المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: العلم العاقل - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌فصل: العلم العاقل

‌فصل: العلم العاقل

العلم العاقل إن تيقن نفي الاشتراك فيه لم يحك، فمن قال: جاء الفرزدق، لا يقال له من الفرزدق؟ لانتفاء الاشتراك فيه وإن لم يتيقن؛ فتميم لا تحكى، بل ترفع (من) بالابتداء، وما بعده الخبر أكان ما قبله في كلام المخاطب مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا تقول لمن قال: قام زيد: من زيد؟، ولمن قال: رأيت زيدًا، من زيد؟ ولمن قال مررت بزيد: من زيد؟

وأهل الحجاز منهم من يوافق بني تميم، ومنهم من يحكى بعد (من) حركة الاسم في كلام المخاطب فيقول في من قال: قام زيد: من زيد؟ ولمن قال: رأيت زيدًا: من زيدًا؟ وفي مررت بزيد: من زيد؟

ومذهب الجمهور أن (من) مبتدأ، وزيد خبره كانت حركته ضمة أو فتحة أو كسرة

واختلفوا في حالة الرفع؛ فقيل: الحركة في من زيد؟ حركة إعراب وقيل حركة حكاية وهو الصحيح.

وذهب الفارسي إلى أنك إذا قلت: من زيدًا، ومن زيد كانت من مرفوعة بالابتداء، وخبره جملة محذوفة، و (زيدًا) بعض تلك الجملة، والتقدير عنده:(من) ذكرته زيدًا، ولم يفصح بإعراب زيد، والظاهر أنه يريد أنه بدل من الضمير المنصوب الذي قدره في الجملة؛ إذ قدر (من) ذكرته زيدًا، وكذا في الجر: من مررت به زيد، غلا أن زيدًا لا يكون بعض تلك الجملة إلا إذا قدر أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، لا أنه على تكرار العامل، أو يتجوز في

ص: 687

جعله بعضًا؛ إن كان العامل هو المكرر، وذهب كثير من الكوفيين إلى أن (من) محمولة على عامل مضمر يدل عليه العامل في الاسم المستفهم عنه، والواقع بعد (من) بدل منها فالتقدير: قام (من) وزيد بدل منه، وضربت (من) وزيدًا بدل منه، وبمن مررت وزيد بدل منه؛ فيقدر العامل قبل من في الحكاية على حد قول العرب: ضرب من منا.

ونقل عن الكوفيين طريقة أخرى زعموا: أن لا حكاية أصلاً فإذا قيل: رأيت زيدًا فقلت: من زيدا، فالأصل زيدًا من؟ لأن السؤال عن صفته أي رأيت زيدًا من، كما قلت المني حين قال: رأيت زيدًا القرشي، وكذلك من زيدًا، وكذلك من زيد؛ أي مررت بزيد من، وكذلك من زيد لمن قال: جاءني زيد، أي: جاءك زيد من؛ فالاسم محمول على فعل في كلام المستثبت من لفظ المخبر المتقدم، وزعموا أن العرب تقول: من زيدًا أبا القاسم وخرجوه على ما خرجوا عليه من زيدًا من أنهم حكوا الأول، لكن هو معرب على حسب العامل؛ كما قدمنا فقالوا: الأصل أبا القاسم زيدًا من كما سمع رأيت أبا القاسم، وقال أبو إسحاق: إذا قلت من زيدًا فإنما تريد من الذي تقول في خبره رأيت زيدًا

انتهى.

فإذا دخل حرف العطف على (من)، وحكيت اثنين أو أكثر مما يحكى على حدته، وكررت (من) جازت الحكاية فتقول لمن قال: ضربت زيدًا وعمرًا: من زيدًا ومن عمرًا، ولا يبطل دخول الواو على (من) الحكاية، فإن لم

ص: 688

تعطف على (من) وأدخلت عليها حرف العطف بطلت الحكاية فتقول: ومن زيد لمن قال: قام زيد، وضربت زيدًا، ومررت بزيد.

ص: 689