِي الْإِحْرَامِ نَصُّهُ وَاَلَّذِي وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِبَدَنِهِ تَغَيُّرٌ أَزَالَهُ بِهِ وَإِلَّا فَإِنْ كَفَى الْوُضُوءُ تَوَضَّأَ بِهِ وَإِلَّا غَسَلَ بِهِ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَحِينَئِذٍ إنْ نَوَى الْوُضُوءَ تَيَمَّمَ عَنْ بَاقِيهِ غَيْرَ تَيَمُّمِ الْغُسْلِ وَإِلَّا كَفَى تَيَمُّمُ الْغُسْلِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَسَلَ بِهِ أَعَالِيَ بَدَنِهِ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ فَلَا يُقَالُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ بِبَدَنِهِ تَغَيُّرٌ أَزَالَهُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَفِي حَجّ وَهَلْ يُكْرَهُ تَرْكُ التَّيَمُّمِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ مُبْدَلِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ أَوْ لَا لِفَوَاتِ الْغَرَضِ الْأَصْلِيِّ فِيهِ مِنْ النَّظَافَةِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. اهـ.

أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَدَلِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ إلَّا لِمَانِعٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَمُجَرَّدُ كَوْنِ الْغُسْلِ فِيهِ نَظَافَةٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لَا يَكْفِي إذْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ لَمَا طَلَبَ التَّيَمُّمَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْكَرَاهَةَ تَأْخِيرُ الشَّرْحِ قَوْلَهُ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَنْ قَوْلِهِ فَبَدَّلَهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ يُؤَوَّلَ الضَّمِيرُ بِالْمَذْكُورِ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلُ جَنَابَةٍ وَطُلِبَ مِنْهُ غُسْلٌ مَسْنُونٌ وَعَجَزَ عَنْ الْمَاءِ فَهَلْ يَكْفِي لَهُمَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ بِنِيَّتِهِمَا أَمْ لَا فِيهِ نِزَاعٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَاَلَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ أَنَّهُ يَكْفِي عَنْهُمَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) بِأَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهُ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُبِيحًا وَإِلَّا فَيَنْوِي بِهِ الْبَدَلَ عَنْ غَيْرِهِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ أَيْ فَيَنْوِي التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ فَيَقُولُ نَوَيْت التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِنِيَّةِ طُهْرِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَا يَسُوغُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا فِي النِّيَّةِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ أَيْ فَيَقُولُ نَوَيْت التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ ذِكْرِ السَّبَبِ كَسَائِرِ الْأَغْسَالِ وَيَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِطُهْرِ الْجُمُعَةِ أَوْ لِلْجُمُعَةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْبَدَلِيَّةَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لِمُرِيدِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ كَذَاتِ حَلِيلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضَ مَشَايِخِنَا، وَالْمُرَادُ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ عَدَمَ حُضُورِهَا فَتَدْخُلُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ حَيْثُ طُلِبَتْ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيَخْتَصُّ التَّزَيُّنُ الْآتِي أَيْضًا بِمُرِيدِ حُضُورِهَا، وَهَذَا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِكُلِّ أَحَدٍ كَالْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحُضُورَ وَيُفَارِقُ الْعِيدِ عَلَى الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ غُسْلُهُ لِلْيَوْمِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَنْ يَحْضُرُ فَإِنَّ غُسْلَهُ لِلزِّينَةِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ وَهَذَا لِلتَّنْظِيفِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزَيُّنِ اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وَشَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ) هَذَا يَصْدُقُ بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُكْرَهْ لَهَا الْحُضُورُ وَلَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا لَمْ يُسْتَحَبَّ لِنَهْيِهَا عَنْ الْحُضُورِ فَلَا تُؤْمَرُ بِمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ اهـ. ح ل وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ) إضْرَابٌ إبْطَالِيٌّ عَمَّا فَهَّمَهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّ تَرْكَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تَرْكِهِ رَاجِعٌ لِلْغُسْلِ وَبَدَلِهِ لَكِنْ تَوَقَّفَ الْعَلَّامَةُ حَجّ فِي كَرَاهَةِ تَرْكِ التَّيَمُّمِ، قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَدَلِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ إلَّا لِمَانِعٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَمُجَرَّدُ كَوْنِ الْغُسْلِ فِيهِ نَظَافَةٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لَا يَكْفِي إذْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ لَمَا طَلَبَ التَّيَمُّمَ وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ لِذَلِكَ الْغُسْلِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَغْسَالِ وَلَوْ لِحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَالتَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ وَالتَّيَمُّمُ إلَخْ أَيْ وَيَطْلُبُ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ لِلْغُسْلِ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ أَوْ تَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ فَإِذَا تَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ طُلِبَ مِنْهُ تَيَمُّمٌ آخَرُ عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ لِلْغُسْلِ.

(قَوْلُهُ: إحْرَازًا لِلْفَضِيلَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ سُنَّ غُسْلٌ فَبَدَلُهُ فَالْفَضِيلَةُ هِيَ الْغُسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ) أَتَى بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الْغُسْلَ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ لِلْإِتْيَانِ فِيهِ بِمِيمِ جَمْعِ الذُّكُورِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: «فَبِهَا وَنِعْمَتْ» ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أُخِذَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَقَوْلُهُ وَنِعْمَتْ فَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْخَصْلَةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ قَوْلِهِ تَوَضَّأَ وَالْمَخْصُوصُ

ص: 38

أَيْ بِمَا جَوَّزَتْهُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوُضُوءِ وَنِعْمَتْ الْخَصْلَةُ وَالْغُسْلُ مَعَهَا أَفْضَلُ (بَعْدَ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِلَفْظِ الْيَوْمِ كَمَا سَيَأْتِي (وَقُرْبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ) إلَيْهَا (أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ انْتِفَاءِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ.

(وَمِنْ الْمَسْنُونِ أَغْسَالُ حَجٍّ) وَعُمْرَةٍ تَأْتِي فِي كِتَابِهِمَا (وَغُسْلُ عِيدٍ وَكُسُوفٍ) بِقِسْمَيْهِمَا (وَاسْتِسْقَاءٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْوُضُوءُ، وَقَوْلُهُ أَيْ بِمَا جَوَّزْته أَرَادَ بِالتَّجْوِيزِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ فَقَوْلُهُ جَوَّزْته أَيْ لَمْ نُحَرِّمْهُ اهـ. شَيْخُنَا لَكِنَّ قَوْلَهُ أَرَادَ بِالتَّجْوِيزِ إلَخْ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ بَيَّنَ مَا جَوَّزَتْهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْوُضُوءِ وَهَذَا جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ نَفْسُهُ وَاجِبًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِمَا جَوَّزَتْهُ) دُفِعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ بَدَلَ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ كَرَاهَةُ تَرْكِ الْغُسْلِ بَاقِيَةٌ وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الْحَدِيثَ صَارِفٌ عَنْ الْوُجُوبِ الَّذِي اقْتَضَتْهُ اللَّامُ فِي «فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءُ عَنْ الْحَدَثِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ مَعَهَا) أَفْضَلُ دُفِعَ بِهِ مَا يَرِدُ مِنْ تَفْضِيلِ الْمَنْدُوبِ عَلَى الْوَاجِبِ تَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي لِصَائِمٍ خَشِيَ مُفْطِرًا تَرْكُ الْغُسْلِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَغْسَالِ وَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَ مِنْ بَدَنِهِ مَا لَا يَخَافُ مِنْهُ الْفِطْرَ أَوْ يَسْقُطُ التَّيَمُّمُ مِنْ أَصْلِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي الْأَقْرَبُ السُّقُوطُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَجْرٍ) وَيَفُوتُ بِالْيَأْسِ مِنْ فِعْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُبْطِلُهُ طَرْقُ حَدَثٍ وَلَوْ أَكْبَرَ وَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ عِنْدَ طُرُوُّ مَا ذُكِرَ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ كَالتَّجْرِيدِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدَ فَجْرٍ) وَيَدْخُلُ وَقْتُ غُسْلِ الْكُسُوفِ بِأَوَّلِهِ وَفِي الِاسْتِسْقَاءِ بِإِرَادَةِ الِاجْتِمَاعِ قَالَهُ حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً أَمَّا مَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَبِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي ش التَّحْرِيرِ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ طَلَبِ الِاغْتِسَالِ بِمَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا جَمَاعَةً فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم عَلَى حَجّ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يَفْعَلُهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ، قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِأَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَهُ بِالِانْجِلَاءِ وَيَخْرُجُ بِزَوَالِهِ جَمِيعُهُ وَقَوْلُهُ وَاسْتِسْقَاءٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا بِإِرَادَتِهِ وَلِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَيَخْرُجُ بِفَرَاغِ فِعْلِهَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدَ فَجْرٍ) وَيُفَارِقُ غُسْلَ الْعِيدِ حَيْثُ يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِبَقَاءِ أَثَرِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِقُرْبِ الزَّمَنِ وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ لَضَاقَ الْوَقْتُ وَتَأَخَّرَ عَنْ التَّبْكِيرِ إلَى الصَّلَاةِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْغُسْلُ وَالتَّبْكِيرُ قُدِّمَ الْغُسْلُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ وَيَتَعَدَّى أَثَرُهُ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّبْكِيرِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ قُدِّمَ الْغُسْلُ وَمِثْلُهُ بَدَلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِذَا تَعَارَضَ التَّبْكِيرُ وَالتَّيَمُّمُ قُدِّمَ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَدَلِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَفِي سَنِّهِ خِلَافٌ فَضْلًا عَنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سَنِّهِ.

وَفِي حَجّ وَلَوْ فُقِدَ الْمَاءُ بِالْكُلِّيَّةِ سُنَّ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ حَدَثِهِ تَيَمُّمٌ عَنْ غُسْلِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بِنِيَّتِهِمَا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ آخِرَ الْغُسْلِ حُصُولُهُمَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ اهـ. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَهُوَ قَرِيبٌ وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ م ر (فَائِدَةٌ)

سُئِلَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ تُقْضَى الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ فَقَالَ لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا، وَالظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ لِلْوَقْتِ فَقَدْ فَاتَ أَوْ لِلسَّبَبِ فَقَدْ زَالَ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غُسْلِ الْكُسُوفِ وَنَحْوِهِ أَمَّا غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَالْمَجْنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهَا الْفَوَاتُ بَلْ الظَّاهِرُ طَلَبُ الْغُسْلِ فِيهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ خُصُوصًا وَسَبَبُ الْغُسْلِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ احْتِمَالُ الْإِنْزَالِ نَعَمْ إنْ عَرَضَتْ لَهُ جَنَابَةٌ بَعْدَ نَحْوِ الْجُنُونِ فَاغْتَسَلَ عَنْهَا اُحْتُمِلَ فَوَاتُهُ وَانْدِرَاجُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ هَذِهِ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا وُجِدَ لَهَا أَسْبَابٌ كُلٌّ مِنْهَا يَقْتَضِي الْغُسْلَ كَالْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ مَثَلًا وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَكْفِي لَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لِتَدَاخُلِهَا لِكَوْنِهَا مَسْنُونَةً وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِبَعْضِهَا ثُمَّ طَرَأَ غَيْرُهُ تَعَدَّدَ الْغُسْلُ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ وَإِنْ تَقَارَبَتْ وَكَالْغُسْلِ التَّيَمُّمُ فِي ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَدُّدِ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ خَاصٌّ بِالْغُسْلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُسَنُّ قُرْبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى الْغُسْلِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَغْسَالُ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ) أَيْ زَمَانًا وَمَكَانًا كَالْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَدُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ وَدُخُولِ الْمَدِينَةِ وَحَرَمِهَا لَا الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَغُسْلُ عِيدٍ) أَيْ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَيَخْرُجُ بِالْغُرُوبِ وَفِعْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ أَفْضَلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ)

ص: 39

لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا كَالْجُمُعَةِ وَلِلزِّينَةِ فِي الْعِيدِ فَلَا يَخْتَصُّ بِسَنِّ الْغُسْلِ لَهُ مُرِيدُهُ

(وَ) غُسْلٌ (لِغَاسِلِ مَيِّتٍ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقِيسَ بِمَيِّتِنَا مَيِّتُ غَيْرِنَا

(وَ) غُسْلٌ (لِمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) إذَا (أَفَاقَا)

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ وَلَوْ لِمَنْ يَفْعَلُ الثَّلَاثَةَ مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ قَدْ يَدُلُّ لِخِلَافِهِ وَيَشْكُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ الْغُسْلُ لِلتَّرَاوِيحِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ إلَّا لِمَنْ يَفْعَلُهَا جَمَاعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَغُسْلُ عِيدٍ إلَى آخَرِ الْخَمْسَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْعِيدِ يَخْتَصُّ بِمُرِيدِ الْحُضُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ التَّعْلِيلَ بِحَسَبِ الشَّأْنِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل.

(قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا) أَيْ الْغَرَضِ الْأَصْلِيِّ مِنْهَا ذَلِكَ أَيْ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ لِلْمُنْفَرِدِ انْتَهَتْ أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَلِلزِّينَةِ فِي الْعِيدِ) أَيْ فَالْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ فِي الْعِيدِ شَيْئَانِ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَالزِّينَةِ وَحِينَئِذٍ يُعْلَمُ أَنَّ الْغُسْلَ يُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَقَطْ اهـ. حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَغُسْلٌ لِغَاسِلِ مَيِّتٍ) اُنْظُرْ لَوْ عَصَى بِالْغُسْلِ كَأَنْ غَسَّلَ شَهِيدًا أَوْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ لِأَجْلِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِذَاتِهِ كَالشَّهِيدِ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ أَوْ لِعَارِضٍ كَتَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيَّةِ نُدِبَ لَهُ وَتَعْبِيرُهُ لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ لِلْعَجْزِ عَنْ غَسْلِهِ وَلَوْ شَرْعًا سُنَّ لِلْغَاسِلِ الْغَسْلُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَالتَّيَمُّمُ وَيَفُوتُ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ إمَّا بِالْإِعْرَاضِ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ كَذَا رَأَيْته فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ حُرِّرَ ذَلِكَ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَيِّتُ وَغَسَّلَهُ فَقَدْ نَقَلَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُلَقِّنِ أَنَّ الْأَوْجَهَ طَلَبُ غُسْلٍ وَاحِدٍ عَنْ الْمُتَعَدِّدِ؛ لِأَنَّ الْأَغْسَالَ الْمَنْدُوبَةَ تَتَدَاخَلُ وَإِنْ نَوَى بَعْضَهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَغُسْلٌ لِغَاسِلِ مَيِّتٍ) أَيْ أَوْ مَيِّتَةٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَيْ وَلَوْ شَهِيدًا وَإِنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ وَفِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِطَلَبِ التَّيَمُّمِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَعِبَارَتُهُ (تَنْبِيهٌ)

تَعْبِيرُهُ بِغُسْلِ مَيِّتٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ لِعَجْزِهِ عَنْ غُسْلِهِ وَلَوْ شَرْعًا سُنَّ لِلْغَاسِلِ الْغُسْلُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَلْيَتَيَمَّمْ أَيْضًا كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهِ اهـ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْغَاسِلُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا حَيْثُ بَاشَرُوا كُلُّهُمْ الْغُسْلَ بِخِلَافِ الْمُعَاوِنِينَ بِمُنَاوَلَةِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَمِيعَ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضَهُ كَيَدِهِ مَثَلًا بَلْ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْجُودُ مِنْهُ إلَّا الْعُضْوَ الْمَذْكُورَ فَقَطْ وَغَسَّلُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ قَالَ حَجّ وَصَحَّحَ جَمْعٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الْحِجَامَةِ وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ» وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَسَّلَ الْمَيِّتَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلِغَاسِلِ مَيِّتٍ) أَعَادَ اللَّامَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ أَيْ الْعِلَّةِ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إذْ هِيَ فِيمَا قَبْلَهُ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَفِي هَذَا ضَعْفُ الْبَدَنِ بِمَسِّ بَدَنٍ خَالٍ عَنْ الرُّوحِ وَلِهَذَا أَعَادَهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلِمَجْنُونٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا احْتِمَالُ الْإِنْزَالِ وَأَيْضًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى مَيِّتٍ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَاسِلُ طَاهِرًا أَمْ حَائِضًا اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ، قَوْلُهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُغَسِّلُ لَهُ حَائِضًا أَوْ حَرُمَ الْغُسْلُ كَالشَّهِيدِ أَوْ كُرِهَ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا بِأَنْ غَسَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ أَوْ شَارَكُوهُ فِي الْمَيِّتِ وَكَالْمَيِّتِ جُزْؤُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَصْلُ طَلَبِهِ إزَالَةُ ضَعْفِ بَدَنِ الْغَاسِلِ بِمُعَالَجَةِ بَدَنٍ خَاوٍ وَلِذَلِكَ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مِنْ تَيَمُّمِهِ؛ لِأَنَّهُ مَسٌّ وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ لَكِنْ بَعْدَهُ وَقِيلَ قَبْلَهُ وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ أَيْضًا لِيَكُونَ حَمْلُهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ حَدِيثَ «وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» حَيْثُ قَالَ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ وَيَخْرُجُ وَقْتُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ غُسْلِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْإِسْلَامِ وَكُلٌّ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ الْإِعْرَاضِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ) تَتِمَّتُهُ «وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» . اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا أَيْ فَرَغَ مِنْ غَسْلِهِ لَا أَرَادَ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ وَمَنْ حَمَلَهُ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلِمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا بَالِغَيْنِ أَمْ لَا اهـ. شَرْحُ م ر وَيَنْوِي الْمَجْنُونُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْإِنْزَالِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ جُنُبًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا ذَكَرَ أَنَّهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ قَالَ إمَامُنَا فِي حِكْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأَنْزَلَ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا كَانَ وَاجِبًا عَمَلًا بِالْمَظِنَّةِ كَالْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ

ص: 40

لِلِاتِّبَاعِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهِ الْمَجْنُونُ

(وَكَافِرٌ) إذَا (أَسْلَمَ)«لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ بِالْغُسْلِ لَمَّا أَسْلَمَ وَكَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ» ، رَوَاهُمَا ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانُ وَغَيْرُهُمَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً أَسْلَمُوا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْغُسْلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ فِي الْكُفْرِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهِ وَأَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمَنْ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ أَغْسَالٌ أُخَرُ مَسْنُونَةٌ كَالْغُسْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الرِّيحِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا عَلَامَةَ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِمُشَاهَدَتِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْجُنُونَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهُ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَمُغْمًى عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ لَحْظَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ السَّكْرَانُ فَيُنْدَبُ لَهُ الْغُسْلُ إذَا أَفَاقَ بَلْ قَدْ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَجَازًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ) فَقَدْ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ» اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَكَافِرٌ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَوْ مُرْتَدًّا وَشَمِلَ الْأُنْثَى إذَا أَسْلَمَتْ، وَقَدْ غَسَّلَهَا زَوْجُهَا فِي الْكُفْرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيُسَنُّ غُسْلُ الْكَافِرِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ وَوَقْتِ غُسْلِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا فِي اسْتِحْبَابِ الْحَلْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْحَجِّ حَيْثُ يُطْلَبُ فِيهِ التَّقْصِيرُ لِغَيْرِ الذَّكَرِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا إزَالَةُ جَمِيعِ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ وَفِي الْحَجِّ إزَالَةُ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَحِينَئِذٍ فَنَدْبُ الْحَلْقِ هُنَا لِغَيْرِ الذَّكَرِ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَتِهِ لَهُ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ نَدْبُ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ مَنْ لَا شَعْرَ بِهِ اهـ. شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا، وَقَوْلُهُ إزَالَةُ جَمِيعِ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْحَلْقِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ سَبَبَ تَخْصِيصِ الرَّأْسِ بِالْحَلْقِ ظُهُورُ شَعْرِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَكَانَتْ إزَالَتُهُ عَلَامَةً ظَاهِرَةً عَلَى التَّبَاعُدِ عَنْ أَثَرِ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَدَّ لِشُعُورِ الْوَجْهِ لِمَا فِي إزَالَتِهَا مِنْ الْمُثْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّأْسُ لِسَتْرِهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ وَجْهَ تَخْصِيصِ هَذَا بِطَلَبِ السِّدْرِ فِيهِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ الْمُبَالِغَةُ فِي إظْهَارِ التَّبَاعُدِ عَنْ أَثَرِ الشِّرْكِ وَتَنْزِيلُ أَثَرِهِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا مَنْزِلَةَ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَافِرٌ أَسْلَمَ) وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَبِعَ صَغِيرٌ أَحَدُ أُصُولِهِ وَلَوْ أُنْثَى فِي الْإِسْلَامِ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا وَغَسَّلَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَكَذَا لَوْ تَبِعَ سَابِيَهُ الْكَامِلَ إذْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ كَالْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ كَامِلٍ لَا وَلِيَّ لَهُ فَفِي مَنْ يَأْمُرُهُ أَوْ يَغْسِلُهُ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَالْمُسْلِمُونَ كَمَا فِي أَمْرِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَضَرْبِهِ عَلَيْهَا كَمَا فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّابِعَ الْمَذْكُورَ لَا غُسْلَ لِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَافِرًا حَقِيقَةً وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهُ تَبَعًا، وَالْأَصْلُ فِي الْخِطَابِ التَّكْلِيفُ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى أَمْرِ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِمَا ذُكِرَ عَلَى النَّدْبِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُمْ بِالْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْكُفْرِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْبَالِغِينَ سَبْقُ الْجَنَابَةِ لَهُمْ فَيُشْكِلُ عَدَمُ أَمْرِهِمْ بِالْغُسْلِ اهـ. ع ش.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم لِقَيْسٍ بِذَلِكَ كَانَ مَعَ أَمْرِهِ لَهُ بِالْوَاجِبِ أَوْ مَعَ عِلْمِ قَيْسٍ بِهِ أَوْ هُوَ الْوَاجِبُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ ذَا أَوْلَادٍ فِي الْكُفْرِ وَمِنْ لَازِمِهَا الْجَنَابَةُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لَمَّا أَسْلَمَ) أَيْ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَكَانَ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدِ تَمِيمٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا ثُمَامَةُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَأَنَّ أَمْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا كَانَ فِي وَقْتٍ غَيْرِ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ الْآخَرَ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا مَعَ ضَمِّ الْأَوَّلِ فِيهِمَا وَالْهَمْزَةُ ابْنُ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْيَمَانِيُّ الصَّحَابِيُّ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ أَسَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَطْلَقَهُ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَلَمْ يَرْتَدَّ مَعَ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَلَا خَرَجَ عَنْ الطَّاعَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ) ظَاهِرُهُ فَوَاتُ الِاسْتِحْبَابِ فَلَا يَغْتَسِلُ ثَانِيًا لِلْإِسْلَامِ وَنُقِلَ عَنْ خَطِّ وَالِدِ شَيْخِنَا عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ نَوَاهُمَا كَفَاهُ غُسْلٌ وَاحِدٌ وَسُنَّ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَلَوْ أُنْثَى لَا لِحْيَتَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ وَقِيلَ بَعْدَهُ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُوجِبُ الْغُسْلِ فِي كُفْرِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ، قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ وَهَلْ يُسَنُّ أَيْضًا فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ غُسْلَانِ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ كَالْجَنَابَةِ وَنَحْوِ الْجُمُعَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ وَلَا بُعْدَ فِي اسْتِحْبَابِهِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَتَدَاخَلَانِ أَوْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِهِمَا مِنْ نِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ بِنِيَّتِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُهَا الْإِسْلَامُ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمَنْ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر وَعُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِمَنْ عَدَمُ انْحِصَارِ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا الْغُسْلُ لِتَغَيُّرِ بَدَنٍ

ص: 41

لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ

(وَآكَدُهَا غُسْلُ جُمُعَةٍ ثُمَّ) غُسْلُ (غَاسِلِ مَيِّتٍ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلثَّانِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ بَلْ اعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي تَحْسِينِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ أَحَادِيثِهِ فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَصْحِيحِهِ لَهُ أَوْلَى وَقُدِّمَ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ عَلَى الْبَقِيَّةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ.

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ نَحْوِ حِجَامَةٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَوَّرْ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ الْبَدَنَ وَيُضْعِفُهُ وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ أَيْ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشُدُّ الْبَدَنَ وَالْحَارُّ يُضْعِفُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بِالثَّانِي وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَلِدُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَفِي الْوَادِي عِنْدَ سَيَلَانِهِ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِشِدَّةِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِيهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ الْغُسْلُ لِتَغَيُّرِ بَدَنٍ إلَخْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بَدَنُهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ نَدْبَ الْغُسْلِ لِمُجَرَّدِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالتَّغَيُّرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَيُّرِ حُدُوثُ صِفَةٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ، وَيُقَاسُ بِهِ إلَخْ أَوْ أَنَّ نَحْوَ الْحِجَامَةِ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ.

وَقَوْلُهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ دَاخِلَ الْحَمَّامِ لِإِزَالَةِ التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْعَرَقِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا ثُمَّ اتَّصَلَ بِغُسْلِهِ الْخُرُوجُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ غُسْلٌ آخَرُ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُرِيدِ الْجَمَاعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ إنَّ جَمَاعَةَ اللَّيْلِ إلَخْ فَإِنَّ جَمَاعَةَ النَّهَارِ يُطْلَبُ لَهَا الْغُسْلُ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ إلَخْ لَكِنْ يُشْكِلُ كُلُّ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إلَخْ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ فُعِلَتْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ لَا يُسَنُّ لَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا صَلَاةً فَلَا يُنَافِي سَنَةُ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَقَوْلُهُ وَلِدُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ قَالَ حَجّ وَلِأَذَانٍ وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ أَيْ قَبْلَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ قَالَ حَجّ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ عَلَى مُبَاحٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ إلَخْ اهـ وَمِنْ الْمُبَاحِ الِاجْتِمَاعُ فِي الْقَهْوَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى أَمْرٍ مُحَرَّمٍ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ دُخُولُهَا كَعَظِيمٍ مَثَلًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ زِيَادَةِ النِّيلِ فِيهِ أَيْ النِّيلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ وَلَعَلَّ احْتِمَالَ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ قَبْلُ وَلَمْ يُعْلَمْ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ إنْزَالِهِ قَبْلَ هَذِهِ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَلَا يُقَالُ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا لِحُصُولِ فَضْلِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَآكَدُهَا غُسْلُ جُمُعَةٍ ثُمَّ غَاسِلُ مَيِّتٍ) هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْجَدِيدِ عَكْسُ هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ أَنَّ غُسْلَ غَاسِلِ الْمَيِّتِ آكَدُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ. اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وَعَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مَا تَرَكْت غُسْلَ الْجُمُعَةِ فِي بَرْدٍ وَلَا سَفَرٍ وَلَا غَيْرِهِ اهـ. ح ل.

(فَرْعٌ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ التَّيَمُّمِ الْوَاقِعِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ تَابِعَةٌ لِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ الْمُبْدَلِ فَالتَّيَمُّمُ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّيَمُّمِ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَهَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِيهَا وَلَا يُتَخَيَّلُ أَفْضَلِيَّةُ التَّيَمُّمِ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ نَظَرًا إلَى وُقُوعِهِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ الْأَفْضَلِ وَإِلَى أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْأَصْلِ كَالْمُبْدَلِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الذَّائِقِ الْمُتَأَمِّلِ لِلْقَوَاعِدِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِلشَّيْخِ الطَّبَلَاوِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَيْ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَصْحِيحِهِ لَهُ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ أَعْلَى مِنْ التَّحْسِينِ انْتَهَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ) وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ أَيْ وَصَحَّتْ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ أَيْ وَلَمْ يَكْثُرْ ثُمَّ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا أَكْثَرَ وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ الْآكَدِ تَقْدِيمُهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَا لِأَوْلَى النَّاسِ اهـ. ح ل وزي وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهِ أَقْوَى وَإِلَّا فَغُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَاءَ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ غُسْلَانِ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا

ص: 42

(وَ) سُنَّ (بُكُورٌ) إلَيْهَا (لِغَيْرِ إمَامٍ) لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَيْ كَغُسْلِهَا ثُمَّ رَاحَ أَيْ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

قُدِّمَ مَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ أَقْوَى فَإِنْ اسْتَوَيَا تَعَارَضَا فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا شَيْءٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْرِ الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَيِسَ مِنْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ بُكُورٌ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ حُضُورَهُ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى التَّبْكِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ وَلَوْ بَكَّرَ شَخْصٌ مُكْرَهًا عَلَى التَّبْكِيرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ التَّبْكِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ حُسِبَ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ إنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ بُكُورٌ) أَيْ وَلَوْ لِعَجُوزٍ سُنَّ لَهَا الْحُضُورُ اهـ. ح ل بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَيِّنَةً وَلَا مُتَعَطِّرَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اهـ. شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ هُوَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ يَأْتِيهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَطَلَبِ الْعِلْمِ يُحْسَب إتْيَانُهُ لِلْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ التَّهَيُّؤِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ بَكَّرَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الَّذِي يَخْطُبُ فِيهِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّبْكِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) قَالَ حَجّ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا الْحَضُّ عَلَى الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفَضْلُهُ وَفَضْلُ التَّبْكِيرِ إلَيْهَا وَأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ جَمَعَهُمَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أُطْلِقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ مِنْ تَرْتِيبِ الْفَضْلِ عَلَى التَّبْكِيرِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْغُسْلِ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّوَابَ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ اهـ. حَجّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر حُصُولُ الْفَضْلِ وَلَوْ بِدُونِ الْغُسْلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) هَذَا عَجُزُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ بِتَمَامِهِ فَقَالَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ كَغُسْلِهَا) وَقِيلَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ غُسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْجِمَاعُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا كَذَا قَالُوهُ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَوْمُهَا أَفْضَلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ صِيَانَةُ كَفِّ بَصَرِهِ عَمَّا لَعَلَّهُ يَرَاهُ فَيَشْغَلُ قَلْبَهُ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَغُسْلِهَا) أَيْ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عُدُولُهُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْجِمَاعُ فِي لَيْلَتِهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الثَّوَابِ بِمَنْ جَامَعَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: «ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى» ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالرَّوَاحِ هَلْ هُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ طَالَ الْمَشْيُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ يَصْدُقُ بِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الرَّوَاحَ اسْمٌ لِلذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ» إلَخْ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ زي مَا يُوَافِقُ مَا اسْتَقَرَّ بِنَاهُ نَعَمْ الْمَشْيُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِرَوَاحِهِ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى لَوْ بَعُدَتْ دَارُهُ جِدًّا بِحَيْثُ إنَّهُ سَارَ مِنْ الْفَجْرِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ إلَّا فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ مَثَلًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّبْكِيرُ إلَّا مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا أَوْ يَكْتُبُ لَهُ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّائِرَ الْمَذْكُورَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ مَنْ بَكَّرَ أَوَّلَ سَاعَةٍ لَكِنْ لَهُ ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ مِنْ حَيْثُ بُعْدُ الدَّارِ وَالْمَشَقَّةُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُوَازِي ثَوَابَ مَنْ بَكَّرَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ.

(فَرْعٌ) دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ إلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ الْوَجْهُ لَا بَلْ خُرُوجُهُ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْبَدَنَةِ بِكَمَالِهَا بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِهَا لِمَنْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهَا لِمَنْ دَخَلَ وَاسْتَمَرَّ وَلَوْ حَصَلَا لَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَنْ غَابَ ثُمَّ رَجَعَ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَغِبْ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ خُصُوصًا مَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ دَخَلَ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ الْأُولَى وَعَادَ فِي آخِرِ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَتَدَبَّرْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ حَضَرَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى وَخَرَجَ لِعُذْرٍ ثُمَّ عَادَ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الشَّيْخُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِ الْبَدَنَةِ اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَوَافَقَ عَلَى حُصُولِ الْبَدَنَةِ إذَا كَانَ عَزْمُهُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ لَوْلَا الْعُذْرُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً) فِي الصِّحَاحِ الْبَدَنَةُ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ تُنْحَرُ بِمَكَّةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ

ص: 43

فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقَرْنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» ، وَرَوَى النَّسَائِيّ «فِي الْخَامِسَةِ كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا وَفِي السَّادِسَةِ بَيْضَةً» فَمَنْ جَاءَ أَوَّلَ سَاعَةٍ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ فِي آخِرِهَا مُشْتَرِكَانِ فِي تَحْصِيلِ الْبَدَنَةِ مَثَلًا لَكِنْ بَدَنَةُ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْآخَرِ وَبَدَنَةُ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةٌ

ــ

[حاشية الجمل]

لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمِّنُونَهَا اهـ. زُرْقَانِيٌّ وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ الْبُدْنُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خَاصٌّ بِالْإِبِلِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ وَكَلَامُ الْحَنَفِيَّةِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الصِّحَاحِ، وَأَمَّا الْهَدْيُ فَيَشْمَلُ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ انْتَهَى ابْنُ لُقَيْمَةَ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ فِي سُورَةِ الْحَجِّ.

(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً) فِي الْمُخْتَارِ الْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَبْشًا أَقَرْنَ) أَيْ عَظِيمَ الْقُرُونِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَقْرَنَ مَعْنَاهُ ذُو الْقَرْنِ عَظِيمًا كَانَ أَوْ لَا فَفِيهِ وَشَاةٌ قَرْنَاءُ خِلَافُ الْجَمَّاءِ وَفِيهِ أَيْضًا وَجِمَتْ الشَّاةُ جَمًّا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا قَرْنٌ وَالذَّكَرُ أَجَمُّ وَالْأُنْثَى جَمَّاءُ وَالْجَمْعُ جُمٌّ مِثْلُ أَحْمَرُ وَحَمْرَاءُ وَحُمْرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: دَجَاجَةً) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَتَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ كَمَا فِي شَاةٍ وَحَمَامَةٍ وَبَطَّةٍ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

(قَوْلُهُ: حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ طَوَوْا الصُّحُفَ فَلَمْ يَكْتُبُوا أَحَدًا اهـ. ش م ر وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِمْ الْحَفَظَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْكَاتِبُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الْكَاتِبُ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ؛ لِأَنَّ الْحَفَظَةَ لَا يُفَارِقُونَ مَنْ عَيَّنُوا لَهُ وَهَؤُلَاءِ يَجْلِسُونَ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ لِعَامَّةِ مَنْ يَدْخُلُ هـ ع ش عَلَيْهِ وَمَنْ حَضَرَ بَعْدَ جُلُوسِهِمْ لِلِاسْتِمَاعِ قِيلَ لَا يَكْتُبُونَهُ أَصْلًا وَقِيلَ يَكْتُبُونَهُ بَعْدَ الِاسْتِمَاعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا) أَيْ يَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا وَالْعُصْفُورُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الصَّادِ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْعُ عَصَافِيرُ وَهَذِهِ السَّاعَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَفِي السَّادِسَةِ) أَيْ الْجُزْءِ السَّادِسِ مِنْ سِتَّةِ أَجْزَاءٍ بِأَنْ يُقَسِّمَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ فَالْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ فِي الْحَدِيثِ الْجُزْءُ وَإِنَّمَا فُسِّرَتْ بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ أَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ حَتَّى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ.

وَفِي ش م ر مَا نَصُّهُ وَفِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي وَالْيَوْمِ الصَّائِفِ إذْ لَا يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ سِتُّ سَاعَاتٍ اهـ. قَالَ سم وَلِي فِيهِ نَظَرٌ إذْ أَقَلُّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دَرَجَةً وَهِيَ عَشْرُ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَلَكِ مِنْ الشَّمْسِ فَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ يَخُصُّهُ خَمْسُ سَاعَاتٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الشَّمْسِ لَا يَنْقُصُ عَنْ سَاعَةٍ وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عَلَى الرَّاجِحِ هُنَا مِنْ الْفَجْرِ فَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ فِي أَقَلِّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إلَى آخِرِهِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ أَقْصَرُ مَا يُمْكِنُ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فِي الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ دَرَجَةً وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ إذْ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ خَمْسُ عَشْرَةَ دَرَجَةً ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ عَمِيرَةَ الْبُرُلُّسِيَّ سَبَقَ إلَى نَحْوِ هَذَا اهـ. وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُقْسَمُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ كَمَا يُقْسَمُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ كَذَلِكَ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ أَكْثَرُ مِنْ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ لِزِيَادَةِ حِصَّةِ الْفَجْرِ عَلَى نِصْفِ الْقَوْسِ فِيهِ اهـ. وَصَرِيحُهُ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي تَقْسِمُهُ سِتَّ سَاعَاتٍ هُوَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ.

وَفِي الشبراملسي عَلَى م ر أَنَّهُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُرُوجَ الْخَطِيبِ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ بِكَثِيرٍ وَحُمِلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ بِالزَّوَالِ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ عَقِبَهُ وَلَفْظُ ع ش قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَقِبَهُ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَتُقْسَمُ السَّاعَاتُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى خُرُوجِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ يَنْقَسِمُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ سَوَاءٌ أَطَالَ الْيَوْمُ أَمْ قَصُرَ اهـ وَمَا اعْتَبَرَهُ عِ ش هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ مِنْ أَنَّ فَرَاغَ السَّاعَةِ الْأَخِيرَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ سَادِسَةً عَلَى رِوَايَةٍ أَوْ خَامِسَةً عَلَى أُخْرَى يَكُونُ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ فَعَوَّلَ عَلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَى الزَّوَالِ تَأَمَّلْ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيلَ مِنْ الزَّوَالِ اهـ وَآخِرُهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَى صُعُودِ الْإِمَامِ لِلْمِنْبَرِ.

(قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطَةٌ) أَيْ كَمَا فِي دَرَجَاتِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ وَالْقَلِيلَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ يَنْقَسِمُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا يُسَمَّى سَاعَةً، سَوَاءٌ أَطَالَ الْيَوْمُ أَمْ قَصُرَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ خَبَرُ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» وَمَحَلُّ حُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ إنْ اسْتَمَرَّ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ إلَى أَنْ صَلَّى أَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ وَعَادَ عَنْ

ص: 44

أَمَّا الْإِمَامُ فَيُسَنُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْخُطْبَةِ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ وَالْبُكُورُ يَكُونُ (مِنْ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ شَرْعًا وَبِهِ يَتَعَلَّقُ جَوَازُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الرَّوَاحِ مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْخُرُوجِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ مَنَعَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي السَّيْرِ أَيَّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَقَوْلِي لِغَيْرٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) سُنَّ (ذَهَابٌ) إلَيْهَا (فِي طَرِيقٍ طَوِيلٍ مَاشِيًا) لَا رَاكِبًا إلَيْهَا (بِسَكِينَةٍ وَرُجُوعٌ فِي) آخَرَ (قَصِيرٍ) مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا كَمَا فِي الْعِيدِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَذِكْرُهُمَا مِنْ زِيَادَتِي وَلِلْحَثِّ عَلَى الْمَشْيِ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي السَّكِينَةِ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] أَيْ امْضُوا كَمَا قُرِئَ بِهِ (لَا لِعُذْرٍ) فِي الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِي بِأَنْ يَشُقَّ الْبُكُورُ أَوْ الذَّهَابُ أَوْ الرُّجُوعُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ الْمَشْيُ أَوْ يَضِيقُ الْوَقْتُ

ــ

[حاشية الجمل]

قُرْبٍ وَإِلَّا فَاتَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ سَاعَةِ عَوْدِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي أَسْنَانِ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ الْكَمَالُ عُرْفًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ أَسْنَانِ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا كَالْأُضْحِيَّةِ قِيلَ لَهُ فَالدَّجَاجَةُ وَالْعُصْفُورُ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ مَالَ إلَى اعْتِبَارِ الْكَمَالِ عُرْفًا فِي الْجَمِيعِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ إلَخْ) وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ السَّلَسَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى الْقُطْنَةِ وَالْعِصَابَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ التَّأْخِيرُ) وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ أَهَيْبُ لَهُ وَأَعْظَمُ فِي النُّفُوسِ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهَلْ أَجْرُهُ دُونَ أَجْرِ مَنْ بَكَّرَ اهـ قَدْ يُقَالُ تَأْخِيرُهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ ثَوَابًا يُسَاوِي ثَوَابَ الْمُبَكِّرِينَ أَوْ يَزِيدُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ لَكِنْ يُنْظَرُ أَيُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُبَكِّرِينَ يَحْصُلُ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ ثَوَابُ السَّاعَةِ الَّتِي عَزْمُهُ الْحُضُورُ فِيهَا لَوْلَا طَلَبُ التَّأْخِيرِ اهـ. وَلَوْ بَكَّرَ فَهَلْ يَحْصُلُ لَهُ مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ فَلَوْ بَكَّرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّبْكِيرِ اهـ. اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ إذَا بَكَّرَ يَكُونُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ فِي حَقِّهِ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا بَكَّرَ يَكُونُ كَغَيْرِهِ فِي الْبَدَنَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ طُلُوعِ فَجْرٍ) فَلَوْ أَتَى قَبْلَهُ لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا قَبْلَهُ ثَوَابَ التَّبْكِيرِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَتَعَلَّقُ جَوَازُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ) وَلَوْ تَعَارَضَ الْبُكُورُ بِلَا غُسْلٍ وَالتَّأْخِيرُ مَعَ الْغُسْلِ فَالثَّانِي أَفْضَلُ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ اهـ. شَيْخُنَا عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَانْظُرْ لَوْ تَعَارَضَ الْبُكُورُ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلَ الْغُسْلِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْبُكُورِ لِفَوَاتِ مَا ذُكِرَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْخُرُوجِ إلَخْ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ اسْمٌ لِلرُّجُوعِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا وَعَلَيْهِ فَالْفُقَهَاءُ ارْتَكَبُوا فِيهِ مُجَازَيْنَ حَيْثُ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الذَّهَابِ وَفِيمَا قَبْلَ الزَّوَالِ اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ) هُوَ أَبُو نَصْرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الْجَوْهَرِيُّ الْفَارَابِيُّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ أَخَذَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ لِصَلَاةٍ يُؤْتَى بِهَا فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ السَّبَبِيَّةُ لَكِنْ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُجَاوِرِ لِلْمُسَبَّبِ فِي الزَّمَانِ عَلَى السَّبَبِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ) هُوَ أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِالْأَزْهَرِيِّ وُلِدَ بِهَرَاةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ فَقِيهًا عَالِمًا بِاللُّغَةِ الْمُتَوَفَّى فِي رَبِيعٍ الْآخِرَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مَاشِيًا بِسَكِينَةٍ) وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ لِمَنْ يُجْهِدُهُ الْمَشْيُ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ بُعْدِ مَنْزِلٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مَا يَنَالُهُ مِنْ التَّعَبِ الْخُشُوعَ وَالْحُضُورَ فِي الصَّلَاةِ عَاجِلًا وَكَمَا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الرُّكُوبِ هُنَا إلَّا لِعُذْرٍ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى اهـ. ش م ر بَلْ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَمَا قَالَهُ حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ أَيْ مَا عَدَا النُّسُكَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الرُّكُوبَ فِيهِ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ: لَا رَاكِبًا) ذَكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَجَوَّزُ فِي الْمَشْيِ بِمَا يَشْمَلُ الرُّكُوبَ وَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الذَّهَابِ وَقَوْلُهُ إلَيْهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَاشِيًا وَذَكَرَهُ ثَانِيًا لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ إنَّمَا يُثَابُ عَلَيْهِ إذَا قَصَدَ بِهِ كَوْنَهُ لِلْجُمُعَةِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ لَا رَاكِبًا إلَيْهَا فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إلَيْهَا مُسْتَدْرِكٌ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ إلَيْهَا قَبْلَهُ، وَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ كَوْنُ الْمَشْيِ إلَيْهَا أَيْ فَلَا يَضُرُّ صَرْفُهُ لِغَرَضٍ آخَرَ فَمَحَلُّ الثَّوَابِ حَيْثُ كَانَ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ لَا غَيْرُ، فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ إلَيْهَا صَرَّحَ بِهِ ثَانِيًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ قِسْمَانِ لِلذَّهَابِ لِتَظْهَرَ بِهِ الْمُقَابَلَةُ فِي قَوْلِهِ وَرُجُوعٌ فِي قَصِيرٍ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعِيدِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْعِيدِ فِي الذَّهَابِ فِي الطَّوِيلِ وَالرُّجُوعِ فِي الْقَصِيرِ وَأَمَّا الْمَشْيُ فِي الذَّهَابِ فَسَيَذْكُرُ لَهُ دَلِيلًا آخَرَ غَيْرَ الْقِيَاسِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ) السَّكِينَةُ هِيَ التَّأَنِّي فِي الْحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابُ الْعَبَثِ وَالْوَقَارُ الْهَيْئَةُ كَغَضِّ الْبَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ أَوْ الْكَلِمَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ لِلْأَوَّلِ. اهـ. شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِلْمُؤَلِّفِ وَيُكْرَهُ الْعَدْوُ لِلْجُمُعَةِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَيُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ وَالْعَبَثُ حَالَ الذَّهَابِ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً وَحَالَ انْتِظَارِهَا وَلَا يُعَارِضُهُ «تَشْبِيكُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ»

ص: 45

فَالْأَوْلَى تَرْكُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَالرُّكُوبُ وَالْإِسْرَاعُ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَجِبُ الْإِسْرَاعُ إذَا لَمْ تُدْرَكْ الْجُمُعَةُ إلَّا بِهِ.

(وَ) سُنَّ (اشْتِغَالٌ فِي طَرِيقِهِ وَحُضُورُهُ) قَبْلَ الْخُطْبَةِ (بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ) أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَنَالَ ثَوَابَهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ الْعَظِيمِ

(وَتَزَيُّنٌ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ) لِلْحَثِّ عَلَى ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَيَزِيدُ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ (وَالْبِيضُ) مِنْهَا (أَوْلَى) مِنْ زِيَادَتِي لِخَبَرِ

ــ

[حاشية الجمل]

لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي اعْتِقَادِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَحَالَ انْتِظَارِهَا أَيْ حَيْثُ جَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ أَمَّا إذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِصَلَاةٍ بَلْ لِغَيْرِهَا كَحُضُورِ دَرْسٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ إلَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ وَأَمَّا إذَا انْتَظَرَهُمَا مَعًا فَتَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ)

يُسَنُّ إذَا أَتَى الْمَسْجِدَ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فِي الدُّخُولِ قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك قَالَ الْمُزَنِيّ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْك وَأَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيْك وَأَنْجَحِ مَنْ دَعَاك وَتَضَرَّعَ وَأَرْبَحَ مَنْ طَلَبَ إلَيْك، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ:«إنَّ لَكُمْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ حَجَّةً وَعُمْرَةً فَالْحَجَّةُ التَّنْجِيزُ إلَى الْجُمُعَةِ وَالْعُمْرَةُ انْتِظَارُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» اهـ. خَطِيبٌ.

(قَوْلُهُ: «وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا «وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيْ الْزَمُوا السَّكِينَةَ وَرَوَى «فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَفِي إدْخَالِ الْبَاءِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] اهـ. سُيُوطِيٌّ زَبَرْجَدٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَرْكُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ فِي الشَّرْحِ وَهِيَ الْبُكُورُ وَالذَّهَابُ وَالرُّجُوعُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ الذَّهَابُ فِي الطَّوِيلِ وَالرُّجُوعُ فِي الْقَصِيرِ وَهِيَ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ الْمَشْيُ أَوْ يَضِيقُ الْوَقْتُ فَفِي كَلَامِهِ خَمْسُ صُوَرٍ، وَقَوْلُهُ وَالرُّكُوبُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الْمَشْيُ وَقَوْلُهُ وَالْإِسْرَاعُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ يَضِيقُ الْوَقْتُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبُ) أَيْ وَالْأَوْلَى الرُّكُوبُ وَمَنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ سَيَّرَ دَابَّتَهُ بِسَكِينَةٍ كَالْمَاشِي مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ اهـ. ش م ر فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ تَسْيِيرُهَا بِسَكِينَةٍ لِصُعُوبَتِهَا وَاعْتِيَادِهَا الْعَدْوَ رَكِبَ غَيْرَهَا إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ تِلْكَ السُّنَّةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَجِبُ الْإِسْرَاعُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ أَنَّ فَقْدَ بَعْضِ اللِّبَاسِ اللَّائِقِ بِهِ عُذْرٌ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ إلَخْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ الْإِسْرَاعَ لِلْعِبَادَةِ مُزْرِيًا وَيَعُدُّونَ غَيْرَهُ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُدْرَكْ الْجُمُعَةُ إلَّا بِهِ) أَيْ إذَا خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يَسْعِي لِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا لِلرَّكَعَاتِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِسْرَاعُ لِمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: بِقِرَاءَةٍ) الْمُخْتَارُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ لَمْ يُلْقِهِ صَاحِبُهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَحْوَطَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا لِكَرَاهَةِ بَعْضِ السَّلَفِ لَهَا فِيهِ لَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعِ الزَّحْمَةِ وَالْغَفْلَةِ كَالْأَسْوَاقِ اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَزَيُّنٌ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ إلَخْ) وَالتَّزَيُّنُ مُخْتَصٌّ بِمُرِيدِ الْحُضُورِ كَالْغُسْلِ وَمُخْتَصٌّ أَيْضًا بِالذَّكَرِ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَلَوْ عَجُوزًا فَيُكْرَهُ لَهَا الطِّيبُ وَالزِّينَةُ وَفَاخِرُ الثِّيَابِ عِنْدَ إرَادَتِهَا حُضُورَهَا نَعَمْ يُسَنُّ لَهَا قَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّتْ لِكُلِّ حَاضِرِ جَمَّعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ آكَدُ اسْتِحْبَابًا اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: فِي خَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ إلَخْ) وَلَفْظُهُ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ إذَا خَرَجَ إمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» اهـ. ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْإِمَامُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَزِيدُ الْإِمَامُ نَدْبًا فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَالْعِمَّةِ وَالِارْتِدَاءِ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ وَتَرْكُ لُبْسِ السَّوَادِ لَهُ أَوْلَى مِنْ لُبْسِهِ إلَّا إنْ خَشِيَ مَفْسَدَةً تَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى لُبْسِهِ بِدْعَةٌ فَإِنْ مُنِعَ الْخَطِيبُ أَنْ لَا يَخْطُبَ إلَّا بِهِ فَلْيَفْعَلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَالْبِيضُ أَوْلَى) وَكَوْنُهَا جَدِيدَةً أَوْلَى إنْ تَيَسَّرَتْ وَإِلَّا فَمَا قَرُبَ مِنْ الْجَدِيدَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ وَالْأَكْمَلُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا بَيْضَاءَ وَإِلَّا فَأَعْلَاهَا فَإِنْ كَانَ أَسْفَلُهَا فَقَطْ لَمْ يَكْفِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَالْبِيضُ أَوْلَى) وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحْثًا بِغَيْرِ أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَالْوَحْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ خَشِيَ تَلْوِيثَهَا اهـ. شَرْحُ م ر، وَهَلْ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مَغْصُوبًا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْحُصُولُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ لُبْسِهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ

ص: 46

«الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَيَلِي الْبِيضَ مَا صُبِغَ قَبْلَ نَسْجِهِ.

(وَ) تَزَيَّنَ (بِتَطَيُّبٍ) لِذِكْرِهِ فِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ السَّابِقِ (وَبِإِزَالَةِ نَحْوِ ظُفْرٍ) كَشَعْرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ (وَنَحْوِ رِيحٍ) كَرِيهٍ كَصُنَانٍ وَوَسَخٍ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) سُنَّ (إكْثَارُ دُعَاءٍ) يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا أَمَّا يَوْمَهَا فَلِرَجَاءِ أَنْ يُصَادِفَ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْوُضُوءُ وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ فَهَلْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ أَوْ الْعِيدَ فَالْأَغْلَى أَوْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ وَقْتَ إقَامَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ حِينَئِذٍ وَالْعِيدَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَيُقَدِّمُ الْأَغْلَى فِيهَا لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ أَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ الْجُمُعَةُ رُوعِيَتْ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ، وَقَدْ تَرَجَّحَ مُرَاعَاةُ الْعِيدِ مُطْلَقًا إذْ الزِّينَةُ فِيهِ آكَدُ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ وَلِهَذَا سُنَّ الْغُسْلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» ) فَإِنْ قُلْت صَحَّ «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَأَنَّهُ خَطَبَ بِالنَّاسِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» وَفِي رِوَايَةٍ «دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ شُقَّةٌ سَوْدَاءُ» وَفِي أُخْرَى عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ «كَانَ لَهُ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيُرْخِيهَا خَلْفَهُ» وَفِي أُخْرَى لِلطَّبَرَانِيِّ «أَنَّهُ عَمَّمَ عَلِيًّا بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَأَرْسَلَهُ إلَى خَيْبَرَ» وَنُقِلَ لُبْسُ السَّوَادِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، قُلْت هَذِهِ كُلُّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فَقُدِّمَ الْقَوْلُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لُبْسُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ فِي نَحْوِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَفِيهِ يَوْمَ الْفَتْحِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ عِلَّتَهُ لَا تَتَغَيَّرُ إذْ كُلُّ لَوْنٍ غَيْرُهُ يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ وَفِي الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَرْفَعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَيَاضِ اهـ. حَجّ اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الْبَسُوا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلِمَ إذَا كَانَ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا هُنَا وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ إذْ كَانَ فِي الْمَعَانِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] . اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ لَبِسَ الثَّوْبَ يَلْبَسُهُ بِالْفَتْحِ لُبْسًا بِالضَّمِّ وَلَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ خَلَطَ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] وَفِي الْأَمْرِ لُبْسَةٌ بِالضَّمِّ أَيْ شُبْهَةٌ يَعْنِي لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَاللِّبَاسُ بِالْكَسْرِ مَا يُلْبَسُ وَكَذَا الْمَلْبَسُ بِوَزْنِ الْمَذْهَبِ وَاللِّبْسُ أَيْضًا بِوَزْنِ الدِّبْسِ وَلِبْسُ الْكَعْبَةِ أَيْضًا وَالْهَوْدَجُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ لِبَاسٍ وَلِبَاسُ الرَّجُلِ امْرَأَتُهُ وَزَوْجُهَا لِبَاسُهَا قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، وَلِبَاسُ التَّقْوَى الْحَيَاءُ كَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ وَقِيلَ هُوَ الْغَلِيظُ الْخَشِنُ الْقَصِيرُ وَاللَّبُوسُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَا يُلْبَسُ وقَوْله تَعَالَى {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبياء: 80] يَعْنِي الدِّرْعَ وَتَلَبَّسَ بِالْأَمْرِ وَبِالثَّوْبِ وَلَابَسَ الْأَمْرَ خَالَطَهُ وَلَابَسَ فُلَانًا عَرَفَ بَاطِنَهُ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ اخْتَلَطَ وَاشْتَبَهَ كَالتَّدْلِيسِ وَالتَّخْلِيطِ شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ وَرَجُلٌ لِبَاسٌ وَلَا تَقُلْ مَلْبَسٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: مَا صُبِغَ قَبْلَ نَسْجِهِ كَالْبُرْدِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ مَا قَرُبَ لَوْنُهُ مِنْ الْبَيَاضِ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا وَغَيْرُ الْأَسْوَدِ أَوْلَى مِنْهُ (فَائِدَةٌ)

لَمْ يَلْبَسْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا وَلَبِسَ الْبُرْدَ وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُ غَيْرِ الْأَبْيَضِ نَعَمْ إدَامَةُ لُبْسِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ فِي النِّعَالِ خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا مَا صُبِغَ قَبْلَ نَسْجِهِ) أَمَّا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا فَقَدْ ذَهَبَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ ذَلِكَ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَلْبَسْهُ وَعَلَّلَهُ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ مَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ مِنْ الصَّبْغِ فَيُشَوِّهُ الْبَدَنَ هَذَا وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ كَرَاهَةِ لُبْسِهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَبِتَطَيُّبٍ) أَيْ لِغَيْرِ صَائِمٍ وَمُحْرِمٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَأَعَادَ الْبَاءَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مِمَّا يُتَزَيَّنُ بِهِ وَلَوْ تَرَكَهَا لَتُوُهِّمَ قِرَاءَتُهُمَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى بُكُورٍ اهـ. شَيْخُنَا وَأَفْضَلُ الطِّيبِ الْمِسْكُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَبِإِزَالَةِ نَحْوِ ظُفْرٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَحْوِ ظُفْرٍ) أَيْ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَلَوْ زَائِدَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَتَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ وُجِدَتْ لَكِنَّ الْأُولَى فِي الْيَدَيْنِ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِسَبَّابَةِ الْيُسْرَى وَإِبْهَامُ الْيُمْنَى عَقِبَهَا وَإِبْهَامُ الْيُسْرَى قَبْلَهَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى عَلَى التَّوَالِي وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى كَالتَّخْلِيلِ فِي الْوُضُوءِ وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إزَالَةِ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ رِجْلٍ كَذَلِكَ كَالِانْتِعَالِ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَيُسَنُّ غَسْلُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ بَعْدَ قَصِّ الْأَظْفَارِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ يُورِثُ الْبَرَصَ وَالْأَوْلَى فِي قَصِّهَا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَشَعْرٍ) أَيْ بِأَنْ يَنْتِفَ إبْطَهُ إنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَحْلِقُهُ لِمَا قِيلَ إنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه كَانَ يَحْلِقُ إبْطَهُ وَيَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ السُّنَّةَ النَّتْفُ لَكِنْ لَا أَقْوَى عَلَى الْوَجَعِ قَالَهُ الْمَوْلَى سَرِيُّ الدِّينِ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ إلَى أَنْ تُبَيَّنَ طَرَفُ شَفَتِهِ الْعُلْيَا أَوْ يَحْلِقَهُ لَكِنَّ الْقَصَّ أَوْلَى.

(فَائِدَةٌ) رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ

ص: 47

سَاعَةَ الْإِجَابَةِ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ»

ــ

[حاشية الجمل]

وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ» وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ وَيَقُومُ مَقَامَ حَلْقِهَا قَصُّهَا أَوْ نَتْفُهَا لَكِنْ الْحَلْقُ أَوْلَى لِلرَّجُلِ وَالنَّتْفُ أَوْلَى لِلْمَرْأَةِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْحَلْقَ يُقَوِّي الشَّهْوَةَ وَالرَّجُلُ بِهِ أَوْلَى وَالنَّتْفُ يُضْعِفُهَا فَالْمَرْأَةُ بِهِ أَوْلَى وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا ذَلِكَ عِنْدَ أَمْرِ الزَّوْجِ لَهَا وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْعَانَةَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا لِلْغَالِبِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ إزَالَةِ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ فِيهَا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ التَّضْحِيَةَ أَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ الْإِزَالَةِ لِتَشْمَلَ الْمَغْفِرَةُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ وَلَا يُسَنُّ حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ نُسُكٍ أَوْ مَوْلُودٍ سَابِعَ وِلَادَتِهِ أَوْ كَافِرٍ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْلِقْ إلَّا فِي نُسُكٍ» مَرَّتَيْنِ، وَقِيلَ ثَلَاثًا وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُبَاحٌ وَيُكْرَهُ الْقَزَحُ بِقَافٍ وَزَايٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَحَدُّ قَصِّ الشَّارِبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَقُصَّهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَا يُحْفِيهِ مِنْ أَصْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ» فَمَعْنَاهُ أَحْفُوا مَا طَالَ عَلَى الشَّفَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السَّبَالَيْنِ وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتُرُ الْفَمَ وَلَا يَبْقَى فِيهِ غَمْرُ الطَّعَامِ إذْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: سَاعَةَ الْإِجَابَةِ) أَيْ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا يُسْتَجَابُ وَيَقَعُ مَا دَعَى بِهِ حَالًا يَقِينًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ دُعَاءٍ مُسْتَجَابٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ إلَخْ) .

وَعِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ قَوْلًا. اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَهَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ وَعَلَى الْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَهَلْ هِيَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ مُعَيَّنٌ أَوْ مُبْهَمٌ وَعَلَى الْيَقِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ أَوْ تَنْبَهِمُ فِيهِ وَعَلَى الْإِبْهَامِ مَا ابْتِدَاؤُهُ وَمَا انْتِهَاؤُهُ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ وَعَلَى الِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ الْيَوْمَ أَوْ بَعْضَهُ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اتَّصَلَ إلَيَّ مِنْ الْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ثُمَّ أَعُودُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ فَالْأَوَّلُ إلَى أَنْ قَالَ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْهُ انْتَهَتْ، وَقَدْ رَأَيْت عِبَارَةَ فَتْحِ الْبَارِي وَنَصُّهَا بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَعُودُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ فَالْأَوَّلُ أَنَّهَا رُفِعَتْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ وَقَالَ عِيَاضٌ رَدَّهُ السَّلَفُ عَلَى قَائِلِهِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ إنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرَفَعَ عِلْمَهَا عَنْ الْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً اُحْتُمِلَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ حَقِيقَتَهَا رُفِعَتْ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ، الثَّانِي أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَكِنْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ الثَّالِثُ أَنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، الرَّابِعُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَلْزَمُ سَاعَةً مُعَيَّنَةً، الْخَامِسُ أَنَّهَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، السَّادِسُ أَنَّهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، السَّابِعُ مِثْلُهُ وَزَادَ مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ، الثَّامِنُ مِثْلُهُ وَزَادَ مَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنْ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي يُجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَذَكَرَهَا، التَّاسِعُ أَنَّهَا أَوَّلُ سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، الْعَاشِرُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ شِبْرًا إلَى ذِرَاعٍ، الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّهَا فِي آخِرِ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ النَّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ نِصْفَ ذِرَاعٍ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُهُ لَكِنَّهُ قَالَ إلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ ذِرَاعًا الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ شِبْرًا إلَى ذِرَاعٍ الْخَامِسَ عَشَرَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ السَّادِسَ عَشَرَ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا يُغَايِرُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَذَانَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ الزَّوَالِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَذَانِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ الْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ.

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمُ الْبَيْعُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ الْأَذَانِ إلَى آنِ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ التَّأْذِينِ

ص: 48

فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ يَوْمًا فِي وَقْتٍ وَيَوْمًا فِي آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَأَمَّا لَيْلَتُهَا فَبِالْقِيَاسِ عَلَى يَوْمِهَا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بَلَغَنِي أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ

(وَ) إكْثَارُ (صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا

ــ

[حاشية الجمل]

وَعِنْدَ تَذْكِيرِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ إذَا أَذَّنَ وَإِذَا رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ حَتَّى يَفْرَغَهَا التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ إذَا بَلَغَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ وَأَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ الثَّلَاثُونَ عِنْدَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ أَنَّهَا عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ مِنْ الْمِنْبَرِ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ، الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ وَسَطِ النَّهَارِ إلَى قُرْبِ آخِرِ النَّهَارِ، الْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَغِيبَ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْفُ قُرْصِ الشَّمْسِ أَوْ حِينَ تَتَدَلَّى الشَّمْسُ إلَى الْغُرُوبِ إلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبُهَا، وَهَذَا جَمِيعُ مَا اتَّصَلَ إلَى مِنْ الْأَقْوَالِ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَتْ كُلُّهَا مُتَغَايِرَةً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَيُّهَا أَرْجَحُ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيِّ، فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَيْ الْمُثْبِتُ لِلْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ أَجْوَدُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ وَرُجِّحَ أَيْضًا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا.

وَفِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الْمُثْبِتِ لِلْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَتْ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ وَالنُّسْخَةُ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا فِيهَا إسْقَاطُ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ كَمَا رَأَيْت فَانْحَطَّ كَلَامُهُ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ فَعَلَى هَذَا لَا تَحْتَاجُ لِلتَّأْوِيلِ ذَكَرَهُ م ر بِقَوْلِهِ الْمُرَادُ عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ لَا أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَخْ) الْمُرَادُ عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ لَا أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْبُلْدَانِ بَلْ فِي الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ.

فَالظَّاهِرُ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ مَحَلٍّ مِنْ جُلُوسِ خَطِيبِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ فَقَدْ يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ وَلَا يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ آخَرَ بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ اهـ. ش م ر.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ سُئِلَ حَجّ عَمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ يَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْخُطَبَاءِ إذْ يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ وَيَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ بَلْ يَتَفَاوَتُ فِي حَقِّ الْخَطِيبِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْجُمَعِ فَهَلْ تَكُونُ تِلْكَ السَّاعَةُ مُتَعَدِّدَةً فَهِيَ فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ مَا بَيْنَ جُلُوسِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي ذَلِكَ مُنْذُ سِنِينَ حَتَّى رَأَيْت النَّاشِرِيَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا فِي حَقِّ آخَرِينَ وَهُوَ غَلَطٌ وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ وَسَامِعِيهِ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ فَلَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ صِحَّةِ النَّقْلِ فِيهِ انْتَهَتْ.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يُنَافِي طَلَبُ الدُّعَاءِ هُنَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ مَا مَرَّ مِنْ طَلَبِ الْإِنْصَاتِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالدُّعَاءِ اسْتِحْضَارُهُ بِالْقَلْبِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ فِيمَا عَدَا وَقْتَ ذِكْرِ الْأَرْكَانِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الْكَلَامِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ اتِّفَاقًا فِي غَيْرِ وَقْتِ ذِكْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ مُنْتَقِلَةٌ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَلْزَمُ وَقْتًا بِعَيْنِهِ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا فَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ ضَعِيفٌ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: تَكُونُ يَوْمًا فِي وَقْتٍ) أَيْ مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَيَوْمًا فِي آخَرَ وَهُوَ بَعْدَ الْعَصْرِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ إلَخْ) لَعَلَّهُ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: بَلَغَنِي) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ مَرْفُوعٌ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِكْثَارُ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ) وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَمِثْلُهَا بِالنَّهَارِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِكْثَارُ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ وَكَذَا سَلَامٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عِنْدَ قَوْلِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْقُطْرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَدَدُ حَبَّاتِ الْأَرْضِ وَقَطْرِ النَّدَى فَإِنْ

ص: 49

لِخَبَرِ «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً

ــ

[حاشية الجمل]

قُلْت هَلْ يُكْتَبُ بِهَذَا اللَّفْظِ صَلَوَاتُ عَدَدِ حَبَّاتِ الْأَرْضِ وَقَطْرِ النَّدَى قُلْت أَخْرَجَ ابْنُ بَشْكُوَالَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ مَرَّةً صَافَحْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ عَبدُوسٌ رِوَايَةً عَنْ أَبِي الْمُظَفَّرِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، فَقَالَ إنْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَمْسِينَ مَرَّةً أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحْسَنُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَرَآهَا تُسَبِّحُ وَتَعُدُّ بِالْحَصَى فَقَالَ لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً عَدَلْتِ بِهَا جَمِيعَ مَا قَلْتِيهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ» الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي أَنَّ مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ عَدَدَ خَلْقِك يُكْتَبُ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ صَلَوَاتٌ عَدَدَ الْأَلْفِ أَوْ الْخَلْقِ اهـ شَيْخُنَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَإِكْثَارُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ ذِكْرَهُ لِعُمُومِهِ وَإِنْ كَانَ إكْثَارُ مَا بَعْدَهُ أَفْضَلُ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بَعْضِ نِسَائِهِ هِيَ حَفْصَةُ رضي الله عنها اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِخُصُوصِهِ أَمَّا مَا وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ وَالتَّسْبِيحِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِصِيغَةِ الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَحْصُلَ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ الصِّيغَةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّة ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ مَا نَصُّهُ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْهُمَامِ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ أَبَدًا أَفْضَلَ صَلَوَاتِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَنَبِيِّك وَرَسُولِك وَآلِهِ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وَزِدْهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَأَنْزِلْهُ الْمَنْزِلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَك يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(فَائِدَةٌ)

قَالَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ تُقْرَأُ فِيهَا " يس " وَ " الم تَنْزِيلُ، وَالدُّخَانُ وَتَبَارَكَ فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ ثُمَّ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ الْمَعَاصِي أَبَدًا مَا أَبْقَيْتنِي وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِينِي وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي اللَّهُمَّ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ أَسْأَلُك يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِك كَمَا عَلَّمْتَنِي وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيك عَنِّي اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ أَسْأَلُك يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِك بَصَرِي وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي وَأَنْ تَشْغَلَ بِهِ بَدَنِي فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَلَى الْحَقِّ غَيْرُك وَلَا يُؤْتِينِيهِ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُ الدُّعَاءَ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ كَانَ حَسَنًا، وَقَوْلُهُ وَأَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ اهـ. بِالْحَرْفِ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ وَلِخَبَرِ «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد اهـ. ش م ر، وَقَوْلُهُ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ أَيْ تَعْرِضُهَا الْمَلَائِكَةُ فَمَا اُشْتُهِرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا بِلَا وَاسِطَةٍ لَا أَصْلَ لَهُ نَعَمْ تَبْلُغُهُ بِلَا وَاسِطَةٍ مِمَّنْ صَلَّى عِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ صلى الله عليه وسلم.

وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِخَبَرِ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ثُمَّ قَالَ وَخَبَرُ «مَنْ صَلَّى عِنْدَ قَبْرِي وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ وَكُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» اهـ. وَبِهَامِشِهِ ثُمَّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ يُبَلِّغُنِي أَنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ بِلَا وَاسِطَةِ الْمَلَكِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ بِلَا وَاسِطَةٍ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ مَعَ السَّمَاعِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالدُّرِّ الْمُنَظَّمِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ)

يَجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ التَّعَارُضُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ وَأَحَادِيثَ أُخَرَ وَرَدَتْ بِمَعْنَاهَا أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُبَلِّغُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ إذَا صَدَرَ مِنْ بُعْدٍ وَيَسْمَعُهُمَا إذَا كَانَا عِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهُ يُبَلَّغُهُمَا هُنَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ إذْ لَا مَانِعَ أَنَّ مَنْ عِنْدَ قَبْرِهِ يُخَصُّ بِأَنَّ الْمَلَكَ يُبَلِّغُ صَلَاتَهُ وَسَلَامَهُ مَعَ سَمَاعِهِ لَهُمَا إشْعَارًا لِمَزِيدِ خُصُوصِيَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ وَالِاسْتِمْدَادِ لَهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا إذْ الْمُقَيَّدُ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَاجِبٌ حَيْثُ أَمْكَنَ وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ هَلْ يَحْنَثُ

ص: 50

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ

(وَ) إكْثَارُ (قِرَاءَةِ الْكَهْفِ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) لِخَبَرِ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

بِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَ الْحِنْثَ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا) وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَمَانِينَ مَرَّةً غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُ ثَمَانِينَ سَنَةً قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْك قَالَ تَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَنَبِيِّك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَتُعْقَدُ وَاحِدَةٌ» حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ابْنُ عَمِّك هَلْ خَصَصْتُهُ بِشَيْءٍ، قَالَ نَعَمْ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُحَاسِبَهُ قُلْت بِمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيَّ صَلَاةً لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ بِمِثْلِهَا قُلْتُ وَمَا تِلْكَ الصَّلَاةُ قَالَ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَك الذَّاكِرُونَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ كُلَّمَا ذَكَرَك الذَّاكِرُونَ وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ ضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ لِلَّهِ تَعَالَى وَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِهِ مَا يَتَنَاوَلُ ذِكْرَ اسْمِهِ وَذِكْرَهُ بِالْعِبَادَةِ وَكَانَتْ الْغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ أُبِّدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ الْغَافِلِ دُونَ السَّاكِتِ مَعَ أَنَّ السَّاكِتَ أَعَمُّ مِنْ الْغَافِلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ كَثِيرًا مَا يُطْلَقُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْمُ الْغَافِلِينَ عَلَى الْحَائِدِينَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ الْمُنْهَمِكِينَ فِي غَفَلَاتِهِمْ الْمَشْغُولِينَ بِلَهْوِهِمْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِهِ وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ فَإِنْ قُلْت يُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرَيْنِ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُوصَفُ عَادَةً بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ وَالْغَفْلَةِ عَنْهُ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنَّهُ لَا يَحْسُنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَقَامَ لَيْسَ مَقَامَ الْتِفَاتٍ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى تَأْبِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الْمُصَنِّفِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ تَأْبِيدُ ثَمَرَةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ الرَّحْمَةُ اهـ. شَنَوَانِيٌّ عَلَى الْأَزْهَرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِكْثَارُ قِرَاءَةِ الْكَهْفِ) وَأَقَلُّ الْإِكْثَارِ ثَلَاثَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ وَأَوْلَاهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِيهَا أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْجُمُعَةُ تُشْبِهُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ اهـ. ش م ر (تَنْبِيهٌ)

إذَا وَقَعَ الْعِيدُ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ فَهَلْ يُرَاعَى شِعَارُهُ مِنْ التَّكْبِيرِ فَيُشْتَغَلُ بِهِ دُونَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ أَوْ يُرَاعَى الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقِرَاءَةُ الْكَهْفِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفِطْرِ فَيُرَاعَى تَكْبِيرُهُ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ الْقُرْآنِيِّ وَثُبُوتِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ بِالنَّصِّ النَّبَوِيِّ دُونَ الْأَضْحَى لِثُبُوتِ تَكْبِيرِهِ بِالْقِيَاسِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الثَّالِثَ أَقْرَبُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ شِعَارُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَالتَّكْبِيرُ مِنْ حَيْثُ الْعُرُوض فَمُرَاعَاةُ مَا هُوَ لِلذَّاتِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ فَرِعَايَةُ شِعَارِهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لَيْلَةَ جُمُعَةٍ أَوْلَى لِفَضْلِهَا عَلَيْهَا وَقِيلَ إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَيْضًا قِيلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمْلَةِ فَرِعَايَتُهَا لِهَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذُكِرَ عَلِمْت أَنَّ تَرْجِيحَ التَّكْبِيرِ مُطْلَقًا مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ يُعْتَبَرُ وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِتَعَارُضِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا مِنْ الْخُصُوصِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَشْتَغِلُ بِأَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُكْثِرًا مِنْهُ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْآخَرِ وَهَكَذَا وَعَلَى هَذَا أَيُّهُمَا أَوْلَى فِي الْبِدَايَةِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِكْثَارُ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَيْضًا قِرَاءَةُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي يَوْمِهَا لِخَبَرِ «مَنْ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَرَبَتْ الشَّمْسُ بِذُنُوبِهِ» قَالَ فِي الْإِيعَابِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِيهَا خَلْقَ آدَمَ بِقَوْلِهِ {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: 59] وَآدَمُ خُلِقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَسُورَةُ هُودٍ كَذَلِكَ لِخَبَرِ «اقْرَءُوا هُودًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَحم الدُّخَانَ لِخَبَرِ «مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غُفِرَ لَهُ» قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى قِرَاءَةِ سُورَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَهْفَ عَلَى غَيْرِهَا لِكَثْرَةِ أَحَادِيثِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْعَشْرِ آيَاتٍ أَوَّلِهَا أَمِنَ مِنْ الدَّجَّالِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى إكْثَارُ قِرَاءَةِ

ص: 51

أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَخَبَرُ «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فَقَوْلِي يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ وَذِكْرُ إكْثَارِ الْقِرَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَكُرِهَ تَخَطٍّ)

ــ

[حاشية الجمل]

الْكَهْفِ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ يَصْدُقُ بِمَرَّةٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِكْثَارِ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا مَرَّةً مَا ذُكِرَ فَكَيْفَ بِالْأَكْثَرِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ) هَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى أَوْ بِشَرْطِهِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَى فَلَا ارْتِبَاطَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْجُمَعِ بِغَيْرِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالْإِضَاءَةُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَرَأَ فِيهَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَالْمُرَادُ بِالْإِضَاءَةِ الثَّانِيَةِ ثَوَابٌ يُعْطَاهُ بِحَيْثُ يَمْلَأُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَوْ جُسِّمَ وَهُوَ الْكَعْبَةُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ نُورُ الْأَبْعَدِ أَكْثَرَ مِنْ نُورِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ نُورَ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَسَافَةٍ يُسَاوِي نُورَ الْأَبْعَدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةٍ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْكَعْبَةَ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى الْمُرَادِ بِالْإِضَاءَةِ فِيمَا مَرَّ، وَكَذَا إنْ أُرِيدَ بِالنُّورِ حَقِيقَتُهُ وَبِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مَا فِي السَّمَاءِ لِاسْتِوَاءِ النَّاسِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكَعْبَةُ عَلَى هَذَا لَزِمَ كَثْرَةُ نُورِ الْبَعِيدِ عَنْهُ عَلَى نُورِ الْقَرِيبِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِالْكَيْفِيَّةِ كَمَا فِي دَرَجَاتِ الْجَمَاعَةِ أَوْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّرْغِيبِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى الشَّرْحِ، قَوْلُهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أَزْيَدُ مِمَّا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ فَقَدْ يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ قِرَاءَتَهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ قِرَاءَتَهَا نَهَارًا آكَدُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ السَّيْرُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَوْ حَصَلَ عَلَى التَّوَالِي مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ إقَامَةٍ لِاسْتِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لِغَيْرِهِمْ لَزِمَ أَنَّ نُورَ مَنْ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَزْيَدُ بِكَثِيرٍ جِدًّا مِنْ نُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَخَطٍّ) أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ حُرْمَتُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِنْ تَخَطَّى فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَيُكْرَهُ التَّخَطِّي أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمُتَحَدَّثَاتِ أَيْ الْمُبَاحَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى مَوَاضِعِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ بَلْ يَقُولُ تَفَسَّحُوا لِلْأَمْرِ بِهِ فَإِنْ قَامَ بِهِ الْجَالِسُ بِاخْتِيَارِهِ وَأَجْلَسَ غَيْرَهُ فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ لِلْجَالِسِ وَلَا لِمَنْ قَامَ مِنْهُ إنْ انْتَقَلَ إلَى مَكَان أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ مِثْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِهِ فِي حُظُوظِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] وَلَوْ آثَرَ شَخْصًا أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ لِكَوْنِهِ قَارِئًا أَوْ عَالِمًا يَلِي الْإِمَامَ لِيُعَلِّمَهُ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ إذَا غَلِطَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَيْضًا أَوْ لَا لِكَوْنِهِ

مَصْلَحَةً عَامَّةً

الْوَجْهُ الثَّانِي وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدَ لَهُ فِي مَكَان لِيَقُومَ عَنْهُ إذَا قَدِمَ هُوَ وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَةُ فُرُشِ مَنْ بَعَثَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ لَكِنَّهُ إنْ رَفَعَهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ.

وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الصَّوْمُ لِلنَّفْلِ مَعَ حَضْرَةِ حَلِيلِهَا وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ قَطْعَ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ وَبِهِ فَارَقَ مَنْ يَقْعُدُ لَهُ؛ لِأَنَّ لِلْجَالِسِ بِهِ فَائِدَةً وَهِيَ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ فَرْشِ السَّجَّادَاتِ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْفَجْرِ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ حُضُورِ أَصْحَابِهَا مَعَ تَأَخُّرِهِمْ إلَى الْخُطْبَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا لَا بُدَّ فِي كَرَاهَتِهِ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيزِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ اهـ. ش م ر بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ ل ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ أَيْ حَيْثُ كَانُوا كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إقَامَةِ الْجَالِسِينَ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ مِنْ الْمُصَلِّينَ جَمَاعَةً إذَا حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُمْ وَأَرَادُوا فِعْلَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا حُرْمَةَ؛ لِأَنَّ الْجَالِسَ ثَمَّ مُقَصِّرٌ بِاسْتِمْرَارِ الْجُلُوسِ الْمُؤَدِّي لِتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدَ لَهُ إلَخْ أَيْ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَيْسَ مَكْرُوهًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ مَثَلًا لَمْ يَبْعُدْ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْمَبْعُوثُ حُضُورَ الْجُمُعَةِ بَلْ كَانَ عَزْمُهُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ مَنْ بَعَثَهُ انْصَرَفَ هُوَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي فَرَّقَ بِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَضْعِ السَّجَّادَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ

ص: 52

رِقَابَ النَّاسِ لِلْحَثِّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ (إلَّا لِإِمَامِ) لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إلَّا بِتَخَطٍّ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً لَا يَصِلُهَا إلَّا بِتَخَطِّي وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ) أَكْثَرَ وَ (لَمْ يُرْجَ سَدُّهَا) فَلَا يُكْرَهُ لَهُ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَائِهَا لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى فَإِنْ رَجَا سَدَّهَا كَأَنْ رَجَا أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ إلَيْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مَعَ قَوْلِي إلَّا لِإِمَامٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

وَقَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَةُ فُرُشِ مَنْ بَعَثَهُ إلَخْ وَالْبَعْثُ بِالْفُرُشِ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ وَعِبَارَتُهُ وَيُكْرَهُ بَعْثُ سَجَّادَةٍ وَنَحْوِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ مَعَ عَدَمِ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ خُصُوصًا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ انْتَهَتْ.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَلَبِيِّ أَنَّ الْبَعْثَ الْمَذْكُورَ حَرَامٌ وَنَصُّهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَفْرِشَ لَهُ نَحْوَ سَجَّادَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ اهـ. وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ الَّذِي يُلَائِمُ الِاسْتِدْرَاكَ فِي عِبَارَةِ م ر حَيْثُ قَالَ نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَخْ وَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْحَلَبِيِّ مِنْ الْحُرْمَةِ هُوَ الَّذِي يُلَائِمُ النَّظِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ، وَقَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ أَيْ تَحْرِيمِ الْفَرْشِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ ع ش عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ فَتَأَمَّلْ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ لَيْسَتْ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ حُكْمُهَا كَذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْوَاقِعُ فِيهَا ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكُرِهَ تَخَطٍّ) فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ تَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْحُرْمَةِ مَعَ أَنَّ الْإِيذَاءَ حَرَامٌ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت قُلْت لَيْسَ كُلُّ إيذَاءٍ حَرَامًا وَلِلْمُتَخَطِّي هُنَا غَرَضٌ فَإِنَّ التَّقَدُّمَ أَفْضَلُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ التَّخَطِّي الْمَكْرُوهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّخَطِّي لِتَفْرِقَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ تَبْخِيرِ الْمَسْجِدِ أَوْ سَقْيِ الْمَاءِ أَوْ السُّؤَالِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ التَّخَطِّي، أَمَّا السُّؤَالُ بِمُجَرَّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ بَلْ هُوَ سَعْيٌ فِي خَيْرٍ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْغَبْ الْحَاضِرُونَ الَّذِينَ يَتَخَطَّاهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَخَطِّي الْمُعَظَّمِ فِي النُّفُوسِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: رِقَابَ النَّاسِ) أَيْ قَرِيبَ رِقَابِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَتَخَطَّى إلَّا الْكَتِفَ اهـ. شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِالرِّقَابِ الْجِنْسُ فَيُكْرَهُ تَخَطِّي رَقَبَةٍ أَوْ رَقَبَتَيْنِ اهـ. ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالرِّقَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخَطِّي أَنْ يَرْفَعَ رِجْلَهُ بِحَيْثُ تُحَاذِي فِي تَخَطِّيهِ أَعْلَى مَنْكِبِ الْجَالِسِ وَعَلَيْهِ فَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ النَّاسِ لِيَصِلَ إلَى نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا لَيْسَ مِنْ التَّخَطِّي بَلْ مِنْ خَرْقِ الصُّفُوفِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فُرَجٌ فِي الصُّفُوفِ يَمْشِي فِيهَا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت وَآنَيْت» أَيْ تَأَخَّرْت، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِإِمَامٍ) وَكَالْإِمَامِ الرَّجُلُ الْمُعَظَّمُ فِي النُّفُوسِ لِصَلَاحٍ أَوْ وِلَايَةٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيُسَرُّونَ بِتَخَطِّيهِ سَوَاءٌ أَلِفَ مَوْضِعًا أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظَّمًا لَمْ يَتَخَطَّ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَحَلٌّ مَأْلُوفٌ وَكَالْإِمَامِ مَنْ جَلَسَ فِي مَمَرِّ النَّاسِ فَلَا يُكْرَهُ تَخَطِّيهِ وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ كَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ إلَى الْجَامِعِ وَتَوَقَّفَ سَمَاعُ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى تَخَطِّي الْكَامِلِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ التَّخَطِّي بَلْ قَدْ تَجِبُ إقَامَتُهُمْ مِنْ مَحَلِّهِمْ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَبِهِ يُقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا سَبَقَ الصَّبِيُّ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا يُقَامُ مِنْ مَحَلِّهِ اهـ. ش م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّخَطِّيَ يُوجَدُ فِيهِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ فَيَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مَعَ التَّأَذِّي وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرْجَةِ أَمَامَهُ وَيُنْدَبُ فِي الْفُرْجَةِ الْقَرِيبَةِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ يَرْجُو سَدَّهَا وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا، وَخِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْقَرِيبَةِ لِمَنْ وَجَدَ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ رَجَا سَدَّهَا وَوَجَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبَاحُ فِي هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ وَكَسْرِهَا وَهِيَ الْخَلَاءُ الظَّاهِرُ وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ أَوْ وَجَدَ سَعَةً وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ خَلَاءً وَيَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ وَسِعَهُ فَلْيُحَرَّرْ هَلْ لِلْفَرْقِ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَجْهٌ أَوْ لَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَهِيَ خَلَاءٌ ظَاهِرٌ أَقَلُّهُ مَا يَسَعُ وَاقِفًا وَخَرَجَ بِهَا السَّعَةُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهَا مُطْلَقًا اهـ.

وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجَلَالِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً لَا يُكْرَهُ لَهُ التَّخَطِّي مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً رَجَا تَقَدُّمَ أَحَدٍ إلَيْهَا أَمْ لَا وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ تَرْكِهِ فَإِذَا وَجَدَ مَوْضِعًا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ رَجَا انْسِدَادَهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا فَتَنَبَّهْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِنْ رَجَا انْسِدَادَهَا فَكَذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَكُونُ مَعْذُورًا وَلَا بُدَّ وَإِلَّا فَمَاذَا يَفْعَلُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ) أَوْ صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ اهـ. رَوْضٌ وَعَبَّرَ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ فَالْمُرَادُ

ص: 53