المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النكرة والمعرفة - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب النكرة والمعرفة

‌باب النكرة والمعرفة

النكرة: الاسم الموضوع على أن يكون شائعًا في جنسه، إن اتفق أن يوجد له جنس، وأنكر النكرات شيء، ثم متحير ثم جسم، ثم نام، ثم حيوان، ثم ماش، ثم ذي رجلين، ثم إنسان، ثم رجل، فهذه تسعة لكل منها مقابلة، والنكرة هي الأولى، والمعرفة طارئة عليها، هذا مذهب سيبويه وقال الكوفيون، وابن الطراوة: من الأسماء ما لزم التعريف كالمضمرات، وما التعريف فيه قبل التنكير نحو: مررت بزيد وزيد آخر، وما التنكير فيه قبل التعريف، وهذا التقسيم عندهم قالوا: يبطل مذهب سيبويه.

والمعرفة الاسم الموضوع على أن يخص واحدًا من جنسه، وزعم ابن مالك أنه لا يمكن حد المعرفة قال: لأن منها ما هو معرفة معنى نكرة لفظًا نحو: كان ذلك عام أول وعكسه نحو: أسامة، وما فيه الوجهان كواحد أمه، وذي (أل) الجنسية، ورددنا ذلك عليه في الشرح، ولا تركيب في النكرات إلا ما شذ من قولهم: بيت بيت، وكفة كفة، أو كان التنكير فيه نائبًا عن التعريف نحو: مررت بمعدى كرب، ومعدى كرب آخر. ويوجد التركيب في النكرات، إلا ما شذ من قولهم كثيرًا في لغة بعض العجم كلغة الترك، وتتفاوت المعرفة في المراتب خلافًا لأبي محمد بن

ص: 907

حزم؛ إذ ذهب إلى أنها لا تتفاوت، وكلها مستوية، والتفريع على مذهب الجمهور، فقيل: المضمر أعرف، وهو مذهب سيبويه، ويليه على قول هؤلاء العلم، ثم المبهم، ثم ذو (أل)، والمضاف في رتبة ما أضيف إليه إن كانت الإضافة محضة إلا المضاف إلى المضمر؛ إذ زعم أن المضاف إلى واحد منها هو دون ما أضيف إليه في التعريف، وقيل: أعرفها العلم، ونسب إلى سيبويه وإلى الكوفيين وهو قول الصيمري، وقيل: أعرفها اسم الإشارة وينسب إلى ابن السراج، وقيل: أعرفها المعرف بأل، ولم يذهب أحد إلى أن المضاف أعرف المعارف، وقيل أعرفها العلم ثم المضمر ذو الأداة، ثم اسم الإشارة، ومذهب سيبويه: أن العلم أعرف من المبهم، ومذهب الفراء: أن المبهم أعرف من العلم، وبه قال جماعة منهم ابن السراج، وابن كيسان، وهو مذهب المنطقيين.

والمعارف: في المشهور خمسة، وزاد بعضهم المنادى، والموصول وهو اختيار ابن مالك، فأما المنادى فما كان نكرة غير مقبل عليه، فلا خلاف أنه نكرة، وإنما الخلاف في العلم، والنكرة المقبل عليها، فقيل النداء يعرف النكرة المقبل عليها،

ص: 908

والعلم بعد زوال تعريف العلمية، والذي صححه أصحابنا: أن العلم في النداء باق على تعريف العلمية، وأن النكرة المقبل عليها تعرفت (بأل) المحذوفة منها النائب حرف النداء منابها، وأما الموصول فذهب الفارسي إلى أنه تعريف بالعهد الذي في الصلة، ومذهب الأخفش أنه تعرف (بأل)، وما ليس فيه (أل) فهو في معنى ما فيه (أل) وأما (أيهم) فتعرف بالإضافة، و (من) و (ما) المستفهم بهما نكرتان خلافًا لابن كيسان؛ إذ ذهب إلى أنهما معرفتان، وضمير النكرة معرفة خلافًا لمن قال: إنه نكرة، وأما ذو (أل) والموصول فقيل: هما في رتبة واحدة في التعريف، وقيل ذو (أل) أعرف من الموصول، وقيل الموصول أعرف منه، وقال أصحابنا: أعرف المضمرات المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب، وأعرف الأعلام أسماء الأماكن ثم أسماء الأناسي، ثم أسماء الأجناس، وأعرف المشار إليه ما كان للقريب ثم للوسط، وأعرف ذي (أل) ما كانت فيه للحضور، ثم للعهد في شخص ثم للعهد في جنس.

وأسماء الأجناس لا يعرف تعريفها من تنكيرها إلا بالاستقراء. مما هو معرفة ابن آوى، وابن قترة، ومما هو نكرة ابن لبون، وابن مخاض، ومما هو معرفة

ص: 909

ونكرة ابن عرس، وابن أوبر في مذهب سيبويه خلافًا للمبرد، في ابن أوبر؛ إذ زعم أنه نكرة فقط، وقال ابن مالك في التسهيل: وأعرفها ضمير المتكلم ثم ضمير المخاطب ثم العلم، ثم ضمير الغائب السالم عن إبهام ثم المشار به، والمنادى ثم الموصول، وذو الأداة، ولا نعلم أحدًا، فصل في المضمر فجعل العلم أعرف من ضمير الغائب إلا ابن مالك، والذي اختاره أن المعارف خمس أعرفها العلم الشخصي ثم المضمر ثم المبهم ثم ذو (أل)، وأن المضمر، والمبهم وذو (أل) كليات جزئيات حالة الاستعمال، ألا ترى أن كل متكلم يقول: أنا، وكل مخاطب يقال له: أنت، وكل غائب يقال له: هو، وكذا أسماء الإشارة يشار بهذا لكل قريب، ويهذي لكل قريبة، وكذا الباقي.

ص: 910