المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صفة النسك) - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٢

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[ذِكْرُ الْمَوْتِ]

- ‌[تَمَنِّي الْمَوْت]

- ‌[يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ الشَّهَادَةَ]

- ‌(فَرْعٌ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْمَيِّت]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌[زَكَاة الْبَقَر]

- ‌[زَكَاة الْغَنَم]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌(فَرْعٌ) إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُ الِاعْتِكَاف]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى

- ‌(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْإِحْصَارِ)

الفصل: ‌(باب صفة النسك)

عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَقَالَهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيئَةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَقَوْلِي أَوْ يَكْرَهُهُ مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَلْبِيَتِهِ (يُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْأَلُ اللَّهَ) تَعَالَى (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَيَسْتَعِيذُ) بِهِ (مِنْ النَّارِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ بِذَلِكَ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ.

(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

(الْأَفْضَلُ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ وَلَوْ قَارِنًا

ــ

[حاشية الجمل]

تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِهَا يَسْعَوْنَ خَلْفَهَا حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَيَدْخُلُونَ مَعَهَا اهـ. ح ف نَقْلًا عَنْ الْأُجْهُورِيِّ، وَقَوْلُهُ وَكَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا فِيهِ قُصُورٌ، وَاَلَّذِي فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ أَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ شَارِحُهُ: وَهَذَا غَيْرُ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فِي عَرَفَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَوُفُودِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ فَهَذَا عَدَدٌ كَثِيرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَنْ مُجَاهِدٍ) هُوَ أَبُو الْحَجَّاجِ مُجَاهِدُ بْنُ خَيْرٍ الْمَخْزُومِيُّ التَّابِعِيُّ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُ وَرَوَى عَنْهُ طَاوُسٌ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ إحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ.

وَعِبَارَةُ زي قَوْلُهُ لَبَّيْكَ إلَخْ وَيَظْهَرُ تَأْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ اهـ. حَجّ انْتَهَتْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر كَعِبَارَتِهِ هُنَا مَتْنًا وَشَرْحًا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: لَبَّيْكَ أَيْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا قَالَ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَلَا يَقُولُ لَبَّيْكَ فَإِنْ قَالَهَا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟ حَرِّرْهُ وَلَا بَأْسَ بِالْجَوَابِ بِلَبَّيْكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَقَدْ ضَمَّنَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ فِي قَوْلِهِ:

لَا تَرْغَبَنَّ إلَى الثِّيَابِ الْفَاخِرَهْ

وَاذْكُرْ عِظَامَك حِينَ تُمْسِي نَاخِرَهْ

وَإِذَا رَأَيْت زَخَارِفَ الدُّنْيَا فَقُلْ

اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ

انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّي) عَطْفٌ عَلَى الْمَصْدَرِ قَبْلَهُ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي فَيُفِيدُ سَنَّ الْمَذْكُورَاتِ اهـ. شَيْخُنَا (تَنْبِيهٌ)

ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَلْبِيَتِهِ الَّتِي أَرَادَهَا فَلَوْ أَرَادَهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ لَمْ تُسَنَّ الصَّلَاةُ ثُمَّ الدُّعَاءُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَدْعُوَ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَأْتِي بِالتَّلْبِيَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ الدُّعَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ إيضَاحِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى النَّبِيِّ) أَيْ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ كَذَلِكَ وَيُكَرِّرُهَا ثَلَاثًا وَتَحْصُلُ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ لَكِنَّ الْإِبْرَاهِيمِيَّة أَفْضَلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ) بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِضَاك وَالْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ سَخَطِك وَالنَّارِ وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَك وَلِرَسُولِك وَآمَنُوا بِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَوَفَّوْا بِعَهْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِك الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي مَا أَدَّيْت يَا كَرِيمُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَعِيذُ مِنْ النَّارِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِضَاك وَالْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر ثُمَّ يَدْعُو بِمَا أَحَبَّ لِنَفْسِهِ وَمَنْ أَحَبَّهُ اهـ. إيضَاحٌ.

(قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ دَلِيلُهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ أَيْ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ السُّؤَالُ، وَلَيْسَ التَّضْعِيفُ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ انْتَهَتْ.

[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ]

(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ) أَيْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. أَيْ إلَى حِينِ التَّحَلُّلِ، بَلْ وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ لِيَدْخُلَ الْكَلَامُ عَلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَهَذَا الْبَابُ يَنْتَهِي إلَى بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَقَدْ ذُكِرَ فِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ: فَصْلُ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ، فَصْلُ سُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ، فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى، فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ لِمُحْرِمٍ إلَخْ) التَّقْيِيدُ بِهِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّنَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ إذْ الْوُقُوفُ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُحْرِمٍ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ قِرَانًا وَغَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، بَلْ لَا يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِلسُّنَنِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَمِنْ ثَنِيَّةِ كَذَا، وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ قُدُومٍ إلَخْ فَهَذِهِ السُّنَنُ الْأَرْبَعُ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمُحْرِمِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بِحَجٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ دُخُولُ مَكَّةَ) بِالْمِيمِ وَيُقَالُ بَكَّةَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ الْمِيمِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُمَا اسْمَانِ لِلْبَلَدِ وَقِيلَ مَكَّةُ اسْمٌ لِلْحَرَمِ وَبَكَّةُ اسْمٌ لِلْمَسْجِدِ وَقِيلَ مَكَّةُ لِلْبَلَدِ

ص: 419

(دُخُولُهُ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) بِعَرَفَةَ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَصْحَابِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَبَكَّةُ لِلْبَيْتِ وَالْمَطَافِ وَقِيلَ كَالْأَخِيرِ بِإِسْقَاطِ الْمَطَافِ سُمِّيَتْ مَكَّةَ مِنْ الْمَكِّ وَهُوَ الْمَصُّ، يُقَالُ امْتَكَّ الْفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّهِ إذَا امْتَصَّهُ لِقِلَّةِ مَائِهَا وَبَكَّةُ مِنْ الْبَكِّ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَالتَّدَافُعُ لِإِخْرَاجِهَا الْجَبَابِرَةَ مِنْهَا وَلِتَدَافُعِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي الْمَطَافِ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ وَلَهَا أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ نَحْوُ الثَّلَاثِينَ اسْمًا، وَكَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى غَالِبًا، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا أَعْلَمُ بَلَدًا أَكْثَرَ اسْمًا مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِكَوْنِهِمَا أَفْضَلَ الْأَرْضِ، وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَجَعَلَ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ التَّفْضِيلَ ثَابِتًا لِلْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْحِلِّ وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ الْمَشْهُورُ الْآنَ بِزُقَاقِ الْحَجَرِ الْمُسْتَفِيضِ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَرَ الْبَارِزَ فِيهِ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ بِمَكَّةَ» نَعَمْ التُّرْبَةُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَمِنْ خَوَاصِّ اسْمِ مَكَّةَ أَنَّهُ إذَا كُتِبَ عَلَى جَبِينِ الْمَرْعُوفِ بِدَمِ رُعَافِهِ مَكَّةُ وَسَطُ الْبِلَادِ وَاَللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ انْقَطَعَ دَمُهُ وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام بِأَلْفَيْ عَامٍ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ وَطَافُوا بِهِ ثُمَّ آدَم ثُمَّ وَلَدُهُ شِيثُ ثُمَّ إبْرَاهِيمُ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ ثُمَّ الْعَمَالِقَةُ ثُمَّ جُرْهُمٌ ثُمَّ قُصَيٌّ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ ثُمَّ قُرَيْشٌ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ الْحَجَّاجُ لِجِهَةِ الْحَجَرِ فَقَطْ بَعْدَ أَنْ هَدَمَهَا بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَخْرَجَ مِنْ بِنَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا فِي الْحَجَرِ وَأَبْقَاهُ عَلَى الِارْتِفَاعِ الَّذِي صَنَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَكَانَتْ فِي بِنَاءِ قُرَيْشٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ جِهَةُ الْحَجَرِ فِي السَّيْلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَلْفٍ فِي زَمَنِ السُّلْطَانِ مُرَادٍ فَأَمَرَ بِبِنَائِهَا فَبُنِيَتْ، وَمَنْ أَرَادَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ وَأَصْلَهُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ فَلْيُرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ وَمِنْهُ مَا أَلَّفَهُ شَيْخُنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرَمَيْنِ وَتُنْدَبُ الْمُجَاوَزَةُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفِ انْحِطَاطِ رُتْبَةٍ أَوْ مَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ مَعْصِيَةٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَيْتَ بُنِيَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

بَنَى بَيْتَ رَبِّ الْعَرْشِ عَشْرٌ فَخُذْهُمْ

مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْكِرَامُ وَآدَمُ

وَشِيثُ وَإِبْرَاهِيمُ ثُمَّ عَمَالِقُ قُصَيٌّ

قُرَيْشٌ قَبْلَ هَذَيْنِ جُرْهُمُ

وَعَبْدُ الْإِلَهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنَى كَذَا

بِنَاءُ الْحَجَّاجِ وَهَذَا مُتَمِّمُ

اهـ. شَيْخُنَا مَدَابِغِيٌّ فِي قِرَاءَتِهِ لِلْبُخَارِيِّ فِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ: لَمَّا بَنَى إبْرَاهِيمُ الْكَعْبَةَ جَعَلَ طُولَهَا فِي الْأَرْضِ ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهَا فِي الْأَرْضِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَأَمَّا الظَّاهِرُ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَجَعْلُ طُولِهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَأَمَّا عَرْضُهَا فَبَيْنَ رُكْنِ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ الْمُقَابِلِ لِلْمِنْبَرِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا بَيْنَ الْعِرَاقِيِّ وَالشَّامِيِّ وَهُوَ الَّذِي جِهَةُ بَابِ الْعُمْرَةِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَبَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَكَانَتْ غَيْرَ مُسَقَّفَةٍ فَبَنَتْهَا قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَزَادَتْ فِي طُولِهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ فَصَارَ طُولُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَنَقَصُوا مِنْ طُولِهَا فِي الْأَرْضِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا تَرَكُوهَا فِي الْحَجَرِ فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَانُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَهَدَمَهَا وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَزَادَ فِي طُولِهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ أُخْرَى، فَصَارَ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ بَنَاهَا الْحَجَّاجُ فَلَمْ يُغَيِّرْ طُولَهَا فِي السَّمَاءِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ مَعَ الْعَمَالِقَةِ وَجُرْهُمٍ إلَى أَنْ انْقَرَضُوا وَخَلَفَهُمْ فِيهَا قُرَيْشٌ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْحَرَمِ لِكَثْرَتِهِمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَعِزِّهِمْ بَعْد الذِّلَّةِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ جَدَّدَ بِنَاءَهَا بَعْدَ إبْرَاهِيمَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ وَسَقَّفَهَا بِخَشَبِ الدَّوْمِ وَجَرِيدِ النَّخْلِ وَكَانَ بَابُهَا لَاصِقًا بِالْأَرْضِ ثُمَّ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ بَعْدَهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ يَا قَوْمِ ارْفَعُوا بَابَ الْكَعْبَةِ حَتَّى لَا تُدْخَلَ إلَّا بِسُلَّمٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا حِينَئِذٍ إلَّا مَنْ أَرَدْتُمْ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ مِمَّا تَكْرَهُونَهُ رَمَيْتُمْ بِهِ فَسَقَطَ وَصَارَ نَكَالًا لِمَنْ رَآهُ فَفَعَلَتْ قُرَيْشٌ مَا قَالَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: دُخُولُهُ مَكَّةَ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دُخُولِهَا مَا رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ اللَّهُمَّ الْبَلَدُ بَلَدُك وَالْبَيْتُ بَيْتُك جِئْت أَطْلُبُ رَحْمَتَك وَأَؤُمُّ طَاعَتَك مُتَّبِعًا لِأَمْرِك رَاضِيًا بِقَدَرِكَ

ص: 420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

مُسَلِّمًا لِأَمْرِك أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إلَيْك الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِك أَنْ تَسْتَقْبِلَنِي بِعَفْوِك وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنِّي بِرَحْمَتِك وَأَنْ تُدْخِلَنِي جَنَّتَك» قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيَقُولُ «آيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقْدَمَنِيهَا سَالِمًا مُعَافًى فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا عَلَى تَيْسِيرِهِ وَحُسْنِ بَلَاغِهِ، اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْ لَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَأَمِّنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَحْبَابِك وَأَهْلِ طَاعَتِك، اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك وَالْبَلَدُ بَلَدُك وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك جِئْت هَارِبًا وَعَنْ الذُّنُوبِ مُقْلِعًا وَلِفَضْلِك رَاجِيًا وَلِرَحْمَتِك طَالِبًا وَلِفَرَائِضِك مُؤَدِّيًا وَلِرِضَاك مُبْتَغِيًا وَلِعَفْوِك سَائِلًا فَلَا تَرُدَّنِي خَائِبًا وَأَدْخِلْنِي فِي رَحْمَتِك الْوَاسِعَةِ وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ وَجُنْدِهِ وَشَرِّ أَوْلِيَائِهِ» وَحِزْبِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَمْ تَكُنْ مَكَّةُ ذَاتَ مَنَازِلَ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ جُرْهُمٍ وَالْعَمَالِقَةِ يَنْتَجِعُونَ جِبَالَهَا وَأَوْدِيَتَهَا وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْ حَرَمِهَا انْتِسَابًا لِلْكَعْبَةِ لِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا وَتَخَصُّصًا بِالْحَرَمِ لِحُلُولِهِمْ فِيهَا وَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُ لَهُمْ بِذَلِكَ شَأْنٌ وَكُلَّمَا كَثُرَ فِيهِمْ الْعَدَدُ وَنَشَأَتْ فِيهِمْ الرِّيَاسَةُ قَوِيَ أَمَلُهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ سَيَقْدَمُونَ عَلَى الْعَرَبِ وَكَانَتْ فُضَلَاؤُهُمْ يَتَخَيَّلُونَ أَنَّ ذَلِكَ رِيَاسَةٌ فِي الدِّينِ وَتَأْسِيسٌ لِنُبُوَّةٍ سَتَكُونُ فِيهِمْ فَأَوَّلُ مَنْ أُلْهِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَكَانَ يَخْطُبُ لَهُمْ فِيهِ وَيَذْكُرُ لَهُمْ أَمْرَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْتَقَلَتْ الرِّيَاسَةُ إلَى قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ فَبَنَى بِمَكَّةَ دَارَ النَّدْوَةِ لِيَحْكُمَ فِيهَا بَيْنَ قُرَيْشٍ ثُمَّ صَارَتْ لِتَشَاوُرِهِمْ وَعَقْدِ أَلْوِيَةِ حُرُوبِهِمْ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَكَانَتْ أَوَّلَ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فَبَنَوْا الدُّورَ وَكُلَّمَا قَرُبُوا مِنْ الْإِسْلَامِ ازْدَادُوا قُوَّةً وَكَثْرَةَ عَدَدٍ حَتَّى دَانَتْ لَهُمْ الْعَرَبُ إلَى أَنْ قَالَ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ تُبَّعٌ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ كِسْوَةً كَامِلَةً أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَهَا فَكَسَاهَا الْأَنْطَاعَ ثُمَّ أُرِيَ أَنْ يَكْسُوَهَا الْوَصَائِلَ وَهِيَ ثِيَابٌ حَبِرَةٌ مِنْ عَصِيبِ الْيَمَنِ ثُمَّ كَسَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

ثُمَّ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ فِي رِوَايَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ حَاصِلُهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَسَا الْكَعْبَةَ ثُمَّ كَسَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَكْسُوهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَكَسَاهَا الْقَبَاطِيَّ وَكَسَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةُ الدِّيبَاجَ، وَكَانَتْ تُكْسَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ صَارَ مُعَاوِيَةُ يَكْسُوهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ كَانَ الْمَأْمُونُ يَكْسُوهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَكْسُوهَا الدِّيبَاجَ الْأَحْمَرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْقَبَاطِيَّ يَوْمَ هِلَالِ رَجَبٍ وَالدِّيبَاجَ الْأَبْيَضَ يَوْمَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَهَذَا الْأَبْيَضُ ابْتَدَأَهُ الْمَأْمُونُ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ حِينَ قَالُوا لَهُ الدِّيبَاجُ الْأَحْمَرُ يَتَخَرَّقُ قَبْلَ الْكِسْوَةِ الثَّانِيَةِ فَسَأَلَ عَنْ أَحْسَنِ مَا تَكُونُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَقِيلَ الدِّيبَاجُ الْأَبْيَضُ فَفَعَلَهُ. السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ فِي تَزْيِينِ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ وَكَيْفَ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ، نَقَلَ الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ أَرَادَ هَدْمَ الْكَعْبَةِ وَبِنَاءَهَا اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَآخَرُونَ بِهَدْمِهَا وَبِنَائِهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ انْهَدَمَتْ وَأَشَارَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَآخَرُونَ بِتَرْكِهَا بِحَالِهَا فَعَزَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى هَدْمِهَا، فَخَرَجَ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ عَذَابٌ لِهَدْمِهَا فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَدْمِهَا فَمَا اجْتَرَأَ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلَاهَا بِنَفْسِهِ وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَجَعَلَ يَهْدِمُهَا وَيَرْمِي أَحْجَارَهَا فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ اجْتَرَءُوا فَصَعِدُوا وَهَدَمُوا فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ خَلَّقَهَا مِنْ دَاخِلِهَا وَخَارِجِهَا مِنْ أَعْلَاهَا إلَى أَسْفَلِهَا وَكَسَاهَا الْقَبَاطِيَّ.

وَقَالَ مَنْ كَانَتْ لِي عَلَيْهِ طَاعَةٌ فَلْيَخْرُجْ فَلْيَعْتَمِرْ مِنْ التَّنْعِيمِ وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَذْبَحْ شَاةً وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَلْيَتَصَدَّقْ بِوُسْعِهِ، وَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَاشِيًا وَالنَّاسُ مَعَهُ مُشَاةً حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنْ التَّنْعِيمِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرَ عِتْقًا وَبَدَنَةً مَنْحُورَةً وَشِيَاهًا مَذْبُوحَةً وَصَدَقَةً مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنَحَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِائَةَ بَدَنَةٍ، وَأَمَّا تَذْهِيبُ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعَثَ إلَى وَالِيهِ عَلَى مَكَّةَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّرِّيِّ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ فَضَرَبَ مِنْهَا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ صَفَائِحَ الذَّهَبِ وَعَلَى مِيزَابِ الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْأَسَاطِينِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَعَلَى الْأَرْكَانِ فِي جَوْفِهَا وَكُلُّ مَا عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْمِيزَابِ مِنْ الذَّهَبِ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ذَهَّبَ الْبَيْتَ فِي الْإِسْلَامِ فَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى الْبَابِ

ص: 421

وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ (وَ) الْأَفْضَلُ دُخُولُهَا (مِنْ ثَنْيَةِ كَدَاءٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ «كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ السُّفْلَى وَالْعُلْيَا» تُسَمَّى ثَنْيَةَ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ وَالسُّفْلَى ثَنْيَةَ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنْيَةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَاخْتَصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ وَالسُّفْلَى بِالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ يَقْصِدُ مَكَانًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجَ عَكْسَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ الذَّهَبِ مِنْ عَمَلِ الْوَلِيدِ فَرَقَّ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّشِيدِ فِي خِلَافَتِهِ فَأَرْسَلَ إلَى سَالِمِ بْنِ الْجَرَّاحِ عَامِلِهِ عَلَى ضَوَاحِي مَكَّةَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ لِيَضْرِبَ بِهَا صَفَائِحَ الذَّهَبِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَلَعَ مَا كَانَ عَلَى الْبَابِ مِنْ الصَّفَائِحِ وَزَادَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ فَضَرَبَ عَلَيْهَا الصَّفَائِحَ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَالْمَسَامِيرَ وَحَلْقَتَيْ الْبَابِ وَالْعَتَبَةَ فَاَلَّذِي عَلَى الْبَابِ مِنْ الذَّهَبِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مِثْقَالٍ وَعَمِلَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الرُّخَامَ الْأَحْمَرَ وَالْأَخْضَرَ وَالْأَبْيَضَ فِي بَطْنِهَا مُوزَرٌ بِهِ جُدْرَانَهَا وَفَرَشَهَا بِالرُّخَامِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْكَعْبَةِ مِنْ الرُّخَامِ هُوَ مِنْ عَمَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَرَشَهَا بِالرُّخَامِ وَأَزَّرَ بِهِ جُدْرَانَهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ زَخْرَفَ الْمَسَاجِدَ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ فِي تَطْيِيبِ الْكَعْبَةِ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُجَمِّرُ الْكَعْبَةَ كُلَّ يَوْمٍ بِرَطْلٍ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ يُجَمِّرُهَا بِرَطْلَيْنِ وَأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ خَلَّقَ جَوْفَ الْكَعْبَةِ كُلَّهُ وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيِّبُوا الْبَيْتَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَطْهِيرِهِ تَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحج: 26] وَأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَطِيبُ الْكَعْبَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُهْدِيَ لَهَا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه أَجْرَى لِلْكَعْبَةِ الطِّيبَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ كَانَ مُعَاوِيَةُ أَوَّلَ مَنْ طَيَّبَ الْكَعْبَةَ بِالْخَلُوقِ وَالْمِجْمَرِ وَأَجْرَى الزَّيْتَ لِقَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ فِي بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخَلُوقُ مِثْلُ رَسُولٍ مَا يُتَخَلَّقُ بِهِ مِنْ الطِّيبِ، قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ مَائِعٌ فِيهِ صُفْرَةٌ وَالْخِلَاقُ مِثْلُ كِتَابٍ مِثْلُهُ وَخَلَقَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخَلُوقِ تَخْلِيقًا فَتَخَلَّقَتْ هِيَ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ إلَخْ) وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ حَجِيجُ الْعِرَاقِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ عُدُولِهِمْ إلَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ لِضِيقِ وَقْتِهِمْ فَفِيهِ تَفْوِيتُ سُنَنٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا دُخُولُ مَكَّةَ وَطَوَافُ الْقُدُومِ وَتَعْجِيلُ السَّعْيِ وَزِيَارَةُ الْبَيْتِ وَكَثْرَةُ الصَّلَاةِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحُضُورُ خُطْبَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَالصَّلَاةُ بِهَا وَحُضُورُ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ. إيضَاحٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ نَهَارًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا وَحَافِيًا إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَكُونَ دَاعِيًا مُتَضَرِّعًا خَاشِعًا مُتَذَلِّلًا بِخُضُوعِ قَلْبٍ وَجَوَارِحَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مُتَذَكِّرًا جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَجَنِّبًا لِلْمُزَاحَمَةِ وَالْإِيذَاءِ مُتَلَطِّفًا بِمَنْ يُزَاحِمُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفَارَقَ الْمَشْيُ هُنَا الْمَشْيَ فِي بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ بِأَنَّهُ هُنَا أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ، وَلَيْسَ فِيهِ فَوَاتُ مُهِمٍّ؛ وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ يَتَعَرَّضُ فِي الدُّخُولِ بِالْإِيذَاءِ بِدَابَّتِهِ فِي الزَّحْمَةِ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى دُخُولُهَا فِي هَوْدَجِهَا وَنَحْوِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ بِذِي طَوًى بِأَنَّ حِكْمَةَ الدُّخُولِ مِنْ كَدَاءٍ غَيْرُ حَاصِلَةٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا وَحِكْمَةَ الْغُسْلِ النَّظَافَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اهـ. شَرْحُ م ر.

1 -

(قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ) وَدَالُهُ مُهْمَلَةٌ خِلَافًا لِمَنْ أَعْجَمَهَا لِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى الْإِهْمَالِ وَيَجُوزُ فِيهَا وَفِي كُدًى الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْمَكَانِ يَعْنِي الْجَبَلَ وَالْبُقْعَةَ وَبِمَكَّةَ مَوْضِعٌ ثَالِثٌ يُقَالُ لَهُ كَدِيٌّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ) عِبَارَةُ حَجّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ وَتُسَمَّى عَلَى نِزَاعِ فِيهِ الْحَجُونُ الثَّانِي الْمُشْرِفُ عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُعَلَّاةِ، وَزَعْمُ أَنَّ دُخُولَهُ مِنْ الْعَلْيَاءِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهَا بِطَرِيقِهِ تَرُدُّهُ الْمُشَاهَدَةُ الْقَاضِيَةُ بِأَنَّهُ تَرَكَ طَرِيقَهُ الْوَاصِلَةَ إلَى الشُّبَيْكَةِ وَعَرَجَ عَنْهَا إلَى تِلْكَ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَرِيقِهِ قَصْدًا مَعَ صُعُوبَتِهَا وَسُهُولَةِ تِلْكَ وَلَا يُنَافِي طَلَبُ التَّعْرِيجِ إلَيْهَا السَّابِقُ أَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَجِيئِهِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ وَلَا مِنْ مِنًى عِنْدَ نَفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّفْلِ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَتَعْرِيجُهُ إلَيْهَا قَصْدًا أَوْ لَا مَعْلُومٌ فَقُدِّمَ وَمَا قِيسَ بِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: قُعَيْقِعَانَ) بِضَمِّ الْقَافِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ الثَّانِيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّضْبِيبِ اهـ. ح ل وَهُوَ عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ مِنْ بَابِ شُبَيْكَةَ.

(قَوْلُهُ: وَاخْتَصَّتْ الْعَلْيَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمَعْنَى فِيهِ وَفِي الدُّخُولِ مِمَّا مَرَّ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْخُرُوجُ مِنْ أُخْرَى كَمَا فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَصَّتْ الْعَلْيَاءُ بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَكَانًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجِ عَكْسَهُ؛ وَلِأَنَّ الْعَلْيَاءَ مَحَلُّ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ اجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ الدُّخُولُ مِنْهَا أَبْلَغَ مِنْ تَحْقِيقِ اسْتِجَابَةِ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ؛ وَلِأَنَّ الدَّاخِلَ مِنْهَا يَكُونُ مُوَاجِهًا لِبَابِ الْكَعْبَةِ وَجِهَتُهُ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَالسُّفْلَى بِالْخُرُوجِ) عِبَارَةُ حَجّ وَيَخْرُجُ

ص: 422

وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَاءِ الْكَعْبَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ) أَيْ الْكَعْبَةَ

ــ

[حاشية الجمل]

إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ، وَلَوْ إلَى عَرَفَاتٍ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْآنَ بِبَابِ الشُّبَيْكَةِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّسْوِيَةِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَاءِ الْكَعْبَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ حَلَالًا اهـ. حَجّ وَهَلْ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ كَذَلِكَ حَتَّى يُسْتَحَبَّ لَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ كُلَّمَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ الرَّابِعَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ إلَى الْكَعْبَةِ وَيَقْرُبُ مِنْهَا وَيَنْطُرُ إلَيْهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا فَإِنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا عِبَادَةٌ وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فِي فَضْلِ النَّظَرِ إلَيْهَا، الْخَامِسَةُ يُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ حَافِيًا وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا دَخَلَ مِنْ الْبَابِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَيُصَلِّي ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَيَدْعُو فِي جَوَانِبِهِ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي أَحَدًا وَلَا يَتَأَذَّى هُوَ فَإِنْ تَأَذَّى أَوْ آذَى لَمْ يَدْخُلْ، وَهَذَا مِمَّا يَغْلُطُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَيَتَزَاحَمُونَ زَحْمَةً شَدِيدَةً بِحَيْثُ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَرُبَّمَا انْكَشَفَتْ عَوْرَةُ بَعْضِهِمْ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَرُبَّمَا زَاحَمَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ، وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ النَّاسِ وَيَغْتَرُّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَكَيْفَ يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَرْتَكِبَ الْأَذَى الْمُحَرَّمَ لِتَحْصِيلِ أَمْرٍ، وَلَوْ سَلِمَ مِنْ الْأَذَى لَكَانَ سُنَّةً، وَأَمَّا مَعَ الْأَذَى فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، بَلْ حَرَامٌ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، السَّادِسَةُ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ فَلْيَكُنْ شَأْنُهُ الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ بِحُضُورِ قَلْبٍ وَخُشُوعٍ وَلْيُكْثِرْ مِنْ الدَّعَوَاتِ الْمُهِمَّةِ وَلَا يَتَعَمَّدُ الِاشْتِغَالَ بِالنَّظَرِ لِمَا يُلْهِيهِ، بَلْ يَلْزَمُ الْأَدَبَ وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ فِي أَفْضَلِ الْأَرْضِ.

وَقَدْ رَوَيْنَا «عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ عَجَبًا لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ كَيْفَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ قِبَلَ السَّقْفِ لِيَدَعْ ذَلِكَ إجْلَالًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِعْظَامًا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ مَا خَلَفَ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا» إلَى أَنْ قَالَ: الثَّامِنَةُ يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو جَمَاعَةً كَثِيرَةً فَهِيَ خَارِجُ الْبَيْتِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُوهَا فَدَاخِلُ الْبَيْتِ أَفْضَلُ إلَى أَنْ قَالَ: التَّاسِعَةُ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ دُخُولِ الْحِجْرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَدُخُولُهُ سَهْلٌ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ تَحْتَ الْمِيزَابِ مُسْتَجَابٌ إلَى أَنْ قَالَ: الثَّانِيَةَ عَشَرَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِيهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَفْضَلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الِاشْتِغَالُ بِالطَّوَافِ أَوْ الصَّلَاةِ فَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالصَّلَاةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَأَنَّ الْغُرَبَاءَ الْأَفْضَلُ لَهُمْ الِاشْتِغَالُ بِالطَّوَافِ إلَى أَنْ قَالَ: الرَّابِعَةَ عَشَرَ يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ بِالْفَضْلِ فِي مَكَّةَ وَالْحَرَمِ.

وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْهَا الْبَيْتُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْيَوْمُ فِي مَسْجِدٍ فِي زُقَاقٍ يُقَالُ لَهُ زُقَاقُ الْمَوْلِدِ، وَذَكَرَ الْأَزْرَقِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَمِنْهُ بَيْتُ خَدِيجَةَ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ صلى الله عليه وسلم وَخَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فِيهِ وَلَدَتْ أَوْلَادَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقِيمًا بِهِ حَتَّى هَاجَرَ، قَالَهُ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ مِنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَجَعَلَهُ مَسْجِدًا وَمِنْهَا مَسْجِدٌ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ الْخَيْزُرَانِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَتِرًا يَتَعَبَّدُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، قَالَ الْأَزْرَقِيُّ هُوَ عِنْدَ الصَّفَّا، قَالَ وَفِيهِ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمِنْهَا الْغَارُ الَّذِي بِجَبَلِ حِرَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَبَّدُ فِيهِ وَالْغَارُ الَّذِي بِجَبَلِ ثَوْرٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] ، الْآيَةَ. إلَى أَنْ قَالَ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ لَا يَجُوزُ أَخْذٌ شَيْءٍ مِنْ طِيبِ الْكَعْبَةِ لَا لِلتَّبَرُّكِ وَلَا لِغَيْرِهِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ أَتَى بِطِيبٍ مِنْ عِنْدِهِ فَمَسَحَهَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ، الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَبْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ سُتْرَةِ الْكَعْبَةِ وَلَا نَقْلُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا وَضْعُهُ بَيْنَ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ وَمَنْ حَمَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ خِلَافَ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْعَامَّةُ يَشْتَرُونَهُ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ هَذَا كَلَامُ ابْنِ عَبْدَانَ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ وَافَقَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ شَيْءٌ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ قَالَ الشَّيْخُ

ص: 423

(تَشْرِيفًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُنْقَطِعٌ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ

وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ، وَقَوْلِي عِنْدَ لِقَاءِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَبْصَرَ وَقَوْلِي رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا مِنْ زِيَادَتِي (فَيَدْخُلُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ (الْمَسْجِدَ) الْحَرَامَ

ــ

[حاشية الجمل]

أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رحمه الله الْأَمْرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَنْتَزِعُ كُلَّ سَنَةٍ كِسْوَةَ الْبَيْتِ فَيَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا تُبَاعُ كِسْوَتُهَا وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ كِسْوَتَهَا مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ وَغَيْرِهِمَا إلَى أَنْ قَالَ: السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ دُورِ مَكَّةَ وَشِرَاؤُهَا وَإِجَارَتُهَا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا، وَدَلَائِلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ إلَى أَنْ قَالَ: الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ يُكْرَهُ حَمْلُ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ بِمَكَّةَ» اهـ.

(قَوْلُهُ: تَشْرِيفًا) أَيْ تَرَفُّعًا وَعُلُوًّا، وَقَوْلُهُ وَتَعْظِيمًا أَيْ تَبْجِيلًا، وَقَوْلُهُ وَتَكْرِيمًا أَيْ تَفْضِيلًا، وَقَوْلُهُ مَهَابَةً أَيْ تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا اهـ شَرْحُ م ر. وَكَانَ حِكْمَةُ تَقْدِيمِ التَّعْظِيمِ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الْبَيْتِ وَعَكْسِهِ فِي قَاصِدِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي الْبَيْتِ إظْهَارُ عَظَمَتِهِ فِي النُّفُوسِ حَتَّى تَخْضَعَ لِشَرَفِهِ وَتَقُومَ بِحُقُوقِهِ ثُمَّ كَرَامَتُهُ بِإِكْرَامِ زَائِرِهِ بِإِعْطَائِهِمْ مَا طَلَبُوهُ وَإِنْجَازِهِمْ مَا أَمَّلُوهُ وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِسْبَاغِ رِضَاهُ عَلَيْهِ وَعَفْوِهِ عَمَّا جَنَاهُ وَاقْتَرَفَهُ، ثُمَّ عَظَمَتُهُ بَيْنَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ بِظُهُورِ تَقْوَاهُ وَهِدَايَتِهِ وَيُرْشِدُ إلَى هَذَا خَتْمُ دُعَاءِ الْبَيْتِ بِالْمَهَابَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْعَظَمَةِ إذْ هِيَ التَّوْقِيرُ وَالْإِجْلَالُ وَدُعَاءُ الزَّائِرِ بِالْبِرِّ النَّاشِئ عَنْ ذَلِكَ التَّكْرِيمِ إذْ هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْك السَّلَامُ) أَيْ ابْتِدَاؤُهُ مِنْك وَمَنْ أَكْرَمْته بِالسَّلَامِ فَقَدْ سَلِمَ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ أَنْتَ السَّلَامُ أَيْ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَكَمَالِ الْأُلُوهِيَّةِ أَوْ الْمُسَلِّمُ لِعَبْدِك مِنْ الْآفَاتِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى " دُخُولُ " فَيُفِيدُ سُنَّتَيْنِ فَوْرِيَّةَ الدُّخُولِ وَكَوْنَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَالْفَوْرِيَّةُ صَرَّحَ بِهَا حَجّ وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ: الْعَاشِرَةُ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَرِّجَ أَوَّلَ دُخُولِهِ عَلَى اسْتِئْجَارِ مَنْزِلٍ وَحَطِّ قُمَاشٍ وَتَغْيِيرِ ثِيَابٍ وَلَا شَيْءٍ آخَرَ غَيْرَ الطَّوَافِ وَيَقِفُ بَعْضُ الرُّفْقَةِ عِنْدَ مَتَاعِهِمْ وَرَوَاحِلِهِمْ حَتَّى يَطُوفُوا ثُمَّ يَرْجِعُوا إلَى رَوَاحِلِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ وَيَسْتَأْجِرُونَ الْمَنْزِلَ، بَلْ إذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ قَصَدَ الْمَسْجِدَ وَدَخَلَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَالدُّخُولُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ قَادِمٍ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ إلَخْ) وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فِي الدُّخُولِ وَيَقُولُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَبِسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك، وَإِذَا خَرَجَ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَالَ هَذَا إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِك، وَهَذَا الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ يُلَفَّقُ مِنْهَا مَا ذَكَرْته، وَقَدْ أَوْضَحْتهَا فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي طَالِبُ الْآخِرَةِ عَنْ مِثْلِهِ إلَى أَنْ قَالَ الثَّلَاثُونَ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ وَالْإِمَامُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَمَدِينَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضٍ، أَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَكَانَ فِنَاءً حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَفَضَاءً لِلطَّائِفِينَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه جِدَارٌ يُحِيطُ بِهِ وَكَانَتْ الدُّورُ مُحْدِقَةٌ بِهِ وَبَيْنَ الدُّورِ أَبْوَابٌ تَدْخُلُهُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَكَثُرَ النَّاسُ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ وَاشْتَرَى الدُّورَ وَهَدَمَهَا وَزَادَهَا فِيهِ وَاِتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ وَكَانَتْ الْمَصَابِيحُ تُوضَعُ عَلَيْهِ وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه أَوَّلَ مَنْ اتَّخَذَ الْجِدَارَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ ابْتَاعَ مَنَازِلَ وَوَسَّعَهُ بِهَا أَيْضًا وَهِيَ الْمَسْجِدُ وَالْأَرْوِقَةُ فَكَانَ عُثْمَانُ أَوَّلَ مِنْ اتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ الْأَرْوِقَةَ ثُمَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَاشْتَرَى دُورًا مِنْ جُمْلَتِهَا بَعْضُ دَارِ الْأَزْرَقِيِّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْبَعْضَ بِبِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ

ص: 424

(مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ وَيُسَمَّى الْيَوْمَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ (وَ) أَنْ (يَبْدَأَ بِطَوَافِ قُدُومٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إلَّا لِعُذْرٍ) كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ

ــ

[حاشية الجمل]

عَمَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَلَمْ يَزِدْ فِيهِ لَكِنْ رَفَعَ جِدَارَهُ وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ وَعَمَّرَهُ عِمَارَةً حَسَنَةً ثُمَّ إنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ وَحَمَلَ إلَيْهِ أَعْمِدَةَ الْحِجَارَةِ وَالرُّخَامِ ثُمَّ إنَّ الْمَنْصُورَ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ وَبَنَاهُ وَجَعَلَ فِيهِ عُمَدَ الرُّخَامِ وَزَادَ فِيهِ الْمَهْدِيُّ بَعْدَهُ مَرَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ وَالثَّانِيَةَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ إلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْمَهْدِيُّ وَاسْتَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ بِنَاؤُهُ إلَى وَقْتِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ الطَّوَافُ فِي جَمِيعِ أَرْوِقَتِهِ، وَلَوْ وُسِّعَ جَازَ الطَّوَافُ فِي جَمِيعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَهُوَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ سَادِنُ الْكَعْبَةِ أَيْ خَادِمُهَا وَلَمْ يَزَلْ مِفْتَاحُهَا فِي يَدِ وَلَدِهِ إلَى الْآنَ وَالْبُيُوتُ تُؤْتَى مِنْ أَبْوَابِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ وَهُوَ ثَلَاثُ طَاقَاتٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) عِبَارَةُ حَجّ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مِنْهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَابُ إبْرَاهِيمَ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عَرَجَ لِلدُّخُولِ مِنْ الثَّنْيَةِ الْعُلْيَا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَيُرَدُّ بِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنَّ التَّعْرِيجَ إنَّمَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ؛ وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ إلَيْهِ لَا يَشُقُّ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ هُنَا خِلَافٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي التَّعْرِيجِ لِلثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا؛ وَلِأَنَّهُ جِهَةُ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْبُيُوتُ تُؤْتَى مِنْ أَبْوَابِهَا، وَمِنْ ثَمَّ جِهَةُ بَابِ الْكَعْبَةِ أَشْرَفُ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ وَصَحَّ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» أَيْ يُمْنُهُ وَبَرَكَتُهُ أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ، إذْ مَنْ قَصَدَ مَلِكًا أَمَّ بَابَهُ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ لِيَعُمَّهُ مَعْرُوفُهُ وَيَزُولُ رَوْعُهُ وَخَوْفُهُ انْتَهَتْ (وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ بَابِ الْحَزْوَرَةِ وَإِلَّا فَيُقَدِّمُ الْخُرُوجَ مِنْهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِ الْعُمْرَةِ، وَبَابُ الْحَزْوَرَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِبَابِ الْوَدَاعِ اهـ. حَجّ وَسَهْمٌ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ابْنُ عَمْرِو بْنِ صُهَيْبِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِبَابِ الْعُمْرَةِ) وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدَةٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْدَأَ بِطَوَافِ قُدُومٍ) وَهُوَ سُنَّةٌ وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ تَرْكُهُ اهـ. حَجّ. قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذْ تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ غَالِبًا قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَا تَحْصُلْ لَهُ التَّحِيَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَمَّا تَحِيَّةُ الْبَيْتِ فَهِيَ الطَّوَافُ، ثُمَّ قَالَ فِي عِبَارَةٍ عَنْ بَعْضِهِمْ وَتَقُومُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ مَقَامَهَا أَيْ التَّحِيَّةِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ، قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُمَا فَقَدْ فَوَّتَ هَذِهِ التَّحِيَّةَ، وَلَوْ اشْتَغَلَ قَبْلَ الطَّوَافِ بِصَلَاةٍ لِنَحْوِ خَوْفِ فَوْتٍ لَمْ يُخَاطَبْ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ الْبُقْعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ قَالَ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ أَيْ الْكَعْبَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَتَنْدَرِجُ فِي رَكْعَتَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِمَا مَعَ الطَّوَافِ التَّحِيَّةَ أُثِيبَ عَلَيْهَا وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ بِفِعْلِهِمَا فَإِنْ تَرَكَهُمَا وَخَرَجَ أَوْ جَلَسَ لَمْ يَسْقُطْ طَلَبُ التَّحِيَّةِ أَوْ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ لِنَحْوِ ضِيقِ وَقْتٍ انْدَرَجَتْ التَّحِيَّةُ فِيهَا اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَتَعَيَّنُ اسْتِفَادَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ طَلَبِ الطَّوَافِ مِنْ الدَّاخِلِ إذَا أَرَادَهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ مَنَعَهُ النَّاسُ صَلَّى التَّحِيَّةَ كَمَا لَوْ دَخَلَ وَلَمْ يُرِدْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي جِنَازَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى الظَّاهِرِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ) أَيْ وَكَكَوْنِ الدَّاخِلِ امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ وَهِيَ الَّتِي لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ فَيُسَنُّ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَهُ إلَى اللَّيْلِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَمِنَتْ حَيْضًا بِطُولِ زَمَنِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ) أَيْ يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لَكِنْ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا حَجّ مُوَافَقَةُ ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّرْحِ فِي تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ وَإِنْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ) أَيْ ثُمَّ يَطُوفُ. اهـ. إيضَاحٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْأَعْذَارِ لَكِنْ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِي الْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِتَقْدِيمِ الطَّوَافِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ) وَلَوْ جَلَسَ عَمْدًا بَعْدَ الطَّوَافِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْهِ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ عَمْدًا وَإِنْ قَصَرَ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ تَأْخِيرَ الطَّوَافِ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ، وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ غَيْرَ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ اشْتِغَالُهُ عَنْهَا بِالطَّوَافِ فَإِذَا أَخَّرَ الِاشْتِغَالَ بِهِ حَتَّى

ص: 425

وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ (وَيَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ (حَلَالٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَحَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) فَلَا يَطْلُبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ أَنْ يَتَطَوَّعَا بِطَوَافِهِ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ (وَمَنْ قَصَدَ الْحَرَمَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَكَّةَ (لَا لِنُسُكٍ) بَلْ لِنَحْوِ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (سُنَّ) لَهُ (إحْرَامٌ بِهِ) أَيْ بِنُسُكٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ أَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ.

ــ

[حاشية الجمل]

طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ اهـ. م ر، وَكَذَا تَفُوتُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا إذَا صَرَفَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَنْهَا بِأَنْ نَوَى بِهِمَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ دُونَ التَّحِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا حُصُولُ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا أَطْلَقَ، وَإِنْ قُلْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ فَصَلَّى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَطَوَافُ التَّحِيَّةِ) وَيُسَمَّى أَيْضًا طَوَافَ الصَّدَرِ وَطَوَافَ الصَّادِرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ صَدَرَ الْقَوْلُ صُدُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَأَصْدَرْته بِالْأَلِفِ وَأَصْلُهُ الِانْصِرَافُ يُقَالُ صَدَرَ الْقَوْمُ وَأَصْدَرْنَاهُمْ إذَا صَرَفْتهمْ وَصَدَرْت عَنْ الْمَوْضِعِ صَدْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ رَجَعْت وَالصَّدَرُ بِفَتْحَتَيْنِ. اهـ. فَيَدُورُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ الِانْصِرَافِ وَالرُّجُوعِ وَطَافَ الرُّكْنَ انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَةَ وَمِنًى إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ وَرَجَعَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مُسْتَقِلًّا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ يَحْصُلُ بِطَوَافِ الرُّكْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَبِطَوَافِ الْفَرْضِ يُثَابُ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ، وَإِنْ قَصَدَهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ إنْ قَصَدَهُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ طَوَافَ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ لِشُمُولِ نِيَّةِ النُّسُكِ لَهُ وَلَا يَضُرُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَصْدِ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي حُصُولِ طَوَافِ الْفَرْضِ، بَلْ قَالُوا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ مَثَلًا فَصَرَفَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ وَيَقَعُ عَنْ الْإِفَاضَةِ إلَّا أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ يَزِيدُ بِحُصُولِ مَا قَصَدَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْفَرْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَطَالَ هُنَا بِمَا مِنْهُ مَا نَصُّهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَمُولِيِّ إذَا نَوَى بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَقَعَ عَنْ التَّحِيَّةِ أَيْ تَحِيَّةِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى حُصُولِهَا بِغَيْرِهَا أَنَّهَا إنْ نُوِيَتْ مَعَهُ حَصَلَ ثَوَابُهَا وَإِلَّا سَقَطَ طَلَبُهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ أَنَّ الطَّوَافَ انْصَرَفَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ طَوَافَ الْفَرْضِ لَا يَنْصَرِفُ بِطَوَافِ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ وَقَعَ عَنْ التَّحِيَّةِ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ الْفَرْضِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعُمْرَةِ طَوَافَ قُدُومٍ إلَّا أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي طَوَافِهَا، وَقِيَاسُ التَّشْبِيهِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْبَهْجَةِ، وَاعْتَمَدَهُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ. اهـ. سم عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: الدُّخُولُ وَقْتَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَخَلَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَبْلَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ سُنَّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ أَيْ لِلدُّخُولِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ طَوَافِهِ لَا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِالْوَقْتِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَفُوتُ إلَّا إنْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِ الْفَرْضِ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِنِصْفِ اللَّيْلِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّطَوُّعَ فِي أَصْلِ النُّسُكِ يُفَوِّتُ الْوَاجِبَ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَوَاتُ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَصَدَ الْحَرَمَ) أَيْ وَلَوْ مَكِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ إذْ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَتِهِ لَا تُنَافِي النَّدْبَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ فَقَدْ اسْتَحَبَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك وَيَسْتَحْضِرُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ فِي قَلْبِهِ وَجَسَدِهِ مَا أَمْكَنَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: سُنَّ إحْرَامٌ بِهِ) هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِهِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) أَيْ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: الثَّامِنَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ يَنْبَغِي لِمَنْ يَأْتِي مِنْ غَيْرِ الْحَرَمِ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَوْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ يَجْمَعُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَالْحَطَّابِينَ وَالسَّقَّايِينَ وَالصَّيَّادِينَ وَنَحْوِهِمْ لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَكَرَّرُ كَالتَّاجِرِ وَالزَّائِرِ وَالرَّسُولِ وَالْمَكِّيِّ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ وَجَبَ، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فَلَهُ شُرُوطٌ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَجِبْ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الدُّخُولِ مُحْرِمًا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَالثَّانِي أَنْ يَجِيءَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ أَمَّا أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ آمِنًا فِي دُخُولِهِ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ لِقِتَالٍ فَأَمَّا إنْ دَخَلَهَا خَائِفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ يَحْبِسُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ نَحْوِهِمَا وَلَا يُمْكِنُهُ الظُّهُورُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ أَوْ دَخَلَهَا لِقِتَالِ بَاغٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ فَلَا

ص: 426