الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نوني التوكيد
هما خفيفة وثقيلة، والتأكيد بها أشد، قاله الخليل، وليست الخفيفة، مخففة منها، بل هي نون على حدتها خلافًا للكوفيين؛ إذ زعموا أنها مخففة منها، ومحلهما صيغة الأمر مبنيًا ومعربًا متصرفًا نحو اضربن، وليقومن زيد، وغير متصرف نحو: تعلمن بمعنى اعلم في المشهور، وهلمن في لغة من جعلها فعلا، ودخولها في أفعل التعجب، وفي الماضي شذوذًا نحو: أحسنن بزيد، وإما أدركن ذلك وصيغة النهي نحو: لا تضربن، والتحضيض نحو:
هلا تمنن بوعد غير مخلفة
…
............
والعرض: ألا تنزلن، والتمني نحو:
فليتك يوم الملتقى ترينني
…
.................
والاستفهام بالحرف نحو: هل تقومن، وأتقومن، وبعد أم المنطقعة نحو:«تخرج أم تقعدن» لتضمنها معنى الهمزة، وبالاسم نحو:
ألا ليت شعري ما يقولن فوارس
…
..........
وكيف تقومن خلافا لمن منع ذلك إذا كان الاستفهام بالاسم، وهو مذهب ابن الطراوة، والمضارع المثبت المستقبل الواقع جواب قسم فتلتزم هي، واللام نحو: والله لتخرجن، فإن تعاقبا فشذوذ عند البصريين، وجائز عند الكوفيين، فإن فصل بين اللام والمضارع معموله، أو حرف تنفيس أو قد لم تدخل النون.
وبعد أداة الشرط، فإن كان بعدها (ما) مما هي شرط في الجزم بالأداة نحو: حيثما، أو زائدة، أو لم تكن نحو:
من يثقفن منهم فليس بآيب
…
.......
فإن كان مما يجوز زيادتها كهي بعد إن وأي، أو نحوهما، فمذهب المبرد، والزجاج أنها إذ ذاك تلزم النون نحو قوله تعالى:[وإما ينسينك] ومذهب سيبويه أنك إن شئت جمعت بين (ما) والنون، وإن شئت اكتفيت بأحدهما فقلت إما تقم أقم، وإن تقومن أقم، فأما دخولها في الجزاء فقليل في الشعر نحو:
............
…
متى ما يأتك الخير ينفعا
وأما النفي بلا، أو بما، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز أن تدخل في المضارع
المنفي بهما، وأجاز ابن جني ذلك، وأثبته ابن مالك، ومثل بقوله تعالى:[واتقوا فتنة لا تصيبن الذين]، وجاء في الشعر:
قليلاً به ما يحمدنك وارث
…
والآية متأولة عند الجمهور، والذي في الشعر نادر أو ضرورة، وقد جاء في الشعر لحاقها، وقد فصل بين (لا) والفعل معمول نحو:
فلا ذا نعيم يرتكن لنعيمه
…
أو بمفسر الفعل نحو:
فلا الجارة الدنيا بها تلحينها
…
.........
وأما دخولها على المضارع المنفي بلم، فنص سيبويه على أن ذلك ضرورة وقال سيبويه: قد يقولون أقسمت لما لم تفعلن لأن ذا طلب، فصار كقولك: لا تفعلن كما أن قولك: أتخبرني فيه معنى افعل.
وأما التقليل المكفوف (بما) فقال سيبويه: زعم يونس أنهم يقولون: ربما تقولن ذلك وكثر ما تقولن ذلك، وإن شئت لم تقحم النون في هذا النحو فهو أكثر وأجود، انتهى، وأما:
.........
…
ترفعن ثوبي شمالات
فبعيد جدًا، ومن مواضع دخولها قولهم في مثل:(بجهد ما تبلغن) يقال على معنيين أحدهما أن تحمل شخصًا فعلاً ما فيأباه، فتقول له ذلك أي لا بد لك من فعله بمشقة.
والثاني أن تخبر بما يلقاه من المشقة في ذلك.
وقولهم: (بألم ما تختننه)، هو خطاب لامرأة أصله تختنين، ثم جيء بالنون الشديدة، ودخلت هاء السكت، والختن: القطع، وهو أيضًا الخفاض، ويقال هذا لمن يتألم بالفعل ويكرهه، ولا بد له منه وقولهم:
في عضة ما ينبتن شكيرها
…
.........
العضة: شجر، وشكيرها: شوكها، وقيل: ورقها الصغار، ومعناه أن كبير الورق لا ينبت إلا من صغارها، يقال لمن يبتغي شيئًا، ويظهر أنه لا يريده أي ما ظهر من الصغار يدل على الكبار.
وقولهم: «بعين ما أرينك» ، يقال لمن يخفى عنك أمرًا، أو حيلة أنت بصير بها، فنقول له ذلك: أي أنا أراك بعين بصيرة، وما الزائدة في هذه الأمثال على تأويل النفي أي:(ما تبلغن إلا بجهد)(وما تختنه إلا بألم)(وما ينبتن في عضة إلا شكيرها)، (وما أراك إلا بعين) و (ما) زائدة لازمة، ولا يقاس على هذه الأمثال، ولا تغير لو قلت: بألم تختنين بغير (ما)، والنون لم يجز أن تقوله إلا والختن حقيقة، ولا يجوز حذف (ما) من هذه الأمثال، وقال ابن مالك: يجوز، ومن غريب دخول النون وأشكاله، ما ذكره الفراء في المعاني: أنه يجب دخولها إذا كان المقسم عليه (لو) وجوابها، وقبلها إن رابطة مغنية عن اللام نحو: والله إن لو تكرمن عمرا لأكرمتك وتدخل أيضًا ضرورة في الواجب الخالي مما تقدم نحو: أنت تفعلن وفي اسم الفاعل نحو:
أقائلن أحضروا الشهودا
لما كان في معنى: أتقول.