المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل وقع التكافؤ بين الحاء والعين، فأدغمت الحاء في العين، كقراءة - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل وقع التكافؤ بين الحاء والعين، فأدغمت الحاء في العين، كقراءة

‌فصل

وقع التكافؤ بين الحاء والعين، فأدغمت الحاء في العين، كقراءة أبي عمرو [فمن زحزح عن النار]، [فلا جناح عليهما]، و [المسيح عيسى] قال أبو عمرو: ومن العرب من يدغم الحاء في العين، ومنع سيبويه، وأبو علي من إدغام الحاء في العين، وتأول بعضهم الإدغام على أن المراد به الإخفاء ويجوز أن تقلب العين إلى الحاء، فتقول: في امدح عرفة: امدح حرفة.

وأدغمت العين في الحاء نحو: (اقطع حبلك) قال سيبويه: الإدغام والبيان حسنان، وأما إدغام العين والحاء في الغين والخاء، فمذهب سيبويه والجمهور أنه لا يجوز، ولا يجوز في نحو: امدح غالبًا، وامدح خلفًا، واسمع غالبًا، واسمع خلفًا إلا الإظهار، وذهب بعض النحويين إلى جواز ذلك، وزعم أنه مستقيم في اللغة معروف جائز في القياس.

ص: 708

وروى عن أبي عمرو إدغام العين في الغين في قوله تعالى: [واسمع غير مسمع][ويتبع غير سبيل المؤمنين].

وبين الخاء والغين نحو: اسلخ غنمك وادمغ خلفًا، البيان. والإدغام حسنان، وقال سيبويه: البيان في اسلخ غنمك أحسن، ومن الغريب إدغام الغين في القاف روى ذلك عن أبي عمرو في قوله تعالى:[لا تزغ قلوبنا]، وبين القاف والكاف نحو: الحق كلدة وامسك قطنا.

قال أبو العباس: الإدغام أحسن، وقال غيره: البيان في الكاف عند القاف أحسن من إدغام الكاف فيها.

ص: 709

وبين الصفيرية نحو: سالم، وزاهد، وصابر، بعد فحص، وأوجز وحبس، قيل والإدغام فيهن أحسن من الإظهار، وإبقاء إطباق الصاد أحسن من إذهابه، وإذهابه من الصاد مع السين أحسن من إذهابه فيها مع الزاي، وروى إدغام السين في الشين في قوله تعالى:[الرأس شيبا].

وبين الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، فيدغم كل واحد منهن في الخمسة نحو: دارم، وتميم، وظالم، وذنب، وثابت بعد اربط، ونحو: طالب والأربعة بعد أبعد، أو بعد اسكت ونحو: طالب والأربعة بعد عظ، وانبذ، وابعث.

وتبين الثلاث الأول قبل الثلاث التي تليها أحسن من تبينها إذا وقع بعضها قبل بعض.

وتدغم الستة في الصفيرية نحو: صابر، وزاهد، وسالم، بعد ضبط، وبعد، ونعت، ووعظ، ونبذ، وبعث.

ص: 710

وتدغم اللام في التسعة، وفي الضاد، والشين، والراء، فإن كانت اللام للتعريف أو للمح الصفة أو زائد نحو: الدهقان، والصعق، والزيد، وجب الإدغام على ما حفظه البصريون، وقال الكسائي: سمعت العرب تظهر لام التعريف عند هذه الحروف إلا عند اللام، والراء، والنون، فتقول: الصامت.

وإن كان اللام لغير ما ذكر جاز الإدغام، ويقوى الإدغام في الراء نحو: هل رأيت، قال سيبويه: والإظهار لغة لأهل الحجاز عربية انتهى.

وكذلك معظم القراء قرءوا ما وقع من ذلك بالإدغام، ويضعف الإدغام في النون نحو:[هل ندلكم] ولذلك أجمع القراء الستة غير الكسائي على الإدغام ومثال ذلك: طبع، وطنا، وتلفن وظلم، وذهب، وثبت، وصبر، وسمع، وزبن، وضرب، وشهد، ونأى، ورنى بعد (بل). وقال سيبويه:«والإدغام مع الشين والصاد أضعف» وتقدم لنا أنه إذا كان ما قبل المثل ساكنًا، وكان مما لا يجوز الإدغام فيه: أن الفراء يجيز الإدغام فيه بأحد طريقين وكذا قال في المتقاربين، وأجاز في مثل: عبد شمس إدغام الدال في الشين والبصريون لا يجيزون ذلك، وأولوا ما أوهم ذلك.

ص: 711

والنون الساكنة تظهر عند حرف الحلق من كلمة، ومن كلمتين، وذكر سيبويه عن قوم من العرب إخفاءها عند الغين والخاء، وقال أبو بكر بن نبت العروق: الإظهار متفاضل فأشده وأسرعه وأمكنه عند الهمزة ثم الحاء ثم العين، وأضعفه عند الخاء والغين.

وتقلب ميمًا عند الباء، وبعضهم يعبر بالإبدال، قيل: وهو إجماع من العرب، وزعم القراء: أن النون عند الباء مخفاة كما تخفى عند غيرها من حروف الفم، ويؤول قوله على أنه سمى البدل إخفاء، وقد أخذ بظاهر عبارته قوم.

وتدغم في الراء واللام بغنة وبغير غنة، وقال أبو سعيد: الأجود إبقاء

ص: 712

صوت الغنة، ودعوى أبي العباس أحمد بن عمار المهدوي الإجماع على ذهاب الغنة منها عندهما باطلة، وتدغم في الميم بغنة، واختلفوا في الغنة فقيل هي الميم المبدلة من النون المدغمة في الميم، وهو مذهب المحققين واختيار ابن الباذش، وقيل هي النون وهو مذهب ابن كيسان، وابن المنادي وابن مجاهد في أحد قوليه، واختيار مكي بن أبي طالب.

وتدغم في الواو والياء بغنة، وبغير غنة فيما هو من كلمتين، فأما في كلمة تلبس بالمضاعف، فالإظهار نحو: زنماء، وصنوان، وبنيان؛ فإذا أبقيت الغنة عند الواو، والياء، فذهب عبد الباقي بن الحسن صاحب السيرافي، وأبو الحسن علي بن بشر الأنطاكي صاحب الزجاجي إلى أن ذلك إخفاء وليس بإدغام وهو

ص: 713

قول الحذاق، والأكثر من أهل الأداء، واختاره عثمان الصيرفي، وذهب محققو النحاة إلى أنه إدغام صحيح وإليه ذهب مكي، وابن شريح، وابن الباذش.

وتخفى مع باقي الحروف وهي خمسة عشر حرفًا، والإخفاء حال بين الإظهار، والإدغام، ويزيد الإخفاء فيما قرب من تلك الحروف إلى النون وينقص فيما بعد منها، ومن القراء من يفرط في التمكين، وأنكره أبو القاسم بن النخاس، ومنهم من يقتصد وقد عقد بعض أصحابنا بابًا فيما أدغمت القراء مما لا يجوز عند البصريين وهو مخالف لأقيستهم ورواياتهم.

والذي نذهب إليه أن ما صحت الرواية به من إثبات القراء وجب المصير إليه، وإن خالف أقوال البصريين ورواياتهم، وقد استقرى هذا اللسان البصريون والكوفيون، فوجب المصير إلى ما استقروه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.

ومن ذلك إدغام الحاء في العين، والهاء في الهاء وبينهما فاصل، والجيم

ص: 714

في التاء، والباء في الباء نحو:[الرعب بما]، والميم في الباء نحو:[مريم بهتانا]، والشين في السين نحو:[إلى ذي العرش سبيلا] وعكسه: [الرأس شيبا]، والنون في اللام نحو:[ونحن له] والياء في الياء نحو: [ومن خزي يومئذ]، والضاد في الشين نحو:[لبعض شأنهم] وفي الذال [الأرض ذلولا]، والراء في الراء نحو:[شهر رمضان]، والثاء في الذال نحو:[والحرث ذلك]، وفي السين:[الحديث سنتدرجهم] وفي الشين: [ثلاث شعب] وفي الثاء [الحديث تعجبون] وفي الضاد: [حديث ضيف] وتاء المضارعة فيما

ص: 715

بعدها وقبلها متحرك نحو: [فتفرق]، والفاء في الباء نحو:[نخسف بهم]، والذال في الجيم:[وإذ جعلنا]، وغير ذلك مما ذكروه.

ص: 716