الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّاجُ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَأَشَارَ فِيهِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إلَى أَنَّ عَدَمَ حُرْمَتِهِ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ، وَالْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِفَرْضٍ عَيْنِيٍّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَضَاءٍ.
(فَرْعٌ)
لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ
لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» .
(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)
هُوَ لُغَةً: اللُّبْثُ، وَشَرْعًا: اللُّبْثُ بِمَسْجِدٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ
، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ، وقَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] وَالِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: التَّاجُ السُّبْكِيُّ) هُوَ أَبُو نَصْرٍ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ وُلِدَ بِمِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيهِ وَغَيْرِهِ وَبَرَعَ فِي الْعُلُومِ وَهُوَ شَابٌّ وَصَنَّفَ كِتَابَ التَّوْشِيحِ وَغَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بَحْثٌ لِلْإِمَامِ) هَذَا الْبَحْثُ هُوَ الصَّحِيحُ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ تَعَيُّنُ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَضَاءٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَمَنْ تَلَبَّسَ بِقَضَاءٍ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ.
[فَرْعٌ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ]
(قَوْلُهُ: تَطَوُّعًا) أَيْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَمَّا مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَهَا صَوْمُهَا إلَّا إنْ مَنَعَهَا وَكَالتَّطَوُّعِ الْقَضَاءُ الْمُوَسَّعُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَخَرَجَ بِالتَّطَوُّعِ الْفَرْضُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ قَطْعُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِنَذْرٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ) أَيْ وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ يَغِيبَ عَنْهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ لَهُ قَضَاءُ وَطَرِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) فَلَوْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ، وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عَدَمُ حُرْمَةِ صَوْمِ نَحْوِ عَاشُورَاءَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمَّا صَوْمُهَا فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا عَنْ بَلَدِهَا فَجَائِزٌ قَطْعًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ صَوْمُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ حُضُورِهِ نَظَرًا لِجَوَازِ إفْسَادِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ يُهَابُ عَادَةً فَيَمْنَعُهُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَلَا يَلْحَقُ بِالصَّوْمِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِقِصَرِ زَمَنِهَا، وَالْأَمَةُ الْمُبَاحَةُ لِلسَّيِّدِ كَالزَّوْجَةِ وَغَيْرُ الْمُبَاحَةِ كَأُخْتِهِ، وَالْعَبْدُ إنْ تَضَرَّرَا بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ لِضَعْفٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَإِلَّا جَازَ ذَكَرَهُ الْمَجْمُوعُ وَغَيْرُهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ الْمُبَاحَةُ لِلسَّيِّدِ أَيْ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلتَّمَتُّعِ بِأَنْ تَسَرَّى بِهَا أَمَّا أَمَةُ الْخِدْمَةِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ لِلسَّيِّدِ تَمَتُّعٌ بِهَا وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا إرَادَتُهُ عَنْهَا فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]
(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر هُوَ لُغَةً: اللُّبْثُ، وَالْحَبْسُ، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا يُقَالُ اعْتَكَفَ وَعَكَفَ يَعْكُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا عَكْفًا وَعُكُوفًا وَعَكَفْته أَعْكِفُهُ بِكَسْرِ الْكَافِ عَكْفًا لَا غَيْرُ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَرَجَعَ وَرَجَعْته وَنَقَصَ وَنَقَصْته وَشَرْعًا لُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ مِنْ الْجِنَايَةِ، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ صَاحٍ كَافٍّ نَفْسَهُ عَنْ شَهْوَةِ الْفَرْجِ مَعَ الذِّكْرِ، وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ انْتَهَتْ وَفِي الْمُخْتَارِ عَكَفَهُ حَبَسَهُ وَوَقَفَهُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25] وَمِنْهُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ الِاحْتِبَاسُ، وَعَكَفَ عَلَى الشَّيْءِ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مُوَاظِبًا وَبَابُهُ دَخَلَ وَجَلَسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً: اللُّبْثُ أَيْ، وَالْحَبْسُ، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا قَالَ تَعَالَى {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] وَيُسَمَّى جِوَارًا. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ» أَيْ مُعْتَكِفٌ فِيهِ
وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجَمْعِيَّتُهُ عَلَيْهِ، وَالْفِكْرُ فِي تَحْصِيلِ مَرْضَاتِهِ وَمَا يُقَرِّبُ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَصِيرَ أُنْسُهُ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى لِيُشَاهِدَ آثَارَ ذَلِكَ الْأُنْسَ الْعَظِيمَ فِي مَضَايِقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ سِيَّمَا فِي الْقَبْرِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ إلَى الْمَحْشَرِ وَعِنْدَ الْعَقَبَاتِ الَّتِي تُقَاسِيهَا النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَهُ فِي الْإِتْحَافِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِبَارَةِ م ر كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] . . . إلَخْ) هَذِهِ الْآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا لَا يَدُلَّانِ إلَّا عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ لَا عَلَى نَدْبِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] . . إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمَسْجِدِيَّةِ لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَيْهِ خَارِجَهُ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَغَيْرُ الْمُعْتَكِفِ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فِيهِ فَلَيْسَ ذِكْرُهَا إلَّا لِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا} [البقرة: 125] . . . إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ فَقَدْ «اعْتَكَفَ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ الْأَوْسَطَ ثُمَّ الْأَخِيرَ وَلَازَمَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ اعْتَكَفَ
(سُنَّ) الِاعْتِكَافُ (كُلَّ وَقْتٍ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ (وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِ «لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ» كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ (لِلَيْلَةِ) أَيْ لِطَلَبِ لَيْلَةِ (الْقَدْرِ)
ــ
[حاشية الجمل]
أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» «وَاعْتَكَفَ صلى الله عليه وسلم عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَهِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ» كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] أَيْ نِسَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ مُقِيمُونَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِعَاكِفُونَ نَهْيٌ لِمَنْ كَانَ يَخْرُجُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَيَعُودُ اهـ. جَلَالٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَعَهِدْنَا. . . إلَخْ انْتَهَتْ.
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: {لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] قَالُوا وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ أَقُولُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} [طه: 91] أَيْ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ {عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: سُنَّ كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ التَّأَكُّدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ أَيْ حَتَّى أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَحَرَّاهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ وَلَوْ بِلَا صَوْمٍ أَوْ اللَّيْلِ وَحْدَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما لِمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ» وَفِيهِ يَوْمُ الْعِيدِ قَطْعًا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ اتِّفَاقًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ. . . إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا سِيَّمَا الْعَشْرُ الْأَخِيرُ إذْ ذَاكَ فِي اسْتِحْبَابِهِ فِي رَمَضَانَ وَمَا هُنَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ أَفْضَلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ. اهـ. ع ش وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاُنْظُرْ لِمَ أَحَالَ الْمُحَشِّي عَلَى عِبَارَتِهِ هُنَاكَ وَلَمْ يُحِلْ عَلَى مَا مَرَّ هُنَا قَرِيبًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ، وَالِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ أَنَّ الْعِبَارَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقَامَيْنِ كَالْأُخْرَى وَعَلَى كُلٍّ يُقَالُ عَلَى الشَّارِحِ لَيْسَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقَامَيْنِ ذِكْرُ الْمُوَاظَبَةِ الْمُدَّعَاةِ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ. . . إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَآهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعَشْرِ لَا يُسَنُّ لَهُ قِيَامُ بَقِيَّتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُسَنُّ قِيَامُ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَاتِ مُطْلَقًا وَإِنْ رَآهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. عَبْدُ رَبِّهِ وَوَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ إنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى مُخْتَارِ الْإِمَامِ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ جُمْلَةِ ثَلَاثِينَ قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَقَالُوا أَيْ الْأَصْحَابُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّبَرِّي أَوْ يُقَالُ هُوَ مُرَادُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ مَزِيَّةِ الْوَقْتِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَلِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهَذَا أَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْحُكْمِ وَلَيْلَةُ الْفَصْلِ وَقِيلَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ وَأَمَّا مَا يَقَعُ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ إنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْكِتَابَةِ فِيهَا وَتَمَامَ الْكِتَابَةِ وَتَسْلِيمَ الصُّحُفِ لِأَرْبَابِهَا إنَّمَا هُوَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشَرَفِهَا وَعُلُوِّ قَدْرِهَا أَوْ لِتَقْدِيرِ الْأُمُورِ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ بِالْمَلَائِكَةِ فِيهَا وَذَهَبَ عِكْرِمَةُ إلَى أَنَّ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَتُرَى حَقِيقَةً وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهَا كَرَامَةٌ، وَالْكَرَامَةُ يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا وَقَدْ رَأَيْنَاهَا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ويُنْدَبُ إحْيَاؤُهَا بِالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَتَأَكَّدُ فِيهَا: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، وَيَحْصُلُ فَضْلُهَا لِمَنْ أَحْيَاهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا وَنَفْيُهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ كَمَا حُمِلَ رَفْعُهَا عَلَى رَفْعِ عَيْنِهَا وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ حَظَّهُ مِنْهَا وَمِنْ عَلَامَاتِهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا وَيُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِهَا وَكَثْرَةُ الْعِبَادَةِ فِيهِ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاَلَّتِي فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إجْمَاعًا وَتُرَى حَقِيقَةً فَيَتَأَكَّدُ طَلَبُهَا، وَالِاجْتِهَادُ فِي إدْرَاكِهَا كُلَّ عَامِ وَإِحْيَاءُ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْعِبَادَةِ، وَالدُّعَاءِ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهَا فِي خَبَرِ «فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ» رَفْعُ عِلْمِ عَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِالْتِمَاسِهَا وَمَعْنَى عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ أَيْ لِتَرْغَبُوا فِي طَلَبِهَا، وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ اللَّيَالِيَ، وَلْيُكْثِرْ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ بِالْإِخْلَاصِ وَصِحَّةِ يَقِينٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ:«اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا» وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا أَنْ يَكْتُمَهَا وَمَا نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
الَّتِي هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ.
(وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ أَوْ ثَالِثٍ وَعِشْرِينَ) مِنْهُ دَلَّ لِلْأَوَّلِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ وَلِلثَّانِي خَبَرُ مُسْلِمٍ فَكُلُّ لَيْلَةٍ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا لَكِنْ أَرْجَاهَا لَيَالِي الْوِتْرِ وَأَرْجَاهَا مِنْ لَيَالِي الْوِتْرِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فَمَذْهَبُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا، وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا: إنَّهَا تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْفَتَاوَى وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِيهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ أَنَّهُ لَا يَنَالُ فَضْلَهَا إلَّا مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَمَنْ قَامَهَا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا رَدَّهُ جَمْعٌ بِتَصْرِيحِ الْمُتَوَلِّي بِخِلَافِهِ وَبِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَوَافَقَهَا» وَتَفْسِيرُ الْمُوَافَقَةِ بِالْعِلْمِ غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ مِنْ اللُّغَةِ وَفِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِيبُهَا وَبِقَوْلِ أَصْحَابِنَا يُسَنُّ التَّعَبُّدُ فِي كُلِّ لَيَالِي الْعَشْرِ لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ بِيَقِينٍ نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا عَلَى الْكَامِلِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا ذُكِرَ انْتَهَتْ.
وَنُقِلَ فِي الْمَوَاهِبِ الْقَسْطَلَّانِيَّة عَنْ بَعْضِهِمْ إنَّ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِأُمُورٍ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى عِلِّيَّةِ قَوْلِهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ إذْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِغَيْرِهَا فَلَا تُنْتِجُ هَذِهِ الْعِلَّةُ أَفْضَلِيَّةَ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَقَوْلُهُ: قَالَ صلى الله عليه وسلم. . . إلَخْ كَانَ الْأَنْسَبُ الْعَطْفُ؛ لِأَنَّهُ مَسُوقٌ لِمَا سِيقَتْ لَهُ الْآيَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ. . . إلَخْ) وَهَلْ الْعَمَلُ فِي يَوْمِهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا يَوْمُ قَدْرٍ قِيَاسًا عَلَى اللَّيْلِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فِي أَلْفِ شَهْرٍ) وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَثُلُثٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَيْ وَإِلَّا لَزِمَ تَفْضِيلُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَرَاتِبَ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَلْفَ شَهْرٍ كَامِلَةٌ وَأَنَّهُ تُبَدَّلُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِلَيْلَةِ غَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ نُقْصَانُهَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْأَشْهُرِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهَا الِاسْمُ شَرْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. . . إلَخْ) فَإِنْ قُلْت لَفْظُ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَلْ يَقْتَضِي قِيَامَ تَمَامِ اللَّيْلَةِ أَوْ يَكْفِي أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقِيَامِ فِيهَا قُلْت يَكْفِي الْأَقَلُّ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ حَتَّى قِيلَ بِكِفَايَةِ أَدَاءِ فَرْضِ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ عَنْ الْقِيَامِ فِيهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ لَا يُقَالُ قَامَ اللَّيْلَةَ إلَّا إذَا قَامَ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى الْقِيَامِ فِيهَا إذْ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا قُلْت الْقِيَامُ الطَّاعَةُ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهِ اهـ. كَرْمَانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إيمَانًا) أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهَا حَقٌّ وَطَاعَةٌ وَاحْتِسَابًا أَيْ طَلَبًا لِرِضَى اللَّهِ وَثَوَابِهِ لَا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَنَصْبُهُمَا عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَوْ التَّمْيِيزِ أَوْ الْحَالِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَرَادِفَانِ، وَالنُّكْتَةُ فِي وُقُوعِ الْجَزَاءِ مَاضِيًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الْوُقُوعِ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى عَلَى عِبَادِهِ اهـ. ز ي اهـ. ع ش عَلَى م ر فَإِنْ قُلْت كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ إلَّا مُحْتَسِبًا، وَالْمُحْتَسِبُ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤْمِنًا فَهَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ غَيْرُ التَّأْكِيدِ أَمْ لَا؟ قُلْت: الْمُصَدِّقُ بِالشَّيْءِ رُبَّمَا لَا يَفْعَلُهُ مُخْلِصًا بَلْ لِرِيَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمُخْلِصُ فِي الْفِعْلِ رُبَّمَا لَا يَكُونُ مُصَدِّقًا بِثَوَابِهِ وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُهُ طَاعَةً مَأْمُورًا بِهَا سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْفَائِدَةُ هِيَ التَّأْكِيدُ وَنِعْمَ الْفَائِدَةُ اهـ. كَرْمَانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) أَيْ مِنْ صِغَارِ ذَنْبِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ بِقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِمَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ. إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ. إلَخْ خَبَرُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلْإِمَامِ أَيْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إنَّهَا لَيْلَةُ ثَالِثٍ وَهَذَا مَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ مَيْلَهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ وَعِشْرِينَ لَا غَيْرُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَشَرْحُ م ر ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ بِحَسَبِ لَيْلِهِمْ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عِنْدَنَا نَهَارًا لِغَيْرِنَا تَأَخَّرَتْ الْإِجَابَةُ وَالثَّوَابُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ اللَّيْلُ عِنْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهَا لِوَقْتٍ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْمٍ وَلَيْلًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرِينَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِيَنْطَبِقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى اللَّيْلِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا قِيلَ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْخُطَبَاءِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَشْرِ فَهِيَ مَحْصُورَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَشْرِ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: إنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْوَاقِعِ لَيْلَةَ حَادٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا تَكُونُ كُلَّ عَامٍ كَذَلِكَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَقَوْلُهُ: إنَّهَا تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ أَيْ فِي لَيَالِ الْعَشْرِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَارَةً لَيْلَةَ حَادٍ وَعِشْرِينَ وَتَارَةً غَيْرَهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْعَشْرِ فَهِيَ مَحْصُورَةٌ فِي الْعَشْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَإِنَّمَا الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَمَذْهَبُهُ. . . إلَخْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمَذْهَبُهُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّهَا تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ) لَوْ تَرَكَ هَذَا الْقَيْدَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَوَافُقُ سَنَتَيْنِ