المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الثلاثي المحذوف أحد أصوله - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌فصل الثلاثي المحذوف أحد أصوله

‌فصل الثلاثي المحذوف أحد أصوله

إن كان ثلاثيًا محذوف الفاء صحيح اللام نحو: عدة قلت: عدي، ولم ترد أو معتلها نحو: شية ردت، فسيبويه بفتح العين، ويقلب العين واوًا فيقول: وشوى، والأخفش يسكنها، ويقر الياء؛ فيقول: وشيي، أو محذوف العين صحيح اللام غير مضعف نحو: سه مسمى به فتقول سهي، وكذا مد مسمى به تقول: مذي إذ الأصل: ستة ومنذ

ص: 619

أو كان مضعفا نحو: رب المخفف من رب المشدد الباء، وقرة خفيفة الراء قوم من عبد القيس، أو معتل اللام نحو: يرى، والمرى رد المحذوف فتقول: ربى نص عليه سيبويه، ووافقه الأخفش وقرى، واليرئي، والمرئي.

أو محذوف اللام صحيح العين مجبورًا في التثنية في النثر برد لامه كأخ وأب، أو في الجمع بالألف والتاء كـ (عضة) و (سنة) و (هنة) فترد في النسب اللام فتقول [أخوي]، وأبوي، وعضوي، وسنوي، وهنوي وإن شئت سنهي، وعضهي.

ص: 620

أو لم يجبر بردها نحو: حر، وشفة، وغد، وثبة، ومذهب سيبويه أن ثبة محذوفة اللام وهي من تثبيت أي: جمعت، والزجاج يذهب إلى أنها محذوفة العين من ثاب فيجوز الرد وعدمه تقول: حرحي، وشفهي، وغدوي، وثبوي، وتفتح عين الكلمة في مذهب سيبويه، وإن كان أصلها السكون كغد وحر أصلهما غدو، وحرح، ودم أصله عند سيبويه فعل بسكون العين، وعند

ص: 621

المبرد فعل بفتحها، وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون فتقول: غدوي، وحرحي، ويدي، ثم رجع في الأوسط إلى مذهب سيبويه وذكره سماعًا عن العرب، وأما عدم الرد فتقول: حري وغدي، ويدي، وثبي. ولم يذكر أبو البقاء العكبري في شفة إلا الرد قال، فتقول: شفهي، وذكر خطاب الماردي فيها الوجهين.

وإن كان المحذوف اللام معتل العين وذلك: ذو مال أصله ذوي عند سيبويه، وذو عند الخليل، وشاة أصله شوهة، وفوك، واللات، فأما «ذو» فاتفقوا على ذووي، الخيل وإن كان يرى أن أصله ذو، وسيبويه، وأبو الحسن، والجرمي لأنه عندهم فعل بتحريك العين.

ص: 622

وأما «شاة» فعلى مذهب سيبويه: شاهي، وعلى المشهور عن الأخفش شوهي ثم رجع إلى مذهب سيبويه في الأوسط، وأما «فوك» فذكر ابن مالك: أنك تقول فمي وفموي، وذكر ذلك سيبويه في النسب إلى فم، وقال المبرد: الصواب فمي، أو فوهي.

وأما (اللات) فقالوا: لائي وقياسه لووي: لأنه من لويت، قاله الفارسي في الأغفال وجمعها لواء، وقال سيبويه فعل به ما فعل (بلا) مسمى به ولا يعرف له لام معلومة، لا من جمع ولا من تصغير، ولا اشتقاق فهو اسم غير متمكن على حرفين، والنسب إليه على قول سيبويه، والخليل: لائي، ومن زعم أن أصله لاهة، وحذفت اللام ردها إلى النسبي فقال: لاهي.

ص: 623

وإن كان في أوله همزة وصل، وذلك في ابن، واسم، واست، واثنان، فيجوز حذف الهمزة ورد المحذوف فتقول: بنوي، وستهي، وسموي، وثنوي، بضم سين سيموي وكسرها، ومقتضى مذهب الأخفش فيما كان ثانيه ساكنًا الرد إلى الأصل فتقول: سموي بإسكان الميم، ومذهب سيبويه كما تقدم الفتح ويجوز إقرار الهمزة ولا ترد اللام فتقول: ابني، واسمي، واستي، واثني.

فأما «ابنم» فذكروا فيه حذف الميم، فينسب إليه كالنسب إلى ابن: بنوي، وابنمي وإقرارها فينسب إليه على لفظه، فإن كانت النون تابعة لحركة الإعراب قبل النسبة كسرت في النسب لكسرة الميم وصار مثل: زبرجي، ومن فتح في تغلبي قال: ابنمي، وزبرجي ففتح، ومن جعل النون مفتوحة ليست حركتها تابعة لحركة الميم في الإعراب أقرها مفتوحة في النسب فقال: ابنمي بفتح النون.

ومما أوله همزة وصل، وليس من قبيل ما تقدم، لأن لامه حرف صحيح غير محذوف نحو: امرؤ، وامرأة فإذا نسبت إليها أقرت الهمزة فقيل: امرئي

ص: 624

أو حذفت فقيل: مرئي بفتح الراء، هكذا قالت العرب، ولم يقولوا: مرئي بسكون الراء، وقال محمد بن حبيب: ينسب إلى من اسمه: امرؤ القيس: مرئي إلا امرأ القيس من كندة فينسب إليه: مرقسي.

وإذا نسبت إلى ما هو على حرفين وضعًا وهو صحيح الثاني جاز في النسب تضعيفه فتقول: كمي وكمي في النسب إلى كم، أو معتل وجب تضعيفه إن كان ياءً أو واوًا بنظير ذلك فتقول في (كي): كوى وفي (لو): لوى، أو ألفًا فتهمز فتقول في (لا): لاء، وتنسب إليه لائي، ولا وى.

وإلى سقاية، ودرحاية، وحولايا ونحوها بإبدال الياء همزة، أو إبدال الهمزة واوًا فتقول سقائي وسقاوى، ولا يجوز إقرار الياء في النسب.

فإن كانت الياء بعد ألف ثالثة، فيجوز إقرارها وقلبها همزة، وقلب الهمزة واوًا

ص: 625

فتقول: رايى ورائى وراوى وأجودها الهمزة؛ فإن كان آخر الاسم واوًا أو ياء على وزن فعلة كـ (غزوة وظبية) أو فعلة كـ (غدوة) و (دمية)، أو فعلة كرشوة وزنية، فمذهب سيبويه لا يغير شيئًا منها في النسب إلا ما ورد تغييره قالوا: قروى في قرية، وزنوي في بني زنية: حي من العرب، وبطوى في البطية، ونسب هذا المذهب إلى الخليل وهو اختيار ابن أبي الربيع، ومذهب يونس واختاره الزجاج أنه يفتح الساكن من ذوات الواو والياء فتقول: غزوى، وظبوى، وعدوى، ودموى، ورشوى، وزنوى، وقيل عن الخليل أنه يجيز الوجهين في ذوات الياء، ويختار الإقرار على الأصل، وذهب قوم إلى التفرقة بين ذوات الياء، فيفتح ما قبلها ويقلبها واوًا وبين ذوات الواو فيقرها على حالها، وهو اختيار ابن عصفور.

والنسب إلى (فعلة) صحيح اللام على لفظه من غير تغيير تقول في النسب إلى الخضرة: خضرى وذكر الهجرى: أن فصحاء الحجاز يقولون في عتبة وفي

ص: 626

كل اسم على فعلة: فعلى غير زنمة وحمرة، فإنهما على حالهم ساكنتا الثاني، وفي بني شمخ بن فزارة بن عتبة تنسب إليه: عتبى.

والنسب إلى بنت، وأخت، وثنتين، وكلتا، وذيت، وكيت، في مذهب سيبويه بحذف التاء، ورد المحذوف فتقول: أخوى، وبنوآ، وثنوى، وكلوى، وذيوى، وكيوى، ومذهب يونس أنه ينسب إليها على لفظها فتقول: أختى، وبنتى، وثنتى، وكلتى، وذيتى، وكيتى، واتفق هو والخليل على حذف التاء من هنت، ومنت إذا نسبت إليهما، ومذهب الأخفش أنه يقر ما قبل التاء المحذوفة على سكونه وما قبله على حركته، ويرد المحذوف فيقول: أخوى، وبنوى، وكلوى، وثنيى وقياس مذهبه في كيت وذيت أنه إذا حذف التاء رد المحذوف، فصار كيا وذيا، فينسب إليه كما ينسب إلى حى فيقول: كيوى، وذيوى ويجوز كيى.

والجمع المكسر الذي لا واحد له من لفظه نحو: عباديد، وشماطيط،

ص: 627

وتباذير، وأبابيل في قول ينسب إليه على لفظه فتقول: شماطيطى أوله واحد من لفظه شاذ، كملاميح واحده لمحة نسبت إلى المفرد. فتقول: لمحى خلافًا لأبي زيد؛ فإنه ينسب إلى لفظ الجمع فيقول: ملاميحى. وقال أبو زيد قالوا في النسب إلى محاسن: محاسنى، وصرح بقول ذلك عن العرب.

أو غير شاذ وكان النسب إلى المفرد يوهم تغيير المعنى نحو: أعراب واحده عرب، فينسب إلى الجمع، وجعل السيرافي، وتبعه ابن مالك أعرابًا جمعًا أهمل واحده، فلذلك نسب إليه، فقيل: أعرابي، أو كان لا يوهم تغيير المعنى نسبت إلى مفرده فتقول في النسب إلى الفرائض: فرضى، وقول الناس فرائضى، وكتبى، وقلانسى خطأ، وقد أجازه قوم وذهبوا في قمرى إلى أنه منسوب إلى الجمع من قولهم: طيور قمر، وفي دبسى إلى طيور دبس، وهو عندنا منسوب إلى القمرة، والدبسة، ويحتمل أن يكون مثل كرسي مما بني على الياء التي تشبه ياء النسب. وقول أبي علي القالي في قولهم: ما بها دورى أنه منسوب إلى الدور غلط بل دورى مثل كرسي، وأما الصفرية فمنسوب إلى الصفرة وهم قوم من الخوارج، وقيل إلى الصفر وهو النحاس، وقيل إلى رجل قديم منهم يكنى أبا صفرة، وشذ كربي الخلق.

فإذا سمي بالجمع نسب إليه على لفظه قالوا: معافري

ص: 628

وأنماري، وكلابي، وضبابي، وأكلبي، ومدائني، وفراهيدي من أزد اليمن سموا بالجمع: فرهود وهو الجمل، ومعافر هو ابن مر أخو تميم بن مر، وأكلب حي من خثعم، وقال بعضهم: فرهودي ينسب إلى المفرد لعدم التباسه إذ ليس له قبيلة تسمى بفرهود، فلو كان الجمع غالبًا على ناس بأعيانهم فكذلك نحو: الأنصار تقول: أنصاري والأبناء: قوم من الفرس ارتهنتهم العرب وغلب عليهم هذا الاسم كغلبة الأنصار، والنسبة إليهم على ذلك: أبناوي في لغة بني سعد، كذلك حكاه سيبويه عنهم، وقال السيرافي: هم قبائل من بني سعد بن زيد مناة من تميم، وقال أبو عبيد: أبناء سعد إلا كعبًا وعمرًا، وقال سيبويه: حدثني أبو الخطاب: أن ناسًا من العرب يقولون في الإضافة إليهم: بنوي يردونه إلى الواحد فهذا على أن لا يكون اسمًا غالبًا على هذا الحي من أبناء فارس، وحكى أبو الحسن أنه قيل في النسب إليهم: بناوي، قال: وهذا شاذ كما قالوا في أبو بكر: بكراوي.

واسم الجنس نحو: تمر واسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه نحو: قوم ينسب إليهما على اللفظ فتقول: قومي، وتمري، أوله واحد من لفظه نحو:

ص: 629

ركب وأناس فعلى لفظه تقول: ركبى وأناسى، ومن زعم أن ركبًا وسفرًا جمع راكب، ومسافر، وأن أناسا جمع نسب إلى مفرده فقال: راكبي، ومسافري، وإنساني.

وقال سيبويه في الإضافة إلى أناس: إنساني، وأناسي، وهو أجود القولين ومما لا يطرد بناء بعض أعضاء الجسد على فعال، وإلحاق ياء النسب قالوا: أنافي، ورآسي، وعضادي، وفخاذي، للعظيم ذلك العضو منه، وبعض الأعداد لطول في الشيء أو عرض بشيء أو أزيد قالوا: وثنائي إلى العشرة المذكر والمؤنث فيه سواء فرقوا بينه وبين من ينسب إلى ثلاثة فقالوا: ثلاثي، كما فرقوا في النسبة إلى الرجل القديم الدهر قالوا: دهري، وإلى من كان من بني دهر من بني عامر دهري، ذلك بضم الدال، وهذا بفتحها لا غير.

وكذلك لا يطرد ما زيد في آخره ألف ونون بعدهما ياء النسب مشعرة بعظيم ذلك قالوا رقباني، وشعراني، وروحاني، لمن له روح ولا يدرك شخصه

ص: 630

بالبصر، ولا ما الياء فيه فارقة بين المفرد وجنسه نحو: زنجي، وزنج، ولا دالة على المبالغة كأعجمي، وأشعري، وأحمري، وزائدة لازمة نحو: كرسي، وحواري وبردي، وكلب زيني، وغير لازمة نحو: دواري، ودوار، والصلتاني والفراتي في: الصلتان والفرات وهما علمان.

وهذه أشياء شذوا فيها في النسب مما لم يتقدم ذكره، فمن ذلك في السهل: سهلي، وفي الدهر: دهري لمن مر عليه زمان طويل، وللقائل بالدهر: دهري بلا تغيير، وفي الطلح: طلاحي بضم الطاء وكسرها، وفي الأفق: أفقي، وفي الحمض: حمضي، وفي خراسان: خرسي، وخراسي وفي الجرم

ص: 631

جرمي، وفي القفا: قفي، وفي وبار: أباري، وفي الري: رازي، وفي الحيرة للثوب: حاري، وللإنسان: حيرى بلا تغيير، وفي المدينة حمار مديني، وللرجل مدني على القياس، وفي مرو للإنسان: مروزي ولغيره: مروي بلا تغيير، وفي القبا: قبي، وفي درا بجرد، دراوردي، وفي سوق مازن: سقزني، وسوق يحيى: سقحي، وسوق الليل: سقلي، وفي دار البطيخ: دربخي وفي البصرة: بصري وقيل: ليس بشذوذ لأن فيها لغة بصرة فسكن الصاد، ونقل كسرتها إلى الباء، وفي الشتاء: شتوي خلافًا للزبيدي،

ص: 632

فإنه يزعم أن الشتاء جمع واحده شتوة فلما نسب إليه رد إلى واحده وهو: شتوة وهكذا هو في حواشي مبرمان قال: شتاء جمع شتوة كصحفة وصحاف.

واستغنوا غالبًا عن ياء النسب بالبناء على فعال من لفظ المنسوب إليه في الحرف والصنائع قالوا: خباز، وقزاز وبناء، وزجاج، وعواج، ولآل وقالوا: زجاجي، وعاجي، ولؤلؤي، وبزار، وبقال، وخياط، ونجار، وجمال لمزاول العمل بالجمال، وعطار، وبتات لبائع البتوت، وهي الأكسية، وقالوا: عطري، وبتي.

وبالبناء على فاعل لصاحب الشيء وإن لم يعالجه قالوا: لابن، ولاحم، وتامر، وكاس، ورامح، ونابل، ودارع، وفارس، وسائف، وناشب،

ص: 633

وناعل وحاذ: وقد يقوم مقام فاعل فعال قالوا: نبال، وكلاب، وسياف، وتراس وبقال لصاحب ما اشتق ذلك منه كما يقوم مقام فعال فاعل قالوا: حائك في معنى حواك، وقد يقوم غير فاعل وفعال مقامهما قالوا: امرأة معطار أي ذات عطر، وناقة محضير أي ذات حضر، ومذهب سيبويه أن هذا وإن كثر لا ينقاس قال: لا تقول لصاحب الدقيق دقاق، ولا لصاحب الفاكهة: فكاه، ولا لصاحب البر: برار، ولا لصاحب الشعير: شعار، والمبرد يقيس هذا.

واستغنوا أيضًا عن ياء النسب بالبناء اسما على وزن فعل من المنسوب إليه قالوا: رجل طعم ولبس وعمل، ونهر المعنى ذو كذا، وقالوا: رجل حري وحرح إذا كان يألف ذلك، وهذا كله موقوف على السماع.

وقالت العرب في النسب إلى اليمن والشام يمني، وشامي على اللفظ ثم

ص: 634

حذفوا إحدى ياءي النسب وزادوا ألفًا قبل اللام عوضًا منها، وصار منقوصًا فقالوا: اليماني والشآمي ورجل يمان وشآم، ورأيت رجلا يمانيا وشآميا، وشذ الجمع بين ياءي النسب والألف وقالوا: تهام فتحوا التاء وجعلوه منقوصًا قالوا:

تهامون نجديون كيدًا ونجدة

...................

كما تقول: قاضون، وقالوا: تهامي بكسر التاء وإلحاق ياءي النسب على الأصل كما قالوا: يمني وشامي.

ص: 635