المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل تعطف العشرون والعقود بعده إلى التسعين على النيف، والنيف ما - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل تعطف العشرون والعقود بعده إلى التسعين على النيف، والنيف ما

‌فصل

تعطف العشرون والعقود بعده إلى التسعين على النيف، والنيف ما بعده عشرة أو عشرون وأخواته، فإن قصد تعيين النيف المعطوف عليه قيل واحد أو أحد وعشرون إلى تسعة وتسعين بالتاء في النيف من ثلاثة إلى تسعة في المذكر وبعدمها في المؤنث.

وأول النيف في المؤنث إحدى أو واحدة نحو: إحدى وعشرون جارية، أو واحدة وعشرون جارية، وألف «إحدى» عند الأكثرين للتأنيث، وقيل للإلحاق، وزال التنوين للتركيب، فإذا قلت: إحدى وعشرون نؤنت فقلت إحدى وعشرون، والذي يلي ذلك للمذكر اثنان، وللمؤنث انثتان.

وإن لم يقصد تعيين النيف أتى ببضعة مع المذكر وببضع مع المؤنث فيقول: بضعة وعشرون رجلاً، وبضع وعشرون جارية، وقد يستعملان دون تنييف، كقوله تعالى:[في بضع سنين]، وهو بكسر الباء قال أبو علي: ولا يختص بالمعطوف والمركب بل هو عدد مبهم من ثلاث إلى تسع يجرى مفردًا، ومع العشرة يجرى مجرى الثلاثة إلى التسعة في الإعراب والبناء تقول: هؤلاء بضعة رجال، وبضع نسوة. وقال الفراء: البضع لا يذكر إلا مع العشرة ومع

ص: 756

العشرين إلى التسعين. كذلك رأيت العرب تقول: ولا يقولون: بضع مائة، ولا ألف، وهو نيف لما بين الثلاثة إلى التسعة، وإن كان للمذكر قيل: بضعة.

وفي حواشي مبرمان: البضع ما بين العقدين من واحد إلى عشرة ومن أحد عشر إلى عشرين، انتهى.

وأما النيف: فيكون بغير هاء للمذكر والأنثى، تكون مع العقود بحسبها إن كان مع العشرة، فيما بين الواحد إلى أقل من العشرة، وإن كان بعد المائة فهو عشرة أو أقل، وبعد الألف عشرة أو أكثر، انتهى.

وقال أبو عمرو بن بقى: النيف: ينطلق على الواحد إلى التسع، ولا يستعمل مفردًا، بل تقول: عندي عشرة أو عشر ونيف، انتهى.

ويبنى النيف مع العشرة أو العشر كان معينًا أو مبهمًا فتقول: أحد عشر، وإحدى عشرة، وبضعة عشر، وبضع عشرة، وأجاز الكوفيون إضافة النيف إلى العشرة أو الشعر، واستحسنوا ذلك إذا أضيف فقالوا: هذا خمسة عشر، وخمسة عشرك. وزعم ابن مالك: أنه يجوز فك هذا المبني فتقول:

ص: 757

عندي خمسة وعشرة، فيزول البناء والتركيب، ويرجع إلى الإعراب، واستدل على ذلك بما لا دليل فيه أصلاً، ويحتاج في إثبات نحو: عندي خمسة وعشرة رجلاً، وخمس وعشر أمة إلى سماع ذلك من العرب.

وتاء الثلاثة إلى التسعة في المعطوف، والمركب كحالها في الإضافة تثبت للمذكر، ولا تكون للمؤنث تقول: ثلاثة وعشرون رجلاً، وثلاث وعشرون جارية، وفيهما للمذكر أحد أو وحد أو واحد واثنان وللمؤنث إحدى أو واحدة، واثنتان.

وتسقط التاء من عشرة للمذكر فتقول: ثلاثة عشر، وتثبت للمؤنث فتقول ثلاث عشرة، ويجمع لها بين علامتي تأنيث فتقول: إحدى عشرة واثنتا عشرة، وتسكن الحجاز شين عشرة، وتكسرها تميم وقد فتحها بعض العرب، ومنه قراءة الأعمش [اثنتا عشرة] بفتح الشين، وقد تسكن عين أحد عشر وما بعده

ص: 758

كقراءة ابن القعقاع [أحد عشر]، وقراءة ابن هبيرة [اثنا عشر شهرًا]، فجمع بين ساكنين، ومنهم من يسكن الحاء في أحد عشر، واثنا عشر، واثنتا عشرة معربان صدرًا، مبنيان عجزًا هذا مذهب الجمهور.

وذهب ابن درستويه، وابن كيسان إلى أن الصدرين مبنيان كثلاثة من ثلاثة عشر، وأما عشر فمبني لقيامه مقام النون، ولذلك لا يضاف إليهما لا تقول: اثنى عشرك، ولا اثنتا عشرتك بخلاف أخواته من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر، فإنه يجوز إضافته، فيبقى الاسمان على بنائهما فتقول: ثلاثة عشرك بفتح الراء، وثلاث عشرتك بفتح التاء في جميع الأحوال. قال ابن عصفور وذلك ضعيف، وفي البسيط: هو القياس وعليه أكثر كلام العرب، وفي المؤنث ثلاث عشرتهن، وثماني عشرتهن.

وقوم من العرب يعربون فيقولون: هذه خمسة عشرك، ومررت بخمسة عشرك

ص: 759

وهي لغة ضعيفة عند سيبويه، وقاس عليه الأخفش، واستحسنه واختاره ابن عصفور، ورجحه وبدأ به، وأجاز الفراء إضافة صدره إلى عجزه مزيلاً بنائهما إذا أضيف، وحكى أنه سمع ما فعلت خمسة عشرك، وهو قول الكوفيين، وقول ابن عصفور أنه لم يسمع من كلامهم ليس بشيء، إذ قد سمعه الفراء من ابن الفقعس الأسدي، وأبي الهيثم العقيلي. ودعوى الإجماع في ثماني عشرة بالإضافة أنه لا يجوز إلا في الشعر باطلة، بل تقدم النقل عن الكوفيين، أنهم أجازوا [إضافة الصدر إلى العجز مطلقًا دون بناء وإن كان البناء هو الأجود ولا يخصون] ذلك بثماني عشرة، والبصريون حملوا ذلك على الضرورة على تقدم صحة النقل فيه. وقال الأخفش في الأوسط تقول: للنساء أتتنى إحدى عشرتهن، وللرجال أتاني أحد عشرهم إلى العشرين، ولا يكون إلا مفتوحًا، ومن العرب من لا يتكلم بهذا إذا جاوز العشرة لأنه إنما يقع على الواحد، وإنما تقول:

ص: 760

خمسة عشر رجلاً ونيف تقول: خمسة عشرهم، ومن العرب من يقول: ثمانية عشر رجلا تقول: ثمانية عشرهم إلا أن الذين أضمروا ذهبوا إلى معنى الرجال، كأنهم قالوا: ثمانية عشر رجالاً، وهذا قبيح، إلا أن هذا عندنا على قول من قال خمسة عشر رجالاً انتهى.

ويقال: ثماني عشرة بفتح الياء وهو الأصل في التركيب وبتسكينها، وتحذف الياء مفتوحة النون ومكسورتها، وقد تحذف في الإفراد ويجعل الإعراب في النون فتقول: هذه ثمان، ورأيت ثمانًا، ومررت بثمان، ولا يثنى ولا يجمع من أسماء العدد إلا مائة وألف تقول: مائتان ومئات ومئون وألف وألفان وآلاف وألوف وقد سمع تثنية واحد وجمعه قال:

فلما التقينا واحدين علوته

بذي الكف إنى للكماة ضروب

ص: 761

وقال الكميت:

............

كحي واحدينا

واختص ألف بالتمييز به مطلقًا يميز به العدد المضاف، والمركب، والعقد والمعطوف، وأما مائة فيميز بها من ثلاث إلى تسع فتقول: ثلاثمائة، وأربعمائة إلى تسع مائة. قيل: ولا يقال عشر مائة ولا يقال: عشرون مائة استغنوا بألف وبألفين، وقد تقدم عن الفراء أن بعض العرب يقول: عشر مائة وأن أهل هذه اللغة هم الذين يقولون ثلاث مئين.

وأما تمييز المركب بمائة فتقول: إحدى عشرة مائة إلى تسع عشرة مائة، فيحتاج في إثبات ذلك إلى سماع من العرب، وقد أجاز ذلك ابن مالك مستدلاً بشيء ورد في الحديث مثله.

ويعرف العدد المفرد بدخول (أل) عليه فتقول: الواحد والعشرون والمائة، والألف، والمضاف إلى ما يقبل (أل) بدخول (أل) على الثاني فتقول: ثلاثة الأثواب، وثلاث الجواري، ومائة الدرهم، وألف الدرهم. وحكى الكوفيون

ص: 762

دخول (أل) على الأول والثاني فتقول الثلاثة الأثواب، وحكى أبو زيد ذلك عن قوم ليسوا فصحاء، وقاسه أهل الكوفة على الحسن الوجه، وحمل البصريون ذلك على زيادة (أل) في الأول، فلو أتبعت فقلت: الثلاثة الأثواب جاز على البدل، وتقدم ذكر ذلك، ونقل أبي زيد فيه.

فأما الثلاثة أثواب بإضافة ذي اللام إلى نكرة، فبعض الكتاب يجيز ذلك وإن كان سمع فيؤول على تقدير: الخمسة خمسة الأثواب، فحذف خمسة وبقى أثواب على إعرابه كحاله لو كان خمسة ملفوظًا بها، ومثل ثلاثة الأثواب إضافة الجزء إلى ما يتجزأ تقول: نصف درهم، فإذا أردت التعريف قلت: نصف الدرهم في قول أهل البصرة، وذهب الكوفيون إلى إجرائه مجرى العدد فتقول: الثلث الدرهم، والنصف الدرهم شبهوه بالحسن الوجه.

والمركب يدخل (أل) على أوله ويبقى على حاله، مبنيًا هذا مذهب أكثر أهل البصرة، وأجاز الأخفش، والكوفيون دخول (أل) على كل جزء من المركب

ص: 763

فيقولون: الخمسة العشرة وحكاه الأخفش عن العرب، وتمييز المركب على حاله من التنكير، وحكى الأخفش: أن بعض العرب يقول: الخمسة عشر الدرهم، وحكى أيضًا دخول (أل) على جزئي المركب وعلى التمييز، وسوغ الفراء القياس على ذلك، وحكى عن الكوفيين، وأجاز قوم دخول (أل) على تمييز العقد نحو: العشرين الدرهم، والمعطوف تدخل (أل) على المتعاطفين تقول: الأحد والعشرون درهمًا، وأجاز قوم دخولها عليهما وعلى التمييز، وقوم إدخالها على المعطوف عليه وتركها من المعطوف نحو: الأحد وعشرون، وجوز ذلك شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي.

وإذا ميزت عددًا مركبًا بمذكر ومؤنث ذوي عقل، فالحكم في العدد للمذكر سواء قدم التمييز المذكر أم أخر أو اتصل بالمركب، أو انفصل ببين، أو كان المذكر نصفًا أو أقل تقول: اشتريت خمسة عشر عبدًا وأمة، أو أمة وعبدًا، أو بين عبد وأمة، أو بين أمة وعبد، يغلب المذكر ولو كان واحدًا، فإن عدم العقل منهما، فإما أن يتصل التمييزان بالمركب، أو يفصل بين، فإن اتصل فالحكم للسابق منهما

ص: 764

فتقول: اشتريت ستة عشر جملاً وناقة، وست عشرة ناقة وجملاً؛ [وإن فصل ببين فالحكم للمؤنث تقول: اشتريت ست عشرة بين جمل وناقة وست عشرة بين ناقة وجمل]، وقال سيبويه: يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة وليس بحد كلام العرب، فلو كان أحد التمييزين من مذكر أو مؤنث عاقلاً، والآخر غير عاقل، فالذي يقتضيه القياس تغليب المذكر العاقل فتقول: أربعة عشر عبدًا وناقة، أو ناقة وعبدًا، وإن كان العاقل المؤنث فالذي يقتضيه القياس تغليبه إن فصل ببين تقول: اشتريت أربع عشرة بين جمل وأمة أو بين أمة وجمل، فإن اتصل التمييز فالظاهر أنه يعتبر العاقل المذكر تقدم أو تأخر تقول: اشتريت أربعة عشر عبدًا وناقة أو ناقة وعبدًا.

والتمييز المختلط المنصوب أو المجرور ببين إن كان العدد يقتضي التنصيف، كان التمييز منصفًا، وإن كان العدد لا يقتضيه كان العدد تمييزه مجملاً، وإن ميزت عددًا مضافًا، فالحكم لما سبق مذكر ومؤنث تقول: عندي عشرة أعبد وإماء، أو إماء وأعبد هذا فيما له تنصيف جمعي؛ فإن لم يكن له تنصيف جمعي عطفت على العدد، لا على المعدود، وصار العطف مجهولاً للمخاطب عدده تقول: عندي أربعة رجال ونساء، وثلاث جوار ورجال، نص على ذلك أصحابنا، وهو قول الكسائي، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز أن يسبق على المذكر بالمؤنث ولا على المؤنث بالمذكر، فإذا قلت: عندي ستة رجال ونساء فقد عقد أن عنده ستة رجال

ص: 765

فليس له أن يجعل بعضهم مذكرًا وبعضهم مؤنثًا، وقد عقد أنهم مذكرون، وكذلك في التأنيث، انتهى.

فإن لم تضف وأخرت العدد غلبت المذكر فتقول: رجال ونساء ستة، ونساء ورجال ستة، وتقول في المعطوف عندي أحد وعشرون عبدًا وأمة أو أمة وعبدا أو اشتريت أربعة وعشرين بين عبد وأمة أو بين أمة وعبد أو اشتريت أربعة وعشرين جملاً وناقة، واشتريت أربعًا وعشرين ناقة وجملاً، وسرت أربعًا وعشرين ليلة ويومًا أو بين يوم وليلة، وإذا قلت: اشتريت عشرة بين عبد وأمة كان العبد خمسة والإماء خمسًا، وإذا قلت: كتب لعشر بين يوم وليلة كانت الأيام عشرة والليالي عشرًا، والفرق بينهما أن الليالي تستتبع الأيام، والعبد لا يستتبع الإماء.

ص: 766