المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما لا ينصرف - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب ما لا ينصرف

‌باب ما لا ينصرف

وهو المعرب الذي لا يوجد فيه تنوين، ولا جر إلا إذا أضيف، أو دخلت عليه (أل)، فيجر، فألف التأنيث تمنع الصرف مقصورة، كان الاسم مفردًا، أو جمعًا، مصدرًا، أو صفة، أو علمًا نحو: بهمى، وسكارى، وذكرى، وذفرى، ومنى، وسلمى، وممدودة مفردًا أو جمعًا نحو: حمراء، وشعراء، ولو سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا أختيك، امتنع الصرف، أو من: رأيت كلتى المرأتين أو من كلتيهما صرفت، وكذا حبلى المرخم من حبلوى مسمى به.

وما وازن مفاعل أو مفاعيل في الحركات والسكنات، وهو الجمع المتناهي. ويقال: الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، ولو سمى به منع الصرف نحو: دراهم،

ص: 852

ودنانير، ودواب. وفي حواشي مبرمان: النحويون إذا سموا رجلاً بمساجد، لم يصرفوه معرفة ولا نكرة إلا الأخفش إذا سمى به رجلاً صرفه. قال: أبو إسحاق وهو القياس وكان الأخفش يقول: إنما منعه من الصرف: أنه مثال لا يقع عليه الواحد، فلما نقلته، وسميت به خرج من ذلك المانع، وعن الأخفش أيضًا لم أصرفه للمعرفة، والبناء، فإذا نكرته صرفته، انتهى.

فإن ماثل وهو اسم جنس نحو: عبال، وحمار، الواحد: عبالة، وحمارة صرفت، وإن جعلت حمارًا جمع تكسير، منعته الصرف، وكان تقديره: بحمارر، وإلى اشتراط حركة ما بعد الألف لفظًا أو تقديرًا، ذهب سيبويه والجمهور. وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك، فأجاز في تكسير هبى أن تقول: هباى بالإدغام. قال: وأصل الياء الأولى عندي السكون، ولولا ذلك لأظهرتها، انتهى.

فلو عرضت الكسرة بعد الألف نحو: التواني، أو لحق ياء النسب نحو:

ص: 853

مدائني، والألف المعوضة من إحدى يائي النسب تحقيقًا نحو: يمان، أو تقديرًا نحو: ثمان وتهام، أو دخلته التاء نحو: صياقلة، صرف، قال الأخفش: العرب تصرف أقاتيًا جمع إقاتية قال: ولو سميت رجلاً: علانى، فإن كانت الياء ياء النسب صرفت في المعرفة والنكرة، وفي ثمان منع الصرف، وجاء مصروفًا في الشعر، وقيل هما لغتان، وقال ابن سيده: إن سميت رجلاً بثمان، لم تصرفه لأنه اسم مؤنث كثلاث وعناق إذا سميت بهما، قال الفراء: هو مصروف لأنه جمع، انتهى.

ص: 854

وفي حواشي مبرمان قال المبرد: إذا سميت رجلاً بثماني لم أصرفه إلا إذا كان من قولك: ثماني نسوة، وإن سميت بكراهية منزوعة الهاء صرفته؛ لأنه مذكر، فالتاء في كراهية تاء النسب، والألف عوض، انتهى.

والمشهور في سراويل منع الصرف في النكرة والمعرفة، ونقل الأخفش: أن بعض العرب يصرفه في النكرة إذا جعله اسمًا مفردًا، وذكر الأخفش أنه سمع من العرب سروالة وقال أبو حاتم: من العرب من يقول سروال.

والعدل صرف لفظ أولى بالمسمى إلى آخر، فيمنع مع الصفة نحو: مثنى، وثلاث هذا مذهب سيبويه والخليل، وذهب الأعلم: إلى أنه لا تدخله التاء، فضارع أحمر، فلم ينصرف فهو معدول عن أصله، وأنكر أن يكون الوصف واحدًا مبهمًا، وذهب الزمخشري: على أنه امتنع؛ لأنه عدل في اللفظ، وعدل عدل التنكير، وذهب الفراء: إلى أنه امتنع للعدل، والتعريف بنية (أل)، فأما (جمع) وأخواته، فامتنع للعدل، وشبه الصفة أو شبه العلمية، ويأتي الكلام في أخر وسحر.

ص: 855

والصفة وشبه الزيادتين بألفي التأنيث قاله سيبويه في باب ما لا ينصرف على وزن فعلان ذي (فعلى) فيمتنع خلافًا للمبرد في زعمه أنه امتنع، لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث، فالقولان عن أبي علي. وذهب الكوفيون إلى أنه لا يلحظ الشبه بألفي التأنيث، بل كونهما زائدتين لا تحلقهما الهاء. وزعم الأعلم أن سكران مشبه بأحمر من حيث إنه صفة مثله مؤنثة بألف التأنيث، لا بالهاء، فأما ما دخلته التاء نحو: ندمان وندمانة فالصرف، فأما لحيان، ورحمان، فالصحيح الصرف، وبنو أسد يؤنثون باب سكران بالهاء فيقولون: سكرانة فيصرفون مذكره فيقولون: سكران بالتنوين، ويجرونه بالكسرة، ولا تنزل النون الأصلية بعد ألف زائدة منزلة النون الزائدة نحو: بيان، وسنان، فيمنع من الصرف خلافًا للفراء، ولو أبدلت النون الزائدة لامًا بعد ألف زائدة، تنزلت اللام منزلة النون، فامتنع الاسم من الصرف نحو: أصيلال مسمى به، قاله الأخفش وأجراه في منع الصرف مجرى هاء هراق المبدلة من الهمزة، وأصله أصيلان

ص: 856

تصغير آصال جمع أصيل قال البكري: تصغير أصيل أصيلال، وأصيلان وقال ابن جني: ليس واحد منهما تصغير أصيل، وقال الفارسي: أصيلال مفرد يجمع ولذلك ساغ تحقيره ولو أبدلت النون من همزة أصلية صرفت نحو: حنان أصله حناء.

ووزن الفعل الغالب، والمختص بالفعل بشروطه يمنع الصرف، هذا مذهب سيبويه، والخليل، والجمهور والغالب هو ما أوله زيادة من حروف نأيت، وهو منقول من فعل نحو: يشكر، وغير منقول من فعل: نحو أفكل، ويرمع؛ فإن كان الوزن مشتركًا، ونقل من فعل صرف نحو: ضرب مسمى به خلافًا لعيسى ابن عمر، والفراء، وإن كان الوزن غير لازم نحو: امرئ وابنم متبعًا ما قبل الأول للآخر انصرف فإن التزم الفتح في الراء، والنون امتنع مسمى بهما.

فإن اعتل شيء من الفعل، واعتلاله يغيره عن وزنه الأصلي لعلة لازمة، ولم يخرج إلى مثال من أمثلة الأسماء نحو: يزيد امتنع مسمى به، أو بغير علة

ص: 857

لازمة، ولحقه التغيير قبل التسمية نحو: أنظور، وينباع، انصرف عند الفارسي وامتنع عند الأستاذ أبي علي، أو بعد التسمية فقياس قول سيبويه في صرف: ضرب إذا خفف بعد التسمية الصرف، وقياس قول الأخفش في ترك صرف يعفر المنع، وفي حواشي مبرمان: سيبويه يقول: إذا سميت رجلاً بضرب ثم سكنت صرف؛ لأنه خرج إلى مثال الأسماء. والمبرد يقول لا أصرفه؛ لأن فيه نية الحركة، وليس هذا عنده مثل: رد وقيل لأنه لا يجوز فيهما ردد، ولا قول وأنت إذا قلت في ضرب: ضرب، جاز أن ترد الكسرة، انتهى.

والصحيح صرف أنظور وينباع ويعفر، وإن خرج والاعتلال غير لازم، ولحق قبل التسمية، والخروج على بناء يكثر وجوه انصرف كتسميتك بعصر، أو إلى بناء نادر نحو: انطلق مسمى إذ صار إلى وزن انقحل، ففي منع صرفه، خلاف، وجوز ابن خروف الوجهين، أو بعد التسمية، فإن كان الاعتلال لازمًا نحو: رد وقيل في لغة من لم يشم وسمى به انصرف، ولو سميت: بقم وبع، رددت الواو والياء فقلت: قوم وبيع وصرفت، أو في لغة من أشم فحكى الأخفش فيه خلافًا، وإلى زوال الإشمام منه وصرفه، ذهب الفارسي، وابن جني.

ص: 858

والغالب في أفعل يمنع مع الوصفية الأصلية، وعدم قبول مؤنثه تاء التأنيث نحو: أحمر؛ فإن عرض فيه الوصفية نحو: مررت برجل أرنب (أي) ذليل، ونسوة أربع، وبرجل أرمل، انصرف؛ لأن مؤنثه أرملة، خلافًا للأخفش في أرمل بمعنى فقير، فإنه يمنعه الصرف لجريه مجرى أحمر، لأنه صفة، على وزن أفعل، وأما قولهم: عام أرمل، فغير مصروف، لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء فصار كأحمر حمراء، وزعم ابن الطراوة أن أحمر منعه من الصرف كون التنوين معدومًا في أصله إذ كان وصفًا لا ينون فرقًا بين ما يعمل من الصفات وما لا يعمل.

وأفعل الممنوع الصرف قد يكون له مؤنث من لفظه نحو: أحمر حمراء ومن معناه نحو: آلى، وعجزاء في المشهور، ومالا مؤنث له لعدم المعنى فيه نحو: آدر وأكمر.

وأما (أفعل من) فامتنع عند البصريين لوزن الفعل، والوصف، وعند

ص: 859

الكوفيين للزوم (من)، واختلف العرب في (أجدل وأخيل وأفعى)، فجعلها أكثرهم أسماء فصرفها كأفكل وأيدع، ولوحظ فيها معنى الصفة في بعض اللغات فمنعت، لوحظ في أجدل معنى شديد، وفي أخيل معنى الخيلان، وفي أفعى معنى خبيث.

ووزن أفعى: أفعل ولامه واو كقولهم: أفعوان، وهمزته زائدة لقولهم: مفعاة، وزعم ابن جني: أنها مشتقة من: فوعة السم (وهي حرارته) أصله أفوع ثم قلبت، وزعم الفارسي: أن ألفه منقلبة عن ياء، وهو مشتق من يافع فقلب، إذ كان أصله أيفع.

وأما أبطح وأبرق وأجرع وإن استعملت استعمال الأسماء فلوحظ فيها معنى الوصف، فمنعت الصرف وهو أولى، ولذلك جاء تأنيثها بطحاء، وبرقاء، وجرعاء، ولوحظ كونها استعملت أسماء فصرفت، وأما أدهم للقيد، وأسود للحية، وأرقم (لحية فيها نقط كالرقم) فذكر سيبويه: أن كل العرب لا تصرفها كما لم تصرف أبطح، وأبرق، وأجرع، وأن العرب لم تختلف في منع هذه الستة من الصرف، وقال الكسائي (العرب تصرف مثل أسود سالخ) وصرح ابن جني بأن هذه الأسماء كلها تصرف واضطرب قول أبي علي في هذه الصفات التي جمعت جموع الأسماء هل تتحمل ضمائر فمرة قال: تتحملها، ومرة قال: لا تتحملها، وقال ثعلب: وتقول: أسود سالخ ولا تضيف، والأنثى أسودة، وأنكر

ص: 860

ابن درستويه: أسودة، وأنكره اللحياني أيضًا وقال: هذا من قبل الكوفيين، وكان العرب تصرف (أسود سالخ) ونحوه فيما حكى الكسائي، ولذلك أنثوه: أسودة، وحكى بعض اللغويين أسودات كثيرة أي حيات، فجمع أسودة. وذهب ابن الطراوة إلى أن أدهم وأسود وأخيل صفات، فمنعها الصرف وأن أجدل اسم ينصرف، ورد على سيبويه في جعله صفة مع أنه يمنع أفعى من الصرف، وفي الترشيح: قولهم للقيد أدهم وللحية: أسود وأرقم الأقيس ألا تصرف لأنها صفات عند ابن النحاس، وقوله: هذا يؤدي إلى ترك الصرف لغة فيها، وسيبويه يزعم أن العرب لم تختلف في ترك صرفها لأنها صفات انتهى.

والغالب أيضًا يمنع مع العلمية نحو: أحمد خلافًا لابن الطراوة؛ إذ زعم أنه منعه من التنوين كونه معدومًا في أصله؛ إذ أصله الفعل، وزعم أن العرب لا يحفظ من كلامهم منع صرف أفكل سمى به، ومن الغالب يرمع، ويعمل، ويفعل نحو: تولب، وتفعل نحو: تنضب: وتفعل نحو: ترتب وتدرأ فكل هذه إذا سمي بها منعت الصرف للعلمية ووزن الفعل الغالب.

وما أوله همزة أو ما بعدها ثلاثة أصول فالحكم عليها بالزيادة، إلا إن قام دليل على الأصالة كهمزة أولق في أحد القولين، أو كان مفكوكًا لم يشذ في فكه

ص: 861

نحو: أيقق، وأكلل، فيحكم عليه بالأصالة، فإذا سمينا بأولق وأيصر وأرطى في لغة من قال: مأروط وأكلل وأيقق صرفنا، ولو سمينا بإثمد، وإصبع، وأبلم منعناها الصرف، وهذه الأوزان في الفعل لا تكون الهمزة فيها إلا همزة وصل، ولا يؤثر ذلك في منع الصرف وعروض سكون تخفيف مثل لازمه نحو: ضرب مسمى به ثم خفف فيمنعه في مذهب المبرد، والمازني، وابن السراج، والسيرافي، ومذهب سيبويه: صرفه، وأما يعفر بفتح الياء يمنع الصرف وبضمها يمنع عند الأخفش، وقاله أبو زيد: سماعًا عن العرب، ويصرف عند غير الأخفش.

وأما ألبب، فمذهب سيبويه منع صرفه مسمى به، ومذهب الأخفش: صرفه، وعروض البدل في همزة أفعل لا يؤثر نحو: هراق في أراق فيمنع الصرف مسمى به للعلمية ووزن الفعل، وإن سميت رجلاً بأجمع وأكتع لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة هذا قول سيبويه، وإنما خالف عنده أحمر، لأن

ص: 862

أحمر وصف به وهو نكرة، وأجمع وأكتع لم يوصف به إلا وهو معرفة قاله خطاب وتسمح في قوله لم يوصف به إلا وهو معرفة.

والمختص يمنع من العلمية نحو: ضرب وضورب، وجميع الأوزان المختصة بالأفعال، ومن ذلك ضرب ولا يلتفت إلى ما جاء على فعل نحو: دئل ورئم، ولا إلى فعل؛ إذا ما جاء منه علمًا يمكن أن يكون منقولاً من الفعل فمما جاء من ذلك: خضم اسم لرجل ولموضع: بذر، وبير، وعثر واد بالعقيق، وبطح اسم مكان وخرد اسم فرس، وقتل موضع، وسنم اسم فرس، وكلها منعتها العرب الصرف، وأما بقم فأثبته أبو الحسن: في مفردات الأسماء، ووزنه فعل وصرف به ما جاء على هذا المثال مسمى به، وإن كان قليلاً حكاه عنه الهروى. وأما في كتابه الأوسط، فلم يصرف. وما كان من الفعل لا يوافق الاسم في الأصل، والزائد لكنه يوافقه في الحركة والسكون نحو: فعنل لا يوجد في الأسماء نحو: قلنس، فهل يحكم عليه بحكم فعلل إذا سمى به فيصرف أو يجعل خاصًا بالفعل، فيمنع من الصرف، كما يمنع الخاص فيه نظر.

ص: 863

الألف والنون الزائدتان في آخر الاسم على فعلان أو غيره من الأوزان يمنع الصرف مع العلمية، وتقدم الشرط في زيادة النون بعد الألف الزائدة والخلاف في ذلك، ولو سميت برمان فمذهب الخليل وسيبويه منع صرفه؛ لاعتقادهما زيادة النون، ومذهب الأخفش صرفه؛ لاعتقاده أصالة النون، وحسان، وشيطان ودهقان ينبني على أصالة النون فيصرف، أو زيادتها، فيمنع مسمى به، وقد منعت العرب شيطان، وإنسان اسمى قبيلتين، وتقدم زيادة الألف والنون في الوصف.

والألف للإلحاق المقصورة نحو: أرطى في لغة مأروط يمنع [مع العلمية، ولا تمنع الممدودة نحو: علباء وحرباء مسمى بها والمركب تركيب المزج يمنع]

ص: 864

مع العلمية نحو: معد يكرب، وآخر الاسم الأول مفتوح إلا إن كان ياء نحو: معدى كرب، وقالى قلا، أو نونًا نحو: باذنجانية فإنه يسكن، ولو ركبت مسلمات مع زيد لحركت التاء بالكسرة فقلت: هذا مسلمات زيد: كما لو ركبت مسلمة مع زيد لقلت: هذا مسلمة زيد. ولا يتحتم في تركيب المزج منع الصرف بل تجوز فيه الإضافة وهي مسموعة في بعلبك، ومعدى كرب، وحضرموت، والقياس سائغ، ولم يحفظ الأخفش الإضافة في (قالى قلا). وفي البسط: وقال الأخفش: «ومن العرب من يضيف هذا كله» وزعم السيرافي أنك إذا أضفت في قالى قلا، وجعلت (قلا) اسم موضع نؤنته قال:«والأكثر ترك التنوين» والمعتل آخر أولهما كمعدى كرب، فالأكثر فيه حالة الإضافة إذا نصب أن تقدر الحركة في الياء فتسكن، وقيل يجوز فتحها على الأصل، وقيل: تفتح في النصب، وتسكن في الرفع والجر، والجزء الثاني له ماله لو كان مفردًا ينصرف نحو: حضرموت ويمنع مثل: رام هرمز، ومعدى كرب، في حالة الإضافة ممنوع الصرف عند سيبويه

ص: 865

والفارسي، وحكى عن بعض العرب صرفه، وقياسه: معدى فتح الدال كمعزى.

وفي بناء المركب تركيب المزج خلاف فليس يطرد عند عامة البصريين والكوفيين، والصحيح جوازه، فيصير فيه ثلاثة مذاهب للعرب: منعه الصرف، وإعرابه إعراب المتضايفين، وبناؤه، وما ركب من العدد كخمسة عشر إذا سميت به، فلك أن تقره على حاله، وأن تعربه إعراب المتضايفين، وإعراب مالا ينصرف.

وما ركب ولم ينصرف بأن لزم حالة واحدة كالنصب على الحال نحو: شغر بغر، أو على الظرف ولم يلزم فيه التركيب، بأن ركب بعض وأضيف بعض وإذا سميت بشيء منها، أضيف الأول إلى الثاني ولم يبق على تركيبه فتقول: جاءني شغر بغر وبيت بيت، وصباح مساء، ورأيت شغر بغر، وصباح مساء، وبيت بيت، ومررت بشغر بغر وبيت بيت وصباح مساء، هذا رأي سيبويه، وقيل: يجوز فيه التركيب والبناء.

وإذا كان المركب أعجميًا نحو: فناخسرو فقيل: يجوز فيه أوجه بعلبك، وإذا أضيف فخسر منصرف، وترك اللفظ على استعمال العجم هو الوجه عند سيبويه

ص: 866

إلى أن يستعمل تغييره في لسان العرب، فيتبع في ذلك: وقول الجرمي: في شطرنج ينبغي أن يكسر أوله فيكون كجردحل وفي سوسن أن تفتح سينه مثل: كوكب خطأ وجهل لما اعتمد عليه سيبويه. وخسرو: منهم من أنشده في شعر المتنبي بالواو، وكذا أبو مروان بن حبان، وضبطه الزبيدي بالهاء ساكنة بلا (واو) فقال: خسره.

وما ركب من اسم وصوت: نحو سيبويه، وعمرويه فمذهب الجمهور: أنه يبقى على حاله مبنيًا، وذهب بعضهم إلى أنه يجوز فيه منع الصرف وقال أبو إسحاق: إذا سميت رجلاً بعاقلة لبيبة قلت: عاقلة لبيبة على حضرموت، وعاقلة لبيبة على حضرموت، وإن شئت أن تحكي النكرة نونت وصرفت، التقدير: إذا قلت هذا عاقلة لبيبة: هذا الذي يقال في اسمه: عاقلة لبيبة، فإذا قلت رأيت عاقلة لبيبة فالتقدير: رأيت الذي يقال في اسمه: عاقلة لبيبة وكذا إذا سميت بعاقلة وحدها لك فيه وجهان: إن شئت جعلته بمنزلته مرة معرفة فلم تصرف وإذا شئت حكيت حال النكرة، فصرفت ونؤنت، وإذا قلت هذا عاقلة أي هذا الذي يقال في اسمه عاقلة، ولا يدخل عليك أن نقول لك أضمرت بعض الصلة؛ لأنك إذا

ص: 867

أضمرت الذي بصلته كاملة وهذا تفسير حكاية قوله، وإن أردت حكاية النكرة جاز انتهى من حواشي أبي بكر مبرمان.

العدل: يمنع مع العملية في نحو: عمر وهو معدول عن عامر، العلم المنقول من الصفة، ونحو ثعل معدول عن أثعل، فإن ورد فعل مصروفًا، وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو أدد، ولا يحفظ له أصل في النكرات، وهو عند سيبويه مشتق من الود، فهمزته بدل من الواو، وعند غيره من الإد، وهو العظيم، ومن الغريب أن في (فعل) علم جنس لا علم شخص قالوا: جاء بعلق وفلق بغير (أل) ولا يصرف.

فأما جمع، وكتع، وبصع، وبتع، فيمنع من الصرف للعدل وشبه العلمية، فعدلها عن فعل، أو فعالى، أو فعلاوات أقوال: الأول للأخفش، والسيرافي، واختلف في تعريف أجمع وبابه مما هو في التوكيد غير مضاف إلى ضمير، فقيل: تعريفه بالعملية وإلى نحو منه ذهب أبو سليمان السعدي قال:

ص: 868

تنزلت منزلة أسماء الأعلام المشتقة حال العلمية كغطفان وسعاد، وقيل تعريفهما بنية الإضافة، وهو اختيار السهيلي، وابن عصفور.

وإن سميت رجلاً بجمع، وكتع انصرف في المعرفة والنكرة في قول الأخفش لأنه إنما عدل وهو توكيد، فلما نقل عن موضعه خف وانصرف، وسيبويه لا يصرفه في المعرفة؛ لأنه فيها عدل ويصرفه في النكرة؛ لأنه رده إلى حال؛ لم يكن فيها معدولاً قاله في الترشيح. وتجويز ابن مالك أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له سلفًا.

أما (سحر) من يوم بعينه، فظرف لا ينصرف، ولا يدخله تنوين، وقال الجمهور: معرب، وقال صدر الأفاضل: هو منبى وقيل: لا ينصرف للعدل عن (أل)، والعلمية، ويقتضيه كلام ابن مالك، وقيل للعدل وشبه العلمية، وهو اختيار ابن عصفور، وقال السهيلي: هو على نية الإضافة؛

ص: 869

وذكر الشلوبين الصغير أنه على نية (أل)، فعلى هذين القولين ليس من باب ما لا ينصرف.

وغذا سميت بزفر ما لا يعقل امتنع صرفه، وإذا سميت بسحر انصرف قولاً واحدًا، أو بجمع فسيبويه لا يصرفه، والأخفش يصرفه، ولو نكر بعد التسمية انصرف، أو (بفعل) المختص بالنداء كفسق، فمذهب سيبويه منع صرفه؛ ويصرفه في النكرة، ومذهب الأخفش، وتبعه ابن السيد صرفه في المعرفة والنكرة. وقال ابن بابشاذ: الأخفش يصرف جميع هذه المعدولات في التسمية، إلا إن حدثت علة أخرى، وهي التأنيث، أو تبقى علة متقدمة كالزيادة في فعلان، ويمنع العدل مع العلمية فيما كان علمًا على وزن فعال في لغة تميم نحو: حذام، ورقاش، وسكاب، وهي معدولة عن حاذمة وراقشة وساكبة، كما أن عمر معدول عن عامر، هذا مذهب سيبويه خلافًا للمبرد؛ إذ زعم أنها امتنعت من الصرف للتأنيث والعلمية، ومأخذ هذا السماع كباب عمر، ومذهب الحجازيين

ص: 870

بناء هذه الأنواع على الكسر، ووافقهم أكثر بني تميم على البناء فيما آخره (راء) نحو وبار، وظفار، وعن الأخفش بعض بني تميم يبنونه على الكسر (يعني الباب كله) وعن سيبويه أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف، إلا فيما آخره (راء) فأكثرهم يبنيه كما ذكرنا.

وفي الترشيح: إن نكرت شيئًا من هذه صرفته؛ لأنه إنما عدل حال التعريف، فإذا زال عنه ثقل العدل صرفت تقول: هذه حذام وحذام أخرى، انتهى.

فأما فعال أمرًا: كنزال، أو مصدرًا: كحماد، أو حالاً: كبداد أو صفة

ص: 871

جارية مجرى العلم كحلاق أو ملازمة للنداء: كفساق، فهذه كلها مبنية على الكسر إلا ما كان منها أمرًا، فبنو أسد يبنونه على الفتح، وفجار عند الجمهور وسيبويه من باب المصدر، وعند السيرافي من باب الصفة الغالبة نحو: حلاق، وفعال في النداء ينقاس عند الجمهور، ولا تكون إلا في الذم، وقال بعضهم: لا يقاس عليه فلا يقال: يا قباح قياسًا على يا فساق، وفعال هذه كلها معدولة عن مؤنث فإن سمي بشيء منها مذكر لا ينصرف، خلافًا لابن بابشاذ؛ فإنه أجاز فيه ذلك، وأجاز فيه البناء. وعن المبرد إذا سمي بنزال، فليس فيه إلا البناء. وزعم ابن مالك: أن كل فعال المذكور يجوز صرفه كما لو سميت بصباح وإن سمي به مؤنث، فيتخرج على لغة

ص: 872

الحجاز، ولغة تميم في حذام وبابه، ولو سميت مذكرًا بحذام، وبابه، منعته الصرف كانت فيه (راء)، أو لم تكن، وجاز أيضًا صرفه، ولا يكون فيه البناء كحاله علمًا لمؤنث في لغة الحجاز.

والعدل يمنع مع الوصفية في أخر جمع أخرى تأنيث آخر، وتحرير القول فيها أنها منعت الصرف للوصف والعدل عن لفظ آخر، لا عن (أل) كما يفهم من كلام النحاة؛ إذ (آخر) من باب أفعل التفضيل خلافًا للأخفش؛ إذ يزعم أنه ليس من بابه، فأما أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فمصروف. ولو سمى بآخر الممنوع الصرف فمذهب أبي الحسن، والمبرد، والكوفيين أنه يصرف، ونص

ص: 873

سيبويه على منع صرفه لا في معرفة، ولا في نكرة، ويمنع أيضًا العدل مع الصفة فيما وازن مفعل وفعال في العدد، وفي ذلك ثلاثة مذاهب: أحدها وهو مذهب الكوفيين، وهو القياس فيما لم يسمع على ما سمع والمسموع عند الكوفيين والبصريين: عشار ومعشر، وخماس ومخمس، ورباع ومربع، وثلاث ومثلث، وثناء ومثنى، وأحاد وموحد، فقاس على هذا الكوفيون: سداس ومسدس وثمان ومثمن، وتساع ومتسع، وترك البصريون القياس، واقتصروا على مورد السماع، وقيل: يقاس على ما سمع من فعال لا على ما سمع من مفعل وقيل: يقال البناءان، وهو الصحيح بسماع ذلك من العرب فقتول: موحد وأحاد إلى معشر وعشار، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم ويعقوب: من أحاد إلى عشار، ولا تدخل هذه (أل) وإضافتها قليلة، ولا يجوز صرفها مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء، وغذا سمي بشيء منها امتنع صرفه للعلمية، والعدل عند الجمهور، وقال الأخفش، والجرمي، وأبو علي،

ص: 874

وابن بابشاذ، وابن برهان: يصرف، ولو نكر بعد التسمية، فالجمهور على المنع، ومن صرف أحمر بعد التسمية صرف هذه الأسماء.

والعجمة جنسية وشخصية، فالجنسية ما نقلته العرب إلى لسانها نكرة، فتصرفت فيه بإدخال (أل) تارة وبالاشتقاق تارة، والشخصية ما نقلته في أحواله إلى اللسان علمًا، ومذهب الجمهور أنه لا يشترط كونه علمًا في لسان العجم أو لا نقل، وإليه ذهب الأستاذ أبو علي وأصحابه، وابن هشام، وذهب الأستاذ أبو الحسن الدباج إلى اشتراط كونه علمًا في لسان العجم، وهو ظاهر قول سيبويه قال سيبويه:«وأما إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وهرمز، وفيروز، وقارون، وفرعون وأشباه هذه الأسماء، فإنها لم تقع في كلامهم إلا معرفة على حد ما كانت في كلام العجم» وعلى هذين القولين، يكون الخلاف في (بندار) وقالون، فيصرفان على قول الدباج، ويمنعان على قول الجمهور، وفرق ابن عصفور بين قالون فصرفه، وبندار فلم يصرفه ولا فرق.

وتعرف العجمة بنقل أئمة لسان العرب، وبخروجه عن أوزان الأسماء نحو إبريسم، وتبعية الراء للنون في أول الكلمة نحو: نرجس، وقد تتبع في

ص: 875

الآخر نحو: دنر ومدنر، وباتباع الزاي للدال نحو: مهندر وباجتماع الصاد والجيم نحو: الصولجان، وباجتماع الجيم والقاف نحو: قج والجق؛ فإن حجز بينهما حرف فيكثر في الأعجمي نحو: القبج وبكونه خماسيًا عاريًا من حروف الذلاقة أو رباعيًا، فإن كان في الرباعي السين، فقد يكون عربيًا نحو: عسجد وهو قليل، وما يبنى على قياس كلام العرب، وسمي به، فيبنى على الخلاف أيلحق بالعربي أو لا يلحق، أو يفصل بين ما هو على قياس مطرد أو لا، فمن قال: يلحق اعتبره بأنه إن كان فيه مانع منع، وغلا صرف ومن قال: لا يلحق منعه من الصرف، ومن فصل فصل فيما لا يكثر منعه الصرف، وما كثر واطرد فإن كان فيه مانع منع، وإلا صرف، والعجمة الشخصية تمنع مع العلمية وزيادة على ثلاثة أحرف نحو: إبراهيم.

فإن كان ثلاثيًا متحرك الوسط نحو لمك، وتتل اسمي رجلين ففيه خلاف، فإن كان ساكن الوسط نحو نوح فأكثر النحاة على الصرف تحرك الوسط أو سكن صرح بذلك السيرافي، وابن برهان، وابن خروف، وأجاز

ص: 876

عيسى بن عمر، وتبعه ابن قتيبة، وعبد القاهر الجرجاني فيه الصرف والمنع، فإن انضاف إلى ذلك التأنيث نحو: جور فالمنع، فإن كان رباعيًا بياء التصغير نحو: عزير صرف، و (أل) في اليسع زائدة، فإن أزلتها، وسميت به انصرف، وأجاز الفارسي: أن تكون (أل) فيه للمح الصفة كهى في العباس.

وما وافق من العجمي العربي في اللفظ كإسحاق مصدر أسحق، ويعقوب ذكر القبج، فمنعه وصرفه على قصد المسمى، فإن جهل قصد المسمى، حمل على عادة الناس في التسمية بأسماء الأنبياء، ولا يقال في أعجمي إنه اشتق من مادة عربية لا يقال إدريس: من الدرس، ولا يعقوب: من العقبى، وقد رد أبو علي على ثعلب في قوله (إن) إبليس: من أبلس، ولا تتنزل جهالة أصل العلم منزلة العجمة، فيمنع الاسم الصرف ولا كون الاسم ليس من عادتهم التسمية به نحو: صعرور خلافًا للفراء فيهما، ولأبي عمرو في الأولى فيما حكاه أبو جعفر الرؤاسي عنه.

ص: 877

التأنيث: تقدم التأنيث اللازم؛ فإنه يمنع الصرف وحده، وغير اللازم يمنع مع العلمية، فإن أنث بالهاء، منع كان اسمًا لمذكر أو لمؤنث كطلحة، وعائشة، ودحية، وإن علق على مؤنث، وهو مجرد من الهاء، فإن كان ثنائيًا كيد مسمى به، ففيه المنع والصرف وقيل: يصرف بلا خلاف، أو ثلاثيًا ساكن الوسط تأصلاً كشمس، أو عارضًا كفخذ أو مسكنًا بعد التسمية أو إعلالاً كدار، وسميت به مؤنثًا، ولم تضف إليه عجمة، جاز الصرف ومنعه على قول الجمهور، والمنع أكثر وأجود، وغلط أبو علي فقال: الصرف أفصح، وذهب الأخفش والزجاج: إلى تحتم المنع، وذهب الفراء: إلى تحتم المنع إذا كان اسم بلدة نحو: قيد. وفي الترشيح: ما لا علامة فيه، فبعض النحويين يجريه مجرى ما فيه الهاء، فلا يصرفه معرفة قلت حروفه أو كثرت ويصرفه في النكرة وهو القياس، وبعضهم يتوسط هذا المذهب، فما كان من هذا الضرب ثلاثيًا محرك الوسط نحو قدم اسم امرأة، أو ضلع، أو رباعيًا فما فوقه نحو: زينب وسعاد لم يصرفه في المعرفة وصرفه في النكرة وما كان من هذا ثلاثيًا ساكن الوسط يصرفه في كل حال نحو: هند ودعد وجمل، انتهى.

ص: 878

فإن انضافت إليه العجمة، فالمنع، وحكى ابن فرقد فيه خلافًا، وإن كان متحرك الوسط نحو: قدم وسميت به مؤنثًا امتنع خلافًا لابن الأنباري؛ إذ جوز فيه الوجهين. وفي البسيط: قدم وسقر ممنوعا الصرف باتفاق للتأنيث المعنوي والعلمية أو مذكرًا انصرف خلافًا للفراء، وثعلب إذ ذهبا: إلى أنه لا ينصرف تحرك وسطه أو سكن خلافًا لابن خروف في متحرك الوسط؛ إذ منعه الصرف؛ إذا سمي به مذكرًا، أوكان أزيد من ثلاثة لفظا نحو: سعاد وزينب، وعناق وأتان، أو تقديرًا نحو: جيل أصله جيئل وسميت به مذكرا، امتنع من الصرف فإن كان المؤنث سبقه تذكير، فإما أن يكون منفردا به التذكير نحو: دلال ووصال اسمي امرأتين سمي بهما مذكر، أو مشتركًا فيه المؤنث انصرف نحو: ظلوم، وقتول، وقال الكوفيون: إن سميت المذكر بوصف المذكر، صرفته أو باسم امرأة نحو: ظلوم وقتول جاز ألا تجريه، والأغلب إجراؤه. وقال بعض أصحابنا:

ص: 879

إن كثرت تسمية المؤنث به نحو: حلوب، وسمي به مذكرًا منع، وإن لم يكثر صرف نحو: قبول. وفي البسيط يجرى مجرى حائض فعول ومفعال وفعيل بمعنى مفعول ومفعيل إذا كان معناه مختصًا؛ لأنه وضع للمذكر على مذهب الخليل وسيبويه وذهب الفراء إلى أن فعيلاً بمعنى مفعول أصله الهاء، وتركوها للفرق بينه وبين فعيل بمعنى فاعل، فلا يصرف إذا كان خاصًا، وسمي به مذكر كحائض، وأما فعول ومفعال فمعدولان كمئناث ومذكار عن فاعله، فيمنعه للمذكر.

وإن كان وصفًا خاصًا بالمؤنث نحو: حائض، وطالق، وطامث، وسميت به مذكرًا، انصرف خلافًا للكوفيين فإنه يمنع الصرف عندهم، وما كان اسمًا على لغة ووصفًا على لغة وذلك: جنوب وحرور وسموم ودبور وشمال، فإن سميت به مذكرًا، انصرفت على تقدير أنها أوصاف كـ (حائض) ومنعت على تقدير أنها أسماء، فصارت كصعود مسمى به. وفي المخصص: جنوب وحرور وسموم وقبول ودبور أسماء في قليل الكلام، فإذا سميت بها، امتنعت الصرف وصفات في أكثر الكلام فإذا سميت بها انصرفت انتهى.

فأما ذراع فمؤنث عند معظم العرب وتذكره عقيل، ولو سميت به مذكرًا

ص: 880

صرفته سماعًا من العرب والقياس: ترك الصرف، وأما كراع فمؤنث وحكى الأصمعي تذكيره، فإن سميت به مذكرًا، فمن العرب من يصرفه. قال سيبويه: شبهه بذراع، ومنع صرفه أكثر فإن كان التأنيث تأنيث جمع نحو: كلاب، وعنوق وسمي به مذكر انصرف، وأسماء اسم رجل ممنوع الصرف، فعلى مذهب الفراء وهو: أنه اسم جمع سمي به، فكثر في تسميته المؤنث حتى عد من أسمائه، فامتنع للعملية والتأنيث، وعلى مذهب سيبويه، وهو أنه فعلاء، وفي همزته بدل من واو وأصله وسماء، فامتنع للتأنيث اللازم، ويظهر الفرق إذا نكر بعد التسمية منصرف على مذهب الفراء، وممتنع على مذهب سيبويه.

وإذا سميت بثلاثي مذكر ساكن الوسط نحو: زيد ونعم وبئس مؤنثًا، فابن أبي إسحاق، وأبو عمرو، والخليل، ويونس، وسيبويه، والأخفش، والفراء، والمازني لا يجيزون فيه إلا منع الصرف وعيسى بن عمر، وأبو زيد،

ص: 881

والجرمي، والمبرد ويونس في نقل خطاب عنه يصرفونه، ودعوى أنه ممنوع الصرف بلا خلاف لا تصح، ولو سميت بإبل وغنم رجلاً، فسيبويه لا يرى صرفه؛ لأنه لا واحد له من لفظه، فتأنيثه كتأنيث الواحد. قال خطاب الماردي: ولا أدري ما هذا ولو كان تأنيثه تأنيث الواحد لوجب صرفه لأنه ثلاثي كرجل سميته بقدم اسم امرأة انتهى.

وصرف أسماء القبائل والأرضين والكلم، ومنعه مبني على المعنى، فإن كان اسم أب نحو: معد وتميم ولخم وجذام، أو اسم حي: كـ (قريش) وثقيف، أو اسم مكان: كـ (بدر وثبير)، أو اسم لفظ نحو (كتب زيدًا فأجاده) صرف إلا إن كان فيه مانع نحو: تغلب، فتمنعه كان اسم حي أو قبيلة؛ لموجب منع الصرف فيه؛ وقد أخطأ الزجاجي في جعله منصرفًا إذا أريد به اسم الحي، وإن كان اسم أم كـ (باهلة وسدوس وسلول بنت زبان بن امرئ القيس في قضاعة)، أو اسم قبيلة:

ص: 882

كـ (مجوس ويهود)، أو اسم بقعة كفارس وعمان، أو اسم كلمة نحو: كتب زيدًا فأجادها، منع الصرف.

والأسماء والأفعال والحروف تذكر باعتبار اللفظ، فتصرف، وتؤنث باعتبار الكلمة، فإن انضاف إلى التأنيث ما يوجب منع الصرف، منع وكذا حروف الهجاء تذكر، وتؤنث، وزعم الفراء أن تذكيرها لا يكون إلا في الشعر، وتقدم الكلام على شيء من ذلك في باب التذكير والتأنيث. وقالوا: ما كان اسمًا لحي أو قبيلة منقولان من أب أو أم، وأضفت إليه ابنًا، ولو في التقدير والنية، كان ذلك الاسم على ما كان عليه لو لم تضف إليه ابنًا، وإن كان فيه مانع، منع وإلا صرف والحكم هنا في الأخبار، والضمائر، وغير ذلك أن يكون لذلك المحذوف المقدر لا للملفوظ بخلاف حذف المضاف في غير هذا الباب؛ فإن الحكم غالبًا للملفوظ به، لا للمحذوف كما قال:

ص: 883

تميم بن مر وأشياعها

..................

يريد أبناء تميم وأشياعه، وإن لم تضف لا لفظًا، ولا نية، وأردت الحي، صرفته غلا إن كان فيه مانع، أو القبيلة منعت إلا إن كان في مجوز الوجهين، فيجوز أن تقسم القبائل، والأحياء على أقسام: قسم يتعين للقبيلة وذلك؛ يهود ومجوس علمين للقبيلتين، ويمنعان من الصرف، فإن جعلتهما جمع يهودي ومجوسي، كرومي وروم، فيجوز إذ ذاك دخول (أل) عليهما، وقسم يتعين للحي، وقسم يغلب عليه اسم القبيلة كـ (جذام وسدوس)، وقسم يغلب عليه اسم الحي، وهو قريش، وثقيف، وكلب، ومعد، وعاد، فيصرف وقد لا يصرف باعتبار القبيلة، وقسم يجوز فيه الأمران وهو ثمود وسبأ، وقد تسمى القبيلة باسم الأب أو الحي باسم الأم، فيوصفان، بابن وبنت قالوا: في اسم الأب تميم بن مر وتميم بنت مر، وقالوا، في اسم الأم باهلة بن أعصر، وباهلة بنت أعصر، أنثوا فيهما على معنى القبيلة، وذكروا على معنى الحي.

ص: 884

وأسماء الأماكن ما فيه (أل) انصرف نحو: الرقة، والبصرة، وما عري منها وفيه تاء التأنيث أو ألف التأنيث، امتنع نحو مكة، وحرورى وما عرى منها [مذكر] فقط، وذلك بدر، وثبير، وفلج، ونجد، والحجاز، واليمن والشام والعراق، وما يغلب عليه التأنيث وذلك فارس وعمان، وما يغلب عليه التذكير وذلك منى، وهجر، وواسط، وحنين، ودابق، وما يستويان فيه حراء وقباء وبغداد، وما يستعمل مؤنثًا فقط وهو ما بقى نحو: دمشق وجلق.

وأسماء السور، إن كانت السورة سميت بجملة نحو [قل أوحى] و [أتى أمر الله] أو بفعل لا ضمير فيه فإن كان في أوله همزة وصل قطعت، أو تأنيث قلبت هاء في الوقف، وأعرب إعراب ما لا ينصرف فنقول قرأت إقتربه،

ص: 885

أو باسم من حروف الهجاء على حرف واحد أضفت إليه سورة لفظًا، أو تقديرًا، أو لم تضف فالحكاية والإعراب نحو: قرأت سورة صاد فتحكى، أو سورة صاد، فتمنع، وتصرف على اعتبار التأنيث في الحروف كهند، أو تصرف على اعتبار التذكير فيه، إذ في حرف الهجاء الوجهان التذكير والتأنيث، وقرئ (قاف والقرآن)، وصاد بالفتح، فخرج على أنه منصوب بفعل محذوف فيمنع الصرف أو على أنه لما كانا علمين للسورة، لم يتمكنا بنيا على الفتح، قال هذا الوجه: سيبويه، أو على أكثر من حرف، فإن وازن الأسماء الأعجمية، وأضفت إليه سورة لفظًا أو تقديرًا نحو: ياسين، وحاميم، قال ابن عصفور: فالحكاية، وقال الأستاذ أبو علي: الحكاية، وإعرابه إعراب ما لا ينصرف، وهو نص سيبويه «قال: جعلته اسمًا للسورة أو أضفته إليه» وقال الأستاذ أبو علي: «لا يجوز التركيب» . وقرأ بعضهم ياسين فخرج على أنه منصوب بفعل مضمر أي (اذكر ياسين) ومنع الصرف؛ لأنه علم أعجمي، أو على أن (سين) مبني على الفتح وقال سيبويه ويس بناء تركيب، وإن لم يوازن ما أمكن فيه التركيب نحو: طاسين ميم، وأضفت إليه سورة لفظًا أو تقديرًا قال ابن عصفور: فالحكاية، وقال الأستاذ أبو علي: فالحكاية، وإعرابه إعراب وجهي حضرموت،

ص: 886

فيجعل الإعراب في الميم ويفتح النون، أو يضاف، فيكون الإعراب في النون، وطسم مصروفة إن اعتقد فيها التذكير، وغير مصروفة إن اعتقد فيها التأنيث، وإن لم تضف إليه فالحكاية والبناء نحو: خمسة عشر، وإعراب ما لا ينصرف، وإن لم يكن التركيب فالوقف ليس إلا، أضفت إليه سورة، أو لم تضف نحو: كهيعص، وحم عسق، وأجاز يونس كهيعصا بفتح أربعتها وجعل الإعراب في الصاد إعراب ما لا ينصرف، وفي حوشاي مبرمان يقول يونس:«كاف هايا عين صاد برفع الصاد وبنصب الكاف والعين» قال المبرد: يونس بفتح الكاف لالتقاء الساكنين وبفتح العين لالتقاء الساكنين، وبضم الصاد، ويجعل ما قبل الصاد حشوًا، انتهى.

أو باسم ليس من حروف الهجاء وفيه (أل) انصرف نحو: الأنعام والأعراف، أو لم يكن فيه، ولم يضف إليه سورة لا لفظًا، ولا تقديرًا، امتنع الصرف نحو: هذا هود، وقرأت هود، وتبركت بهود، وإن أضيف، وفيه ما يوجب المنع نحو: قرأت سورة يونس، وإلا صرف نحو: قرأت سورة هود، وسورة نوح.

ما منع صرفه دون علمية أفعل وفعلان الصفتان بشروطهما وأخر المعدول في العدد والجمع المتناهي، وذو التأنيث اللازم، وأفعل المذكور إذا سمي به خلف الصفة العلمية، فامتنع من الصرف، فإذا نكر بعد التسمية فالمشهور عن الأخفش: أنه

ص: 887

يصرفه وبه قال المبرد، وقال سيبويه: لا ينصرف، وروى هذا عن الأخفش وهو الفصيح، لورود السماع بذلك، وفصل الفراء، وتبعه ابن الأنباري فقال: إن سمي رجل أحمر بأحمر لم يجر في معرفة ولا نكرة، وإن سمي به أسود أو أبيض بأحمر لم يجر في المعرفة وأجرى في النكرة، وقال أبو علي: يجوز الوجهان، وإن كان أفعل التفضيل، ونكر بعد التسمية، وكان مجردًا من (من) انصرف قولاً واحدًا أو فيه (من) لم ينصرف قولاً واحدًا ولا يجيء فيه خلاف الأخفش.

[وفعلان] المذكور تخلف الصفة فيه العلمية إذا سمي به، فإن نكر بعد التسمية فالجمهور لا يصرفونه، وعن أبي علي قولان: المنع والصرف، والجمع المتناهي إذا نكر بعد التسمية، فسيبويه يمنعه، والمبرد يصرفه، وعن الأخفش قولان: المنع والصرف، وذو التأنيث اللازم إذا نكر بعد التسمية لا ينصرف، ولو ركبت تركيب حضرموت، وكان الاسم الآخر جمعًا متناهيًا، أو ألف التأنيث كأن تسميه بمحاريب، ومساجد أو بعبد حمراء أو بعبد بشرى، لم ينصرف في المعرفة، فإن نكرته بعد التسمية فمذهب الجمهور أنه لا ينصرف، وقيل: ينصرف وضعفه الأخفش، وما لم يمنع إلا مع العلمية إذا نكر، صرف بإجماع، وذلك ما فيه الزيادتان من غير فعلان فعلى، ووزن الفعل من غير (أفعل) فعلى، والعدل في غير العدد، وأخر وألف الإلحاق، وألف التكثير، والتركيب والعجمة والتأنيث غير اللازم

ص: 888

نحو: بعثمان آخر، وأحمد آخر، وعمر آخر، وبأرطى آخر، وبقبعثرى آخر، وبمعدى كرب آخر، وبإبراهيم آخر، وبطلحة آخر؛ إذ زال إحدى العلتين، وهي العلمية، وقيل: زالت العلتان معًا في عمر إذا نكر بعد التسمية.

وما آخره ياء قبلها كسرة يكون جمعًا متناهيًا نحو: جوار، ومصغرًا نحو: أعيم وفعلاً مسمى به نحو: يغر، ويرم، فهذا ينون في الرفع والجر، وتظهر الفتحة بغير تنوين في النصب، وما كان منه علمًا، فمذهب يونس وأبي زيد، وعيسى، والكسائي، وأهل بغداد: أن الفتحة تظهر في حالة الجر كما تظهر في النصب، ويمنع التنوين مطلقًا فتقول: قام جوارى، ورأيت جوارى ومررت بجوارى، وكذا باقيها، فإذا سميت به رجلاً، امتنع للعلمية وشبه العجمة أو امرأة، امتنع للعلمية والتأنيث، وفي مثل أعيمي ويغزى للعلمية ووزن الفعل ولو سميت بقاض امرأة امتنع للعلمية، والتأنيث، وسكنت الياء حالة الرفع وتحركت حالة الجر بالفتحة. ومذهب أبي إسحاق، وأبي عمرو، والخليل، وسيبويه

ص: 889

وجمهور أهل البصرة، أنه ينون رفعًا وجرًا وتحذف ياؤه فيهما، ويتم في النصب ولا ينون، وما ذكره أبو علي: من أن يونس وهؤلاء ذهبوا إلى أنه لا تحذف الياء إذا كان جوار نكرة ولم يسم به فتقول: هن جواري، ومررت بجواري فلا ينون: وهم وخطأ ومخالفة للغة العرب والقرآن، وما ذهب إليه ابن الطراوة تابعًا للكوفيين من أنك إذا سميت بيغزو، لم تقلب الواو ياء ولا الضمة كسرة، بل تقول جاءني يغزو، ورأيت يغزو، ومررت بيغزو مخالف لقول الجمهور، وياء الجمع المتناهي إذا قلبت ألفًا كـ (عذارى ومدارى، وصحارى)، لم ينون باتفاق.

وإذا كان الاسم مؤنثًا نحو: زينب وسعاد أو إذا أشبه ما سبق بالمضارع نحو: تغلب، أو عارض نحو: أجادل، أو مصغرًا، أو أعجميًا نحو: إبراهيم، أو مركبًا نحو: بعلبك أو مضارعًا لفعلاء مصغرًا أو مكبرًا نحو: سكران فتصغير جميع ذلك يبقى معه منع الصرف نحو: زيينب وسعيد وتغيلب وأجيدل وأبيره أو بريهم، إذا صغر غير تصغير الترخيم، وبعيلبك وسكيران؛ لوجود العلتين فيه،

ص: 890

فإذا أزال ياء التصغير أحد سببيه صرف نحو: عمير وسحير وشمير وعليق وسريحين، وجنيدل، فلو صغر الأعجمي تصغير الترخيم نحو: بريه في إبراهيم صرف، وقد يكمل في التصغير موجب المنع وهو قسمان: قسم صرف مكبره حتمًا نحو: تحلئ، وألندد، وتوسط، وترتب مسمى بها، فإذا صغرت كان فيها العلمية، وشبه المضارع فامتنعت، للعلمية والوزن فتقول: تحيلئ وأليدد وتويسط وتريتب، وقسم صرف مكبره جوازًا نحو: هند فإذا صغر دخلته التاء نحو: هنيدة، فامتنع من الصرف وجوبًا.

ويجوز في الضرورة صرف ما لا ينصرف، وهو لغة عند قوم من النحاة، وقد أجاز ذلك في الكلام أحمد بن يحيى، وأما الجمع المتناهي فقال الأخفش: بعض العرب تصرفه وقد قرئ: [سلاسلاً وأغلالاً][وقوارير قواريرا] بالتنوين، وقال بعضهم قد يصرف للتناسب، وجعل من ذلك سلاسلا وقواريرا [ويغوثا ويعوقا] في قراءة من نون، واستثنى بعضهم ما آخره ألف تأنيث نحو: بشرى فذكر أنه لا يصرف للضرورة. واستثنى الكوفيون «أفعل من»

ص: 891

فلم يصرفوه للضرورة وأما منع صرف ما ينصرف، فذهب أكثر البصريين وأبو موسى، الحامض من الكوفيين: إلى أنه لا يجوز، وذهب معظم الكوفيين وأبو علي إلى جوازه في الضرورة.

ص: 892