الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَمْسَكَ) مَعَهُمْ وَإِنْ تَمَّ الْعَدَدُ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ (أَوْ بِعَكْسِهِ) بِأَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَعِيدِ إلَى مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ (عَيَّدَ) مَعَهُمْ سَوَاءٌ أَصَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ عِنْدَهُمْ نَاقِصًا فَوَقَعَ عِيدُهُ مَعَهُمْ تَاسِعَ عِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ أَمْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ تَامًّا عِنْدَهُمْ (وَقَضَى يَوْمًا إنْ صَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ) يَوْمًا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَإِنْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ كَذَلِكَ.
(وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الْهِلَالِ (نَهَارًا) فَلَوْ رُئِيَ فِيهِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ نُفْطِرْ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِي رَمَضَانَ وَلَا نُمْسِكُ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِي شَعْبَانَ فَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينَ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَخَانِقِينُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَنُونٍ ثُمَّ قَافٍ مَكْسُورَتَيْنِ بَلْدَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ وَقَوْلِي إنْ صَامَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ
(أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهَا الْأَصْلُ بِالشُّرُوطِ فَتَسْمِيَتِي لَهَا أَرْكَانًا كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ مِنْ زِيَادَتِي أَحَدُهَا (نِيَّةٌ.
ــ
[حاشية الجمل]
ح ل قَوْلُهُ: آخِرًا أَيْ فَيَنْوِي الصَّوْمَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ انْتَقَلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَيْهِمْ لَا يُوَافِقُهُمْ عِنْدَ حَجّ وَيُوَافِقُهُمْ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَالَ: لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ هُوَ الرَّائِي لِلْهِلَالِ وَعَلَيْهِ يُلْغَزُ وَيُقَالُ إنْسَانٌ رَأَى الْهِلَالَ بِاللَّيْلِ وَأَصْبَحَ مُفْطِرًا بِلَا عُذْرٍ اهـ. بِحُرُوفِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الْفِطْرِ.
(قَوْلُهُ: أَمْسَكَ مَعَهُمْ) أَيْ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: " أَمْسَكَ مَعَهُمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَصْلِيٍّ سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ أَنْ عَيَّدَ أَوْ بَعْدَهُ وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ سم وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِيهِ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِمْ لَيْلًا وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ اهـ. قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: فَلَوْ أَفْسَدَ صَوْمَ الْيَوْمِ الْآخَرِ الَّذِي وَافَقَهُمْ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصَلَهُمْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ بَيَّتَ النِّيَّةَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَالْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ الْإِفْسَادُ بِجِمَاعٍ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ صَوْمُهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُوَافَقَةِ لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ وَاجِبِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيَوْمُ هُوَ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ أَوْ يَكُونَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ فَيَلْزَمُهُ فَلْيُحَرَّرْ.
وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ اللُّزُومُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت حَجّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمَوَاقِيتِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَا نَصُّهُ " مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ آخِرِ رَمَضَانَ وَفَجْرِ النَّحْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِ فِيهِ وَإِنْ انْتَقَلَ بَعْدَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِمَطْلَعٍ ذَلِكَ وَوَجَدَهُمْ صِيَامًا عَلَى الْأَوْجَهُ لِأَنَّ وُجُوبَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي الصُّوَرِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ حَجِّهِ الَّذِي انْعَقَدَ لِشِدَّةِ تَثَبُّتِ الْحَجِّ وَلُزُومِهِ بَلْ قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ قَالَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِطْرَةٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ شَوَّالٍ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَفِي الْفِطْرَةِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِلَّا فَالْوَجْهُ لُزُومُهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِمَحَلِّ الْمُؤَدِّي.
وَأَمَّا الْإِحْرَامُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ إلَيْهَا صَارَ مِثْلَهُمْ فِي الصَّوْمِ فَكَذَا الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَلَا تَرِدُ الْكَفَّارَةُ لِمَا عَلِمْت اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَكْسِهِ) قِيلَ وَتُصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِ الْبَلَدَيْنِ لَكِنْ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِمْ لَمْ يَرَوْهُ وَبِأَنْ يَكُونَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ لِتَأَخُّرِ ابْتِدَائِهِ بِيَوْمٍ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَعِيدِ) أَيْ الَّذِي لَا رُؤْيَةَ فِيهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ رُئِيَ بِمَحَلٍّ دُونَ آخَرَ فَصَحَّ كَوْنُ هَذَا عَكْسًا فَلَوْ سَافَرَ مِنْ دِمْيَاطَ وَلَمْ يُرَ فِيهَا إلَى مِصْرَ وَقَدْ رُئِيَ فِيهَا وَأَدْرَكَهُمْ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَاسِعَ عِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ) أَيْ الْمُتَأَخِّرِ ابْتِدَاؤُهُ عَنْ ابْتِدَاءِ صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ تَامًّا عِنْدَهُمْ) أَيْ وَقَدْ تَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ صَوْمِهِ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا) أَيْ وَلَوْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ فَلَا يَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْغَيْمُ مَوْجُودًا مَانِعًا مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا أَيْ فَلَا يَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَيُفْطِرُ وَلَا لِلْمُسْتَقْبَلَةِ فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ وَمَنْ اعْتَبَرَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ صَحِيحٌ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ لَكِنْ لَا أَثَرَ لَهُ لِكَمَالِ الْعَدَدِ بِخِلَافِهِ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَا يُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِلْمُسْتَقْبَلِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَتْ
[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]
(فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ إفْطَارٌ بِتَحَرٍّ. إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الصَّوْمِ الْإِسْلَامُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ) نِيَّةٌ وَصَائِمٌ وَإِمْسَاكٌ وَزَادَ فِي الْأَنْوَارِ رَابِعًا، وَهُوَ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ لِلصَّوْمِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ تَسْمِيَةَ الْأُمُورِ الْوَاجِبَةِ فِي كُلِّ بَابٍ أَرْكَانًا مِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْكِتَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَصْلِ التَّسْمِيَةُ بِالْأَرْكَانِ فِي بَابٍ مِنْ الْأَبْوَابِ غَيْرَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فَتَسْمِيَتِي لَهَا أَرْكَانًا مِنْ زِيَادَتِي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْإِبْدَالِ لَا مِنْ الزِّيَادَةِ فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَتَعْبِيرِي بِالْأَرْكَانِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشُّرُوطِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: نِيَّةٌ) وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ فَلَا تَكْفِي بِاللِّسَانِ قَطْعًا كَمَا لَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا قَطْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ تَسَحَّرَ لِيَصُومَ أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْهُ نَهَارًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ
لِكُلِّ يَوْمٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ) وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا (تَبْيِيتُهَا) وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ لِخَبَرِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ خَبَرِ عَائِشَةَ الْآتِي (وَتَعْيِينُهُ) أَيْ الْفَرْضِ.
ــ
[حاشية الجمل]
خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ نِيَّةً إنْ خَطَرَ الصَّوْمُ بِبَالِهِ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَرْعٌ)
تَصِحُّ نِيَّةُ الصَّوْمِ بِالْقَلْبِ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ التَّوَقُّفَ فِيهَا إنَّمَا هُوَ بِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ. إيعَابٌ وَكَتَبَ أَيْضًا (تَنْبِيهٌ)
حَكَوْا خِلَافًا فِي أَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ شَرْطٌ وَلَمْ يَحْكُوا مِثْلَهُ هُنَا بَلْ تَطَابَقُوا عَلَى أَنَّهَا رُكْنٌ وَسَبَبُهُ أَنَّ الصَّوْمَ عَدَمٌ فَلَا مُقَوِّمَ لَهُ إلَّا هِيَ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ وُجُودِيٌّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا نِيَّةٌ) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ وَهِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَيَقْصِدُ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِحْضَارِ وَقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِالْمُسْتَحْضَرِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: " قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ فِي ذِهْنِهِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ فَلَوْ أَخْطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتِ مَعَ جَهْلِهِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ. وَقَوْلُهُ: صِفَاتِ الصَّوْمِ كَكَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ كَالْكَفَّارَةِ، وَالنَّذْرِ وَذَاتُهُ الْإِمْسَاكُ جَمِيعَ النَّهَارِ اهـ. مِنْ هَامِشِ نُسْخَةِ شَرْحِ م ر لِشَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ.
وَمِنْ صِفَاتِهِ كَوْنُ الشَّهْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَا غَيْرُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا نِيَّةٌ) أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ قَارَنَهَا الْفَجْرُ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهَا هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا فَتَصِحُّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِي نِيَّةِ الْيَوْمِ قَبْلَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَوْ شَكَّ هَلْ كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لَا أَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا أَوْ لَا فَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَيْلًا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ يَوْمٍ) أَيْ عِنْدَنَا كَالْحَنَابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ اكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِالنِّيَّةِ نَهَارًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَرْكًا لَكِنَّهُ كَفٌّ قُصِدَ لِقَمْعِ الشَّهْوَةِ فَالْتَحَقَ بِالْفِعْلِ فَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ أَوَّلِ رَمَضَانَ صَوْمَ جَمِيعِهِ لَمْ يَكْفِ لِغَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ لِيَحْصُلَ لَهُ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي نَسِيَ النِّيَّةَ فِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه كَمَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ الْيَوْمِ الَّذِي نَسِيَهَا فِيهِ لِيَحْصُلَ لَهُ صَوْمُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَوَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَلَّدَ وَإِلَّا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ وَهُوَ حَرَامٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا لِكُلِّ يَوْمٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاتَيْنِ يَتَخَلَّلُهُمَا السَّلَامُ وَلَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْفَجْرِ أَوْ لَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهَا وَلَوْ نَوَى ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا صَحَّ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَلَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ صَحَّ أَيْضًا إذْ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ لَا تُؤَثِّرُ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ بَلْ مَتَى تَذَكَّرَهَا قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ وَالتَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَذَكُّرُهَا عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهَا أَصْلًا وَجَبَ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْكَفَّارَةِ لَوْ صَامَ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا أَجْزَأَهُ بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَيْثُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ التَّضْيِيقُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بَطَلَتْ فِي الْحَالِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ تَبْيِيتُهَا) أَيْ إيقَاعُهَا لَيْلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّتْ لَمْ يَقَعْ عَنْ رَمَضَانَ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ يَقَعُ نَفْلًا وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَلَوْ مِنْ جَاهِلٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ بِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ نَوَى فِي غَيْرِ رَمَضَانَ صَوْمَ نَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ قَبْلَ الزَّوَالِ انْعِقَادَهُ نَفْلًا إنْ كَانَ جَاهِلًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَبْيِيتُهَا) يُقَالُ بَاتَ يَفْعَلُ كَذَا يَبِيتُ وَيَبَاتُ بَيْتُوتَةً إذَا فَعَلَهُ لَيْلًا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [النساء: 81]{إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108] فَمَعْنَاهُ يُدَبِّرُونَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ) رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ إيقَاعُهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهُ) كَرَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ أَوْ صَوْمُ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَنْ قَضَاءِ أَيِّهِمَا فِي الْأَوَّلِ وَلَا نَوْعَهُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاءَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةِ
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا.
(وَتَصِحُّ) النِّيَّةُ (وَإِنْ أَتَى بِمُنَافٍ) لِلصَّوْمِ كَأَنْ جَامَعَ أَوْ اسْتَقَاءَ (أَوْ نَامَ أَوْ انْقَطَعَ نَحْوُ حَيْضٍ) كَنِفَاسٍ (بَعْدَهَا لَيْلًا وَتَمَّ فِيهِ) فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ (أَكْثَرُهُ) أَيْ نَحْوُ الْحَيْضِ (أَوْ قَدْرُ الْعَادَةِ) فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا لِعَدَمِ مُنَافَاةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَهَا وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ وَلَمْ تَبْنِ عَلَى أَصْلٍ وَتَعْبِيرِي بِمُنَافٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَكْلِ، وَالْجِمَاعِ وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَتَصِحُّ) النِّيَّةُ (لِنَفْلٍ قَبْلَ زَوَالٍ) فَقَدْ «دَخَلَ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ فَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ صَحَّ صَوْمُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ صَوْمُ غَدٍ أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَكَانَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ الَّذِي نَوَى فِي لَيْلَتِهِ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ يَوْمِ الْأَحَدِ مَثَلًا وَهُوَ غَيْرُهُ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةُ مِنْ الْغَالِطِ لَا الْعَامِدِ لِتَلَاعُبِهِ.
وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْإِجْزَاءَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَنَوَى يَوْمًا مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى غَلَطًا لَمْ يُجْزِهِ كَمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ بِنِيَّةِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْغَدِ هُنَا أَوْ نِيَّتِهِ مُعَيَّنٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَعَهُ الْغَلَطُ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَاقِعٌ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْيِينُهُ وَلَمْ يَقَعْ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَمْ يَدْرِ سَبَبَهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَتُجْزِئُهُ عَمَّا عَلَيْهِ لَا يُقَالُ قِيَاسُ الصَّلَاةِ لُزُومُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَنْوِي وَاحِدًا عَنْ الْقَضَاءِ وَآخَرَ عَنْ النَّذْرِ وَآخَرَ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ تَشْتَغِلْ هُنَا ذِمَّتُهُ بِالثَّلَاثِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِصَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ، وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ فَقِيلَ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ وَيُوَجَّهُ بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا ثَمَّ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ كَنَظِيرِهَا هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ لَا مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ وَلَا الزَّمَنُ فَيَكْفِي نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. . . إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا بَيَانُ مَفْهُومِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَتَعْيِينُهُ أَيْ الْفَرْضِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمَّا النَّفَلُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَاتِبٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ رَاتِبًا فَفِيهِ خِلَافٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ) وَهُوَ مَا لَهُ وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ اهـ. ح ل فَذُو السَّبَبِ هُوَ صَوْمُ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْإِمَامُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَذُو الْوَقْتِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَعَرَفَةَ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ. إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّعْيِينَ شَرْطٌ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ لَا فِي الصِّحَّةِ مَثَلًا إذَا نَوَى يَوْمَ عَرَفَةَ الصَّوْمَ وَأَطْلَقَ أَيْ لَمْ يُلَاحِظْ فِيهِ كَوْنَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَإِنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى صَوْمِ عَرَفَةَ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الشَّارِعُ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ أَيْ بِنِيَّةِ كَوْنِ صَوْمِهِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَوْمَ الْفَرْضِ لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا شَيْئَانِ التَّبْيِيتُ، وَالتَّعْيِينُ لَا الْفَرْضِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَنَّ صَوْمَ النَّفْلِ الرَّاتِبِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَا لِلصِّحَّةِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَرُدَّ أَيْ بِهَذَا الِاشْتِرَاطِ كَمَا فَعَلَ م ر؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إشْكَالٌ حَتَّى يُجِيبَ عَنْهُ. اهـ شَيْخُنَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ الْجَوَابُ عَنْ الْقِيَاسِ فِي قَوْلِهِ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِمُنَافٍ أَوْ نَامَ أَوْ انْقَطَعَ نَحْوُ حَيْضٍ. إلَخْ) الْغَايَاتُ الثَّلَاثُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثِ فِي خُصُوصِ تَمَامِ قَدْرِ الْعَادَةِ لَا فِيهِ وَفِي تَمَامِ الْأَكْثَرِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ، وَحَكَى الْمَحَلِّيُّ الضَّعِيفَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَقِيلَ: يَضُرُّ الْمُنَافِي بَعْدَهَا فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا تَحَرُّزًا عَنْ تَخَلُّلِ الْمُنَاقِضِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ فِي الثَّانِي، وَقِيلَ يَجِبُ تَجْدِيدُهَا إذَا نَامَ بَعْدَهَا تَقْرِيبًا لِلنِّيَّةِ مِنْ الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ، وَقَالَ فِي الثَّالِثِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ يَتَخَلَّفُ قَدْرُ الْعَادَةِ فَلَا تَكُونُ النِّيَّةُ جَازِمَةً اهـ. (قَوْلُهُ: بِمُنَافٍ لِلصَّوْمِ) بِخِلَافِ الْمُنَافِي لِلنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ نَوَى رَفْضَ النِّيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَ تَجْدِيدُهَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ يُنَافِيهَا وَأَثَّرَ فِيهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ رَفْضِهَا نَهَارًا فَلَا يَضُرُّ لِقُوَّتِهَا وَالرِّدَّةُ مُنَافِيَةٌ لِلنِّيَّةِ فَكَانَتْ كَرَفْضِهَا وَإِنْ كَانَتْ نَهَارًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ انْقَطَعَ نَحْوُ حَيْضٍ. إلَخْ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَنْوِيَ الصَّوْمَ حَالَةَ الْحَيْضِ وَقَوْلُهُ: وَتَمَّ فِيهِ أَكْثَرُهُ أَيْ وَقَدْ عَلِمَتْ ذَلِكَ اهـ. ح ل أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ جَازِمَةً بِالنِّيَّةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْنِ عَلَى أَصْلٍ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ أَوْ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ النِّيَّةُ لِنَفْلٍ قَبْلَ زَوَالٍ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ تَبْيِيتُهَا. . . إلَخْ. اهـ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَنَ الزَّوَالَ كَبَعْدَهُ وَتَكْفِيهِ
- صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا أَصُومُ قَالَتْ وَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ أَعْنَدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ إذًا أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَقَالَ: إسْنَادُهَا صَحِيحٌ «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ) لِلصَّوْمِ كَأَكْلٍ وَجِمَاعٍ وَكُفْرٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ.
(وَكَمَالُهَا) أَيْ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ (أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانِ هَذِهِ السَّنَةِ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ إلَى هَذِهِ وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَفْظُ الْغَدِ
ــ
[حاشية الجمل]
هَذِهِ النِّيَّةُ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ لَا يَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: قَبْلَ زَوَالٍ) أَيْ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ أَجْزَاءِ النَّهَارِ كَاللَّيْلِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ هَذَا الِاشْتِرَاطُ عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُهُ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وَشَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ مَعَ الْمَتْنِ: وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ فِي النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ ثَوَابًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَإِلَّا يَبْطُلُ مَقْصُودُ الصَّوْمِ، وَقِيلَ عَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ انْتَهَتْ وَمُرَادُهُ بِالثَّانِي قَوْلُهُ: أَمْ قُلْنَا: إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: ذَاتَ يَوْمٍ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ سَاعَةَ ذَاتِ يَوْمٍ أَيْ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ دَخَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ يَدُلُّ لِذَلِكَ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ حَيْثُ ذُكِرَ فِيهَا الْغَدَاءَ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلِذَلِكَ أَتَى بِهَا الشَّارِحُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قَالَ إذًا أُفْطِرُ) لَمْ يُؤَكِّدْ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِالْفِطْرِ وَاكْتَفَى بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ) أَيْ أَكَّدْته عَلَى نَفْسِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضَ الشَّرْعِيَّ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ ع ش أَيْ قَدَّرْته. اهـ. أَيْ نَوَيْته (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ. . . إلَخْ) أَتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْمُدَّعَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى أَعَمُّ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ. اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ شَيْخُنَا ع ش ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا لَكِنْ فِي الْأَيْمَانِ التَّقْيِيدُ بِمَا يُسَمَّى غَدَاءً فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقَمٍ يَسِيرَةٍ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ بِمَا يُسَمَّى فَطُورًا كَشُرْبِ الْقَهْوَةِ وَأَكْلِ الشَّرِيكِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ وَيُقَالُ: الْعَشَاءُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَا يُؤْكَلُ عِنْدَ الْعِشَاءِ بِكَسْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ) فَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ فَسَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَى جَوْفِهِ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ صَحَّ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِغْ أَيْ فَإِنْ بَالَغَ وَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بَعْدُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ بِهِ فِي الصَّوْمِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَكَمَالُهَا أَنْ يَنْوِيَ. إلَخْ) كَوْنُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مُكَمِّلَاتٍ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهَا وَإِلَّا فَفِيهَا وَاحِدٌ وَاجِبٌ وَهُوَ رَمَضَانُ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ بِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِيهَا اثْنَانِ وَاجِبَانِ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ الْغَدَ قَالَ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْغَدِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَمَالُهَا أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ) أَيْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي اللَّيْلَةَ الَّتِي نَوَى فِيهَا أَيْ يَكُونُ الْغَدُ مَحْمُولًا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهُ لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُلَاحَظَةُ ذَلِكَ فِي النِّيَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ. . . إلَخْ) وَاحْتِيجَ لِذِكْرِ السَّنَةِ مَعَ الْأَدَاءِ وَإِنْ اتَّحَدَ مُحْتَرَزُهُمَا إذْ فَرْضُ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ ذِكْرُ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَصُومُهُ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ وَلِلسَّنَةِ يُفِيدُ الثَّانِيَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ: صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى؟ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَمَضَانُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ التَّعَرُّضِ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّ فَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ، وَالْقَضَاءَ جِنْسُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ فَرْضُ رَمَضَانَ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ) أَيْ لِمَا بَعْدَهُ فَنُونُهُ مَكْسُورَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ عَنْهَا يُصَيِّرُ هَذِهِ السَّنَةَ مُحْتَمَلًا لِكَوْنِهِ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ: أَنْ يَنْوِيَ وَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ زَمَنُهَا يَسِيرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ جَرَرْت رَمَضَانَ بِالْكَسْرِ جَرَرْت السَّنَةَ وَإِنْ جَرَرْته بِالْفَتْحِ نَصَبْت السَّنَةَ وَحِينَئِذٍ فَنَصْبُهَا عَلَى الْقَطْعِ، وَعَلَيْهِ فَفِي إضَافَةِ رَمَضَانَ إلَى مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَا يُضَافُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْغَدِ اُشْتُهِرَ. . . إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى الْمَتْنِ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ
اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَدِ وَلَا الْأَدَاءِ وَلَا الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا الْفَرْضِيَّةِ وَلَا السَّنَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَفِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا تَجِبُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَفَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ، وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ) سَوَاءٌ قَالَ إنْ كَانَ مِنْهُ أَمْ لَا (فَكَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (صَحَّ) وَوَقَعَ عَنْهُ (فِي آخِرِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ عَدْلٍ لِلِاسْتِنَادِ إلَى ظَنٍّ مُعْتَمَدٍ (لَا) فِي (أَوَّلِهِ) لِانْتِفَاءِ الْأَصْلِ مَعَ عَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُرَاهِقٍ وَفَاسِقٍ فَيَصِحُّ وَيَقَعُ عَنْهُ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ وَلَا أَمَارَةَ فَبَانَ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّ صَوْمُهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا.
(وَلَوْ اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَيْهِ (صَامَ بِتَحَرٍّ
ــ
[حاشية الجمل]
ذِكْرَ لَفْظِ الْغَدِ فِي كَمَالِ النِّيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّهُ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ذِكْرَهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ وَاجِبٌ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ أَيْ فِي تَصْوِيرِهِ فَقَالُوا: صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ وَهَذَا التَّصْوِيرُ فِي الْحَقِيقَةِ تَصْوِيرٌ لِلتَّبْيِيتِ فَلِلتَّبْيِيتِ صُورَتَانِ أَنْ يَقُولَ نَوَيْت صَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ فَانْتَقَلَ نَظَرُهُمْ لِإِحْدَى صُورَتَيْ التَّبْيِيتِ فَجَعَلُوهَا صُورَةً لِلتَّعْيِينِ وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عَمَّا أُورِدَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْغَدِ مَنْدُوبٌ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي الْكَمَالِ وَاقْتَصَرَ فِي الْوَاجِبِ عَلَى التَّبْيِيتِ، وَالتَّعْيِينِ مَعَ أَنَّ الْقَوْمَ ذَكَرُوهُ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِخُصُوصِهِ بَلْ يَكْفِي دُخُولُهُ فِي صَوْمِ الشَّهْرِ الْمَنْوِيِّ لِحُصُولِ. التَّعْيِينِ كَمَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَالْغَدُ مِثَالٌ لِلتَّبْيِيتِ وَرَمَضَانُ مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي بَيَانِ وَاجِبِ النِّيَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَالتَّبْيِيتِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَاحْتِيجَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الْمُعَادَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَتَأَتَّى اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ وَرُدَّ بِاشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صُحِّحَ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي الْمُعَادَةِ فَإِنْ قُلْت الْجُمُعَةُ لَا تَقَعُ مِنْ الْبَالِغِ إلَّا فَرْضًا مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قُلْت مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا بِمَكَانٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فِي آخَرَ يُصَلُّونَهَا فَإِنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْهُ فَرْضًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ بَعْدُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَالَ إنْ كَانَ مِنْهُ أَمْ لَا) بَلْ وَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: صَحَّ فِي آخِرِهِ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ صَحَّ مَعَ تَرَدُّدِهِ فِي قَبُولِ الْمَنْوِيِّ لِلصَّوْمِ وَبَيْنَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا؟ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمَّا كَانَتْ النِّيَّةُ فِي مَحَلِّهَا يَقِينًا مَعَ الِاسْتِصْحَابِ كَانَتْ أَقْوَى بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا يَقِينًا، وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِصْحَابُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى. . . إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَحَلُّهَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ ثُبُوتُهَا بِعَدْلٍ شَهَادَةً كَمَا فَعَلَ حَجّ فَلَا مَحَلَّ لَهَا هُنَا. اهـ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ صَنِيعِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ اعْتِذَارٌ عَنْ التَّرَدُّدِ الْحَاصِلِ لِلنَّاوِي خُصُوصًا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ قَالَ إنْ كَانَ مِنْهُ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي أَيْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ أَوَّلِهِ فَحُكْمُ الْقَاضِي فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مُسْتَصْحَبٌ إلَى تَمَامِ الثَّلَاثِينَ فَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ النَّاوِي فِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ رَمَضَانَ، وَقَوْلُهُ: لِلِاسْتِنَادِ إلَى ظَنٍّ مُعْتَمَدٍ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ بَقَاءِ الشَّهْرِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي أَوَّلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) أَيْ صَوْمُهُ وَلَا يَجِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوُجُوبَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ ذَكَرَ فَصِحَّةُ النِّيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَزْمِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ نَوَى. . إلَخْ) كَأَنَّهُ تَقْيِيدٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا إنْ ظَنَّ. إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِلَّا إنْ عَلَّقَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَيَصِحُّ نَفْلًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَبَهَ رَمَضَانُ عَلَيْهِ) كَأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا بِمَوْضِعٍ مُظْلِمٍ مَثَلًا أَوْ أَسِيرًا، وَقَوْلُهُ: صَامَ بِتَحَرٍّ أَيْ بِعَلَامَةٍ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَمَضَانَ تِلْكَ السَّنَةَ يَكُونُ فِي الْبَرْدِ مَثَلًا وَتَدْخُلُ أَيَّامُ الْبَرْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ رَمَضَانَ اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: صَامَ بِتَحَرٍّ) فَلَوْ صَامَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَقْضِي كَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ أَوْ ظَنِّهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَعَجَزَ عَنْ شَرْطِهَا فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ وَاسْتَمَرَّتْ الظُّلْمَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّحَرِّي وَالصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَيُفْطِرُ
فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ فَأَدَاءٌ) .
وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ بَعْدَهُ فَقَضَاءٌ فَيُتِمُّ عَدَدَهُ) إنْ نَقَصَ عَنْهُ مَا صَامَهُ (أَوْ قَبْلَهُ وَأَدْرَكَهُ صَامَهُ وَإِلَّا قَضَاهُ) وُجُوبًا فِيهِمَا.
(تَنْبِيهٌ)
لَوْ وَقَعَ فِي رَمَضَانَ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ وَقَعَ عَنْهَا لَا عَنْ الْقَضَاءِ.
(وَ) ثَانِيهَا (تَرْكُ جِمَاعِ وَاسْتِقَاءَةِ غَيْرِ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ ذَاكِرًا) لِلصَّوْمِ.
ــ
[حاشية الجمل]
النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ فَأَدَاءٌ. . . إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ أَجْزَأَهُ مَا صَامَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ فَقَضَاءٌ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَالثَّانِي يَكُونُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ يَجْعَلُ غَيْرَ الْوَقْتِ وَقْتًا كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيُتِمُّ عَدَدَهُ. . . إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ رَمَضَانُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ كَامِلًا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: فَلَوْ نَقَصَ الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ شَوَّالًا وَلَا ذَا الْحِجَّةِ وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ كَامِلًا فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ مَا صَامَهُ كَامِلًا وَرَمَضَانُ نَاقِصًا وَقُلْنَا إنَّهُ قَضَاءٌ فَلَهُ إفْطَارُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إذَا عَرَفَ الْحَالَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي صَامَهُ وَرَمَضَانُ تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَجْزَأَهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَالصَّحِيحُ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا وَإِنْ وَافَقَ ذَا الْحِجَّةِ فَالصَّحِيحُ مِنْهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ وَأَدْرَكَهُ صَامَهُ) أَيْ وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا نَفْلًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ م ر عَنْ الْبَارِزِيِّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَقَعَ عَنْهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لمر فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَضَاهُ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ لِإِتْيَانِهِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَالْقَدِيمِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِلْعُذْرِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَقَوْلُهُ: لَا عَنْ الْقَضَاءِ أَيْ لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ صَوْمَ رَمَضَانَ وَفَاتَ وَقْتُهُ وَأَرَادَ قَضَاءَهُ فَاتَّفَقَ وُقُوعُ قَضَائِهِ فِي رَمَضَانَ آخَرَ أَجْزَأَهُ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَدَاءِ لَا عَنْ الْقَضَاءِ وَمَحَلُّ إجْزَائِهِ عَنْ الْأَدَاءِ مَا لَمْ يَنْوِ بِالصَّوْمِ الْقَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِ الْقَضَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الْقَضَاءَ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: لَا عَنْ الْقَضَاءِ لَعَلَّ صُورَتُهُ أَنَّهُ نَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ أَمَّا لَوْ نَوَاهُ عَنْ قَضَاءِ السَّنَةِ السَّابِقَةِ فَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ لَا عَنْ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَلَوْ قَضَاءً، وَلَا عَنْ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ.
وَفِي الْعُبَابِ وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرٍ نَذَرَهُ فَوَافَقَ رَمَضَانَ أَوْ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَوَافَقَ رَمَضَانَ الْمُقْبِلَ لَمْ يَصِحَّ أَيْ لَا عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا عَنْ الْحَاضِرِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ ظَنَّ فَوْتَ رَمَضَانَ فَصَامَ قَضَاءً فَوَافَقَ رَمَضَانَ آخَرَ أَجْزَأَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ الَّذِي وَافَقَهُ لِظَنِّهِ فَوَاتَهُ لَا قَضَاءَ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. سم انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ جِمَاعٍ. إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْجِمَاعُ، وَالِاسْتِقَاءُ يَجُوزُ فِيهِمَا الْإِضَافَةُ إلَى غَيْرِ إضَافَةً لِلْفَاعِلِ وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّنْوِينُ وَرَفْعُ غَيْرٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعُ تُرُوكٍ هَذَانِ، وَتَرْكُ وُصُولِ عَيْنٍ وَتَرْكُ اسْتِمْنَائِهِ وَيَجْمَعُ الْأَرْبَعَةَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ. اهـ شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ بِالْجِمَاعِ إدْخَالُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْزَلَ أَمْ لَا اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ. . . إلَخْ فَيُفْطِرُ الْآدَمِيُّ الْوَاطِئُ وَإِنْ كَانَ الْمَوْطُوءُ لَيْسَ آدَمِيًّا وَعَكْسُهُ وَتُفْطِرُ الْمَرْأَةُ بِإِدْخَالِهَا ذَكَرًا مُبَانًا وَعَكْسُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْفَرْجِ الْمُبَانِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ الْأَغْبِيَاءُ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ اهـ. ق ل عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَكُونَ إضَافَةُ الْجِمَاعِ إلَى " غَيْرِ " صَادِقَةً بِالْإِضَافَةِ لِلْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْجِمَاعَ يُفْطِرُ بِهِ الْفَاعِلُ، وَالْمَفْعُولُ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِقَاءَةُ غَيْرِ جَاهِلٍ. . . إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الِاسْتِقَاءَةِ مَا لَوْ أَخْرَجَ ذُبَابَةً دَخَلَتْ إلَى جَوْفِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَضَرَّرَ بِبَقَائِهَا أَخْرَجَهَا، وَأَفْطَرَ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِمَرَضٍ أَوْ جُوعٍ مُضِرٍّ اهـ م ر اهـ. سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ وَصَلَتْ فِي دُخُولِهَا إلَى الْجَوْفِ أَمْ لَا فَأَخْرَجَهَا عَامِدًا عَالِمًا لَمْ يَضُرَّ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِي هَذِهِ إذَا خَشِيَ نُزُولَهَا لِلْبَاطِنِ كَالنُّخَامَةِ الْآتِيَةِ
(فَرْعٌ)
لَوْ شَرِبَ خَمْرًا بِاللَّيْلِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَرْضًا فَقَدْ تَعَارَضَ وَاجِبَانِ الْإِمْسَاكُ، وَالتَّقَايُؤُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَنْ م ر أَنَّهُ يُرَاعَى حُرْمَةُ الصَّوْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ التَّقَايُؤِ عَلَى غَيْرِ الصَّائِمِ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّقَايُؤِ وَإِنْ جَازَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْعِبَادَةِ اهـ م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(فَرْعٌ)
أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَيْلًا كَثِيرًا وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا أَصْبَحَ حَصَلَ لَهُ جَشًّا يَخْرُجُ بِسَبَبِهِ مَا فِي جَوْفِهِ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ مَا ذُكِرَ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا خَالَفَ وَخَرَجَ مِنْهُ يُفْطِرُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ
(مُخْتَارًا) فَصَوْمُ مَنْ جَامَعَ أَوْ تَقَايَأَ ذَاكِرًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ أَوْ جَاهِلًا غَيْرَ مَعْذُورٍ بَاطِلٌ لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحُوهُ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَيْ غَلَبَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» فِي الثَّانِي فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ نَاسِيًا وَلَا مُكْرَهًا وَلَا جَاهِلًا مَعْذُورًا بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا بِغَلَبَةِ الْقَيْءِ وَالِاسْتِقَاءَةُ مُفْطِرَةٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ فَهِيَ مُفْطِرَةٌ لِعَيْنِهَا لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ مِنْ الْقَيْءِ، وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ فِي الْجِمَاعِ، وَالِاسْتِقَاءَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالذَّاكِرِ وَالْمُخْتَارِ فِي الِاسْتِقَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(لَا) تَرْكُ (قَلْعِ نُخَامَةٍ وَمَجِّهَا) فَلَا يَجِبُ فَلَا يُفْطِرُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِمَا مِمَّا تَتَكَرَّرُ (وَلَوْ نَزَلَتْ) مِنْ دِمَاغِهِ وَحَصَلَتْ.
ــ
[حاشية الجمل]
لَا يُمْنَعُ مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ لَيْلًا وَإِذَا أَصْبَحَ وَحَصَلَ لَهُ الْجُشَاءُ الْمَذْكُورُ يَلْفِظُهُ وَيَغْسِلُ فَاهُ وَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا كَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَاسْتِقَاءَةُ غَيْرِ جَاهِلٍ. . . إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ قَاءَ الرَّجُلُ مَا أَكَلَهُ قَيْئًا مِنْ بَابِ بَاعَ ثُمَّ أُطْلِقَ الْمَصْدَرُ عَلَى الطَّعَامِ الْمَقْذُوفِ وَاسْتَقَاءَ اسْتِقَاءَةً وَتَقَيَّأَ تَكَلَّفَهُ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ قَيَّأَهُ غَيْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُخْتَارًا) اُنْظُرْ لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مُبَانًا أَوْ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ مُبَانٍ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ هَلْ يُفْطِرُ بِذَلِكَ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ أَوْ يُفْطِرُ فَقَطْ وَقِيَاسُ مَا قِيلَ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ لَا كَفَّارَةَ بَلْ وَلَا فِطْرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ هَذَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ وَتَصْرِيحِهِمْ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ أَنَّهُ تَفْسُدُ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ هُنَا وَفِي الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِهَا حَدٌّ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَلَا مَهْرَ كَمَا لَا يَجِبُ بِقَطْعِ يَدِهَا شَيْءٌ أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفِطْرِ وَفِي الْكَفَّارَةِ نَظَرًا لِسُقُوطِهَا بِالشُّبْهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَصَوْمُ مَنْ جَامَعَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ. اهـ. شَرْحُ م ر وَيُشْتَرَطُ فِي الْفِطْرِ بِالْجِمَاعِ كَوْنُ الْمُجَامِعِ وَاضِحًا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ خُنْثَى إلَّا إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِأَنْ تُيُقِّنَ كَوْنُهُ وَاطِئًا أَوْ مَوْطُوءًا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ جَامَعَ مَا لَوْ أَنْزَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فَإِنْ أَنْزَلَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَالْإِنْزَالِ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ. زِيَادِيٌّ وَتُفْطِرُ هِيَ بِدُخُولِ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا غَيْرَ مَعْذُورٍ) وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ نِيَّتِهِ لِلصَّوْمِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَهْلَ بِحُرْمَةِ الْأَكْلِ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِحَقِيقَةِ الصَّوْمِ وَمَا تُجْهَلُ حَقِيقَتُهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ جَهِلَ حُرْمَةَ شَيْءٍ خَاصٍّ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ النَّادِرَةِ وَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُفْطِرًا لَا يُعْذَرُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ إذَا عَلِمَ الْحُرْمَةَ أَنْ يَمْتَنِعَ وَإِيهَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عُذْرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ. زِيَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْفِطْرِ بِاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ) فِي الْمُخْتَارِ وَذَرَعَ الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ ومِنْهُ أَيْضًا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَيْ سَبَقَهُ وَغَلَبَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مُكْرَهًا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ كَأَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ عَلَى الْمُفْطِرِ مِنْ صَوْمِ نَفْلٍ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ كَذَلِكَ أَوْ نَحْوَ كَفَّارَةٍ بِشَرْطِهَا، وَالظَّاهِرُ فِي ذَلِكَ الْفِطْرُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى التَّحَلُّلِ فَتَحَلَّلَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ تَحَلُّلُهُ وَانْظُرْ أَيْضًا لَوْ اضْطَرَّ إلَى الْفِطْرِ لِدَفْعِ نَحْوِ مَرَضٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ لِدَفْعِهِ فَأُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْطِرَ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ كَاتِبُهُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ تَعَرَّضَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ الصَّوْمُ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا مُكْرَهًا) لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْطِرَ بِهِ تَنْفِيرًا عَنْهُ قَالَ سم وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا لَا يُبِيحُهُ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ اهـ ع ش عَلَى م ر فَتَلَخَّصَ أَنَّ كَوْنَ الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ لَا يُفْطِرُ مُقَيَّدًا بِقَيْدَيْنِ كَوْنِ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ الزِّنَا وَإِلَّا فَيُفْطِرُ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) هَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ الصُّوَرِ الْمُغْتَفَرَةِ لِلْجَاهِلِ، وَقَوْلُهُ: عَنْ الْعُلَمَاءِ أَيْ الْعَالِمِينَ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ يُحْسِنُوا غَيْرَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ. . . إلَخْ) كَأَنْ تَقَايَأَ مَنْكُوسًا، وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ بِالِاسْتِقَاءِ كَأَنْ تَقَايَأَ مَنْكُوسًا بَطَلَ صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُفْطِرَةٌ بِعَيْنِهَا لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا خَرَجَ وَإِنْ قَلَّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا تَرْكُ قَلْعِ نُخَامَةٍ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَرْكِ الِاسْتِقَاءَةِ اهـ. ح ل وَالنُّخَامَةُ بِالْمِيمِ وَيُقَالُ لَهَا: النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الْفَضْلَةُ الْغَلِيظَةُ تَنْزِلُ مِنْ الدِّمَاغِ أَوْ تَصْعَدُ مِنْ الْبَاطِنِ يَلْفِظُهَا الشَّخْصُ مِنْ فِيهِ وَلَوْ نَجِسَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَالْقَلْعُ إخْرَاجُهَا مِنْ مَحِلِّهَا الْأَصْلِيِّ، وَالْمَجُّ إخْرَاجُهَا مِنْ الْفَمِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ أَيْ تَرْكُهُمَا سَوَاءٌ نَزَلَتْ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصَّدْرِ وَأَمَّا حُكْمُهُمَا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يُفْطِرُ بِهِمَا وَيُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ حُكْمِ الْمَجِّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ نَزَلَتْ. . . إلَخْ إذْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ يَجِبُ الْمَجُّ وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يَجِبُ وَقَوْلُهُ: مِنْ دِمَاغِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا عَلِمْت أَيْ أَوْ صَعِدَتْ مِنْ صَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: حَصَلَتْ أَيْ اسْتَقَرَّتْ وَوَقَفَتْ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَلَوْ لَمْ تَقِفْ بَلْ اسْتَمَرَّتْ سَائِلَةً إلَى الْجَوْفِ لَمْ يَضُرَّ وَقَوْلُهُ: فِي
(فِي حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ فَجَرَتْ) إلَى الْجَوْفِ (بِنَفْسِهَا وَقَدَرَ عَلَى مَجِّهَا أَفْطَرَ) لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْهُ.
(وَ) تَرْكُ (وُصُولِ عَيْنٍ) .
ــ
[حاشية الجمل]
حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ أَيْ فِي حَدِّهِ الْأَخِيرِ وَأَوَّلُ الظَّاهِرِ مِنْ الشَّفَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَخْرَجُ الْخَاءِ أَوْ الْحَاءِ فَالْمُرَادُ الْحَدُّ الْأَخِيرُ فَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةً كَانَ حُصُولُهَا فِي الْخَارِجِ عَنْ هَذَا الْحَدِّ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ بَيَانِيَّةً كَمَا عَلَيْهِ حَجّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَلَوْ أَجْرَاهَا هُوَ أَفْطَرَ بِالْأَوْلَى. اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ تَقِفْ. . . إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى مَجِّهَا وَتَرَكَهُ وَعِلَّةُ الْفِطْرِ التَّقْصِيرُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِقْرَارِهَا، وَعَدَمِهِ فَيُفْطِرُ مُطْلَقًا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَدَرَ عَلَى مَجِّهَا هُوَ عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَ نُخَامَةً وَلَفَظَهَا أَيْ رَمَاهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مِنْ دِمَاغِهِ أَمْ مِنْ بَاطِنِهِ لِتَكَرُّرِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَرَخَّصَ فِيهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ اقْتَلَعَ عَمَّا لَوْ لَفَظَهَا مَعَ نُزُولِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَلَبَةِ سُعَالٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ جَزْمًا وَبِلَفْظِهَا عَمَّا لَوْ بَقِيَتْ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يُفْطِرُ جَزْمًا وَعَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا لِلظَّاهِرِ فَيُفْطِرُ جَزْمًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فِي حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ تَطْهِيرُ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهَا أَوْ يُعْفَى عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ اهـ. م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَحَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ وَلَا صَوْمُهُ إذَا ابْتَلَعَ رِيقَهُ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْعَفْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ حُصُولُهَا نَادِرٌ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْقَيْءِ وَهُوَ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ كَدَمِ اللِّثَةِ إذَا اُبْتُلِيَ بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا فِي حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ) بِأَنْ انْصَبَّتْ مِنْ دِمَاغِهِ فِي الثُّقْبَةِ النَّافِذَةِ مِنْهُ إلَى أَقْصَى الْحَلْقِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ فَلَوْ لَمْ تَصِلْ إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ كَانَتْ فِي حَدِّ الْبَاطِنِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْهَاءِ، وَالْهَمْزَةِ أَوْ وَصَلَتْ حَدَّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَطْعِهَا وَمَجِّهَا لَمْ يَضُرَّ ثُمَّ دَاخِلُ الْفَمِ إلَى مَا وَرَاءَ مَخْرَجِ الْحَاءِ، وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْخَيْشُومِ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فِي الْإِفْطَارِ بِاسْتِخْرَاجِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعِ النُّخَامَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ بِدُخُولِ شَيْءٍ فِيهِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ وَإِذَا تَنَجَّسَ وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ مَعَهُ وَفِي سُقُوطِ غَسْلِهِ مِنْ نَحْوِ الْجُنُبِ وَفَارَقَ وُجُوبَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ بِأَنَّ تَنَجُّسَ الْبَدَنِ أَنْدَرُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَضُيِّقَ فِيهِ نَدْبًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا فِي حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْحَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: مَخْرَجُ الْخَاءِ، وَالْبَاطِنُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مَخْرَجُ الْهَمْزَةِ، وَالْهَاءِ اهـ. ز ي.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فِي حَدِّ ظَاهِرِ فَمٍ وَهُوَ أَدْنَى الْحَلْقِ وَوَسَطُهُ دُونَ أَقْصَاهُ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْهَمْزَةِ أَوْ الْهَاءِ أَوْ الْغَيْنِ، وَالْخَاءِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَهُوَ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا الْمُهْمَلَةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الظَّاهِرِ مَخْرَجُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْخَاءِ، وَالْحَاءِ دُونَ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ لِأَقْصَى الْحَلْقِ الْهَمْزَةَ، وَالْهَاءَ وَلِوَسَطِهِ الْعَيْنَ، وَالْحَاءَ وَلِأَدْنَاهُ الْغَيْنَ وَالْخَاءَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهُوَ وَسَطُ الْحَلْقِ وَأَدْنَاهُ لَا أَقْصَاهُ وَلَا مَخْرَجُ الْغَيْنِ مِنْ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ مَخْرَجُ الْحَاءِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَالْحَاءُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَدْنَاهُ انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ)
وَصَلْت النُّخَامَةُ إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ وَالصَّائِمُ مُتَلَبِّسٌ بِالصَّلَاةِ وَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يَبْتَلِعَهَا فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ وَصَلَاتُهُ وَبَيْنَ قَلْعِهَا وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِظُهُورِ حَرْفَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَقْلَعُهَا وَإِنْ ظَهَرَ مَا ذُكِرَ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِجَمْعٍ مِنْ شُيُوخِنَا ثُمَّ رَأَيْت عَمِيرَةَ اعْتَمَدَ ذَلِكَ أَيْضًا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكْثُرَ الْحُرُوفُ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهَا لِلْعُذْرِ وَأَظُنُّ م ر قَيَّدَ بِذَلِكَ اهـ. سم وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
وَوُصُولُ عَيْنٍ أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ كَسِمْسِمَةٍ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ تُؤْكَلْ كَحَصَاةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْ الْعَيْنِ الدُّخَانُ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَشْرَبُ الْآنَ مِنْ الدَّوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ أَفْطَرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ كَدُخَانِ الطَّبِيخِ لَمْ يُفْطِرْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ شَيْخُنَا.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: إنَّ مَحَلَّ الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ ثِمَارِهَا لَمْ يُفْطِرْ بِهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِتْحَافِ قَالَ مَا نَصُّهُ: " وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» قِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَرَامَةً فِي لَيَالِي صِيَامِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَيْسَ حَمْلُ الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ عَلَى الْمَجَازِ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِ لَفْظِ أَظَلُّ عَلَى الْمَجَازِ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَلَا يَضُرُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْتَى بِهِ
لَا رِيحٍ وَطَعْمٍ مِنْ ظَاهِرٍ (فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ جَوْفَ مَنْ مَرَّ) أَيْ غَيْرَ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ ذَاكِرًا مُخْتَارًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ أَوْ الدَّوَاءَ كَحَلْقٍ وَدِمَاغٍ وَبَاطِنِ أُذُنٍ وَبَطْنٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ بِمُثَلَّثَةٍ وَهِيَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ.
ــ
[حاشية الجمل]
صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَشَرَابِهَا لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ فِيهِ كَمَا فِي غَسْلِ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَعَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَوَانِي الذَّهَبِ الدُّنْيَوِيِّ حَرَامٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ أَيْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِي يُفَطِّرُ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ الطَّعَامُ الْمُعْتَادُ وَأَمَّا الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ كَالْمُحْضَرِ مِنْ الْجَنَّةِ فَعَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ تَعَاطِيهِ مِنْ جِنْسِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الثَّوَابِ كَأَكْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْكَرَامَةُ لَا تُبْطِلُ الْعَادَةَ اهـ. بِحُرُوفِهِ ع ش عَلَى م ر
(فَرْعٌ)
يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَدْخَلَ طَرَفَ أُصْبُعِهِ دُبُرَهُ أَفْطَرَ وَمِثْلُهُ فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَوَصَلَ السِّكِّينُ جَوْفَهُ أَوْ أَدْخَلَ فِي أُذُنِهِ أَوْ فِي إحْلِيلِهِ عُودًا أَوْ نَحْوَهُ فَوَصَلَ إلَى الْبَاطِنِ أَفْطَرَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: دُبُرَهُ أَيْ بِأَنْ جَاوَزَ بِهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الدُّبُرِ، وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ أَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ مَنْ طَعَنَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا رِيحٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ نَجَسٍ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَصَلَ بِالشَّمِّ إلَى دِمَاغِهِ وَلَوْ رِيحَ الْبَخُورِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ وُصُولَ الدُّخَانِ الَّذِي فِيهِ رَائِحَةُ الْبَخُورِ أَوْ غَيْرُهُ إلَى جَوْفِهِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الرَّائِحَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا أَيْ عُرْفًا إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُلْحَقَةً بِالْعَيْنِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ أَلَا تَرَى أَنَّ ظُهُورَ الرِّيحِ، وَالطَّعْمِ مُلْحَقٌ بِالْعَيْنِ فِيهِ لَا هُنَا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ هُنَا أَيْ بِوَاسِطَةِ الدُّخَانِ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ظَاهِرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولٍ وَيَخْرُجُ بِهِ وُصُولُهَا مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رِيقٌ طَاهِرٌ فَعُدَّ مِنْ الْبَاطِنِ وَإِنْ جُعِلَ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَمَّا ذَكَرَ الْمَتْنُ الْخَارِجَ احْتَاجَ الشَّارِحُ لِذِكْرِ الْقَيْدِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا أَوْ يُقَالُ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ عَيْنٌ مِنْ بَاطِنِهِ كَمَا فِي النُّخَامَةِ فَإِنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِهِ احْتِرَازًا عَنْ الرِّيقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّيقَ مِنْ الْحَنَكِ وَقَدْ جَعَلُوهُ مِنْ قِسْمِ الظَّاهِرِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الرِّيقَ مُسْتَثْنًى تَأَمَّلْ.
وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ ظَاهِرُ الْبَدَنِ فَيَشْمَلُ الثُّقْبَ فِي دِمَاغِهِ أَوْ فِي صَدْرِهِ مَثَلًا وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الرِّيقِ مِنْ مَعِدَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ يَصِلُ مِنْ الْبَاطِنِ فَإِنَّ الْفَمَ يُقَالُ لَهُ بَاطِنٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لَهُ ظَاهِرٌ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ لِغِلَظِ أَمْرِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إذَا تَنَجَّسَ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي مَنْفَذٍ) أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ. اهـ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ وَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ مَنْفَذٍ لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ طُعِنَ بِرُمْحٍ فِي بَطْنِهِ حَيْثُ يُفْطِرُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر فَإِنَّ الرُّمْحَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَصِلْ مِنْ مَنْفَذٍ تَأَمَّلْ.
وَالْمَنْفَذُ بِفَتْحِ الْفَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: جَوْفَ مَنْ مَرَّ) خَرَجَ بِالْجَوْفِ مَا لَوْ دَاوَى جُرْحَهُ عَلَى لَحْمِ السَّاقِ أَوْ الْفَخِذِ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى دَاخِلِ الْمُخِّ، أَوْ اللَّحْمِ أَوْ غَرَزَ فِيهِ حَدِيدَةً فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِانْتِفَاءِ الْجَوْفِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ) رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَوْ الدَّوَاءِ بِالْمَدِّ إذْ مَا لَا يُحِيلُهُ لَا تَتَغَذَّى النَّفْسُ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَدَنُ فَأَشْبَهَ الْوَاصِلَ إلَى غَيْرِ الْجَوْفِ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ بَاطِنُ الدِّمَاغِ، وَالْبَطْنُ، وَالْأَمْعَاءُ أَيْ الْمَصَارِينُ، وَالْمَثَانَةُ مُفْطِرٌ وَقَوْلُهُ: بِالْإِسْعَاطِ رَجَعَ لِلدِّمَاغِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأَكْلِ رَاجِعٌ لِلْبَطْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُقْنَةِ أَيْ الِاحْتِقَانِ رَاجِعٌ لِلْأَمْعَاءِ، وَالْمَثَانَةِ، وَالتَّقْطِيرُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ وَبَاطِنُ الْإِحْلِيلِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ، وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَثَانَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْحَلَمَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ مُفْطِرٌ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُسَمَّى الْجَوْفِ، وَالثَّانِي لَا يُفْطِرُ اعْتِبَارًا بِالْإِحَالَةِ، وَالْحَلْقُ مُلْحَقٌ بِالْجَوْفِ عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَتْ فَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ أَمْثِلَةَ الشَّارِحِ السِّتَّةَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا لِلْمُحِيلِ وَثَلَاثَةٌ لِغَيْرِهِ فَالدِّمَاغُ، وَالْبَطْنُ، وَالْمَثَانَةُ مُحِيلَةٌ وَالْحَلْقُ وَبَاطِنُ الْأُذُنِ، وَالْإِحْلِيلُ غَيْرُ مُحِيلَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبَاطِنِ أُذُنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ؛ لِأَنَّهُ نَافِذٌ إلَى دَاخِلِ قِحْفِ الرَّأْسِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْقِحْفُ بِالْكَسْرِ الْعَظْمُ فَوْقَ الدِّمَاغِ وَمَا انْفَلَقَ مِنْ الْجُمْجُمَةِ فَبَانَ وَلَا يُدْعَى قِحْفًا حَتَّى يَبِينَ وَيَنْكَسِرَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِحْلِيلٍ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ، وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَثَانَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْحَلَمَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ اهـ. شَرْحُ م ر كَشَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْإِحْلِيلُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنْ الضَّرْعِ، وَالثَّدْيِ اهـ.
وَفِي قَوْلِي مَنْ مَرَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ.
(فَلَا يَضُرُّ وُصُولُ دُهْنٍ أَوْ كُحْلٍ بِتَشَرُّبِ مَسَامِّ) جَوْفَهُ كَمَا لَا يَضُرُّ اغْتِسَالُهُ بِالْمَاءِ وَإِنْ وَجَدَ لَهُ أَثَرًا بِبَاطِنِهِ بِجَامِعِ أَنَّ الْوَاصِلَ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مَنْفَذٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَسَامِّ جَمْعُ سَمٍّ بِتَثْلِيثِ السِّينِ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَسَامُّ الْجَسَدِ ثُقْبُهُ (أَوْ) وُصُولُ (رِيقٍ طَاهِرٍ صُرِفَ مِنْ مَعِدَتِهِ) جَوْفَهُ وَلَوْ بَعْدَ جَمْعِهِ أَوْ إخْرَاجِ لِسَانِهِ وَعَلَيْهِ رِيقٌ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِخِلَافِ وُصُولِهِ مُتَنَجِّسًا أَوْ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ لَا عَلَى لِسَانِهِ (أَوْ) وُصُولُ (ذُبَابٍ أَوْ بَعُوضٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِي مَنْ مَرَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ) صَوَابُ التَّعْبِيرِ، وَقَوْلِي مَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي عَلَى عَادَتِهِ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْأَصْلَ ذَكَرَ بَعْضَ مَعْنَى لَفْظَةِ مَنْ مَرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَعْنَاهَا الْعَامِدُ الْعَالِمُ الْمُخْتَارُ، وَالْأَصْلُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْله أَوْ كُحْلٍ) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ لَوْنَهُ فِي نَحْوِ نُخَامَتِهِ وَطَعْمَهُ بِحَلْقِهِ إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْ عَيْنِهِ لِحَلْقِهِ فَهُوَ وَاصِلٌ مِنْ الْمَسَامِّ اهـ. شَرْحُ الْمَحَلِّيِّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ بِتَشَرُّبِ مَسَامِّ مُتَعَلِّقٍ بِكُلٍّ مِنْ وُصُولِ الدُّهْنِ، وَالْكُحْلِ اهـ. وَلَا يُكْرَهُ الِاكْتِحَالُ لِلصَّائِمِ اهـ. شَرْحُ م ر لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لِقُوَّةِ خِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ اهـ. حَجّ أَقُولُ قُوَّةُ الْخِلَافِ لَا تُنَاسِبُ كَوْنَهُ خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ تُؤَيِّدُ الْكَرَاهَةَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ عَدَمَ الْمُرَاعَاةِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ كُحْلٍ) بِضَمِّ الْكَافِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ كَحَلْت الرَّجُلَ كَحْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ جَعَلْت الْكُحْلَ فِي عَيْنِهِ وَالْفَاعِلُ: كَاحِلٌ وَكَحَّالٌ، وَالْمَفْعُولُ: مَكْحُولٌ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ الْمَشْهُورُ، وَالْأَصْلُ كَحَلْت عَيْنَهُ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا يُقَالُ عَيْنٌ كَحِيلٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رِيقٍ طَاهِرٍ. . . إلَخْ) وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْجِزْ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْطِرُ لِتَقْصِيرِهِ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخِلَالُ لَيْلًا إذَا عَلِمَ بَقَايَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ يَجْرِي بِهَا رِيقُهُ نَهَارًا وَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ، وَالْمَجُّ. الْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِوُجُوبِ التَّمْيِيزِ، وَالْمَجِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا فِي حَالِ الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَكَّدَ ذَلِكَ لَهُ لَيْلًا اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَائِدَةٌ)
لَا يَضُرُّ بَلْعُ رِيقِهِ إثْرَ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ مَجُّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَعِدَتِهِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ قَرَارُهُ، وَمِنْهُ يَنْبُعُ وَهُوَ الْحَنَكُ الْأَسْفَلُ تَحْتَ اللِّسَانِ أَنَبَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَمَعَانٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا إرَادَةُ تَلْيِينِ الْمَأْكُولِ الْيَابِسِ لِيَتَأَتَّى ابْتِلَاعُهُ وَمِنْهَا تَلْيِينُ اللِّسَانِ لِيَتَأَتَّى إدَارَتُهُ لِلَفِّ الطَّعَامِ عِنْدَ إرَادَةِ مَضْغِهِ وَازْدِرَادِهِ وَلِيَتَأَتَّى النُّطْقُ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ جَمْعِهِ. . . إلَخْ) الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ وَشَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إخْرَاجِ لِسَانِهِ وَعَلَيْهِ رِيقٌ) أَيْ عَلَى جُرْمِهِ فَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَائِلٌ كَنِصْفِ فِضَّةٍ مَثَلًا أَفْطَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ بَقِيَ مَا لَوْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ فِضَّةٍ وَعَلَى النِّصْفِ مِنْ أَعْلَاهُ رِيقٌ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى فَمِهِ فَهَلْ يُفْطِرُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْ مَعِدَتَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَلَى اللِّسَانِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى ظَاهِرِ النِّصْفِ لَيْسَ عَلَى اللِّسَانِ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ إخْرَاجِ لِسَانِهِ وَعَلَيْهِ رِيقٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَ تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ وَلَوْ عَمَّتْ بَلْوَى شَخْصٍ بِدَمِ لِثَتِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا غَالِبًا سُومِحَ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَيَكْفِي بَصْقُهُ وَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِهِ غَسْلَهُ جَمِيعَ نَهَارِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ يُلْقَى دَائِمًا أَوْ يَتَرَشَّحُ وَرُبَّمَا إذَا غَسَلَهُ زَادَ جَرَيَانُهُ كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ وُصُولِهِ مُتَنَجِّسًا) فَلَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ فَبَصَقَ حَتَّى صَفَّى رِيقَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ؛ لِأَنَّ الرِّيقَ لَمَّا تَنَجَّسَ حَرُمَ ابْتِلَاعُهُ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ الْأَجْنَبِيَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ وَرَدَّهُ إلَى فَمِهِ كَمَا يُعْتَادُ عِنْدَ الْفَتْلِ، وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ وَابْتَلَعَهَا أَوْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مَخْلُوطًا بِغَيْرِهِ الطَّاهِرِ كَمَنْ فَتَلَ خَيْطًا مَصْبُوغًا تَغَيَّرَ رِيقُهُ بِهِ أَيْ وَلَوْ بِلَوْنٍ أَوْ رِيحٍ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ إنْ انْفَصَلَتْ عَيْنٌ مِنْهُ لِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ مَا لَوْ اسْتَاكَ وَقَدْ غَسَلَ السِّوَاكَ وَبَقِيَتْ فِيهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ وَابْتَلَعَهَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخَيْطِ مَا يَنْفَصِلُ بِفَتْلِهِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ لِجَفَافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ لَا عَلَى لِسَانِهِ) أَيْ وَلَوْ إلَى ظَاهِرِ الشَّفَةِ اهـ. شَرْحُ م ر. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَصَلَ ذُبَابٌ) بِخِلَافِ الْإِيصَالِ بِأَنْ بَلَعَهُ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُصُولِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْإِيصَالَ اهـ ح ل وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ وَوُصُولُ عَيْنٍ إذْ هُوَ بِمَعْنَى الْإِيصَالِ وَفِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَا إيصَالَ بَلْ
أَوْ غُبَارِ طَرِيقٍ أَوْ غَرْبَلَةِ دَقِيقٍ جَوْفَهُ) لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ أَوْ لِعَدَمِ تَعَمُّدِهِ وَكَذَا لَوْ وَصَلْت عَيْنٌ جَوْفَهُ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ رَدِّهَا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا مَعْذُورًا كَمَا عُلِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمِنْ مَرَّ وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ الْغُبَارُ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ مَقْعَدَةُ الْمَبْسُورِ فَأَعَادَهَا.
(لَا سَبْقُ مَاءٍ إلَيْهِ بِمَكْرُوهٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وُصُولٌ. اهـ شَيْخُنَا وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ إيصَالَ الْغُبَارِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا جَعْلُ قَوْلِهِ لَا سَبْقَ. إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ وُصُولِ الْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا إيصَالَ فِيهِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا حَتَّى جُعِلَ مُحْتَرَزًا وَبَيْنَ ذَلِكَ حَتَّى جُعِلَ مُسْتَثْنًى فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا سَبْقَ. . . إلَخْ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ: وَشَرْطُ الْوَاصِلِ كَوْنُهُ بِقَصْدٍ فَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ ذُبَابٌ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ ذُبَابٍ) فِي الْمُخْتَارِ والذُّبَّانَةُ بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَنُونٍ قَبْلَ الْهَاءِ وَاحِدَةُ الذُّبَابِ وَلَا تَقُلْ ذُبَانَةٌ بِالْكَسْرِ وَجَمْعُ الذُّبَابِ فِي الْقِلَّةِ أَذِبَّةٌ كَغُرَابِ وَأَغْرِبَةٍ، وَفِي الْكَثْرَةِ: ذِبَّانٌ كَغُرَابٍ وَغِرْبَانٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غُبَارِ طَرِيقِ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. سم خِلَافًا لحج وز ي حَيْثُ قَيَّدَاهُ بِالطَّاهِرِ هَذَا حُكْمُ عَدَمِ الْإِفْطَارِ وَأَمَّا حُكْمُ وُجُوبِ غَسْلِ الْفَمِ مِنْهُ، وَالْعَفْوِ عَنْهُ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ وَجَبَ الْغَسْلُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ عَدَمِ الْإِفْطَارِ وَبَيْنَ الْعَفْوِ اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَرْبَلَةِ دَقِيقٍ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ مُعْتَادِهَا وَلَوْ كَثُرَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي يُغَرْبِلُ وَهِيَ أَصَالَةٌ إدَارَةُ نَحْوِ الْحَبِّ فِي نَحْوِ غِرْبَالٍ لِإِخْرَاجِ طِيبِهِ مِنْ خَبِيثِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى طَرِيقٍ أَيْ وَلَوْ غُبَارَ غَرْبَلَةِ دَقِيقٍ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ) أَيْ فِي الْأَخِيرَيْنِ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ تَعَمُّدِهِ أَيْ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلَوْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ حَتَّى دَخَلَ الذُّبَابُ أَوْ الْبَعُوضُ جَوْفَهُ ضَرَّ تَأَمَّلْ. اهـ شَيْخُنَا وَاَلَّذِي فِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَبِلَهُ الْمَدَابِغِيُّ هُنَاكَ أَنَّ الذُّبَابَ وَالْبَعُوضَ كَالْغُبَارِ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَوْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ لِيَدْخُلَ فَالْكُلُّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهًا) وَكَذَا نَائِمٌ وَمُغْمًى عَلَيْهِ نَعَمْ إذَا تَنَاوَلَ الْمُكْرَهُ لَا لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ بَلْ لِغَرَضِ نَفْسِهِ أَفْطَرَ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَحَدِ إنَاءَيْنِ مُعَيَّنٍ فَأَكَلَ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَا الْأَكْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ إنَاءَيْنِ أُكْرِهَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْ أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَيُفْطِرُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ وَدَخَلَ فِي الْإِكْرَاهِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا وَمَا لَوْ خَافَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا تَلَفَ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَلَا يُفْطِرُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ فَشَرْطُ عَدَمِ الْفِطْرِ بِالْإِكْرَاهِ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ الْمُكْرَهُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِشَهْوَةِ نَفْسِهِ بَلْ لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ لَا غَيْرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى دَخَلَ الْغُبَارُ) أَيْ بِقِسْمَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ اهـ. ز ي اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفْطِرْ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفَتْحُ لِأَجْلِ دُخُولِ الْغُبَارِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَ م ر فِي الْعُبَابِ الْفِطْرَ إذَا فَتَحَ لِأَجْلِ أَنْ يَدْخُلَ الْغُبَارُ وَاعْتَمَدَهُ الطَّبَلَاوِيُّ اهـ. رحمه الله وَقَدْ يُقَالُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى فِي كَلَامِهِ تَعْلِيلِيَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَهَا) أَيْ وَلَوْ بِإِدْخَالِ أُصْبُعِهَا مَعَهَا إلَى الْبَاطِنِ إنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا أَفْطَرَ لِوُصُولِ الْإِصْبَعِ إلَى ذَلِكَ. اهـ. ح ل وَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْقَذَرِ؛ لِأَنَّهُ بِخُرُوجِهِ مَعَهَا صَارَ أَجْنَبِيًّا فَيَضُرُّ عَوْدُهُ مَعَهَا لِلْبَاطِنِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ وَعَلَيْهِ رِيقٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهَا لَمْ يُفَارِقْ مَعْدِنَهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ، وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّهُ غَسْلُهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الثَّانِي اهـ. شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ: لَا سَبْقُ مَاءٍ إلَيْهِ. . إلَخْ) مُسْتَثْنًى مِنْ وُصُولِ الْعَيْنِ اهـ. ح ل، وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَاجِزًا عَنْ رَدِّهَا وَجَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ وُصُولِ الْعَيْنِ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَاكَ مُفْطِرٌ وَهَذَا مُفْطِرٌ فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا سَبْقُ مَاءٍ إلَيْهِ بِمَكْرُوهٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فِيهِ لِغَرَضٍ وَابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ لَوْ كَانَ بِفِيهِ أَوْ أَنْفِهِ مَاءٌ فَحَصَلَ لَهُ نَحْوُ عُطَاسٍ فَنَزَلَ بِهِ الْمَاءُ جَوْفَهُ أَوْ صَعِدَ لِدِمَاغِهِ لَمْ يُفْطِرْ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لِغَرَضٍ صَوَّرَهُ سم عَلَى حَجّ بِمَا لَوْ وَضَعَهُ لِنَحْوِ الْحِفْظِ وَكَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْغَرَضِ مَا لَوْ وَضَعَ الْخُبْزَ فِي الْفَمِ لِمَضْغِهِ لِنَحْوِ الطِّفْلِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ وَمَا لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فَمِهِ لِمُدَاوَاةِ أَسْنَانِهِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لِدَفْعِ غَثَيَانٍ يُخَافُ مِنْهُ الْقَيْءَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ وَلَوْ وَضَعَ فِي فَمِهِ مَاءً مَثَلًا بِلَا غَرَضٍ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ أَوْ سَبَقَهُ ضَرَّ أَوْ وَضَعَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ أَوْ عَطَشٍ فَنَزَلَ جَوْفَهُ أَوْ صَعِدَ إلَى دِمَاغِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ فَتَحَ فَمَه فِي الْمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ أَفْطَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَكْرُوهٍ) بِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَالْمَسْنُونِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى الْجَوْفِ مِنْهُمَا لَمْ يُفْطِرْ وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ لِعُسْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ عَرَفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَصِلُ
كَمُبَالَغَةِ مَضْمَضَةٍ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ) وَمَرَّةٍ رَابِعَةٍ فَيَضُرُّ لِلنَّهْيِ عَنْهُ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يُبَالِغْ أَوْ بَالَغَ لِغَسْلِ نَجَاسَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَاقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ.
(وَ) تَرْكُ (اسْتِمْنَائِهِ) أَيْ مَنْ مَرَّ (وَلَوْ بِنَحْوِ لَمْسٍ) كَقُبْلَةٍ (بِلَا حَائِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْطِرُ بِالْإِيلَاجِ بِلَا إنْزَالٍ فَبِالْإِنْزَالِ بِنَوْعِ شَهْوَةٍ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِحَائِلٍ وَتَقْيِيدِي بِمَنْ مَرَّ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالضَّمِيرِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْحَائِلِ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ ذَلِكَ لَوْ انْغَمَسَ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِ الِانْغِمَاسُ وَأَفْطَرَ بِذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِمَكْرُوهٍ) الْأَوْلَى بِغَيْرِ مَأْمُورٍ بِهِ لِيَشْمَلَ الْمُبَاحَ كَغُسْلِ التَّبَرُّدِ، وَالتَّنْظِيفِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْهُمَا مُفْطِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَمُبَالَغَةِ مَضْمَضَةٍ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ) قَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِأَنْ يَمْلَأَ أَنْفَهُ أَوْ فَمَهُ مَاءً بِحَيْثُ يَسْبِقُ غَالِبًا إلَى الْجَوْفِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَدْ يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ضَرَرُ السَّبْقِ بِالْمُبَالَغَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْلَأَ فَمَه أَوْ أَنْفَهُ كَمَا ذُكِرَ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَمَرَّةٍ رَابِعَةٍ) أَيْ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَزَادَ أُخْرَى فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَائِهَا اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ اسْتِمْنَائِهِ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّائِمَ مَتَى أَخْرَجَ الْمَنِيَّ بِقَصْدِ إخْرَاجِهِ كَمَا هُوَ مَعْنَى الِاسْتِمْنَاءِ إذْ هُوَ طَلَبُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فَيُفْهَمُ الْقَصْدُ بَطَلَ صَوْمُهُ سَوَاءٌ كَانَ جَائِزًا أَوْ لَا كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِهِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْحَائِلِ وَعَدَمِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إخْرَاجَهُ كَأَنْ وَجَدَ مُجَرَّدَ لَذَّةٍ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنْ كَانَ بِحَائِلٍ وَلَوْ رَقِيقًا لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ لِمَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَرَّرَ فِي قِرَاءَةِ التَّحْرِيرِ فَقَالَ حَاصِلُهُ: أَنَّ الْإِنْزَالَ إنْ كَانَ بِالِاسْتِمْنَاءِ أَيْ بِطَلَبِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا بِحَائِلٍ أَوْ لَا أَفْطَرَ مُطْلَقًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِنْزَالُ بِاللَّمْسِ فَتَارَةً يَكُونُ الْمَلْمُوسُ مِمَّا تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ كَالْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ، وَالْعُضْوِ الْمُبَانِ فَلَا يُفْطِرُ بِالْإِنْزَالِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا بِحَائِلٍ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِنْزَالُ بِلَمْسِ مَا يُشْتَهَى طَبْعًا فَتَارَةً يَكُونُ مُحَرَّمًا، وَتَارَةً لَا فَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا وَلَمَسَهُ بِشَهْوَةٍ وَبِلَا حَائِلٍ أَفْطَرَ بِالْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ فَيُفْطِرُ بِالْإِنْزَالِ بِلَمْسِهِ مُطْلَقًا أَيْ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَائِلٍ فَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَرْطُ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ مُحَرَّمًا كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ فَيُفْطِرُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا لِأَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ بِلَا إنْزَالٍ فَبِالْإِنْزَالِ بِمُبَاشَرَةٍ فِيهَا نَوْعُ شَهْوَةٍ أَوْلَى وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَكَذَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ وَمُضَاجَعَةٍ بِلَا حَائِلٍ يُفْطِرُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَإِنْ رَقَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَمِثْلُهُ لَمْسُ مَا لَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ كَأَمْرَدَ وَمَحْرَمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُفْطِرُ بِلَمْسِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَلَمْسِ الْعُضْوِ الْمُبَانِ أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِحَرَارَةِ الدَّمِ حَيْثُ لَمْ يُخَفْ مِنْ قَطْعِهِ مَحْذُورٌ يُتَمِّمُ وَإِلَّا أَفْطَرَ وَفِي الْمَجْمُوعِ: أَنَّهُ لَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ لِعَارِضِ سَوْدَاءَ أَوْ حَكَّةٍ فَأَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
فَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا حَكَّ أَنْزَلَ فَالْقِيَاسُ الْفِطْرُ وَأَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهَا وَفَارَقَهَا سَاعَةً ثُمَّ أَنْزَلَ فَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُسْتَصْحَبَةً، وَالذَّكَرُ قَائِمًا حَتَّى أَنْزَلَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاضِحِ فَلَا يَضُرُّ إمْنَاءُ الْمُشْكِلِ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ وَطْءٍ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ نَعَمْ لَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَرَأَى الدَّمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَاسْتَمَرَّ إلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَيْضِ بَطَلَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ يَقِينًا بِالْإِنْزَالِ أَوْ الْحَيْضِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ كَخُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَحَلُّهُ إذَا انْسَدَّ الْأَصْلِيُّ، وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْذَى وَلَمْ يُمْنِ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا كَالْبَوْلِ وَعُلِمَ مِنْ قِيَاسِ مَا مَرَّ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى لَمْسِ مَا لَا يَنْقُضُ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ الْفَرْجَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَأَنْزَلَ إنْ بَقِيَ اسْمُهُ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَحَلُّ الْفِطْرِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي لَمْسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَوْ لِفَرْجٍ مُبَانٍ وَإِلَّا كَأَمْرَدَ وَمَحْرَمٍ وَعُضْوٍ مُبَانٍ فَلَا فِطْرَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا آخِرًا وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِتَقْيِيدِ لَمْسِ الْمَحْرَمِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَامَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِلَا حَائِلٍ) قَيْدٌ فِيمَا بَعْدَ لَوْلَا فِيمَا قَبْلَهَا اهـ. ز ي وَانْظُرْ مَا قَبْلَ لَوْ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَكُّ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّمْسِ لَمْسُ الْغَيْرِ، وَقَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ لَوْ هُوَ النَّظَرُ، وَالْفِكْرُ إنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُفْطِرَ بِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ اللَّمْسُ أَوْ الْقُبْلَةُ بِحَائِلٍ وَإِنْ رَقَّ وَهَذَا
(لَا بِنَظَرٍ وَفِكْرٍ) وَلَوْ بِشَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ كَالِاحْتِلَامِ وَلَا بِالْإِنْزَالِ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ.
(وَحَرُمَ نَحْوُ لَمْسٍ) كَقُبْلَةٍ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْأَصْلُ (إنْ حَرَّكَ شَهْوَةً) خَوْفَ الْإِنْزَالِ (وَإِلَّا فَتَرْكُهُ أَوْلَى) إذْ يُسَنُّ لِلصَّائِمِ تَرْكُ الشَّهَوَاتِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِضَعْفِ احْتِمَالِ أَدَائِهِ إلَى الْإِنْزَالِ.
(وَحَلَّ إفْطَارٌ بِتَحَرٍّ) بِوِرْدٍ وَنَحْوه كَمَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لَا بِغَيْرِ تَحَرٍّ وَلَوْ بِظَنٍّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ (وَالْيَقِينُ) كَأَنْ يُعَايِنَ الْغُرُوبَ (أَحْوَطُ) لِيَأْمَنَ الْغَلَطَ.
(وَ) حَلَّ (تَسَحُّرٌ وَلَوْ بِشَكٍّ فِي بَقَاءِ لَيْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فَيَصِحُّ الصَّوْمُ مَعَ الْأَكْلِ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَبِنْ غَلَطٌ.
(فَلَوْ أَفْطَرَ أَوْ تَسَحَّرَ بِتَحَرٍّ وَبَانَ غَلَطُهُ بَطَلَ صَوْمُهُ) إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.
(أَوْ) أَفْطَرَ أَوْ تَسَحَّرَ (بِلَا تَحَرٍّ وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ صَحَّ فِي تَسَحُّرِهِ) لَا فِي إفْطَارِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ فِي الْأُولَى، وَالنَّهَارِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ بَانَ الصَّوَابُ فِيهِمَا صَحَّ صَوْمُهُمَا أَوْ الْغَلَطُ فِيهِمَا لَمْ يَصِحَّ وَقَوْلِي بِلَا تَحَرٍّ لِشُمُولِهِ الشَّكَّ، وَالظَّنَّ بِلَا تَحَرٍّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا ظَنٍّ فِي الْأُولَى.
(وَلَوْ طَلَعَ فَجْرٌ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَمْ يَبْلَعْ شَيْئًا مِنْهُ) بِأَنْ طَرَحَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ صَحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ سَبَقَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ نَهَارًا لَمْ يُفْطِرْ فَبِالْأَوْلَى إذَا جَعَلَهُ فِيهِ لَيْلًا أَمَّا إذَا بَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ فَيُفْطِرُ وَقَوْلِي فَلَمْ يَبْلَعْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَفَظَهُ لِرَفْعِهِ إيهَامَ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ يُفْطِرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(أَوْ كَانَ) طُلُوعَ الْفَجْرِ (مُجَامِعًا فَنَزَعَ حَالًا صَحَّ صَوْمُهُ) وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ فَإِنْ.
ــ
[حاشية الجمل]
صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا طَلَبَ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ بِوَاسِطَةِ لَمْسٍ أَوْ مَسٍّ بِحَائِلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ لَا يُفْطِرُ.
وَنَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ بَحَثَ أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ أَيْ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ زَوْجَتِهِ يُفْطِرُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجِمَاعَ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الِاسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ الِاسْتِمْنَاءُ بِإِدَامَةِ الْقُبْلَةِ أَوْ الْمَسِّ بِحَائِلٍ وَهَذَا خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ أَجِدْ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ وَلَا فِي كَلَامِ، وَالِدِهِ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْحَقُّ أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ يُبْطِلُ الصَّوْمَ مُطْلَقًا وَبِالْإِنْزَالِ إنْ كَانَ بِلَمْسٍ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ لَا يَكُونُ إلَّا حَيْثُ لَا حَائِلَ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ وَتَرْكُ اسْتِمْنَاءٍ وَتَرْكُ إنْزَالٍ بِلَمْسٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لَا بِنَظَرٍ وَفِكْرٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهَيُّئِهِ لِلْخُرُوجِ بِسَبَبِ اسْتِدَامَةِ النَّظَرِ فَاسْتَدَامَهُ أَنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ نَفْسِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الضَّمِّ بِحَائِلٍ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْزَلَ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ) أَيْ فَلَا فِطْرَ بِهِ وَإِنْ كَرَّرَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ بِهِ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ حَجّ كَالْخَطِيبِ تَبَعًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ يُفْطِرُ إذَا عَلِمَ الْإِنْزَالَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهُ وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ ز ي كَالرَّمْلِيِّ، وَالْفِكْرُ كَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَحْوُ لَمْسٍ. . . إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا إذْ النَّفَلُ يَجُوزُ قَطْعُهُ بِمَا شَاءَ وَقَوْلُهُ: كَقُبْلَةٍ وَكَالْقُبْلَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ النَّظَرُ، وَالْفِكْرُ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَحَرُمَ نَحْوُ لَمْسٍ) أَيْ بِلَا حَائِلٍ فِي صَوْمِ فَرْضٍ فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَنْزَلَ عِنْدَ اللَّمْسِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ أَفْطَرَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: خَوْفَ الْإِنْزَالِ إذْ خَوْفُ الْإِنْزَالِ غَيْرِ الْمُفْطِرِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ وَهَذَا كَمَا لَا يَخْفَى غَيْرُ الِاسْتِمْنَاءِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ بِقَوْلِنَا فَإِنْ اتَّفَقَ. . . إلَخْ، وَقَوْلُهُ: خَوْفَ الْإِنْزَالِ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنَّ هَذَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَحْرِيكَ الشَّهْوَةِ أَنْ يَخَافَ الْإِنْزَالَ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَقُبْلَةٍ) أَيْ فِي فَمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ وَكَذَا عَكْسُهُ.
فَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إنْ حَرَّكَ شَهْوَةً) مَعْنَى تَحْرِيكِهَا أَنْ يَخَافَ مِنْهَا الْإِنْزَالَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَكٍّ. إلَخْ) لَوْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ بِشَكٍّ. إلَخْ) وَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ فِيهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ فَتُصَوَّر الصِّحَّةُ بِمَا إذَا سَبَقَتْ النِّيَّةُ عَلَى التَّسَحُّرِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالشَّكِّ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَكْلِ بِمَعْنَى مَعَ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَبِنْ غَلَطٌ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّا يُبَيِّنُ غَلَطَهُ أَوْ عَدَمَهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ صَوْمِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا تَحَرٍّ) بِأَنْ هَجَمَ وَهُوَ جَائِزٌ فِي التَّسَحُّرِ دُونَ الْإِفْطَارِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: صَحَّ صَوْمُهُمَا) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ إذَا أَصَابَهَا عِنْدَ تَرْكِ الِاجْتِهَادِ أَنَّ الشَّكَّ هُنَاكَ فِي شَرْطِ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ وَهُنَا فِي فَسَادِهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ إلَى جَوْفِهِ. إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ طَرْحِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيُفْطِرُ بِسَبْقِ شَيْءٍ إلَى جَوْفِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِإِمْسَاكِهِ بِفِيهِ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَبِفَتْحِهَا مِنْ بَابِ نَفَعَ اهـ. مِصْبَاحٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُجَامِعًا) عَطْفٌ عَلَى طَلَعَ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا مِنْ فُرُوعِ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ وَهِيَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُجَامِعًا عَلَى أَحَدِ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ أَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ إفْسَادِ الْإِحْرَامِ وَمِنْهَا الْفِطْرَةُ لَا يُبَاعُ فِيهَا الْمَسْكَنُ، وَالْخَادِمُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ بَقِيَتْ بِيعَ فِيهَا مَا ذُكِرَ.
وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ الرَّاجِحُ صِحَّتُهَا حَتَّى إذَا مَلَكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ أَوْصَى بِمِلْكِهِ ثُمَّ زَالَ الْمِلْكُ فِيهِ بَطَلَتْ عَلَى مَا جَزَمُوا بِهِ. وَمِنْهَا إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْرَارِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ لِلسُّيُوطِيِّ مَعَ اخْتِصَارٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَنَزَعَ حَالًا) أَيْ بِقَصْدِ تَرْكِ الْجِمَاعِ فَالْإِطْلَاقُ مُضِرٌّ كَمَا يَضُرُّ قَصْدُ التَّلَذُّذِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى حَرُمَتْ الْمُبَاشَرَةُ وَاتَّفَقَ الْإِنْزَالُ مَعَهَا أَفْطَرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ الْمُبَاشَرَةِ اللَّمْسُ أَوْ الْمَسُّ بِغَيْرِ حَائِلٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ
مَكَثَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الْمُكْثِ فَنَزَعَ حِينَ عَلِمَ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ.
(وَ) ثَالِثُهَا (صَائِمٌ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَنَقَاءٌ) عَنْ نَحْوِ حَيْضٍ (كُلَّ الْيَوْمِ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ شَيْءٍ مِنْهَا فِي بَعْضِهِ كَالصَّلَاةِ.
(وَلَا يَضُرُّ نَوْمُهُ) أَيْ نَوْمُ كُلَّ الْيَوْمِ (وَ) لَا (إغْمَاءٌ أَوْ سُكْرٌ بَعْضَهُ) بِخِلَافِ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ.
ــ
[حاشية الجمل]
مَكَثَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِوُجُودِ الْمُنَافِي كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا لَكِنْ لَمْ يُنْزِلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ بِخِلَافِهَا ثَمَّ وَلِهَذَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا، وَالْوَطْءُ ثَمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمْعَ الْوَطْآتِ وَمِنْ الْجَمِيعِ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ حَتَّى طَلَعَ بِأَنْ عَلِمَ بَعْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَمَكَثَ أَوْ نَزَعَ حَالًا فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْطَرَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ يُجَامِعُ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَمَّا قِيلَ كَيْفَ نَعْلَمُ الْفَجْرَ بِطُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا، وَالثَّانِي: أَنَّنَا تَعَبَّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يَدْرِي أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ بِالْقُوَّةِ فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ، وَسَيُوَجِّهُ بِهَذَا الشَّارِحُ فِي بَحْثِ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَمَحَلُّ لُزُومِهَا إنْ عَلِمَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَمَّا الْإِفْطَارُ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِلْمِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ) غَايَةٌ لِلْبُطْلَانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا ظَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْجِمَاعِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ أَيْ الْجِمَاعَ، وَهُوَ الْإِدْخَالُ، وَالْإِخْرَاجُ لَا قَضَاءُ الْوَطَرِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ عَادَةً وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ نَزَعَ مَعَ الْفَجْرِ لِتَقْصِيرِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا نَظِيرُ كَلَامِ ابْنِ خَيْرَانَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَيْرَانَ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُ اللُّطَيْفَاءِ. رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ الْكَبِيرِ وَعَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ رَامِسٍ وَنَقَلَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ
وَقَوْلُهُ: مَنْعُ الْإِيلَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ وَقَوْلُهُ: وَعَنْ غَيْرِهِ. إلَخْ مَرْجُوحٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَقْلٌ) أَيْ تَمْيِيزٌ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُنُونَ وَالْكُفْرَ يَضُرَّانِ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ مَا مِنْ النَّهَارِ وَأَنَّ السُّكْرَ وَالْإِغْمَاءَ لَا يَضُرَّانِ إلَّا إنْ اسْتَغْرَقَا النَّهَارَ وَأَنَّ النَّوْمَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ اسْتَغْرَقَهُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَنْ نَحْوِ حَيْضٍ) وَكَذَا نَحْوُ وِلَادَةٍ مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ اتَّصَفَ. إلَخْ) وَيَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ عَلَى حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ الْإِمْسَاكُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ وَكَذَا فِي نَحْوِ الْعِيدِ اكْتِفَاءً بِعَدَمِ النِّيَّةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ نَوْمُهُ) وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الصَّوْمِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا إغْمَاءٌ أَوْ سُكْرٌ بَعْضَهُ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ أَيَّ لَحْظَةٍ كَانَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ فَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا: إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ: بَطَلَ صَوْمُهُ أَيْ فَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّائِمِينَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ فِي كَفَنِهِ مِمَّا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّائِمِ وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَيْ فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا ثَوَابَ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَقَطْ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ) كُلَّهُ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالْإِغْمَاءِ، وَالسُّكْرِ أَوْ لَا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ اهـ. رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ سم هُنَا وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بَيْنَ مَا تَعَدَّى بِهِ وَمَا لَا فِي أَنَّهُ إنْ أَفَاقَ لَحْظَةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْجُنُونِ بَيْنَ الْمُتَعَدَّى بِهِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ
يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِخِلَافِ النَّوْمِ إذْ يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِهِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي الْجُمْلَةِ وَذِكْرُ السُّكْرِ مِنْ زِيَادَتِي فَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا لَيْلًا وَصَحَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ.
(وَشَرْطُ الصَّوْمِ) أَيْ صِحَّتُهُ (الْأَيَّامُ) أَيْ وُقُوعُهُ فِيهَا (غَيْرَ) يَوْمِ (عِيدٍ) أَيْ عِيدِ فِطْرٍ وَعِيدِ أَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَ) أَيَّامِ (تَشْرِيقٍ) وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْأَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
(وَ) يَوْمِ (شَكٍّ) لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْصُوصُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ (بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ أَمَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَوِرْدٍ فَيَصِحُّ صَوْمُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ
ــ
[حاشية الجمل]
لَحْظَةً فِي الْيَوْمِ لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ اهـ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ) إنْ أَرَادَ بِالْخِطَابِ خِطَابَ التَّكْلِيفِ فَالنَّائِمُ كَذَلِكَ فَأَيُّ مُخَالَفَةٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ خِطَابَ الْوَضْعِ فَهُمَا مُخَاطَبَانِ بِهِ كَالنَّائِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. عَمِيرَةُ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لَكِنْ التَّعَلُّقُ بِهِمَا تَنْجِيزِيٌّ أَيْ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِمَا وَبِالنَّائِمِ مَعْنَوِيٌّ فَحَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ هَذِهِ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ تَنْجِيزِيٌّ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالٍ. . . إلَخْ فَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ تَنْجِيزِيًّا فَمَا مَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِمَا فَمَا مَعْنَى التَّنْجِيزِيِّ فَالْأَوْلَى فِي فَهْمِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْخِطَابِ خِطَابُ الْوَضْعِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: يُخْرِجَانِ الشَّخْصَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي فِي بَعْضِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ قَدْ يَنْتَفِي عَنْهُمَا خِطَابُ الْوَضْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي، فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّوْمِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَهُ عَنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فِي صُورَةٍ مَا وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى فَهْمِ الْمُحَشِّيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ خِطَابُ التَّكْلِيفِ يَضِيعُ قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدِّي. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: الْأَيَّامُ) أَيْ لَا اللَّيَالِي فَهِيَ مَحَلُّ الِاشْتِرَاطِ فَلِذَا قَالَ أَيْ وُقُوعُهُ فِيهَا. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ) أَيْ عَادِمٍ الْهَدْيَ، وَهَذَا عَلَى الْجَدِيدِ وَفِي الْقَدِيمِ لَهُ صِيَامُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَائِلِ بِأَنَّهَا اثْنَانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ) هُوَ أَبُو الْيَقَظَانِ بِفَتْحِ الْقَافِ عَمَّارٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ابْنُ يَاسِرٍ بِالْيَاءِ، وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْعَنْسِيُّ بِالنُّونِ الصَّحَابِيُّ ابْنُ الصَّحَابِيِّ ابْنُ الصَّحَابِيَّةِ وَاسْمُهَا سُمَيَّةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ بَعْدَ بِضْعَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا حِينَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدَارِ الْأَرْقَمِ وَكَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ يُعَذَّبُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ «وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمُرُّ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَيَقُولُ صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْجَنَّةُ» وَقَتَلَ أَبُو جَهْلٍ أُمَّهُ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ قُتِلَ فِي الْإِسْلَامِ. وَفِيهِ أُنْزِلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا وَأُحُدًا، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَانِ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَرَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَمِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو وَائِلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا فِي الْإِسْلَامِ بَنَى مَسْجِدَ قُبَاءَ شَهِدَ قِتَالَ الْيَمَامَةِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقُطِعَتْ أُذُنَاهُ وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْكُوفَةِ وَكَانَ آدَم طَوِيلًا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ الْمُتَوَفَّى قَتِيلًا بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقِيلَ: الْآخَرِ وَعُمْرُهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ بِثِيَابِهِ فَدُفِنَ بِهَا وَلَمْ يُغَسَّلْ «وَقَالَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ: ائْتُونِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: آخِرُ شَرْبَةٍ أَشْرَبُهَا فِي الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَقَضَاءٍ) شَمِلَ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يَفْسُدُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ يَوْمِ الشَّكِّ كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ الشَّكِّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَقْتَ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ حَجّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: وَلَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ صَوْمُهُ أَيْ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَوْ لِنَفْلٍ كَأَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَأَفْسَدَهُ، وَالنَّذْرِ كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كَذَا فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ أَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يَنْعَقِدُ، وَالْكَفَّارَةُ مُسَارَعَةٌ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلِأَنَّ لَهُ سَبَبًا فَجَازَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي فِي التَّحَرِّي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ. اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَوِرْدٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِعْلُهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ صَوْمُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَتَحَرَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى الشَّكِّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا وَلَوْ وَاجِبًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ انْتَهَتْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي
إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ (أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدَدٌ يُرَدُّ) فِي شَهَادَتِهِ كَصِبْيَانٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ فَسَقَةٍ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ صِحَّةُ نِيَّةِ ظَانٍّ ذَلِكَ وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ.
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ. إلَخْ) رَجُلٌ بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ وَبِالنَّصْبِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهُ كَمَا قُرِئَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] وَفِي قَوْلُهُ: {مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66] اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيهِ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ دَامَ حَالُهُ الْأَوَّلُ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَمَا قَبْلَهَا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهَا " سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ أَوْ الْمَاضِيَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: بِأَنْ اعْتَادَ. . . إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيُحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ وَيُجَابُ بِأَنْ يُتَصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ، وَالْخَمِيسَ فِي عَامٍ آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ. إلَخْ) .
عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى كَثِيرًا بِثُبُوتِ هِلَالِ الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِثُبُوتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَيَظُنُّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ انْتَهَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ حُرْمَةُ صَوْمِ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ فَلَيْسَ هَذَا كَيَوْمِ الشَّكِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ فِي يَوْمِ الشَّكِّ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ عَرَضْت ذَلِكَ عَلَى شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ فَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدَدٌ يُرَدُّ) أَيْ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ لِاحْتِمَالِ الرُّؤْيَةِ بِانْفِرَاجِ السَّحَابِ ثُمَّ الْتِئَامِهِ بِسُرْعَةٍ انْتَهَى م ر اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشَهِدَ بِهَا عَدَدٌ) أَيْ أَخْبَرَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَقَوْلُهُ: عَدَدٌ يُرَدُّ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَسَقَةٌ، وَمِنْهُمْ الْكُفَّارُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ) هَذَا الْقَيْدُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَمُرَادُهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ خَبَرُهُمْ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ وَأَمَّا إذَا قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَلَا شَكَّ اهـ. ح ل وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَيْ اُحْتُمِلَ صِدْقُهُمْ أَيْ لَمْ يُقْطَعْ بِبُطْلَانِ خَبَرِهِمْ أَيْ كَانَ خَبَرُهُمْ مُحْتَمِلًا لِلصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ عَلَى السَّوَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ أَوْ مَظْنُونَ الصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَوْمَ شَكٍّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وُجُودُ الظَّنِّ بِصِدْقِ خَبَرِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ صِدْقَ خَبَرِ الْعَبْدِ أَوْ الْمَرْأَةِ صَحَّ صَوْمُهُ وَيَجْزِيهِ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تُحُدِّثَ بِرُؤْيَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ كَانَ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ الصَّوْمُ وَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ شَهِدَ بِهِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَانَ يَوْمَ شَكٍّ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَ مَنْ شَهِدَ فَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَغَيْرَ يَوْمِ شَكٍّ فِي حَقِّ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُ فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ وَيُجْزِئُهُ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ) أَيْ لِمَنْ ظَنَّ الصِّدْقَ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ صِحَّةُ ذَلِكَ وَهُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّ مَنْ شَهِدَهُ كَمَا عُلِمَ فَلَيْسَ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ أَيْ حَالَ النِّيَّةِ أَيْ وَصِحَّةُ النِّيَّةِ وَإِجْزَاؤُهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ صَوْمِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ وَيُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ اهـ. ح ل وَحَاصِلُهُ أَنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ الصَّوْمَ تَارَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ. . . إلَخْ وَقُلْتُمْ بِجَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ تَارَةً وَذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَقُلْتُمْ بِحُرْمَتِهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ تَارَةً وَهُوَ فِيمَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ. . . إلَخْ.
فَهَذِهِ مَوَاضِعُ ثَلَاثَةٌ بَيْنَهَا تَنَافٍ أَيْ الْوُجُوبُ، وَالْجَوَازُ مَعَ الْإِجْزَاءِ، وَالْحُرْمَةُ مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَأَشَارَ