الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المضمر
هذه تسمية البصريين، ويسميه الكوفيون الكناية، والمكني، ولا يحتاج إلى حد، ولا رسم، لأنه محصور وهو ينقسم: إلى متكلم، ومخاطب، وغائب في موضوع مرفوع، وموضع منصوب، وموضع مجرور. وقسموا المرفوع إلى مستكن، وبارز وأيضًا: إلى متصل، ومنفصل يجعلون المستكن من المتصل، وقسمه ابن مالك إلى واجب الخفاء، وهو ما لا يمكن أن يرفع ظاهرًا ولا مضمرًا بارزًا، وإلى جائز الخفاء، وهو ما يمكن أن يرفع ذلك، وهذا اصطلاح غريب لا نعرفه إلا منه، فواجب الخفاء المرفوع بالمضارع ذي الهمزة نحو: أفعل، أو النون: نفعل، وبفعل أمر المخاطب المذكر نحو: افعل، وبمضارعه نحو: تفعل، واسم فعل الأمر مطلقًا نحو: صه للمذكر والمفرد، ومقابلهما، واسم الفعل الذي هو مضارع للمتكلم نحو: أوه (أي أتوجع)، وأف (أي أتضجر). وفي النهاية: الضمير المستكن وجوبًا في تسميته اسمًا نظر؛ لأن الاسم والفعل والحرف يطلق على الكلمة، وهذا ليس بكلمة انتهى.
وجائز الخفاء هو المرفوع بفعل غائب نحو: زيد قام، والغائبة نحو: هند قامت، أو معناه من اسم فعل نحو: زيد هيهات، وهند هيهات، واسم فاعل،
واسم مفعول نحو: زيد ضارب، ومضروب، وهند ضاربة ومضروبة، وظرف نحو: زيد عندك، ومجرور نحو: زيد في الدار، فهذه يجوز فيها أن ترفع الظاهر، والمضمر البارز إلا ما كان من اسم الفعل الغائب والغائبة، فلا يرفع المضمر البارز، ولا يجوز زيد: ما هيهات إلا هو، ولا هند ما هيهات إلا هي، ولا يرفعان المظهر المحصور لا يجوز ماهيهات إلا زيد، ويجوز ذلك فيما تقدم مما ذكر أنه جائز الخفاء البارز: إن عني به المعنى بنفعل فهو (نا) في موضع الرفع، والنصب، والجر نحو: قمنا وضربنا زيد، ومر بنا بكر؛ فإن كان في موضع رفع بفعل ماض، فتاء تضم للمتكلم وتفتح للمخاطب، وتكسر للمخاطبة نحو: ضربت ضربت ضربت، وحكى ضربتي بياء ساكنة بعد كسرة المؤنث. قال الأخفش في كتابه الأوسط: هي لغة رديئة لربيعة تقول ضربتيه، وأعطيتكيه للمرأة، وتقول للرجل: أعطيتكاه انتهى.
وأنشد أبو الفتح:
رميتيه فأقصدت
…
فما أخطأت في الرميه
بسهمين مليحين
…
أعارتكيهما الظبية
ولا تقع أنا موقع التاء لا يجوز فعل أنا قاله سيبويه، وأجازه غيره فخصه الجرمي بالشعر، وأجاز فيه (قام أنا)، و (قام هو)، وجوزه المبرد في
الشعر، والكلام قال: وليس المعنى كمعنى التاء بل لا يقال ذلك إلا على معنى النفي، والإيجاب (أي ما قام إلا أنا)، وتقول للمخاطبين مطلقًا ضربتما وللمخاطبين ضربتم بسكون الميم مطلقًا، أو بضمها موصولة بواو مطلقًا أو مع همزة القطع أو غير موصولة، فإن اتصل بالميم ضمير نصب فالأعرف وصلها بواو، وكذلك ميم أعطيكموه، وأعطيتهموه ويجوز التسكين، وليس تجويزه مختصًا بيونس، كما زعم ابن مالك، بل نص على جوازه سيبويه، وذكر أن الوصل بالواو أكثر وأعرف، وللمخاطبات ضربتن، وإن رفع البارز المتصل بفعل غير ماض، فهو نون مفتوحة للمخاطبات نحو: اضربن تضربن والغائبات: نحو: يضربن، وألف التثنية غير المتكلم نحو: افعلا وتفعلان ويفعلان، وواو للمخاطبين والغائبين اضربوا وتضربون ويضربون، وياء للمخاطبة نحو: اضربى، وتضربين، وللغائب مطلقًا مع الماضي ماله مع المضارع تقول: زيد ضرب، هند ضربت، الزيدان ضربا، والفتحة في آخر فعلا من أجل الألف قاله الفراء، وقال البصريون: هي فتحة الماضي التي كانت قبل لحوق الألف، الهندان ضربتا، الزيدون ضربوا، الهندات ضربن، كما تقول: زيد يضرب، وهند تضرب، والزيدان يضربان، والهندان تضربان، والزيدون يضربون، والهندات يضربن، وجاء في الشعر الاجتزاء بالضمة عن الواو، وللجمع في الماضي والأمر، وهو معدود في
الضرورات، وبعض النحاة قال من العرب من يقول في الجمع: الزيدون قام فيجزئ بالضمة وأنشد:
.....
…
وقلت لشفاع المدينة أوجف
حذف الواو، وسكن للوقف، فيظهر أنه يقال ذلك على قلة، ومذهب الجمهور أن النون والواو والألف والياء ضمائر كما ذكرنا، وذهب المازني إلى أنها علامات كالتاء في قامت، والضمير مستكن كاستكنانه في زيد فعل، وهند فعلت، كما يقول الجمهور في قاما أخواك، وقاموا إخوتك، وقمن الهندات، وذهب الأخفش إلى أن الياء في تفعلين، ونحوه حرف تأنيث، والضمير مستكن، وفي النهاية: الياء في تفعلين عند المبرد علامة للضمير المستكن في فعل الواحد، وأبو الحسن يجرى ضمير التثنية والجمع مجرى ضمير الواحد، فكما أن ضمير الواحد يستكن فكذلك ضميرها، انتهى.
وذهب الجمهور، وسيبوبه وغيره: إلى أنها ضمير، ويسكن آخر الفعل المسند إلى التاء والنون و (نا) في ضربت، وضربن، وضربنا، ويحذف ما قبل آخر المسند من معتل ويقتصر على ذلك في الأمر والمضارع نحو: خفن ولا تخفن، وصحن ولا تصحن، وقلن ولا تقلن، وتنقل حركته إلى فاء الماضي الثلاثي نحو:
طلت، وخفت، وإن كانت الحركة التي كانت للعين قبل الانقلاب فتحة أبدلت حركة الفاء بمجانس المحذوف ضمة إن كان واوًا نحو: قمت، وكسرة إن كان ياء نحو: بعت، وربما نقل دون إسناد إلى أحد الثلاثة وذلك في كاد، قال سيبويه: وحدثنا أبو الخطاب: أن ناسًا من العرب يقولون: كيد زيد يفعل كذا (يعني في كاد) أخت عسى. قال الأستاذ أبو علي: وهو شاذ، وكذا في زال أخت كان الناقصة تقول: ما زيل زيد فاضلاً، فإن ماثل حرف العلة الحركة قبله، أو كان ألفًا حذف نحو: أنتم تدعون، وأنت ترمين، وأنتم تخشون، وأنت تشخين، وإن كان الضمير واوًا، والآخر ياء أو بالعكس نحو: أنتم ترمون، وأنت تغزين الأصل: ترميون، وتغزوين حذفت الياء والواو، وهذا من علم التصريف استعجله ابن مالك، فاتبعناه، وليس محل ذكره.
وضمير الغيب العاقلين إن عاد على جمع سلامة فبالواو نحو: الزيدون قاموا، ويقومون، ولا يجوز قام ولا قامت، وما استدل به ابن مالك على الزيدون قام لا دليل عليه، أو على جمع تكسير جاز بالواو، وكالواحدة نحو: الرجال خرجوا، وخرجت الرجال، وأعضادها، أو على اسم جمع جاز بالواو كضمير المفرد نحو: الرهط خرجوا، والركب سار، وضمير الاثنين وضمير الإناث، بعد أفعل التفضيل كهو بعد غيره تقول: هذا أنبل الرجلين وأفضلهما، وهذه أحسن النسوة وأجملهن، وادعى ابن مالك، أنه يأتي مفردًا مذكرًا مستدلاً بما لا دليل فيه، فأجاز
زيد أنبل الرجلين وأفضله، وهند أحسن النساء وأجمله، وإن عاد على جمع غير عاقل، قالتاء والنون نحو: قوله تعالى: [وإذا النجوم انكدرت]، [فأبين أن يحملنها]، والتاء بجمع الكثرة أولى من النون، فالجذوع انكسرت أكثر من الجذوع انكسرن، وقد جاء كمضير المفرد [وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه] والضمير غير المرفوع مثل الضمير المرفوع نحو: الجذوع كسرتها، وكسرتهن، وإن عاد على أقل جمع المؤنث غير العاقل، أو على العاقلات كان جمع صحة، أو جمع تكسير، فالنون أولى نحو: الأجذاع انكسرن والأجذاع كسرتهن أولى من الأجذاع انكسرت والأجذاع كسرتها، والهندات والزينبات خرجن أولى من خرجت قال تعالى:[إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن] وقالوا: النساء وأعجازها، ويجوز التخالف نحو: النساء خرجن، وضربت زيدًا، وقال ابن مالك: وقد يقع فعلن موقع فعلوا طلبًا للتشاكل، وأورد الحديث وفيه «ورب الشياطين ومن أضللن» «أي أضلوا أو أضلت» فلا تتعين فيه الواو كما قال.
ومن البارز المتصل في الجر والنصب ياء المتكلم [ربي أكرمن]، وكاف مفتوحة للمخاطب مكسورة للمخاطبة نحو: أكرمتك، وأكرمتك، فإن اتصل بها (هاء) الإضمار، فالأفصح أن لا تشبع حركتها فتقول أعطيتكه وأعطيتكه، وحكى سيبويه: الإشباع في هذا عن ناس من العرب فتقول: أعطيتكاه وأعطيتكيه، وحكى بعضهم ذلك، وإن لم يكن هاء إضمار فتقول: أعطيتكا، وأعطيكى، وناس من تميم، ومن أسد يبدلون كاف المؤنث شينًا يقولون: إنش ذاهبة؟ وما لش ذاهبة؟ يريدون إنك ومالك، وتقدم هذا في باب البدل في التصريف، وهاء الغائبة نحو: أكرمها، ومر بها، ومجموع الهاء والألف هو الضمير، وقيل الألف زائدة تقوية لحركة الهاء، وأجاز قوم حذف هذه الألف ومنه:(والكرامة ذات أكرمكم الله به) يريد بها، وهاء مضمومة للغائب نحو: ضربه وهي وحدها الضمير، والواو تقوية للحركة خلافًا للزجاج؛ إذ زعم أن الضمير مجموعهما.
وإن وليت هذه الهاء ياء ساكنة نحو: وفيه، وعليه، أو كسرة نحو (به) فلغة الحجاز: ضم الهاء مطلقًا في هذا وفي غيره نحو: ضربته، وبه، وإليه، ولغة غيرهم كسرها بعد الكسرة، وبعد الياء، وقال الفراء: قريش، وأهل الحجاز، ومن جاورهم من فصحاء اليمن يرفعون الهاء من «نزل عليه الذكر» وعليهما،
وعليهم، وعليهن، ولا ريب فيه، ونزلت به، وأهل نجد من بني تميم وقيس وأسد يكسرونها، وفي البسيط: تكسر إذا كان قبلها كسرة أو ياء ما لم تتصل بضمير آخر نحو: يعطيهوه ولم يعطهوه، انتهى.
فإن وليت ساكنًا غير الياء ضمت نحو: منه وعنه، ومن لدنه، ولم يضربه، وكذلك في التثنية والجمع نحو: منهما، ولم يضربهما ومنهم، ولم يضربهم، ومنهن ولم يضربهن، وبنو تغلب يقولون: منهم بكسر الهاء، وما أدرى هل يطردون ذلك في نحو: منه، ومنهما ومنهن، ولا إذا كان ساكنًا غير الياء وقال الفراء: هي لغة مرفوضة.
وتشبع حركتها بعد متحرك نحو: له، وبه، والاختلاس، وتسكين الهاء عند سيبويه ضرورة، وحكاهما الكسائي عن بني كلاب، وبني عقيل لغة تقول: له، وبه، وله، وبه، وقرأ أبو جعفر: له، وبه، ويعقوب [بيده] بالاختلاس على هذه اللغة، فإن كان قبل الهاء حرف لين نحو: رأيت أباه، وهذا أبوه، ومررت بأبيه، فحذفت الياء والواو أحسن، والإتمام عربي، فإن كان
ساكنًا غير لين نحو: منه، وأصابته، فالإتمام أجود، قاله أبو عمرو سيبويه عن العرب خلافًا للمبرد؛ إذ الاختلاس عنده أجود من الإشباع، وتبعه ابن مالك، وقرأ ابن ذكوان [أرجئه] بكسر الهاء من غير إشباع بعد كسرة مفصول بينها وبين الهاء بساكن، وظاهر كلام ابن مالك اقتباسه.
فإن تحرك قبل الهاء ما فصل بينهما بساكن حذف جزمًا أو وقفًا نحو: [يرضه لكم]، و [يؤده إليك][فألقه إليهم] جاز الإشباع، والاختلاس، والإسكان، وإشباع كسرة التأنيث في نحو: ضربتيه لغة ربيعة. وتقول ضربكما غلامكما، وضربكم غلامكم، وضربكم غلامكم، وضربكن غلامكن بضم الكاف، وضربهما غلامهما، وضربهم غلامهم، وضربهن غلامهن، بضم الهاء
ومن كسر في (به) و (فيه) كسر في بهما وفيهما، وفيهم، وفيهن. ومن لم يكسر ضم فقال: بهما وفيهما وفيهم، وفيهن والأكثر الكسر، وقال أبو عمرو: والضم مع الياء أكثر منه مع الكسر. قال: وأناس من العرب في (هم) إذا كسروا ألحقوا الياء، وهم تميم وعامة قيس، وأناس يسكنون الميم، وهم قوم من بني أسد وكنانة وقيس، وكسر الكاف بعد الياء في الجمع حكاها الفراء لغة للنمر، وقال: يقولون: السلام عليكم قال: ولا نعلم أحدًا من العرب قالها غيرهم وحكى سيبويه: عن ناس من بكر بن وائل قال: من أحلامكم، وبكم بكسر الكاف وقال: وهي رديئة جدًا وانتظم من نقل الفراء وسيبويه: أنه إذا كان في الجمع في المذكر قبل الكاف ساكن وهو الياء، أو كسرة تكسر الكاف، وهل يكون ذلك في التثنية أو في جمع المؤنث: نحو بكما، وفيكما وبكن، وفيكن كما ذكره ابن مالك يحتاج إلى نقل، فإن كان قبل الكاف ساكن غير الياء فالضم نحو: لم أضربكم.
وتسكين ميم الجمع أعرف من الإشباع، والاختلاس؛ فإن وليها ضمير متصل نحو: رأيتموه فتقدم الكلام فيه، وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن نحو:[بهم الأسباب]، [يوفيهم الله] وبإشباع دون ساكن أقيس نحو:[ومن يولهم يومئذ]، و [تشقون فيهم] قال: ويجوز السكون نحو: يولهم، وفيهم وضمها قبل ساكن نحو:[بهم الأسباب] وإسكانها قبل متحرك نحو: [ومن يولهم] أشهر؛ فإن كانت الهاء مضمومة
نحو: [تتوفاهم الملائكة]، ويضربهم الرجل فلا تكسر الميم، وإن كانت الهاء مختلفًا فيها نحو: هاء عليهم فمن ضم ضم الميم نحو: [إليهم الملائكة]، ومن كسر الميم إذا لقيها ساكن نحو:[عليهم الذلة] وبعض بني أسد يكسر الهاء، ويضم الميم نحو [عليهم الذلة] قال الفراء: لغة قريش وبني سعد الحذف (يعني في ميم الجمع إذا لم تلق ساكنًا).
وفي البسيط: وأما ميم الجمع فاللغة الفصحى الحذف؛ فإن كان قبل الهاء ضمة أو فتحة أو ألف أو واو نحو: يضربهم ولن يضربهم، واصطفاهم، ويغزوهم ضمت الهاء أو كسرت أو ياء ساكنة نحو: بهم وعليهم، فكسر الهاء أفصح وقال الفراء: ضمها لغة قريش، والحجاز ومن حولهم من فصحاء اليمن، فيصح في عليهم، عليهمو، وعليهمى، وعليهم، وعليهم، وعليهموه، ويمتنع عليهمى.
وإذا حذفت حرف المد وجب إسكان الميم ولا تحرك إلا لالتقاء الساكنين أو بحركة الأصل، قال أبو حاتم، وهي لغة فاشية بالحرمين. وقال الفراء: هي لغة بني أسد، والكسر لغة سليم، وقد تكسر الميم قبل ساكن، وإن لم تكن الهاء مكسورة نحو قوله:
...............
…
وهم القضاة ومنهم الحكام
قال الفراء: العرب جميعًا يقولون: هم القضاة، فيرفعون الميم من هم عند الألف واللام إلا سليمًا فسمعت بعضهم يكسر الميم، وفي النهاية: فيهم فيهمى فيهم فيهمو فيهم فيهمو فيهم، فيهمى فيهم فيهم عشر لغات في كل هاء ضمير بعدها ميم وقعت بعد كسرة نحو: بهم أو ياء نحو: فيهم وكذلك إذا كانت منصوبة بمضارع لامه ياء نحو: يعطيهم، فإن اتصل به هاء مذكر قلت: يعطيهيه ويعطيهوه، ويعطيهموه، ويعطيهميه، ولا يبعد من أجاز بكم أن يجيز يعطيكم بكسر الكاف؛ لأن قبلها الياء.
وأصل ياء المتكلم الحركة، ويجوز إسكانها، وإذا كانت في موضع نصب بفعل ماض، أو مضارع، أو أمر، أو اسم فعل، كان قبلها نون مكسورة تسمى نون الوقاية نحو: يضربني، وضربني، واضربني، وعليكني، ورويدني. وسمع الفراء بعض بني سليم يقول: مكانكنى (أي انتظرني في مكانك) فأما إذا كان منصوبًا بالصفة نحو: الضاربي إذا قلنا إن الضمير منصوب، فلا تلحق النون، وتلحق الفعل الذي لا يتصرف نحو:(هب) و (تعلم) ووهب بمعنى جعل وعسى فتقول: هبني شجاعًا، وتعلمني محسنًا، ووهبني الله فداك، وعساني أن أخرج، ومذهب البصريين وجوب لحاقها أفعل في التعجب تقول: ما أظرفني،
ومذهب الكوفيين الجواز يقولون ما أجملني، وما أجملي، وتقول في ليس: ليسني، وجاء ليسى في الشعر، وجوزه بعض أصحابنا في الكلام، وإن كانت اسمًا لإن وأخواتها جاز حذفها في إن وأن وكأن ولكن فصيحًا، تقول: إنى وأنى وكأنى ولكني وهي المحذوفة في قول الأكثرين من البصريين، والكوفيين خلافًا لمن زعم أن المحذوفة هي النون الأولى الساكنة، ولمن زعم أن المحذوفة هي الثانية، ونون الوقاية في هذين القولين: ثابتة لم تحذف والكثير: لعلى، وقل لعلني، وحذفها من ليت عند سيبويه ضرورة تقول: ليتى. وقال الفراء: يجوز ليتى، وليتني.
وإن كانت ياء المتكلم في موضع جر بمن وعن، فنص أصحابنا على أن حذفها منها لا يجوز إلا ضرورة، وظاهر كلام أبي موسى، وابن مالك أنه يجوز في الكلام فتقول: مني، وعني، وإن اتصلت بلدن فالتخيير تقول: لدني ولدني، وقال ابن مالك: زعم سيبويه أن عدم لحاقها من الضرورات. قال: وليس كذلك بل هو جائز في الكلام الفصيح، وكثر في الرد على سيبويه، وقد رددنا عليه في الشرح وأن سيبويه لم يقل ذلك إلا في (قد).
وإن حذف نون لدن فقيل (لد) فلا تلحق نون الوقاية بل تقول: لدى، نص على ذلك سيبويه: وأما قد وقط، فمذهب الخليل وسيبويه: أنهما بمعنى حسبي، فإذا قلت: قدى وقطى فالياء في موضع جر، والأعرف نون الوقاية فيهما فنقول: قدني وقطني، ونقل الكوفيون فيهما وجهين أحدهما: أن يكونا بمعنى حسبي ويعربان فتقول: قط عبد الله درهم، وقد زيد درهم، وما بعدهما
مخفوض بالإضافة، ولا تلحق فيهما نون الوقاية، والوجه الثاني: أن يكونا اسمى فعل مبنين على السكون، وتنصب بهما فتقول: قط زيدًا درهم، وقد زيدًا درهم، فإن اتصل بهما ياء المتكلم لحقتهما نون الوقاية؛ لأنها في موضع نصب كما تلحق سائر أسماء الأفعال. وحكى الكسائي عن العرب: قطن عبد الله درهم بخفض عبد الله، ونصبه على أن النون من سنخ الكلمة، فإذا انجر ما بعدها فهو مبني على الفتح لشبهه بقطن الذي هو اسم فعل. وقال هشام: من نصب عبد الله مع النون لزمه أن يقول: مع ياء المتكلم: قطننى بنونين، ولم يسمع فيحتمل أن يكون الأصل قطننى، فحذفت النون كما حذفت من إنني، وعلى ما حكى الكسائي أجاز هشام: أن قطنى درهم، وأن قدنى درهم على أن الياء مخفوضة بالإضافة والنون من سنخ الكلمة.
وأما (بجلى) فقد ذكروا أنها تكون اسم فعل، والياء في موضع نصب بمعنى كفاني أو يكفيني وإذا لم تلحق فهي بمعنى حسبي، وأما لحاق النون اسم الفاعل نحو: أمسلمني؛ فقيل: هي نون الوقاية، وإليه ذهب ابن مالك وقال فيه: إنه قد تلحقه، وذهب غيره إلى أنه تنوين وهو مذهب هشام، وأجاز: هذا ضاربنك، وضاربني بالتنوين، والكاف والياء في موضع نصب، وقال ابن مالك: وقد تلحق أفعل التفضيل نون الوقاية واستدل لما روى في الحديث «غير الدجال أخوفني عليكم» على عادته في إثبات القواعد الكلية بما روى في الحديث، وأما قوله:
...........
…
................. فليني
يريد (فلينني) فذكر ابن مالك: أن مذهب سيبويه أن المحذوفة هي نون الإناث، والباقية هي نون الوقاية واختاره ابن مالك، وذهب المبرد: إلى أن المحذوفة هي نون الوقاية، وفي البسيط لا خلاف أن المحذوفة هي نون الوقاية، وفليني جاء في الشعر ولا يقاس عليه انتهى. وأما قول الشاعر:
وشمسك في شرق وغرب منيرة
…
فما بالني أشكو الظلام من الدهر
فخطأ، والصواب:(فما بالي) بغير نون.
والضمير المنفصل المرفوع للمتكلم أنا، والهمزة والنون هو الضمير، والألف زائدة، ومذهب الكوفيين، أنه كله الاسم، وفيه لغات تميم وبعض قيس، وربيعة تثبت الألف وصلاً ووقفًا، والحجاز تثبتها وقفًا وتحذفها وصلاً، ولغة قضاعة آن على وزن عان، وجعله ابن مالك من باب المقلوب، وأن حكاها قطرب وتلى (أن) في الخطاب تاء فتقول: أنت أنت أنتما أنتم أنتن، والتاء وما بعدها حرف خطاب عند البصريين: فأنت عندهم مركب من اسم وهو (أن) وحرف وهو التاء، فلو سمي به حكوه.
وذهب الفراء إلى أنه بكماله هو الاسم، وذهب ابن كيسان إلى أن (التاء) وما بعدها هي الاسم، وهي التاء التي في فعلت وكثرت (بأن) هذا الذي اختاره، ومن أسخف الأقوال: ما ذهب إليه بعض المتقدمين من أن (أنت) مركب من ألف أقوم، ونون نقوم، وتاء تقوم، وأن (أنا) مركب من ألف أقوم، ونون
نقوم، مبني على الضم، وهو موضوع هكذا، وليس أصله نحن بضم الحاء، وسكون النون خلافًا لهشام.
و (هو) للغائب المذكر، و (هي) للغائبة المؤنثة وهما بجملتهما الاسم، وذهب الكوفيون، والزجاج، وابن كيسان إلى أن الهاء من (هو)، والهاء من (هي): هي الاسم، والواو والياء مزيدتان للتكثير، مخففتين، ويسكنهما قيس وأسد يقولون: هو وهي، وحكى الكوفيون تشديدهما: هو، وهي، وقال ابن مالك وتشددهما همدان، ويجوز في اللغة الأولى تسكين الهاء فيهما بعد الواو، والفاء، وثم، واللام، وهي لغة نجد، والتحريك بعدهن لغة الحجاز، وقد تسكن الهاء بعد همزة الاستفهام وكاف الجر قال ابن مالك: ولم يجيء إلا في الشعر انتهى.
وقرئ شاذًا: [لكن هو الله ربي]، [أن يمل هو] بسكون الهاء، وحذف الواو من الضرورات، فتقول (هُ)، و (هِ) وللغائبين هما، وللغائبات: هن، وهذه ألفاظ مرتجلة وهي الضمير بجملتها قاله أبو علي: وقيل الأصل هو ما، وهوموا، وهون، وهذه زوائد على أصل الضمير الذي هو (هو).
الضمير المنفصل
المنصوب الموضع للمتكلم: إياي، وإيانا، وللمخاطب: إياك، إياك، إياكما، إياكم، إياكن، وللغائب إياه، إياها، إياهما، إياهم، إياهن، ومذهب سيبويه أن الضمير هو «إيا» وحده، وما اتصل به حروف تبين أحوال الضمير من تكلم، وخطاب، وغيبة. وعزى إلى الأخفش، واختاره الفارسي، وذهب الفراء إلى أن هذه اللواحق هي الضمائر، وإيا دعامة زائدة تعتمد عليها الضمائر، وذهب الكوفيون غير الفراء إلى أنه بجملته هو الضمير يعني (إيا) ولواحقه، وفي النهاية:(إيا) دعامة، واللواحق هي الضمائر قاله الكوفيون وابن كيسان، انتهى.
وذهب الخليل، والأخفش، والمازني فيما نقل ابن مالك واختاره إلى: أن (إيا) ضمير، وأن اللواحق ضمائر أضيفت إليها إيا، وذهب الخليل فيما ذكر ابن عصفور إلى أن (إيا) اسم ظاهر، واللواحق ضمائر أضيف إليها (إيا)، فهن
في موضع خفض بالإضافة، و (إيا) على اختلاف المذاهب ليست مشتقة من شيء، وذهب أبو عبيدة إلى: أنها مشتقة إما من أو من قوله:
فأو لذكراها إذا ما ذكرتها
…
................
فيكون من باب قوة أو من الآية وعينها ياء قولان فوزنه إفعل أصله إأوو أو إأيى، أو فعيل فأصله إويو أوإويى، أو فعول أصله إووو أو إيوى، أو فعلى فأصله إووى أو إييا وليس في الاختلاف في (إيا) ولا في وزنه كبير فائدة واللغة المشهورة كسر الهمزة، وتشديد الياء، وبه قرأ الجمهور، وقرئ بفتحها وتشديد الياء، وبكسرها، والتخفيف، وبإبدال الهمزة هاء مفتوحة، والتخفيف، وبكسرها والتخفيف، وذكر ابن مالك أنه يقال بكسر الهاء، وتشديد الياء.
ويتعين انفصال الضمير إن رفع بمصدر مضاف إلى المنصوب معنى نحو: عجبت من ضرب زيد أنت، وزيد عجبت من ضربك هو، أو بصفة جرت على
غير صاحبها، وهذا فيه تفصيل فحيث ألبس برز الضمير وجوبًا نحو: هند ضاربها أنت أو ضاربها أنتما، أو ضاربها أنتم أو نحن، ثم حمل ما ليس فيه على ما فيه اللبس، فأبرز الضمير نحو: زيد هند ضاربها هو، وأجاز الكوفيون أن لا يبرز هنا، وكذا إذا تكررت الصفة نحو: زيد حسبته أمه عاقلة؛ فيجيزون عاقله هي، وعاقلة دون الضمير، ويأتي الكلام على هذه المسألة في باب المبتدأ إن شاء الله تعالى، أو أضمر العامل نحو:
إن هو لم يحمل على النفس ضيمها
…
.............
أو أخر نحو: [إياك نعبد] أو كان حرفًا نحو: [ما هن أمهاتهم] أو فصله متبوع نحو: قام زيد وأنا، وقول من خص هذا بالشعر فاسد، أو ولى واو المصاحبة نحو:
فكان وإياها كحران .......
…
.........
أو إلا نحو: [أمر ألا تعبدوا إلا إياه]
........
…
ما قطر الفارس إلا أنا
واتصاله منصوبًا بعد إلا ضرورة نحو:
.......
…
أن لا يجاورنا إلاك ديار
خلافًا لابن الأنباري، فإنه أجاز ذلك في الكلام، أو إما نحو: قام إما أنا وإما أنت، أو اللام الفارقة نحو: إن ظننت زيدا لإياك، وأجاز الأخفش: إن قعد
لأنا، وإن قام لنحن، وهو قول الكوفيين جعلوا إن نافية وعلى مذهب البصريين لا يجوز إلا مع الناسخ من الأفعال و (إن) هي المخففة من الثقيلة لا النافية، أو فصله عامل في مضمر قبله غير مرفوع إن اتفقا رتبة مثاله: علمتني إياي، وعلمتك إياك، وزيد علمته إياه، ومال زيد أعطيته إياه، فإن كان الضمير مرفوعًا نحو: ظننتني قائمًا، وزد ظنه قائمًا فلا يجوز فصله، وإن كان بعد المرفوع ضميران واتفقا في التكلم فالانفصال في الثاني نحو: منحتني إياي، ويقبح الاتصال فتقول: منحتنيني، أو في الخطاب، أو في الغيبة، واتحدا رتبة، فالاختيار الانفصال نحو: أعطيتكما إياكما، وأعطيته إياه، وفاقًا للكسائي، ويجوز الاتصال فتقول: أعطيتكما كما، وأعطيتهوه.
وإن اختلف ضمير الغيبة في إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث فالفصل هو الكثير نحو: هند الدراهم أعطيتها إياه، أو أعطيته إياها، ويجوز الاتصال فتقول: أعطيتهاه وأعطيتهوها، وإن اختلف الضميران بالنسبة إلى التكلم، والخطاب، والغيبة بأن كان أحدهما ضمير متكلم، والآخر ضمير مخاطب أو غائب أو أحدهما ضمير مخاطب والآخر ضمير غائب، فالذي يلي الفعل لا يكون إلا متصلاً، فإن كان أقرب جاز في الثاني الاتصال والانفصال نحو: الدرهم أعطيتني إياه، وأعطيتنيه، والدرهم أعطيتكك إياه، وأعطيتكه ولم يذكر سيبويه في هذا إلا الاتصال، وحكى غيره الانفصال فقال السيرافي: لا يجيز سيبويه فيه الانفصال، وقال الأستاذ أبو علي: الانفصال أفصح، وتأول كلام
سيبويه، فإن كان من باب ظننت فنص سيبويه، على أن الانفصال الوجه نحو حسبتني إياه وحسبتك إياه، والاتصال قليل، ولا يجوز مع الاتصال إلا تقديم الأسبق نحو: يا غلام أعطانيك زيد، ولا يجوز أعطاكني زيد، فأما ما روى من قول عثمان رضي الله عنه:(أراهمني الباطل شيطانًا) فقال ابن مالك: كان قياسه أرانيهم وليس كما قال بل قياسه: أراهم إياي. وإن كان الذي يلي الفعل أبعد فمذاهب أحدها: مذهب سيبويه: وجوب الانفصال نحو: زيد ظننته إياك، والدرهم أعطيته إياك.
والثاني: مذهب طائفة من القدماء، وتبعهم المبرد: جواز الاتصال والانفصال، والانفصال أحسن.
والثالث مذهب الفراء: وجوب الانفصال إلا أن يكون ضمير مثنى أو ضمير ذكور فيجوزان، والانفصال أحسن نحو: الدرهمان أعطيتهماك، والغلمان أعطيتهموك، والزيدان ظننتهما كما، والزيدون ظننتهموكم.
والرابع مذهب الكسائي: وهو كمذهب الفراء، إلا أنه يجيز الاتصال إذا كان الأول ضمير جماعة المؤنث نحو: الدراهم أعطيتهنكن، والذي ورد به السماع مذهب سيبويه.
وإذا كان الضمير منصوبًا بمصدر مضاف إلى مضمر قبله هو فاعل، أو مفعول
أول، أو باسم فاعل مضاف إلى ضمير هو مفعول أول نحو: زيد عجبت من ضربيه، أو من ضربكه، والدرهم عجبت من إعطائكه زيد، والدرهم معطيكه زيد، فالاتصال عربي، والانفصال هو الكثير، ون تساويا في القرب أو البعد، فالانفصال نحو: هند زيد عجبت من ضربه إياها، ولا يجوز: من ضربهيها إلا ضرورة نحو:
............
…
لضغمهماها ........
أو في نادر، وأنضرهموها، وإن لم يكن فاعلاً، ولا مفعولاً أول والضمير ضمير رفع انفصل نحو: زيد عجبت من ضربك هو، وقد عقد بعض شيوخنا عقدا في المضمرات بحسب اتصالها وانفصالها فقال: المضمر المرفوع إن عمل فيه معنى انفصل، وذلك المبتدأ نحو: أنا زيد أو لفظ هو المبتدأ انفصل نحو: الفاضل أنت أو غيرهما فعلاً اتصل نحو: ضربت، أو فصل بإلا انفصل: ما قام إلا أنت أو كان في معناها انفصل في الشعر نحو:
........ إنما
…
يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
وإذا اتصل، والفعل ماض برز إلا المفرد الغائب مذكرًا: أو مؤنثًا نحو: زيد ضرب هند ضربت، أو أمر برز في غير مذكر اضربي اضربا اضربوا اضربن، أو مضارع لمتكلم استتر: أقوم نضرب، أو لمخاطب فكذا لمفرد مذكر: يضرب أو صفة لمن هي له استتر: هند زيد ضاربها، أو لغيرها برز في الأعرف: هند زيد ضاربته هي، أو اسم فعل استتر نحو: نزال، أو مصدر نائب مناب الفعل استتر نحو: ضربًا زيدا، أو مناب أن والفعل انفصل نحو: زيد عجبت من ضربه أنت، والوجه خفضه: زيد عجبت من ضربك إياه، أو حرف انفصل: ما أنت منطلقًا، والمنصوب إن نصب بفعل وهو كان فالمختار الانفصال، أو ظن وهو الأول اتصل والثاني: كمنصوب كان، أو غيرها متعديًا إلى واحد اتصل أو إلى اثنين، وهو أول، فكذلك أو ثان، والأول محذوف فكذلك، أو مذكور واجتمعا وقدمت ماله الرتبة اتصل لا غير نحو: أعطيتكه، أوما رتبته التأخير انفصل لا غير نحو: أعطيته إياك، فإن كانا في درجة واحدة فالاختيار انفصال الثاني نحو: قوله تعالى: [وعدها إياه] ويجوز:
أعطاهوها، وهو عربي، وليس وجه الكلام، أو اسم فاعل تعدى إلى اثنين جرى مجرى الفعل، أو لواحد نحو: الضاربك، والضاربوك ففيه الخلاف، ويجرى مجرى حسن الوجه جميله، والحسن الوجه الجميله، أو مصدرًا على من قال: ضربًا زيدًا اتصل فتقول: ضربه ويسقط التنوين لمكان المتصل كما في ضاربك، ويظهر لي أن خلاف الأخفش في الموضعين واحد، فالهاء في موضع نصب، كما قال: في الضاربه، وسيبويه يقول: في موضع خف، أو اسم فعل اتصل: عليكه ورويده، وعليكنى، ومن العرب من يقول: عليكنى وعليك إياي، قاله سيبويه، أو حرف وهو (إن) اتصل نحو: إنك فاضل أو (ما) انفصل نحو: ما زيد إياك، وما كان واجب الاتصال نحو: أكرمك، أو جائزه نحو: زيد ظننتك إياه وإذا تقدم وجب انفصاله نحو: إياك أكرم، وزيد إياه ظننتك.
وعقد بعض أصحابنا أيضًا عقدًا في ذلك فقال: إذا تقدم العامل أو فصل بينهما بحرف عطف أو إلا أو ما في معناها على الخلاف انفصل؛ فإن كان غير ما ذكر والعامل حرف لم يتصل إلا في إن وأخواتها أو اسم مصدر منون أو غير منون مضاف لظاهر، أو لمضمر مثله انفصل، وقد يتصل. والمضمر الغائب إن اختلفا أو أقرب منه انفصل، أو أبعد جاز الاتصال والانفصال أحسن وأفصح، واسم الفاعل واسم المفعول كذلك، أو اسم فعل نحو رويد، فالاتصال عند سيبويه لا غير، وأجاز غيره الانفصال أو ظرف أو مجرور فهما، أو فعل متعد إلى واحد اتصل، أو إلى اثنين من باب أعطى، وهما غائبان من جنس واحد، فالانفصال أحسن، وأنكر الكوفيون الاتصال وزعموا أن البصريين قاسوه نحو: أعطيتهوه، وهو مسموع عن
العرب، أو متكلمان أو مخاطبان انفصل المتأخر منهما، أو مختلفان، وتقدم الأقرب، فسيبويه لم يذكر إلا الاتصال وذكر غيره الانفصال، ولا يجيز سيبويه أعطيتهوك، وحكى سيبويه: عن طائفة جوازه، وزعم المبرد أن الصواب مذهبهم، وأجازه الكوفيون في التثنية والجمع فقالوا: أعطيهما كما، وأعطيتهموكم، وأجاز الكسائي: أعطيتهن كن، ومنع الفراء الاتصال.
فإن كان ناسخًا نحو: (كان) فالانفصال أحسن خلافًا لابن الطراوة، أو ظننت فكأعطيت إلا إن اختلفا وتقدم الأقرب، فيختار فيه الانفصال، أو أعلم والكل ضمائر، فحكم الأول والثاني حكم باب أعطيت، وبعض مضمر، وبعض ظاهر، والمضمر واحد وصلته أو اثنان أول وثان أو ثالث، فكأعطيت، أو ثان وثالث فكأعطيت انتهى ما ذكره في هذا العقد.
وأما ثاني مفعولي أعطيت في باب الإخبار إذا أخبرت به، فالانفصال خلافًا للمازني، إذ يختار الاتصال فتقول على رأيه: الذي أعطيته زيدًا الدرهم، وعلى الانفصال الذي أعطيت زيدًا إياه الدرهم، وإذا حصر الضمير بإنما نحو: إنما قام أنا فانفصاله عند سيبويه ضرورة، وعند الزجاج ليس بضرورة، وقال ابن مالك، يتعين انفصاله، وزعم ابن مالك: أن اتصال الضمير إذا وقع خبرًا لكان،
وأخواتها نحو: الصديق كنته أو كنته هو الكثير، وهو خلاف ما نص عليه سيبويه عن العرب أن الاتصال قليل، وأن انفصاله هو الكثير، فتقول: الصديق كنت إياه، وهو ظاهر إطلاقهم أن ذلك جار في أخواتها فتقول: الصديق أصبحت إياه، أو أصبحته وقال محمد بن مسعود الغزني، خبر كان خاصة إذا كان ضميرًا كاسمه جاز اتصاله نحو: فإن لا تكنها أو تكنه، وذلك؛ لأن كان أكثر استعمالاً من أخواتها انتهى.
فعلى هذا يجوز كنته، ولا يجوز أصبحته، ولا أمسيته وقال صاحب المستوفى: وهو أبو سعيد الفرخان خبر كان شديد الشبه بالحال إلا أنه قد يجيء معرفة في نحو قوله:
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه
…
...........
وليس يشركها في هذا الحكم غيرها من أخواتها انتهى، ويعني أن يكون ضميرًا متصلاً.