الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإمالة
الإمالة أن ينحى بالألف نحو الياء، فيلزم من ذلك: أن ينحى بالفتحة قبلها نحو الكسرة، وأصحاب الإمالة تميم، وقيس، وأسد، وعامة أهل نجد، وأصحاب الفتح الحجازيون إلا في مواضع قليلة، ومحل الإمالة غالبًا الأسماء المتمكنة والأفعال. وأسبابها: الكسرة، والياء، وانقلاب الألف عن الياء، أو مآلها إليها في حال ما، وتشبيه بالألف المنقلبة عن الياء، وشبه بالألف المشبهة بالألف المنقلبة، وفرق بين الاسم والحرف، وكثرة الاستعمال، وإمالة لإمالة. ونحن نرتب الكلام على هذه الأسباب:
السبب الأول: الكسرة:
ذهب الأكثرون إلى أنها في باب الإمالة أقوى من الياء، وهو ظاهر كلام سيبويه، وذهب ابن السراج إلى أن الياء أقوى من الكسرة، فالكسرة إن
تقدمت الألف، ووليتها الكسرة نحو مساجد، وبابك، فالإمالة وإن تأخرت الألف بحرف نحو: عماد، أو حرفين أولهما ساكن نحو: شملال أميل، أو متحرك نحو: أكلت عنبًا، أو ثلاثة نحو: فتلت قنبًا فلا إمالة، وشذ له درهمان بالإمالة، فإن كان بين الكسرة، والألف حرفان ثانيهما الهاء، وما قبلها مفتوح أميل نحو: لن ينزعها، ولا يمال نحو: لن يضربنا، ولا هو يضربها.
وحكم الكسرة في وسط الاسم حكمها في أوله، فالاسوداد مثل عماد، وكلما كانت الكسرة أقرب إلى الألف كانت الإمالة أولى، فكتاب أولى من جلباب، وكلما كثرت الكسرات كانت الإمالة أولى، فجلبلاب أولى من جلباب.
وإذا تأخر عن الألف حرف استعلاء متصل نحو: ناقد، وعاطس، وعاصب، وعاضد، وناخل، وواغل، وعاظل، أو بينهما حرف نحو: نافخ، ونابغ، ونافق، وسامط، وناهض، وواعظ، وداحص، غلب المستعلي الكسرة
فلا يميلها أحد إلا من لا يؤخذ بلغته فإن كان الفصل بحرفين نحو مناشيط، ومعاليق، ومعاريض، ومواعيظ، ومباليغ ومنافيخ، ومساليخ فالنصب هو الكثير، وحكى سيبويه: أن قومًا أمالوا حين تراخت هذه الحروف عن الألف وهي قليلة، وذهب المبرد إلى منع الإمالة في مناشيط وأخواتها.
فإن كانت الكسرة منوية نحو: هذا ماض في الوقف أو هذا ماض أصله ماضض لم تمل الألف إلا في شذوذ، وإن تقدم حرف الاستعلاء، ووليته الألف غلبت الكسرة، ومنعت الإمالة. نحو: قاعد، وغائب، وخامل، وصاعد، وطائف، وضامن، وظالم.
فإن تقدم حرف الاستعلاء مكسورًا نحو: صعاب، وغلاب، وخباث، وقفاف، وضباب، وطعان، وظلام مصدر ظالم للمغالبة، أو ساكنًا نحو: مصباح، ومطعان، ومضراب، ومقلات، جازت الإمالة.
وبعض العرب جعل حرف الاستعلاء غالبًا، وقال سيبويه: وبعض من يميل قفاف، ويميل ألف مفعال وليس فيه شيء من هذه الحروف يعني – حروف الاستعلاء – ينصب الألف في مصباح ونحوه يفرق بين ما كان مكسورًا وما كان ساكنًا، ورأيت صرفًا بمنزلة صعاد، كما أن رأيت عرقًا، ورأيت ملغًا، ينصب كما ينصب في قائم وغانم.
فإن فصل بين الألف وحرف الاستعلاء بثلاثة حروف نحو: يريد أن يضربها بسوط أو أربعة نحو: أن يضربها بسملق، لم يغلب الحرف الكسرة فيمال، وبعض العرب غلبه فنصب.
وقد لا يعتد بحرف الاستعلاء إذا ولى الألف من كلمة غير كلمة الألف نحو: يريد أن يضربها قبل، وكذلك صاحب مال ملق، لبعد القاف عن الألف، وانفصال الكلمة فرق هؤلاء بين المتصل والمنفصل، ومن أجرى المنفصل مجرى المتصل فأمال.
والإمالة في المتصل أقوى، وشذ عدم الاعتداد بحرف الاستعلاء في رأيت عرقًا فأميل، وقياسه أن لا يمال، لأنه مثل قاسم، وعدم الاعتداد بالحركة في رأيت عنبًا فأميل، وقياسه أن لا يمال، والكسرة المنوبة في الموقوف عليه نحو: ماش قد تؤثر فتمال، وفي مدغم نحو: حاج، وحواج، فالأكثر أنها لا تؤثر مطلقًا، ومنهم من فصل فأمال حالة الجر، ونصب حالة الرفع، والنصب، فإن كان الإدغام من كلمتين نحو قراءة أبي عمرو:[مع الأبرار ربنا]، [والنهار لآيات] فقال النحاة من أهل البصرة لا تمال أصلاً، وقال الأكثرون تمال، وهو مذهب ثعلب، وهو الصحيح.
والإمالة لكسرة بناء نحو: نزال أقوى منها لكسرة إعراب نحو: بابك مجرورًا. والمتصلة كائنة ما كانت أقوى منها المنفصلة نحو: ثلثا درهم، والظاهرة أقوى منها المقدرة نحو: حاد، والاعتداد بالكسرة في الراء أقوى من الاعتداد بها
في غير الراء وكذلك يميل بجوار في الوقف من يفتح (بمال) في الوقف.
وتغلب الكسرة الراء المفتوحة تليها الألف نحو: راشد، وفراش، أو تلي الألف مفتوحة نحو: رأيت حمارًا، أو مضمومة نحو: هذا حمار، فلو كان بينهما حرف نحو: هذا كافر أو حرفان نحو: هذه دنانير، فكذلك عند بعضهم، وبعض العرب لا يلتفت إلى الراء فيميل، فإن كانت الراء التي تلي
الألف مكسورة كفت ما يمنع من الإمالة سواء كان حرف استعلاء نحو: غارم أو راء نحو: من غرارك، فإن فصل بينهما بحرف لم يغلب.
قال سيبويه: ومن يقول: قارب فيميل، ينصب مررت بقادر حيث بعدت. قال: وقد أمال قوم ترتضى عربيتهم.
وتقول: هذا قادر، فتفتح، ومن العرب من يجعل المكسورة إذا فصل بين الألف وبينها بحرف كالمفتوحة: والمضمومة فتقول: مررت بكافر وتفتح، وقال الفارسي: فاعل إن سلم من حرف استعلاء وراء أميل نحو: عابد، أو فيه الراء وحدها فاء نحو: راشد لم تمل، أو عينا بعدها راء مضمومة أو مفتوحة
نحو: بار لم تمل ومنع سيبويه أن يمال بار على حد إمالتهم جاد أو مكسورة نحو: بمار أميل، أو ليس بعدها راء أميل نحو: بار أو لامًا فمذاهب الإمالة والمنع والثالث: تمال في الجر لا في الرفع والنصب نحو: كافر.
أو حرف استعلاء وحده فاء نحو: طالب أو عينًا نحو: عاطل، أو لامًا نحو: ناشط فلا إمالة، أو اجتمعا فيه مفردين، والمستعلى فاء والعين راء نحو: طارد أو عين والفاء راء نحو: راقد أو لام والعين راء نحو: مارق
أو المستعلى عين واللام راء نحو: باقر، أو فاء واللام راء نحو: قادر، أو لام والفاء راء نحو: رامق، فراقد ورامق ومارق لا يجوز فيه الإمالة. وطارد يجوز، وباقر يمتنع رفعًا ونصبًا، وأما في الجر، فالإمالة مذهب والمنع مذهب، وقادر يمتنع رفعًا ونصبًا ويجوز جرًا.
وإن كان مع الراء حرفا استعلاء والراء أول نحو: راقط، أو ثانية نحو: قارط، وطارق، أو ثالثة نحو: قاطر فالإمالة ممتنعة، وإن كان مع المستعلى
ررراءان نحو: قار، وطار امتنعت رفعًا ونصبًا، وأماله قوم جرًا كما أمالوا: صغار، وقوارير لانكسار الراء، وفيه المستعلي.
وفي الغرة: للراء في هذا الباب مواضع خمسة: منع الإمالة إذا كانت مفتوحة بعد ألف أو قبلها أو مضمومة نحو: راشد، ودار، ورعاف، وجابر، وجالبة الإمالة مكسورة كالركاب، والشارب، وغالبة إذا تقدمها حرف استعلاء مفتوح، وتأخرت مكسورة نحو: غارب ومغلوبة كأن يتقدم ويتأخر نحو: فارق، وغالبة أختها إذا اجتمعتا والراء مفتوحة، والثانية مكسورة نحو: الأبرار، ومن قرارك، فإن بعدت عن الألف متأخرة مكسورة ومعها المستعلي نحو: قادر فأقوى القولين منع الإمالة، انتهى.
السبب الثاني: الياء ذكر سيبويه أن أهل الحجاز، وكثيرًا من العرب لا يميلون للياء، وأن أهل الحجاز يميلون الكسرة، فالياء تمال الألف لأجلها إذا اتصلت متقدمة نحو: سيال، وضياح، ويباع وهي في المشددة أقوى منها في
المخففة، أو انفصلت عن الألف بحرف نحو: شيبان والحيوان، ورأيت يدا في الوقف، والإمالة مع الساكنة أقوى منها مع المتحركة، أو حرفين ثانيهما هاء، بشرط فتح ما قبلها نحو: بينها، ورأيت يدها، أمالوا بينها كما أمالوا: لن ينزعها، وزيدا في الوقف من أمال علما في الوقف حكموا للياء بما حكموا للكسرة؛ فإن اتصلت الياء متأخرة بالألف، فإن سيبويه لم يذكر ذلك في كتابه، وذكر ذلك بعض أصحابنا، وابن الدهان ومثل ذلك بآية، ومع كون الياء من أقوى أسباب الإمالة لم يأخذ بها القراء فيما علمناه إلا في قراءة ورش:[الخيرات]، [وحيران]
بالإمالة، وإلا في قراءة قتيبة (المال).
السبب الثالث: انقلاب الألف عن الياء وهو سبب تقديري، ضعيف ليس في قوة الكسرة والياء، وذلك نحو: فتى، ورمى، ومرمى، وملهى، سواء في ذلك الاسم والفعل وما كانت منقلبة عن ياء أصلية أو غيرها نحو: ملهى، وأعطى، ومن العرب من لا يميل ما انقلبت فيه الألف عن ياء، وقاله سيبويه، وقال وهم أكثر الفريقين إمالة – يعني بالفريقين الحجازيين وغيرهم – وأمالا الألف إلى الياء في حال ما أجرى مجرى ما انقلبت فيه الألف عن الياء نحو: حبلى؛ فإنها تئول إلى الياء في حال التثنية والجمع فتقول: حبليان، وحبليات، وغزا تئول إلى الياء إذا بني للمفعول نحو: غزى؛ فإن آلت إلى الياء وأصلها الواو بممازجة زيادتي
التصغير، والتكسير نحو: القطا، والقفا؛ فإنك تقول: قفى، وقفى، فظاهر مذهب سيبويه أنه يسوي في الثلاثي بين بنات الواو وبنات الياء، فيجيز الإمالة، وفرق غيره كالفارسي، فطردوا الإمالة في الفعل نحو: غزى وجعلوها شاذة في الاسم نحو: القطا.
وانقلاب الألف عن عين ياء أو واو في فعل ثلاثي، إذا أسند إلى ضمير متكلم أو مخاطب ذهبت عينه وانكسرت فاؤه، وذلك نحو: طاب وجاء وشاء مما هو على فعل (بفتح العين) وهاب وخاف مما هو على فعل بكسرها، فالإمالة لبعض الحجازيين يوافقون بني تميم، وعامتهم فرق بين ذوات الواو نحو: خاف فلم يمل، وبين ذوات الياء نحو: طاب، وهاب، فأمال، وبعض النحاة يعبر عن هذا بالإمالة لكسرة تعرض في بعض الأحوال.
وقال الفارسي: وأمالوا خاف وطاب مع المستعلي طلبًا للكسرة في خفت، وقال ابن هشام الخضراوي: الأولى أن «طاب» الإمالة فيه، لأن الألف فيه منقلبة عن ياء، وفي خاف؛ لأن العين مكسورة أرادوا أن يدلوا على الياء والكسرة، انتهى.
وشذت إمالة ما انقلبت فيه الألف عن ياء عينًا في اسم ثلاثي قالوا: هذا عاب وناب، وشبهوا بهذا ما انقلبت فيه عن واو فقالوا: هذا مال وناب، فأمالوا شذوذًا، ولم يشبهوا الفعل من ذوات الواو على فعل بفتح العين نحو: قال، وبضمها نحو: طال بطاب، كما شبهوا غزا برمى ففتحوا: قال وطاب ونحوهما.
السبب الرابع: تشبيه الألف بالألف المنقلبة عن الياء، ومن ذلك فعلى، وتكون الألف فيه للإلحاق نحو علقى، وللتأنيث نحو: رضوى هذا في الاسم، وفي الصفة: سكرى، وفعلى يكون فيه للإلحاق نحو: ذفرى وللتأنيث نحو: ذكرى ولا يوجد في الصفة إلا ما رواه أحمد بن يحيى من قولهم رجل كيصى
منونًا، وفعلى ولا يكون ألفه إلا للتأنيث، وتكون اسمًا نحو: بهمى وصفة نحو: حبلى، وفعالى وألفه للتأنيث، ويكون اسمًا نحو: حبارى، وصفة جمع تكسير نحو: سكارى.
السبب الخامس: شبه بالألف المشبهة بالألف المنقلبة، وذلك هاء التأنيث قال سيبويه: سمعنا العرب تقول: ضربت ضربه، وأخذت أخذه، شبه الهاء بالألف، فأمال ما قبلها كما يميل ما قبل الألف. ولم يبين سيبويه بأي ألف شبهت، والظاهر أنها شبهت بألف التأنيث وكل هاء تأنيث فالإمالة جائزة في الفتحة التي تليها، ولا تمال الألف قبلها نحو: الحياة، وسواء كانت الهاء للمبالغة نحو: علامة أم لغيرها، فإن كانت هاء سكت نحو: كتابيه، فذهب ثعلب، وابن الأنباري إلى جواز الإمالة فيما قبلها، وقد قرأ به أبو مزاحم الخاقاني في قراءة الكسائي، والصحيح المنع.
السبب السادس: الفرق بين الاسم والحرف، وهذا من الأسباب الشاذة قال سيبويه: وقالوا: با وتا يعني بالإمالة، لأنها أسماء ما يلفظ به. فليست كإلى ولا وما، وغيرها من الحروف المبنية على السكون إنما جاءت كسائر الأسماء، وحروف التهجي التي في أوائل السور إن كان في آخرها ألف، فمنهم من يفتح ومنهم من يميل؛ فإن كان في وسطها ألف: نحو: كاف وصاد فلا خلاف في الفتح.
السبب السابع:
كثرة الاستعمال، وذلك إمالتهم «الحجاج» علمًا في الرفع والنصب، وكذلك «العجاج» في الرفع والنصب، نص عليه المهاباذي، وصاحب
البديع، وإمالتهم «الناس» في الرفع والنصب، ورويت الإمالة فيه مطلقًا عن أبي عمرو والكسائي.
السبب الثامن:
الإمالة للإمالة، ويسميه بعضهم مجاورة الممال، وقد عده أبو جعر بن الباذش في أسباب الإمالة قال سيبويه: رأيت عمادا، فأمالوا للإمالة، كما أمالوا لكسرة قال: وقالوا: معزانا في قول من قال: «عمادا» فأمالهم جميعًا، وذا قياس، انتهى.
وقد تتقدم الإمالة على الذي أميل لأجلها، وقد تتأخر، كإمالة تاء اليتامى، وسين أسارى، وكسالى وكاف سكارى، وصاد النصارى، لإمالة ما بعدها، وقرأ بذلك بعض القراء.
وهذه المجاورة جاءت فيما هو كلمة أو كالكلمة نحو: مغزانا لاتصال الضمير فيه، وقد تبعد المجاورة وفصل كلم كما أمالوا «والضحى» لإمالة «وما قلى» .
والاسم غير المتمكن إن كان البناء عرض له أميل نحو: يا فتى ويا حبلى، وإن كان لم يعرض له نحو إذا، و «ما» الاستفهامية والشرطية ونحوهما مما لا يستقل فلا يمال وقد أمالوا من هذا النوع (نا) وألف، ها نحو: مر بنا، ونظر إلينا، ومر بها، ونظر إليها، ويريد أن يضربها وبينها، وأميلت أسماء الهجاء مقطعة غير معربة، لأنها قد تتمكن، وتعرب.
وأمالوا من الأسماء «ذا» للإشارة، ومتى في كلتا حالتيها من الشرط والاستفهام، و «أنى» ووزنها أفعل. واختاره أبو الحسن بن الباذش وقيل فعلى، واختاره ابن مجاهد،
والأهوازي وأمالوا من الحروف (بلى)، و (يا) في النداء، «ولا» في إمالا وعن قطرب إمالة (لا) في الجواب من الغرة أمال (لا) من العرب من لا ترتضى عربيته وحكى ذلك قوم من الكوفيين، انتهى.
وأما «حتى» فالعامة فيها على الفتح، وحكى ابن مقسم: الإمالة
فيها عن بعض أهل نجد، وأكثر أهل اليمن، وأمالها حمزة، والكسائي إمالة لطيفة، وذهب سيبويه، وابن الأنباري وناس إلى منع إمالة (حتى) قال سيبويه: «ومما لا يميلون ألفه (حتى) و (أما) و (إلا) فرقوا بينها وبين ألفات الأسماء نحو: حبلى وعطشى. وقال الخليل: لو سميت بها رجلاً أو امرأة جازت الإمالة، وأمال الفراء ألف (لكن) تشبيهًا بألف فاعل، ومنعه الجمهور.
وإذا تلت الراء المكسورة فتحة جاز إمالة الفتحة بشرط أن لا تكون الفتحة في ياء نحو: من الغير، ويشترط أن لا يكون بعد الراء المكسورة حرف استعلاء نحو: السرق، والصراط، وسواء كانت الفتحة في حرف استعلاء نحو:[من البقر] أو في راء نحو [بشرر] أو في غيرهما نحو: من النغر ومن الكبر، أو فصل بين الفتحة والراء مكسور نحو: ناشر، أو ساكن غير الياء نحو: من عمرو، فمن الغير، وخير لا تمال فيهما الفتحة، كان ذلك في كلمة كما مثلنا، أو في كلمتين نحو: رأيت خبط رياح، ولو فصل بين الفتحة
والراء المكسورة حرف مكسور جازت الإمالة نحو: خبط فرند، وهذا من المحاذر، فتيمل فتحة الذال لأجل الراء المكسورة، ولا يجوز أن تميل الألف لأجل إمالة فتحة الذال فتكون إمالة لإمالة نص على ذلك سيبويه.
وزعم ابن خروف أن من أمال ألف «عماد» لأجل إمالة الألف قبلها أمال ههنا ألف المحاذر لإمالة فتحة الذال.
ويجوز أن تمال الفتحة للإمالة في ألف بعدها، إذا كانت الإمالة في حرف حلق نحو: رأى، ونأى، ونعى، فإن ذهبت الإمالة لالتقاء الساكنين نحو:[رأى القمر] لم تمل، ومنهم من يميل الفتحة، وإن ذهب موجب الإمالة لها، فإن كان ما قبل الألف غير حرف حلق نحو: رمى فإمالة فتحة الراء قبيحة وقد حكيت الإمالة لغية.
وتمال الفتحة أيضًا لأجل الكسرة التي تليها كانت في راء أو غيرها كإمالة فتحة الفاء في: [فإنهم لا يكذبونك] لأجل كسرة الهمزة، قال ابن خالويه: حكى الأخفش أن بعض بني أسد يقولون [فإنهم لا يكذبونك][وأنا ظننا] بكسر الفاء والواو، انتهى.
إلا إن كانت الفتحة من حروف المضارعة نحو: تعدا وفي (يا) نحو: يزيد اسم رجل، فلا تمال.
فإن فصل بين الفتحة والكسرة في الراء وغيرها ساكن، وهو «يا» نحو: بعير، أو بنيت فلا إمالة، أو غيرهما فتميل نحو: يحذر، ويجذب، فإن ذهبت الكسرة بالتخفيف، نحو: رحمة الله في رحمة الله لم تمل الفتحة، ومنهم من يميل.
وينحى بالضمة إذا كان بعدها راء مكسورة منحى الفتحة، فتمال نحو: من السمر، ومن المنقر وخبط رياح، فيشمونها الكسر والمتصلة أقوى من ذلك من المنفصلة، فإن كان بعد الضمة واو، كمذعور، وابن نور فأقوال أحدها: تميل الواو والضمة قبلها.
والثاني: تميل الضمة لا الواو.
والثالث: تشم الكسرة في الواو، وتخلص الضمة قبلها.
الرابع: تروم الكسرة فيما قبل الواو، وتبقى الضمة على حالها، وعبارة سيبويه
الروم، وعبارة الأخفش الإمالة وكان ابن خروف والأستاذ أبو علي يزعمان أن مذهب سيبويه والأخفش واحد، وسيبويه يسميه روما، والأخفش يسميه إمالة، فإن كان الروم والإمالة واحدًا فثلاثة مذاهب أحدها: روم الكسرة في الضمة والواو.
والثاني: روم الكسرة في الضمة وإخلاص الواو.
والثالث: روم الكسرة في الواو وإخلاص الضمة والذي يتأتى في النطق الأول والآخران يعسر النطق بهما.
أصل اللام: الفتح المستعمل فيما وسطه ألف من حروف الهجاء غير المستعلية والراء نحو كاف ودال وياء وواو، ويجب تفخيمها في اسم الله إذا تقدمتها فتحة نحو: سمع الله أو ضمة نحو: يعلم الله وإن انكسر ما قبلها نحو: لله الحمد فالفتح، أو أميل ما قبلها نحو: نرى الله جاز فتحها أو تفخيمها، ويجوز أيضًا تفخيمها إذا انفتحت، ووليت صادًا ساكنة نحو: إصلاح، ويصلب، والأصلاب، أو مفتوحة نحو: الصلاة، ومصلى، أو طاء مفتوحة أو ساكنة نحو: الطلاق، وطلقت، ومطلع، أو فصل بين الصاد والطاء نحو: صالح وطال
أو تأخرت الصاد والطاء والظاء عنها نحو: خلص، وخلط، واختلط، واستغلظ، وكذا إن انضمت وقبلها صاد نحو: فصل أو بعدها ظاء نحو: أغلظ وشذ تفخيمها فيما جاء من لفظ (ثلاثة) والفصيح الفتح المستعمل فيها.
أصل الراء: التفخيم؛ فإن كانت مكسورة كسرًا لازمًا كالحريق، أو عارضًا نحو: وانحر ان، أو ساكنا قبلها كسرة لازمة نحو: شرعة رققت إلا إن كان بعدها حرف استعلاء نحو: إرصاد أو كانت الكسرة عارضة نحو: [ارجع البصر] و [أم ارتابوا] فالتفخيم.
فإن كان بعدها ياء نحو: قرية، ومريم أو حرف استعلاء مكسور نحو: فرق [ومرفقا]، أو كانت مفتوحة نحو: جيران أو مضمومة تلي ياء نحو:
خبير، وقدير، أو كسرة لازمة نحو: خسر، وخسروا، أو تليها راء مكسورة نحو: بشرر أو بين المفتوحة والكسرة قبلها فاصل، وليست بعد الراء راء مكسورة ولا حرف استعلاء، والكلمة عربية نحو: الذكر جاز الترقيق والتفخيم.
فإن كانت الكسرة عارضة نحو: برسول أو بروح، أو كان بعدها راء نحو: مدرارًا، أو حرف استعلاء نحو: إعراض، أو الكلمة أعجمية نحو: إبراهيم، وإسرائيل، فالتفخيم.
القسم الثاني: من الجملة الأولى وهو قسمان: قسم يلحق الكلمة من أولها، وقسم يلحقها في آخرها. القسم الأول: همزة الوصل هي التي تثبت في الابتداء بالكلمة التي فيها، وتنحذف منها في الوصل إلا في الضرورة فتثبت وكثر ذلك في أوائل أنصاف الأبيات في (أل)، وغيرها نحو:
............. وليدنا
…
القدر ..................
.......... ولا خلة
…
إتسع ..............
وأضيفت إلى الوصل اتساعًا واختلف فيها، فقيل وضعت أولا همزة وهو قول ابن جني، وقيل يحتمل أن يكون أصلها الألف ألا ترى ثبوتها في الاستفهام في (آالرجل) ألفا لما لم يضطر إلى الحركة وقيل: اجتلبت همزة ساكنة وهو قول الفارسي واختاره الأستاذ أبو علي وقيل اجتلبت متحركة، وهو قول سيبويه، ويكون من الأفعال في الفعل الماضي الخماسي، والسداسي ومصدره، والأمر منه، وفي الأمر من ثلاثيها الساكن ثاني مضارعه لفظًا نحو:
اضرب واقتل واذهب؛ فإن سكن تقديرًا نحو: يقوم ويود، ويسل، ويرى، أو حذفت فاؤه نحو: يعد، ويسع، فلا تدخله تقول: قم، ورد، وود، وسل، وره، وعد، وسع. وتقدم الكلام على خذ، وكل، ومر.
ويكون من الأسماء غير مصادر الأفعال التي أولها همزة وصل في: ابن، وابنة وابنم، وامرئ، وامرأة، واسم واست، وتثنيتهما، واثنين، واثنتين، ومن تثنية ابنم قول الشاعر:
ومنا ضرار وابنماه وحاجب
…
مؤجج نار للمكارم لا المخبى
و «أيمن» المخصوص بالقسم على خلاف فيه، أهو مفرد وهمزته همزة وصل أو جمع يمين، وهمزته همزة قطع.
ومن الحروف في (أل) وفي (أم) بمعنى (أل) في لغة حمير، خلافًا لابن كيسان، فهمزة (أل) عنده همزة قطع حذفت تخفيفًا، وتفتح في
أيمن، وفي (أل) وفي (أيم) المذكورة، وتضم مع غيرهما قبل ضمة أصلية موجودة نحو: اخرج أو مقدرة نحو: أغزى أمر من الثلاثي، وانطلق واستخرج مما بني ماضيًا للمفعول من المفتتح بها، وإذا أشممت الضمة في التاء والقاف من نحو: اختير وانقيد أشممت الهمزة الضم، وإذا أخلصت الكسرة كسرت الهمزة، وفي الإفصاح: اغزى يا امرأة بضم الهمزة أشمت أم لم تشم، وحكى ابن جني: كسر الهمزة في نحو: اخرج، ولا يتبع الضمة وهي لغة شاذة، وتكسر فيما سوى ما ذكر من فعل ماض خماسي أو سداسي، وفي الأمر منه، ومن نحو: يضرب، ويذهب، ويعلم ومن الأسماء المذكورة.
وإذا وليت وهي مفتوحة وذلك في (أل) و (أيم) و (أيمن) همزة استفهام، فقال ابن الباذش: الذي يوجبه قول سيبويه في باب الهمزة، أنها تخفف بين بين.
وذكر الفارسي أنها تبدل ألفًا، وقرأ باقي السبعة [قل آلذكرين] بالإبدال والتسهيل، وزعم أبو عمرو بن عظيمة أن إثبات ألف الوصل في ذلك خطأ، وإنما هذه المدة ألف زائدة، ليست بدلاً من همزة، وإنما زيدت للفرق بين الاستفهام والخبر انتهى، وترجح ثبوتها قبل حرف التعريف المنقول إليه حركة ما بعده فتقول: الحمر في (الأحمر)، وبه قرأ القراء في الأشهر، ومن العرب من يعتد بالعارض فيقول: لحمر، وقد تقدم الكلام على ذلك مشبعًا في باب محال البدل والقلب والنقل.
وإذا اتصل بالمضمومة ساكن صحيح نحو: [ولقد استهزئ] و [خبيثة اجتثت] أو جار مجراه نحو: [أو انقص منه] جاز كسره وضمه.
القسم الثاني: وهو ما يلحق بالكلمة من آخرها وهو علامة التثنية وعلامة الجمع على حده، وياء النسب، وعلامة التأنيث ونون التوكيد ونون التنوين.