الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)
وَهُوَ لُغَةً طَلَبُ السُّقْيَا وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِمْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَدْنَاهَا الدُّعَاءُ وَأَوْسَطُهَا الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَفِي خُطْبَةِ جُمُعَةٍ وَنَحْوِهَا وَأَفْضَلُهَا مَا ذَكَرْته بِقَوْلِهِ (صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ وَلَوْ لِمُسَافِرٍ وَمُنْفَرِدٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (لِحَاجَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. شَيْخُنَا
(خَاتِمَةٌ) تُسَنُّ الصَّلَاةُ فُرَادَى لَا بِالْهَيْئَةِ السَّابِقَةِ لِكُسُوفِ بَقِيَّةِ الْكَوَاكِبِ وَالْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا خُطْبَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِوُجُودِهَا وَيَخْرُجُ بِزَوَالِهَا كَالْكُسُوفِ فَتَصِحُّ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ حُضُورِ الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَالْخَسْفِ وَنَحْوِهَا التَّضَرُّعُ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلنَّصِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّيَاحَ أَرْبَعُ الصَّبَا وَهِيَ مِنْ تِجَاهِ الْكَعْبَةِ وَالدَّبُّورُ مِنْ وَرَائِهَا وَالْجَنُوبُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهَا وَالشَّمَالُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهَا وَلِكُلٍّ مِنْهَا طَبْعٌ فَالصَّبَا حَارَّةٌ يَابِسَةٌ وَالدَّبُّورُ بَارِدَةٌ رَطْبَةٌ وَالْجَنُوبُ حَارَّةٌ رَطْبَةٌ وَالشَّمَالُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ وَهِيَ رِيحُ الْجَنَّةِ الَّتِي تَهُبُّ عَلَيْهِمْ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ جَعَلَنَا اللَّهَ تَعَالَى وَوَالِدِينَا وَأَصْحَابَنَا مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ إنَّهُ جَوَّادٌ رَحِيمٌ اهـ. وَقَوْلُهُ وَالشِّمَالُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهَا عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وَالشَّمَالُ الرِّيحُ تُقَابِلُ الْجَنُوبَ فِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ الْأَكْثَرُ بِوَزْنِ سَلَامٌ وَشَمْأَلُ مَهْمُوزٌ وَزَّانُ جَعْفَرٍ وَشَامِلٌ عَلَى الْقَلْبِ وَشَمَلَ مِثْلُ سَبَبَ وَشَمِلَ مِثْلُ فَلِسَ وَالْيَدُ الشِّمَالُ بِالْكَسْرِ خِلَافُ الْيَمِينِ وَهُوَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا أَشْمُلُ مِثْلُ ذِرَاعٍ وَأَذْرُعُ وَشَمَائِلُ أَيْضًا وَالشِّمَالُ أَيْضًا الْجِهَةُ وَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا أَيْ جِهَةَ الْيَمِينِ وَجِهَةَ الشِّمَالِ وَجَمْعُهَا أَشْمَلُ وَشَمَائِلُ أَيْضًا اهـ. وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْأُولَى فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالثَّانِيَةُ بِكَسْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
[بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ]
(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ) يُقَالُ سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى غَالِبًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ غَالِبًا أَيْ فِي أَكْثَرِ اللُّغَاتِ وَقِيلَ يُقَالُ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ اهـ. مُخْتَارٌ وَقِيلَ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ إذَا دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ وَقِيلَ سَقَاهُ إذَا نَاوَلَهُ الْمَاءَ لِيَشْرَبَ وَأَسْقَاهُ إذَا جَعَلَ لَهُ سَقْيًا اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ بِالْمَعْنَى أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ أَنْ يَبْرُزَ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ إلَى آخِرِ الْبَابِ اهـ. ع ش وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا قَالَ فِي سَابِقِهِ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ اهـ. شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ إنَّمَا يُتَرْجِمُ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَشُرِعَتْ فِي رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(فَائِدَةٌ) قَالَ أَصْبَغُ اسْتَسْقَى أَهْلُ مِصْرَ النِّيلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً وَحَضَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ طَلَبُ السُّقْيَا) وَهِيَ اسْمٌ مِنْ سَقَاهُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ سَقَيْت الزَّرْعَ سَقْيًا وَأَسْقَا بِالْأَلِفِ لُغَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَقَيْته وَأَسْقَيْته دَعَوْت لَهُ فَقُلْت سُقْيَا لَك وَفِي الدُّعَاءِ سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ عَلَى فُعْلَى بِالضَّمِّ أَيْ أَسْقِنَا غَيْثًا فِيهِ نَفْعٌ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَخْرِيبٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) وَكُلُّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اهـ. حَجّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ثَابِتَةٍ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَدْنَاهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ مُطْلَقًا فُرَادَى أَوْ مُجْتَمِعِينَ وَأَوْسَطُهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَقْيِيدُهُ بِالْفَرَائِضِ وَأَفْضَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا انْتَهَتْ وَانْظُرْ لَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِإِحْدَى الْكَيْفِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ يَحْمِلَ نَذْرَهُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ بِنَوْعَيْهِ صَارَ كَالِاسْتِعْمَالِ الْمَهْجُورِ فَحَمْلُ اللَّفْظِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْهَا وَهُوَ الْأَكْمَلُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا يَبْرَأُ بِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ وَلَا بِهِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) وَفِي الْكِفَايَةِ وَجْهٌ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالصَّوْمِ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ فَرْضًا بِأَمْرِ الْإِمَامِ إنْ أَمَرَ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِنِيَّةِ السَّبَبِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي عِبَارَةِ الْجَزْمِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُسَافِرٍ وَمُنْفَرِدٍ) أَيْ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِمْ هُنَا لِطَلَبِ خُرُوجِهِمْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ لِأَنَّ الْكَامِلِينَ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْأَصَالَةِ وَفِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ لَهُمْ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ وَمُنْفَرِدٍ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا لِلْمُنْفَرِدِ بِإِرَادَتِهِ لِلْجَمَاعَةِ بِاجْتِمَاعِ غَالِبِهِمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) أَيْ نَاجِزَةٍ اهـ.
مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَوْ مُلُوحَتِهِ (وَلِاسْتِزَادَةٍ) بِهَا نَفْعٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا نَفْعَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ انْقَطَعَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَاجَتْ إلَيْهِ فَيُسَنُّ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَنْ يَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ (وَتُكَرَّر) الصَّلَاةُ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (حَتَّى يُسْقَوْا) وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا (فَإِنْ سُقُوا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ وَدُعَاءٍ وَصَلَّوْا) وَخَطَبَ بِهِمْ الْإِمَامُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْمَزِيدِ قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]
(وَسُنَّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) مُتَتَابِعَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ) مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ لَا بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ أَوْ مُلُوحَتُهُ) أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَحْثًا عَدَمَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُعْتَادَ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ نُمُوِّ الزَّرْعِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ الْمَارِّ فَتُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ فُرَادَى اهـ. ع ش عَلَى م ر
(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْمِيَاهَ وَكَانَتْ كُلُّهَا حُلْوَةً وَكَانَ الشَّجَرُ لَا شَوْكَ فِيهِ وَكَانَتْ الْوُحُوشُ تَجْتَمِعُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَتَأْنَسُ بِهِ فَلَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ مَلَحَتْ الْمِيَاهُ إلَّا مَا قَلَّ وَنَبَتَ الشَّوْكُ فِي الشَّجَرِ وَهَرَبَتْ الْوُحُوشُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَقَالَتْ الَّذِي يَخُون أَخَاهُ لَا يُؤْمَنُ اهـ. مَدَابِغِيُّ
(قَوْلُهُ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الْحَاجَةَ مَا لِوَا احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْمَاءِ فَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يُصَلُّوا وَيَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَقَدْ صَحَّ «دَعْوَةُ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ أَمِينُ وَلَك بِمِثْلِ الْمَدْعُوِّ بِهِ وَلَوْ بِحُضُورِهِ» انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الطَّائِفَةُ ذَاتَ بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ وَبَغْيٍ وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا وَلِأَنَّ الْعَامَّةَ تَظُنُّ بِالِاسْتِسْقَاءِ لَهُمْ حُسْنَ طَرِيقَتِهِمْ وَالرِّضَاءَ بِهَا وَفِيهَا مَفَاسِدُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ (ذَاتَ بِدْعَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ بِهَا بَلْ وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ بِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ تَنْبَغِي إجَابَتُهُمْ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَ ذَلِكَ إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ لِحُسْنِ حَالِهِمْ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ مُحَقَّقٌ مَعْلُومٌ وَتُحْمَلُ إجَابَتُنَا لَهُمْ عَلَى الرَّحْمَةِ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مِنْ ذِي الرُّوحِ بِخِلَافِ الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَسْقُوا لَهُمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوهَا هُمْ اهـ. ع ش وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَسْتَسْقُونَ بَعْدَ صَوْمٍ وَخُطْبَةٍ وَصَلَاةٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَتَكَرَّرَ حَتَّى يُسْقَوْا) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَرَّةُ الْأُولَى آكَدُ فِي الِاسْتِحْبَابِ ثُمَّ إذَا عَادُوا مِنْ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونُوا صَائِمِينَ فِيهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً عَلَى تَوَقُّفِ كُلِّ خُرُوجٍ عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ لِأَنَّهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ مُنَزَّلَانِ عَلَى حَالَيْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ فَإِنْ سُقُوا قَبْلَهَا) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَهَا عَمَّا إذَا سُقُوا بَعْدَهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ لِذَلِكَ وَلَوْ سُقُوا فِي أَثْنَائِهَا أَتَمُّوهَا جَزْمًا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ وَدُعَاءٍ) لَك أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ طُلِبَ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ السُّقْيَا وَقَبْلَ الصَّلَاةِ شُكْرًا وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ زَوَالِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ جَرَيَانِ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّوْجِيهَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الشُّكْرُ وَطَلَبُ الْمَزِيدِ أَوْ بِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلسُّقْيَا أَشَدُّ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْفَرْقَ بِنَحْوِ الثَّانِي اهـ. عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ إلَخْ لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا يُصَلِّي لَهُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ أَنَّ مَا هُنَا حُصُولُ نِعْمَةٍ وَمَا هُنَاكَ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا هُنَا بَقِيَ أَثَرُهُ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ مِمَّا فَرَّقَ بِهِ الشِّهَابُ سم كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لِشُكْرٍ) أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ مَا عَزَمُوا عَلَى طَلَبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَصَلَّوْا) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُصَلُّونَ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَصَلَّوْا) أَيْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ الْمُقَرَّرَةَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شُكْرًا اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى فِعْلِهَا هُوَ الشُّكْرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نِيَّتُهُمْ بِهَا الِاسْتِسْقَاءَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ نَائِبُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ الْقَاضِيَ الْعَامَّ الْوِلَايَةَ لَا نَحْوَ وَالِي الشَّوْكَةِ وَأَنَّ الْبِلَادَ الَّتِي لَا إمَامَ فِيهَا يُعْتَبَرُ ذُو الشَّوْكَةِ الْمُطَاعِ فِيهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ بِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَّجَهُ لُزُومُ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا أَمَرَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ اهـ.
(فَرْعٌ) أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ فَسُقُوا قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الصَّوْمِ قَالَ م ر لَزِمَهُمْ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ. اهـ.
وَصَوْمُ هَذِهِ الْأَيَّامِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَقُولُ يُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَفَائِدَتُهُ لَمْ تَنْقَطِعْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي الْمَزِيدِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ فَسُقُوا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَهَلْ يَجِبُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ سم وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ لِأَمْرٍ وَقَدْ فَاتَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصِّيَامِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي
(فَائِدَةٌ) لَوْ رَجَعَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَمْرِ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ لَا لِشِقِّ الْعَصَا وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا ح ل وَشَيْخُنَا ز ي مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ
(فَائِدَةٌ) أُخْرَى لَوْ حَضَرَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا حَالَ النِّدَاءِ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ هُوَ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ وَهَذَا سَبَبُهُ الِاحْتِيَاجُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ أَمْرًا بِمَعْصِيَةٍ بَلْ بِطَاعَةٍ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقْتَ أَمْرِ الْإِمَامِ ثُمَّ طَهُرَتْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَهْلًا لِلْخِطَابِ وَقْتَ الْأَمْرِ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ الْأَمْرِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَصَوْمُ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاجِبٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْمُسَافِرِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُبَّمَا يَقْرَبُ إنْ أُرِيدَ بِالضَّرَرِ مَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَا مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ. ح ل وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُسَافِرِ هُنَا وَبَيْنَهُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِأَنَّ الصَّوْمَ ثَمَّ يَتَدَارَكُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. شَيْخُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهُ حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلزَّوْجِ الْمَنْعُ مِنْهُ
(فَرْعٌ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَمْرُ مُوَلِّيهِ بِصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ حَرِّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ
(فَائِدَةٌ) الْوَلِيُّ لَا يَلْزَمُهُ أَمْرُ مُوَلِّيهِ الصَّغِيرِ بِالصَّوْمِ وَإِنْ أَطَاقَهُ اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إنْ شَمِلَهُ أَمْرُ الْإِمَامِ أَيْ بِأَنْ أَمَرَ بِصِيَامِ الصِّبْيَانِ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ وِلَايَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَوْ أَمَرَ مَنْ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَشَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ لَا يَبْعُدُ الِاسْتِمْرَارُ اهـ. وَيَجِبُ فِي هَذَا الصَّوْمِ التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِيتُ كَأَنْ يَقُولَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُوبُ الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَا يَجِبُ هَذَا الصَّوْمُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ وَلَوْ فَاتَ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ إذْ وُجُوبُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ أَيْ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَهُوَ نَقْلٌ مُطْلَقٌ وَلَا وَجْهَ لِفَسَادِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ لِعَدَمِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا وَلَمْ يُبَيَّتْ الْمَأْمُورُ النِّيَّةَ ثُمَّ نَوَى نَهَارًا فَهَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَوْمٍ يُجْزِئُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ لِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ قَالَ ز ي وَمِثْلُهُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر اهـ. قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَقِيَاسُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَفْعَلُوا حَتَّى دَخَلَ فَصَامُوا عَنْ رَمَضَانَ ثُمَّ خَرَجُوا فِي الرَّابِعِ أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْأَمْرُ فِي رَمَضَانَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إذْ الصَّوْمُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ قُلْنَا بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَوْ أَخَّرُوا السُّؤَالَ بِأَنْ قَصَدُوا تَأْخِيرَ الِاسْتِسْقَاءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ إلَى مَا بَعْدَ رَمَضَانَ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَكَذَا إذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ وَقُلْنَا الْمُسَافِرُ كَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ عَنْ رَمَضَانَ لِيَجْزِيَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَهُمْ الْفِطْرُ وَإِنْ جَازَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُ صَوْمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ قَضِيَّةُ كَوْنِ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي نِيَّتِهِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ صَوْمٌ غَيْرُهُ وَاجِبًا وَعَدَمُ التَّعْيِينِ عَلَى خِلَافِهِ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَا
وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ (وَبِبِرٍّ) كَصَدَقَةٍ وَتَوْبَةٍ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ أَثَرًا فِي إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَفِي خَبَرٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ الصَّائِمَ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ»
(وَبِخُرُوجِهِمْ إلَى صَحْرَاءَ) بِلَا عُذْرٍ (فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) أَيْ مَهَنَةٍ (وَ) فِي (تَخَشُّعٍ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى مَا إذَا نَوَى النَّذْرَ مَثَلًا وَالِاسْتِسْقَاءَ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الَّذِي طُلِبَ لَهُ الْأَدَاءُ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ نَحْوَ قَضَاءٍ أَثِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ بَاطِنًا كَمَا تَقَرَّرَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى هُنَا الْأَمْرَيْنِ اُتُّجِهَ أَنْ لَا إثْمَ لِوُجُودِ الِامْتِثَالِ وَوُقُوعِ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا مَنْعُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْهِيَّهُ كَمَأْمُورِهِ فَيَمْتَنِعُ ارْتِكَابُهُ وَلَوْ مُبَاحًا عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْمَأْمُورِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَكَذَا يَجِبُ كُلُّ مَا أَمَرَ بِهِ حَتَّى إخْرَاجِ الصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ وَالْبَهَائِمِ وَفِي حَجّ أَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِمُبَاحٍ وَجَبَ ظَاهِرًا أَوْ بِمَنْدُوبٍ أَوْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَجَبَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. اهـ. وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمَكْرُوهُ كَأَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ فَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا مَا لَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَيْ وَلَا يَتَقَيَّدُ وُجُوبُ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَلْ كُلُّ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ مُبَاحًا وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ لَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ خَالَفَهُ لِشِقِّ الْعَصَا وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْإِمَامِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَيَبْعُدُ إيجَابُ الشَّخْصِ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَوَجِّهَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ مَنْ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ فَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْإِمَامُ قَدْرًا فَإِنْ عَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ فَالْأَنْسَبُ بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ لُزُومُ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا فَضَلَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ يُقَارِبُ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ قُدِّرَ بِهَا أَوْ فِي أَحَدِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ قُدِّرَ بِهِ أَيْ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ مُوَافَقَتُهُ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ فَحَيْثُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ عِتْقُهُ إذَا أَمَرَهُ بِهِ الْإِمَامُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَتَوْبَةٌ) أَيْ بِأَنْ يُقْلِعَ عَنْ الْمَعَاصِي وَيَنْدَمَ عَلَيْهَا وَيَعْزِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَوُجُوبُهَا بِالْأَمْرِ تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهَا شَرْعًا وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِهِمْ إلَى صَحْرَاءَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَكَّةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَسِعَتِهَا وَلِأَنَا مَأْمُورُونَ بِإِحْضَارِ الصِّبْيَانِ وَمَأْمُورُونَ بِأَنَّا نُجَنِّبُهُمْ الْمَسَاجِدَ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ) وَيَنْبَغِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ تَخْفِيفُ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَا أَمْكَنَ وَفَارَقَ مَا هُنَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ بِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثَمَّ آخِرُ النَّهَارِ وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورُ مُضْعِفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّةُ الْفَرْقَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُنَا مُسَافِرِينَ صَلَّوْا آخِرَ النَّهَارِ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ صَلَّوْا أَوَّلَ النَّهَارِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ هُنَا صَارَ وَاجِبًا وَقَالَ الشَّيْخُ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ وُجُوبُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمُسَافِرُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِكَوْنِ الْفِطْرِ أَفْضَلَ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَلَبُ الصَّوْمِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَهَنَةٍ أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ وَبِهِ فَارَقَ الْعِيدَ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَا يَلْبَسُ الْجَدِيدَ مِنْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَتَخْشَعُ) مَعْطُوفٌ عَلَى ثِيَابٍ لَا عَلَى بِذْلَةٍ كَمَا قِيلَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِصِفَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ الَّتِي ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَصْلَةٌ
وَغَيْرِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (مُتَنَظِّفِينَ) بِالْمَاءِ وَالسِّوَاكِ وَقَطْعِ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ (وَبِإِخْرَاجِ صِبْيَانٍ وَشُيُوخٍ وَغَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ وَبَهَائِمَ) لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزَقُونَ وَلِخَبَرِ «وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ أَمْرِ الْإِمَامِ بِالصَّوْمِ وَالْبِرِّ وَبِأَمْرِهِ بِالْبَاقِي مَعَ ذِكْرِ مُتَنَظِّفِينَ وَغَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية الجمل]
لَهَا وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ عَطْفِهِ عَلَى بِذْلَةٍ أَيْضًا إذْ ثِيَابُ التَّخَشُّعِ غَيْرُ ثِيَابِ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ كَنَحْوِ طُولِ أَكْمَامِهَا وَأَذْيَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابَ عَمَلٍ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أُمِرُوا بِإِظْهَارِ التَّخَشُّعِ فِي مَلْبُوسِهِمْ فَفِي ذَوَاتِهِمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى اهـ. شَرْحُ م ر لَكِنَّ الشَّارِحَ دَفَعَ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَطْفِهِ عَلَى ثِيَابٍ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) كَالْكَلَامِ بِأَنْ يَكُونَ سَاكِنَ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْهَبُوا فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُوا فِي آخِرَ مُشَاةً فِي ذَهَابِهِمْ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ لَا حُفَاةً مَكْشُوفِي الرُّءُوسِ أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّوَاضُعِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِ صِبْيَانٍ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الْمُؤْنَةَ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي حَمْلِ الصِّبْيَانِ تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ أَيْ لِأَنَّ لَهُمْ مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي لحج أَنَّ هَذِهِ حَاجَةٌ نَاجِزَةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ هَلْ يَخْرُجُ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْأُمُورُ الضَّرُورِيَّةُ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمْ بِغَيْرِهِمْ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ مِنْهُمْ الصِّبْيَانُ يَسْتَسْقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَالْمُؤْنَةُ فِي مَالِ الصِّبْيَانِ وَإِنْ كَانُوا يَسْتَسْقُونَ لِغَيْرِهِمْ فَمُؤْنَةُ إخْرَاجِهِمْ فِي مَالِ الْوَلِيِّ الْمُخْرِجِ لَهُمْ وَلَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَهِيَ مَعَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَهِيَ وَحْدَهَا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ خُرُوجًا لِحَاجَتِهِمَا كَمَا قَدْ يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ حَتَّى تَجِبَ نَفَقَتُهَا أَوْ لَا لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِاسْتِسْقَاءِ لَا تَخُصُّ الزَّوْجَ وَلَمْ نُنْدِبْهَا لَهَا وَلَا احْتِيَاجَ إلَيْهَا فِي تَحْصِيلِهَا وَغَيْرُهَا يَقُومُ بِذَلِكَ وَلَا تُعَدُّ بِذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَاجَةِ الزَّوْجِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَلْبُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ لِأَنَّهَا إنَّمَا خَرَجَتْ لِغَرَضِهَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَدْ يَعُودُ عَلَى الزَّوْجِ نَفْعٌ بِوَاسِطَةِ خُرُوجِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَبْعَثْهَا إلَيْهَا وَلَا طَلَبَهُ مِنْهَا وَأَمَّا مُؤْنَةُ خُرُوجِهَا الزَّائِدَةُ عَلَى نَفَقَةِ التَّخَلُّفِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَشُيُوخٍ) بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا كَمَا قُرِئَ بِهِمَا اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ) أَيْ وَعَجَائِزَ غَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ بِخِلَافِ الشَّوَابِّ مُطْلَقًا وَالْعَجَائِزُ ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ حَلِيلِ ذَاتِ الْحَلِيلِ وَمِثْلُهُمْ الْعَبِيدُ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ لَا الْمَجَانِينِ وَإِنْ أُمِنَتْ ضَرَاوَتُهُمْ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَبَهَائِمَ) وَتُوقَفُ مَعْزُولَةً عَنْ النَّاسِ فَقَدْ وَرَدَ «لَوْلَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» وَالْمُرَادُ بِالرُّكَّعِ مَنْ انْحَنَتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ الْكُبْرِ وَقِيلَ مِنْ الْعِبَادَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلَادِهَا لِيَكْثُرَ الصِّيَاحُ وَالضَّجَّةُ فَيَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ وَأَقَرَّهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَالَ
لَوْلَا شُيُوخٌ لِلْإِلَهِ رُكَّعْ
…
وَصِبْيَةٌ مِنْ الْيَتَامَى رُضَّعْ
وَمُهْمَلَاتٌ فِي الْفَلَاةِ رُتَّعْ
…
لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ الْأَوْجَعْ
اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ سم عَلَى حَجّ وَلَوْ تَرَكُوا الْخُرُوجَ فَهَلْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْبَهَائِمِ وَحْدَهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَطْلُبُ وَيُسْتَجَابُ لَهَا أَخْذًا مِنْ قَضِيَّةِ النَّمْلَةِ قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّبَعِ وَقَضِيَّةُ النَّمْلَةِ لَا دَلَالَةَ فِيهَا إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ أَخْرَجَهَا وَإِنَّمَا فِيهَا الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَهَائِمِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْكِلَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ لِأَنَّهَا مُسْتَرْزَقَةٌ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَقُورُ مِنْهَا كَذَلِكَ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ تَأَخَّرَ قَتْلُهُ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ كَأَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ وَتُزَوِّدْهُ لِيَأْكُلَهُ طَرِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(فَائِدَةٌ) رُوِيَ «أَنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ خَرَجَ يَسْتَسْقِي لِقَوْمِهِ فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ ارْجَعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ هَذِهِ النَّمْلَةِ» قَالَ فِي الْبَيَانِ وَهَذَا النَّبِيّ هُوَ سُلَيْمَانُ عليه السلام وَأَنَّ هَذِهِ النَّمْلَةَ وَقَعَتْ عَلَى ظَهْرِهَا وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا إلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتنَا فَإِنْ رَزَقْتنَا وَإِلَّا فَأَهْلِكْنَا وَرُوِيَ «أَنَّهَا قَالَتْ اللَّهُمَّ إنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِك لَا غِنَى لَنَا عَنْ رِزْقِك فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ وَكَانَ اسْمُهَا جَزْمًا وَقِيلَ طَاخِيَةُ وَقِيلَ شَاهِدَةٌ» وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ اسْمُهَا يَمْحَلُونَ وَكَانَتْ عَرْجَاءَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَهَلْ تُرْزَقُونَ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَقَوْلُهُ إلَّا
(وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ ذِمَّةٍ حُضُورًا) لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزَقُونَ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبًا لِلْقَحْطِ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ وَيُكْرَهُ أَمْرُهُمْ بِالْخُرُوجِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَخْتَلِطُونَ بِنَا) فِي مُصَلَّانَا بَلْ يَتَمَيَّزُونَ عَنَّا فِي مَكَان لِذَلِكَ إذْ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عَذَابٌ بِكُفْرِهِمْ فَيُصِيبُنَا قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]
(وَهِيَ كَعِيدٍ) فِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
بِضُعَفَائِكُمْ أَيْ بِدُعَائِهِمْ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ ذِمَّةٍ حُضُورًا) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ لَا إيجَابًا وَلَا نَدْبًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ كَرَاهَتُهُ أَيْ كَرَاهَةُ حُضُورِهِمْ أَيْ كَرَاهَةُ تَمْكِينِنَا لَهُمْ مِنْ الْحُضُورِ فَعَلَى هَذَا مَنْعُهُمْ مَنْدُوبٌ وَتَرْكُهُ مَكْرُورُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَيْ يَجِبُ أَنْ يَحْرِصَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ خُرُوجِنَا لِئَلَّا تَقَعَ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُضَاهَاةُ فِي ذَلِكَ. اهـ. لَا يُقَالُ فِي خُرُوجِهِمْ وَحْدَهُمْ مَظِنَّةُ مَفْسَدَةٍ هِيَ مُصَادَفَةُ يَوْمِ الْإِجَابَةِ فَيَظُنُّ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ خَيْرًا لِأَنَّا نَقُولُ فِي خُرُوجِهِمْ هُنَا مَعَنَا مَفْسَدَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ دُعَاءَ الْكَافِرِ يُجَابُ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [غافر: 50] فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِبَادَةُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا يَجُوزُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [غافر: 50] اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ اسْتِدْرَاجًا كَمَا اُسْتُجِيبَ لِإِبْلِيسَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَائِهِ هَذَا وَلَوْ قِيلَ وَجْهُ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِي التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَقْرِيرًا لِلْعَامَّةِ بِحُسْنِ طَرِيقَتِهِ لَكَانَ حَسَنًا وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَبِهِ أَيْ بِكَوْنِهِمْ قَدْ تُعَجَّلُ لَهُمْ الْإِجَابَةُ اسْتِدْرَاجًا يَرُدُّ قَوْلَ الْبَحْرِ يَحْرُمُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ اهـ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْتِمُ لَهُ بِالْحُسْنَى فَلَا عِلْمَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ إطْلَاقُهُ بَعِيدٌ وَالْوَجْهُ جَوَازُ التَّأْمِينِ بَلْ نَدْبُهُ إذَا دَعَا لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ وَلَنَا بِالنَّصْرِ مَثَلًا وَمَنَعَهُ إذَا جَهِلَ مَا يَدْعُو بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِإِثْمٍ أَيْ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ
(فَرْعٌ) فِي اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ خِلَافٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْجَوَازَ وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَرَادَ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَبَبُهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ ثُمَّ هِيَ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْجَوَازُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ وَإِلَّا امْتَنَعَ خُصُوصًا إذَا قَوِيَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى تَعْظِيمِهِ وَتَحْقِيرِ غَيْرِهِ كَأَنْ فَعَلَ فِعْلًا دَعَا لَهُ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْعَرَ بِتَحْقِيرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ) أَيْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا لَا أَكْرَهُ مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ كِبَارِهِمْ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِكُفْرِهِمْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِإِخْرَاجِهِمْ لِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ لَا تُكْرَهُ شَرْعًا لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ قَالَ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي كُفْرَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ إذَا مَاتُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ وَطَائِفَةٌ لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ إنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ وَتَحْرِيرُ هَذَا أَنَّهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كُفَّارٌ وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مُسْلِمُونَ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَلَا يَخْتَلِطُونَ بِنَا) أَيْ يُكْرَهُ اخْتِلَاطُهُمْ بِنَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْ يُكْرَهُ تَمْكِينُنَا إيَّاهُمْ مِنْ اخْتِلَاطِهِمْ بِنَا حُكِيَ «أَنَّ عِيسَى عليه الصلاة والسلام اسْتَسْقَى يَوْمًا لِقَوْمِهِ فَأَمَرَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي أَنْ يَعْتَزِلَ فَاعْتَزَلَ النَّاسُ إلَّا رَجُلًا أُصِيبَ بِعَيْنِهِ الْيَمِينِ فَقَالَ لَهُ عِيسَى مَالَك لَا تَعْتَزِلُ فَقَالَ يَا رُوحُ اللَّهِ مَا عَصَيْت اللَّهَ تَعَالَى طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَقَدْ نَظَرَتْ عَيْنِي يَوْمًا إلَى قَدَمِ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَقَلَعْتهَا وَلَوْ نَظَرَتْ عَيْنِي الْأُخْرَى لَقَلَعْتهَا فَبَكَى عِيسَى عليه السلام ثُمَّ قَالَ اُدْعُوا اللَّهَ تَعَالَى فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالدُّعَاءِ مِنِّي فَرَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتنَا وَقَدْ عَلِمْت مَا لَا نَعْلَمُ قَبْلَ خِلْقَتِنَا فَلَمْ يَمْنَعْك ذَلِكَ أَنْ لَا خَلَقْتنَا فَكَمَا خَلَقْتنَا وَتَكَفَّلْت بِأَرْزَاقِنَا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الْغَيْثَ وَسُقُوا حَتَّى رُوُوا» . اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي مُصَلَّانَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْ وَلَا فِي مَشْيِنَا اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ وَاقِعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ وَقَوْلُهُ إذْ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ كَوْنُهُمْ مَلْعُونِينَ عِلَّةً فِي تَمْيِيزِهِمْ عَنَّا لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عَذَابٌ إلَخْ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ فِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ) وَلَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ) خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ م ر مِنْ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فَقَدْ نُقِلَ أَنَّهُ شَطَبَ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا
وَفِي التَّكْبِيرِ وَالْجَهْرِ وَخُطْبَتَيْهِ وَغَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (لَكِنَّهَا لَا تُوَقَّتُ) بِوَقْتِ عِيدٍ وَلَا غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيُصَلِّيهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَ سَبَبِهَا
(وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَيُبَدِّلُ تَكْبِيرَهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) أَوَّلَهُمَا فَيَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَيُكْثِرُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْ قَوْلِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11]{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12]
ــ
[حاشية الجمل]
لَا تُزَادُ عَلَيْهِمَا كَالْعِيدِ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَجَرَى عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ اهـ. حَجّ فِي شَرْحه وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَهَلْ إذَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ فَيُسِرَّ بَعْدَهُ أَوْ لَا فَيَجْهَرَ مُطْلَقًا وَهَلْ تُزَادُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَهَلْ إذَا أَمَرَ بِهَا الْإِمَامُ نَحْوَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ تَجِبُ كَذَلِكَ أَوْ يَجِبُ الْأُولَيَانِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَاحِدٌ وَهَلْ يُزَادُ التَّكْبِيرُ فِي الرَّكَعَاتِ الزَّائِدَةِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَيَيْنِ وَإِذَا كَبَّرَ فَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الثَّالِثَةِ سَبْعًا وَفِي الرَّابِعَةِ خَمْسًا مَثَلًا وَهَلْ يَقْرَأُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَثَلًا سُورَةً أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَفِي التَّكْبِيرِ وَالْجَهْرِ) فَيُكَبِّرُ بَعْدَ افْتِتَاحِهِ قَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ وَيَقُولُ فِي حَالِ وُقُوفِهِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ مَا يَقُولُهُ فِي الْعِيدِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا بِسُورَةِ ق وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ فِي الْأَصَحِّ أَوْ بِسَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ قِيَاسًا وَلِوُرُودِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ غَيْرِ الْعِيدِ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُوم مِنْ أَنَّ النَّفْيَ إذَا دَخَلَ عَلَى كَلَامٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ كَانَ الْمَنْفِيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ غَالِبًا وَالْقَيْدُ هُنَا هُوَ قَوْلُهُ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَنْفِيَّ وَالِاخْتِصَاصُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الَّذِي حَكَاهُ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فِي الْأَصَحِّ بَلْ وَلَا بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَهُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَخْتَصُّ بِهِ «لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ» كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تُصَلَّى فِي الْعِيدِ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ انْتَهَتْ وَفِي الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ. اهـ. وَكَأَنَّهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي عَلِمْته
(قَوْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ) أَيْ وَلَوْ وَقْتَ كَرَاهَةٍ مَا لَمْ يَتَحَرَّهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ) وَهُوَ الْمَحَلُّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فَعَلَهُ فَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ» مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَيَكُونُ فِعْلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ مَأْخُوذًا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَحَكَمْتُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ التَّأْخِيرُ الَّذِي هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ فَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ فِعْلُ التَّأْخِيرِ أَكْثَرُ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى» لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ لِأَنَّ فِعْلَ الْخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام انْتَهَتْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْخُسُوفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّ النَّبِيَّ خَطَبَ قَبْلَهُمَا وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَلَا يُقَالُ الِاتِّبَاعُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِجَوَازِ الْقِيَاسِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى مَا وَرَدَ وَلَا يُقَالُ الِاهْتِمَامُ بِأَمْرِ الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْوَعْظِ اقْتَضَى صِحَّةَ التَّقْدِيمِ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِهِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الصِّحَّةِ بَلْ الْأَوْلَوِيَّةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. مِنْ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَيُبَدَّلُ تَكْبِيرُهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) هَذَا أَيْضًا مُسْتَثْنًى فَالْمُسْتَثْنَيَات ثَلَاثَةٌ فَيَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ اسْتِغْفَارَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ لَا يُبَدِّلُهُ بَلْ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَالثَّانِيَةِ خَمْسًا كَالْعِيدِ فِيمَا مَرَّ اهـ. شَيْخُنَا وَيَنْدُبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ بِقَدْرِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَقُومَ فَيَخْطُبَ اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَدْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ هَذِهِ خُطْبَةُ اسْتِسْقَاءٍ بَلِيغَةٌ مُبَارَكَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ تِسْعَ مَرَّاتٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَكُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ الَّذِي أَوْجَبَ الْفَنَاءَ عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَمُوتُ حَتَّى مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِإِذْنِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ فَسُبْحَانُهُ مِنْ إلَهٍ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ لَا يُقَال أَيْنَ كَانَ وَلَا مَتَى كَانَ وَلَا كَيْفَ كَانَ كَوَّنَ الْأَكْوَانَ وَلَوَّنَ الْأَلْوَانَ وَدَبَّرَ بِحِكْمَتِهِ الْمُلْكَ وَالزَّمَانَ رَفَعَ السَّمَاءَ بِقُدْرَتِهِ وَبَسَطَ الْأَرْضَ بِحِكْمَتِهِ وَأَنْبَتَ الْأَشْجَارَ بِصَنْعَتِهِ وَأَجْرَى الْعُيُونَ لِلْإِنْسَانِ أَحْمَدُهُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ بِكُلِّ لِسَانٍ وَأَشْكُرُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي زِيَادَةِ الْإِحْسَانِ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّضْوَانَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً نَاشِئَةً عَنْ التَّحْقِيقِ وَالْإِيقَانِ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدَ بِالْقُرْآنِ الْمَبْعُوثَ إلَى سَائِرِ الْخَلْقِ مِنْ الْأَبْيَضِ وَالْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ نَبِيٌّ أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ الدُّنْيَا وَبِمَا قَدْ كَانَ.
نَبِيٌّ نَسَخَ شَرِيعَتُهُ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ وَأَظْهَرَ بِبَعْثَتِهِ دِينَ الْحَقِّ وَكَلِمَةَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَزَلْ صلى الله عليه وسلم يُنَبِّهُ الْغَافِلِينَ وَيُحَذِّرُ الْعَاصِينَ وَيَنْصُرُ دَعَوْته بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ حَتَّى تَرَكَهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَاتَّضَحَ الْحَقُّ بِإِيضَاحِهِ وَاسْتَبَانَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ مَا انْفَلَقَ صُبْحٌ وَبَانَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ الْمَلِكَ الدَّيَّانَ وَتُوبُوا إلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ وَلَا تَقُولُوا لِشَيْءٍ كَانَ لَيْتَهُ لَا كَانَ فَإِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ أُذُنَ الشَّيْطَانِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ عَامٍ» فَكَانَ الَّذِي قَدْ كَانَ فَانْظُرُوا وَتَبَصَّرُوا وَتَفَكَّرُوا وَتَدَبَّرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ فِي تَصَارِيفِ هَذَا الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ وَتَقَلُّبَاتِ الدَّهْرِ فِيهِ وَالْحَدَثَانِ وَاعْتَبِرُوا حُكْمَ اللَّهِ بِهَذِهِ الْآفَاتِ الَّتِي سَلَّطَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْمَصَائِبَ الَّتِي حَلَّتْ لَدَيْكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمَكَانٍ وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْعَبْدَ فَسَبَبُهَا ذُنُوبُهُ وَغَفَلْته عَنْ طَاعَةِ مَوْلَاهُ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ وَالطُّغْيَانِ.
وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ «أَنَّ يَعْقُوبَ عليه السلام لَمَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِفِرَاقِ وَلَدِهِ يُوسُفَ أَوْحَى إلَيْهِ يَا يَعْقُوبُ أَتَدْرِي لِمَا اُبْتُلِيَتْ بِفِرَاقِ وَلَدِك يُوسُفَ قَالَ لَا يَا رَبِّ قَالَ لِأَنَّك ذَبَحْت كَبْشًا سَمِينًا فَأَتَتْك أَوْلَادٌ أَيْتَامٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُمْ هَذَا» وَهُوَ صَفْوَةُ الرَّحْمَنِ فَمَا بَالُك بِمَنْ عَصَى اللَّهَ وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَبِعِصْيَانِكُمْ سَلَّطَ عَلَيْكُمْ بِذُنُوبِكُمْ مَنْ لَا يَرْحَمُكُمْ وَأَنْزَلَ بِكُمْ الْقَحْطَ وَالْمَحَلَّ وَالْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ فِي الْأَبْدَانِ وَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ الْحُكَّامَ وَأَعْوَانَهَا وَالظَّلَمَةَ وَأَقْرَانَهَا وَأَهْلَ الْفِسْقِ وَالطُّغْيَانِ وَصَارَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ الْهَمِّ مُظْلِمَةً وَالدُّنْيَا عَلَيْكُمْ مُغَبَّرَةً مُقْتِمَةً قَدْ قَلَّ فِيهَا الْخَيْرُ وَالْإِيمَانُ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْمَعِيشَةُ وَصَارَتْ نُفُوسُكُمْ مِنْ الْهَوْمِ مَدْهُوشَةً وَالْقُلُوبُ فِي بِحَارِ الْغَفْلَةِ مَطْلُوسَةً مَطْرُودَةً مَبْعُودَةً عَنْ الرَّحْمَنِ وَرُفِعَتْ عَنْكُمْ الْبَرَكَاتُ وَغُلِّيَتْ عَلَيْكُمْ الْأَقْوَاتُ وَسُلِّطَتْ عَلَيْكُمْ الْآفَاتُ وَالْعَاهَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمَكَانٍ وَشَحَّ عَلَيْكُمْ النِّيلُ وَالْأَمْطَارُ وَارْتَفَعَتْ بَيْنَكُمْ الْأَسْعَارُ.
كَيْفَ لَا وَالْجَارُ لَا يَأْمَنُ غَوَائِلَ الْجَارِ وَالْأَمِينُ صَارَ خَوَّانًا وَأَكَلْتُمْ الْحَرَامَ وَظَلَمْتُمْ الْأَيْتَامَ وَقَطَعْتُمْ الْأَرْكَامَ وَلَمْ تَخَافُوا مِنْ عَالِمِ السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ وَشَهِدْتُمْ بِالزُّورِ وَشَرِبْتُمْ الْخُمُورَ وَأَظْهَرْتُمْ الْفُجُورَ وَلَمْ تَخْشُوا سَطْوَةَ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ وَدَرَسْتُمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَحُرُمَاتِ الْمَسَاجِدِ وَقَلَّ فِيهَا الرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ وَجَعَلْتُمُوهَا مَجَالِسَ لِلْغِيبَةِ وَمَقَاعِدَ - أَمَا تَخَافُونَ مِنْ اللَّهِ الْوَاحِدِ الدَّيَّانِ؟ - وَقَلَّتْ الْأَمَانَاتُ وَكَثُرَتْ الْخِيَانَاتُ وَاخْتَفَى الْحَقُّ وَظَهَرَ الْبَاطِلُ وَبَانَ وَحُكْمُ الشَّرِيعَةِ انْدَرَسَ وَمَاتَ وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم زَمَنُهَا قَدْ فَاتَ فَاسْتَحِقِّينَا بِذَلِكَ الْعَذَابَ وَالْهَوَانَ فَلَوْلَا بَرَكَةُ الْأَطْفَالِ الصِّغَارِ وَالشُّيُوخِ الرُّكَّعِ الْكِبَارِ وَالدَّوَابِّ الرُّتَّعِ فِي الْقِفَارِ لَصُبَّ عَلَيْنَا الْعَذَابُ صَبًّا بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا مِيزَانٍ لِأَنَّ الْخَلْقَ قَدْ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا عَظِيمَةً وَأَحْوَالًا ذَمِيمَةً وَسَيِّئَاتٍ جَسِيمَةً وَخَالَفُوا السُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ فَأَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ مِنْ تَعَدِّي الْحُدُودِ وَلَطْمِ الْخُدُودِ وَتَرْكِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْإِفْطَارِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي رَمَضَانَ وَأَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ وَأَذِيَّةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ بِالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ.
فَكَيْفَ بِكُمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ إذَا وَقَفْتُمْ هُنَالِكَ وَأَيُّ شَيْءٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ تِلْكَ الْمَهَالِكِ إذَا اشْتَدَّ غَضَبُ الْجَبَّارِ وَحَمَى النَّارَ مَالِكٌ وَطَارَ شَرَرُهَا وَالدُّخَانُ وَسَأَلَكُمْ مَوْلَاكُمْ وَقَالَ عِبَادِي مَاذَا فَعَلْتُمْ؟ وَمَاذَا جَنَيْتُمْ؟ وَمَاذَا أَخَذْتُمْ؟ وَمَاذَا صَنَعْتُمْ؟ فَتَنْطِقُ الْجَوَارِحُ وَيَخْرَسُ اللِّسَانُ فَاَللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إلَيْهِ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ وَاسْأَلُوهُ التَّوْبَةَ وَالْغُفْرَانَ وَلْيَتُبْ كُلٌّ مِنْكُمْ مِنْ ذَنْبِهِ وَيَسْتَغْفِرْ رَبَّهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11]{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12] اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طِبْقًا دَائِمًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّكَ كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ الْجُهْدِ وَالْجُوعِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوا إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرْ لَنَا
(وَيَقُولَ فِي) الْخُطْبَةِ (الْأُولَى اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا) أَيْ مَطَرًا (مُغِيثًا) أَيْ مَرْوِيًّا مُشْبِعًا (إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا أَيْ إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ أَيْ الْمَطَرَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا أَيْ كَثِيرًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَالْهَنِيءُ الطَّيِّبُ الَّذِي لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ وَالْمَرِيءُ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةُ وَالْمَرِيعُ ذُو الرِّيعِ أَيْ النَّمَاءِ وَالْغَدَقُ كَثِيرُ الْخَيْرِ وَالْمُجَلِّلُ مَا يُجَلِّلُ الْأَرْضَ أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ وَالسُّحُّ شَدِيدُ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ وَالطَّبَقُ مَا يُطْبِقُ الْأَرْضَ فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الجمل]
الضَّرْعَ وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي تُزِيلُ النِّعَمَ وَنَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي بِهَا تَحِلُّ النِّقَمُ وَنَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي بِهَا تُثِيرُ الْأَذَى وَنَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي بِهَا تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُك اللَّهُمَّ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَالْعِصْمَةَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته وَلَا عَيْبًا إلَّا سَتَرْته وَلَا مَرِيضًا إلَّا شَفَيْته وَلَا حَاجَةً هِيَ لَك رِضًى وَلَنَا فِيهَا صَلَاحٌ إلَّا قَضَيْتهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ انْقَطَعَ إلَى اللَّهِ عز وجل كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَتَهُ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ انْقَطَعَ إلَى الدُّنْيَا وَكَّلَهُ اللَّهُ عز وجل إلَيْهَا» اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ لَا مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَقُولُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى إلَخْ) زَادَ حَجّ بِأَدْعِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم الْوَارِدَةِ عَنْهُ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا» إلَخْ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى وَوَصْلِهَا مِنْ سُقِيَ ح ل فَقَدْ وَرَدَ الْمَاضِي ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا قَالَ تَعَالَى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ} [الإنسان: 21] وَقَالَ {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ مُرِيعًا) هُوَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَبِالتَّحْتِيَّةِ مَا يَأْتِي بِالرِّيعِ وَالزِّيَادَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ الرَّيْعُ بِالْفَتْحِ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ وَأَرْضٌ مَرِيعَةٌ بِالْفَتْحِ بِوَزْنِ وَسِيعَةٌ أَيْ مُخَصَّبَةٌ اهـ. وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَرْبَعٍ الْبَعِيرِ إذَا أَكَلَ الرَّيْعَ وَبِالْفَوْقِيَّةِ مِنْ رَتَعَتْ الْمَاشِيَةُ إذَا أَكَلَتْ مَا شَاءَتْ وَكُلٌّ صَحِيحٌ مُنَاسِبٌ هُنَا اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ غَدَقًا) فِي الْمِصْبَاحِ غَدِقَتْ الْعَيْنُ غَدَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ كَثُرَ مَاؤُهَا فَهِيَ غَدَقَةٌ وَفِي التَّنْزِيلِ {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] أَيْ كَثِيرًا وَأَغْدَقَتْ إغْدَاقًا أَيْ كَثِيرًا وَأَغْدَقَتْ إغْدَاقًا كَذَلِكَ وَغَدَقَ الْمَطَرُ غَدَقًا وَأَغْدَقَ إغْدَاقًا مِثْلُهُ وَغَدَقَتْ الْأَرْضُ تُغْدِقُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ابْتَلَتْ بِالْغَدَقِ اهـ
(قَوْلُهُ أَيْ انْتِهَاءَ الْحَاجَةِ) أَيْ الْفَرْضُ الشَّامِلُ لِلزِّيَادَةِ النَّافِعَةِ وَإِلَّا فَرُبَّمَا كَانَ دَوَامُهُ مِنْ الْعَذَابِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْقَانِطِينَ أَيْ الْآيِسِينَ مِنْ رَحْمَتِك اهـ. ح ل أَيْ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْمَطَرِ عَنَّا اهـ. شَيْخُنَا ح ف
(قَوْلُهُ إنَّك كُنْت غَفَّارًا) أَيْ كَثِيرَ الْمَغْفِرَةِ
(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86] أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ وُجِدَ فِيهِ ذِكْرٌ كَانَ مَوْصُولًا بِاَللَّهِ يَصْلُحُ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَإِذَا كَانَ مَوْصُولًا بِغَيْرِهِ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْمَعْنَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةَ) زَادَ حَجّ فَالْهَنِيءُ النَّافِعُ ظَاهِرًا وَالْمَرِيءُ النَّافِعُ بَاطِنًا اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَجُلِّ الْفَرَسِ) أَيْ كِسْوَتِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ شَدِيدُ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ لِيَغُوصَ فِيهَا يُقَالُ سَحَّ الْمَاءُ يَسِحُّ إذَا سَالَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ وَسَاحَ يَسِيحُ إذَا جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ مَا يُطَبِّقُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ وَبِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مُخَفَّفَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ وَأَطْبَقَ الشَّيْءُ غَطَّاهُ وَفِي الْقَامُوسِ وَطَبَقَ الشَّيْءُ تَطْبِيقًا عَمَّ، وَالسَّحَابُ الْجَوَّ غَشَّاهُ، وَالْمَاءُ وَجْهَ الْأَرْضِ غَطَّاهُ انْتَهَى اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَالطِّبْقِ عَلَيْهَا) يُقَالُ هَذَا مُطَابِقٌ لِهَذَا أَيْ مُسَاوٍ لَهُ وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجُهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُو إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعَرَى وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا مَحْقٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ وَلَا بَلَاءٍ وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ وَهُوَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْحُرَّ وَالرَّقِيقَ وَالْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَالْبِلَادُ عُطِفَ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ عَطْفِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ أَيْ الْأَرَاضِيِ مِنْ كُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ قِيَامُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ بِهِ وَلِعِلَّةِ احْتِرَازٍ عَنْ نَحْوِ أَهْلِ السَّمَاءِ وَاللَّأْوَاءُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَالْهَمْزِ السَّاكِنِ مَعَ الْمَدِّ شِدَّةُ الْجُوعِ وَالْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا التَّعَبُ أَوْ قِلَّةُ الْخَيْرِ وَسُوءُ الْحَالِ وَالضَّنْكُ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ الضِّيقُ أَوْ شِدَّةُ التَّعَبِ وَنَشْكُو بِالنُّونِ أَوْ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ أَشْيَاءَ لَا نَشْكُوهَا أَوْ لَا يَشْكُوهَا إلَّا إلَيْك أَيْ لَا يُزِيلُ شَكْوَاهَا إلَّا أَنْتَ وَأَنْبِتْ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَالزَّرْعِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَأَدِرَّ بِفَتْحِ
(وَيَتَوَجَّهُ) لِلْقِبْلَةِ (مِنْ نَحْوِ ثُلُثِ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَحِينَئِذٍ يُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا) قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الدُّعَاءِ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفِّهِمْ إلَى السَّمَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ الْقَاصِدِ حُصُولَ شَيْءٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَجْعَلَ يَمِينَ رِدَائِهِ يَسَارَهُ وَعَكْسَهُ وَ) يَجْعَلَ (أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ) وَالْأَوَّلُ تَحْوِيلٌ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «وَلِهَمِّهِ صلى الله عليه وسلم بِالثَّانِي فِيهِ فَإِنَّهُ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ»
ــ
[حاشية الجمل]
الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِدْرَارِ وَهُوَ الْإِكْثَارُ مِنْ اللَّبَنِ وَالضَّرْعُ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَحَلُّ اللَّبَنِ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَمِمَّا جُرِّبَ لِإِدْرَارِهِ أَنْ يُؤْخَذَ الشِّمْرَ الْأَخْضَرَ وَيُدَقَّ وَيُسْتَخْرَجَ مَاؤُهُ وَيُضَافُ إلَيْهِ قَدْرُهُ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ وَيُسْقَى لِمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا مِنْ أَدِمْيَة أَوْ غَيْرِهَا وَبَرَكَاتُ السَّمَاءِ خَيْرَاتُهَا وَهُوَ الْمَطَرُ وَبَرَكَاتُ الْأَرْضِ النَّبَاتُ وَالثِّمَارُ قَالَ أَبُو حَيَّاتٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاءَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَبِ وَالْأَرْضَ تَجْرِي مَجْرَى الْأُمِّ وَمِنْهُمَا يَحْصُلُ جَمِيعُ الْخَيْرَاتِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَدْبِيرِهِ وَالْبَلَاءُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ الْحَالَةُ الشَّاقَّةُ وَسُقْيَا رَحْمَةٌ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وُصُولُ خَيْرٍ لَنَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا مِنْ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ أَيْ وُصُولُ شَرٍّ لَنَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا وَلَا مَحْقٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ هَلَاكٌ وَإِذْهَابُ بَرَكَةٍ وَلَا هَدْمٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا أَيْ هَلَاكٌ بِوُقُوعِ الْأَبْنِيَةِ الْمَهْدُومَةِ وَلَا غَرَقٌ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ هَلَاكٌ بِالْمَاءِ وَلَا بَلَاءٌ أَيْ اخْتِبَارٌ وَيُسَنُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ دُعَاءِ الْكَرْبِ وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِينَ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيَتَوَجَّهُ مِنْ نَحْوِ ثُلُثِ الثَّانِيَةِ) فَإِنْ تَوَجَّهَ أَيْ اسْتَقْبَلَ فِي الْأُولَى لَمْ يُعِدْهُ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْأُولَى وَإِنْ أَجْزَأَ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ سِرًّا وَجَهْرًا) وَحِينَئِذٍ يُسِرُّ الْقَوْمُ حَالَةَ إسْرَارِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ حَالَةَ جَهْرِهِ قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتنَا بِإِجَابَتِك وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتنَا فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتنَا اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا وَإِجَابَتِكَ فِي سُقْيَانَا وَسِعَةٍ فِي رِزْقِنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ) وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِلٌ اُحْتُمِلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفَّهُمْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلِهِمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَرَفْعَ الْبَلَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ إلَخْ اهـ. ط ف أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْغَيْثِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلِهِمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ رَفْعَ الْبَلَاءِ وَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْقُنُوتِ وَعِبَارَتُهُ وَيَجْعَلُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا بِرَفْعِ الْبَلَاءِ وَنَحْوِهِ وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي الْقُنُوتِ إلَى مَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ طَلَبَ رَفْعَ شَيْءٍ أَيْ إنْ طَلَبَ مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعُ شَيْءٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَيْ إنْ دَعَا بِطَلَبِ تَحْصِيلِ شَيْءٍ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحَاصِلُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِظَهْرِ الْكَفِّ فِي كُلِّ صِيغَةٍ فِيهَا رَفْعٌ نَحْوَ اكْشِفْ وَارْفَعْ وَبِبَطْنِهِ فِي كُلِّ صِيغَةٍ فِيهَا تَحْصِيلٌ نَحْوَ اسْقِنَا وَأَنْبِتْ لَنَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّحْصِيلُ وَالدَّفْعُ رَاعَى الثَّانِيَ كَمَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا دَعَا بِهِمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي مِثْلَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ) أَيْ فِي جَعْلِ ظَهْرِ الْكَفِّ إلَى السَّمَاءِ
(قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ يَمِينَ رِدَائِهِ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ عَلَى قَوْلِهِ وَيُبَالِغُ تَأَمَّلْ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُحَوَّلُ قِبَلَهُ وَقِيلَ وَيَتَخَيَّرُ اهـ. إيعَابٌ وَمَحَلُّ هَذَا الْجَعْلِ إنْ كَانَ لَابِسًا لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَهُ كَذَلِكَ يَظْهَرُ نَعَمْ لِيُحَصِّلَ هَذِهِ السُّنَّةَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا زِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا هَكَذَا ضَبَّبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ) فِي الْمُخْتَارِ نَكَسَ الشَّيْءَ فَانْتَكَسَ قَلَبُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَنَكَّسَهُ تَنْكِيسًا وَالنُّكْسُ بِالضَّمِّ عَوْدُ الْمَرَضِ بَعْدَ النَّقَهِ وَقَدْ نُكِّسَ الرَّجُلُ نَكْسًا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَيُقَالُ تَعْسًا لَهُ وَنَكْسًا وَقَدْ يُفْتَحُ هَذَا لِلِازْدِوَاجِ أَوْ لِأَنَّهُ لُغَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ)«وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا» اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ بِالثَّانِي فِيهِ) أَيْ فِي الثَّانِي فَتَنْحَلُّ الْعِبَارَةُ إلَى هَكَذَا وَلِهَمِّهِ بِالثَّانِي فِي الثَّانِي وَفِي هَذَا ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ وَقِيلَ أَعْلَامٌ مِنْ خَيْطٍ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَغَيْرِهِ
وَيَحْصُلَانِ مَعًا بِجَعْلِ الطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ (وَيَفْعَلُ النَّاسُ) وَهُمْ جُلُوسٌ (مِثْلَهُ) تَبَعًا لَهُ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «أَنَّ النَّاسَ حَوَّلُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ وَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ الدُّعَاءِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ (وَيَتْرُكُ الرِّدَاءَ مُحَوَّلًا وَمُنَكَّسًا حَتَّى يَنْزِعَ الثِّيَابَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ رِدَائَه بَعْدَ التَّحْوِيلِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّنْكِيسِ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ
(وَلَوْ تَرَكَ) الْإِمَامُ (الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْوَالِي بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ
(وَسُنَّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَبْرُزَ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ مَحَلُّ الرِّدَاءِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيَحْصُلَانِ مَعًا) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الطَّرَفَ الْأَعْلَى يَصِيرُ أَسْفَلَ وَالطَّرَفَ الْأَسْفَلَ يَصِيرُ أَعْلَى لِأَنَّ الظَّهْرَ يَصِيرُ بَطْنًا كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ اخْتَبَرَهُ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ التَّفَاؤُلُ) فِي الْمُخْتَارِ الْفَأْلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَرِيضًا فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ يَا سَالِمَ أَوْ يَكُونَ طَالِبًا فَيَسْمَعُ آخَرُ يَقُولُ يَا وَاجِدَ يُقَالُ تَفَأَّلَ بِكَذَا بِالتَّشْدِيدِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ» اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالْخِصْبُ ضِدُّ الْجَدْبِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالسَّعَةُ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِهَا جَاءَ التَّنْزِيلُ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ نَظَّمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ
…
وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ
اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمُخْتَارِ وَسِعَهُ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ يَسَعُهُ بِالْفَتْحِ وَالْوُسْعُ وَالسَّعَةُ بِالْفَتْحِ الْجِدَّةُ وَالطَّاقَةُ يُقَالُ {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] أَيْ عَلَى قَدْرِ سَعَتِهِ وَأَوْسَعَ الرَّجُلُ صَارَ ذَا سَعَةٍ وَغِنًى وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47] أَيْ أَغْنِيَاءُ قَادِرُونَ وَيُقَالُ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ أَغْنَاك وَالتَّوْسِيعُ خِلَافُ التَّضْيِيقِ تَقُولُ وَسَّعَ الشَّيْءُ فَاتَّسَعَ وَاسْتَوْسَعَ أَيْ صَارَ وَاسِعًا وَتَوَسَّعُوا فِي الْمَجْلِسِ تَفَسَّحُوا وَ (يَسَعُ) اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْعَجَمِ وَقَدْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَهُمَا لَا يَدْخُلَانِ عَلَى نَظَائِرِهِ نَحْوَ يَعْمُرُ وَيَزِيدُ وَيَشْكُرُ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَقُرِئَ وَ (الْيَسْعَ) وَاللَّيَسَعَ بِلَامَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ) أَيْ بِتَغْيِيرِهِ سُبْحَانَهُ الْحَالَ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاسْتِحْبَابُ التَّحْوِيلِ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَيِّنٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَأْخَذِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ إلَخْ) قَائِلُهُ ابْنُ كَيِّنٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ الرِّدَاءُ أَيْ رِدَاءُ الْخَطِيبِ وَالنَّاسِ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ أَيْ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَوْدِ إلَى مَحَلِّ نَزْعِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ التَّنْكِيسِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ الْمَصْحُوبُ بِالتَّحْوِيلِ لِأَنَّ الْخَالِيَ عَنْهُ يَتَأَتَّى فِي الْمُثَلَّثِ وَالْمُدَوَّرِ اهـ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَيُنَكِّسَهُ فِي الْجَدِيدِ ثُمَّ قَالَ وَالْقَدِيمُ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ أَيْ التَّنْكِيسُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ قَالَ وَالْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُدَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا التَّحْوِيلُ قَطْعًا وَكَذَا الطَّوِيلُ وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ تَعَسُّرُهُ لَا تَعَذُّرُهُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ) أَيْ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِمَا لَيْسَ إلَّا التَّحْوِيلُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ فَعَلَهُ النَّاسُ) أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ أَيْ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ مِمَّنْ ذُكِرَ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ كَمَا قَالَهُ عِ ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ فَعَلَهُ النَّاسُ أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي سُنَنِ الْكِفَايَةِ وَهَذِهِ سُنَّةُ عَيْنٍ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ أَمْ يَحْرُمُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَا لَمْ يَظُنُّوا حُصُولَ الْفِتْنَةِ فَيَحْرُمُ فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِالْكَرَاهَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَعَلُوهَا فِي الْبَلَدِ خَطَبُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مَتَى خَافُوا الْفِتْنَةَ لَمْ يَخْطُبُوا إلَّا بِإِذْنٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(فَائِدَةٌ) مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَسْتَشْفِعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى سِرًّا بِخَالِصِ عَمَلٍ يَتَذَكَّرُهُ لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ وَبِأَهْلِ الصَّلَاحِ لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَقَارِبِهِ صلى الله عليه وسلم اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ «لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ كَانُوا ثَلَاثَةً خَرَجُوا يَرْتَادُونَ لِأَهْلِهِمْ أَيْ يَطْلُبُونَ لَهُمْ الْكَلَأَ وَنَحْوَهُ فَأَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَأَوَوْا إلَى كَهْفٍ فَانْحَطَّتْ صَخْرَةٌ وَسَدَّتْ بَابَهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اُذْكُرُوا، أَيُّكُمْ عَمِلَ حَسَنَةً؛ لَعَلَّهُ سبحانه وتعالى يَرْحَمُنَا بِبَرَكَتِهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اسْتَعْمَلْت أُجَرَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَطَ النَّهَارِ وَعَمِلَ فِي بَقِيَّتِهِ مِثْلَ عَمَلِهِمْ فَأَعْطَيْته مِثْلَ أُجُورِهِمْ فَغَضِبَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ أَجْرَهُ فَوَضَعْته فِي جَانِبِ الْبَيْتِ ثُمَّ مَرَّ بِي بَقَرٌ فَاشْتَرَيْت بِهِ فَصِيلَةً فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَرَجَعَ إلَيَّ بَعْدَ حِينٍ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا أَعْرِفُهُ وَقَالَ إنَّ لِي عِنْدَك حَقًّا وَذَكَرَهُ حَتَّى عَرَفْته فَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَمِيعًا اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْت ذَلِكَ لِوَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى رَأَوْا الضَّوْءَ وَقَالَ
لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَيَكْشِفَ غَيْرَ عَوْرَتِهِ) لِيُصِيبَهُ تَبَرُّكًا بِهِ وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ آكَدُ وَإِلَّا فَمَطَرُ غَيْرِ أَوَّلِ السَّنَةِ كَذَلِكَ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (وَ) أَنْ (يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي سَيْلٍ) رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرُ مِنْهُ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ» وَتَعْبِيرِي كَالْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ بِأَوْ يُفِيدُ سَنَّ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْطُوقِ وَكِلَيْهِمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فَلْيَتَوَضَّأْ وَفِي الْمُهِّمَّاتِ الْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ ثُمَّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ ثُمَّ عَلَى الْوُضُوءِ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ
ــ
[حاشية الجمل]
آخَرُ كَانَ فَضْلٌ وَأَصَابَ النَّاسَ شِدَّةٌ فَجَاءَتْنِي امْرَأَةٌ فَطَلَبَتْ مِنِّي مَعْرُوفًا فَقُلْت وَاَللَّهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِك فَأَبَتْ وَعَادَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ ثَلَاثًا ثُمَّ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا أَجِيبِي لَهُ فَأَغِيثِي عِيَالَك أَتَتْ وَسَلَّمَتْ إلَيَّ نَفْسَهَا فَلَمَّا تَكَشَّفْتُهَا وَهَمَمْت بِهَا ارْتَعَدَتْ فَقُلْتُ مَالَكَ قَالَتْ أَخَافُ اللَّهَ سبحانه وتعالى فَقُلْت لَهَا خِفْتِيهِ فِي الشِّدَّةِ وَلَمْ أَخَفْهُ فِي الرَّخَاءِ فَتَرَكْتهَا وَأَعْطَيْتهَا مُلْتَمَسَهَا اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْته لِوَجْهِك فَأَفْرِجْ عَنَّا فَتَصَدَّعَ حَتَّى تَعَارَفُوا وَقَالَ الثَّالِثُ كَانَ لِي أَبَوَانِ هَرِمَانِ وَكَانَتْ لِي غَنَمٌ وَكُنْت أُطْعِمُهُمَا وَأَسْقِيهُمَا ثُمَّ أَرْجِعُ إلَى غَنَمِي فَحَبَسَنِي ذَاتُ يَوْمٍ غَيْثٌ فَلَنْ أَبْرَحَ حَتَّى أَمْسَيْت فَأَتَيْت أَهْلِي وَأَخَذْت مِحْلَبِي فَحَلَبْت فِيهِ وَجِئْت إلَيْهِمَا فَوَجَدْتهمَا نَائِمَيْنِ فَشَقَّ عَلَيَّ أَنْ أُوقِظَهُمَا فَتَرَقَّبْت جَالِسًا وَمِحْلَبِي عَلَى يَدَيْ حَتَّى أَيْقَظَهُمَا الصُّبْحُ فَسَقَيْتهمَا اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْته لِأَجْلِك فَأَفْرِجْ عَنَّا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا» وَقَدْ رَفَعَ ذَلِكَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ. اهـ. بَيْضَاوِيٌّ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9] الْآيَةَ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ) الْمُرَادُ الْمَطَرُ الْأَوَّلُ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ سَوَاءٌ أَوَّلُهُ وَأَوْسَطُهُ وَآخِرُهُ وَأَسْمَاءُ كُلِّ مَطَرٍ خَمْسَةٌ الْوَسْمِيُّ ثُمَّ الْوَلِيُّ ثُمَّ الرَّبِيعُ ثُمَّ الصَّيْفُ ثُمَّ الْحَمِيمُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ) وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بَعْدَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّمِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ النِّيلُ فَيَبْرُزُ لَهُ وَيَفْعَلُ مَا ذُكِرَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. ز ي بِهَامِشٍ
(فَرْعٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ يَحْرُمُ تَأْخِيرُ قَطْعِ الْخَلِيجِ وَنَحْوه عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ كَبُلُوغِ النِّيلِ بِمِصْرِنَا سِتَّةَ عَشْرَ ذِرَاعًا اهـ. وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِيهِ تَأَخُّرًا لَهُ عَنْ شُرْبِ الدَّوَابِّ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْهُ فَتَأْخِيرُهُ مُفَوِّتٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ) هَلْ إضَافَتُهُ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ لِمَطَرِ السَّنَةِ الْأَوَّلِ أَيْ لِأَوَّلِهِ لَكِنْ لَا إشْعَارَ فِي كَلَامِهِ بِهَذَا تَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ؟ مِنْ أَنَّ إضَافَةَ مَطَرِ إلَى السَّنَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَعْرِفَةِ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَتَعُمُّ وَالتَّقْدِيرُ لِأَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ فِي السَّنَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ غَيْرَ عَوْرَتِهِ) أَيْ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ عَوْرَةِ الْخَلْوَةِ إنْ كَانَ خَالِيًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَاجَةِ الَّتِي يُكْشَفُ لَهَا الْعَوْرَةُ قَالَ شَيْخُنَا وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهَا عَوْرَةُ الْمَحَارِمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا غَيْرَ عَوْرَتِهِ) هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِكَشْفِ جُزْءٍ مَا مِنْ بَدَنِهِ وَإِنْ قَلَّ كَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَسِرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَرُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْت هَذَا فَقَالَ لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ أَيْ بِتَكْوِينِهِ وَتَنْزِيلِهِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ «حَتَّى إذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ حَسِرَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ حَتَّى يُصِيبَهُ الْمَطَرُ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فَقَالَ أَوَ «مَا قَرَأْت {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] فَأُحِبُّ أَنْ يَنَالَنِي مِنْ بَرَكَتِهِ» وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَطَرِ أَوَّلِ السَّنَةِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ آكَدُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَهُ وَظَاهِرُ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِعْلُهُ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ وَلَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ آكَدُ انْتَهَتْ وَفِي شَرْحِ م ر فَهُوَ لِأَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ أَوْلَى مِنْهُ لِآخِرِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ فِي سَيْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ السَّيْلُ بِالِاسْتِسْقَاءِ أَوْ لَا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْحَدِيثُ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا إلَخْ) يُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ مَاءَ النِّيلِ كَمَاءِ السَّيْلِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى مِمَّا نُقِلَ عَنْ زي مِنْ إلْحَاقِهِ بِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ الْمَارِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْوُضُوءِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ إمْسَاسُ الْمَاءِ بِتِلْكَ الْأَعْضَاءِ فَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْمُتَوَضِّئِ اهـ. ح ل وَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ انْتَهَى أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَفِي الْوَاقِعِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ فَهَذَا بَحْثٌ لِلشَّارِحِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ انْتَهَى تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي كَشْفِ الْبَدَنِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ التَّرْتِيبُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وُصُولُ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ
إذَا لَمْ يُصَادِفْ وَقْتَ وُضُوءٍ وَلَا غُسْلٍ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى الْغُسْلِ
(وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ لِرَعْدٍ وَبَرْقٍ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ (وَ) أَنْ (لَا يَتْبَعَهُ) أَيْ الْبَرْقَ (بَصَرُهُ) قَالَ تَعَالَى {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور: 43] رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدْقَ أَيْ الْمَطَرَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ (وَ) أَنْ (يَقُولَ عِنْدَ مَطَرٍ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ
ــ
[حاشية الجمل]
بِدُونِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَمَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ كَأَنْ يَنْوِيَ سُنَّةَ الْغُسْلِ فِي السَّيْلِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وُجُوبُهَا فِيهِمَا لِأَنَّ إطْلَاقَهُمَا شَرْعًا إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْمُقْتَرِنُ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ أَرَادُوا بِهِ مَحْضَ التَّبَرُّكِ لَمْ يَسْتَحِبُّوا الْوُضُوءَ بَعْدَ الْغُسْلِ لِحُصُولِ التَّبَرُّكِ بِهِ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ اهـ. سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُصَادِفْ وَقْتَ وُضُوءٍ وَلَا غُسْلٍ) أَمَّا عَدَمُ مُصَادَفَتِهِ وَقْتَ الْغُسْلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَدَمُ مُصَادَفَتِهِ وَقْتَ الْوُضُوءِ فَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا وَلَمْ يُصَلِّ بِوُضُوئِهِ صَلَاةً مَا فَيَكُونُ وُضُوءُهُ صُورِيًّا فَلَا يَطْلُبُ إلَّا إمْسَاسُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِرَعْدٍ وَبَرْقٍ) أَيْ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَرَ الثَّانِيَ اهـ. ح ل قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: 19] الرَّعْدُ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ السَّحَابِ وَالْبَرْقُ النَّارُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ الرَّعْدُ اسْمُ مَلَكٍ يَسُوقُ السَّحَابَ وَالْبَرْقُ لَمَعَانُ سَوْطِهِ مِنْ نُورٍ يَزْجُرُ بِهِ الْمَلَكُ السَّحَابَ وَقِيلَ الصَّوْتُ زَجْرُ السَّحَابِ وَقِيلَ تَسْبِيحُ الْمَلَكِ وَقِيلَ الرَّعْدُ نُطْقُ الْمَلَكِ وَالْبَرْقُ ضَحِكُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الرَّعْدُ اسْمٌ لِلْمَلَكِ وَيُقَالُ لِصَوْتِهِ أَيْضًا رَعْدٌ وَالْبَرْقُ مَضْغُ مَلَكٍ يَسُوقُ السَّحَابَ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ الرَّعْدُ صَوْتُ مَلَكٍ يَزْجُرُ السَّحَابَ فَإِذَا تَبَدَّدَتْ ضَمَّهَا فَإِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ صَارَ مِنْ فِيهِ النَّارُ وَهِيَ الصَّوَاعِقُ وَقِيلَ الرَّعْدُ انْخِنَاقُ الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابِ وَالْأَبَاطِحِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَيُقَالُ أَبُو خُبَيْبٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ الصَّحَابِيُّ وُلِدَ بَعْدَ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ وَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبَادِلَةِ الْأَرْبَعَةِ وَرُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ أَخُوهُ عُرْوَةُ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى شَهِيدًا مِنْ الْحَجَّاجِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ تَرَكَ الْحَدِيثَ) أَيْ مَا كَانَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قُرْآنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَقَالَ سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ إلَخْ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ كَعْبٍ أَنَّ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ عُوفِيَ قَالَ فَقُلْت ذَلِكَ فَعُوفِيت اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ) أَيْ فِي طَلَبِ التَّسْبِيحِ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْبَرْقِ سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ {سَنَا بَرْقِهِ} [النور: 43] السَّنَا بِالْقَصْرِ الضَّوْءُ وَبِالْمَدِّ الشَّرَفُ اهـ. شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ أَيْ يُضْعِفُهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنُ الْعَوَامّ التَّابِعِيُّ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ سَمِعَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَغَيْرَهُمَا وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْ الْمَطَرُ) فِي الْمُخْتَارِ الْوَدْقُ الْمَطَرُ وَبَابُهُ وَعَدَ اهـ
(قَوْلُهُ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ) أَيْ لَا بِبَصَرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ شَامِلٌ لِلْإِشَارَةِ بِغَيْرِ الْبَصَرِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَيُخْتَارُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا) هَذِهِ رِوَايَةٌ وَفِي أُخْرَى اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا وَفِي أُخْرَى اللَّهُمَّ سَيِّبًا نَافِعًا بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا بَاءَ مُوَحَّدَةٌ وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ نَافِعًا أَيْ شَافِيًا لِلْقَلِيلِ وَمُزِيلًا لِلْعَطَشِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُخْتَارِ الصِّحَاحِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْ مَطَرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ مَطَرًا نَازِلًا مِنْ عُلُوٍّ إلَى سُفْلٍ لِأَنَّ الصَّيِّبَ مَعْنَاهُ النَّازِلُ مِنْ عُلُوٍّ إلَى سُفْلٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ صَابَ يُصَوِّبُ إذَا نَزَلَ مِنْ عُلُوٍّ إلَى سُفْلٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمُخْتَارِ الصَّوْبُ نُزُولُ الْمَطَرِ وَبَابُهُ قَالَ وَالصَّيِّبُ السَّحَابُ ذُو الصَّوْتِ اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُقَارَبَةُ وَبِالصُّفُوفِ الْجِهَادُ وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَلْفَاظُهَا وَالتَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَفِي الْحَدِيثِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ فَإِذَا انْصَرَفَ الْمُنْصَرِفُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ وَزَوِّجْنِي مِنْ الْحُورِ الْعِينِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا وَيْحَ هَذَا أَعَجَزَ أَنْ يَسْتَجِيرَ اللَّهَ مِنْ النَّارِ
وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» (وَ) أَنْ (يَقُولَ) فِي (أَثَرِهِ) أَيْ فِي أَثَرِ الْمَطَرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ) عَلَيْنَا (وَرَحْمَتِهِ) لَنَا (وَكُرِهَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ نُونِهِ وَهَمْزِ آخِرِهِ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ فَاعِلُ الْمَطَرِ حَقِيقَةً فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْفَاعِلُ لَهُ حَقِيقَةً كَفَرَ.
(وَ) كُرِهَ (سَبُّ رِيحٍ) لِخَبَرِ «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْ رَحْمَتِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَسُنَّ إنْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ مَطَرٍ) بِتَثْلِيثِ الْكَافِ (أَنْ يَقُولُوا) كَمَا «قَالَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْ اجْعَلْ الْمَطَرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي لَا فِي الْأَبْنِيَةِ وَنَحْوِهَا وَالْآكَامُ بِالْمَدِّ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَالَتْ الْجَنَّةُ يَا وَيْحَ هَذَا أَعَجَزَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَقَالَتْ الْحُورُ الْعِينُ يَا وَيْحَ هَذَا أَعَجَزَ أَنْ يَسْتَجِيرَ اللَّهَ وَيَسْأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثَمَّ وَبَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ أَوْ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يُجِيبُ بِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَلِيمِيُّ ثَمَّ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ رحمه الله وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الْقَوْلِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَوْقِيفِيَّةٌ ثُمَّ إذَا دَعَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَيَقَّنَ حُصُولَ الْمَطْلُوبِ لِإِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نُسِبَ تَخَلُّفُهُ إلَى فَسَادِ نِيَّتِهِ وَفَقْدِ شُرُوطِ الدُّعَاءِ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَرُؤْيَةُ الْكَعْبَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَرُؤْيَتُهُ لَهَا وَكَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَيْ فِي أَثَرِ الْمَطَرِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ الْمَطَرِ بِإِسْقَاطِ (فِي أَثَرِ) لِأَجْلِ حِكَايَةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فِي إثْرَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الثَّاءِ وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعَ الثَّاءِ كَذَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ مُطِرْنَا إلَخْ) أَيْ كُرِهَ تَنْزِيهًا. اهـ. شَرَحَ م ر
(قَوْلُهُ بِنَوْءٍ كَذَا) أَفَادَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءٍ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْ بِوَقْتٍ) تَفْسِيرٌ لِلنَّوْءِ وَقَوْلُهُ النَّجْمُ الْفُلَانِيُّ تَفْسِيرًا لِكَذَا اهـ. شَيْخُنَا أَيْ بِوَقْتِ سُقُوطِهِ فِي مَنْزِلَةٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْأُفُقِ الْغَرْبِيِّ الْمُقَارِنِ لِطُلُوعِ نَظِيرِهِ مِنْ الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّ إضَافَةَ الْمَطَرِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ لِلطَّالِعَةِ وَإِنَّمَا يُنْسَبُ لِلْغَارِبَةِ نَظَرًا لِاسْمِ النَّوْءِ الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالنَّوْءُ سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْقُرْبِ مَعَ الْفَجْرِ وَطُلُوعُ رَقِيبِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ مُقَابِلِهِ فِي سَاعَتِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَهَكَذَا كُلُّ نَجْمٍ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ انْتَهَتْ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ بِنَوْءٍ كَذَا بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ أَيْ بِكَوْكَبٍ كَذَا وَكَذَا سُمِّيَ نُجُومُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ أَنْوَاءُ وَسُمِّيَ نَوْءٌ لِأَنَّهُ يَنُوءُ طَالِعًا عِنْدَ مَغِيبِ مُقَابِلِهِ بِنَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ النَّوْءُ لَيْسَ نَفْسَ الْكَوْكَبِ بَلْ مَصْدَرُ نَاءَ النَّجْمُ إذَا سَقَطَ وَقِيلَ نَهَضَ وَطَلَعَ وَبَيَانُهُ أَنَّ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ نَجْمًا مُفَرَّقَةَ الْمَطَالِعِ فِي أَزْمِنَةِ السَّنَةِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِمَنَازِل الْقَمَرِ يَسْقُطُ فِي كُلِّ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً نَجْمٌ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ مَعَ طُلُوعِ مُقَابِلِهِ فِي الْمَشْرِقِ فَكَانُوا يَنْسُبُونَ الْمَطَرَ لِلْغَارِبِ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ لِلطَّالِعِ فَتَسْمِيَةُ النَّجْمِ نَوْءًا تَسْمِيَةٌ لِلْفَاعِلِ بِالْمَصْدَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ) أَيْ وَالرِّيَاحِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ إلَى الْأَنْوَاءِ الَّتِي هِيَ الْأَنْجُمُ السَّاقِطَةُ تُضِيفُ ذَلِكَ إلَى السَّاقِطِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ إلَخْ فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي هَذَا التَّرْكِيب لِأَنَّ مُطِرْنَا مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَوْءُ كَذَا فَاعِلًا لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ سَبَبٌ مُحَصِّلٌ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ فَاعِلٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ سَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ تَحْرِيمُ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ فَلَمَّا اقْتَضَى إيهَامُ التَّشْرِيكِ الْحُرْمَةَ هُنَاكَ لَا هُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْإِيهَامَ هُنَاكَ أَشَدُّ لِمَزِيدِ عَظَمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْإِضَافَةِ إلَى النَّوْءِ فَتَوَهُّمُ تَأْثِيرِهِ أَقْوَى مِنْ تَوَهُّمِ تَأْثِيرِ النَّوْءِ وَبِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ اتِّحَادُ مُتَعَلِّقِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَعْنِي أَذْبَحُ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْمُتَعَلِّقِ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلِ وَلَيْسَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا أَنَّ النَّوْءَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً بَلْ الْمُتَبَادِرُ خِلَافَهُ لِأَنَّ مُطِرْنَا مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مَذْكُورٍ مُطْلَقًا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ هُوَ النَّوْءُ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ فَاعِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ سَبُّ رِيحٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَادَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ لَكِنَّ السَّبَّ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ خُصُوصًا إذَا شَوَّشَتْ ظَاهِرًا عَلَى السَّابِّ وَلَا تَتَقَيَّدُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الَّتِي تَأْتِي بِالْعَذَابِ مِنْ رُوحِ اللَّهِ أَيْضًا اهـ. ز ي.
وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَظْهَرُ لَنَا وَإِلَّا فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا اهـ. وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ بِكَثْرَةِ مَطَرٍ) أَيْ أَوْ نِيلٍ كَذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ حَوَالَيْنَا) مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالَ نُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا