الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ.
(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)
الْأَصْلُ فِيهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ، فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ» ، زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» .
(حَرُمَ بِهِ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ (عَلَى رَجُلٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقْتُهَا فَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ فِعْلَهَا عَنْهُ عَلَى الْقَدِيمِ نُدِبَ فِي حَقِّهِ التَّتَابُعُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ) أَيْ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ اهـ. شَرْحُ م ر
[بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ]
(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ) أَيْ مَا حَرُمَ بِسَبَبِهِ وَلَوْ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ هُنَا نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَنَفْسُ الدُّخُولِ فِيهِ بِالنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ وَحِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنَّ فِيهَا تَرَفُّهًا، وَهُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَلَمْ يُنَاسِبْهُ التَّرَفُّهُ، وَأَيْضًا فَالْقَصْدُ تَذْكِيرُهُ بِذَهَابِهِ إلَى الْمَوْقِفِ مُتَجَرِّدًا مُتَشَعِّثًا لِيُقْبِلَ عَلَى اللَّهِ بِكُلِّيَّتِهِ وَلَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَجِّ تَجَرُّدُ الظَّاهِرِ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ لِتَجَرُّدِ الْبَاطِنِ وَمِنْ الصَّوْمِ الْعَكْسُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. ابْنُ حَجَرٍ وَقَدْ عَدَّ بَعْضُهُمْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْمُحْرِمِ خَمْسَةً وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ عَشْرَةً وَبَعْضُهُمْ عِشْرِينَ وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ عَدَّ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ الْمُحَرَّمَاتِ عِشْرِينَ شَيْئًا وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهَا عَشَرَةٌ أَيْ وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَالَغَ فِي اخْتِصَارِ أَحْكَامِ الْحَجِّ لَا سِيَّمَا هَذَا الْبَابُ وَأَتَى فِيهِ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَالْمُحَرَّرُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ حَرُمَ فِي الْإِحْرَامِ أُصَوِّرُ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا انْتَهَتْ.
وَفِي سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ.
(فَائِدَةٌ)
مُحَصَّلُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ كَبِيرَةٌ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمَاتِ صَغَائِرُ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَجِّ قَدْ تَخْرُجُ الْعُمْرَةُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ) فِي الْمُخْتَارِ لَبِسَ الثَّوْبَ بِالْكَسْرِ يَلْبَسُهُ بِالْفَتْحِ لُبْسًا بِالضَّمِّ وَلَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ خَلَطَهُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] . اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ إلَخْ) وَإِنَّمَا وَقَعَ الْجَوَابُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولَ عَنْهُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: الْقُمُصَ) بِضَمِّ الْمِيمِ جَمْعُ قَمِيصٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ) السَّرَاوِيلُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الْبَرَانِسَ) هُوَ مُفْرَدٌ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ بُرْنُسٍ كَقَنَافِذَ جَمْعِ قُنْفُذٍ وَفِي الْمُخْتَارِ الْبُرْنُسُ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا) لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَطْعَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا وَنَظِيرُهُ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] إذْ الرَّفْعُ قَبْلَ التَّوَفِّي فَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْقَطْعِ عَلَى اللُّبْسِ اهـ إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَرْسٌ) نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ بِالْيَمَنِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَرْسُ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ قِيلَ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ وَقِيلَ يُشْبِهُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَحَدًا لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهُمَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِحَاطَةُ حَتَّى مَا عَلَى الْأَصَابِعِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ) أَيْ لَا تُغَطِّي وَجْهَهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُسْتَرُ بِهِ الْوَجْهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ إلَخْ) أَدْنَى بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالْأَقْبِيَةِ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْقُمُصِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَأَلْ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَاكَ جِنْسِيَّةٌ وَلِذِكْرِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ) ذَكَرَ لِلرَّجُلِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ شَيْئَيْنِ وَلِلْمَرْأَةِ شَيْئَيْنِ وَلَهُمَا سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً تَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا فَيَخْرُجُ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُمَيِّزًا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ مُخْتَارًا فَخَرَجَ بِالْمُمَيِّزِ غَيْرُهُ إلَّا السَّكْرَانَ الْمُتَعَدِّيَ وَبِالْعَامِدِ النَّاسِي وَهَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمُقَصِّرِ بِنِسْيَانِهِ، أَمَّا هُوَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ فَوْرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ وَبِالْعَالِمِ الْمَذْكُورِ الْجَاهِلُ الْمَعْذُورُ بِجَهْلِهِ وَهُوَ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَ مَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا مُحَقِّقُ الْعَصْرِ السَّيِّدُ عُمَرُ رضي الله عنه وَالْأَنْسَبُ ضَبْطُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ قَصْدُ أَهْلِهِ لِمَحَلِّ عَالِمِي ذَلِكَ اهـ. وَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْفُرُوعِ
سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا يَخْفَى مِثْلُهَا غَالِبًا وَبِالْمُخْتَارِ الْمُكْرَهُ وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى اسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ بِأَنْ أَحْرَمَ لَابِسًا لِضَرُورَةٍ ثُمَّ عِنْدَ زَوَالِهَا أُكْرِهَ عَلَى اسْتِدَامَتِهِ أَوْ بِأَنْ أَلْبَسَهُ الْمُكْرِهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى اسْتِدَامَتِهِ أَوْ عَلَى ابْتِدَائِهِ فَقَطْ لَا اسْتِمْرَارِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ زَوَالِ إكْرَاهِهِ النَّزْعُ، وَهَلْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إذَا نَزَعَ الْمُكْرَهُ فِيهَا عَقِبَ الْإِكْرَاهِ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى نَحْوِ الْحَلْقِ بِأَنَّ الثَّانِيَ إتْلَافٌ وَهُوَ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالْعَمْدِ فِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا إذَا اسْتَدَامَ اللُّبْسُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ هَذِهِ الشُّرُوطَ بِقَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ عَقْلٌ إلَخْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَلْبُوسِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ: سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَبَيَاضِ خَلْفِ أُذُنِهِ فَيَجِبُ كَشْفُ جَمِيعِهِ مَعَ كَشْفِ جُزْءٍ مِمَّا يُحَاذِيهِ مِنْ الْجَوَانِبِ إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَلَيْسَتْ الْأُذُنُ مِنْ الرَّأْسِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهَا اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيَاضِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَعْلَى الْجُمْجُمَةِ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الْأُذُنِ لَا الْبَيَاضُ وَرَاءَهَا النَّازِلُ عَنْ الْجُمْجُمَةِ الْمُتَّصِلُ بِآخِرِ اللِّحَى الْمُحَاذِي لِشَحْمَةِ الْأُذُنِ اهـ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ جَوَازُ سَتْرِ وَجْهِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُرُودِهِ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ فِي قِيمَةِ الْمُحْرِمِ الْمَوْقُوصِ «وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذِكْرُ الْوَجْهِ غَرِيبٌ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ اهـ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ ذِكْرَهُ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ اهـ. وَقَوْلُهُ: جَوَازُ سَتْرِ وَجْهِهِ أَيْ بِغَيْرِ مَخِيطٍ لِمَا بِالْمَخِيطِ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَخِيطِ فِي بَاقِي بَدَنِهِ تَحْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَاقِي وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى مَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَوَازُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: بَعْضَ رَأْسِهِ) أَيْ بَشَرًا أَوْ شَعْرًا فِي حَدِّهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَظْهَرُ فِي شَعْرٍ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ سَتْرُ الْخَارِجِ مِنْهُ كَمَا لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ فِي الْوُضُوءِ بِجَامِعِ أَنَّ الْبَشَرَةَ فِي كُلٍّ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْحُكْمِ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ تَقْصِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالشَّعْرِ لَا الْبَشَرَةِ فَلَمْ يُشْبِهْ مَا نَحْنُ فِيهِ انْتَهَتْ قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ وَقَيَّدَهُ السَّيِّدُ عُمَرُ بِمَا إذَا كَانَ سَتْرُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِحَاطَةِ وَإِلَّا فَهُوَ حِينَئِذٍ كَكِيسِ اللِّحْيَةِ اهـ.
(فَرْعٌ) إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا فَوْقَ آخَرَ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ بِسَاتِرٍ فَوْقَ سَاتِرٍ فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا اهـ. م ر اهـ. سَمِّ وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ فَصَلَ فِيمَا إذَا فَعَلَ الْمُحْرِمُ مَحْظُورَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ تَتَدَاخَلُ هَذَا الْبَابُ وَاسِعٌ لَكِنَّ مُخْتَصَرَهُ أَنَّ الْمَحْظُورَ قِسْمَانِ اسْتِهْلَاكٌ كَالْحَلْقِ وَاسْتِمْتَاعٌ كَالطِّيبِ فَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَالْحَلْقِ وَاللُّبْسِ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ، وَكَذَا إتْلَافُ الصَّيُودِ تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ بِهِ وَكَذَا الصَّيْدُ مَعَ الْحَلْقِ أَوْ اللُّبْسِ لَكِنْ لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ حَلَقَ جَمِيعَ رَأْسِهِ وَشَعْرَ بَدَنِهِ مُتَوَاصِلًا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ فِدْيَتَانِ وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي مَكَانَيْنِ أَوْ فِي مَكَانِ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ وَلَوْ تَطَيَّبَ بِأَنْوَاعِ الطِّيبِ أَوْ لَبِسَ أَنْوَاعًا كَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ أَوْ نَوْعًا وَاحِدًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَكَان وَاحِدٍ عَلَى التَّوَالِي فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَكَانَيْنِ أَوْ فِي مَكَان وَتَخَلَّلَ زَمَنٌ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ سَوَاءٌ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا تَكْفِيرٌ عَنْ الْأَوَّلِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي قَوْلٍ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا تَكْفِيرٌ كَفَاهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ. وَفِي شَرْحِ ابْنِ الْجَمَّالِ مَا نَصُّهُ.
(فَائِدَةٌ) تَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ بِتَكَرُّرِ اللُّبْسِ وَالسِّتْرِ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ عُرْفًا كَمَا اسْتَظْهَرَ ضَبْطَهُ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ فَلَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ لِضَرُورَةٍ وَاحْتَاجَ لِكَشْفِهِ عِنْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ بَعْضِهِ عِنْدَ مَسْحِهِ فِي الْوُضُوءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَعَدُّدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَلِأَنَّ إيجَابَ الْكَشْفِ لِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ صِحَّةُ عِبَادَتِهِ صَيَّرَهُ مُكْرَهًا عَلَيْهِ شَرْعًا وَالْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ كَالْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ، وَهَذَا لَا تَعَدُّدَ فِيهِ فَكَذَا الشَّرْعِيُّ وَإِنَّمَا وَجَبَ الدَّمُ لِأَصْلِ اللُّبْسِ لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرَفُّهًا وَحَظًّا لِلنَّفْسِ بِخِلَافِ هَذَا فَهُوَ لِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ كَمَا ذُكِرَ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ اهـ مُلَخَّصًا، وَقَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَضِيَّةِ قَوْلِهِمْ تَتَكَرَّرُ إلَخْ تَكْرِيرُهَا نَقْلًا عَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا أَظُنُّ السَّلَفَ مَعَ عَدَمِ خُلُوِّ زَمَانِهِمْ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ يُوجِبُونَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ
بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) مِنْ مَخِيطٍ وَغَيْرِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَخِرْقَةٍ وَعِصَابَةٍ وَطِينٍ ثَخِينٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَاسْتِظْلَالِهِ بِمَحْمِلٍ وَإِنْ مَسَّهُ وَحَمْلِ قُفَّةٍ أَوْ عَدْلًا وَانْغِمَاسِهِ فِي مَاءٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِكَفِّهِ أَوْ بِكَفِّ غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَيْهِ وَالْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ اهـ. وَنَظَرَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي كَلَامِ شَيْخِهِ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ إلَخْ بِأَنَّ اللُّبْسَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَمَا بَعْدَهُمَا أَيْضًا لِلتَّرَفُّهِ وَحَظِّ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْكَشْفُ لِنَحْوِ الْغُسْلِ فَهُوَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا اللُّبْسُ بَعْدَهُ بَلْ الَّذِي اقْتَضَاهُ هُوَ دَوَامُ الضَّرُورَةِ وَهُوَ كَابْتِدَائِهَا وَذَلِكَ لِحَظِّهَا لَا غَيْرُ فَهُوَ قِيَاسٌ مَا لَوْ كَرَّرَ إزَالَةَ شَعْرِهِ لِدَوَامِ الْإِيذَاءِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْإِزَالَةِ إتْلَافٌ، وَأَمَّا عَدَمُ الدَّمِ فِي لُبْسِ السَّرَاوِيلِ عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ فَخَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ يُشْبِهُ التَّعَبُّدِيَّ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَدَمُهُ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْعَيْنِ فَلِأَنَّهُ كَالصَّائِلِ الْمُهْدَرِ إذْ لَا صَبْرَ عَلَيْهِ فَدَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ وَهُوَ لَا شَيْءَ فِيهِ هَكَذَا ظَهَرَ لِلذِّهْنِ السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَهُوَ الْكَشْفُ وَاَلَّذِي اقْتَضَى اللُّبْسَ بَعْدَهُ هُوَ دَوَامُ الضَّرُورَةِ بِأَنَّ الْكَشْفَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ شَرْعًا صَيَّرَ اللُّبْسَ بَعْدَهُ كَاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ الْأَوَّلِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لُبْسًا ثَانِيًا صُورَةً مُسْتَدَامٌ حُكْمًا وَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَكَذَا مَا هُوَ فِي حُكْمِهَا وَلِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَرَّرَ إزَالَةَ شَعْرِهِ لِدَوَامِ الْإِيذَاءِ أَنَّهُ يُمْكِنُ زَوَالُ الْإِيذَاءِ بِغَيْرِ نَحْوِ الْحَلْقِ كَالْغَسْلِ وَالتَّفَلِّي بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الِاحْتِلَامُ مَعَ النَّظَرِ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَالْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ فَتَأَمَّلْهُ وَنَازَعَ هُوَ أَعْنِي الْعَلَّامَةَ عَبْدَ الرَّءُوفِ السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي قَوْلِهِ الْمَارِّ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ إدْخَالُ يَدِهِ أَعْنِي فِي الْمَسْحِ أَوْ أُصْبُعِهِ مِنْ تَحْتِ سَاتِرِهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ يَعْنِي الْكَشْفَ فَهُوَ نَادِرٌ وَإِنَّمَا تَجْلِبُ الْمَشَقَّةُ التَّيْسِيرَ حَيْثُ لَا مَنْدُوحَةَ كَوَطْءِ حُرٍّ أَدْعَمَ الطَّرِيقَ انْتَهَى وَهُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْحِ كَمَا فَرَضَهُ لَا فِي الْغُسْلِ بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ الْإِتْيَانَ بِسُنَّةِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ فَهَلْ يَكْشِفُهُ وَيَأْتِي بِهَا وَلَا تَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ إذَا سَتَرَهَا بَعْدُ أَوْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى كَشْفِ مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مِنْهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إدْخَالُ نَحْوِ يَدِهِ لِمَسْحِهِ وَيَكْمُلُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ تَحْصِيلًا لِلسُّنَّةِ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى النَّزْعِ حِينَئِذٍ اهـ. وَقَالَ فِي مَبْحَثِ: الْجِمَاعُ غَيْرُ الْمُفْسِدِ مَا نَصُّهُ وَتَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ بِتَكَرُّرِ الْجِمَاعِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَكَانُ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ قَبْلَ الثَّانِي بِخِلَافِ سَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ فَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَعَدَمُ تَخَلُّلِ التَّكْفِيرِ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِمَاعَ أَغْلَظُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ كَالزُّجَاجِ وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَقَلَنْسُوَةٍ) وَهِيَ شَيْءٌ يَلْبَسُهُ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى شَكْلِ الْعَرَقِيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا مِنْ جِهَةِ الْخَلْفِ مُسْتَطِيلَةً بِحَيْثُ تُغَطِّي الْأُذُنَيْنِ وَالرَّقَبَةَ فَهِيَ مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الْخَلْفِ نَازِلَةٌ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ وَمِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الْأَمَامِ بِقَدْرِ حَدِّ الرَّأْسِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ حَشْوُهَا بِقُطْنٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَهَا لِلْبَرْدِ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ كَاسْتِظْلَالِهِ بِمَحْمَلٍ إلَخْ) وَكَتَوَسُّدِهِ وِسَادَةً أَوْ عِمَامَةً وَكَسَتْرِهِ بِمَا لَا يُلَاقِيهِ كَأَنَّ رَفْعَهُ بِنَحْوِ عُودٍ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ السَّتْرَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمَلِ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِيَدِهِ عِنْدَهُمَا بِخِلَافِ الْخَيْمَةِ وَنَحْوِهَا لَنَا مَا «رَوَتْ أُمُّ الْحُصَيْنِ أَنَّهَا رَأَتْ أُسَامَةَ وَبِلَالًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَقِيهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَهُوَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ صلى الله عليه وسلم» اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَسَّهُ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ السَّتْرَ بِهِ وَفَارَقَ نَحْوَ الْفِقْهِ بِأَنَّ تِلْكَ يُقْصَدُ السَّتْرُ بِهَا عُرْفًا بِخِلَافِ هَذَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَحَمْلِهِ قُفَّةً أَوْ عِدْلًا) لَكِنَّ الْحَمْلَ مَكْرُوهٌ اهـ. إيضَاحٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ عِدْلًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَهُوَ الْغِرَارَةُ أَوْ الْحِمْلُ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الْعِدْلُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ تَقُولُ عِنْدِي عِدْلُ غُلَامِك وَعِدْلُ شَاتِك إذَا كَانَ غُلَامًا يُعَادِلُ غُلَامًا أَوْ شَاةً تُعَادِلُ شَاةً وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَاحِدُ الْأَعْدَالِ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَحَدُ شِقَّيْ الْحِمْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعَادِلُ الْآخَرَ.
(قَوْلُهُ وَانْغِمَاسُهُ فِي مَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَدِرًا وَإِنَّمَا عَدَّ نَحْوَ الْمَاءِ الْكَدِرِ سَاتِرًا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَهُنَا عَلَى السَّاتِرِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَ السَّتْرُ بِالزُّجَاجِ هُنَا كَغَيْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ اتِّحَادِ الْبَابَيْنِ وَمَا بَنَاهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ الرَّقِيقَ الَّذِي يَحْكِي لَوْنَ الْبَشَرَةِ لَا يَضُرُّ هُنَا فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ هُنَا بِأَنَّهُ يَضُرُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي نُكَتِ النَّسَائِيّ مِمَّا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِكَفِّهِ أَوْ كَفِّ غَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا السَّتْرَ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ قَصَدَهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ
نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِحَمْلِ الْقُفَّةِ وَنَحْوِهَا السَّتْرَ حَرُمَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ وَغَيْرِهِ (وَلُبْسُ مُحِيطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِمُهْمَلَةٍ أَيْ لُبْسُهُ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِيهِ وَلَوْ بِعُضْوٍ (بِخِيَاطَةٍ) كَقَمِيصٍ (أَوْ نَسْجٍ) كَزَرَدٍ (أَوْ عَقْدٍ) كَجُبَّةِ لَبَدٍ (فِي بَاقِي بَدَنِهِ وَنَحْوِهِ) كَلِحْيَتِهِ بِأَنْ جَعَلَهَا فِي خَرِيطَةٍ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَخِيطِ الْمَذْكُورِ كَإِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ وَيَشُدَّ خَيْطَهُ عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ إحْكَامًا وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي طَرَفِ إزَارِهِ لَا خَلُّ رِدَائِهِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
حَجّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَحْرُمُ وَلَا فِدْيَةَ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهما لَا يَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِالْيَدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ إلَى قَوْلِهِ حَرُمَ) أَيْ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَحْوَ الْقُفَّةِ لَوْ اسْتَرْخَى عَلَى رَأْسِهِ بِحَيْثُ صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ حَرُمَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّتْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ يُحْمَلُ أَوْ لَمْ تَسْتَرْخِ عَلَى رَأْسِهِ فَلَا حُرْمَةَ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ وَلَا فِدْيَةَ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَعَدْلٍ مَثَلًا فَحُمِلَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِظْلَالَ بِالْمَحْمِلِ لَا يَحْرُمُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ قَالَ الْعَلَّامَةُ م ر وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقُفَّةَ وَنَحْوَهَا يُعَدُّ سَاتِرًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَحْمِلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَنَحْوِهَا كَالْعَدْلِ) بِخِلَافِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمِلِ وَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ السَّتْرَ بِذَلِكَ وَفَارَقَ نَحْوُ الْقُفَّةِ بِأَنَّ تِلْكَ يُقْصَدُ السَّتْرُ بِهَا عُرْفًا بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ حَجّ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ كَحَمْلِ الْقُفَّةِ فَمَتَى قَصَدَ السَّتْرَ بِوَضْعِهَا حَرُمَ مَعَ الْفِدْيَةِ وَاسْتَوْجَهَهُ ع ش اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا كَالْعَدْلِ مِمَّا يُحْمَلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِنَحْوِهَا كُلَّ مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنْ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمِلِ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِكَفِّهِ أَوْ كَفِّ غَيْرِهِ وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَاءِ الْكَدِرِ وَالطِّينِ وَنَحْوِهِ غَيْرِ السَّخِينِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ) أَيْ حَيْثُ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ قَضِيَّةَ وُجُوبِهَا التَّحْرِيمُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلُبْسُ مَخِيطٍ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ تَقْلِيدُ السَّيْفِ وَشَدُّ الْمِنْطَقَةِ وَالْهِمْيَانِ قَالَ الشِّهَابُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْمُرَادُ بِشَدِّهِمَا أَيْ الْمِنْطَقَةِ وَالْهِمْيَانِ مَا يَشْمَلُ الْعَقْدَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ فَوْقَ ثَوْبِ الْإِحْرَامِ أَوْ تَحْتَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الِاحْتِبَاءُ بِحَبْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بَلْ أَوْلَى وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَلُفَّ عَلَى وَسَطِهِ عِمَامَةً وَلَا يَعْقِدُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ الْحَبْوَةُ عَرِيضَةً جِدًّا كَمَا إذَا أَخَذَتْ رُبْعَ الظَّهْرِ مَثَلًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَحَاطَتْ بِذَلِكَ أَوْ بِأَكْثَرَ حَيْثُ كَانَتْ تُسَمَّى حَبْوَةً عُرْفًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْحَبْوَةِ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ عَبْدَ الرَّءُوفِ صَرَّحَ بِهِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لُبْسُهُ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِيهِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِي اللُّبْسِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ فَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ الْقَبَاءِ أَوْ الْتَحَفَ بِهِمَا أَوْ اتَّزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ فَلَا فِدْيَةَ كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّهُ مِنْ رِقَاعٍ أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقِ الْخُفِّ وَيُلْحَقُ بِهِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ أَلْقَى قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ أَوْ خَاطَهُ حَرَامٌ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بِخِيَاطَةٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ عَقْدٍ) أَيْ أَوْ ضُفُرٍ اهـ. حَجّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الضَّفِيرَةُ مِنْ الشَّعْرِ الْخُصْلَةُ وَالْجَمْعُ ضَفَائِرُ وَضُفُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وَضَفَّرَتْ الشَّعْرَ ضَفْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ جَعَلَتْهُ ضَفَائِرَ كُلَّ ضَفِيرَةٍ عَلَى حِدَةٍ ثَلَاثَ طَاقَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَالضَّفِيرَةُ الذُّؤَابَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ بَدَنِهِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَلِحْيَتِهِ إذْ هِيَ لَيْسَتْ مِنْ بَدَنِهِ اهـ. شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَخِيطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي سَبَبُ إحَاطَتِهِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: كَإِزَارٍ وَرِدَاءٍ، الْأَوَّلُ مَا يَسْتُرُ أَسْفَلَ الْبَدَنِ وَالثَّانِي مَا يَسْتُرُ أَعْلَاهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَرِيضًا وَعَقَدَهُ عَلَى ثَدْيَيْهِ أَوْ عَلَى عُنُقِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لحج وَاسْتَظْهَرَ فِي شَيْءٍ طَوِيلٍ كَالْحَرَامِ جَعَلَ بَعْضَهُ لِلْعَوْرَةِ وَعَقَدَ بَاقِيَهُ ثُمَّ عَلَى الْكَتِفَيْنِ أَنَّ لِلْأَوَّلِ حُكْمَ الْإِزَارِ وَلِلثَّانِي حُكْمَ الرِّدَاءِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رضي الله عنهما اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ) وَهَذَا الْجَعْلُ مَكْرُوهٌ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ إلَخْ وَهَذَا الْغَرْزُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا اهـ. شَرْحُ م ر وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْبِرْمَاوِيِّ، وَأَمَّا وَجْهُ الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَلَمْ يُعْلَمْ.
(قَوْلُهُ: مِثْلَ الْحُجْزَةِ) بِأَنْ يَثْنِيَ طَرَفَهُ وَيَخِيطَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَبَاكِيَةِ اللِّبَاسِ وَهَذِهِ الْخِيَاطَةُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَخِيطًا بِسَبَبِهَا بِالْبَدَنِ بَلْ هِيَ فِي نَفْسِ الْإِزَارِ وَالْإِزَارُ بَاقٍ بِحَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْإِحَاطَةِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ وَحُجْزَةُ الْإِزَارِ مَعْقِدُهُ بِوَزْنِ حُجْرَةٍ وَحُجْزَةُ السَّرَاوِيلِ أَيْضًا الَّتِي فِيهَا التِّكَّةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا خَلُّ رِدَائِهِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا لَامٌ مُشَدَّدَةٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. بِرْمَاوِيٌّ أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمِسَلَّةَ جَامِعَةً لِطَرَفَيْهِ بِأَنْ يَخِيطَ بَيْنَهُمَا
وَلَا رَبْطُ طَرَفٍ بِآخَرَ بِنَحْوِ خَيْطٍ وَلَا رَبْطُ شَرْجٍ بِعُرًى وَقَوْلِي وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) حَرُمَ بِهِ (عَلَى امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (سَتْرُ بَعْضِ وَجْهِهَا) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ لَا يُقَالُ لِمَ لَا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكْشِفَ مِنْ رَأْسِهَا مَا لَا يَتَأَتَّى كَشْفُ وَجْهِهَا إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ السَّتْرُ أَحْوَطُ مِنْ الْكَشْفِ (وَلُبْسُ قُفَّازٍ) وَهُوَ مَا يُعْمَلُ لِلْيَدِ وَيُحْشَى بِقُطْنٍ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدِ لِيَقِيَهَا الْبَرْدَ فَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ وَأَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنْ وَقَعَتْ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَرَفَعَتْهُ حَالًا فَلَا فِدْيَةَ أَوْ عَمْدًا أَوْ اسْتَدَامَتْهُ وَجَبَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ الْمَخِيطَ مِنْ حَيْثُ اسْتِمْسَاكُهُ بِنَفْسِهِ اهـ. شَرَحَ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا رَبْطُ طَرَفٍ بِآخَرَ) أَيْ مِنْ الرِّدَاءِ أَمَّا مِنْ الْإِزَارِ فَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ.
وَفِي سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَأَفْهَمَ إطْلَاقُ حُرْمَةِ عَقْدِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَهُ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ أَوْ فِي طَرَفِ إزَارِهِ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ قَوْلِهِ يُكْرَهُ عَقْدُهُ أَيْ الْإِزَارِ وَشَدُّ طَرَفِهِ بِطَرَفِ الرِّدَاءِ اهـ. جَوَازُ الثَّانِي وَجَزَمَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ بِجَوَازِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الرِّدَاءَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الشَّدِّ وَالْعَقْدِ وَقَدْ جَوَّزَ شَدَّهُ بِطَرَفِ الْإِزَارِ فَقِيَاسُهُ جَوَازُ عَقْدِهِ بِهِ اهـ. مَا فِي الْحَاشِيَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّدِّ وَالْعَقْدِ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِشَدِّ طَرَفِ أَحَدِهِمَا بِطَرَفِ الْآخَرِ جَمْعُ الطَّرَفَيْنِ وَرَبْطُهُمَا بِنَحْوِ خَيْطٍ وَجَزَمَ الْأُسْتَاذُ فِي كَنْزِهِ بِجَوَازِ عَقْدِ طَرَفِ رِدَائِهِ بِطَرَفِ إزَارِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رَبْطُ شَرَجٍ بِعُرًى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ إلَّا إنْ عَقَدَهُ أَيْ الْإِزَارَ بِشَرَجٍ أَيْ أَزْرَارٍ فِي عُرًى أَوْ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَلَفَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ وَعَقَدَهُ أَوْ عَقَدَ طَرَفَيْ رِدَائِهِ بِخَيْطٍ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ خَلَّهُمَا بِخِلَالٍ كَمِسَلَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِشَبَهِ الثَّانِي بِالسَّرَاوِيلِ وَمَا عَدَاهُ بِالْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ وَالْقَاضِي مَحَلَّ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا تَقَارَبَتْ الشَّرَجُ بِحَيْثُ أَشْبَهَتْ الْخِيَاطَةَ وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ الرِّدَاءُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرَجَ الْمُتَبَاعِدَ يُشْبِهُ الْعَقْدَ وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِزَارِ اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: شَرَجٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ كَمَا ضَبَطَهُ حَجّ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْعُرَى هِيَ الْعُيُونُ الَّتِي تُوضَعُ فِيهِ الْأَزْرَارُ اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي الْمِصْبَاحِ الشَّرَجُ بِفَتْحَتَيْنِ عُرَى الْعَيْبَةِ وَالْجَمْعُ أَشْرَاجٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَأَشْرَجْتهَا بِالْأَلِفِ دَاخَلْت بَيْنَ أَشْرَاجِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِعُرًى) أَيْ فِي الرِّدَاءِ مُطْلَقًا وَفِي الْإِزَارِ إنْ تَقَارَبَتْ أَيْ الْعُرَى وَفَارَقَ الْإِزَارُ الرِّدَاءَ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّ الْإِزَارَ الْمُتَبَاعِدَةَ تُشْبِهُ الْعَقْدَ وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْإِزَارِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَجُوزُ فِيهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى امْرَأَةٍ سَتْرُ بَعْضِ وَجْهِهَا) وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَسْتُرُهُ غَالِبًا فَأُمِرَتْ بِكَشْفِهِ نَقْضًا لِلْعَادَةِ لِتَتَذَكَّرَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي تَجَرُّدِ الرَّجُلِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ: مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ أَيْ إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُ ذَلِكَ وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ أَمَّا فِيهَا كَشْفُ جَمِيعِ الْوَجْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَتْرُ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ الرَّأْسِ إلَّا بِهِ جَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ الصُّغْرَى مَطْلُوبٌ حَتَّى فِي الْخَلْوَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْكُبْرَى فَإِنَّ سَتْرَهَا وَاجِبٌ فِي الْخَلْوَةِ أَيْضًا إلَّا لِحَاجَةٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ. م ر اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ السَّتْرُ أَحْوَطُ مِنْ الْكَشْفِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى سَتْرِ الرَّأْسِ بِكَمَالِهِ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْوَجْهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلُبْسُ قُفَّازٍ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَسْدُلَ كُمَّهَا عَلَى يَدَيْهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّتْرِ بِغَيْرِ الْقُفَّازِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُعْمَلُ لِلْيَدِ) أَيْ لِلْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ اهـ. ح ل وَانْظُرْ لَوْ لَبِسَتْ شَيْئًا بِقَدْرِ أَصَابِعِ يَدَيْهَا أَوْ بَعْضِهَا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَيُحْشَى بِقُطْنٍ) هَذَا بَيَانٌ لِحَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْلِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُلْبَسُ فِي الْيَدَيْنِ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إذْ هُوَ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ مَا يُزَرُّ بِهِ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ وَتَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْشُوَّ وَالْمَزْرُورَ وَغَيْرَهُمَا وَبِكَوْنِهِ مَلْبُوسَ عُضْوٍ غَيْرِ عَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَارَقَ خُفَّهَا وَأُلْحِقَتْ الْأَمَةُ بِالْحُرَّةِ احْتِيَاطًا وَخَرَجَ بِهِ سَتْرُ يَدِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ كَكُمٍّ وَخِرْقَةٍ لَفَّتْهَا عَلَيْهَا بِشَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا صَحَّحَاهُ فَيَجُوزُ لَهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ لِخِضَابٍ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ هُنَا وَالرَّجُلُ مِثْلُهَا فِي مُجَرَّدِ لَفِّ الْخِرْقَةِ انْتَهَتْ وَفِي حَجّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ كَشْفُ كَفَّيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَسْدُلَ) فِي الْمُخْتَارِ سَدَلَ ثَوْبَهُ أَرْخَاهُ وَبَابُهُ نَصَرَ اهـ. .
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَتْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ أَوْقَعَهَا الْغَيْرُ هَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ يُحَرَّرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ) قَالَ سَيِّدِي أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَوَاضِحٌ أَنَّهَا لَوْ قَصَّرَتْ فِي رَفْعِ الْخَشَبَةِ بِأَنْ لَمْ تُحْكِمْ وَضْعَهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَعَهَا عَادَةً سُقُوطُ الثَّوْبِ عَلَى وَجْهِهَا فَسَقَطَتْ كَانَتْ مُقَصِّرَةً فَتَأْثَمُ وَتَفْدِي وَإِنْ رَفَعَتْهُ
وَلَيْسَ لِلْخُنْثَى سَتْرُ الْوَجْهِ مَعَ الرَّأْسِ أَوْ بِدُونِهِ وَلَا كَشْفُهُمَا فَلَوْ سَتَرَهُمَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِسَتْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ سَتْرُهُ لَا إنْ سَتَرَ الْوَجْهَ أَوْ كَشَفَهُمَا وَإِنْ أَثِمَ فِيهِمَا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ
ــ
[حاشية الجمل]
حَالًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ اهـ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْخُنْثَى إلَخْ) مُحَصَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا كَشْفُهُمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهِ وَكَشْفُ وَجْهِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ م ر وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ مُعَامَلَتَهُ مُعَامَلَةَ الْأُنْثَى فِي السَّتْرِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَفِي كَشْفِ الْوَجْهِ فَفِيهِ جَمَعَ بَيْنَ وَاجِبَيْنِ وَلَوْ عُومِلَ مُعَامَلَةَ الذَّكَرِ لَجَازَ كَشْفُهُمَا فَفِيهِ إخْلَالٌ بِأَحَدِ الْوَاجِبَيْنِ وَهُوَ سَتْرُ الرَّأْسِ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ الْمَخِيطُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ اهـ. سَمِّ وَحَاصِلُ مَا حَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا كَشْفُ وَجْهِهِ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ تَرْكُ لُبْسِ الْمَخِيطِ فَلَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إنْ سَتَرَ مَعَهُ الرَّأْسَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَانِبِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهِ وَسَتْرُ بَدَنِهِ وَلَوْ بِمَخِيطٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ جَازَ لَهُ كَشْفُهُ فِي الْخَلْوَةِ اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا كَشْفُهُمَا) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فَهَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْإِحْرَامِ اهـ. س ل أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ سَتْرُ الرَّأْسِ وَكَشْفُ الْوَجْهِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي الشَّارِحِ وَيَجُوزُ لَهُ هَذِهِ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرْمَةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْفِدْيَةِ فَلَا تَلْزَمُ إلَّا فِي سَتْرِهِمَا فَقَطْ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا أَنَّ سَتْرَ الْوَجْهِ أَوْ كَشْفَهُمَا أَيْ وَلَا أَنَّ كَشْفَ الْوَجْهِ وَسَتْرَ الرَّأْسِ الَّتِي هِيَ الْخُصْلَةُ الْجَائِزَةُ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَثِمَ فِيهِمَا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا كَشْفُهُمَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ وَقِيَاسُهُ لُبْسُهُ الْمَخِيطَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِلْخُنْثَى سَتْرُ الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ لَا سَتْرُهُمَا وَلَا كَشْفُهُمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ سَتَرَهَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَالْمُرَادُ بِسَتْرِهِمَا مَعًا أَنْ يَحْصُلَ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَتَرَ وَاحِدًا فِي إحْرَامٍ وَالْآخَرَ فِي إحْرَامٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ انْتَهَتْ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ سَتْرُ أَحَدِهِمَا أَيْ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّا لَا نُوجِبُ شَيْئًا بِالشَّكِّ فَقَطْ أَيْ لَا سَتْرُهُمَا فَلَوْ سَتَرَهُمَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِتَيَقُّنِ سَتْرِ مَا لَيْسَ لَهُ سَتْرُهُ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُهُ سَتْرُهُ بِغَيْرِهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسَّتْرِ وَلَيْسَ الْمَخِيطَ كَمَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ اهـ وَقَالَ السُّبْكِيُّ عَقِبَ ذَلِكَ قُلْت أَمَّا سَتْرُ رَأْسِهِ فَوَاجِبٌ احْتِيَاطًا وَلَا يَسْتُرُ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَكَشْفُهُ وَاجِبٌ أَوْ رَجُلًا لَمْ يَلْزَمْهُ سَتْرُهُ، وَأَمَّا سَتْرُ بَدَنِهِ فَيَجِبُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَوَاضِحٌ أَوْ رَجُلًا فَجَائِزٌ، وَالسَّتْرُ مَعَ التَّرَدُّدِ وَاجِبٌ وَبِهَذَا أُمِرَتْ سَوْدَةُ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ ابْنِ وَلِيدَةَ زَمْعَةَ وَأَمَرَ الْخُنْثَى بِالِاحْتِجَابِ، قَالَ وَتَجْوِيزُ الْقَاضِي لُبْسَ الْمَخِيطِ فِيهِ نَظَرٌ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْ أُنْثَى جَازَ فَقَدْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْحَظْرُ أَوْلَى وَمَقْصُودُ السَّتْرِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ فَلَا مَعْنَى لِتَجْوِيزِ الْمَخِيطِ مَعَ جَوَازِ الْحَظْرِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا سَتْرَ الرَّأْسِ وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ رَأْسِ الْمَرْأَةِ وَاجِبٌ أَصْلِيٌّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْرِيمُ سَتْرِ الرَّأْسِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ عَارِضٌ لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي حَقِّ الْخُنْثَى حُكْمُ الْأُنُوثَةِ. اهـ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ الْقَاضِي وُجُوبُ سَتْرِ رَأْسِهِ وَسَتْرُ بَدَنِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَخِيطٍ بِقَرِينَةِ تَنْظِيرِهِ الْمَذْكُورِ، فَلَا يُنَافِي كَلَامَ السُّبْكِيّ إلَّا فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ فَالْقَاضِي يُجَوِّزُهُ وَهُوَ يُحَرِّمُهُ ثُمَّ كَلَامُ الْجُمْهُورِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ وَكَلَامُهُمَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِوُجُوبِ السَّتْرِ عَنْ الْأَجَانِبِ فَلَا مُنَافَاةَ إلَّا فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ فَالْجُمْهُورُ وَالْقَاضِي يُجَوِّزُونَهُ وَالسُّبْكِيُّ يُحَرِّمُهُ فَنَظَرُهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي لَا يَخُصُّهُ بَلْ يَأْتِي عَلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الْخُنْثَى بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْأَجَانِبِ جَازَ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَيَكُونُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُمَيِّزِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمَنْعُ فَهُوَ عَامٌّ لِلْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ طَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَلْبَسَهُ أَوْ دَهَنَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَيَأْتِي لَكِنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْفِدْيَةَ فِي مَالِهِ أَيْ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ نَعَمْ إنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ كَأَنْ طَيَّبَهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى
مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِذَا وَجَبَتْ فِدْيَةٌ فَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ نَعَمْ إنْ طَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ سَتْرٌ أَوْ لُبْسُ مَا مُنِعَ مِنْهُ لِعَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِهِ أَوْ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِهَا نَعَمْ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ لِفَقْدِ الرِّدَاءِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَتَجِبُ بِمَا ذُكِرَ الْفِدْيَةُ كَمَا تَجِبُ بِهِ بِلَا حَاجَةٍ نَعَمْ لَا تَجِبُ فِيمَا إذَا لَبِسَ الرَّجُلُ مِنْ الْمَخِيطِ لِعَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِهِ كَسَرَاوِيلَ لَا يَتَأَتَّى الِائْتِزَارُ بِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ الَّتِي هِيَ اللُّبْسُ وَالطِّيبُ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَالتَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ وَالشَّجَرِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ فَإِذَا وَطِئَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَسَدَ حَجُّهُ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْإِحْرَامِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا لَوْ تَعَيَّنَ سَتْرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ طَرِيقًا فِي دَفْعِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ إلَيْهَا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِنْ الْحَاجَةِ أَيْضًا شَدُّ خِرْقَةٍ عَلَى نَحْوِ الرَّأْسِ لِنَحْوِ جُرْحٍ قَالَ الشِّهَابُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُرَادُ بِالشَّدِّ هُنَا اللَّفُّ لَا الْعَقْدُ الْمُرَادُ فِي شَدِّ الْهِمْيَانِ وَالْخَيْطِ عَلَى الْإِزَارِ. اهـ. قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ لَا تَسْتَمْسِكُ إلَّا بِالْعَقْدِ كَانَ مُرَادًا مِنْ لَفْظِ الشَّدِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ ذُكِرَ) وَهُوَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُ رَأْسِهِ وَلَا لُبْسُ الْمَخِيطِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا وَلَا لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَيْ الْمَخِيطَ حِسًّا بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ اسْتِعَارَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَإِنْ قَلَّ فَلَهُ حِينَئِذٍ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِالْمَخِيطِ بِلَا فِدْيَةٍ وَلُبْسُهُ فِي بَقِيَّةِ بَدَنِهِ لِحَاجَةٍ نَحْوِ حَرٍّ وَبَرْدٍ بِفِدْيَةٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِمُدَاوَاةٍ إلَخْ) وَهَلْ يَجُوزُ سَتْرُ رَأْسِهِ أَوْ لُبْسُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ قَبْلَ وُجُودِ الضَّرَرِ إذَا ظَنَّ وُجُودَهُ إنْ لَمْ يَسْتُرْ أَوْ يَلْبَسْ أَوْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الضَّرَرِ، سُئِلَ السُّيُوطِيّ عَنْ ذَلِكَ نَظْمًا وَأَجَابَ كَذَلِكَ: وَمِنْ لَفْظِ السُّؤَالِ مَا قَوْلُكُمْ فِي مُحْرِمٍ يُلَبِّي
فَهَلْ لَهُ اللُّبْسُ قُبَيْلَ الْعُذْرِ
…
بِغَالِبِ الظَّنِّ بِدُونِ الْوِزْرِ
أَمْ بَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ عُذْرٌ ظَاهِرُ
…
يَجُوزُ لُبْسٌ وَغِطَاءٌ سَاتِرُ
وَلَوْ طَرَا عُذْرٌ وَزَالَ عَنْهُ
…
هَلْ يَجِبُ النَّزْعُ بِبُرْءٍ مِنْهُ
وَمِنْ لَفْظِ الْجَوَابِ:
وَمُحْرِمٌ قَبْلَ طُرُوُّ الْعُذْرِ
…
أَجِزْ لَهُ اللُّبْسَ بِغَيْرِ وِزْرِ
بِغَالِبِ الظَّنِّ وَلَا تَوَقُّفُ
…
عَلَى حُصُولِهِ فَهَذَا الْأَرْأَفُ
نَظِيرُهُ مَنْ ظَنَّ مِنْ غُسْلٍ بِمَا
…
حُصُولُ سَقَمٍ جَوَّزُوا التَّيَمُّمَا
وَمَنْ تَزُلْ أَعْذَارُهُ فَلْيَقْطَعْ
…
مُبَادِرًا وَيَعْصِ إنْ لَمْ يَنْزِعْ
اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَجِبُ فِيمَا إذَا لَبِسَ إلَخْ) وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْإِزَارِ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ وَخَرَجَ بِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْوَاجِدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ ذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْ السَّرَاوِيلِ إزَارٌ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ بِجَعْلِهِ إزَارًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَلِتَتَأَتِّي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النَّعْلِ بَعْدَ قَطْعِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ وَلِوُرُودِ الْأَمْرِ بِقَطْعِهِ وَجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِسُهُولَةِ أَمْرِهِ وَالْمُسَامَحَةِ فِيهِ بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِإِشْكَالِهِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ قَطْعِهِ إذَا وُجِدَ الْمُكَعَّبُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ إزَارًا مِثْلَهُ قِيمَةً وَجَبَ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَتُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ بِيعَ مِنْهُ إزَارٌ أَوْ نَعْلٌ نَسِيئَةً أَوْ وُهِبَا لَهُ وَلَوْ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ أَوْ أُعِيرَا لَهُ لَزِمَهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَجِيءُ فِي الشِّرَاءِ نَسِيئَةً وَفِي قَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَخَشْيَةِ تَنَجُّسِ رِجْلِهِ أَوْ نَحْوِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ كَوْنِ الْخُفِّ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَفِي قَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَيْ فَيَجِبُ حَيْثُ كَانَ لِأَجَلٍ مَعَ زِيَادَةٍ تَلِيقُ بِالْأَجَلِ وَكَانَ مُوسِرًا وَقْتَ حُلُولِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا نَعَمْ لَا تَجِبُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي خُصُوصِ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِ الْمَخِيطِ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ حَجّ أَنَّهُ مَتَى فَقَدَ الْمَخِيطَ وَلَبِسَ غَيْرَهُ لَا فِدْيَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الْغَيْرُ سَرَاوِيلَ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَأَمَّلْ ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ قِرَاءَةِ شَرْحِ م ر أَنَّ تَعْبِيرَ حَجّ مُعْتَرَضٌ وَأَنَّ الْحَقَّ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا يَنْتَفِي وُجُوبُهَا عِنْدَ لُبْسِ الْمَخِيطِ لِفَقْدِ غَيْرِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَخِيطُ سَرَاوِيلَ أَوْ خُفًّا قُطِعَ أَوْ مُكَعَّبًا وَمَا عَدَا هَذِهِ
أَوْ خُفَّيْنِ قَطْعًا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ، وَقَوْلِي إلَّا لِحَاجَةٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فِي لُبْسِ غَيْرِ الْقُفَّازِ وَمِنْ زِيَادَتِي فِي لُبْسِهِ.
(وَ) حَرُمَ بِهِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ (تَطْيِيبٌ) مِنْهُ
ــ
[حاشية الجمل]
الثَّلَاثَةَ أَنَّ تَصَوُّرَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِحَاطَةِ الْمُعْتَادَةِ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا هُوَ نَصُّ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خُفَّيْنِ قُطِعَا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) أَيْ فَلَهُ لُبْسُهُمَا مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لِفَقْدِ النَّعْلِ وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ الَّذِي يَجُوزُ فَقْدُهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحْرِمِ مِمَّا لَا إحَاطَةَ فِيهِ لِكُلِّ الْقَدَمِ أَوْ الْأَصَابِعِ كَالْمَدَاسِ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ وَهُوَ مَا يَكُونُ اسْتِمْسَاكُهُ بِسُيُورٍ عَلَى الْأَصَابِعِ وَكَالتَّاسُومَةِ وَالْقَبْقَابِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتُرَا جَمِيعَ أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَإِلَّا حَرُمَا كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهِمْ كِيسَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرْمُوزَةِ فَإِنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالرِّجْلِ جَمِيعِهَا وَالزُّرْبُولِ الْمِصْرِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَعْبٌ وَالْيَمَانِيُّ لِإِحَاطَتِهِمَا بِالْأَصَابِعِ فَامْتَنَعَ لُبْسُهُمَا أَيْ السَّرْمُوزَةِ وَالزُّرْبُولِ مَعَ وُجُودِ مَا لَا إحَاطَةَ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ وَحُكْمُ الْمَدَاسِ وَهُوَ السَّرْمُوزَةُ حُكْمُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ وَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُمَا مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ اهـ. حَجّ وَالسُّرْمُوزَةُ هِيَ السُّرْمُوجَةُ وَالزُّرْبُولُ الْوَطَا وَالْبَابُوجُ الَّذِي لَا كَعْبَ لَهُ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتُرَا جَمِيعَ أَصَابِعِ الرِّجْلِ يُفِيدُ الْحِلَّ إذَا سَتَرَا بَعْضَ الْأَصَابِعِ فَقَطْ وَهَلْ يُشْكِلُ تَحْرِيمُ كِيسِ الْأُصْبُعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ كِيسَ الْأُصْبُعِ مُخْتَصٌّ بِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مُحِيطٌ بِالْجَمِيعِ فَلَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَهَا السَّتْرَ الْمُمْتَنِعَ إلَّا إنْ سَتَرَ جَمِيعَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَتْرِ جَمِيعِهَا أَنْ لَا يَزِيدَ شَيْءٌ مِنْ الْأَصَابِعِ عَلَى سَيْرِ الْقَبْقَابِ أَوْ التَّاسُومَةِ فَلَا يَضُرُّ إمْكَانُ رُؤْيَةِ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ مِنْ قُدَّامَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: قُطِعَا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) أَيْ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ وُجُوبِ قَطْعِ مَا زَادَ مِنْ السَّرَاوِيلِ عَلَى الْعَوْرَةِ قَالُوا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ تَفَاهَةُ نَقْصِ الْخُفِّ غَالِبًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا قُطِعَا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الِاكْتِفَاءِ بِقَطْعِهِ الْخُفَّ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُحِيطُ بِالْعَقِبِ وَالْأَصَابِعِ وَظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي تَحْرِيمُهُمْ السَّرْمُوزَةَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قِيلَ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ مَا يُحِيطُ بِالْعَقِبَيْنِ وَالْأَصَابِعِ وَلَا يَضُرُّ اسْتِتَارُ ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْسَاكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِحَاطَةِ بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرَيْنِ لَكَانَ مُتَّجَهًا ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ كَالْأَصْحَابِ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّا يَسْتُرُ ظَهْرَ الْقَدَمَيْنِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لِحَاجَةِ الِاسْتِمْسَاكِ فَهُوَ كَاسْتِتَارِهِ بِشِرَاكِ النَّعْلِ وَرَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ قَالَ لَا يَجُوزُ لُبْسُ الزُّرْبُولِ الْمُقَوَّرِ الَّذِي لَا يُحِيطُ بِعَقِبِ الرِّجْلِ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِظَهْرِ الْقَدَمِ وَمُحِيطٌ بِهَا مِنْ الْجَوَانِبِ بِخِلَافِ الْقَبْقَابِ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ كَشِرَاكِ النَّعْلِ اهـ. وَصَرِيحُهُ وُجُوبُ قَطْعِ مَا سَتَرَ الْعَقِبَيْنِ بِالْأَوْلَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَسْتُرُ ظَهْرَ الْقَدَمَيْنِ وَمَا يَسْتُرُ الْعَقِبَ بِتَوَقُّفِ الِاسْتِمْسَاكِ فِي الْخِفَافِ غَالِبًا عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ كَابْنِ الْعِمَادِ وَالْمُرَادُ بِقَطْعِهِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبِ أَنْ يَصِيرَ كَالنَّعْلَيْنِ لَا التَّقْوِيرُ بِأَنْ يَصِيرَ كَالزُّرْبُولِ مِنْ الْإِيهَامِ بَلْ وَالْمُخَالَفَةُ لِصَرِيحِ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ وَجَدَ لَابِسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ نَعْلَيْنِ لَزِمَهُ نَزْعُهُ فَوْرًا وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ إذْ لَوْ كَانَ الْمَقْطُوعُ كَالنَّعْلِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا اللُّزُومُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يَسْتُرُ عَقِبَهُ أَوْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّ فِيهِ سَتْرًا أَكْثَرَ مِمَّا فِي النَّعْلَيْنِ فَوَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ وُجُودِهِمَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ الْعَقِبُ وَرُءُوسُ الْأَصَابِعِ يَحِلُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ كَالنَّعْلَيْنِ سَوَاءٌ وَمَا سَتَرَ الْأَصَابِعَ فَقَطْ أَوْ الْعَقِبَ فَقَطْ لَا يَحِلُّ إلَّا مَعَ فَقْدِ الْأَوَّلَيْنِ. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ عَلَى كُلٍّ) أَيْ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَوْ عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ فَلَيْسَ لَهَا اسْتِعْمَالُ قِسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ لِإِزَالَةِ الرِّيحِ الْكَرِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الرِّيحِ لَا لِلتَّطَيُّبِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخْشَمَ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: تَطْيِيبِ لِبَدَنِهِ) وَاسْتِعْمَالُ الطِّيبِ الْمُؤَثِّرُ هُنَا هُوَ أَنْ يُلْصِقَهُ بِبَدَنِهِ أَوْ نَحْوِ ثَوْبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِيهِ وَأَنْ يَحْتَوِيَ عَلَى مِجْمَرَةٍ أَوْ يَقْرُبَ مِنْهَا وَيُعَلِّقَ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ عَيْنَ الْبَخُورِ لَا أَثَرَهُ؛ لِأَنَّ التَّبَخُّرَ يَلْصِقُ بِعَيْنِ الطِّيبِ إذْ بُخَارُهُ وَدُخَانُهُ عَيْنُ أَجْزَائِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَاءِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ ثَمَّ عَيْنًا مُغَيِّرَةً، وَإِنَّمَا الْحَاصِلُ مِنْهُ تَرَوُّحٌ مَحْضٌ لَا حَمْلُ نَحْوِ مِسْكٍ فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ مَشْدُودَةٍ بِخِلَافِ حَمْلِ فَارَةِ مِسْكٍ مَشْقُوقَةِ الرَّأْسِ أَوْ قَارُورَةٍ مَفْتُوحَةِ الرَّأْسِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّدَّ صَارِفٌ عَنْ قَصْدِ التَّطَيُّبِ بِهِ وَالْفَتْحُ مَعَ الْحَمْلِ يُصَيِّرُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُلْصَقِ بِبَدَنِهِ وَلَا أَثَرَ لِعَبَقِ رِيحٍ مِنْ غَيْرِ عَيْنٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي أَكْلِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ فَقَطْ بِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ عَيْنِ الطِّيبِ وَلَوْ
(لِبَدَنِهِ) وَلَوْ بَاطِنًا بِنَحْوِ أَكْلٍ (أَوْ مَلْبُوسِهِ) وَلَوْ نَعْلًا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَثَوْبِهِ (بِمَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ) الطَّيِّبَةُ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا كَمِسْكٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ
ــ
[حاشية الجمل]
خَفِيَتْ رَائِحَتُهُ كَالْكَاذِي وَالْفَاغِيَةِ وَهِيَ نَوْرُ الْحِنَّاءِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَصَابَتْهُ الْمَاءُ فَاحَتْ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَشَرَطَ ابْنِ كَجٍّ فِي الرَّيَاحِينِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِيَدِهِ وَيَشُمَّهَا أَوْ يَضَعَ أَنْفَهُ عَلَيْهَا لِلشَّمِّ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: لِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ) أَيْ أَوْ فِرَاشِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَا لَوْ أَوْطَأَ دَابَّتَهُ طِيبًا وَإِنْ عَلَّقَ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَاسِكًا لِلِجَامِهَا أَوْ لَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ أُجْرِيَ فِيهَا تَفْصِيلُ الصَّلَاةِ وَوَجْهُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي النَّعْلِ أَنَّهُ مِنْ مَلْبُوسِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ وَأُخِذَ مِنْهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَلْبُوسِهِ مَا لَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَالطِّيبُ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ التَّطَيُّبِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقْصُودٌ آخَرُ وَذَلِكَ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْعُودِ وَالْعَنْبَرِ وَالصَّنْدَلِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنَّيْلُوفَرِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالنِّرْجِسِ وَالْخَيْرِيِّ وَالرَّيْحَانِ وَالنِّسْرِينِ وَالْمَرْزَنْجُوشِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَهُوَ الصُّمَيْرَانُ وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَا يَحْرُمُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الرَّائِحَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَالْفَوَاكِهِ الطَّيِّبَةِ الرَّائِحَةِ كَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَالنَّارِنْجِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا الْأَكْلُ وَكَذَا الْأَدْوِيَةُ كَالدَّارْصِينِيِّ وَالْقُرُنْفُلِ وَالسُّنْبُلِ وَسَائِرِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا غَالِبًا التَّدَاوِي وَكَذَا الشِّيحُ وَالْقَيْصُومُ وَالشَّقَائِقُ وَسَائِرُ أَزْهَارِ الْبَرَارِيِّ الطَّيِّبَةِ الَّتِي لَا تُسْتَنْبَتُ قَصْدًا وَكَذَا نَوْرُ التُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا الْعُصْفُرُ وَالْحِنَّاءُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا اللَّوْنُ فَلَا يَحْرُمُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْكُحْلِ الَّذِي فِيهِ طِيبٌ وَدَوَاءُ الْعُرْفِ الَّذِي فِيهِ طِيبٌ وَيَحْرُمُ أَكْلُ طَعَامٍ فِيهِ طِيبٌ ظَاهِرُ الطَّعْمِ أَوْ الرَّائِحَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الطَّرَفَ الطَّيِّبَ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا بَأْسَ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ دُونَ الرَّائِحَةِ وَالطَّعْمِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ انْغَمَرَ طِيبٌ فِي غَيْرِهِ كَمَاءِ وَرْدٍ قِيلَ أُمْحِقَ فِي مَاءٍ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ بَقِيَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ حَرُمَ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُحْرِمِ لِلطِّيبِ هُوَ أَنْ يُلْصِقَ الطِّيبَ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ فَلَوْ طَيَّبَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ بِغَالِيَةٍ أَوْ مِسْكٍ مَسْحُوقٍ وَنَحْوِهِمَا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ أَلْصَقَهُ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ أَوْ بَاطِنِهِ بِأَنْ أَكَلَهُ أَوْ احْتَقَنَ بِهِ أَوْ اسْتَعَطَهُ، وَلَوْ رَبَطَ مِسْكًا أَوْ كَافُورًا أَوْ عَنْبَرًا فِي طَرَفِ إزَارِهِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ رَبَطَ الْعُودَ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا وَلَا يَحْرُمُ أَنْ يَجْلِسَ فِي حَانُوتِ عَطَّارٍ وَفِي مَوْضِعٍ يُبَخَّرُ أَوْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تُبَخَّرُ أَوْ فِي بَيْتٍ يَتَبَخَّرُ سَاكِنُوهُ وَإِذَا أَعْبَقَ بِهِ الرَّائِحَةُ فِي هَذَا دُونَ الْعَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَا فِدْيَةَ ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَوْضِعَ لِاشْتِمَامِ الرَّائِحَةِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ قَصَدَهُ لِاشْتِمَامِهَا كُرِهَ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي قَوْلٍ لَا يُكْرَهُ وَلَوْ احْتَوَى عَلَى مِجْمَرَةٍ فَتَبَخَّرَ بِالْعُودِ بَدَنُهُ أَوْ ثَوْبُهُ عَصَى وَلَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ اسْتَرْوَحَ إلَى رَائِحَةِ طِيبٍ مَوْضُوعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ كُرِهَ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا وَلَوْ مَسَّ طِيبًا فَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِهِ لَكِنْ عَبِقَتْ بِهِ الرَّائِحَةُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي قَوْلٍ يَحْرُمُ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ شَمَّ الْوَرْدَ مَعَ اتِّصَالِهِ بِأَنْفِهِ فَقَدْ تَطَيَّبَ وَلَوْ شَمَّ مَاءَ الْوَرْدِ فَلَيْسَ مُتَطَيِّبًا وَإِنَّمَا اسْتِعْمَالُهُ أَنْ يَصُبَّهُ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ حَمَلَ مِسْكًا أَوْ طَيَّبَ غَيْرَهُ فِي كِيسٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَشْدُودَةٍ أَوْ قَارُورَةٍ مُصْمَتَةِ الرَّأْسِ أَوْ حَمَلَ الْوَرْدَ فِي ظَرْفٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ رَائِحَتَهُ، وَلَوْ حَمَلَ مِسْكًا فِي فَارَةٍ غَيْرِ مَشْقُوقَةِ الرَّأْسِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةَ الرَّأْسِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ مُطَيَّبٍ وَأَرْضٍ مُطَيَّبَةٍ أَوْ نَامَ عَلَيْهَا مُفْضِيًا بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ إلَيْهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فَلَوْ فَرَشَ فَوْقَهُ ثَوْبًا ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ أَوْ نَامَ عَلَيْهِ فَلَا فِدْيَةَ لَكِنْ إنْ كَانَ الثَّوْبُ رَقِيقًا كُرِهَ وَلَوْ دَاسَ بِنَعْلِهِ طِيبًا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَقَ بِالنَّعْلِ شَيْءٌ.
(فَرْعٌ) إنَّمَا يَحْرُمُ الطِّيبُ وَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ عَنْ قَصْدٍ فَإِنْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الطِّيبِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ فَلَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الطِّيبِ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الطِّيبِ وَجَهِلَ كَوْنَ الْمُسْتَعْمَلِ طِيبًا فَلَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ مِنْهُ شَيْءٌ فَكَانَ رَطْبًا فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله وَرَجَّحَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَوْلًا، وَالْأَظْهَرُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَمَتَى لَصِقَ الطِّيبُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عَصَى وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فَإِنْ أَخَّرَ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ عِصْيَانًا آخَرَ وَلَا تَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ وَمَتَى لَصِقَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ
لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ نَفْيُهُ الْفِدْيَةَ وَقَوْلِي بِمَا إلَخْ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِتَطْيِيبِهِ تَطْيِيبُ غَيْرِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ وَمَا لَوْ أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ طِيبًا وَشَمُّ مَاءَ الْوَرْدِ وَحَمْلُ الطِّيبِ فِي كِيسٍ مَرْبُوطٍ وَبِمَا بَعْدَهُ مَا لَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ طَيِّبَةً كَقُرُنْفُلٍ وَأُتْرُجٍّ وَشِيحٍ وَعُصْفُرٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي صُورَتَيْ تَطْيِيبِ غَيْرِهِ وَإِلْقَاءِ الرِّيحِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ عَقْلٌ إلَّا السَّكْرَانَ وَاخْتِيَارٌ وَعِلْمٌ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَيُعْتَبَرُ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ هُنَا الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَمْسُوسَ طِيبٌ يَعْلَقُ
ــ
[حاشية الجمل]
أَلْقَتْهُ الرِّيحُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فَإِنْ أَخَّرَ مَعَ الْإِمْكَانِ عَصَى وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِزَالَتُهُ تَكُونُ بِنَفْضِهِ إنْ كَانَ يَابِسًا فَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَيَغْسِلُهُ أَوْ يُعَالِجُهُ بِمَا يَقْطَعُ رِيحَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِزَالَتِهِ فَإِنْ بَاشَرَ إزَالَتَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ أَوْ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِزَالَةِ فَلَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى التَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ) وَلَوْ خَفِيَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ لِنَحْوِ غُبَارٍ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَصَابَهُ مَاءٌ فَاحَتْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَالْقَصْدُ مِنْ الطِّيبِ الرَّائِحَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ مِنْ الطِّيبِ كَغَيْرِهِ إذَا ظَهَرَ لَهُ رِيحٌ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَائِدَةٌ)
هَلْ يَأْتِي فِي حَمْلِ الطِّيبِ فِي أَمْتِعَةِ التَّفْصِيلِ فِي حَمْلِ الْمُصْحَفِ مَعَهَا أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ غَيْرُهُ هُنَا مِنْ الْإِنَاطَةِ بِالْعُرْفِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْجَوَّادِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَطْيِيبِهِ) أَيْ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْهُ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ فِي الْمَتْنِ لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَقُدْرَتُهُ عَلَى دَفْعِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْنُهُ أَيْ وَبِغَيْرِ قُدْرَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا شَمُّ مَاءِ الْوَرْدِ) أَيْ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِصَبِّهِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَقَوْلُهُ: وَلَا حَمْلُ الطِّيبِ فِي كِيسٍ مَرْبُوطٍ أَيْ وَلَا حَمْلُ الْوَرْدِ فِي نَحْوِ الْمِنْدِيلِ وَلَا حَمْلُ الْمِسْكِ فِي فَارَةٍ لَمْ تُشَقَّ عَنْهُ وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ قَصَدَ التَّطَيُّبَ إذْ لَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَطَيِّبًا فَإِنْ فُتِحَتْ الْخِرْقَةُ أَوْ شُقَّتْ الْفَارَةُ وَجَبَتْ كَمَا قَالُوهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَقُرُنْفُلٍ) أَيْ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ غَالِبًا الدَّوَاءُ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ مَعَ التَّمَكُّنِ أَوْ يُغْتَفَرُ هُنَا التَّأْخِيرُ بِمَا ذُكِرَ فِي نَحْوِ الشُّفْعَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا ز ي اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِلُّبْسِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْجَمَّالِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي اللُّبْسِ هُوَ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَفِي التَّطَيُّبِ هُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْمُحْرِمِ نَفْسِهِ وَكَوْنُ الطِّيبِ مِمَّا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا السَّكْرَانَ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَقْلُ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِالْمُتَعَدِّي وَاقْتِصَارُهُ كَالرَّمْلِيِّ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السَّكْرَانِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ حُرِّرَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَالصَّيْدُ وَالنَّبَاتُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُهُ فِي التَّحْرِيمِ لَا فِي الْفِدْيَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِثْمِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَتَجِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَلَوْ مَعَ انْتِفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ أَوْ أَخَذَ طَرَفًا مِنْ الْإِتْلَافِ وَطَرَفًا مِنْ التَّرَفُّهِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَغَيْرِهِمَا وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ الْمَحْضِ كَالتَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِهِ الْعَقْلُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) اعْتِبَارُ الْعِلْمِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْإِزَالَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَفِي م ر فِي مَبْحَثِ الْإِزَالَةِ مَا نَصُّهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ وَالْجَاهِلُ بِالْحُرْمَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ لِسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ هَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي التَّمَتُّعِ بِاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ مِنْهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ أَزَالَهَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي أَنَّهُمَا يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَنُسِبَا إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ ادَّعَى فِي زَمَنِنَا الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ عَادَةً وَإِلَّا قَبْلَ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَمْسُوسَ إلَخْ) وَإِنْ جَهِلَ الْفِدْيَةَ فِي كُلٍّ مِنْ أَنْوَاعِهِ أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ فِي بَعْضِهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: يَعْلَقُ) مَاضِيهِ عَلِقَ بِكَسْرِ اللَّامِ فَفِي الْمُخْتَارِ وَعَلِقَ بِهِ بِالْكَسْرِ عُلُوقًا أَيْ تَعَلَّقَ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَعَلِقَ الشَّوْكُ بِالثَّوْبِ عَلَقًا
(وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ (بِنَحْوِ خِطْمِيٍّ) كَسِدْرٍ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يُسَنُّ تَرْكُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ لَا لِلتَّزَيُّنِ وَالتَّنْمِيَةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (دَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ) بِدُهْنٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَدُهْنِ لَوْزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِخَبَرِ: الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ فَفِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ التَّحْرِيمُ فِي بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ كَحَاجِبٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ سَائِرُ الْبَدَنِ وَرَأْسُ أَقْرَعَ وَأَصْلَعَ وَذَقَنُ أَمْرَدَ فَلَا يَحْرُمُ دَهْنُهَا بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَزْيِينُهَا بِخِلَافِ الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ يَحْرُمُ دَهْنُهُ بِذَلِكَ لِتَأْثِيرِهِ فِي تَحْسِينِ شَعْرِهِ الَّذِي يَنْبُتُ بَعْدَهُ.
(وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (إزَالَةُ شَعْرِهِ) مِنْ رَأْسِهِ وَغَيْرِهِ (أَوْ ظُفُرِهِ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ بِمَا فِي الْآيَةِ الْبَاقِي
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ بَابِ تَعِبَ وَتَعَلَّقَ بِهِ إذَا نَشِبَ بِهِ وَاسْتَمْسَكَ وَعَلِقَتْ الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ وَكُلُّ أُنْثَى تَعَلَّقَ مِنْ بَابِ تَعِبَ أَيْضًا حَمَلَتْ وَالْمَصْدَرُ الْعُلُوقُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ غُسْلُهُ إلَخْ) الْأَنْسَبُ فِي الْمُقَابَلَةِ لَا يَحْرُمُ فَلِذَلِكَ أَصْلَحَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ فَالْمُقَابَلَةُ فِي كَلَامِهِ بِحَسَبِ اللَّازِمِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَهُ خَضْبُ لِحْيَتِهِ بِالْحِنَّاءِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لِحْيَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ خَضْبُ شَعْرِهِ بِنَحْوِ الْحِنَّاءِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَا شَعْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ الْمُحْرِمِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يُكْرَهُ غُسْلُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَهُ خَضْبُ لِحْيَتِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْمِي الشَّعْرَ وَلَيْسَ طِيبًا نَعَمْ إنْ كَانَ الْحِنَّاءُ ثَخِينًا وَالْمَحَلُّ يَحْرُمُ سَتْرُهُ حَرُمَ لَا لِلْخَضْبِ بَلْ لِسَتْرِ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ. بِاخْتِصَارٍ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْحِنَّاءُ عَلَى الرَّجُلِ إلَّا فِي غَيْرِ الشَّعْرِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ خِطْمِيٍّ) فِي الْمُخْتَارِ الْخِطْمِيُّ بِالْكَسْرِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ، قُلْت ذَكَرَ فِي الدِّيوَانِ أَنَّ فِي الْخِطْمِيِّ لُغَتَيْنِ فَتْحُ الْخَاءِ وَكَسْرُهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنَّمَا يُسَنُّ تَرْكُهُ) أَيْ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَدَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهِ) وَلَوْ شَعْرَةً أَوْ بَعْضَهَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ شَعْرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِدُونِهَا إنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ التَّزَيُّنُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَنَاطُ التَّحْرِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ انْتَهَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَحْرِيمَ الدَّهْنِ يَجْرِي فِي الشَّعْرَةِ وَبَعْضِهَا وَكَذَلِكَ الْإِزَالَةُ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي الْفِدْيَةِ فَفِي الْإِزَالَةِ لَا تَجِبُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ وَفِي الدَّهْنِ تَجِبُ فِي دَهْنِ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْضِهَا اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَدَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهِ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا حَصَلَ بِدَهْنِهَا التَّزَيُّنُ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الدَّمِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ حَيْثُ حَرُمَ وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ وَبِهِ فَارَقَ الْإِزَالَةَ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْعُبَابِ الثَّالِثِ الْإِدْهَانُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ قَالَ بَلْ أَوْ فِي شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ عُجَيْلٍ فِي اشْتِرَاطِهِ دَهْنَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ كَمَا لَا يَكْمُلُ دَمُ الْحَلْقِ إلَّا بِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ بِدَهْنِ الشَّعْرَةِ أَوْ بَعْضِهَا الْفِدْيَةُ الْكَامِلَةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْحَلْقِ بِأَنَّ تَمَامَ التَّرَفُّهِ هُنَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَرِيقَ الدُّهْنِ يُرَى وَلَوْ فِي نَحْوِ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِهِ وَيُلْزِمُ ابْنُ عُجَيْلٍ أَنَّ فِي دَهْنِ الشَّعْرَةِ مُدًّا وَالشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ قِيَاسِ مَا هُنَا بِالْإِزَالَةِ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ فِيمَا عَلِمْت اهـ. بِحُرُوفِهِ انْتَهَتْ، وَالدَّهْنُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّدْهِينِ وَبِضَمِّهَا اسْمٌ لِمَا يُدْهَنُ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِحْيَتِهِ) شَمِلَ لِحْيَةَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُثْلَةً فِي حَقِّهَا إلَّا أَنَّهَا تَتَزَيَّنُ بِدَهْنِهَا اهـ. م ر اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: كَزَيْتٍ) أَيْ وَلَوْ حَارًّا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَزُبْدٍ) بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَدُهْنِ لَوْزٍ) وَكَذَا شَحْمٍ وَشَمْعٍ ذَائِبَيْنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ) أَيْ الْأَشْعُرِ الْخَدِّ وَالْجَبْهَةِ إذْ لَا يُقْصَدُ تَنْمِيَتُهُمَا بِحَالٍ وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِمَا يُغْفَلُ عَنْهُ كَثِيرًا وَهُوَ تَلْوِيثُ الشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ بِالدُّهْنِ عِنْدَ أَكْلِ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ حَرَامٌ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلْيُحْتَرَزْ عَنْ ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ اهـ. حَجّ وَقَضِيَّتُهُ حُرْمَةُ أَكْلِ دُهْنٍ يُعْلَمُ مِنْهُ تَلْوِيثُ شَارِبِهِ مَثَلًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ مُقَيِّدًا لَهُ بِمَا إذَا لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ قَالَ وَإِلَّا جَازَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَأَصْلَعَ) وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الرَّأْسِ أَصْلَعَ جَازَ دَهْنُهُ هُوَ فَقَطْ دُونَ الْبَاقِي اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَذَقَنِ أَمْرَدَ) أَيْ سَوَاءٌ حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ أَوْ لَا اهـ. حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَذَقَنِ أَمْرَدَ) يَنْبَغِي إلَّا فِي أَوَانِ نَبَاتِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَرَأْسِ الْمَحْلُوقِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ دَهْنُهَا إلَخْ) وَإِنَّمَا حَرُمَ تَطْيِيبُ الْأَخْشَمِ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ أَخْشَمَ عَلَى أَنَّ لَطِيفَةَ الشَّمِّ قَدْ تَبْقَى مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِنْ قَلَّتْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ وَإِنَّمَا عَرَضَ مَانِعٌ فِي طَرِيقِهَا فَحَصَلَ الِانْتِفَاعُ بِالشَّمِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ قَلَّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ) أَيْ اسْتِقْلَالًا أَمَّا لَوْ كَشَطَ جِلْدَهُ فَزَالَ الشَّعْرُ تَبَعًا أَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةً فَزَالَ الظُّفْرُ تَبَعًا فَلَا فِدْيَةَ اهـ. شَيْخنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحَرُمَ إزَالَةُ شَعْرٍ أَيْ إلَّا إنْ أَزَالَهُ مَعَ جِلْدِهِ وَإِنْ حَرُمَتْ إزَالَةُ الْجِلْدِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ نَعَمْ تُسَنُّ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الظُّفْرُ انْتَهَتْ، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ التَّحَلُّلِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ فَتَحْرُمُ إزَالَةُ
بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ وَبِبَعْضِهَا (لَا لِعُذْرٍ) بِكَثْرَةِ قَمْلٍ أَوْ بِتَدَاوٍ لِجِرَاحَةٍ أَوْ بِتَأَذٍّ كَأَنْ تَأَذَّى بِشَعْرٍ نَبَتَ بِعَيْنِهِ أَوْ غَطَّاهَا أَوْ بِكَسْرِ ظُفُرِهِ، فَلَا تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِيهِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ شُعُورِ الْبَدَنِ حَتَّى يَحْرُمَ بَعْضُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَدَنِهِ وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ فَيَحْرُمُ قَلْمُهُ وَكَسْرُهُ وَقَطْعُ جُزْءٍ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَصَى وَلَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَشْطُ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ إنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَتْفِ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ يُكْرَهُ فَإِنْ مَشَطَ فَانْتُتِفَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فَإِنْ سَقَطَ شَعْرٌ فَشَكَّ هَلْ اُنْتُتِفَ بِالْمُشْطِ أَمْ كَانَ مُتَنَسِّلًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَشَطَ جِلْدَ رَأْسِهِ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ بَعْضَ أَصَابِعِهِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ وَظُفْرٌ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ حَلْقُ شَعْرِ الْحَلَالِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ حَلْقُ شَعْرِ الْمُحْرِمِ فَإِنْ حَلَقَ حَلَالٌ أَوْ، مُحْرِمٌ شَعْرَ مُحْرِمٍ آخَرَ ثَمَّ فَإِنْ كَانَ حَلَقَ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَإِنْ حَلَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ سَكَتَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَقِيلَ عَلَى الْمَحْلُوقِ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ امْتَنَعَ الْحَالِقُ مِنْ إخْرَاجِهَا فَلِلْمَحْلُوقِ مُطَالَبَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمَحْلُوقُ عَنْ الْحَالِقِ بِإِذْنِهِ جَازَ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ شَعْرِ مُحْرِمٍ نَائِمٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْحَالِقُ الْحَالَ فَإِنْ عَرَفَ فَعَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا إثْمَ، وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَفِيهَا صُوَرٌ مِنْهَا النَّاسِي وَالْجَاهِلُ فَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ فَلَا يَسْقُطُ ضَمَانٌ بِالْعُذْرِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ وَمِنْهَا لَوْ كَثُرَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ أَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ أَحْوَجَهُ أَذَاهُمَا إلَى الْحَلْقِ أَوْ تَأَذَّى بِالْحَلْقِ لِكَثْرَةِ شَعْرِهِ فَلَهُ الْحَلْقُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمِنْهَا لَوْ نَبَتَتْ شَعْرَةٌ أَوْ شَعَرَاتٌ دَاخِلَ جَفْنِهِ وَتَأَذَّى بِهَا قَلَعَهَا وَلَا فِدْيَةَ، وَكَذَا لَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَيْهِ قَطَعَ الْمُغَطِّيَ وَلَا فِدْيَةَ وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ بَعْضُ ظُفْرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ قَطَعَ الْمُنْكَسِرَ وَلَا يَقْطَعُ مَعَهُ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ) يُشْكِلُ تَعْلِيلُهُمْ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ فِي الْحَلْقِ بِالتَّرَفُّهِ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّغْزِيرِ وَجَعَلُوا فِي إزَالَتِهِ مِنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ التَّعْزِيرَ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ مُزْرِيًا وَمُنَافٍ لِكَوْنِهِ تَرَفُّهًا إذْ هُوَ الْمُلَائِمُ لِلنَّفْسِ وَيَلْزَمُ مِنْ مُلَاءَمَتِهِ لَهَا عَدَمُ إزْرَائِهِ لَهَا وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ إطْلَاقِ كَوْنِهِ تَرَفُّهًا بَلْ فِيهِ تَرَفُّهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُوَفِّرُ كُلْفَةَ الشَّعْرِ وَتَعَهُّدِهِ وَجِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّعْرَ جَمَالٌ وَزِينَةٌ فِي عُرْفِ الْعَرَبِ الْمُقَدَّمِ عَلَى غَيْرِهِ وَلِكَوْنِهِ جِنَايَةً سَاوَى نَحْوُ النَّاسِي غَيْرَهُ وَكَوْنُ بَقَائِهِ جَمَالًا «لَمْ يُحْلَقْ صلى الله عليه وسلم إلَّا فِي نُسُكٍ» فَإِنْ قُلْت لِمَ جُعِلَ رُكْنًا وَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إعْمَالُ النَّفْسِ فِي الْمَشْيِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعِبَادَةِ إمَّا بِالْإِعْلَامِ بِغَايَتِهَا كَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمُعْلَمِ بِحُصُولِهِ أَمْنُ الْآفَاتِ لِلْمُصَلِّي وَإِمَّا بِتَعَاطِي ضِدِّهَا كَتَعَاطِي الْمُفْطِرِ فِي الصَّوْمِ أَوْ دُخُولِ وَقْتِهِ وَالْحَلْقِ مِنْ حَيْثُ مَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ ضِدُّ الْإِحْرَامِ الْمُوجِبِ لِكَوْنِ الْمُحْرِمِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي تَحَلُّلِهِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشَّعْرِ الْكَائِنِ فِي الْمَتْنِ أَوْ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيرُهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ تَأَذَّى بِشَعْرٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ أَدْنَى تَأَذٍّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. حَجّ وَع ش عَلَى م ر وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّبْسِ لِحَاجَةٍ غَيْرُ خَفِيٍّ إذْ مِنْ شَأْنِ هَذَا عَدَمُ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: نَبَتَ بِعَيْنِهِ) وَمِمَّا جُرِّبَ لِإِزَالَتِهِ دُهْنَهُ بَعْدَ نَتْفِهِ بِالزَّبَادِ أَوْ بِدَمِ الضِّفْدَعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْ خَوَاصِّ الْيَرْبُوعِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ أَنَّهُ إذَا نُتِفَ الشَّعْرُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْعَيْنِ وَدُهِنَ مَكَانُهُ بِدَمِ الْيَرْبُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْيَرْبُوعُ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ يُشْبِهُ الْفَأْرَ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ اهـ. مِنْ شَيْخِنَا الْحَفْنَاوِيِّ فِي قِرَاءَةِ الشِّنْشَوْرِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الشَّعْرِ الْمُؤْذِي أَوْ الظُّفْرِ مَا لَا يَتَأَتَّى قَطْعُ الْمُنْكَسِرِ إلَّا بِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَبْقَى شَيْئًا مِنْ الْمُؤْذِي لِضَرَّهُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى حِدَةٍ قَدْ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ اهـ.
فَهُوَ نَصٌّ فِي الْجَوَازِ كَمَا بَحَثَهُ أَوَّلًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدَّمِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ كَمَا اسْتَقْرَبَتْهُ وَتُفْهِمُهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ) بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ لِضَرُورَةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَمَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ جَازَ الْفِعْلُ فِيهِمَا اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَذَا
كَمَا لَا تَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ (وَفِي) إزَالَةِ (شَعْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ ظُفْرٍ) وَاحِدٍ أَوْ بَعْضِ شَيْءٍ مِنْهُمَا (مُدٌّ) مِنْ طَعَامٍ (وَ) فِي (اثْنَيْنِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (مُدَّانِ) لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ فَعَدَلَ إلَى الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ
ــ
[حاشية الجمل]
تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ إلَّا لِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخُفِّفَ فِيهِمَا وَالْحَصْرُ فِيمَا قَالَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ مَمْنُوعٌ فَقَدْ اُسْتُثْنِيَ صُوَرٌ لَا فِدْيَةَ فِيهَا كَإِزَالَةِ شَعْرٍ نَبَتَ فِي بَاطِنِ عَيْنٍ وَتَضَرَّرَ بِهِ وَكَقَتْلِ صَيْدٍ صَائِلٍ وَحَيَوَانٍ مُؤْذٍ وَكَقَطْعِ مَا انْكَسَرَ مِنْ ظُفْرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ فَقَطَعَ الْمُؤْذِيَ مِنْهُ فَقَطْ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ لِكَثْرَةِ الْقَمْلِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الْمُزَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَيْهِ جَازَ لَهُ قَطْعُ الْمُغَطِّي فَقَطْ وَلَا فِدْيَةَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَفِي ثَلَاثَةٍ وَلَاءً وَلَوْ بِعُذْرٍ فِدْيَةٌ وَيُخَالِفُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] وَيُمْكِنُ دَفْعُ التَّنَافِي وَالْمُخَالَفَةِ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَذَى فِي الْآيَةِ عَلَى الَّذِي لَيْسَ لِضَرُورَةٍ كَالتَّأَذِّي بِكَثْرَةِ الْقَمْلِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ «صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك» إلَخْ وَكَالتَّدَاوِي وَكَذَا الْعُذْرُ الْآتِي يُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا حَالَةُ الضَّرُورَةِ كَالتَّأَذِّي بِالشَّعْرِ الْمَذْكُورِ وَبِكَسْرِ الظُّفْرِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْمَلِ الْآيَةِ كَمَا يُؤْخَذُ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ صَرِيحِ عِبَارَةِ م ر وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ح اوَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَمَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ جَازَ الْفِعْلُ فِيهِمَا اهـ. أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا تَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ نَاقِصٌ فَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ وَأَيْضًا التَّعْمِيمُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَخْتَصُّ خِطَابُ الْوَضْعِ بِالْمُمَيِّزِ وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ هَذَا وَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ اللُّزُومِ لِهَؤُلَاءِ بِلُزُومِهِمَا لِلْجَاهِلِ وَالنَّاسِي كَمَا سَيَأْتِي إذْ الْفَرْقُ أَنَّهُمَا يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَيُنْسَبَانِ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَفِي إزَالَةِ شَعْرَةٍ أَوْ ظُفْرٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الشَّعْرَةِ مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمًا وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَيْنِ وَالثَّالِثُ ثُلُثُ دَمٍ وَثُلُثَانِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الثَّلَاثِ عِنْدَ اخْتِيَارِهِ وَالْأَوَّلَانِ قَالَا تَبْعِيضُ الدَّمِ عَسِيرٌ فَعَدَلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا إلَى الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ فَقُوبِلَتْ بِهِ وَعَدَلَ الثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ تَقْرِيبًا فَاعْتُبِرَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّوْزِيعِ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي الظُّفْرِ وَالظُّفْرَيْنِ انْتَهَتْ، وَلَوْ أَزَالَ مَا ذُكِرَ مِنْ مُحْرِمٍ مَيِّتٍ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ تَحَلُّلِهِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَبِهِ جَزَمَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ وَجَزَمَ شَيْخُهُ الشِّهَابُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَتْنِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ بِلُزُومِهَا وَعَلَّلَهُ شَارِحُهُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيِّ النَّائِمِ وَيُؤَيِّدُ مَا فِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ الْمَحْلُوقُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ لَبَّدَ هَذَا الْمُحْرِمُ الْمَذْكُورُ شَعْرَهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ غَسْلُهُ إلَّا بِحَلْقِهِ مُوجِبٌ وَهَلْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا اسْتَوْجَهَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ رضي الله عنه عَدَمَ الْوُجُوبِ قَالَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَغَيْرُهُ مَعْذُورٌ وَاسْتَظْهَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي مَتْنِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ قَالَ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَة اهـ.
وَفَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي تَرِكَتِهِ وَبَيْنَ وُجُوبِهَا فِي مَالِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَيَّبَهُ الْوَلِيُّ أَوْ حَلَقَهُ لِحَاجَةٍ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِهَا فِي الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُمْ إلَّا بِغَسْلِ الرَّأْسِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ التَّلْبِيدِ حَصَلَ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِهِ لِكَوْنِهِ سُنَّةً اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ عَامَّةٌ بِسُقُوطِ الْوَاجِبِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِمَا ذُكِرَ وَقَدْ يَمْنَعُ الثَّانِي بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَإِنَّ إحْسَانَهُ لَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ سَبَبِيَّتِهِ فِيمَا هُوَ إتْلَافٌ إذْ النِّسْيَانُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَعَ رَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَأَيْضًا فَالْوَدِيعُ إذَا نَصَبَ فِي الْحَرَمِ شَبَكَةً مُودَعَةً لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهَا فِي نَصْبِهَا وَإِلَّا تَلِفَتْ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ تَعَلَّقَ بِهَا صَيْدٌ وَتَلِفَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ مُحْسِنٌ بِنَصْبِهَا فَكَذَلِكَ مَا هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نَصْبَ الشَّبَكَةِ أَقْرَبُ إلَى تَلَفِ الصَّيْدِ وَيَنْجَرُّ إلَيْهِ عَادَةً بِخِلَافِ التَّلْبِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى حَلْقِ الشَّعْرِ عَادَةً اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِهِ إنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَيَّبَهُ الْوَلِيُّ أَنَّ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مِنْ نَحْوِ
عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ بَعْضُهَا هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ الظُّفْرِ فِي هَذِهِ وَفِي الْعُذْرِ مِنْ زِيَادَتِي هَذَا (إنْ اخْتَارَ دَمًا) فَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَفِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ وَفِي اثْنَيْنِ صَاعَانِ أَوْ الصَّوْمُ فَفِي وَاحِدٍ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِي اثْنَيْنِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
الْجَنَابَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَشَرَتِهِ إلَّا بِحَلْقِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ لُزُومِ الْفِدْيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
ثُمَّ رَأَيْته - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَقَرَّ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ بَعْدَ أَنْ أَبْدَى احْتِمَالًا بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ قَالَ لِأَنَّ الْعُذْرَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ حُرْمَةُ الْحَلْقِ كَالْحِسِّيِّ وَهُوَ مَرَضُ الرَّأْسِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنْ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِبَقَاءِ شَعْرِ رَأْسِهِ لَزِمَتْهُ إزَالَتُهُ مَعَ الْفِدْيَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى النَّزْعِ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت مِنْ تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى فَرْقِ الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا إلَخْ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ مِمَّا إذَا لَبَّدَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ ثُمَّ مَاتَ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إلَّا سَبَبُ الْحَلْقِ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ سَبَبُهُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ شَرْعًا، إذْ الْإِكْرَاهُ لَيْسَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْفِدْيَةِ فَتَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ)
شَمِلَ قَوْلُهُمْ لَمْ يَتَحَلَّلْ مَا لَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ أَزَالَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِحِلِّ حَلْقِ الْبَدَنِ بَعْدَ حَلْقِ الرُّكْنِ أَوْ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَلِلْحَجِّ ثَلَاثُ تَحَلُّلَاتٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ وَقِيَاسُهُ جَوَازُ التَّقْلِيمِ إذْ هُوَ يُشْبِهُهُ اهـ. وَمَالَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَأَيَّدَهُ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرَحِمَهُ مَا عَدَا الْقِيَاسَ بِأَنَّ إطْلَاقَهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ بَعْدَ الْحَلْقِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ لَهُ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَسْبَابِ صَادِقٌ بِمَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ وَنَظَرَ هُوَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فِي الْقِيَاسِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الظُّفْرَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الرَّأْسِ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ لَهُ وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَهُ بِأَنَّ إبَاحَةَ حَلْقِ غَيْرِ الرَّأْسِ لَيْسَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ حَلْقِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لِدُخُولِ وَقْتِ حَلْقِهِ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ كَذَلِكَ وَرَدَّهُ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إبَاحَةُ حَلْقِهِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَقُولُ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ فِي اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ بِمَا تَقَرَّرَ وَمِنْ عِبَارَتِهِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَلْقُ شَعْرِ الْبَدَنِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ اهـ. فَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ حَلْقِ الْبَدَنِ قَبْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ فَقَوْلُهُ: يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ لَا عَلَى هَذَا الصَّرِيحِ مَعَ أَنَّهُمَا وَقَعَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ.
وَحَاصِلُ رَدِّهِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَنْعُ وَمِنْ عِبَارَةِ الزَّرْكَشِيّ فِي الِاعْتِرَاضِ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَلْقِ إنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ قَبْلُ أَوْ إنَّ التَّحَلُّلَ مَحْظُورٌ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلْقِ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى نَقْلِ هَذَا عَنْهُ فِي الِاعْتِرَاضِ وَقَالَ بَعْدَهُ وَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا تَرَى فِي حُرْمَةِ إزَالَةِ شَعْرِ الْبَدَنَ بَعْدَ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْآنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَخْ مَا قَالَهُ مِمَّا حَاصِلُهُ عَدَمُ ارْتِضَاءِ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الشُّعُورِ كَغَيْرِهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِعَكْسِ مَا قَالَهُ هُنَا مِمَّا ارْتَضَاهُ وَأَيَّدَهُ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَوْسَعُ مِنْهُ وَالْحَلْقُ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَ آنِفًا لَيْسَ صَرِيحًا بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِي حُرْمَةِ إزَالَةِ شَعْرِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْحَلْقِ الَّتِي يَرُدُّهَا قَوْلُهُ: هُنَا يَعْنِي فِي مَتْنِ الْمُخْتَصَرِ وَلَا مَعْنَى لِحِلِّ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بَلْ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ حَلْقَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ يَدْخُلُ وَقْتُهُمَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، قَالَ فِي خَادِمِهِ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَشَعْرَ بَدَنِهِ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْحَجِّ إلَّا تَحَلُّلَانِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلَانِ إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ رَأْسِهِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ إزَالَةِ شَعْرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ فَتَجُوزُ إزَالَتُهُ قَبْلَ الرَّأْسِ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا ثُمَّ بَعْدَ عَامٍ رَأَيْت سَيِّدِي الْمَرْحُومَ السَّيِّدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتَوْجَهَهُ أَيْضًا اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ أَيْ جَعَلَهُ عِدْلَهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مِثْلَهُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] إلَى أَنْ قَالَ {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ وَهُوَ الثَّابِتُ الْحَرَمِيُّ وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ قَوْلَ الشَّارِحِ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فَقَالَ أَيْ قَوَّمَ الْحَيَوَانَ بِالطَّعَامِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ دَمًا) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهُ أَزَالَ الثَّلَاثَةَ بِأَنْ قَالَ أَنَا لَوْ أَزَلْت الثَّلَاثَةَ كُنْت أُكَفِّرُ بِدَمٍ فَإِنْ قَالَ كُنْت أُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الصَّوْمِ فَفِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُدُّ أَوْ الْمُدَّانِ سَوَاءٌ اخْتَارَ الدَّمَ أَوْ غَيْرَهُ فَتَقْيِيدُهُ ضَعِيفٌ
وَ) فِي إزَالَةِ (ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ بِعُذْرٍ (وَلَاءٌ) مِنْ زِيَادَتِي بِأَنْ يَتَّحِدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ عُرْفًا (فِدْيَةٌ) أَمَّا فِي الْحَلْقِ بِعُذْرٍ فَلِآيَةِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِالْأَوْلَى وَقِيسَ بِالْحَلْقِ غَيْرُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الْفِدْيَةَ مُخَيَّرَةٌ وَالشَّعْرَ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلَوْ مَعَ شَعْرِ بَاقِي بَدَنِهِ وَلَاءٌ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ إنْ أَطَاقَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. شَيْخُنَا فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ أَوْ الْمُدَّيْنِ اسْتَقَرَّ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَلَا يَصُومُ عَنْ ذَلِكَ اهـ. ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ وَتَوْضِيحُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الطَّعَامَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ فِي كَمَالِ الْفِدْيَةِ وَجَبَ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِهِ فِي الْأَقَلِّ مِنْهُ وَهُوَ صَاعٌ فِي الْوَاحِدَةِ وَصَاعَانِ فِي الِاثْنَيْنِ وَإِذَا اخْتَارَ الصَّوْمَ أَيْ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَبَ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ الْأَيَّامُ وَإِذَا اخْتَارَ الدَّمَ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِهِ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ رُجُوعُهُ إلَى الْأَمْدَادِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ عُهِدَ التَّقْدِيرُ بِهَا فِي الْإِحْرَامِ وَهَذِهِ مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ تَبِعَ فِيهَا جَمَاعَةً هُنَا وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ إيجَابُ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اخْتَارَ دَمًا أَوْ لَا فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ مُدٍّ فِي الْوَاحِدَةِ وَمُدَّيْنِ فِي اثْنَيْنِ مُطْلَقًا فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَمْ يَكْفِ الصَّوْمُ، وَأَمَّا الصَّاعُ بَدَلَ الْمُدِّ وَالصَّاعَانِ بَدَلَ الْمُدَّيْنِ فَيُجْزِئُ بِالْأَوْلَى بَلْ يَقَعُ الْمُدُّ وَالْمُدَّانِ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ الدَّمَ هَذَا ضَعِيفٌ هَكَذَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهُوَ يَئُولُ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَعْضِهِ فَإِنَّ الْمُدَّ بَعْضُ الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنَّمَا قَالَ إنْ اخْتَارَ الدَّمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ خُيِّرَ بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ التَّصَدُّقِ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ أَوْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ وَجَبَ مُدٌّ أَوْ مُدَّانِ لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّمِ الْكَامِلِ وَهُوَ مَا لَوْ أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ، وَأَمَّا الشَّعْرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ فَالْوَاجِبُ فِيهِمَا مَا قَدَّرَهُ الْفُقَهَاءُ خِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ ثَلَاثَةٍ إلَخْ) وَلَوْ أَزَالَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِي ثَلَاثِ دَفَعَاتٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ أَوْ الْمَكَانُ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ وَإِنْ اتَّحَدَ فَمُدٌّ وَاحِدٌ لَا دَمٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَلَمْ يُوجَدْ هَكَذَا يَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت م ر قَرَّرَ مَا يُوَافِقُهُ قَالَهُ سَمِّ فِي حَوَاشِيهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَّحِدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ) فَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْإِزَالَةِ أَوْ زَمَنُهَا عُرْفًا وَجَبَ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ ظُفْرٍ أَوْ بَعْضِهِ مُدٌّ وَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ وُقُوعُ الْفِعْلِ عَلَى التَّوَالِي الْمُعْتَادِ وَإِلَّا فَالِاتِّحَادُ الْمُحَقَّقُ مَعَ التَّعَدُّدِ فِي الْفِعْلِ مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَالْمَكَانُ أَيْ مَكَانُ الْإِزَالَةِ أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي أَزَالَ فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَحَلَّ الْإِزَالَةِ كَالْعُضْوِ اهـ. شَيْخُنَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَكَانِ تَعَدُّدُ الزَّمَانِ فَهَلَّا اكْتَفَى بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّعَدُّدُ هُنَا عُرْفِيٌّ وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْمَكَانُ عُرْفًا وَلَا يَتَعَدَّدُ الزَّمَانُ عُرْفًا اهـ. عَزِيزِي أَيْ لِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ فَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَبِاتِّحَادِ الْمَكَانِ أَنْ لَا يَتَعَدَّدَ الْمَكَانُ الَّذِي أَزَالَ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَحَلْقٌ إلَخْ) لَعَلَّ تَقْدِيرَ خُصُوصِ الْحَلْقِ تَوْقِيفِيٌّ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ أَيْ فَحَلْقٌ لَا يَتَعَيَّنُ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَزَالَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَلْقِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ) أَيْ فِي الْآيَةِ بِالثَّلَاثِ أَيْ لَا بِدُونِهَا وَهَذَا بِحَسَبِ مَا قَامَ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ حَيْثُ حَمَلَ الشَّعْرَ فِي جَانِبِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدَةِ وَفِي جَانِبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْجَمْعِ الْغَيْرِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِثَلَاثٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ صَدَّ عَنْ الِاسْتِيعَابِ اهـ. ح ل وَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَقَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَالدَّمُ عَلَى الْحَالِقِ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَائِمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ إذْ هُوَ الْمُقَصِّرُ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ لَا الْعَارِيَّةِ وَضَمَانُ الْأَوْلَى مُخْتَصُّ بِالْمُتْلِفِ وَلِلْمَحْلُوقِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُوَدِّعَ لَا يُخَاصَمُ؛ لِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهِ وَلِوُجُوبِهِ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي مُقَابَلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهُ فَسَاغَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ طَارَتْ نَارٌ إلَى شَعْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ وَأَطَاقَ الدَّفْعَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَزَالَ الْمُحْرِمُ ذَلِكَ مِنْ الْحَلَالِ لَمْ تَجِبْ فِدْيَةٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِشَعْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ وَاسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْحَالِقِ مَا لَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ
لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لِلْحَالِقِ أَوْ سَكَتَ بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ بِالتَّرَفُّهِ وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ: الْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ نَفْعُهُ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ كَمَا لَوْ غَصَبَ شَاةً وَأَمَرَ قَصَّابًا بِذَبْحِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ.
(وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (وَطْءٌ) بِشُرُوطِهِ الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ قَالَ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] أَيْ
ــ
[حاشية الجمل]
آمِرِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِقِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالٌ مُحْرِمًا أَوْ عَكْسُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرِيحُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعْذُورَيْنِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ مَعْذُورَيْنِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْحَالِقِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي التَّطْيِيبِ وَالدَّهْنِ فِيمَا طَيَّبَ أَوْ دَهَنَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ مُحْرِمًا أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِزَالَةِ يُحَرَّرُ.
(قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ) عِبَارَةُ حَجّ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلَفَاتِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْحَلْقِ وَالسُّكُوتِ عَلَيْهِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِمَا كَمَا قَالَ هُوَ فِي الْأَيْمَانِ فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا حَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ اهـ. بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: قَصَّابًا) أَيْ جَزَّارًا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ) أَيْ لَا يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ إلَّا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْقَصَّارُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ فَيُطَالَبُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا وَفِي صُورَةِ الْعِلْمِ يَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: إلَّا الْغَاصِبُ أَيْ إنْ كَانَ جَاهِلًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ مُطْلَقًا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ بِهِ وَطْءٌ) أَيْ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى زَوْجَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى جِهَةِ الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ أَوْ كَانَ الْجِمَاعُ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ فِي مَيِّتَةٍ وَلَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِذَكَرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ أَوْ بِمَقْطُوعٍ وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ مِنْ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ فَاقِدِهَا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَقْطُوعٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَيَفْسُدُ حَجُّهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ كَمَا يَأْتِي اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَوَطْءٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ بِشَهْوَةٍ) مَحَلُّ حُرْمَتِهِمَا قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ أَوْ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْكَلَامِ أَمَّا بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ بَقِيَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ كَذَا جَزَمَ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ خَبَرُ: أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ، وَخَبَرُ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها لِتَطُوفَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَانَ يَوْمَهَا فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ لِيُوَاقِعَهَا فِيهِ» وَعَلَيْهِ بَوَّبَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بَابَ الرَّجُلِ يَزُورُ الْبَيْتَ ثُمَّ يُوَاقِعُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى وَذَكَرَهُ اهـ. قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُؤَيِّدُهُ اسْتِحْبَابُ الطِّيبِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم اهـ. أَيْ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الشِّرْبِينِيُّ فِي الْمَعْنَى وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ زَادَ الْأَخِيرُ وَأَنَّ النَّاسَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَلِكَ اهـ. قَالَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا السَّيِّدُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِبُعْدِ هَذَا التَّأْوِيلِ جِدًّا مَعَ ذِكْرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَعَهُ فَذِكْرُهُمَا مَعَهُ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَشْرُوعِيَّتُهُ كَهُمَا لِامْتِنَاعِ الصَّوْمِ فِيهَا اهـ وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ إلَخْ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْحَاشِيَةِ وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ بِأَنَّهُ تَعْبِيرٌ مِنْ الرَّاوِي بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ قَالَ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى وَيُحْتَاجُ إلَى ظُهُورِهِ فِي هَذَا الْمَجْمَعِ الْعَظِيمِ بِدَلَالَةِ الْفِعْلِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْقَوْلِ اهـ. زَادَ الْأَخِيرُ رَدَّ التَّأْيِيدِ الشَّرْحَ الْمَذْكُورَ، وَنَدْبُ الطِّيبِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ لَا يَقْتَضِي نَدْبَ الْجِمَاعِ بَعْدَهُمَا وَإِلَّا لَمَا نُدِبَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجِمَاعِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَسَبَبُ نَدْبِ الطِّيبِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَنْ يُخَالِفَ قَبْلَهُ كَالْأَكْلِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَقَبْلَ ذَلِكَ حَرَامٌ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَا يُسَنُّ بَدَلَ قَوْلِهِمْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَطَأَ إلَخْ أَنَّهُ يَعْنِي إثْبَاتَ سُنَّةِ نَفْيِ الْوَطْءِ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ اهـ. بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِلَا يُسَنُّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَطْءَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مُبَاحٌ بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِمْ بِلَا يُسَنُّ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْوَطْءَ فِيهَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَأَنَّ عَدَمَهُ سُنَّةٌ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ يَتَوَجَّهُ عَلَى عِبَارَتِهِ فِي مَتْنِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ قَالَهُ شَارِحُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا فِي مَا مَرَّ) وَهِيَ الْعَقْلُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَا رَفَثَ. الْآيَةَ) قَالَ بَعْضُهُمْ حِكْمَةُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَرْبَعَ قُوًى قُوًى شَهْوَانِيَّةٌ بَهِيمِيَّةٌ وَقُوًى غَضَبِيَّةٌ سَبْعِيَّهٌ وَقُوًى وَهْمِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ وَقُوًى عَقْلِيَّةٌ مَلَكِيَّةٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ قَهْرُ الْقُوَى الثَّلَاثِ أَعْنِي
فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَمُقَدِّمَاتُهُ بِشَهْوَةٍ) كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَعَلَيْهِ دَمٌ لَكِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لِدُخُولِهِ فِي فِدْيَةِ الْجِمَاعِ وَكَالْمُقَدَّمَاتِ اسْتِمْنَاؤُهُ بِعُضْوِهِ كَيَدِهِ لَكِنْ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ الدَّمُ إنْ أَنْزَلَ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّهْوَانِيَّةَ وَالْغَضَبِيَّةَ وَالْوَهْمِيَّةَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ} [البقرة: 197] ، إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الشَّهْوَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ:{وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197] إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الْغَضَبِيَّةِ الَّتِي تُوجِبُ الْمَعْصِيَةَ وَالتَّمَرُّدَ وَقَوْلُهُ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الْوَهْمِيَّةِ الَّتِي تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الْجِدَالِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَسْمَائِهِ وَهِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى مُنَازَعَةِ النَّاسِ وَمُمَارَاتِهِمْ وَالْمُخَاصَمَةِ مَعَهُمْ فَلَمَّا كَانَ سَبَبُ الشَّرِّ مَحْصُورًا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لَا جَرَمَ قَالَ {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا) أَيْ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ؛ لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَخَلَّفُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ) أَيْ وَالْفُسُوقُ بِالْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ بِالْخِصَامِ اهـ. أُجْهُورِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمُقَدِّمَاتُهُ) كَقُبْلَةٍ وَنَظَرٍ وَلَمْسٍ وَمُعَانَقَةٍ، وَقَوْلُهُ بِشَهْوَةٍ أَيْ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ إنْزَالٍ أَوْ مَعَ حَائِلٍ وَلَا دَمَ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ بَلْ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ الْإِنْزَالَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّ فِيهَا الدَّمَ وَأَنْ يُنْزِلَ إنْ بَاشَرَ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي تَقْبِيلِ الْغُلَامِ بِشَهْوَةٍ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَنَّهُ إنْ قِيلَ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا فِدْيَةَ أَوْ لِلشَّهْوَةِ أَثِمَ وَفَدَى اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَأَمَّا الْمُقَدِّمَاتُ بِشَهْوَةٍ حَتَّى النَّظَرُ فَتَحْرُمُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَا تُفْسِدُ أَيْ الْمُقَدِّمَاتُ النُّسُكَ وَإِنْ أَنْزَلَ وَيَجِبُ بِتَعَمُّدِهَا الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَكَذَا بِالِاسْتِمْنَاءِ أَيْ إذَا أَنْزَلَ لَا بِالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ اهـ.
وَفِي شَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ أَيْ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ فِي مُبَاشَرَةِ الْغُلَامِ كَالْمَرْأَةِ وَقَيَّدَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْحُسْنِ فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لَا فِدْيَةَ فِي تَقْبِيلِهِ وَلَا مُبَاشَرَتِهِ بِشَهْوَةٍ وَإِنْ أَنْزَلَ كَمَا لَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ ضَعِيفٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْحُسْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَقَيَّدَتْ بِهِ حُرْمَةُ نَظَرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ اهـ. وَفِي شَرْحِهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَوْ كَرَّرَ نَحْوَ الْقُبْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ لَمْ تَجِبْ إلَّا شَاةٌ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ ثُمَّ رَأَيْت الْمَجْمُوعَ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَسَأَذْكُرُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ آخِرِ الْبَابِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ الْحَلَالِ مُبَاشَرَةُ مُحْرِمَةٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَحْلِيلُهَا اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بِشَهْوَةٍ) لَكِنْ لَوْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَ بِحَائِلٍ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ أَنْزَلَ وَكَذَا يَحْرُمُ عَقْدُ النِّكَاحِ وَلَا فِدْيَةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمُبَاشَرَةُ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ اهـ. إيضَاحٌ وَهَذَا الدَّمُ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ كَمَا قَالَ النَّاظِمُ:
وَقَدِّرَنَّ وَخَيِّرَنَّ فِي الرَّابِعِ
…
إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعِ
لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا
إلَى أَنْ قَالَ
وَتَقْبِيلٌ وَوَطْءٌ ثَنَى
…
أَوْ بَيْنَ تَحَلُّلَيْ ذَوِي إحْرَامٍ
بِخِلَافِ دَمِ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ فَإِنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَمَا قَالَ النَّاظِمُ:
وَالثَّانِي تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ
…
فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ
(قَوْلُهُ: إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ التَّرَاخِي عَنْهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ إنْ جَامَعَ بَعْدَهَا وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ دَخَلَتْ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ فِي م ر وَقَيَّدَ ح ل بِحَيْثُ يُعَدُّ مُقَدِّمَةً لِلْوَطْءِ، وَلَوْ أَتَى بِالْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ح ل بِحُرُوفِهِ فَوَاجِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَنْدَرِجُ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ الْجِمَاعُ نَاشِئًا عَنْ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَيْنَ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَهُ رَاجِعٌ لِلْمُقَدِّمَاتِ فِي الْمَتْنِ وَلَعَلَّ التَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِعْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِي فِدْيَةِ الْجِمَاعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَنْدَرِجُ دَمُ الْمُبَاشَرَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهَا أَوْ بَدَلِهَا وَكَذَا فِي شَأْنِهِ كَالْوَاقِعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ أَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْجِمَاعِ أَمْ قَصُرَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: اسْتِمْنَاؤُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ اهـ. ح ل وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ طَلَبُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ أَيْ قَصْدُ إخْرَاجِهِ وَأَنَّهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ سَوَاءٌ كَانَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدِ إخْرَاجِهِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ بِلَا حَائِلٍ فَيُفْسِدُ الصَّوْمَ أَوْ بِهِ فَلَا يُفْسِدُهُ وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي نَظِيرَ هَذَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ يَأْثَمُ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ
(وَيَفْسُدُ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ الْخُنْثَى (حَجّ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْآيَةِ، وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ اقْتِضَاءُ الْفَسَادِ (قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ) لَا بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ (وَ) تَفْسُدُ بِهِ (عُمْرَةُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُفْرَدَةٌ) كَالْحَجِّ، وَغَيْرُ الْمُفْرَدَةِ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا (وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ الْمُفْسِدِ (بَدَنَةٌ) بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ كَانَ النُّسُكُ نَفْلًا (عَلَى الرَّجُلِ) رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَالْبَدَنَةُ الْمُرَادَةُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ عَجَزَ فَسَبْعُ شِيَاهٍ
ــ
[حاشية الجمل]
مُطْلَقًا وَفِي صُورَةِ عَدَمِهِ يُفْصَلُ بَيْنَ الْحَائِلِ وَعَدَمِهِ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ: بِعُضْوٍ كَيَدٍ اُنْظُرْ هَلْ الْعُضْوُ قَيْدٌ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ فِي حَائِطٍ مَثَلًا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ أَوْ فَالْحُرْمَةُ دُونَ الْفِدْيَةِ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ بِهِ إلَخْ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: يَفْسُدُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مُجَامِعًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ نَزْعِهِ انْعَقَدَ صَحِيحًا عَلَى أَوْجَهِ الْأَوْجُهِ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الْعَقْلُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَأَمَّا النَّاسِي وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمَةُ وَالْمُكْرَهُ وَالْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَفْسُدُ بِجِمَاعِهِمْ وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ لَزِمَهُ شَاةٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ بِهِ حَجّ) أَيْ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ دُونَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ كَالسَّاهِي وَالْجَاهِلِ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَفْسَدُ بِهِ حَجّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي الْفِدْيَةِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْخُنْثَى) عِبَارَةُ حَجّ وَيَفْسُدُ بِهِ حَجٌّ وَهُمَا أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءُ وَاضِحَانِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ) أَيْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهُوَ إجْمَاعٌ أَمْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ أَفَاتَهُ الْحَجُّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ الْمَجَامِعُ فِي النُّسُكِ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا إذْ عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَالرَّقِيقُ مُكَلَّفٌ وَسَوَاءٌ كَانَ النُّسُكُ مُتَطَوَّعًا بِهِ أَمْ مَفْرُوضًا بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْأَجِيرِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تُفْسِدُهُ وَإِذَا تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ حِينَئِذٍ وَجَبَ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ فِي كُلِّ جِمَاعٍ شَاةٌ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَعُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ) أَيْ مَا دَامَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِهَا وَلَوْ شَعْرَةً مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْهَا اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ تَابِعَةً لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا) أَيْ وَمِيقَاتًا فَالتَّبَعِيَّةُ فِي الصِّحَّةِ كَأَنْ وَقَفَ الْقَارِنُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ سَعَى ثُمَّ وَطِئَ فَيَصِحُّ حَجُّهُ لِوُقُوعِ وَطْئِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْعُمْرَةُ تَبَعًا وَلَوْ انْفَرَدَتْ فَسَدَتْ لِوَطْئِهِ قَبْلَ الْحَلْقِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَرْكَانِهَا وَكَذَا لَوْ وَقَفَ الْقَارِنُ ثُمَّ رَمَى ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ جَامَعَ فَلَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَلْ تَكُونُ صَحِيحَةً تَبَعًا لِلْحَجِّ فِي الصِّحَّةِ وَالتَّبَعِيَّةِ فِي الْفَسَادِ كَأَنْ طَافَ الْقَارِنُ طَوَافَ الْقُدُومِ ثُمَّ سَعَى ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْوَطْءِ وَكَذَا الْعُمْرَةُ تَبَعًا وَلَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَفْسُدْ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ بَعْدَ تَمَامِ أَعْمَالِهَا وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الْمِيقَاتِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَوْلَا الْقِرَانُ لَمَا كَانَ مِيقَاتُهُ جَوْفَ مَكَّةَ اهـ. مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ كَكُلِّ فِدْيَةٍ تَعَدَّى بِسَبَبِهَا اهـ. حَجّ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْمُفْسِدِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَفِي فِدْيَةِ مَا يَحْرُمُ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَصَيْدٌ وَنَابِتٌ ذُبِحَ إلَخْ كَمَا سَيُنَبِّهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَفِي هَذَا الصَّنِيع بَيَانُ الْمَفْهُومِ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَنْطُوقِ بِمَسْأَلَةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَيْ بِالْوَطْءِ الْمُفْسِدِ) خَرَجَ بِالْمُفْسِدِ الْوَطْءُ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَالْجِمَاعُ الثَّانِي بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ فَيَجِبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ فَكَانَ كَاللُّبْسِ وَمِنْهُ يُؤْخَذَانِ الْأَوْجَهُ تَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ أَحَدِ هَذَيْنِ كَمَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ اهـ. حَجّ وَلَوْ انْعَقَدَ نُسُكُهُ فَاسِدًا بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَسَادِ الْعُمْرَةِ بِالْجِمَاعِ ثُمَّ جَامَعَ فَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادٍ آخَرَ بِالْجِمَاعِ حَتَّى تَجِبَ الْفِدْيَةُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِفَسَادِ الْفَاسِدِ فَتَجِبُ شَاةٌ كَمَا لَوْ جَامَعَ بَعْدَ إفْسَادِ الصَّحِيحِ بِالْجِمَاعِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ فَائِدَةُ الْحُكْمِ بِالْفَسَادِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِالْإِفْسَادِ الْأَوَّلِ. اهـ. سَمِّ عَلَيْهِ
1 -
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) كَمَا فِي حَجِّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَتْ الْبَدَنَةُ فِي الصَّبِيِّ عَلَى وَلِيِّهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا كُلٌّ مِنْ الْغَايَتَيْنِ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ وَشُرَّاحِهَا (قَوْلُهُ وَالْبَدَنَةُ الْمُرَادَةُ إلَخْ) أَيْ لَا الْأُنْثَى وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ لَا مَا يَشْمَلُ الْبَقَرَةَ. اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَدَنَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ الْفِقْهِ فَالْمُرَادُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَشَرْطُهَا سِنٌّ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا مَرَّ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَدَنَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
ثُمَّ يُقَوِّمُ الْبَدَنَةَ وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَى الرَّجُلِ الْمَرْأَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْإِثْمِ.
(وَ) يَجِبُ بِهِ (مُضِيٌّ
ــ
[حاشية الجمل]
الْبَقَرَةِ أَيْضًا فَسَبْعُ شِيَاهٍ إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَوِّمُ الْبَدَنَةَ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا بِسِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَمْ يُعْتَبَرْ بَقِيَّةُ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ سُكْنَى فَانْتَفَتْ الرَّغَبَاتُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا ثُمَّ يُقَوِّمُ الْبَدَنَةَ) أَيْ ثُمَّ إنْ عَجَزَ يُقَوِّمُ إلَخْ وَهَلَّا قَالَ فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ إلَخْ فَإِنْ عَجَزَ صَامَ إلَخْ تَأَمَّلْ وَالْأَقْرَبُ فِي قِيمَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يَصُومُ بَدَلَهُ اعْتِبَارُ سِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ كَمَا اُعْتُبِرَ فِي قِيمَةِ الْبَدَنَةِ. اهـ. ع ش وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ حَجّ الْمُعْتَبَرُ حَالَ الْأَدَاءِ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ، قَالَ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ كَفَّرَ بِالْبَدَنَةِ أَوْ بَدَلِهَا لَا بِالصَّوْمِ اهـ ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا) أَيْ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ الْمَوْجُودِينَ فِيهِ حَالَ الْإِعْطَاءِ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا كَفَى اثْنَانِ وَوَاحِدٌ، قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَحْرِ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَاجِبَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ إنْ قَدَرَ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا فَإِذَا دَفَعَ لِاثْنَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الثَّالِثِ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ غُرَبَاءَ وَالْمُتَوَطِّنُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيبُ أَحْوَجَ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ لِصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ وَيَقْبِضُهُ أَوْلِيَاؤُهُمْ لَهُمْ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا) قَالَ الشَّارِحُ أَيْ النَّشِيلِيّ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أَخْرَجَهُ وَصَامَ عَمَّا بَقِيَ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي الدَّمِ فَيُقَالُ إنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ كَأَنْ قَدَرَ عَلَى شَاةٍ مَثَلًا مِنْ السَّبْعِ فِي دَمِ الْفَسَادِ أَخْرَجَهُ وَقَوَّمَ سِتَّةَ أَسْبَاعِ الْبَدَنَةِ وَأَخْرَجَ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ شَاةُ الْإِحْصَارِ أَيْضًا أَوْ يُفَرَّقُ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالْعَجْزِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ أَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ عَاجِزًا إلَّا عَنْ بَعْضِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْإِطْعَامِ حَيْثُ يُخْرِجُهُ وَيَصُومُ عَنْ الْبَاقِي وَبَيْنَ عَدَمِ إجْزَاءِ إطْعَامِ خَمْسَةٍ وَكِسْوَةِ خَمْسَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ يَمْنَعُ الِاكْتِفَاءَ بِبَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا لِمُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ، وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ فَقَضِيَّةُ التَّرْتِيبِ فِيهَا أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ وَاحِدٍ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ فَلَيْسَ بِعَاجِزٍ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إذْ الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ اهـ. بَلْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ فَيُؤْخَذُ بِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ وَاضِحٌ بِخِلَافِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) أَيْ ثُمَّ يُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْوُجُوبُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الرَّجُلِ دُونَهَا وَإِنْ فَسَدَ نُسُكُهَا بِأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً مُمَيِّزَةً مُخْتَارَةً عَامِدَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَهِيَ عَنْهُ فَقَطْ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ سَيِّدًا أَمْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَمْ زَانِيًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى لُزُومِ الْبَدَنَةِ لَهَا طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ، وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِقَضَاءِ نُسُكِهَا الَّذِي أَفْسَدَهُ الزَّوْجُ بِالْوَطْءِ لَزِمَ الزَّوْجَ زِيَادَةُ نَفَقَةِ السَّفَرِ مِنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَلَزِمَتْهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلَوْ عَضِبَتْ لَزِمَ زَوْجَهَا الْإِنَابَةُ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ عَلَيْهَا، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْحَصْرِ فَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا مَعَهَا وَيُسَنُّ افْتِرَاقُهُمَا مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرَغَ التَّحَلُّلَانِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي مَكَانِ الْجِمَاعِ آكَدُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ تَتَعَلَّقُ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ ثَمَّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً فَهِيَ مُقَصِّرَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا نَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَنَقُولُ هَذِهِ الْغَرَامَةُ لَمَّا نَشَأَتْ مِنْ الْجِمَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ لَزِمَتْهُ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ لُزُومِ الزَّوْجِ مَاءَ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ حَيْثُ حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: الْمَرْأَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ مُحْرِمَةً وَهُوَ حَلَالٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر خِلَافًا لِحَجِّ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِهِ مُضِيٌّ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي فَاسِدِهِمَا أَيْ لَا فِي بَاطِلِهَا وَيَبْطُلَانِ بِالرِّدَّةِ فَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فَإِنَّ الرِّدَّةَ إذَا وُجِدَتْ أَثْنَاءَ الْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ تُبْطِلُهُ وَإِنْ قَصَرَ زَمَنُهَا لِمُنَافَاتِهَا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ. شَيْخُنَا وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرِ الْأُولَى مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ هُنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ
فِي فَاسِدِهِمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَتِمُّ فَاسِدُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (إعَادَةٌ فَوْرًا) وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا تَضِيقُ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَالنَّفَلُ مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ وَاجِبُ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّفْلِ فَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ عُمْرَةً فَإِعَادَتُهَا فَوْرًا ظَاهِرٌ أَوْ حَجًّا فَيُتَصَوَّرُ فِي سَنَةِ الْفَسَادِ بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْجِمَاعِ أَوْ قَبْلَهُ وَيَتَعَذَّرُ الْمُضِيُّ فَيَتَحَلَّلُ ثُمَّ يَزُولُ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَإِنْ لَمْ يُحْصَرْ أَعَادَ مِنْ قَابِلٍ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْقَضَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ إذَا فَسَدَتْ وَأُعِيدَتْ فِي وَقْتِهَا وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَنْ الْفَاسِدِ وَيَتَأَدَّى بِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا بِخِلَافِهَا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ فَكَانَ الْمُنَافِي لَهَا مُبْطِلًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَنَاسَبَ فَسَادَهُ بِهَا مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَجِبُ بِهِ مُضِيٌّ فِي فَاسِدِهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْمُضِيِّ بِسَبَبِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ بِالنُّسُكِ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِ النُّسُكِ لِإِفْتَاءِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فَيَعْمَلُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيَجْتَنِبُ مَا كَانَ يَجْتَنِبُهُ قَبْلَهُ وَمِنْهُ الْجِمَاعُ ثَانِيًا فَلَوْ فَعَلَ فِيهِ مَحْظُورًا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَفِي قَوْلِهِمْ فَيَعْمَلُ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُضِيَّ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِي النُّسُكِ لَا أَنَّهُ طَرَأَ وُجُوبُهُ بِسَبَبِ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ اهـ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [البقرة: 196] إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إذْ هُوَ يَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَخْ) اسْتَثْنَى الصَّوْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ خَرَجَ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ بِخِلَافِ النُّسُكِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فَوْرًا) أَيْ مَنْ فَسَدَ حَجُّهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ أَفْسَدَ الزَّوْجُ حَجَّهَا كَانَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَلَوْ مَاتَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَحْرَمَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَأَفْسَدَ نُسُكَهُ بِالْجِمَاعِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ الْقِيَامُ بِذَلِكَ حَتَّى إذَا مَاتَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ وَتَطَوُّعُهُ كَتَطَوُّعِ الْبَالِغِ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِيجَابُهُ أَيْ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَيْ الصَّبِيِّ لَيْسَ إيجَابَ تَكْلِيفٍ بَلْ مَعْنَاهُ تَرَتُّبُهُ فِي ذِمَّتِهِ كَغَرَامَةِ مَا أَتْلَفَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقَعُ الْقَضَاءُ نَفْلًا وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَقَعُ الْقَضَاءُ مِثْلَ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا وَقَعَ الْقَضَاءُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا وَقَعَ الْقَضَاءُ تَطَوُّعًا انْتَهَتْ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ الْأَدَاءُ كَذَلِكَ لَكِنْ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا حَتَّى فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ تَطَوُّعًا فَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ وَاجِبًا وَمَعَ ذَلِكَ يَقَعُ تَطَوُّعًا وَلَا أَعْرِفُ لِهَذَا نَظِيرًا الْآنَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ اهـ. مِنْ شُرُوحِ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ عُمْرَةً إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ وَتَوَابِعِهِ وَبِالْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ بِأَنْ يَحْصُرَهُ الْعَدُوُّ إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْجِمَاعِ إلَخْ) وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يَشْرِطَ فِي إحْرَامِهِ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ ثُمَّ يُجَامِعَ ثُمَّ يَمْرَضَ فَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يُشْفَى وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَلِّدَ ابْنَ حَنْبَلٍ وَيَفْسَخَ الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ أَيْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ عُمْرَةً فَيَنْعَقِدَ عُمْرَةً فَاسِدَةً ثُمَّ يَتَحَلَّلَ بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يُحْرِمَ بِحَجِّ الْقَضَاءِ فِي سَنَتِهِ وَيَقَعَ عَنْ الْحَجَّةِ الَّتِي كَانَ نَوَاهَا أَوَّلًا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْقَضَاءِ، هَكَذَا أَخْبَرَنِي بَعْضُ الثِّقَاتِ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ حَنْبَلٍ كَمَا ذُكِرَ وَبِأَنَّ بَعْضَ الْمَكِّيِّينَ الْعَارِفِينَ أَفْتَى بَعْضَ الْحُجَّاجِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ الْجِمَاعُ فَفَسَدَ حَجُّهُ وَحَصَلَ لَهُ ضِيقٌ لِفَقْرِهِ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَوْدِ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ فَأَفْتَاهُ بِتَقْلِيدِ ابْنِ حَنْبَلٍ كَمَا ذُكِرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَتَحَلَّلُ) أَيْ بِذَبْحٍ فِي مَكَانِ حَصْرٍ فَحَلَقَ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ بَاقٍ) بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيُحْرِمُ ثَانِيًا وَيَأْتِي بِالْأَعْمَالِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا وَلَوْ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ مَعْنَاهَا لُغَةً الْأَدَاءُ يُقَالُ قَضَيْت الدَّيْنَ أَيْ أَدَّيْته اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْفَاسِدِ) حَتَّى لَوْ أَفْسَدَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَجَبَتْ إعَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَشْرُ بَدَنَاتٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَيَتَأَدَّى بِهَا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ وَأَعَادَهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ تَقَعُ الْإِعَادَةُ نَفْلًا فَلَا تُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِعَادَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَدَّمَهَا وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ وَلَوْ جَامَعَ مُمَيِّزٌ أَوْ قِنٌّ أَجْزَأَهُ الْقَضَاءُ فِي الصِّبَا وَالرِّقِّ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْآذِنَ فِي الْأَدَاءِ إذْنٌ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي إفْسَادِ الْأَدَاءِ وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَضَاءِ فَبَلَغَ أَوْ عَتَقَ فِي الْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي وَقْتِهِ وَأَدْرَكَهُ أَوْ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ انْصِرَافُ إحْرَامِ الْقَضَاءِ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَتِهِ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ مِنْ قَابِلٍ وَمِثْلُ النُّسُكِ فِي الْفَوْرِيَّةِ كُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ بِتَعَدٍّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَتَأَدَّى بِهَا
مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْأَدَاءِ لَوْلَا الْفَسَادُ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَفْسَدَهَا بِوَطْءٍ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ أَيْضًا لَا إعَادَةٌ عَنْهَا بَلْ عَنْ الْأَصْلِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْإِعَادَةِ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ، وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ لَزِمَهُ فِي الْإِعَادَةِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ نَعَمْ إنْ سَلَكَ فِيهَا غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِيهِ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ بِالْأَدَاءِ.
(وَ) حَرُمَ بِهِ (تَعَرُّضٌ) وَلَوْ بِوَضْعِ يَدٍ بِشِرَاءٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (لِ) كُلِّ صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ)، قَالَ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]
ــ
[حاشية الجمل]
مَا كَانَ يَتَأَدَّى إلَخْ) وَهَذَا فِي غَيْرِ حَجّ الْأَجِيرِ أَمَّا هُوَ فَإِذَا أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ لَهُ وَيُكَفِّرُ وَيَقْضِي عَنْ نَفْسِهِ وَتَنْفَسِخُ الْعَيْنِيَّةُ لَا الذِّمِّيَّةُ فَيَحُجُّ مَثَلًا بَعْدَ سَنَةِ الْقَضَاءِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحُجُّ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَهَا) أَيْ حَجَّةَ الْإِعَادَةِ أَوْ عُمْرَتَهَا وَقَوْلُهُ: لَا إعَادَةَ عَنْهَا أَيْ عَنْ الْإِعَادَةِ بَلْ عَنْ الْأَصْلِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ عَنْ الْإِعَادَةِ لَكَانَ يَلْزَمُهُ حَجَّتَانِ إعَادَةُ الْأَصْلِ وَإِعَادَةُ الْإِعَادَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَدَنَةٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ بِإِفْسَادِ الْأَدَاءِ فَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْإِفْسَادِ دُونَ الْقَضَاءِ فَلَا يَتَعَدَّدُ وَإِنَّمَا يَجِبُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي إفْسَادِ قَضَاءِ النُّسُكِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي إفْسَادِ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ وَقْتَ أَدَائِهِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْحَجِّ لَا يَكُونُ إلَّا فِي وَقْتِهِ فَسَاوَى قَضَاؤُهُ أَدَاءَ رَمَضَانَ فِي حُرْمَةِ الْوَقْتِ فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا سِرُّ تَكْرَارِهَا دُونَ الْقَضَاءِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْإِعَادَةِ إلَخْ) وَلَوْ أَفْسَدَ مُفْرِدٌ نُسُكَهُ فَتَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ قَرَنَ جَازَ، وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَوْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ نُسُكَهُ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ، وَلَوْ فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ فَاتَتْ الْعُمْرَةُ تَبَعًا لَهُ وَلَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلْفَوَاتِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ دَمٌ ثَالِثٌ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْقَبْلِ بَلْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الْمِيقَاتِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ الدَّمِ أَوْ بِدُونِهِ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ وَلْيَكُنْ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَكَانِ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ مِنْ قَبْلِ الْمِيقَاتِ أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِإِحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ فَلَوْ أَحْرَمَ دُونَهُ لَزِمَهُ دَمٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَفِي الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ جَاوَزَهُ غَيْرُ مُسِيءٍ فَأَحْرَمَ ثُمَّ أَفْسَدَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ سَلَكَ فِيهَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فِي الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ لَا يَحْرُمُ فِي الثَّانِي مِنْ مَكَانِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يُحْرِمَ فِي الثَّانِي مِنْ مَكَانِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ ح ل أَيْ الَّذِي جَاوَزَهُ أَوْ لَا بِلَا إحْرَامٍ كَمَا لَوْ كَانَ أَوَّلًا سَلَكَ طَرِيقَ مِصْرَ ثُمَّ جَاوَزَ الْجُحْفَةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْ بَعْدِهَا وَفِي الْإِعَادَةِ سَلَكَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَصْبِرَ حَتَّى يُحَاذِيَ الْجُحْفَةَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي مِثْلِ الزَّمَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ زَمَنِ الْأَدَاءِ قِيلَ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الْقَاضِي يَلْزَمُ الْأَجِيرَ رِعَايَةُ زَمَنِ الْأَدَاءِ أَنَّ هَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْقَضَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لِلْأَجِيرِ لِانْفِسَاخِ الْعَيْنِيَّةِ بِالْإِفْسَادِ وَبَقَاءِ الذِّمَّةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ رِعَايَةُ زَمَنِ الْأَدَاءِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِجَمْعٍ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُوَافِقُهُمْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فِي مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ إلَخْ) حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي الْأَدَاءِ فِي شَوَّالٍ جَازَ فِي الْقَضَاءِ تَقْدِيمُهُ عَلَى شَوَّالٍ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ تَعَيُّنِ مَكَانِ الْإِحْرَامِ بِالنَّذْرِ دُونَ زَمَانِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِي النَّذْرِ تَعَيُّنَ الزَّمَانِ كَالْمَكَانِ بِالنَّذْرِ وَحَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْمَكَانَ هُنَا يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ إلَخْ) أَيْ طَيْرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَبَقَرِ وَحْشٍ وَجَرَادٍ وَكَذَا أَوَزٌّ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَطُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ مِنْ الْإِوَزِّ لَا جَزَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ التَّحْرِيرِ مَتْنًا وَشَرْحًا، وَصَيْدُ الْبَرِّ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا يَحِلُّ لَهُ أَيْ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ وَيَضْمَنُهُ وَهُوَ مَا يُرَادُ قَتْلُهُ لِضَرُورَةِ جُوعٍ، الثَّانِي يَحِلُّ قَتْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ وَهُوَ ذُو سُمٍّ وَحِدَأَةٌ وَغُرَابٌ وَكَلْبٌ لَا نَفْعَ فِيهِ وَكُلُّ سَبُعٍ عَادٍ وَصَيْدٍ صَائِلٍ أَوْ مَانِعٍ مِنْ الطَّرِيقِ وَيُسَنُّ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلُ الْمُؤْذِيَاتِ، الثَّالِثُ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ وَلَا يُضْمَنُ بِهِ وَهُوَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَلَا هُوَ مِمَّا مَرَّ إلَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَحْشِيٍّ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ وَيُضْمَنُ احْتِيَاطًا، الرَّابِعُ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ وَهُوَ مَأْكُولٌ وَحْشِيٌّ أَوْ فِي أَصْلِهِ وَحْشِيٌّ فَيُضْمَنُ أَيْ يَضْمَنُهُ قَاتِلُهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَحْشِيٌّ)
أَيْ أَخْذُهُ مُسْتَأْنَسًا كَانَ أَوْ لَا مَمْلُوكًا كَانَ أَوْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَإِنْ كَانَ بَرِّيًّا وَحْشِيًّا فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ بَلْ مِنْهُ مَا فِيهِ أَذًى كَنِمْرٍ وَنَسْرٍ فَيُسَنُّ قَتْلُهُ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَفْعٌ وَضُرٌّ كَفَهْدٍ وَصَقْرٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ وَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ لِضُرِّهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ كَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَبِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ وَإِنْ كَانَ الْبَحْرِيُّ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ كَالْبَرِّيِّ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ الْمُتَوَحِّشُ بِطَبْعِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ أَخْذُهُ) دَفْعًا لِمَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أُرِيدَ بِالصَّيْدِ فِي الْآيَةِ الْمَصْدَرُ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ أَنَّهُ الْمُصَادُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ وَإِضْمَارُ أَكْلِهِ وَأَخْذِهِ مَعًا يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا عُمُومَ لَهُ فَتَعَيَّنَ الْبَعْضُ وَهُوَ الْأَكْلُ وَالْإِضْمَارُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُ الِاصْطِيَادِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ،.
وَعِبَارَةُ حَجّ أَيْ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ) أَيْ وَبِخِلَافِ مَا شَكَّ فِي تَوَحُّشِهِ أَوْ أَكْلِهِ أَوْ فِي تَوَحُّشِ أَوْ أَكْلِ أَحَدِ أُصُولِهِ نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَرِّيًّا وَحْشِيًّا) وَحَرَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّعَرُّضَ لِلْوَحْشِيِّ غَيْرِ الْمَأْكُولِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَلْ مِنْهُ مَا فِيهِ أَذًى إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ طَبْعًا يُنْدَبُ قَتْلُهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَقَدْ صَحَّ «أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْغُرَابُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ وَالدُّبُّ وَالنَّسْرُ وَالْعِقَابُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالزُّنْبُورُ وَكُلُّ مُؤْذٍ وَمِنْهُ الْقَمْلُ فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَةُ قَمْلٍ عَلَى بَدَنِ مُحْرِمٍ أَوْ ثِيَابِهِ بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ سَنَّ قَتْلِهِ كَالْبُرْغُوثِ نَعَمْ قَمْلُ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِئَلَّا يُنْتَتَفَ الشَّعْرُ فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَى الْوَاحِدَةَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ نَدْبًا وَقَوْلُهُمْ لَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ حَيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَالْقَمْلِ الصِّبْيَانُ وَهُوَ بَيْضُهُ وَمِنْهُ مَا يَنْفَعُ وَيَضُرُّ كَصَقْرٍ وَبَازٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ كَخَنَافِسَ جَعْلَانَ وَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالنَّحْلِ وَالْخُطَّافِ الْمُسَمَّى بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ وَالضِّفْدَعِ وَالْقِرْدِ وَالْهُدْهُدِ أَمَّا غَيْرُ السُّلَيْمَانِيِّ وَهُوَ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ كَمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْخَطَّابِيِّ، وَكَذَا بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ قَتْلِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ حُرْمَةُ قَتْلِهِ وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ نَصُّهَا وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ الْهِرَّةُ فَيَحْرُمُ قَتْلُهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَنَمِرٍ) فِي الْمُخْتَارِ النَّمِرُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ سَبُعٌ وَجَمْعُهُ نُمُورٌ بِالضَّمِّ وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ نُمُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ شَاذٌّ وَالْأُنْثَى نَمِرَةٌ وَالنَّمِرَةُ أَيْضًا بُرْدَةٌ مِنْ صُوفٍ يَلْبَسُهَا الْأَعْرَابُ اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَنَسْرٌ فِي الْمُخْتَارِ بِفَتْحِ النُّونِ طَائِرٌ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَنْسُرُ وَالْكَثْرَةِ نُسُورٌ، وَيُقَالُ النَّسْرُ لَا مِخْلَبَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ ظُفْرٌ كَظُفْرِ الدَّجَاجَةِ وَالْغُرَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَضَرٌّ) فِي الْمُخْتَارِ الضَّرُّ بِالْفَتْحِ ضِدُّ النَّفْعِ وَبَابُهُ رَدَّ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَالضُّرُّ بِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُنَاسِبَ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَابَلَهُ بِالنَّفْعِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ) أَيْ فَيَكُونُ مُبَاحًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ لِنَفْعِهِ عِلَّةٌ لِنَفْيِ السِّنِّ وَقَوْلُهُ: لِضُرِّهِ مُقْتَضَى مَا قَبْلَهُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلْمَنْفِيِّ وَيَكُونُ النَّفْيُ خَالِيًا عَنْ التَّعْلِيلِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ) وَكَالْبَحْرِ الْغَدِيرُ وَالْبِئْرُ وَالْعَيْنُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ كَالْبَرِّيِّ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَعِيشُ فِيهِمَا مِمَّا هُوَ مَأْكُولٌ أَوْ فِي أَصْلِهِ مَأْكُولٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الْبَرِّيِّ الْمَحْضِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا فِي مَحْضِ الْبَرِّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مَأْكُولًا أَوْ فِي أَصْلِهِ مَأْكُولٌ فَعُلِمَ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِيهِمَا قَدْ يَكُونُ مَأْكُولًا وَقَدْ لَا وَقَدْ يُوصَفُ أَيْضًا بِالتَّوَحُّشِ وَغَيْرِهِ فَيَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالْوَحْشِ أَوْ لَا يَكُونُ إلَّا وَحْشِيًّا فَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِ فِيهِ نَظَرٌ.
(تَنْبِيهٌ)
قَوْلُهُ: وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ كَالْبَرِّيِّ يُفِيدُ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِيهِمَا قَدْ يَكُونُ مَأْكُولًا وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضِفْدَعٍ وَحَيَّةٍ وَسَرَطَانٍ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ تَمْثِيلَهُ الْمَذْكُورَ لِلتَّقْيِيدِ بِمَا لَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ وَيَلْتَزِمُ حِلَّ مَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ مِمَّا يَعِيشُ فِيهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَمُخَالَفَةٌ لِكَلَامِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ جَزَمَ بِالْإِشْكَالِ وَبَسَطَهُ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ لَكِنْ حَاوَلَ التَّخَلُّصَ مَعَ الْتِزَامِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَأْكُولٍ بِمَا هُوَ فِي غَايَةِ التَّعَسُّفِ
وَبِخِلَافِ الْإِنْسِيِّ وَإِنْ تَوَحَّشَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِلُّهُ وَلَا مُعَارِضَ (وَ) لِكُلِّ (مُتَوَلِّدٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْكُولِ الْمَذْكُورِ (وَمِنْ غَيْرِهِ) احْتِيَاطًا وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ عَقْلًا بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْ بَحْرِيٍّ أَوْ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ أَوْ إنْسِيٍّ وَبِالْمَأْكُولِ مِنْ بَحْرِيٍّ أَوْ إنْسِيٍّ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ ضَبُعٍ وَضِفْدَعٍ أَوْ ذِئْبٍ أَوْ حِمَارٍ إنْسِيٍّ وَكَمُتَوَلِّدٍ مِنْ ضَبُعٍ وَحُوتٍ أَوْ شَاةٍ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ حِمَارٍ وَفَرَسٍ أَهْلِيَّيْنِ وَمِنْ ذِئْبٍ وَشَاةٍ وَنَحْوِهِ، ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ (كَحَلَالٍ) وَلَوْ كَافِرًا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْآلَةُ كُلًّا
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْإِنْسِيِّ) وَمِنْهُ الْجَوَامِيسُ وَمِنْهُ أَيْضًا الدَّجَاجُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ إنْسِيٌّ بِخِلَافِ دَجَاجِ الْحَبَشِ فَإِنَّهُ وَحْشِيٌّ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَمُتَوَلِّدٌ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَ أُصُولِهِ وَإِنْ بَعُدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَغْلِيبًا لِلْمَأْكُولِ هُنَا وَلِغَيْرِهِ فِي حُكْمِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ حُكْمُ الْبَرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الزَّكَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ انْتَهَتْ أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: عَقْلًا) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ كَالضَّبُعِ مَعَ الضِّفْدَعِ أَوْ مَعَ الْحُوتِ وَذَكَرَ خَمْسَةَ أَمْثِلَةٍ رَاجِعَةٍ لِقَوْلِهِ مِنْ بَحْرِيٍّ إلَخْ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ بِزِيَادَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ ضَبُعٍ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ وَالْوَحْشِيِّ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَضِفْدَعٍ إلَخْ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ تَمْثِيلٌ لِلْغَيْرِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ)
قَالُوا لَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ فَقَتَلَ صَيْدًا بِهِ لَكِنَّهُ مَرَّ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ فَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِمَا لَوْ بَصَقَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطَعَ الْبُصَاقُ هَوَاءَ الْمَسْجِدِ إلَى خَارِجِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فَمَا الْفَرْقُ وَأَقُولُ لَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ وَجْهَ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدِ بِالْحَرَمِ أَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَمْنِ مَنْ بِهِ وَنَحْوِهِ وَوَجْهُ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لَهُ بِتَقْذِيرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْلِ الصَّادِرِ فِي الْحَرَمِ كَمُرُورِ السَّهْمِ فِيهِ قَتْلُ الصَّيْدِ كَانَ فِيهِ انْتِهَاكًا حَيْثُ كَانَ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ الْقَاتِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْلِ الصَّادِرِ فِي الْمَسْجِدِ كَمُرُورِ الْبُصَاقِ فِيهِ وَوُقُوعِهِ خَارِجَهُ فَإِنَّهُ لَا انْتَهَاكَ فِيهِ لِتَعْظِيمِهِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ فِعْلٌ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إبْعَادُ الْمُسْتَقْذَرِ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ جِدًّا اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: كَحَلَالٍ بِحَرَمٍ) وَيَضْمَنُ الْحَلَالُ فَرْخًا حَبَسَ أُمَّهُ حَتَّى تَلِفَ وَالْفَرْخُ فِي الْحَرَمِ دُونَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْحِلِّ أَوْ وَهِيَ فِي الْحَرَمِ دُونَهُ ضَمِنَهَا أَمَّا هُوَ فَكَمَا لَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلِكَوْنِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْخُ مِثَالٌ إذْ كُلُّ صَيْدٍ وَوَلَدُهُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ يَتْلَفُ بِانْقِطَاعِ مُتَعَهِّدِهِ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْمُحْرِمُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ سَوَاءٌ أَخَذَ أُمَّهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ فِي الْحَرَمِ أَمْ لَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَهُمَا) أَيْ الْحَلَالُ وَالصَّيْدُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا تَعْمِيمٌ فِي الْآلَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ وَالصَّائِدُ بِغَيْرِ الْحَرَمِ وَتَمُرُّ الْآلَةُ أَوْ بَعْضُهَا فِي سَيْرِهَا بِالْحَرَمِ اهـ. شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْ الصَّائِدِ وَالصَّيْدِ وَالْآلَةِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الصَّائِدِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ أَوْ كَانَ الصَّيْدُ كَذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ نَفَّرَ مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَوْ فِي الْحِلِّ أَوْ نَفَّرَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِنَحْوِ صَدْمَةٍ أَوْ أَخْذِ سَبُعٍ أَوْ قَتْلِ حَلَالٍ لَهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ آخَرُ ضَمِنَهُ أَيْضًا وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ أَوْ بِإِرْسَالِهِ وَهُمَا فِي الْحِلِّ أَيْضًا كَلْبًا مُعَلَّمًا تَعَيَّنَ الْحَرَمُ عِنْدَ إرْسَالِهِ لِطَرِيقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الطَّرِيقَ الْمَأْلُوفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارٌ أَوَّلًا كَذَلِكَ السَّهْمُ، وَلَوْ دَخَلَ صَيْدٌ رَمَى إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ وَكَذَا لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِيهِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ وَلَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ بِذَلِكَ إلَّا إنْ عَدِمَ الصَّيْدُ مَلْجَأً غَيْرَ الْحَرَمِ عِنْدَ هَرَبِهِ.
وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْلِ الْكَلْبِ لَهُ إلَى الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ رَمَى فِي الْحِلِّ صَيْدًا كُلُّهُ أَوْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ عَكْسُهُ ضَمِنَهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْ سَعَى مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ لَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّيْدِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ أَوْ نَحْوِهِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ فَإِنْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْهُ وَنَصَبَ شَبَكَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا يَتَعَقَّلُ بِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ غَيْرِ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ كَرَأْسِهِ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ هَذَا فِي الْقَائِمِ
أَوْ بَعْضًا (بِحَرَمٍ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» ، وَقِيسَ بِمَكَّة بَاقِي الْحَرَمِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ مَمْلُوكٍ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ وَتَعْبِيرِي بِالتَّعَرُّضِ لَهُ الشَّامِلِ لِلتَّعَرُّضِ لِجُزْئِهِ كَشَعْرِهِ وَبَيْضِهِ أَيْ غَيْرِ الْمَذَرِ وَلَوْ بِإِعَانَتِهِ غَيْرَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاصْطِيَادِهِ أَمَّا الْمَذَرُ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَغَيْرِهِ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِمُسْتَقَرِّهِ وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ فِي الْحِلِّ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضًا) وَالْعِبْرَةُ بِالْقَوَائِمِ وَلَوْ وَاحِدَةً دُونَ الرَّأْسِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قَائِمَتِهِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ لَا ضَمَانَ، وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ وَعَلَى هَذَا اعْتِبَارُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ شَرْطُهُ أَنْ يُصِيبَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِيهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
1 -
(قَوْلُهُ: بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِحُكْمِهِ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ الْمُتَعَلِّقِ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِهَا يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهَذَا التَّعَلُّقُ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِتَحْرِيمِهَا يَوْمَئِذٍ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ فِي الْوَرَقَةِ الْآتِيَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ تَنْبِيهٌ قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَقَامُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ كَالْحُرْمَةِ إمَّا أَنْ تَكُون عِبَارَةً عَنْ مُجَرَّدِ الْخِطَابِ أَيْ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ أَوْ مَعَ قَيْدِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْ حُرْمَةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ الْمَذْكُورَ قَدِيمٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَزِمَ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمُكَلَّفِينَ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ إذْ التَّعْلِيقُ التَّنْجِيزِيُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ قُلْت لَيْسَ الْمُرَادُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَدْ أَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ غَيْرِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ يُحَرِّمُ مَكَّةَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَفِي الْمُخْتَارِ عَضَدَ الشَّجَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ وَعَضَدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَعَانَهُ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالْخَلَا مَقْصُورٌ الرَّطْبُ مِنْ الْحَشِيشِ الْوَاحِدَةُ خَلَاةٌ وَخَلَيْت الْخَلَا قَطَعْته وَبَابُهُ رَمَى وَاخْتَلَيْته أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَلَالِ فِيهِ أَيْ الْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ مَمْلُوكٍ بِأَنْ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ حَلَالٌ آخَرُ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَحْرُمُ شِرَاؤُهُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّمَلُّكَاتِ وَيَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الشَّامِلِ لِلتَّعَرُّضِ لِجُزْئِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصُ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ تُقَوَّمُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيُنْظَرُ نَقْصُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُمَا بِالْقِيمَةِ هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تَسْقُطُ أَوْ لَا، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَتُهُ مِنْ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ وَقَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ الْمَغْرُومِ أَيْ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْأُمُّ قُوِّمَ اللَّبَنُ مُسْتَقِلًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَشَعْرِهِ) أَيْ أَوْ وَبَرِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ صُوفِهِ وَكَذَا لَبَنُهُ وَلَوْ قَلَعَ رِيشَةً فَنَبَتَ مَكَانَهَا غَيْرُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اللُّزُومُ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ سِنُّ الْمَثْغُورِ فَرَاجِعْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَائِدَةٌ)
قَيَّدَ مَوْلَانَا وَشَيْخُنَا الْمَرْحُومُ السَّيِّدُ عُمَرُ رضي الله عنه الْجُزْءَ بِالْمُتَّصِلِ أَخْذًا مِنْ الْمُنْتَقَى لِلنَّسَائِيِّ وَيُفْهِمُهُ تَعْلِيلُهُمْ لَهُ بِوِقَايَتِهِ لَهُ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَفَرَّقَهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَقِ الشَّجَرِ لِحُرْمَتِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ هَذَا التَّقْيِيدُ فِي اللَّبَنِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ إلَّا لِلْمُتَّصِلِ بِأَنْ كَانَ فِي الضَّرْعِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ ثُمَّ رَأَيْتهمْ حَكَوْا الْقَطْعَ بِالضَّمَانِ فِيمَا إذَا حَلَبَهُ هُوَ وَحَكَوْا الْخِلَافَ فِيهِ إذَا حَلَبَ وَصَحَّحُوا الضَّمَانَ وَبِهِ يَتَقَيَّدُ مَا ذَكَرْته فِي الْمُنْفَصِلِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا حَلَبَ لَهُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا الْبَيْضُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُنْفَصِلًا فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إذْ يَتَأَذَّى بِهِ الصَّيْدُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ الْمُنْفَصِلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَارَةُ الْمِسْكِ مَعَهُ كَالرِّيشِ أَيْضًا فَيُجْزِئُ فِيهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُتَّصِلِ وَغَيْرِهِ اهـ ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِدَلَالَةٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ إعَارَةِ آلَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَذَرُ) أَيْ الَّذِي فَسَدَ بِحَيْثُ لَا يُفَرِّخُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ) رَاجِعٌ لِلْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ كَانَ بَيْضَ نَعَامٍ حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ وَضَمِنَهُ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ
(فَإِنْ تَلِفَ) مَا تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ (ضَمِنَهُ) بِمَا يَأْتِي، قَالَ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]
وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالُ الْمَذْكُورُ بِجَامِعِ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ وَتَعْبِيرِي بِالتَّلَفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْإِتْلَافِ فَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ
ــ
[حاشية الجمل]
قَالَ الْعَلَّامَةُ سَمِّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ أَعْنِي عَدَمَ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ وَعَدَمَ الضَّمَانِ إذْ قِيَاسُ ضَمَانِهِ حُرْمَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ وَجَوَازُ التَّعَرُّضِ لَهُ مَعَ وُجُوبِ الضَّمَانِ بَعِيدٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ ضَمَانُ الصَّيْدِ هُنَا إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ أَوْ وَضْعُ يَدٍ فَالْأَوَّلُ كَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ وَالثَّانِي هُوَ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الصَّيْدِ بِنَحْوِ صِيَاحِهِ أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَيْ الصَّيْدِ أَوْ وُقُوعِهِ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي الْحَرَمِ أَوْ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ نَصَبَهَا بِمَلْكِهِ أَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ قَالَ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ وَلَوْ أَرْسَلَ مُحْرِمٌ كَلْبًا مُعَلَّمًا أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالصَّيْدُ حَاضِرٌ ثُمَّ أَوْ غَائِبٌ ثُمَّ ظَهَرَ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ انْحَلَّ رِبَاطُهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الرَّبْطِ فَقَتَلَ صَيْدًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ثُمَّ ظَهَرَ وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ آدَمِيٍّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَقَطْ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ اهـ.
قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ ضَارِيًا وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَالضَّارِي وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَزَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ حَفَرَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحِلِّ أَوْ بِالْحَرَمِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِهِ كَأَنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ فَصَارَ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ فِيهِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا حَفَرَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ أَوْ آدَمِيٌّ وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ آخَرَ عَلَى صَيْدٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعَانَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ أَيْ عَلَى الدَّالِّ وَالْمُعِينِ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا أَوْ وَهُوَ بِيَدِهِ أَيْ الْمُحْرِمِ وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَوْ رَمَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكْسٌ ضَمِنَ تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَإِنَّمَا هُدِرَ مُسْلِمٌ رَمَاهُ فَارْتَدَّ لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ ضَمِنَهُمَا وَالثَّالِثُ التَّعَدِّي بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِتَلَفٍ حَصَلَ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ كَالْغَاصِبِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِنَحْوِ رَفْسِ مَرْكُوبِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِإِتْلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَا يُصَادُ بِهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَقَتَلَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ فَرَّطَ وَفَارَقَ انْحِلَالُ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَاتَ الْغَرَضُ بِخِلَافِ حَمْلِهِ.
وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لِمَا فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَكَانَ ذُو الْيَدِ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّ الضَّامِنَ هُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُكْرِهِهِ انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا كَصَيْدٍ حَرَمِيٍّ ذَبَحَهُ حَلَالٌ فَيَكُونُ مَيْتَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ فَإِنْ كَانَ الْمَذْبُوحُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ أَيْضًا الْقِيمَةُ لِمَالِكِهِ وَلِلْمُحْرِمِ أَكْلُ صَيْدٍ غَيْرِ حَرَمِيٍّ إنْ لَمْ يَدُلَّ أَوْ يُعِنْ عَلَيْهِ فَإِنْ دَلَّ أَوْ صِيدَ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَعَلِمَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَثِمَ بِالدَّلَالَةِ وَبِالْأَكْلِ وَإِنَّمَا حَرُمَتْ دَلَالَتُهُ لِلْحَلَالِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا دَلَالَةٌ عَلَى مُبَاحٍ لِلْحَلَالِ؛ لِأَنَّهَا تَعَرُّضٌ مِنْهُ لِلصَّيْدِ وَإِيذَاءٌ لَهُ وَجِنَايَةٌ عَلَيْهِ فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ التَّعَرُّضِ الَّذِي مَرَّ تَحْرِيمُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ لَكِنْ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِدَلَالَتِهِ وَلَا بِإِعَانَتِهِ وَلَا بِأَكْلِهِ فِيمَا صِيدَ لَهُ وَلَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ مُحْرِمٌ رَجَعَ كَمَا مَرَّ اهـ.
وَقَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُضْطُرَّ.
وَعِبَارَةُ
فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى فِيهِ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ وَدِيعَةً كَالْغَاصِبِ لِحُرْمَةِ إمْسَاكِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ
ــ
[حاشية الجمل]
حَجّ وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ وَمَنْ بِالْحَرَمِ لِصَيْدٍ لَمْ يُضْطَرَّ أَحَدُهُمَا لِذَبْحِهِ مَيْتَةً ثُمَّ قَالَ وَمَفْهُومٌ لَمْ يُضْطَرَّ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ لِلِاضْطِرَارِ حَلَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَفْدِي نَقْصَ مَالِهِ مِثْلَ بِجُزْءٍ مِنْ مِثْلِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ كَامِلٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ نَاقِصٍ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ نَقْصٌ بَعْدَ الْبُرْءِ فَرَضَ الْقَاضِي أَرْشًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا فِي الْحُكُومَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَامِلًا كَمَا لَوْ أَزْمَنَ عَبْدًا لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِزْمَانَ كَالْإِتْلَافِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ هُوَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ زَمِنًا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ مَعَ الضَّمَانِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الضَّمَانُ لِلْآدَمِيِّ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ لَكِنَّ الْمَغْرُومَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَأْتِي مِنْ الْمِثْلِ ثُمَّ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ بِذَلِكَ فَقَالَ:
عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ
…
فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا
قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ
…
وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعَا
اهـ. شَرْحُ م ر وَالْأَصْلَانِ ضَمَانُ الْمُتَقَوِّمِ بِقِيمَتِهِ وَالْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَالْفَرْعُ الَّذِي تَفَرَّعَ عَلَيْهِمَا هُوَ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ إذَا أَتْلَفَهُ الْمُحْرِمُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا اُسْتُثْنِيَ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ بِالْحَرَمِ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَأْتِي قَرِيبًا بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ صَالَ عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ شَيْخُنَا وَمِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلَالِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ التَّعَرُّضُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ فِي التُّحْفَةِ وَإِذَا أَحْرَمَ وَبِمِلْكِهِ صَيْدٌ أَيْ أَوْ نَحْوُ بَيْضَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ الْمَتْبُوعِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ إذْ لَا يَعُودُ بِهِ الْمِلْكُ انْتَهَتْ وَاسْتَوْجَهَ فِي الْإِمْدَادِ وَفَتْحِ الْجَوَّادِ أَنَّ الرَّاهِنَ لِلصَّيْدِ لَوْ أَحْرَمَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ إنْ أَيْسَرَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ وَإِلَّا لَمْ يَزُلْ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ اهـ.
ابْنُ الْجَمَّالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِإِحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ضَمِنَهُ وَيَصِيرُ مُبَاحًا أَيْ يَسْتَمِرُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَلَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَ وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتَدَامَتْهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكِيهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ السَّعْيَ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِأَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِنْهُ لِيُطْلِقَهُ كُلَّهُ لَكِنْ تَرَدَّدُوا فِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ اهـ. وَتَرَدَّدَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الصَّبِيُّ صَيْدًا هَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ حَلَالٌ عَنْ صَيْدٍ وَلَهُ قَرِيبٌ مُحْرِمٌ وَرِثَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مَكَّةَ، وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ وَفَرَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي بَيْنَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ فَلَا يَزُولُ قَهْرًا وَدُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا فَكَوْنُهُ فِي الْإِحْرَامِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَمَّا سَيَمْلِكُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذُكِرَ إذْ الِابْتِدَاءُ أَقْوَى مِنْ الدَّوَامِ فَكَانَ طُرُوُّ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، وَلَوْ بِالْإِرْثِ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ بِخِلَافِ مَا تَجَدَّدَ حَالُ الْإِحْرَامِ بِنَحْوِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ ضَعْفٌ عَنْ مَنْعِ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ فَلْيَضْعُفْ عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَوْلَى
وَقَوْلُهُ: وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا إذْ مَا سَيَمْلِكُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مَظْنُونٌ غَالِبًا فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الرِّضَا إنْ سُلِّمَ وُجُودُهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ أَيْ بِإِحْرَامِ مَالِكِهِ فَلَا غُرْمَ بِإِرْسَالِ غَيْرِهِ لَهُ أَوْ قَتْلِهِ، وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الشَّرِيكَ غَيْرُ
أَوْ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا وَإِنْ تَحَلَّلَ وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْرِمُ صَيْدَهُ وَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ شِرَائِهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ، وَيُقَاسُ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالُ الْمَذْكُورُ فِي عَدَمِ مِلْكِهِ مَا يَصِيدُهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ وَالْجَاهِلِ وَالنَّاسِي لِلْإِحْرَامِ وَالْمُتَعَمِّدُ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ نَعَمْ لَوْ صَالَ عَلَيْهِ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ دَفْعًا
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُحْرِمِ لَهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ فَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَرَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ وَقَوْلُهُ: هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ، الظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ لَكِنْ قَالَ سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ فَفِي ضَمَانِ نَصِيبِهِ تَرَدُّدٌ، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته آنِفًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَتَعْبِيرُ الْإِمَامِ بِلُزُومِ الرَّفْعِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ الْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ مَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ تَأَتِّي إطْلَاقِ حِصَّتِهِ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفِهِ فَلَا يُقَالُ قَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ أَوْ يَرْضَى بِشِرَائِهِ مَثَلًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
وَفِي فَتْحِ الْجَوَّادِ.
(تَنْبِيهٌ)
مِنْ الْمِلْكِ الْقَهْرِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ قَبِلَ قِنُّهُ هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً نَحْوَ صَيْدٍ لَهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ قَبُولِهِ ذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ السَّيِّدُ وَكَذَا لَوْ اصْطَادَ قِنُّهُ صَيْدًا فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ الْمُحْرِمُ قَهْرًا عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا نَظَرَ إلَى إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ تَمَلُّكُهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَيَظْهَرُ حِلُّهُ بِذَبْحِ الْقِنِّ لَهُ، وَلَا يُقَالُ يَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْيَدِ هُنَا لَا أَثَرَ لَهَا وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالسَّيِّدِ، وَالْقِنُّ خَلِيٌّ عَنْهُ. اهـ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَلَّلَ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَخْذِهِ فَإِنْ اخْتَارَ تَمَلُّكَهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّيْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَمَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامُ دَوَامَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ اخْتِيَارًا كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا نَحْوِ هِبَةٍ ثُمَّ إنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ وَالْهِبَةُ غَيْرُ مُضْمَنَةٍ وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْجَزَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَيَكُونُ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ مِلْكِهِ مَا يَصِيدُهُ) أَيْ فَهُوَ كَالْمُحْرِمِ فِي إحْدَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَيْسَ كَهُوَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَبِدُخُولِهِ الْحَرَمَ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ وَلَا يَفْسُدُ شِرَاؤُهُ لِلصَّيْدِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ الْعَامِدِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بَيْنَ الْمُخْتَارِ وَالْمُكْرَهِ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ يَرْجِعُ عَلَى مُكْرِهِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلِ) أَيْ وَإِنْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَوْلُهُ وَالنَّاسِي لِلْإِحْرَامِ أَيْ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَالَ عَلَيْهِ صَيْدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا بِإِتْلَافِهِ لِمَا صَالَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لِأَجْلِ دَفْعٍ لَهُ عَنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ أَوْ عُضْوٍ كَذَلِكَ أَوْ مَالٍ بَلْ أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ وَلَوْ قَتَلَهُ لِدَفْعِ رَاكِبِهِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ دَفْعَ رَاكِبِهِ الصَّائِلِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقَمْلِ نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ انْتَهَتْ وَيُلْحَقُ بِالصِّيَالِ وِفَاقًا لِلطَّبَلَاوِيِّ وَم ر مَا لَوْ عَشَّشَ الطَّيْرُ بِسَقْفِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ مَثَلًا وَتَأَذَّى بِذَرْقِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَثِيَابِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ دَفْعَ الصَّائِلِ فَيُنَفِّرُهُ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَوْطَنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَارَ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ بِرَوْثِهِ فَيَجُوزُ تَنْفِيرُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ صَوْنًا لَهُ عَنْ رَوْثِهِ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَأَقُولُ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تُوجَدُ شُرُوطُهُ وَتَقْدِيرُ الْمَسْجِدِ مِنْهُ صِيَالٌ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ دَفْعًا) وَكَذَا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ طَعَامَهُ أَوْ يُنَجِّسُ مَتَاعَهُ بِمَا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ لَوْ لَمْ يُنَفِّرْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ الصِّيَالِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ قَتْلِهِ بِصِيَالِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ اهـ. حَجّ وَقَوْلُهُ: بِمَا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَنْجِيسُهُ لِنَحْوِ مَشَقَّةِ تَطْهِيرِهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ اهـ. سَمِّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَقَتَلَهُ دَفْعًا لِصِيَالِهِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ الصَّائِلُ مَأْكُولًا وَأَصَابَ مَذْبَحَهُ إنْ دَفَعَهُ بِآلَةٍ فَقَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ فَهَلْ يَكُونُ مَيْتَةً أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت سَمِّ عَلَى حَجّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ مَيْتَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا) فَإِنْ قِيلَ هَذَا إتْلَافٌ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ كَالْعَاقِلِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إتْلَافًا فَهُوَ حَقُّ اللَّهِ
أَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ وَطْئِهِ فَوَطِئَهُ فَمَاتَ أَوْ كَسَرَ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ لَهُ رُوحٌ فَطَارَ وَسَلِمَ أَوْ خَلَّصَ صَيْدًا مِنْ فَمِ سَبُعٍ مَثَلًا وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ أَوْ يَتَعَهَّدَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ مَا لَهُ مِثْلٌ فِي الصُّورَةِ تَقْرِيبًا
ــ
[حاشية الجمل]
تَعَالَى فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَيَأْتِي أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَرْطُ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ كَوْنُ الصَّائِدِ مُمَيِّزًا لِيَخْرُجَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَمَنْ انْقَلَبَ عَلَى فَرْخٍ وَضَعَهُ الصَّيْدُ فِي فِرَاشِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَتْلَفَهُ وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ أَصَالَةً، وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ إذْ مِنْهُ الصِّيَامُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفِدْيَةِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ كَانَ الصَّيْدُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ بَدَلَهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ وَجَبَ أَصَالَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِدَفْعِ مَا مَلَكَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَالْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ إذَا أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْمَدِينِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهِمَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَجُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا بِالْحَرَمِ وَمِثْلُ الْمَجْنُونِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَضْمَنَانِ اهـ. سَمِّ بِتَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ وَلَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ أَيْ الَّتِي احْتَاجَ لِسُلُوكِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ بِحَيْثُ يَنَالُهُ مَشَقَّةٌ بِعَدَمِهِ بِخِلَافِ التَّنَزُّهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَقَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَلْجَأُ مُرَادِهِمْ بِهِ مَا يُسَمَّى حَاجَةً هُنَا عُرْفًا لَا لِضَرُورَةِ إلْحَاقِهِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ لَوْ أَمْكَنَهُ الِانْحِرَافُ عَنْ طَرِيقِهِ بِمَشَقَّةٍ احْتَمَلَ التَّضْمِينَ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ انْتَهَى وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ إلَى الْمَشَقَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ احْتِيَاجِهِ لِسُلُوكِهِ عَيْنَ هَذَا الطَّرِيقِ وَأَنَّ التَّنَزُّهَ لَيْسَ بِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي تَرْكِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ وَمَا هُنَا إتْلَافٌ وَهُوَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ وَمَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ التَّنَزُّهَ لَا يُعَدُّ شَغْلًا عُرْفًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَاجَةً هُنَا كَمَا تَقَرَّرَ اهـ. فَإِذَا وَطِئَهُ وَتَلِفَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ بَاضَ أَوْ فَرَّخَ بِنَحْوِ فَرْشِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إلَّا بِتَنْحِيَتِهِ وَعَنْهُ فَفَسَدَ بِهَا أَوْ كَسَرَ بَيْضَةً وَفِيهَا فَرْخٌ فَطَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ سَمِّ قَوْله تَعَالَى وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِتَنْحِيَتِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بِدُونِ تَنْحِيَةٍ امْتَنَعَتْ مَعَ أَنَّ فِيهِ شَغْلًا لِمِلْكِهِ وَقَدْ يَحْتَاجُ لِاسْتِعْمَالِ مَحَلِّهِ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ حَيْثُ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى تَنْحِيَتِهِ جَوَازُهَا اهـ. قَالَ مَوْلَانَا وَوَشَيْخُنَا السَّيِّدُ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ إذَا كَانَ يَتَأَذَّى بِهِ لِكَثْرَةِ حَرَكَتِهِ عِنْدَ طَيَرَانِهِ وَهَدِيرِهِ الْمُشْغِلِ لَهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ تَنْفِيرِهِ مِنْ مِلْكِهِ مُطْلَقًا لَكَانَ وَجِيهًا؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَزِيدُ عَلَى حُرْمَةِ الْمُسْلِمِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ مِلْكِهِ اهـ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ إلَخْ) وَكَالْجَرَادِ مَا لَوْ بَاضَ الصَّيْدُ بِفِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ فَإِذَا نَحَّاهُ وَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ تَنْفِيرِهِ إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ مَثَلًا أَوْ بِبَوْلِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
1 -
(قَوْلُهُ: أَوْ كَسَرَ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَسَرَهُ عَنْ فَرْخٍ فَمَاتَ وَجَبَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَلَوْ نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ أَوْ أَحْضَنَ بَيْضَهُ دَجَاجَةً وَفَسَدَ بَيْضُ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ حَتَّى لَوْ تَفَرَّخَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ أَيْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَلَّصَ صَيْدًا مِنْ فَمِ سَبُعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّيْدِ لَا إنْ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُدَاوَاتِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ هِرَّةٍ اخْتَطَفَتْهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَكَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمَا إنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّ قَصْدَهُ مَصْلَحَةُ الصَّيْدِ أَخْرَجَ الْيَدَ عَنْ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَهَا بِيَدِ الْوَدِيعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَنَّ يَدَهُ صَارَتْ كَالْيَدِ الْمُسْتَوْدَعَةِ صَيْدًا بَلْ كَالْمُسْتَوْدَعَةِ غَيْرَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَوْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ ثُمَّ الصَّيْدُ إمَّا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ صُورَةً وَخِلْقَةً عَلَى التَّقْرِيبِ بِأَنْ حَكَمَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَدْلَانِ بَعْدَهُ أَوْ لَا مِثْلَ لَهُ وَفِيهِ نَقْلٌ، وَإِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ وَلَا نَقْلَ فِيهِ فَالْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَا نُقِلَ فِيهِ فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ إلَى أَنْ قَالَ وَالثَّانِي يُضْمَنُ بِبَدَلِهِ
فَيُضْمَنُ بِهِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ فَيُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْلٌ وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا فِيهِ نَقْلٌ بَعْضُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضُهُ عَنْ السَّلَفِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيُتَّبَعُ (فَفِي نَعَامَةٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (بَدَنَةٌ) كَذَلِكَ لَا بَقَرَةٌ وَلَا شِيَاهٌ
(وَ) فِي وَاحِدٍ مِنْ (بَقَرِ وَحْشٍ وَحِمَارِهِ بَقَرَةٌ وَ) فِي (ظَبْيٍ تَيْسٌ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) فِي (ظَبْيَةٍ عَنْزٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ (وَ) فِي (غَزَالٍ مَعْزٌ صَغِيرٌ) فَفِي الذَّكَرِ جَدْيٌ وَفِي الْأُنْثَى عَنَاقٌ وَقَوْلِي وَظَبْيَةٌ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ؛ لِأَنَّ الْغَزَالَ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إلَى طُلُوعِ قَرْنَيْهِ ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ ظَبْيٌ أَوْ ظَبْيَةٌ (وَ) فِي (أَرْنَبٍ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (عَنَاقٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ (وَ) فِي (يَرْبُوعٍ) وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ وَتَفْسِيرُ الْأَرْنَبِ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَوَبْرٍ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (جَفَرَةٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفَصَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَالذَّكَرُ جَفْرٌ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ أَيْ عَظْمًا لَكِنْ يَجِبُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفَرَةِ هُنَا
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَا قَالَ وَفِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ الْقِيمَةُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ بِهِ) فَيَفْدِي الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالصَّحِيحَ وَالْمَرِيضَ وَالسَّمِينَ وَالْهَزِيلَ وَالْمَعِيبَ بِمِثْلِهِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْآيَةُ وَأَيْضًا كَمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ الصُّورِيَّةُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَسْنَانِ وَالصِّفَاتِ وَلَوْ أَعْوَرَ يَمِينٍ بِيَسَارٍ وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ مَحَلِّ الْعَيْبِ حَيْثُ اتَّحَدَ نَوْعُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا وَيُجْزِئُ الذَّكَرُ عَنْ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ وَفِي الْحَامِلِ حَامِلٌ وَلَا تُذْبَحُ بَلْ تُقَوَّمُ بِمَكَّةَ مَحَلَّ ذَبْحِهَا وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا فَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيْتًا وَمَاتَتْ فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ فَتُضْمَنُ بِحَامِلٍ مِثْلِهَا لَكِنْ لَا تُذْبَحُ، وَإِنْ عَاشَتْ ضَمِنَ نَقْصَهَا أَوْ حَيًّا وَمَاتَا ضَمِنَهُمَا أَوْ مَاتَ دُونَهَا ضَمِنَهُ وَضَمِنَ نَقْصَهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ فِيهِ بُعْدٌ إنْ ذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ فَفِي نَعَامَةٍ بَدَنَةٌ إلَى قَوْلِهِ: وَحَمَامٍ شَاةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْهُ فَقَالَ صَحِيحٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «حَكَمَ فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ» وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفَرَةٍ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَعُرْوَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرَةٍ بِبَقَرَةٍ وَعَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ، وَعَنْ ابْنِ عَوْفٍ وَسَعْدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِتَيْسٍ أَعْفَرَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الْإِبِلِ بَقَرَةٌ وَعَنْ عَطَاءٍ فِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ وَفِي الْوَبْرِ شَاةٌ وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَضَى فِي أُمِّ حُبَيْنٍ بِحُلَّانِ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْخَرُوفُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ الْجَدْيُ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْحُلَّانُ وَيُقَالُ الْحُلَّامُ فَقِيلَ هُوَ الْجَدْيُ وَقِيلَ هُوَ الْخَرُوفُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَفِي نَعَامَةٍ بَدَنَةٌ إلَخْ) وَلَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ صَيْدًا وَجَبَ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْمُتْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ الْمُتْلِفِينَ وَكَوْنُهُمْ قَارِنِينَ وَكَوْنُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَتَّحِدُ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ وَلَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ لَزِمَ الْمُحْرِمَ نِصْفُ الْجَزَاءِ فَقَطْ إذْ شَرِيكُ الْحَلَالِ يَلْزَمُهُ بِقِسْطِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا عَلَى الرُّءُوسِ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ فِي الضَّرَبَاتِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ يَظْهَرُ تَأْثِيرُهَا فَأَمْكَنَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ الصَّيْدُ لَا يَظْهَرُ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ تَظْهَرُ فِيهِ الضَّرَبَاتُ لِاسْتِتَارِهِ بِالرِّيشِ وَنَحْوِهِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْجَارِحُ وَالضَّارِبُ أَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ أَحَدَ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ وَهُمَا الْعَدْوُ وَالطَّيَرَانُ وَجَبَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَيْهِمَا بَلْ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ النَّقْصُ لِإِجْزَاءٍ كَامِلٍ وَلَوْ جَرَحَ ظَبْيًا وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ بِلَا إزْمَانٍ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِ عُشْرُ شَاةٍ لَا عُشْرُ قِيمَتِهَا فَإِنْ بَرِئَ وَلَا نَقْصَ فِيهِ فَالْأَرْشُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْحُكُومَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ فَيُقَدِّرُ فِيهِ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ مُرَاعِيًا فِي الِاجْتِهَادِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْوَجَعِ وَعَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَرْشُهُ وَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ كَامِلًا فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا أَوْ قَتَلَهُ الْمُزْمِنُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا، وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ أَمَاتَ بِجُرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَا بَقَرَةٌ) أَيْ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ تُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَقَوْلُهُ: وَلَا شِيَاهٌ أَيْ سَبْعٌ فَأَكْثَرُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مَعْزٌ صَغِيرٌ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُجَاوِزَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَقِيلَ مِنْ حِينِ يُولَدُ حَتَّى يَرْعَى اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً) أَيْ وَقَدْ بَلَغَتْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ. عَنَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَيَرْبُوعٌ وَهُوَ حَيَوَانٌ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ جِدًّا طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ لَوْنُهُ كَلَوْنِ الْغَزَالِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَتَفْسِيرُ الْأَرْنَبِ إلَخْ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَأَرْنَبٌ هُوَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ الْعَنَاقَ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ عَكْسُ الزَّرَافَةِ يَطَأُ الْأَرْضَ عَلَى مُؤَخَّرِ قَدَمَيْهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ عَكْسُ الزَّرَافَةِ هِيَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ الْإِبِلَ بِرَقَبَتِهِ وَالْبَقَرَ بِرَأْسِهِ وَقَرْنَيْهِ وَالنَّمِرَ بِلَوْنِ جِلْدِهِ وَتَكْبُرُ إلَى أَنْ تَصِيرَ عُلُوَّ النَّخْلَةِ، قَرَّرَهُ شَيْخنَا الْمَدَابِغِيُّ فِي قِرَاءَتِهِ لِلْبُخَارِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عِظَمًا) أَيْ اتِّسَاعًا اهـ. مُخْتَارٌ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَجِبُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَذِكْرُ الْوَبْرِ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ جَمْعُ وَبْرَةٍ وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ السِّنَّوْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَ) فِي (حَمَامٍ) وَهُوَ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَيَمَامٍ (شَاةٌ) بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) مِنْ الصَّيْدِ (يُحْكَمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ)، قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وَيُعْتَبَرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ فَطِنَيْنِ وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الْفِقْهَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِقْهِ الْخَاصِّ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ هُنَا وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْفِقْهَ مُسْتَحَبٌّ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ.
وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ
ــ
[حاشية الجمل]
م ر قَالَا أَيْ الشَّيْخَانِ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْعَنَاقِ وَالْجَفَرَةِ بِمَا ذُكِرَ هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفَرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْيَرْبُوعِ غَيْرُ جَفَرَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِمُقْتَضَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْعَنَاقِ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلِ، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَفَرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْعَنَاقُ أُنْثَى الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ إلَى أَنْ تَرْعَى وَالْجَفَرَةُ أُنْثَى الْمَعْزِ إلَى أَنْ تَعْظُمَ وَتَفْصِلَ عَنْ أُمِّهَا فَتَأْخُذَ فِي الرَّعْيِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالذَّكَرُ جَفْرُ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ أَيْ عَظْمًا هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفَرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ فَإِنَّ الْأَرْنَبَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ اهـ.
وَخَالَفَهُ فِي عِدَّةٍ مِنْ كُتُبِهِ فَنَقَلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْعَنَاقَ يُطْلَقُ عَلَى مَا مَرَّ مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً وَعَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا لَكِنْ يَجِبُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَقَلَاهُ أَوَّلًا مِنْ اتِّحَادِ الْعَنَاقِ وَالْجَفَرَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَنَاقَ أَكْبَرُ مِنْ الْجَفَرَةِ اتَّضَحَ مَا قَالُوهُ مِنْ إيجَابِهَا فِي الْأَرْنَبِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: مَا دُونَ الْعَنَاقِ) أَيْ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِ الْمُجْزِيَةِ مَا فَوْقَ الْجَفَرَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا بِإِنْ لَمْ تَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ جَمْعُ وَبْرَةٍ) أَيْ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَفِي حَمَامٍ شَاةٌ) وَإِلْحَاقُ الْجُرْجَانِيِّ الْهُدْهُدَ بِالْحَمَامِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى حِلِّ أَكْلِهِ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ نُهَى عَنْ قَتْلِهِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَبَّ) أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ مِنْ بَابِ رَدَّ يَرُدُّ وَقَوْلُهُ: وَهَدْرٌ أَيْ صَوْتٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: شَاةٌ) أَيْ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، أَقُولُ وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ فِي الصَّيْدِ أَنَّ فِي الْكَبِيرَ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ هُنَا فِي الْحَمَامَةِ الْكَبِيرَةِ شَاةٌ مُجْزِيَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْحَمَامَةِ الصَّغِيرَةِ شَاةٌ صَغِيرَةٌ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِحُكْمِ الصَّحَابَةِ) صَنِيعُ شَرْحِ م ر يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَفِي حَمَامٍ شَاةٌ وَإِنَّمَا عَلَّلَهُ بِهَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ حَيْثُ تَرَكَ تَعْلِيلَهُ رَأْسًا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ الصُّورِيَّةَ مُوجِبَةٌ فِيهِ فَإِيجَابُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ بِخِلَافِ إيجَابِ الشَّاةِ فِي الْحَمَامِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقَاعِدَةِ إذْ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَةِ فَكَانَ قِيَاسُهُ إيجَابَ الْقِيمَةِ فِيهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ وَهُوَ الْحَمَامُ وَالْمُرَادُ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَالفَوَاحِتِ وَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَكُلِّ ذِي طَوْقٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَا ذُكُورَةً أَمْ أُنُوثَةً أَمْ اخْتَلَفَا شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ وَمُسْتَنَدُهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إيجَابُ الْقِيمَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ أَوْ الصَّحَابَةِ أَوْ عَدْلَيْنِ مِنْ السَّلَفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الصَّيْدِ) كَالْجَرَادِ وَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ غَيْرِ الْحَمَامِ سَوَاءٌ كَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْ الْحَمَامِ أَمْ أَصْغَرَ أَمْ مِثْلَهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَدْلَانِ) أَيْ وَلَوْ ظَاهِرًا وَبِلَا اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَا قَاتِلَيْهِ خَطَأً أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ حُكْمُهُ اشْتِرَاطَ ذُكُورَتِهِمَا وَحُرِّيَّتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا مَا قَتَلَاهُ عُدْوَانًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا يُحَكَّمَانِ فِيهِ لِفِسْقِهِمَا إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ، فَقَوْلُ الْقُونَوِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفِسْقٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِالْمِثْلِ وَآخَرَانِ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ قُدِّمَ مَنْ حَكَمَ بِالْمِثْلِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ صَحَابِيٌّ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا لِاضْطِرَارِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بَدَلُ مَا أَكَلَهُ مِنْ طَعَامٍ غَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَذْبُوحَهُ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مَيْتَةً بَلْ يَحِلُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا أَيْ فَيُحَكَّمَانِ بِهِ حَالًا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا مَرَّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْفِقْهَ مَحْمُولٌ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَيَجِبُ كَوْنُهُمَا فَطِنَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الشَّبَهِ وَيُنْدَبُ زِيَادَةُ فِقْهِهِمَا بِغَيْرِهِ حَتَّى يَزِيدَ تَأَهُّلُهُمَا لِلْحُكْمِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ م ر وَحَجّ وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ
إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ (كَقِيمَةِ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ كَجَرَادٍ وَعَصَافِيرَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ عَدْلَانِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ لَا يُفِيدُ هَذَا إلَّا بِعِنَايَةٍ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْهُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ كَالْحَمَامِ فَيُتَّبَعُ فِيهِ النَّقْلُ كَمَا مَرَّ.
(وَحَرُمَ) وَلَوْ عَلَى حَلَالٍ (تَعَرُّضٌ) بِقَطْعٍ أَوْ قَلْعٍ (لِنَابِتٍ حَرَمِيٍّ مِمَّا لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ بِأَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ (وَمِنْ شَجَرٍ) وَإِنْ اسْتُنِبْتَ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ أَيْ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» وَهُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ أَيْ لَا يُنْزَعُ بِقَلْعٍ وَلَا قَطْعٍ وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَخَرَجَ بِالنَّابِتِ الْيَابِسُ فَيَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ نَعَمْ الْحَشِيشُ مِنْهُ يَحْرُمُ قَلْعُهُ إنْ لَمْ يَمُتْ لَا قَطْعُهُ وَبِالْحَرَمِ نَابِتُ الْحِلِّ فَيَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ غَرْسِهِ فِي الْحَرَمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا فِيهِ نَقْلٌ أَيْضًا وَكَذَا الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُمَاثَلَةِ بِالْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ تَقْرِيبًا لَا تَحْقِيقًا، بَلْ حُكْمُ الضَّحَايَا فِي الْحَمَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ بِالشَّاةِ لَتَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَقِيلَ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا شَبَهًا إذْ كُلٌّ يَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَيَأْنَسُ بِالنَّاسِ وَأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْقِيمَةِ نَعَمْ تَجِبُ رِعَايَةُ الْأَوْصَافِ إلَّا الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ فَيُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا النَّقْصَ فَيُجْزِئُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَا عَكْسُ وَلَا يُجْزِئُ مَعِيبٌ عَنْ مَعِيبٍ كَأَعْوَرَ عَنْ أَجْرَبَ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَا عَيْبًا وَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُ كَأَعْوَرِ يَمِينٍ بِأَعْوَرِ يَسَارٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَسَوَاءٌ عَوَرُ الْعَيْنِ فِي الصَّيْدِ أَوْ الْمِثْلِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي فِدَاءِ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسِهِ مِنْ الْأَوْجُهِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ السِّنِّ وَعَدَمِهِ وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْأُنْثَى وَلَدَتْ أَوْ لَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ قِيمَةِ الْأُنْثَى أَكْثَرَ وَلَحْمِ الذَّكَرِ أَطْيَبَ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ الْخِلَافَ فِيمَا ذَكَرَ إذَا لَمْ يَنْقُصْ اللَّحْمُ فِي الْقِيمَةِ وَالطِّيبِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ النَّقْصَيْنِ لَمْ يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا كَلَامُهُ فَهُوَ مُتَبَرِّئٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَمِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا لِلْمَاثِلَةِ الصُّورِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ ذَلِكَ فَلِذَا أَعْرَضُوا عَنْ تِلْكَ الْأَوْجُهِ الَّتِي نُظِرَتْ إلَى التَّفَاوُتِ فِي الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ) أَيْ كَالْعَوَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْوَرَ يَمِينًا وَالْآخَرُ يَسَارًا فَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا وَتُفْدَى الْحَامِلُ بِمِثْلِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُذْبَحُ فَيُخْرِجُ حِينَئِذٍ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ عَنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهَا عَدْلَانِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَحَلُّ الْإِتْلَافِ أَوْ التَّلَفِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى حَلَالٍ) لَعَلَّ هَذَا نُكْتَةُ إعَادَةِ الْمُصَنِّفِ الْعَامِلَ حَيْثُ قَالَ وَحَرُمَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ وَتُعْرَضُ كَسَابِقِهِ فَإِعَادَةُ الْعَامِلِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نُكْتَةٍ وَهِيَ هُنَا كَوْنُ هَذَا أَعَمَّ مِمَّا قَبْلَهُ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْمُحْرِمِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُسْتَنْبَتُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الشَّجَرِ لِصِحَّةِ عَطْفِ قَوْلِهِ وَمِنْ شَجَرٍ وَلِأَجْلِ الْمُحْتَرَزِ الْآتِي وَكِلَا الْمُتَعَاطِفَيْنِ بَيَانٌ لِلنَّابِتِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّابِتِ الرَّطْبُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَوْ اسْتُنِبْتَ مَا يُنْبَتُ بِنَفْسِهِ غَالِبًا أَوْ عَكْسُهُ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِ اهـ. ز ي فَالْعِبْرَةُ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ شَجَرٍ) اقْتَضَى كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَقْطَعَ جَرِيدَةً مِنْ نَخْلِ الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا قَدْ أُخِذَ مِنْ الْحِلِّ وَغُرِسَ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا السَّعَفُ فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ وَرَقُهَا اهـ. سَمِّ نَعَمْ يَجُوزُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّقْلِيمِ الْمَعْرُوفِ وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُؤْذِي الشَّجَرَ اهـ. عَزِيزِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ) كَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَزِيدَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ فِيمَا مَرَّ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِحَالَةِ هُنَا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ كَلَأٌ وَعُشْبٌ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: الْحَشِيشُ الرَّطْبُ لَوْ قَالَ الْعُشْبُ أَوْ الْخَلَا أَوْ الْكَلَأُ الرَّطْبُ لَكَانَ أَوْلَى بَلْ صَوَابًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ مِنْ أَنَّ الْحَشِيشَ وَالْهَشِيمَ اسْمٌ لِلْيَابِسِ وَالْعُشْبِ وَالْخَلَا اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْكَلَأُ يَعُمُّهُمَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالنَّابِتِ) أَيْ يُوصَفُ النَّابِتُ وَهُوَ الرَّطْبُ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ؛ لِأَنَّ النَّابِتَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا يَقْبَلُ النَّمَاءَ وَالْيَابِسُ مَجْذُوذٌ حُكْمًا فَلَيْسَ بِنَابِتٍ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: الْيَابِسُ) أَيْ الْمَيِّتُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ وَلَعَلَّ الْحَامِلَ لِلشَّوْبَرِيِّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالنَّابِتِ إلَّا الْمَيِّتُ بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّ أَصْلَهُ نَابِتٌ فَكَيْفَ يَكُونُ خَارِجًا بِالنَّابِتِ مَعَ أَنَّهُ نَابِتٌ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّابِتِ فِي قَوْلِهِ لِنَابِتٍ حَرَمِيٍّ الرَّطْبُ وَيَكُونُ الْيَابِسُ خَرَجَ بِهِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَ الْمَيِّتِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ الْآتِيَ. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَطْعًا مُطْلَقًا وَقَلْعًا إنْ كَانَ شَجَرًا، وَيَجُوزُ تَقْلِيمُ شَجَرَةِ الْحَرَمِ لِلْإِصْلَاحِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ) لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَتُرَابِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمُتْ) فَإِنْ مَاتَ جَازَ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ وَسَكَتَ عَنْ مِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ وَمُقْتَضَى سُكُوتِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ قَطْعِهِ وَقَلْعِهِ سَوَاءٌ مَاتَ أَمْ لَا ثُمَّ رَأَيْت فِي م ر بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْحَشِيشِ الْيَابِسِ مَا نَصُّهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ نَظِيرُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ
عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَبِمَا لَا يُسْتَنْبَتُ مِنْ غَيْرِ الشَّجَرِ مَا يُسْتَنْبَتُ مِنْهُ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ فَلِمَالِكِهِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَقَوْلِي وَمِنْ شَجَرٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُسْتَنْبَتُ كَغَيْرِهِ (لَا أَخْذُهُ) أَيْ النَّابِتِ الْمَذْكُورِ قَطْعًا أَوْ قَلْعًا (لِ) عَلَفِ (بَهَائِمَ
ــ
[حاشية الجمل]
الْحَشِيشَ يُسْتَخْلَفُ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا) فَلَوْ غُرِسَتْ شَجَرَةٌ حُرْمِيَّةٌ فِي الْحِلِّ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحُرْمَةُ عَنْهَا فِي الْأُولَى وَلَا إلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ إذْ لِلشَّجَرِ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَاعْتُبِرَ مَنْبَتُهُ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَاعْتُبِرَ مَكَانُهُ وَلَا يَضْمَنُ شَجَرَةً حُرْمِيَّةً نَقَلَهَا مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ إنْ نَبَتَتْ وَكَذَا إنْ نَقَلَهَا إلَى الْحِلِّ لَكِنْ يَجِبُ فِي هَذِهِ رَدُّهَا إلَى الْحَرَمِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا ضَمِنَهَا أَيْ ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُحْتَرَمَةً وَغَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَمَنْ قَلَعَ هَذِهِ مِنْ الْحِلِّ ضَمِنَهَا، وَلَوْ غَرَسَ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حُرْمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ فِي الْحَرَمِ نَوَاةً مِنْ شَجَرَةٍ حِلِّيَّةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ لَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ تُرَابُ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ، وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَ ابْنِ حَجَرٍ أَمَّا مَا اسْتُنِبْتَ فِي الْحَرَمِ مِمَّا أَصْلُهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحَرَمِ وَالْأَغْصَانُ فِي الْحِلِّ حَرُمَ قَطْعُهَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ لَا رَمْيُ صَيْدٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْأَغْصَانُ فِي الْحَرَمِ حَلَّ قَلْعُهَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ لَا رَمْيُ صَيْدٍ عَلَيْهَا. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُسْتَنْبَتُ كَغَيْرِهِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُسْتَنْبَتُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الْمُسْتَنْبَتَ مِنْ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْمُسْتَنْبَتُ مِنْ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْبَتِ فِي حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ وَفِي الضَّمَانِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَنْبَتَ مِنْ غَيْرِ الشَّجَرِ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ وَقَدْ قَيَّدَ شُرَّاحُ الْأَصْلِ الْمُسْتَنْبَتَ فِيهِ بِكَوْنِهِ مِنْ الشَّجَرِ فَلَا عُمُومَ فِي عِبَارَتِهِ وَالشَّرْحُ فِي اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَنَصِّهَا مَعَ شَرْحِ م ر قُلْت وَالْمُسْتَنْبَتُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ كَغَيْرِهِ فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزُّرُوعِ أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَالزَّرْعِ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا أَخْذُهُ لِعَلْفِ بَهَائِمَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ مِنْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعَلْفِ بَهَائِمَ بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا يَجُوزُ تَسْرِيحُهَا فِيهِ وَلِلدَّوَاءِ بِالْمَدِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَحَنْظَلٍ وَسَنًا وَتَغَذٍّ كَرِجْلَةٍ وَبَقْلَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزُّرُوعِ وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ أَوْ الْعَلْفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ أَيْ نَابِتَةِ الْحَشِيشِ لَا الشَّجَرِ قَطْعًا أَوْ قَلْعًا لِعَلْفِ بِسُكُونِ اللَّامِ الْبَهَائِمَ الَّتِي عِنْدَهُ وَلَوْ لِلْمُسْتَقْبَلِ إلَّا إنْ كَانَ يَتَيَسَّرُ أَخْذُهُ كُلَّمَا أَرَادَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَلِكَ كَمَا يَحِلُّ تَسْرِيحُهَا فِي شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ وَلِلدَّوَاءِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَرَضِ، وَلَوْ لِلْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْأَوْجَهِ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِنِيَّةِ الْإِعْدَادِ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا أَخْذُهُ لِبَهَائِمَ) بَلْ يَجُوزُ رَعْيُهُ بِالْبَهَائِمِ سَوَاءٌ كَانَ حَشِيشًا أَوْ شَجَرًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم وَمَا كَانَتْ تَسُدُّ أَفْوَاهَهَا فِي الْحَرَمِ اهـ شَرْحُ م ر وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّابِتِ يُفْهِمُ عَدَمَ التَّعَدِّي لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَحْرُمُ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ، وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَامٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ وَنَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِئَلَّا يُحْدِثَ لَهُ حُرْمَةً لَمْ تَكُنْ وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ ذَهَبَ فِي الرَّوْضَةِ إلَى الْكَرَاهَةِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ وَسُتْرَتِهَا وَيَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِهَا أَتَى بِطِيبٍ فَمَسَحَهَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِي سُتْرَتِهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا يَتْلَفَ بِالْبَلَاءِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا وَلَوْ لِنَحْوِ حَائِضٍ وَكَذَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ نَبَّهَ فِي الْمُهِّمَّاتِ عَلَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْوَقْفِ أَنَّهَا
وَ) لَا (لِدَوَاءٍ) فَلَا يَحْرُمُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَالْإِذْخِرِ الْآتِي بَيَانُهُ وَفِي مَعْنَى الدَّوَاءِ مَا يُغْتَذَى بِهِ كَرِجْلَةٍ وَبَقْلَةٍ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ لِبَيْعِهِ وَلَوْ لِمَنْ يَعْلِفُ بِهِ دَوَابَّهُ (وَلَا أَخْذُ إذْخِرٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ لِمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «، قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِهِ فَوْقَ الْخَشَبِ وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ
ــ
[حاشية الجمل]
تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ الْكِسْوَةُ.
وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى مَا إذَا وَقَفَهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا مَلَكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا لِمَصَالِحِهَا فَإِنْ وُقِفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ رِيعِهِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْهَا النَّاظِرُ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى فَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ قَالَ وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا وَشَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ لَمَّا كَانَتْ الْكِسْوَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَرَجَحَ فِي هَذَا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَهَا الْآنَ، وَقَالَ الْعَلَائِيُّ لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَنِنَا مِنْ أَخْذِ غَلَّةِ مَا وَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَحُدُودُ الْحَرَمِ مَعْرُوفَةٌ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَافَتَهَا بِالْأَمْيَالِ فِي قَوْلِهِ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةٍ
…
ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ
…
وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ
بِتَقْدِيمِ السِّينِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ:
وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينَهْ
…
وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ
اهـ. شَرْحُ م ر.
(فَائِدَةٌ)
وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَكِّيِّينَ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ طِينُ فَخَارِ مَكَّةَ الْآنَ مِنْ الْحِلِّ كَمَا حَرَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا لِدَوَاءٍ) كَالْحَنْظَلِ وَالسَّنَاءِ الْمَكِّيِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَالْإِذْخِرِ الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْإِذْخِرِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ أَخْذُ غَيْرِهِ لِلْعَلْفِ وَالدَّوَاءِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ لِلْبَهَائِمِ وَلَا لِلدَّوَاءِ وَإِنَّمَا الْجَائِزُ أَخْذُ الْإِذْخِرِ فَقَطْ وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ فَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَقِيسُ غَيْرَ الْإِذْخِرِ عَلَيْهِ اهـ. مِنْ شُرَّاحِ أَصْلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَقْلَةٍ) هِيَ الْخَبِيزَةُ فَيَكُونُ عَطْفًا مُغَايِرًا أَوْ هِيَ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ فَيَكُونُ عَطْفَ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ اهـ. شَيْخُنَا لَكِنَّ الْمُرَادَ الْخَضْرَاوَاتُ الَّتِي يَتَغَذَّى بِهَا وَلَا تُسْتَنْبَتُ إذْ الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا وَفِي الْمُخْتَارِ الْبَقْلُ مَعْرُوفٌ الْوَاحِدَةُ بَقْلَةٌ وَالْبَقْلَةُ أَيْضًا الرِّجْلَةُ وَهِيَ الْبَقْلَةُ الْحَمْقَاءُ وَالْمَبْقَلَةُ مَوْضِعُ الْبَقْلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ لِبَيْعِهِ إلَخْ) فَلَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ خِلَافًا لِحَجِّ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ يَعْلِفُ بِهِ) أَيْ أَوْ يَتَدَاوَى بِهِ أَوْ يَتَغَذَّى بِهِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَخْذُ إذْخِرٍ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ لِنَحْوِ الْبَيْعِ لِاسْتِثْنَاءِ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَنَقَلَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ شَيْخَهُ الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ وَالِدِهِ فِي الْإِفْتَاءِ الْمَنْعُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ) هُوَ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ الْوَاحِدَةُ إذْخِرَةٌ وَهُوَ حَلْفَاءُ الْحَرَمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ اهـ فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِفْهَامِ أَيْ هَلْ يُسْتَثْنَى الْإِذْخِرُ فَأَجَابَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْعَبَّاسُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِقَوْلِ الْعَبَّاسِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَخْ، وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَيْ اسْتِثْنَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم الْإِذْخِرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ فِي الْحَالِ بِاسْتِثْنَاءِ الْإِذْخِرِ وَتَخْصِيصُهُ مِنْ الْعُمُومِ أَوْ أُوحِيَ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ طَلَبَ أَحَدٌ اسْتِثْنَاءَ شَيْءٍ فَاسْتَثْنِهِ أَوْ أَنَّهُ اجْتَهَدَ اهـ. وَقَالَ الشَّامِيُّ الْإِذْخِرُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ اهـ. عِ ش عَلَى الْمَوَاهِبِ وَرَأَيْته بِمَكَّةَ كَذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ طَوِيلٍ بَلْ نَحْوُ الذِّرَاعِ وَفِيهِ لِينٌ وَنُعُومَةٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ يُضَيِّفُونَهُ لِلْمَدَرِ وَيَدُقُّونَهُمَا وَيَغْسِلُونَ بِدِقَاقِهِمَا الْأَيْدِيَ كَالدِّقَاقِ الْمَشْهُورِ بِمِصْرَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَسْقُفُونَهَا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْقَافِ مِنْ بَابِ نَصَرَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ:
وَ) لَا أَخْذُ (مُؤْذٍ) كَشَجَرِ ذِي شَوْكٍ وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِلَا خَبْطٍ وَأَخْذِ ثَمَرِهِ وَعُودِ سِوَاكٍ وَنَحْوِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْذِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّوْكِ (وَيُضْمَنُ) أَيْ النَّابِتُ الْمَذْكُورُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ قِيَاسًا مِنْ الصَّيْدِ بِجَامِعِ الْمَنْعِ مِنْ الْإِتْلَافِ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ (فَفِي شَجَرَةٍ كَبِيرَةٍ) عُرْفًا (بَقَرَةٌ وَ) فِي (مَا قَارَبَتْ سُبْعَهَا شَاةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَلَا أَخْذٌ مُؤْذٍ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ اهـ. شَيْخُنَا وَلَمْ يَسْتَدِلَّ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهُ مَحَلُّ خِلَافٍ فَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ قَاسَهُ عَلَى الصَّيْدِ الْمُؤْذِي، وَالْقَائِلُ بِالْمَنْعِ لَمْ يَقِسْ وَإِنَّمَا نَظَرَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَوَقَفَ مَعَ ظَاهِرِ النَّصِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمَحَلِّيُّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَكَذَا شَجَرُ الشَّوْكِ يَحِلُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَجِبُ الضَّمَانُ بِقَطْعِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيُودِ الْمُؤْذِيَةِ بِأَنَّهَا تَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ انْتَهَتْ وَيَدْخُلُ فِي الْمُؤْذِي النَّابِتُ بَيْنَ الزَّرْعِ مِمَّا يَضُرُّ إبْقَاؤُهُ بِالزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ لَهُ بِإِتْلَافِ مَالِهِ أَوْ نَصِيبِهِ اِ هـ ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: كَشَجَرٍ ذِي شَوْكٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَالْمُنْتَشِرِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُضِرَّةِ فِي طَرِيقِ النَّاسِ انْتَهَتْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْأَغْصَانَ الْمُضِرَّةَ بِالشَّجَرِ نَفْسِهِ كَكَثْرَةِ جَرِيدِ النَّخْلِ مَثَلًا لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ اِ هـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا كَشَجَرٍ ذِي شَوْكٍ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ) أَيْ وَلَوْ لِنَحْوِ بَيْعِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِلَا خَبْطٍ) أَيْ بِلَا خَبْطٍ يُضِرُّ بِالشَّجَرَةِ اهـ. حَجّ إذْ خَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ انْتَهَى شَرْحُ م ر وَيُضِرُّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ مِنْ أَضَرَّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَعُودِ سِوَاكٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلْبَيْعِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ امْتِنَاعُ ذَلِكَ أَيْ الْبَيْعِ لِلسِّوَاكِ وَمِثْلُهُ الْوَرَقُ وَالثَّمَرَةُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَعُودِ سِوَاكٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُخْلِفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَصْلًا أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَةٍ حَرُمَ أَخْذُهُ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حُرْمِيَّةٍ فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَةٍ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فَإِنْ أَخْلَفَ مِثْلَهُ بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ انْتَهَتْ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ مِثْلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَائِدِ قَبْلَ السَّنَةِ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ الْمَقْطُوعِ لَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الشَّجَرَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسَاوِيَ الْعَائِدُ الزَّائِدَ غِلَظًا وَطُولًا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَقْفَةٌ وَلَوْ قِيلَ يَكْفِي الْعُودُ وَلَوْ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ قَرِيبٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ خَلَفٌ لَهُ وَيُكْتَفَى فِي الْمِثْلِيَّةِ بِالْعُرْفِ الْمَبْنِيِّ عَلَى تَفَاوُتِ الشَّبَهِ دُونَ تَحْدِيدِهِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَفِي شَجَرَةٍ كَبِيرَةٍ بَقَرَةٌ) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ ذَبَحَ ذَلِكَ إلَخْ هَذَا مُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ النَّابِتِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي فِدْيَةِ مَا يَحْرُمُ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَصَيْدٌ وَنَابِتٌ ذِبْحٌ إلَخْ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَاكَ فَفِي هَذَا الصَّنِيعِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى دَمِ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَقَرَةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ ضَابِطَ وُجُوبِ الْبَقَرَةِ أَنْ يُحْدِثَ فِي الشَّجَرَةِ مَا يُهْلِكُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْلَعْهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ لِسِنِّ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ أَجْزَائِهِمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنْ جَرَى الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ لَبَنِ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَتْ سُبْعَهَا) وَكَذَا الَّتِي زَادَتْ عَلَى السُّبْعِ فِيهَا شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ شَاةِ الَّتِي قَارَبَتْ السُّبْعَ، وَأَمَّا الَّتِي صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّورَةَ أَرْبَعَةٌ كَبِيرَةٌ وَبَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالسُّبْعِ وَمَا قَارَبَتْ السُّبْعَ وَالصَّغِيرَةُ جِدًّا. اهـ. شَيْخُنَا فَغَرَضُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا صَغُرَتْ جِدًّا بِحَيْثُ لَا تُقَارِبُ سُبْعَ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّ فِيهَا الْقِيمَةَ لَا شَاةً وَلَيْسَ غَرَضُهُ الِاحْتِرَازَ عَمَّا سَاوَتْ السُّبْعَ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِي هَاتَيْنِ أَيْضًا شَاةً لَكِنَّ شَاةَ الَّتِي سَاوَتْ السُّبْعَ أَكْبَرُ مِنْ شَاةِ الَّتِي قَارَبَتْهُ وَشَاةُ الَّتِي زَادَتْ عَلَيْهِ أَكْبَرُ مِنْ شَاةِ الَّتِي سَاوَتْهُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا جَاوَزَتْ لِسُبْعِ الْكَبِيرَةِ وَلَمْ تَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبْعِ الْكَبِيرَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَا ضَابِطُ ذَلِكَ الْعِظَمِ هَلْ هُوَ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ أَوْ السِّمَنُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا بُعْدٌ لَا يَخْفَى فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ مِنْ إجْزَاءِ الشَّاةِ فِي كُلٍّ مَا لَمْ يُسَمِّ كَبِيرَةً وَإِنْ سَاوَتْ سِتَّةَ أَسْبَاعِ كَبِيرَةٍ مَثَلًا وَضَبْطُهُمْ لِلصَّغِيرَةِ بِمَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ انْتِفَاءِ الشَّاةِ فِيمَا دُونَ السُّبْعِ لَا تَعَدُّدِهَا فِيمَا فَوْقَهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَلَيْسَ مَا هُنَا كَالصَّيْدِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مُعْتَبَرَةٌ ثَمَّ لَا هُنَا. اهـ. وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْعِظَمِ النِّسْبَةُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَمَا زَادَتْ عَلَيْهَا وَلَمْ تَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكَبِيرَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُجْزِيَةِ فِي الصَّغِيرَةِ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا فِي الْمِقْدَارِ بَلَغَتْ نِصْفَ الشَّجَرَةِ اُعْتُبِرَ فِي الشَّاةِ الْمُجْزِيَةِ فِيهَا أَنْ تُسَاوِيَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ
وَلِأَنَّ الشَّاةَ مِنْ الْبَقَرَةِ سُبْعُهَا سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَشِيشِ كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ ثُمَّ إنْ شَاءَ ذَبَحَ ذَلِكَ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ أَوْ أَعْطَاهُمْ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَقَوْلِي وَمَا قَارَبَتْ سُبْعَهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّغِيرَةُ شَاةٌ فَإِنَّهَا لَوْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْحَشِيشِ الرَّطْبِ إنْ لَمْ يُخَلَّفْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي سِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ.
(وَحَرَمُ الْمَدِينَةِ وَوَجٌّ) بِالرَّفْعِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَادٍ بِالطَّائِفِ (كَحَرَمِ مَكَّةَ) فِي حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لِصَيْدِهِمَا وَنَابِتِهِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا» ، زَادَ مُسْلِمٌ «وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا» وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ خَبَرَ «إلَّا أَنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ» ، وَاللَّابَتَانِ الْحَرَّتَانِ تَثْنِيَةُ لَابَةٍ وَهِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ وَهُمَا شَرْقَيْ الْمَدِينَةِ وَغَرْبَيْهَا فَحَرَّمَهَا مَا بَيْنَهُمَا عَرْضًا وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا عَيْرٍ وَثَوْرٍ طُولًا (فَقَطْ)
ــ
[حاشية الجمل]
الصَّغِيرَةَ بِسُبْعٍ مِنْ الْكَبِيرَةِ تَقْرِيبًا وَهَذِهِ مِقْدَارُ النِّصْفِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا سُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعٍ وَنَظِيرُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَصِيلِ أَوْ ابْنِ اللَّبُونِ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الشَّاةَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْبَقَرَةِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ نِسْبَتُهَا مِنْ الْبَقَرَةِ سُبْعُهَا وَوَجْهُ هَذِهِ النِّسْبَةِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ إجْزَاءِ الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّجَرَةِ وَالْغُصْنِ بِأَنَّ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ مِنْ شَأْنِهِ الْإِخْلَافُ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرَةُ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ أَيْ الْحَشِيشِ وَبَيْنَ غُصْنِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ فَصَلُوا فِيهِ بَيْنَ الشَّجَرِ إذَا أُخِذَ مِنْ أَصْلِهِ يُضْمَنُ وَإِنْ أَخْلَفَ فِي سَنَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَيْضًا أَنَّ الشَّجَرَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَنْبَتِ وَغَيْرِهِ وَيُضْمَنُ بِالْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فِيهِمَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ) بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ اِ هـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَوْ صَغُرَتْ جِدًّا) فِي الْمُخْتَارِ الصِّغَرُ ضِدُّ الْكِبَرِ وَقَدْ صَغُرَ بِالضَّمِّ فَهُوَ صَغِيرٌ وَصُغَارٌ بِالضَّمِّ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ صَغُرَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ صِغَرًا وِزَانُ عِنَبٍ فَهُوَ صَغِيرٌ وَالْجَمْعُ صُغَارٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَشِيشِ الرَّطْبِ) أَيْ فَوَاجِبُهُ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ يَدْفَعُهُ اهـ. شَرْحُ م ر بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَعَدَلَ فِيهِ عَنْ الْقِيَاسِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِوُجُوبِ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُخْلِفْ) أَيْ فَإِذَا أَخْلَفَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ لَمْ يُضْمَنْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمَثْغُورِ) أَيْ الصَّغِيرُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَادٍ بِالطَّائِفِ) أَيْ بِصَحْرَائِهِ اهـ. ح ل وَسَبَبُ الْحُرْمَةِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إلَى الطَّائِفِ فَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْأَذَى مِنْ الْكُفَّارِ حَتَّى دَمِيَتْ رِجْلَاهُ فَجَلَسَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فَأُكْرِمَ فِيهِ غَايَةَ الْإِكْرَامِ فَأُكْرِمَ الْمَكَانُ بِتَحْرِيمِ قَطْعِ شَجَرِهِ وَقَتْلِ صَيْدِهِ اهـ. تَقْرِيرٌ بِشْبِيشِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لِصَيْدِهِمَا) وَلَوْ ذَبَحَهُ الْحَلَالُ لَا يَصِيرُ مَيْتَةً وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ مَيْتَةٌ كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ انْتَهَى.
وَفِي سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ مَذْبُوحُ الْحَلَالِ مَيْتَةٌ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ مَيْتَةٌ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا حُرِّمَ وَهُوَ قِيَاسُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَحَرَمِ مَكَّةَ بِجَامِعِ الْحُرْمَةِ فِي الْكُلِّ، وَعَدَمُ الضَّمَانِ هُنَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت تَعْبِيرَ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ. (فَرْعٌ)
صَيْدُ الْحَرَمِ الْمَدَنِيِّ كَالْمَكِّيِّ فِي الْحُرْمَةِ وَرَأَيْت الشَّارِحَ قَالَ فِي قَوْلِهِ: فِي الْحُرْمَةِ مَا نَصُّهُ فَجَمِيعُ مَا مَرَّ يَأْتِي هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرْمَةِ وَمَصِيرِ مَذْبُوحَةِ مَيْتَةً وَغَيْرِهِمَا مَا عَدَا الْفِدْيَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّ إبْرَاهِيمَ) أَيْ الْخَلِيلَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَبُو إسْمَاعِيلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ آزَرَ وُلِدَ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ وَهَاجَرَ مِنْ الْعِرَاقِ إلَى الشَّامِ وَبَلَغَ مِنْ الْعُمْرِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَقِيلَ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَدُفِنَ بِالْخَلِيلِ وَقَبْرُهُ هُنَاكَ مَشْهُورٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ آخِرُ قَوْلِهِ: حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الْمُتَوَفَّى فَجْأَةً وَهُوَ تَخْفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: حَرَّمَ مَكَّةَ) أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا إذْ هِيَ حَرَامٌ بِحُكْمِ اللَّهِ الْقَدِيمِ وَقَوْلُهُ: «وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» أَيْ أَنْشَأْت تَحْرِيمَهَا وَقَوْلُهُ: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ هُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لَابَتَيْهَا) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعِضَاهَهُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَمَا فِي عِ ش وَبِضَمِّهَا كَمَا فِي ح ل فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّجَرُ اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي الْمُخْتَارِ الْعِضَاهُ كُلُّ شَجَرٍ يَعْظُمُ وَلَهُ شَوْكٌ وَاحِدُهُ عِضَاهَةٌ وَعَضْهَةٌ وَعَضَةٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعِضَاهُ وِزَانُ كِتَابٍ كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ كَالطَّلْحِ وَالْفَرْسَجِ وَالْهَاءُ أَصْلِيَّةٌ وَعَضِهَ الْبَعِيرَ عَضَهًا فَهُوَ عَضِهٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ رَعَى الْعِضَاهَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُمَا عَرَضًا) وَالنَّقِيعُ بِالنُّونِ وَقِيلَ بِالْبَاءِ لَيْسَ بِحَرَمٍ وَلَكِنْ حَمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَلَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَلَا يُضْمَنُ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَيْرٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ يُقَالُ لِلْحِمَارِ الْمَذْمُومِ أَخْلَاقًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَثَوْرٌ) هُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ وَرَاءَ أُحُدٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَتَقَدَّمَ اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ ثَوْرًا إنَّمَا يُعْرَفُ بِمَكَّةَ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ غَارُ الْهِجْرَةِ وَأَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَأُحُدٍ فَرَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ عَيْرٌ وَثَوْرٌ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا وَهُوَ بِمَكَّةَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ وَرَاءَ
أَيْ دُونَ ضَمَانِهِمَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَيْدُ الْمَدِينَةُ حَرَامٌ وَلَا يُضْمَنُ.
(وَفِي) جَزَاءِ صَيْدٍ (مِثْلِيٍّ ذُبِحَ مِثْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) الشَّامِلِينَ لِفُقَرَائِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَشْمَلُ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ وَمَا يَتْبَعُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا (أَوْ إعْطَاؤُهُمْ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ مِثْلِهِ (طَعَامًا يُجْزِئُ) فِي الْفِطْرَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا لَهُمْ (أَوْ صَوْمٌ) حَيْثُ كَانَ (لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا)، قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الصَّوْمِ كَوْنَهُ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهِ لَكِنَّهُ فِي الْحَرَمِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ.
(وَ) فِي جَزَاءِ صَيْدٍ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ (تَصَدَّقَ) عَلَيْهِمْ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (طَعَامًا أَوْ صَوْمٌ) لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَالْمِثْلِيِّ، أَمَّا مَا فِيهِ نَقْلٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالْمِثْلِيِّ كَمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّ قَدْ يَكُونُ كَغَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَالْحَامِلِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِحَامِلٍ وَلَا تُذْبَحُ بَلْ تُقَوَّمُ (فَإِنْ انْكَسَرَ مُدٌّ) فِي الْقِسْمَيْنِ (صَامَ يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلِفٍ مُتَقَوِّمٍ وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ زَمَنَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعُدُولِ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ
ــ
[حاشية الجمل]
أُحُدٍ جَبَلٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ وَهُوَ غَيْرُ ثَوْرٍ الَّذِي بِمَكَّةَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ ضَمَانِهِمَا) هَذَا عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ وَقِيلَ ثِيَابُهُ فَقَطْ وَقِيلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلْبَ لِلسَّالِبِ وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَفِي مِثْلِيٍّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ دِمَاءِ الْحَجِّ الْوَاجِبَةِ فِيهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَرْجِعُ لِعِشْرِينَ نَوْعًا أَوْ أَكْثَرَ، فَقَوْلُهُ وَفِي مِثْلِيٍّ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَذَكَرَ مِنْهُ نَوْعًا وَبَقِيَ لَهُ ثَانٍ وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي قَطْعِ النَّابِتِ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ ذَبَحَ ذَلِكَ إلَخْ وَفِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَأَنَّ دَمَ الصَّيْدِ وَالنَّابِتِ إلَخْ وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي فِي قَوْلِهِ:
وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي
…
صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفِ
إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلُ مِثْلِ مَا
…
عَدَلْت فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُفَرَّقَ لَحْمُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ كَالْجِلْدِ وَالْكَرِشِ وَالشَّعْرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ يُمَلِّكُهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ سَلْخِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا اهـ. حَجّ فَيُفِيدُ جَوَازَ تَمْلِيكِهِمْ جُمْلَتَهُ مُتَفَاوِتًا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ كَأَنْ يَقُولَ لِثَلَاثَةٍ مَلَّكْتُكُمْ هَذِهِ الشَّاةَ عَلَى أَنَّ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ نِصْفَهَا وَآخَرَ ثُلُثَهَا وَآخَرَ سُدُسَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ إعْطَاؤُهُمْ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) وَحَيْثُ وَجَبَ صَرْفُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ فِي عَدَمِ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ مُدٌّ بَلْ يَجُوزُ دُونَهُ وَفَوْقَهُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يُتَصَوَّرُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ دَمِ التَّمَتُّعِ قُلْت نَعَمْ بِأَنْ يَمُوتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَيُطْعِمُ الْوَلِيُّ عَنْهُ فَإِنْ قُلْت الَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذِهِ إجْزَاءُ الطَّعَامِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الصَّوْمِ الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ قُلْت نَعَمْ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَدُّ التَّمَتُّعِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فِي إطْعَامِهِ الْمُدَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ بَدَلٌ عَنْ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ نَقْصُ وَلَا زِيَادَةُ بَعْضِ مُدٍّ آخَرَ بِخِلَافِ زِيَادَةِ مُدٍّ آخَرَ وَفَارَقَ التَّمَتُّعُ وَدَمُ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ مَا عَدَاهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّ فِيمَا عَدَاهُمَا أَصْلٌ لَا بَدَلٌ فَجَازَ نَقْصُهُ وَزِيَادَتُهُ مُطْلَقًا اهـ. حَجّ وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ التَّعْدِيلِ يَجُوزُ النَّقْصُ فِيهِ عَنْ الْمُدِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُرَتَّبًا أَمْ مُخَيَّرًا وَأَنَّ دَمَ التَّقْدِيرِ إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ ثَابِتُهُ بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا فَلَا إطْعَامَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمِثْلِ الَّذِي يُذْبَحُ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ مِثْلُهُ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ لَا تَقْدِيرُ مُضَافٍ آخَرَ كَمَا تُوُهِّمَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ إلَخْ) هَذَانِ الْفِعْلَانِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ مَنْصُوبَانِ وَنَصُّهَا وَبَيْنَ أَيْ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا اهـ. وَدَفَعَ شَارِحُهَا م ر الْقُصُورَ فِيهَا فَقَالَ أَوْ يُخْرِجَ مِقْدَارَهَا مِنْ طَعَامِهِ إذْ الشِّرَاءُ مِثَالٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ دَرَاهِمَ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ شُذُوذًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: هَدْيًا) حَالٌ مِنْ جَزَاءٍ فِي قَوْلِهِ {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] أَيْ حَالَ كَوْنِ الْجَزَاءِ هَدْيًا وَقَوْلُهُ: {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] نَعْتٌ لِ هَدْيًا وَإِنْ أُضِيفَ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهُ لَا تُفِيدُ تَعْرِيفًا وَالْمُرَادُ بِالْكَعْبَةِ جَمِيعُ الْحَرَمِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَمَعْنَى بَالِغَ الْحَرَمِ أَنَّهُ يَبْلُغُ بِهِ إلَى الْحَرَمِ وَيُذْبَحُ فِيهِ وَلَا يُذْبَحُ خَارِجَهُ اهـ. جَلَالٌ بِإِيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) طَعَامًا تَمْيِيزٌ أَوْ إنْ تَصَدَّقَ بِمَعْنَى أَعْطَى فَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْإِعْطَاءِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَالْمِثْلِيِّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ فَالْمِثْلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَغَيْرُهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالْمِثْلِيِّ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَيْ فِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ فَقَطْ الْإِطْعَامُ وَالصَّوْمُ.
(قَوْلُهُ: سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ بَدَلِ الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ ع ش وَهَذَا بَيَانٌ لِلْمَكَانِ، وَأَمَّا الزَّمَانُ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ الطَّعَامِ فَلَنْ يُبَيِّنَهُ وَقَدْ قَدَّمَ م ر فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ اُعْتُبِرَ سِعْرُ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ وَعَنْ السُّبْكِيّ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ هُنَا اهـ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مُعْتَمَدَ م ر هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ مُعْتَمَدَ حَجّ
أَوْ بِمَكَّةَ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي.
(وَ) فِي (فِدْيَةِ) ارْتِكَابِ (مَا يَحْرُمُ وَيُضْمَنُ) أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (غَيْرِ مُفْسِدٍ وَصَيْدٍ وَنَابِتٍ) كَحَلْقٍ وَقَلْمٍ وَتَطْيِيبٍ وَجِمَاعٍ ثَانٍ أَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ (ذَبْحٌ) لِمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةٌ وَيَفْعَلُ فِيهِ مَا مَرَّ وَإِطْلَاقِي لِلذَّبْحِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِشَاةٍ (أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ صَاعٍ (لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَأَصْلُ آصُعٍ أَصْوُعٌ أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ وَقُدِّمَتْ عَلَى صَادِهِ وَنُقِلَتْ ضَمَّتُهَا إلَيْهَا وَقُلِبَتْ هِيَ أَلِفًا (أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك قَالَ نَعَمْ قَالَ اُنْسُكْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَقِيسَ بِالْحَلْقِ وَبِالْمَعْذُورِ غَيْرُهُمَا وَتَعْبِيرِي بِمَا يَحْرُمُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَلْقِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي غَيْرُ مُفْسِدٍ وَصَيْدٌ وَنَابِتٌ الثَّلَاثَةُ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ الْمُفْسِدِ كَدَمِ الْإِحْصَارِ
ــ
[حاشية الجمل]
احْتِمَالٌ ثَالِثٌ وَهُوَ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْأَدَاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِمَكَّةَ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا جَمِيعُ الْحَرَمِ وَأَنَّهَا لَوْ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ بِقَاعِهِ جَازَ لَهُ اعْتِبَارُ أَقَلِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ أَجْزَأَهُ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَفِي فِدْيَةِ مَا يَحْرُمُ إلَخْ) فِي الظَّرْفِيَّةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَمَا بَعْدَهُ نَفْسُ الْفِدْيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ تَأَمَّلْ اهـ. شَيْخُنَا وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الرَّابِعِ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا خَمْسَةً بِقَوْلِهِ كَحَلْقٍ إلَخْ وَبَقِيَ لِلْكَافِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ الدَّهْنُ وَاللُّبْسُ وَمُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرَ الْكُلَّ ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ:
وَخَيِّرَنَّ وَقَدِّرَنَّ فِي الرَّابِعِ
…
إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعِ
لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا
…
تَجْتَثُّ مَا أَجْتَثَثْته اجْتِثَاثَا
فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَلُبْسِ دَهْنِ
…
طِيبٍ وَتَقْبِيلٍ وَوَطْءِ ثَنْيِ
أَوْ بَيْنَ تَحْلِيلَيْ ذَوِي إحْرَامِ
…
النَّطْرُونِيُّ دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ
تَأَمَّلْ.
1 -
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا انْتَفَى عَنْهُ الْحُرْمَةُ مَعَ ثُبُوتِ الضَّمَانِ كَالْحَلْقِ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا أَوْ جَهْلًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا انْتَفَى عَنْهُ الْأَمْرَانِ مَعًا كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ النَّابِتِ فِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إدْخَالُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي فِدْيَةِ مَا يَحْرُمُ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ إسْقَاطَ قَوْلِهِ وَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَفِي فِدْيَةِ مَا يَحْرُمُ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَيْسَ لَنَا فِدْيَةٌ فِي شَيْءٍ يَحْرُمُ وَلَا يَضْمَنُ حَتَّى يَحْتَرِزَ عَنْهُ بِهَذَا الْقَيْدِ الَّذِي زَادَهُ عَلَى الْمَتْنِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِشَاةٍ) قَالَ م ر وَيَقُومُ مَقَامَهَا بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبْعُ أَحَدِهِمَا اهـ. ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ الدَّمَ فِي الْمَنَاسِكِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً فَتُجْزِئُ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةِ دِمَاءٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهَا فَلَوْ ذَبَحَهَا عَنْ دَمٍ وَاجِبٍ فَالْفَرْضُ سُبْعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَأَكْلُ الْبَاقِي إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ وَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرٌ وَفِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ بَلْ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ شَاتِه اهـ.
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَيْسَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يُزَادُ الْمِسْكِينُ فِيهِ عَلَى مُدٍّ سِوَى هَذِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَبْدَلَ مِنْ وَاوِهِ إلَخْ) أَيْ فَفِيهِ أَرْبَعُ تَصَرُّفَاتٍ الْأَوَّلُ قَلْبُ الْوَاوِ هَمْزَةً الثَّانِي تَقْدِيمُهَا عَلَى الصَّادِ الثَّالِثُ نَقْلُ حَرَكَتِهَا إلَى الصَّادِ الرَّابِعُ قَلْبُهَا أَلِفًا فَقَبْلَ التَّقْدِيمِ كَانَ وَزْنُهُ أَفْعَلَ فَالصَّادُ فَاءُ الْكَلِمَةِ وَالْوَاوُ عَيْنُهَا وَالْعَيْنُ لَامُهَا وَالْآنَ صَارَ وَزْنُهُ أَعَفَلَ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الْفَاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَحَلْقٌ) قَدَّرَهُ أَخْذًا مِنْ صَدْرِ الْآيَةِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَرَضَ بِمُجَرَّدِهِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبُو إِسْحَاقَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ الصَّحَابِيُّ شَهِدَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ وَغَيْرَهَا رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إحْدَى أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ وَخَمْسِينَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ خَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اُنْسُكْ شَاةً) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ اذْبَحْ شَاةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ نَسَكَ لِلَّهِ يَنْسُكَ مِنْ بَابِ قَتَلَ تَطَوَّعَ بِقُرْبَةٍ وَالنُّسُكُ بِضَمَّتَيْنِ اسْمٌ مِنْهُ وَفِي التَّنْزِيلِ {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: 162] وَالْمَنْسَكُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا يَكُونُ مَصْدَرًا وَزَمَانًا وَاسْمُ الْمَكَانِ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ النَّسِيكَةُ وَهِيَ الذَّبِيحَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَفِي التَّنْزِيلِ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} [الحج: 34] بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَمَنَاسِكُ الْحَجِّ عِبَادَاتُهُ وَقِيلَ مَوَاضِعُهَا وَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَعَلَيْهِ نُسُكٌ أَيْ دَمٌ يُرِيقُهُ وَنَسَكَ تَزَهَّدَ وَتَعَبَّدَ فَهُوَ نَاسِكٌ وَالْجَمْعُ نُسَّاكٌ مِثْلُ عَابِدٍ وَعُبَّادٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا) أَمَّا حُكْمُ الْأَوَّلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ عَلَى الرَّجُلِ إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ إلَخْ، وَأَمَّا حُكْمُ الثَّانِي فَقَدْ مَرَّ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَفِي مِثْلِيٍّ ذَبْحُ مِثْلِهِ إلَخْ، وَأَمَّا حُكْمُ الثَّالِثِ فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ فَفِي شَجَرَةٍ كَبِيرَةٍ بَقَرَةٌ إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ ثُمَّ إنْ شَاءَ ذَبَحَ ذَلِكَ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ فِي صَنِيعِهِ بَيَانَ حُكْمِ الْمَفْهُومِ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَنْطُوقِ بِمَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَإِنْ كَانَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ فِي الْمَتْنِ إلَّا نَوْعٌ
دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ وَأَنَّ دَمَ الصَّيْدِ وَالنَّابِتِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ وَأَنَّ دَمَ مَا نَحْنُ فِيهِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ قَدَّرَ مَا يُعْدَلُ إلَيْهِ لِمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ.
(وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ) كَإِحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ (كَدَمِ تَمَتُّعٍ) فِي أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ لِاشْتِرَاكِ مُوجِبَيْهِمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ إذْ الْمُوجِبُ لِدَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ، وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ عَجَزَ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ضَعِيفٌ وَالدَّمُ عَلَيْهِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ (وَكَذَا) أَيْ وَكَدَمِ التَّمَتُّعِ (دَمُ فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي وُجُوبُهُ مَعَ الْإِعَادَةِ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْإِعَادَةِ) لَا فِي عَامِ الْفَوَاتِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه رَوَاهُ مَالِكٌ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي (وَدَمُ الْجُبْرَانِ لَا يَخْتَصُّ) ذَبْحُهُ (بِزَمَنٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ وَلَمْ يُرِدْ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ أَيَّامَ التَّضْحِيَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَاحِدٌ وَهُوَ دَمُ الْإِفْسَادِ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ الْمُفْسِدِ كَدَمِ الْإِحْصَارِ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ دَمَ الْمُفْسِدِ وَدَمَ الْإِحْصَارِ بَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الدِّمَاءِ وَاحِدٌ وَسَيَذْكُرُهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ هَذَا الْحَاصِلَ بَعْدَهُ وَذَكَرَ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: دَمُ تَرْتِيبٍ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَتَعْدِيلٌ وَقَوْلُهُ: دَمُ تَخْيِيرٍ وَهُوَ مَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ مُقَابِلُ التَّرْتِيبِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: مَا نَحْنُ فِيهِ) وَهُوَ الْوَاجِبُ بِارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ أَيْ قَدَّرَ الشَّارِعُ بَدَلَهُ صَوْمًا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ انْتَهَتْ فَالصَّوْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُخَيَّرِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي كَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ الْآنَ هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُرَتَّبِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ هُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِاَلَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كُلُّ مَا يَئُولُ إلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الطَّعَامَ فِي دَمِ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ فِيهِ أَيْضًا مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَكَلَامُ حَجّ فِيهِ قُصُورٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ ذَكَرَ الْمَاتِنُ مِنْهَا سَبْعَةً عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ بِقَوْلِهِ وَدَمُ تَرْكِ مَأْمُورٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يَشْمَلُ تَرْكَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَتَرْكَ الرَّمْيِ وَتَرْكَ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةِ وَتَرْكَ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَتَرْكَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَتَرْكَ الْمَشْيِ الْمَنْذُورِ بَلْ وَيَشْمَلُ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الدَّمِ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ التَّمَتُّعَ اسْتِقْلَالًا لِكَوْنِهِ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فَلِذَلِكَ قَاسَ عَلَيْهِ دَمَ تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَقَاسَ عَلَيْهِ أَيْضًا دَمَ الْفَوَاتِ الْآتِيَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ وَإِنَّمَا قَاسَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَهُوَ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ وَقَدْ جَمَعَ الْكُلَّ ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ
أَرْبَعَةٌ دِمَاءُ حَجٍّ تُحْصَرُ
…
فَالْأَوَّلُ الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ
تَمَتُّعٌ فَوْتٌ وَحَجٌّ قُرِنَا
…
وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى
وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَةَ
…
أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهْ
نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدْ
…
ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ
وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْمَقَامِ التَّنْبِيهَ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ نَوْعَانِ دَمُ الْفَسَادِ وَدَمُ الْإِحْصَارِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْحَاصِلِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَكَانَ عُذْرُ الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِهِ أَنَّ أَحَدَ نَوْعَيْهِ وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي الْجِمَاعِ قَدْ ذَكَرَهُ إجْمَالًا فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَتَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ عَلَى الرَّجُلِ وَأَنَّ النَّوْعَ الثَّانِيَ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: تَرْكِ مَأْمُورٍ) أَيْ أَمْرِ إيجَابٍ أَوْ نَدْبٍ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَدَمِ تَمَتُّعٍ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ بِحَرَمٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تُسَنُّ قَبْلَ عَرَفَةَ وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ فَقَوْلُهُ: كَدَمِ تَمَتُّعٍ لَيْسَ مِثَالًا بَلْ هُوَ مَقِيسٌ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِ مُوجِبِهِمَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ السَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَهُمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ أَيْ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ الشَّامِلِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ وَتَرْكِ الرَّمْيِ وَهَكَذَا أَوْ هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِمَا وَهُوَ الدَّمُ لَكِنَّ هَذَا فِيهِ نَوْعُ مُصَادَرَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا دَمُ فَوَاتٍ) أَيْ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْوُقُوفِ الْمَتْرُوكِ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْإِعَادَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَوَقْتُ الْوُجُوبِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْقَضَاءِ كَمَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لَا يُقَدِّمُ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِهِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ دَمَ الْفَوَاتِ بَيْنَ تَحَلُّلِهِ وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَذْبَحُهُ فِي أَحَدِ وَقْتَيْ جَوَازِهِ وَوُجُوبِهِ لَا قَبْلَهُمَا فَالْأَوَّلُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَالثَّانِي يَدْخُلُ بِالدُّخُولِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ لِفَتْوَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِذَلِكَ وَكَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَدَمُ الْجُبْرَانِ) أَيْ الدَّمُ الَّذِي يَجْبُرُ الْخَلَلَ لِوَاقِعٍ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلَ مَنْهِيٍّ أَوْ تَرْكَ مَأْمُورٍ فَيَشْمَلُ سَائِرَ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِفِعْلِ حَرَامٍ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ
وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ إذَا حَرُمَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى الْإِجْزَاءِ أَمَّا الْجَوَازُ فَأَحَالُوهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِفِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ لِشُمُولِهِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَغَيْرِهِمَا كَالْحَلْقِ بِعُذْرٍ وَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ (وَيَخْتَصُّ) ذَبْحُهُ (بِالْحَرَمِ) حَيْثُ لَا حَصْرَ، قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَوْ ذُبِحَ خَارِجَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (وَ) يَخْتَصُّ (صَرْفُهُ كَبَدَلِهِ) مِنْ طَعَامٍ (بِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ الْقَاطِنِينَ وَالطَّارِئِينَ، وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ
وَقَوْلِي وَصَرْفُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرْفُ لَحْمِهِ وَقَوْلِي كَبَدَلِهِ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْفِعْلِ حَرَامًا كَحَلْقٍ أَوْ لُبْسٍ بِعُذْرٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ بِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ وَمِثْلُهُ الدَّمُ الْمَنْدُوبُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ مُتَأَكِّدَةٍ كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ لَا يَخْتَصُّ جَوَازُ ذَبْحِهِ وَإِجْزَاؤُهُ بِزَمَانٍ إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ لَزِمَهُ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْكَفَّارَاتِ مُبَادَرَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: إذَا حَرُمَ السَّبَبُ) كَتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ عَمْدًا وَكَالدَّهْنِ عَمْدًا فَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ كَهُمَا سَهْوٌ أَوْ كَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ لَمْ تَجِبْ الْمُبَادَرَةُ هَذَا وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي وَإِنْ عَصَى بِسَبَبِهَا فَكَلَامُهُ مُسَلَّمٌ فِي الْمَقِيسِ دُونَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَاتِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ عَصَى بِالسَّبَبِ وَجَبَ الْفَوْرُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ اهـ. ع ش فَكَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ نُدِبَ جَبْرُهُ بِدَمٍ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي دَمِ الْجُبْرَانِ فَيَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَيَكُونُ كَلَامُ الْأَصْلِ شَامِلًا لَهُ فَلَا يَكُونُ وَارِدًا عَلَيْهِ اهـ. مِنْ الزِّيَادِيِّ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا حَصْرَ) أَمَّا الْمُحْصَرُ فَيَذْبَحُ دَمَ الْجُبْرَانِ فِي مَحَلِّ إحْصَارِهِ كَمَا يَذْبَحُ فِيهِ دَمَ التَّحَلُّلِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الْبَابِ الْآتِي، وَكَذَا يَذْبَحُ هُنَاكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ دِمَاءِ الْمَحْظُورَاتِ قَبْلَ الْإِحْصَارِ وَمَا مَعَهُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ انْتَهَتْ ثُمَّ رَأَيْت فِي قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَمَا لَزِمَ الْمَعْذُورَ أَيْ الْمُحْصَرَ وَنَحْوَ الْمَرِيضِ مِنْ الدِّمَاءِ أَوْ سَاقَهُ مِنْ الْهَدَايَا يَذْبَحُهُ حَيْثُ عُذِرَ أَيْضًا انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ وَإِنْ نَقَلَهُ وَفَرَّقَ لَحْمَهُ فِيهِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ اللَّحْمُ فَإِذَا وَقَعَتْ تَفْرِقَتُهُ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ حَصَلَ الْغَرَضُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ كَبَدَلِهِ لِمَسَاكِينِهِ) .
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَجِبُ تَفْرِيقُ لُحُومِ وَجُلُودِ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلِهَا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي الْحَرَمِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُمْ خَارِجَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُ الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الذَّبْحِ هُوَ إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ لَا تَلْوِيثُهُ بِالدَّمِ وَالْفَرْثِ إذْ هُوَ مَكْرُوهٌ اهـ. وَيَجِبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَفْرِقَتِهِ فِيهِ صَرْفُهُ لِأَهْلِهِ اهـ. وَخَالَفَ م ر فَصَمَّمَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ خَارِجَهُ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِيهِ بِأَنْ خَرَجَ هُوَ وَهُمْ عَنْهُ ثُمَّ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ خَارِجَهُ ثُمَّ دَخَلُوا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ لَكِنْ الْقَاطِنُونَ أَفْضَلُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الْغُرَبَاءِ اشْتِرَاطُ التَّفْرِيقِ فِيهِ أَيْضًا وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ فِي الْقَاطِنِينَ إذْ مُجَرَّدُ مُفَارَقَةِ الْحَرَمِ لَا تَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَسَاكِينَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ إذْ لَيْسَ إضَافَتُهُمْ إلَى الْحَرَمِ إلَّا بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِمْ فِيهِ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَا يُجْزِئُ التَّفْرِيقُ عَلَيْهِمْ. اهـ. وَحَاصِلُهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَهْلِهِ الْقَاطِنِينَ وَغَيْرِهِمْ فَيُعْطَى الْأَوَّلُونَ دُونَ الْآخَرِينَ وَقَوْلُهُ: إذْ مُجَرَّدُ مُفَارَقَةِ الْحَرَمِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْوُوا الِاسْتِيطَانَ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ لِانْقِطَاعِ نِسْبَتِهِمْ حِينَئِذٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ فَوْقَهَا إذَا لَمْ يَنْوُوا الِاسْتِيطَانَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ مَسَاكِينَهُ وَإِنْ وَصَلُوا إلَى تِلْكَ الْمَسَافَةِ لَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلُوا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ حِينَئِذٍ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَحْرَمَ خَارِجَ مَكَّةَ يَنْوِي الْعَوْدَ إلَيْهَا حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ الْعَوْدُ إذَا وَصَلَ لِتِلْكَ الْمَسَافَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ وُصُولُهُ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ عَلَى مَا مَرَّ وَعَلَّلُوهُ بِانْقِطَاعِ نِسْبَتِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُلْحَظُ هُنَا كَوْنُهُمْ يُسَمَّوْنَ مَسَاكِينَ الْحَرَمِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَإِنْ كَانُوا بِأَقْصَى الْغَرْبِ مَثَلًا وَهُنَاكَ عَدَمُ نِسْبَةِ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِمَكَّةَ فَانْقِطَاعُ النِّسْبَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ لَا الشَّخْصِ وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الْحَرَمِ فَحَيْثُ وَصَلَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ وَجَبَ الْوُصُولُ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ أَحْوَجَ إلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرْفُ لَحْمِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْجِلْدَ وَبَقِيَّةَ أَجْزَائِهِ مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ يَخْتَصُّ صَرْفُهُ بِمَسَاكِينِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ وَبَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ فَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ إلَى مَسَاكِينِهِ أَيْ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ الْقَاطِنِينَ وَالْغُرَبَاءِ وَالصَّرْفُ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ تَشْتَدَّ
وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ الصَّرْفِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (الذَّبْحُ مُعْتَمِرٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (غَيْرَ قَارِنٍ) بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ (الْمَرْوَةِ وَ) لِذَبْحِ (حَاجٍّ) بِأَنْ كَانَ مُرِيدَ إفْرَادٍ أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَلَوْ عَنْ دَمِ تَمَتُّعِهِ (مِنًى) ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا (وَكَذَا الْهَدْيُ) أَيْ حُكْمُ الْهَدْيِ الَّذِي سَاقَهُ الْمُعْتَمِرُ الْمَذْكُورُ وَالْحَاجُّ تَقَرُّبًا (مَكَانًا)
ــ
[حاشية الجمل]
حَاجَةُ الثَّانِي فَيَكُونُ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ شَيْئًا مِنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعْطِيَهُمْ جُمْلَتَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّيْدِ وَيَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ فُقَرَائِهِ أَوْ مَسَاكِينِهِ وَإِنْ انْحَصَرَ وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ فَلَوْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ثَالِثٍ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ كَنَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ اسْتِيعَابُهُمْ عِنْدَ الِانْحِصَارِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ، وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ لَمْ يُجْزِهِ نَعَمْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَبْحٍ آخَرَ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ شِرَاءِ بَدَلِهِ لَحْمًا وَالتَّصَدُّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ وُجِدَ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَصَّرَ فِي التَّفْرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالزَّكَاةَ بِعَيْنِ الْمَالِ وَلَوْ عَدِمَ الْمَسَاكِينَ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ حَتَّى يَجِدَهُمْ وَامْتَنَعَ النَّقْلُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ حَيْثُ جَازَ النَّقْلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ سَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْهُ وَلَوْ سَرَقَهُ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَحْثًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ سَوَاءٌ وُجِدَتْ نِيَّةُ الدَّفْعِ أَمْ لَا قَالَ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ وَهُمْ إنَّمَا يَمْلِكُونَهُ بِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ الصَّرْفِ) أَيْ أَوْ الذَّبْحِ أَوْ الْعَزْلِ فَتَكْفِي عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ. اهـ. ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ إلَخْ قَالَ حَجّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَوَجَبَ اقْتِرَانُهَا بِالْمَقْصُودِ دُونَ وَسِيلَتِهِ وَثَمَّ إرَاقَةُ الدَّمِ لِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ وَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَارَنَتْ نِيَّةَ الْقُرْبَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقْعَةٍ فَتْحُ الْقَافِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ لِضَمِيرِ الْحَرَمِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ اهـ. مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُ فِي حِلِّ الْمَتْنِ كَعِبَارَةِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ مِنْ الْحَرَمِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ إلَخْ أَيْ عَلَى خِلَافِ مَا سَلَكَهُ هُوَ فِي الْحِلِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا) أَيْ بِأَنْ اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ فَيَذْبَحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُمْرَةِ فِي الْمَرْوَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ بِأَنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فَيَذْبَحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُمْرَةِ فِي الْمَرْوَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَذْبَحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَجَّةٍ فِي مِنًى كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ ثُمَّ إنَّ قَصْرَ الشَّارِحِ لِلْمَتْنِ عَلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ الْعُمْرَةَ الَّتِي لَا حَجَّ مَعَهَا أَصْلًا لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُرِيدَ إفْرَادٍ أَيْ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَجَّ وَمُرَادُهُ الِاعْتِمَارُ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا) أَيْ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَهُوَ مُعْتَمِرٌ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا وَقَصْدُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ فَهُوَ مُعْتَمِرٌ الْآنَ حَقِيقَةً، وَقَوْلُهُ مُرِيدَ إفْرَادٍ أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا وَقَصْدُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَارِنًا أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَمَتِّعًا أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ) أَيْ فَيَذْبَحُ الدَّمَ الَّذِي لَزِمَهُ فِي عُمْرَتِهِ بِالْمَرْوَةِ، وَأَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ نَفْسِهِ فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُ بِمِنًى كَمَا سَيَأْتِي اهـ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْحَجِّ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا قَبْلَ الْحَلْقِ. اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي سَاقَهُ الْمُعْتَمِرُ) وَيُسْتَحَبُّ سَوْقُ الْهَدْيِ مَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِنًى مَثَلًا حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ اهـ. وَاقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَذْبَحُ إلَّا فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا مُشْكِلٌ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ وَظَاهِرُ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ يَأْبَاهُ فَإِنَّ الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَهُ عليه الصلاة والسلام يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ تَأْخِيرَهُ بِمَكَّةَ إلَى أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ؛ وَلِذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَسَاقَ هَدْيًا أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَإِنْ اعْتَمَرَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى أَوْ فِي أَوَّلِ الْعَامِ وَسَاقَ الْهَدْيَ لَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ ذَبْحِهِ إلَى أَيَّامِ مِنًى وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: تَقَرُّبًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِسَبَبِ فِعْلِ مَنْهِيٍّ أَوْ تَرْكِ مَأْمُورٍ وَالتَّقَرُّبُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِي