المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صوم التطوع) - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٢

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[ذِكْرُ الْمَوْتِ]

- ‌[تَمَنِّي الْمَوْت]

- ‌[يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ الشَّهَادَةَ]

- ‌(فَرْعٌ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْمَيِّت]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌[زَكَاة الْبَقَر]

- ‌[زَكَاة الْغَنَم]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌(فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُ الِاعْتِكَاف]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى

- ‌(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْإِحْصَارِ)

الفصل: ‌(باب صوم التطوع)

بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ وَلِعَدَمِ الْإِثْمِ فِيمَا عَدَا ظَنِّ دُخُولِ اللَّيْلِ بِلَا تَحَرٍّ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ (وَ) لَا عَلَى (مُسَافِرٍ وَطِئَ زِنًا أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ بَلْ لِلزِّنَا أَوْ لِلصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ وَلِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ وَذِكْرُ الشَّكِّ الْمُفَرَّعِ عَلَى قَوْلِي وَلَا شُبْهَةَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَتَتَكَرَّرُ) الْكَفَّارَةُ (بِتَكَرُّرِ الْإِفْسَادِ) فَلَوْ وَطِئَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ سَوَاءٌ أَكَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَحَجَّتَيْنِ وَطِئَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا.

(وَحُدُوثُ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ) أَوْ رِدَّةٍ (بَعْدَ وَطْءٍ لَا يُسْقِطُهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ بِمَا فَعَلَ.

(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .

ــ

[حاشية الجمل]

جَزْمًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ظَنَّ الْفِطْرَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَجَامَعَ إنْ عَلِمَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِثْمُهُ لَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ وَإِنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ إذْ السُّقُوطُ فِيهَا لِعَدَمِ الْإِثْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ. . . إلَخْ)، وَالْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَطِئَ زِنًا) أَيْ مَعَ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا أَيْ مَعَ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ لِلزِّنَا أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ أَيْ مَعَ زِنًا أَوْ لَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ زَنَى مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَكَذَلِكَ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَطِئَ زِنًا) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلصَّوْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي قَوْلِهِ لِلصَّوْمِ أَيْ لِلصَّوْمِ وَحْدَهُ وَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَثِمَ بِهِ لِسَبَبَيْنِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ هَذَا مُقْتَضَى عِبَارَتِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ إلَّا لِعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَقَطْ لَا لِلصَّوْمِ أَيْضًا إذْ الْفِطْرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ فَلَمْ يَأْثَمْ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَّا لِغَيْرِ الصَّوْمِ وَهُوَ الزِّنَا فِي الْأُولَى وَعَدَمُ النِّيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) وَبِالْأُولَى مَا لَوْ نَوَاهُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا عَلَى صَائِمٍ مُسَافِرٍ جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ لِوُجُودِ الْقَصْدِ مَعَ الْإِبَاحَةِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: وَحُدُوثُ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ. . . إلَخْ) بِخِلَافِ حُدُوثِ الْجُنُونِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا زَوَالُ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ حَالَةَ الْجِمَاعِ اهـ. شَرْحُ م ر وحج وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ لَا يُسْقِطُهَا قَتْلُهُ نَفْسَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا يُسْقِطُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَصِلْ إلَى بَلَدٍ وَجَدَ أَهْلَهَا مُعَيِّدِينَ وَمَطْلَعُهَا مُخَالِفٌ لِمَطْلَعِ بَلَدِهِ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي عَكْسِهِ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِثْمِ اهـ. ح ل وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ لِبَلَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: " فَلَوْ عَادَ لِمَحِلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحِلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ إذْ قَدْ تَبَيَّنَّ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْإِفْسَادِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمَ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ اهـ. سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ. . . إلَخْ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ فَالْعِلَّةُ نَاقِصَةٌ. اهـ شَيْخُنَا.

[بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى تَخْصِيصِهِ بِكَوْنِهِ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ مِنْهَا: كَمَا قَالَ م ر كَوْنُهُ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ قَالَ م ر وَهَذَا مَرْدُودٌ، وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ الْجِهَادِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَالْخَرِيفُ السَّنَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ فَضِيلَةُ الصِّيَامِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَلَا يُخِلُّ قِتَالَهُ وَلَا غَيَرُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ غَزْوِهِ اهـ. ز ي وَأَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ سَبِيلُ اللَّهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ بِأَنْ يُخْلِصَ فِي صَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَادٍ وَهَذَا الْمَعْنَى يُطْلَقُ عَلَيْهِ سَبِيلُ اللَّهِ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ سَنَةً

ص: 346

(سُنَّ صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِغَيْرِ مُسَافِرٍ وَحَاجٍّ) بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ وَبِخِلَافِ الْحَاجِّ فَإِنَّهُ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَصِلُ عَرَفَةَ لَيْلًا وَكَانَ مُقِيمًا سُنَّ صَوْمُهُ، وَالْأَسَنُّ فِطْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهُ الصَّوْمُ عَنْ الدُّعَاءِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ، وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّامِنِ مِنْ عَرَفَةَ.

(وَ) يَوْمِ (عَاشُورَاءَ) وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَهُوَ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ الْخَرِيفَ أَحَدُ فُصُولِ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْ النَّارِ مَسَافَةَ زَمَنٍ لَوْ قُسِمَ كَانَ سَبْعِينَ سَنَةً اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: سُنَّ صَوْمُ عَرَفَةَ. . . إلَخْ) وَلَوْ وَقَعَ زِفَافٌ فِي أَيَّامِ صَوْمِهِ الْمُعْتَادِ نُدِبَ فِطْرُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ وَقَعَ فِي أَيَّامِ الزِّفَافِ صَوْمُ تَطَوُّعٍ مُعْتَادٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامٌ يُقَالُ كَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ) أَيْ إنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ لِلْمُسَافِرِ أَفْضَلُ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِالطَّوِيلِ كَنَظَائِرِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ أَيْ إقَامَةً لِمَحَلِّ الظَّنِّ مَقَامَ مَحَلِّ الْيَقِينِ. اهـ. ع ش وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حَيْثُ خَصُّوا هَذَا الْحُكْمَ بِصَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّ بَاقِيَ مَا يَطْلُبُ صَوْمُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَى تَخْصِيصَ عَرَفَةَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِي غَيْرِ عَرَفَةَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دُونَهَا فِي التَّأَكُّدِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْحَاجِّ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِطْرُهُ وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ صَوْمِهِ لِحَاجٍّ لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ صَوْمَهُ لِمَنْ وَصَلَهَا نَهَارًا خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ انْتِفَاءِ خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْكَرَاهَةِ بِصَوْمِ مَا قَبْلَهُ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي خِلَافِ الْأُولَى مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَكْرُوهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقُوَّةَ الْحَاصِلَةَ بِالْفِطْرِ هُنَا مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْمَغْفِرَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْحَجِّ لِجَمِيعِ مَا مَضَى مِنْ الْعُمْرِ وَلَيْسَ فِي ضَمِّ صَوْمِ مَا قَبْلَهُ إلَيْهِ جَابِرٌ بِخِلَافِ الْفِطْرِ ثُمَّ فَإِنَّهُ مِنْ مُكَمِّلَاتِ مَغْفِرَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَفِي ضَمِّ صَوْمِ يَوْمٍ لَهُ جَابِرٌ فَإِنْ قِيلَ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قُلْنَا صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ النَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِلُ عَرَفَةَ لَيْلًا) الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَقَصَدَ أَنْ يَحْضُرَ عَرَفَةَ لَيْلًا أَيْ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَقَوْلُهُ: وَالْأَسَنُّ فِطْرُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مُقِيمًا وَقَصَدَ حُضُورَ عَرَفَةَ بِالنَّهَارِ يَوْمَ التَّاسِعِ فَيُسَنُّ لَهُ الْفِطْرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ يُسَنُّ صَوْمُهُ لِمَنْ أَخَّرَ وُقُوفَهُ إلَى اللَّيْلِ وَلَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا لِنَصِّ الْإِمْلَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ فِطْرُهُ لِلْمُسَافِرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّامِنِ مِنْ عَرَفَةَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَاجُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَشْرِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَهُوَ اسْمٌ لِلْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ، وَقِيلَ مِنْ الْعِشْرِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفِيهِ لُغَاتٌ الْمَدُّ، وَالْقَصْرُ مَعَ الْأَلِفِ بَعْدَ الْعَيْنِ وَعَشُورَاءُ بِالْمَدِّ مَعَ حَذْفِ الْأَلِفِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أُكْرِمُوا فِيهِ بِعَشْرِ كَرَامَاتٍ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْوَعْظِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضَ، وَالشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ، وَالنُّجُومَ وَالْعَرْشَ، وَالْكُرْسِيَّ، وَالْجَنَّةَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَخَلَقَ آدَمَ فِيهِ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَتَابَ عَلَيْهِ فِيهِ وَوُلِدَ إبْرَاهِيمُ فِيهِ وَنَجَّاهُ مِنْ النَّارِ وَهَدَاهُ فِيهِ وَنَجَّى مُوسَى وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ عَدُوَّهُ فِيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فِيهِ، وَوُلِدَ عِيسَى وَرُفِعَ إلَى السَّمَاءِ فِيهِ وَرَفَعَ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا فِيهِ وَاسْتَوَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ عَلَى الْجُودِيِّ فِيهِ وَأُخْرِجَ يُوسُفُ مِنْ السِّجْنِ فِيهِ وَتِيبَ عَلَى قَوْمِ يُونُسَ فِيهِ وَأُعْطِيَ سُلَيْمَانُ الْمُلْكَ فِيهِ وَأُخْرِجَ يُونُسُ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ فِيهِ وَرُدَّ بَصَرُ يَعْقُوبَ فِيهِ وَكَشَفَ ضُرَّ أَيُّوبَ فِيهِ وَغَفَرَ لِنَبِيِّهِ دَاوُد فِيهِ وَأَوَّلُ مَطَرٍ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فِيهِ وَفِيهِ تُكْسَى الْكَعْبَةُ كُلَّ سَنَةٍ» «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو مَرَاضِعَهُ وَمَرَاضِعَ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَيَنْفُثُ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَيَقُولُ لِمَنْ يُرْضِعُهُمْ لَا تَسْقِيَنَّهُمْ شَيْئًا إلَى اللَّيْلِ» وَوَرَدَ أَنَّ الطَّيْرَ وَالْوَحْشَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَوَّلُ طَيْرٍ صَامَهُ الصُّرَدُ.

وَحُكِيَ عَنْ فَتْحِ الْأَسْمَرِ أَنَّهُ قَالَ كُنْت أُفَتِّتُ خُبْزًا لِلنَّمْلِ كُلَّ يَوْمٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ لَمْ يَأْكُلْهُ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْعِيَالِ وَالْأَقَارِبِ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيُوَسِّعْ خُلُقَهُ وَيَكُفَّ عَنْ ظُلْمِهِ وَلِبَعْضِهِمْ

ص: 347

(وَتَاسُوعَاءَ) وَهُوَ تَاسِعُهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَشْرٌ يَتَّصِلْ

بِهَا اثْنَتَانِ فَلَهَا فَضْلٌ نُقِلْ

صُمْ صَلِّ زُرْ عَالِمًا عُدْ وَاكْتَحِلْ

رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقَ وَاغْتَسِلْ

وَسِّعْ عَلَى الْعِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا

وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ

فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ سَبْعٌ تُهْتَرَسْ

أَرْزٌ وَبُرٌّ ثُمَّ مَاشٍ وَعَدَسْ

وَحِمَّصٌ وَلُوبْيَا وَالْفُولُ

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمَنْقُولُ

وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ مَنْ قَرَأَ هَذَا الدُّعَاءَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمُتْ فِي سَنَتِهِ وَمَنْ فَرَغَ أَجَلُهُ لَمْ يُلْهِمْهُ اللَّهُ تَعَالَى قِرَاءَتَهُ وَهُوَ مِنْ الْمُجَرَّبَاتِ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا وَهُوَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ الْمِيزَانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضَا وَعَدَدَ النِّعَمِ وَزِنَةَ الْعَرْشِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ الْمِيزَانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضَا وَعَدَدَ النِّعَمِ وَزِنَةَ الْعَرْشِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِلْءَ الْمِيزَانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضَا وَعَدَدَ النِّعَمِ وَزِنَةَ الْعَرْشِ اللَّهُ أَكْبَرُ مِلْءَ الْمِيزَانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضَا وَعَدَدَ النِّعَمِ وَزِنَةَ الْعَرْشِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مِلْءَ الْمِيزَانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضَا وَعَدَدَ النِّعَمِ وَزِنَةَ الْعَرْشِ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْ اللَّهِ إلَّا إلَيْهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّهُ أَكْبَرُ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ عَدَدَ الشَّفْعِ، وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَاسُوعَاءُ) بِالْمَدِّ كَعَاشُورَاءَ وَحُكِيَ قَصْرُهُ وَهُوَ شَاذٌّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَأَظُنُّهُ مُوَلَّدًا وَقَالَ الصَّغَانِيُّ إنَّهُ مُوَلَّدٌ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَالْحِكْمَةُ فِي صَوْمِهِ مَعَ عَاشُورَاءَ الِاحْتِيَاطُ لَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَلِمُخَالَفَةِ الْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ الْعَاشِرَ وَحْدَهُ وَلِلِاحْتِرَازِ مِنْ إفْرَادِهِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْحَادِيَ عَشَرَ إنْ لَمْ يَصُمْ التَّاسِعَ بَلْ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا: أَنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ لِحُصُولِ الِاحْتِيَاطِ بِهِ وَإِنْ صَامَ التَّاسِعَ إذْ الْغَلَطُ قَدْ يَكُونُ بِالتَّقْدِيمِ وَبِالتَّأْخِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ هُنَا صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا لِحُصُولِهِ بِالتَّاسِعِ وَلِكَوْنِ التَّاسِعِ كَالْوَسِيلَةِ لِلْعَاشِرِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ أَمْرُهُ حَتَّى يُطْلَبَ لَهُ احْتِيَاطٌ بِخُصُوصِهِ نَعَمْ يُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ نَظِيرَ مَا فِي الْحَجَّةِ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إفْرَادُهُ لَكِنْ فِي الْأُمِّ: لَا بَأْسَ بِإِفْرَادِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ. . . إلَخْ) إنَّمَا كَانَ عَرَفَةُ بِسَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءُ بِسَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَوْمٌ مُحَمَّدِيٌّ، وَالثَّانِيَ يَوْمٌ مُوسَوِيٌّ وَنَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - فَكَانَ يَوْمُهُ بِسَنَتَيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَفِي الشَّوْبَرِيِّ إنَّ تَاسُوعَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً أَيْضًا كَعَاشُورَاءَ اهـ. وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَأَمَّا خَبَرُ «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ الْأَخِيرَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْوُحُوشَ فِي الْبَادِيَةِ تَصُومُهُ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ لَحْمًا وَذَهَبَ إلَى الْبَادِيَةِ وَرَمَاهُ لِنَحْوِ الْوُحُوشِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَأْكُلْهُ وَصَارَتْ تَنْظُرُ إلَى الشَّمْسِ وَتَنْظُرُ إلَى اللَّحْمِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَقْبَلَتْ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ اهـ. بِهَامِشِ صَحِيحٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الشُّهُورِ لِلصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ ثُمَّ رَجَبٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثُمَّ بَاقِيهَا وَظَاهِرُهُ الِاسْتِوَاءُ ثُمَّ شَعْبَانُ؛ لِخَبَرِ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا» قَالَ الْعُلَمَاءُ: اللَّفْظُ الثَّانِي مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِكُلِّهِ غَالِبُهُ، وَقِيلَ: كَانَ يَصُومُهُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ وَسَطِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا بِلَا صِيَامٍ لَكِنْ فِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَإِنَّمَا أَكْثَرَ صلى الله عليه وسلم مِنْ صِيَامِ شَعْبَانَ مَعَ كَوْنِ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِضُ لَهُ فِيهِ أَعْذَارٌ تَمْنَعُهُ مِنْ إكْثَارِ الصَّوْمِ فِيهِ أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَ الْمُحَرَّمِ إلَّا فِي آخِرِ حَيَاتِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ صَوْمِهِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا رَأَيْت رَسُولَ

ص: 348

أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَقَالَ: لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ مَعَ صَوْمِهِمَا صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ.

(وَاثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ) ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا وَقَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ

ــ

[حاشية الجمل]

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا رَمَضَانَ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ ذَلِكَ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ احْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا اهـ. ع ش وَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الذُّخْرَ بِالْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الْآخِرَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ لِمَا فِي الدُّنْيَا أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ أَذْخَرَ بِالْمُعْجَمَةِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَحْتَسِبُ بِمَعْنَى أَرْجُو وَعَلَى بِمَعْنَى مِنْ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ السَّنَةُ الَّتِي تَتِمُّ بِفَرَاغِ شَهْرِهِ وَبِالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ السَّنَةُ الَّتِي أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَلِي الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ إذْ الْخِطَابُ الشَّرْعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَعُرْفُهُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إذْ بَعْضُهَا مُسْتَقْبَلٌ كَالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ أَتَى مَعَ الْمُضَارِعِ بِأَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَإِلَّا فَلَوْ تَمَّتْ الْأُولَى كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ فِيهَا بِلَفْظِ الْمَاضِي بِأَنْ يَقُولَ احْتَسَبْت قَالَ الْإِمَامُ، وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ.

قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ: وَهَذَا مِنْهُ تَحَكُّمٌ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ لَا يُحْجَرُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» هَذَا قَوْلٌ عَامٌّ يُرْجَى بِهِ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا، قَالَ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا الْغُفْرَانُ، وَالثَّانِي: الْعِصْمَةُ حَتَّى لَا يَعْصِيَ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَالثَّانِي عَلَى السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّكْفِيرِ فِيمَنْ لَهُ صَغَائِرُ وَإِلَّا زِيدَ فِي حَسَنَاتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ. . . إلَخْ يُعَارِضُ هَذَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَبَّرَ بِمِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي خَبَرِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّ السَّنَةَ فِيهِ قَدْ مَضَى جَمِيعُهَا بَلْ وَزِيَادَةٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ فِيهَا كَوْنُ التَّكْفِيرِ مُطْلَقًا مُسْتَقْبَلًا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ تَرْغِيبِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَوْمِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الصَّوْمِ الَّذِي سَيُفْعَلُ بِتَرْغِيبِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ الْمَاضِيَ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى فَالْمُضَارِعُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِأَدَاءِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(فَائِدَةٌ)

قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ يُقَالُ إذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ الذُّنُوبَ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ وَالْجَمَاعَاتُ وَرَمَضَانُ وَصَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَمُوَافَقَةُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ فَقَدْ وَرَدَ فِي كُلٍّ أَنَّهُ يُكَفِّرُ قَالَ: وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ بِهِ دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ رَجَوْنَا أَنْ يَحْتُتَ مِنْهَا. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ اهـ. ع ش ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِخَطِّ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ مَا نَصُّهُ " التَّحْقِيقُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ النَّاسَ أَقْسَامٌ مَنْ لَا صَغَائِرَ لَهُ وَلَا كَبَائِرَ فَتُرْفَعُ دَرَجَاتُهُ، وَمَنْ لَهُ صَغَائِرُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ فَتَكْفِيرُهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَمَنْ لَهُ كَبَائِرُ مَعَ صَغَائِرَ فَالْمُكَفَّرُ عَنْهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّغَائِرُ فَقَطْ، وَمَنْ لَهُ كَبَائِرُ فَقَطْ فَيُكَفَّرُ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ يُكَفَّرُ مِنْ الصَّغَائِرِ نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: إلَى قَابِلٍ) هُوَ مَصْرُوفٌ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ خِلَافُهُ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) اسْتَشْكَلَ عَلَى حَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ صَائِمِينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَيَقُولُونَ إنَّ سَبَبَ ذَلِكَ ظُهُورُ مُوسَى وَغَرَقُ فِرْعَوْنَ فَقَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» وَكَانَ دُخُولُهُ فِي رَبِيعٍ وَعَاشُورَاءُ فِي الْمُحَرَّمِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَجَدَهُمْ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهِ إلَى وَقْتِهِ أَوْ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ سَفْرَةٍ كَانَ سَافَرَهَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ دُخُولُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا، وَالنَّفَلُ تَجُوزُ نِيَّتُهُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَاثْنَيْنِ) مَجْرُورٌ بِالْيَاءِ لِإِلْحَاقِهِ فِي الْإِعْرَابِ بِالْمُثَنَّى فَلَيْسَ مُنَوَّنًا. اهـ شَيْخُنَا وَسُمِّيَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ ثَانِي أَيَّامِ إيجَادِ الْمَخْلُوقَاتِ غَيْرِ الْأَرْضِ، وَالْخَمِيسُ خَامِسُهَا، وَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ كَمَا فِي بَابِ النَّذْرِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمِيسِ؛ لِأَنَّ أَطْوَارَهُ صلى الله عليه وسلم كُلَّهَا كَانَتْ فِيهِ وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ الْجُمُعَةُ ثُمَّ الِاثْنَيْنِ ثُمَّ الْخَمِيسُ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْأَيَّامِ وَيُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ مُطْلَقًا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى عَدَمِ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَهْلَكَ فِيهِ مَنْ قَبْلَهَا وَيُسَنُّ أَيْضًا صَوْمُ يَوْمِ الْمِعْرَاجِ وَيَوْمٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَا يَأْكُلُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا تُعْرَضُ فِي

ص: 349

يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَأَيَّامِ) لَيَالٍ (بِيضٍ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَتَالِيَاهُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِصِيَامِهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَهَا وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ؛ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَسُنَّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ وَهِيَ: الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا.

(وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

ــ

[حاشية الجمل]

لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَالْأَوَّلُ عَرْضٌ إجْمَالِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْأُسْبُوعِ، وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ السَّنَةِ، وَكَذَا الثَّالِثُ وَفَائِدَةُ تَكْرِيرِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْعَامِلِينَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَمَّا عَرْضُهَا تَفْصِيلًا فَهُوَ بِرَفْعِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً. اهـ. شَرْحُ حَجّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَهُوَ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَرَفْعُهَا فِي شَعْبَانَ الثَّابِتِ بِخَبَرِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ: إنَّهُ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْأَعْمَالِ جُمْلَةً انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ اهـ. ق ل عَلَى الْمُحَلَّى (قَوْلُهُ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ) أَيْ فِي النَّهَارِ لَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْعَرْضُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَأَوَّلَ قَوْلُهُ وَأَنَا صَائِمٌ أَيْ عَلَى أَثَرِ الصَّوْمِ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَأَيَّامُ بِيضٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا بِصَوْمِ شَهْرٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا. اهـ. ح ل وَبِيضٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ اهـ شَيْخُنَا، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ فَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْمَأْمُورُ بِصِيَامِهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ الْحِجَّةِ السَّادِسَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَصُومَ مَعَ الثَّلَاثَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ. . . إلَخْ أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبْدَلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ. . . إلَخْ) أَيْ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا النُّورِ الْعَظِيمِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ آدَمَ عليه الصلاة والسلام لَمَّا أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ إلَى الْأَرْضِ اسْوَدَّ جَسَدُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ بِصَوْمِهَا فَابْيَضَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُلُثُ بَدَنِهِ وَفِي الثَّانِي ثُلُثَاهُ وَفِي الثَّالِثِ جَمِيعُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيَّامُ السُّودِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ بِالظُّلْمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا طَلَبُ كَشْفِ تِلْكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَتَزْوِيدُ الشَّهْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ بَعْدَ كَوْنِهِ كَانَ ضَيْفًا وَقِيلَ لِطَلَبِ كَشْفِ سَوَادِ الْقَلْبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ. إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ السَّابِعُ أَوْ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ فَإِنْ بَدَأَ بِالثَّامِنِ وَنَقَصَ الشَّهْرُ صَامَ أَوَّلَ تَالِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الظُّلْمَةِ لِلَيْلَتِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَقَعُ صَوْمُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) بِإِثْبَاتِ التَّاءِ مَعَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ لُغَةً، وَالْأَفْصَحُ حَذْفُهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اهـ. شَرْحُ م ر وَسُئِلْت عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ وَسِتَّةٌ مِنْ شَوَّالٍ يَبْقَى النَّظَرُ فِي مَنْ أَفْطَرَ جَمِيعَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ هَلْ يَتَأَتَّى لَهُ تَدَارُكُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا الْمُعْتَمَدُ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ سِتَّةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ اهـ. رَمْلِيٌّ كَبِير وَفِي حَجّ أَيْضًا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الصَّوْمَ الرَّاتِبَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهَا لِمَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَوْرًا اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَكَثِيرِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ كُفْرٍ لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ بَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةَ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ يُنَافِي مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ ذُو وَجْهَيْنِ أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِذَا تَرَكَهَا فِي شَوَّالٍ لِذَلِكَ أَوْ غَيْرِ مُسِنٍّ قَضَاؤُهَا مِمَّا بَعْدَهُ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِصَوْمِهَا مُتَفَرِّقَةً وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ أَوْ فِي نَحْوِ عَاشُورَاءَ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا فَحَصَلَ لَهُ ثَوَابُ تَطَوُّعِهِمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ، وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ

ص: 350

ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» . وَخَبَرِ النَّسَائِيّ «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَيْ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (وَاتِّصَالُهَا) بِيَوْمِ الْعِيدِ (أَفْضَلُ) مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَتَعْبِيرِي بِاتِّصَالِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَتَابُعِهَا لِشُمُولِهِ الْإِتْيَانِ بِهَا مُتَتَابِعَةً وَعَقِبَ الْعِيدِ.

(وَ) سُنَّ صَوْمُ (دَهْرٍ غَيْرِ عِيدٍ وَتَشْرِيقٍ إنْ لَمْ يَخَفْ بِهِ ضَرَرًا

ــ

[حاشية الجمل]

الْكَامِلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا أَنْ يَصُومَ سِتًّا مِنْ ذِي الْقَعْدَةَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بَعْدَ صَوْمِ شَوَّالٍ فَيَكُونُ صَارِفًا عَنْ حُصُولِهَا عَنْ السِّتَّةِ فَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَوْمَهَا لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِحُصُولِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَيُسَنُّ صَوْمُ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ فِي صَوْمِ أَيَّامِ السُّودِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ آخِرُ شَهْرٍ لِتَقَدُّمِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتْبَعَهُ) أَيْ حَقِيقَةً إنْ صَامَهُ وَحُكْمًا إنْ أَفْطَرَهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ يَقَعُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ وَأَطْعَمَ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ يَوْمَ الْعِيدِ مَثَلًا ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَنَظِيرُهُ مَا قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ فَطَّرَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ شَخْصًا كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ النَّسَائِيّ. . . إلَخْ) أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ لِلْأَوَّلِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا) عِبَارَةُ حَجّ، وَالْمُرَادُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِيَّةِ سِتَّةِ شَوَّالٍ مَعْنًى إذْ مَنْ صَامَ مَعَ رَمَضَانَ سِتَّةً غَيْرَهَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الدَّهْرِ لِمَا تَقَرَّرَ فَلَا تَتَمَيَّزُ تِلْكَ إلَّا بِذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ) أَيْ الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِصِيَامِ رَمَضَانَ وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا بِسَنَةٍ بِوَاسِطَةِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ) أَيْ التَّعْبِيرِ بِالِاتِّصَالِ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ صَوْمُ دَهْرٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعُمُرُ بِخِلَافِهِ فِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّنَةُ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي ع ش أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعُمُرُ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ أَمَّا لَوْ صَامَ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ بَعْضِ فَالسَّنَةُ الَّتِي صَامَ السِّتَّ فِيهَا يَكُونُ صَوْمُهَا كَسَنَةٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَصُمْ فِيهَا يَكُونُ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ اهـ. وَمَعَ نَدْبِهِ فَصَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْغَزَالِيِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَصَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ فَوَافَقَ فِطْرَهُ يَوْمًا سُنَّ صَوْمُهُ كَالِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ، وَالْبِيضِ يَكُونُ فِطْرُهُ فِيهِ أَفْضَلُ لِيَتِمَّ لَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ صَوْمَهُ لَهُ أَفْضَلُ اهـ. حَجّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ مُوَافَقَةُ الْأَوَّلِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ انْعَقَدَ النَّذْرُ مَا لَمْ يَكُنْ الصَّوْمُ مَكْرُوهًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ اهـ. شَرْحُ م ر وَحَيْثُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ خَوْفُ فَوْتِ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَمْنَعُ انْعِقَادَ النَّذْرِ هَلْ يُؤَثِّرُ أَوْ لَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مَعَ الْمَشَقَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِعَجْزِهِ عَنْهُ فِعْلِ مَا الْتَزَمَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَ صَوْمًا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد» مَا نَصُّهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْأَفْضَلِيَّةِ مُطْلَقًا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَيَتَرَجَّحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ قَدْ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْحُقُوقِ وَبِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَشُقُّ عَلَيْهِ بَلْ تَضْعُفُ شَهْوَتُهُ عَنْ الْأَكْلِ وَتَقِلُّ حَاجَتُهُ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ نَهَارًا وَيَأْلَفُ تَنَاوُلَهُ فِي اللَّيْلِ بِحَيْثُ يَتَجَدَّدُ لَهُ طَبْعٌ زَائِدٌ بِخِلَافِ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ فِطْرٍ إلَى صَوْمٍ وَمِنْ صَوْمٍ إلَى فِطْرٍ وَقَدْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَشَقُّ الصَّوْمِ وَيَأْمَنُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَفْوِيتِ الْحُقُوقِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إنَّك لَتُقِلُّ الصِّيَامَ فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يُضْعِفَنِي عَنْ الْقِرَاءَةِ، وَالْقِرَاءَةُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَجْرًا وَمَا كَانَ أَكْثَرَ أَجْرًا كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا.

وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا وَقَيَّدَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَصُومَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَأَنْ لَا يَرْغَبَ عَنْ السُّنَّةِ بِأَنْ يَجْعَلَ الصَّوْمَ حَجْرًا عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَعْمَالِ فَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ زِيَادَةٌ فِي الْفَضْلِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَك وَذَلِكَ لِمَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ وَمُنْتَهَى قُوَّتِهِ

ص: 351

أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَعْنَى ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا مَوْضِعٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ بِهِ ذَلِكَ (كُرِهَ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» .

(كَإِفْرَادِ) صَوْمِ يَوْمِ (جُمُعَةٍ أَوْ سَبْتٍ أَوْ أَحَدٍ) بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ (بِلَا سَبَبٍ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» وَخَبَرِ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ صَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ فَلَوْ جَمَعَهَا أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ أَمَّا إذَا صَامَهُ بِسَبَبٍ كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمًا مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ:«لَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» وَقِيسَ بِالْجُمُعَةِ الْبَاقِي، وَقَوْلِي أَوْ أَحَدٌ بِلَا سَبَبٍ مِنْ زِيَادَتِي

(وَكَقَطْعِ نَفْلٍ غَيْرِ نُسُكٍ) حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (بِلَا عُذْرٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَأَنَّ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ يُضَعِّفُهُ عَنْ الْفَرَائِضِ وَيَتَعَطَّلُ بِهِ عَنْ الْحُقُوقِ وَالْمَصَالِحِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ فِي مَعْنَاهُ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ مُتَعَارِضَةُ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَلَيْسَ كُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَنَا وَلَا مُسْتَحْضَرًا وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ فَمِقْدَارُ تَأْثِيرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي الْحَثِّ وَالْمَنْعِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ لَنَا فَالطَّرِيقُ حِينَئِذٍ أَنْ نُفَوِّضَ الْأَمْرَ إلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ وَنَجْرِيَ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الشَّرْعِ مَعَ قُوَّةِ الظَّاهِرِ هَهُنَا وَأَمَّا زِيَادَةُ الْعَمَلِ وَاقْتِضَاءُ الْعَادَةِ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ بِسَبَبِهِ فَيُعَارِضُهُ اقْتِضَاءُ الْعَادَةِ، وَالْجِبِلَّةِ لِلتَّقْصِيرِ فِي حُقُوقٍ يُعَارِضُهَا الصَّوْمُ الْفَائِتُ وَمَقَادِيرُ ذَلِكَ الْفَائِتِ مَعَ أَنَّ مَقَادِيرَ الْحَاصِلِ مِنْ الصَّوْمِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ كحج وَلَوْ مَنْدُوبًا وَمُقْتَضَاهُ الْكَرَاهَةُ مَعَ فَوَاتِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذِهِ حُرْمَتُهُ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى الْمَنْدُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَأَمَّا عِنْدَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ فَيَحْرُمُ رَاجِعْهُ انْتَهَى قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْجَلَالِ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقًّا وَاجِبًا حَرُمَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقًّا مَنْدُوبًا أَوْلَى مِنْ الصِّيَامِ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَقَدَ تِسْعِينَ) وَهُوَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِبْهَامَ وَيَجْعَلَ السَّبَّابَةَ دَاخِلَةً تَحْتَهُ مَطْبُوقَةً جِدًّا اهـ. ح ل وع ش وَالتِّسْعِينُ كِنَايَةٌ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَصَابِعَ الْمَبْسُوطَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ وَكُلُّ عُقْدَةٍ بِعَشَرَةٍ فَتُضْرَبُ فِي تِسْعَةٍ بِتِسْعِينَ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْحُسَّابِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَقِيلَ إنَّ التِّسْعِينَ كِنَايَةٌ عَنْ عُقَدِ السَّبَّابَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُقْدَةٍ بِثَلَاثِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَعُقَدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ خَافَ ذَلِكَ كُرِهَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ مُبِيحًا لِلتَّيَمُّمِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ رَمَضَانَ مَعَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ هُنَا مَا دُونَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: كَإِفْرَادِ جُمُعَةٍ. . . إلَخْ) خَرَجَ نَفْسُ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَلَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ اعْتِكَافَهُ وَغَيْرَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُرَاعَى خِلَافُ مَنْ مَنَعَ الِاعْتِكَافَ مَعَ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ رِعَايَةِ الْخِلَافِ أَنْ لَا يَقَعَ فِي مُخَالَفَةِ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلِيَتَقَوَّى بِفِطْرِهِ عَلَى الْوَظَائِفِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ وَمِنْ هُنَا خَصَّصَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ بِمَنْ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْوَظَائِفِ لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ فِطْرِ عَرَفَةَ وَلَوْ لَمْ يَضْعُفْ بِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الصَّوْمِ الضَّعْفَ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً بَلْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ وَيُؤَيِّدُهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النَّذْرِ وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ إذْ لَا تَخْتَصُّ كَرَاهَةُ الْإِفْرَادِ بِالْجُمُعَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ:.

وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ النَّذْرِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ نَذَرَ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِصَوْمِ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا مِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالنَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. انْتَهَى (قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ) أَيْ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فَلَا يُكْرَهُ الْإِفْرَادُ فِيهَا اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ» . . . إلَخْ) هَذَا رُبَّمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِضَمِّ صَوْمٍ إلَيْهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْيَهُودَ. . . إلَخْ) هَذَا الْعَطْفُ يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عِلَّةً اهـ. وَحِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ فِي قِيَاسِ يَوْمِ الْأَحَدِ عَلَى السَّبْتِ مَعَ عَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ عَنْهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَمَعَهَا. . . إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْأَحَدِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهَا بِالصَّوْمِ وَقَدْ يَمْنَعُ كَوْنَهُ جَمْعًا اهـ. ح ل وَبَقِيَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى صَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ مَعًا أَوْ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ مَعًا ثُمَّ صَامَ الْأَوَّلَ وَعَنَّ لَهُ تَرْكُ الْيَوْمِ الثَّانِي فَهَلْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِكَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ قَصْدُهُ بَلْ الصَّوْمُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا صَامَ السَّبْتَ كُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَصَدَهُ أَوْ لَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ) يَرُدُّ عَلَى مَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِانْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ إذْ غَايَةُ الْجَمْعِ أَنَّهُ ضَمُّ مَكْرُوهٍ لِمَكْرُوهٍ اهـ. ح ل قِيلَ وَلَا نَظِيرَ لِهَذَا فِي أَنَّهُ إذَا ضُمَّ مَكْرُوهٌ لِمَكْرُوهٍ آخَرَ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَامَهُ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ يَصُومُ عَرَفَةَ أَوْ عَاشُورَاءَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَفْتَى

ص: 352

فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] أَمَّا بِعُذْرٍ كَمُسَاعَدَةِ ضَعِيفٍ فِي الْأَكْلِ إذَا عَزَّ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ مُضِيفِهِ مِنْهُ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِخَبَرِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ النَّفْلِ أَمَّا نَفْلُ النُّسُكِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ لِمُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ وَالْكَفَّارَةِ بِإِفْسَادِهِ بِجِمَاعٍ (وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ) إنْ قَطَعَهُ؛ لِأَنَّ «أُمَّ هَانِئٍ كَانَتْ صَائِمَةً صَوْمَ تَطَوُّعٍ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَنْ تُفْطِرَ بِلَا قَضَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ تُتِمَّ صَوْمَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَطْعِ مَعَ قَوْلِي غَيْرُ نُسُكٍ بِلَا عُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.

(وَحَرُمَ قَطْعُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ) وَلَوْ غَيْرَ فَوْرِيٍّ كَأَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِتَرْكِهِ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ وَخَرَجَ بِالْعَيْنِيِّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَالْأَصَحُّ وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ إلَّا الْجِهَادُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ كَالْعَيْنِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ آنَسَ النَّجَابَةَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٌ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَا قَطْعُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي صِفَةٍ لَا أَصْلٍ، وَالصِّفَةُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ صَحَّحَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِخِلَافِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا بِنَذْرٍ وَقَضَاءٍ وَكَفَّارَةٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَنْذُرْ إتْمَامَهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعُهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَمِيرُ نَفْسِهِ) هُوَ بِالرَّاءِ وَرُوِيَ بِالنُّونِ أَيْضًا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) وَإِذَا أَفْطَرَ لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا مَضَى إنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا أُثِيبَ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى عِبَادَةٍ لَمْ تَتِمَّ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يُثَابُ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَمَّا نَفْلُ النُّسُكِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) فِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ شُرُوعٌ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُتَصَوَّرُ الشُّرُوعُ فِي نَفْلِ النُّسُكِ بِمَا إذَا كَانَ الْفَاعِلُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ سَيِّدُهُ رَاجِعْ بَابَ الْإِحْصَارِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ) كَاعْتِكَافٍ وَوُضُوءٍ وَطَوَافٍ وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا وَالتَّسْبِيحَاتُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَالْقَطْعُ ظَاهِرٌ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِارْتِبَاطِ بَعْضِ أَجْزَائِهِمَا بِبَعْضٍ وَأَمَّا قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ وَتَرْكُ إتْمَامِهِ أَوْ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ قَطْعَهُ بِكَلَامٍ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي مَا لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ مَطْلُوبًا كَرَدِّ السَّلَامِ وَإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رضي الله عنهم لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ بِنَدْبِ قَضَاءِ الْمُؤَقَّتِ مِنْهَا كَمَا مَرَّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أُمُّ هَانِئٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ آخِرَهُ وَيُسَهَّلُ وَاسْمُهَا فَاخِتَةُ وَقِيلَ: فَاطِمَةُ وَقِيلَ: عَاتِكَةُ وَقِيلَ: هِنْدُ بِنْتُ عَمِّهِ صلى الله عليه وسلم أَبِي طَالِبٍ شَقِيقَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَكَانَتْ تَحْتَ هُبَيْرَةَ بْنِ عُمَرَ وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ لَمَّا خَطَبَهَا إنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ أَيْ ذَاتُ صِبْيَةٍ وَاعْتَذَرَتْ فَعَذَرَهَا رُوِيَ لَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَطْعُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ فَوْرِيٍّ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَنْ تَلَبَّسَ بِقَضَاءِ صَوْمٍ فَاتَ عَنْ وَاجِبٍ حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ جَزْمًا إنْ كَانَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ صَوْمُ مَنْ تَعَدَّى بِفِطْرِهِ تَدَارُكًا لِمَا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْإِثْمِ وَلِأَنَّ التَّخْفِيفَ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَدِّي وَشَمِلَ ذَلِكَ قَضَاءَ يَوْمِ الشَّكِّ لِوُجُوبِ قَضَائِهِ فَوْرًا إذْ هُوَ مَنْسُوبٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ الْهِلَالِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَيْلًا عَلَى الْفَوْرِ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ يَحْرُمُ قَطْعُهُ فِي الْأَصَحِّ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ لِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فَلَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ يَشْرَعُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْهُ وَلَا تَتَقَيَّدُ الْفَوْرِيَّةُ بِمَا ذَكَرَهُ إذْ مِنْهُ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ، وَيَأْتِي انْقِسَامُ الْقَضَاءِ إلَى مَا يَكُونُ بِالتَّعَدِّي وَإِلَى غَيْرِهِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ وَفِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ انْتَهَتْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَأَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِتَرْكِهِ الْمُرَادُ مِنْهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ م ر بِقَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ لِمَا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الصَّلَاةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ الْإِعْرَاضِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعِبَ الْحَامِلُ فَتَرَكَ الْحَمْلَ لِغَيْرِهِ أَوْ الْحَافِرُ فَتَرَكَ الْحَفْرَ لِغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ الْحَامِلُ الْحَمْلَ لِمَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِحَمْلِهِ أَوْ إكْرَامَهُ بِالْحَمْلِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمُخْرِجَةِ لِلتَّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَتْكُ الْحُرْمَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعٌ. . . إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى الْقِيلِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ. . . إلَخْ مُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ إيرَادَ الْأَوَّلِ بِالنَّظَرِ لِلتَّعَلُّمِ الْكِفَائِيِّ وَبِالنَّظَرِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْهُ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ فَالْأَحْسَنُ جَعْلُ الْإِيرَادِ مُتَعَلِّقًا بِالْقِيلِ وَبِالْمَتْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ آنَسَ) بِالْمَدِّ أَيْ عَلِمَ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] أَيْ عَلِمْتُمْ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ قَطْعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ

ص: 353